![]() |
عضة فار |
عضة فأر الجزء الثاني
الدكتورة محمد لابس الكمامة، ورايح يكشف على غادة، اللي هي في عالم تاني، مش حاسة بالدنيا، وجسمها بيترعش من السخونية الشديدة..
وشه اتغير لما شاف انتفاخ الوش والطفح اللي في كل حتة في جسمها..
سامح واقف وراه، وكاتم مناخيره بإيديه الاتنين، وبيشاور للترجمة اللي حاطط كمامة..
_ عايز كمامة زي دي..
_ يا عم روح اقعد في أي حتة انت دلوقتي مش وقتك..
محمد واقف بيكشف بالسماعة، وبيتحسس درجة الحرارة بحرص شديد وخوف من العدوى.. وسابها ومشي..
سامح بيكلمه..
_ عندها ايه يا دكتور؟ طمننا يا دكتور..
_ مين ده اللي قال لكم إن عندها طاعون؟
_ مدام رغدة دي، هي اللي قالت..
_ طيب تعالوا ورايا كده..
الكل راح الأوضة اللي قاعد فيها دكتور خالد..
خالد جري ناحية محمد بلهفة شديدة يسأله:
_ ايه يا محمد الأخبار طمنني.
_ مفيش طاعون ولا حاجة، الغدد اللمفاوية عندها سليمة خالص، وده يستبعد وجود طاعون دملي، ونبضات القلب بتاعتها طبيعبية يعني مفيش طاعون تسممي، ومش بتكح ولا بتعاني من أي مشاكل في الصدر علشان نقول عندها طاعون رئوي، يبقى هييجيلها الطاعون منين..
_ أومال تشخيصك ايه يا محمد؟
_ دور سخونة عادي يا محمد، والطفح الجلدي ده أكيد حساسسية وهتصل بالدكتور العمري يشوفها دلوقتي حالا..
خالد بيسأل مدام رغدة..
_ هو ليه حضرتك قلتي ان عندها طاعون..
سامح اتدخل في الحوار بطريقة بلهاء، ونبرة صوت عبيطة، وكان صوته زي صوت واحد بياكل، وبؤه مليان أكل وبيتكلم في نفس اللحظة..
_ أصل عضها فار يا دكتور، عضها فار.. علشان كده جاب لها الطاعون..
خالد ينظر باشمئزاز لسامح..
_ والله الطاعون الوحيد اللي في حياتها هو انت..
وبص على مدام رغة:
_ احكي لي يا مدام رغدة حصل ايه؟
_ هي عضها الفار وغسلت إيديها بمنظف الأرضيات، والأخ راح الصيدلية جاب لها حقنة إيموكس، وبعد ما ضربتها لها، جسها زاد سخونة ورعشة، وجسمها طفح كده، وبدأ يتورم..
خالد ينظر لسامح بغضب..
_ الله يخرب بيتك ياخي، إلهي يخرب بيتك .. عضة الفار دي عايزة حقنة تيتانوس في لحظتها علشان تتلحق، او مضاد حيوي معين لمدة تلات أيام..
_ ما اهو الدكتور بتاع الصيدلية قال لي كده، بس كان عايز يضحك عليا ويبيع لي حقن غالية، وانا مش عبيط علشان يوقعني..
_ إلهي توقع في داهية تاخدك .. ممكن يكون عندها حساسية ضد الأموكسيسلللين، وعلشان كده الإيموكس عمل لها الطفح الجلدي ده..
_ صح يا خالد، وانا أشك في كده، بس بردو الدكتور العمري يكشف لها جلدية دلوقتي، علشان نسعفها بسرعة، لأن حرارتها عالية خالص..
_ أنا هحجزها في العناية المركزة يا محمد..
_ اللي تشوفه، وانا مش هسيبك..
سامح يتدخل في الحوار..
_ هو انتوا بتتفقوا وكأن أنا قفص جوافة في النص، أنا جوزها والمفروض تستأذنوني..
خالد اتعصب عليه، ومسك فيه، وهيبدأ معاه خناقة شوارع، خالد مش حاسس نفسه بيعمل ايه، نسي إنه في المستشفى من شدة الغيظ..
_ أقسم بالله لو ما مشيت من هنا، لأضربك، وبعد كده أعمل لك محضر إنك حقنت مراتك بعقار مجهول علشان تموتها..
محمد بسرعة بيلحق خالد ويمنعه..
_ بس يا خالد، متوديش نفسك في داهية ..اهدى بس..
محمد طرد سامح برة الغرفة، ومعاه مدام رغدة وقال لحد من طقم المستشفى يجري ينادي الدكتور العمري بسرعة، ورجع لخالد..
_ ايه يا خالد اللي انت بتعمله ده؟ ما تفهمني ايه الحكاية؟ مين غادة دي؟ ومالك مش طايق نفسك بسببها من لحظة ما دخلت.
_ هحكيلك يا محمد كل حاجة، بس أعصابي متوترة دلوقتي..
_ لا وحياتك، بلاش حوار أعصابك متوترة ده، انت نبطشية
_ مش متصور يا محمد إن غادة توصل لكده، وإن الحيوان ده يكون جوزها، مستحيل..
_ ليه يعني؟ مش فاهم بردو..
_ غادة دي حد مختلف، متربية في بيت نضيف، أبوها راجل مثقف، أمها ست كاملة، اخواتها الولاد كانوا بيعتبروها ملكة عليهم.
أي نعم ظروفهم المالية كانت أقل من المتوسط، بس كانوا متفاهمين، حياتهم حلوة خالص، تتمنى تعيش وسطيهم، وكانت طلبات غادة أوامر، رغم إنها مش متكلفة..
روحها دي دي ممكن تنعش جامعة بحالها لو ابتسمت في وش اللي فيها، بتحب المرح، هادية، صاحبة رأي..
مستحيل يا محمد يكون ده جوزها، ده باين على شكل معفن، بخيل، جلدة..
شفت جايب لها الإيموكس من دماغها، وبيقول ان الصيدلي عايز يضحك عليه..
غادة لو في بيت أهلها مكنش حصل اللي حصل ده يا محمد..
_ وانت تعرفها منين؟ وزعلان عليها أوي كده ليه؟
(دخل التمرجي بسرعة ينادي عليهم)
_ الدكتور العمري بيكشف ع الحالة يا دكاترة وعايزكم..
خالد طلب من الدكتور محمد يروح يشوف الحالة معاه، لأنه مش هيقدر يروح
خارج المستشفى، مدام رغدة قاعدة على كرسي، وسامح ماسك التليفون بيكلم أهل غادة..
_ أيوة يا طنط زي مبؤلك كده، هي كان عندها طاعون، وطلع مش طاعون، بس دي أعراض الطاعون، وأنا قلت للدكاترة لازم نحجزها في العناية المركزة، وبعد ما اتخانقت معاهم رفضوا، لازم تيجي يا طنط، ولازم ييجي عمي، ولازم تيجوا كلكم تكونوا جنبها..
بقولك ايه يا طنط .. اعملي حسابك في أكل كتير، لأن الفار ضيع عليها العشا، وغادة على لحم بطنها من ساعة الغدا يا طنط .. وأنا والله على لحم بطني، ومرضيتش اتعشى من ساعة اللي حصل، هاتي أكل كتير يا طنط .. سلام .. يلا سلام يا طنط علشان الدكاترة بينادوا عليا..
قفل سامح التليفون .. ومدام رغدة سامعة المكالمة كلها، وهتفرقع من الغيظ بسببه..
سامح بيحاول يدخل المستشفى، والأمن بيمنعه من الدخول..
_ أنا مراتي جوة المستشفى..
_ انت بالذات ممنوع من الدخول..
_ يعني ايه انا بالذات ممنوع من الدخول، دي مراتي، لازم أكون عندها..
_ دكتور خالد قال ان وجودك فيه خطر عليها..
_ أنا هشتكيكم، هبلغ عليكم مباحث المستشفيات، الله لأبلغ عليكم مباحث المستشفيات يا حرامية..
(مدام رغدة مخنوقة منه وبتكلمه)
_ ايه مباحث المستشفيات دي؟ فضحتنا يا ابني..
_ مباحث المستشفيات زي مباحث التليفونات ومباحث الكهربا، ومباحث السكة الحديد، كل حاجة حكومية ليها مباحث..
(بتوع الأمن هيموتوا على نفسهم من الضحك)
مستحيل يكون سامح ده طبيعي، ده أكيد مجنون، أو عبيط، أو أبله، أهبل، فاقد الأهلية..
ايه اللي يخلي واحدة زي غادة بكل الصفات اللي اتكلم عنها الدكتور خالد، تتجوز الكائن الغريب ده..
****** تأليف #سيد_داود_المطعني _**************
دكتور الجلدية بيضرب حقن كارتيزون لغادة، وبيتكلم مع الدكتور محمد..
_ ان شاء الله بعد الحقن دي هيرجع جسمها لطبيعته يا دكتور محمد..
_ يعني الطفح الجلدي ده سببه الأموكسيسللين زي ما توقعنا..
_ بالظبط يا دكتور .. والسخونة نفسها اللي كانت قبل الإيموكس، ممكن يكون سببها مطهر الأرضيات ده اللي غسلت بيه الجرح بعد عضة الفار.
الجرح لازم يتطهر بالبيتادين، أنا مش فاهم ايه اللي يخليها تغسله بمادة خطرة زي اللي في الكلوركس دي..
_ تسلم يا دكتور، تعبتك..
_ ايه ده يا دكتور محمد؟ هي الحالة قريبتك ولا ايه؟
_ لا أبدا يا دكتور.
_ شايفك بتشكرني، وتعبتك، وكأني بجاملك في حد قريبك مش بشوف شغلي..
_ معلش أنا اسف يا دكتور مش قصدي..
(محمد بيرطن بكلام عن خالد، ربنا يسامحك يا خالد، خليتنا نتعامل مع الحالة كأنها قريبتنا كلنا)
خالد واقف زي الملهوف على باب الغرفة، وشاف الدكتور العمري هو وخارج..
نادى على محمد، وخلاه يدخل جوة..
_ ايه الأخبار يا محمد طمني عليها.
_ والله ما هقولك أخبار، ولا هطمنك غير لما تحكي لي عن كل حاجة.. وعموما هي دلوقتي هتطلع العناية المركزة، وهنوصي عليها كل زمايلنا.
_ هحكي لك كل حاجة يا محمد، بس وحياتك ما تجيب سيرة للدكتورة شهد عن الموضوع ده.
_ الدكتورة شهد خطيبتك؟
_ أيوة شهد خطيبتي
_ ليه يعني؟
_ لما أحكي لك هتعرف..
_ ماشي يا عم .. احكي يلا
خالد حكى للدكتور محمد عن كل حاجة.. أشبع فضوله، خلاه يعرف هو ليه مش عايز شهد تعرف، ليه مش عايز غادة تشوفه أو حتى تسمع اسمه، أو تعرف أنه موجود بالمستشفى..
خالد كان بيحكي لصاحبه وهو في قمة التوتر، قمة الضعف، قمة الاحساس بالضعف..
كان باين عليه الأسى .. وفي الآخر طلب منه يجيب له هدوم من البيت، لأن مش هيمشي من المستشفى لحد ما غادة تخرج منها ويطمن عليها..
_ بس انت كده بتعذب نفسك يا خالد، لازم ترتاح..
_ أنا السبب في كل اللي هي فيه يا محمد .. أنا السبب..
_ يعني انت اللي خليت الفار يعضها، وخليتها تغسل ايديها بالكلوركس، وخليت الحيوان ده يجيب لها ايموكس..
_ يوووه يا محمد بقى ..
_ خلاص يا عم متعصبش نفسك، بس قول لي هتعمل ايه لما شهد تيجي الصبح المستشفى وتعرف انك هتقيم هنا؟
_ ليها مليون حل أكيد، بس اياك تسألك عن حاجة وتحكي لها..
_ متخافيش يا صديقي.
الليل بدأ يدخل .. أهل غادة وصلوا المستشفى، واستقبلهم خالد في أوضة الطواريء ومعاهم سامح ومدام رغدة، وطمنهم عليها..
سامح ماسك ساندويتشات م اللي جابتها أم غادة، وواخد ركن في الأوضة وبياكل، وخالد هيفرقع منه، بيبص بعينه عايز ياكله..
الغريب ان أسرة غادة متعرفش خالد، ولا هو يعرفهم...
سامح خلص أكل، ووقف ينفض هدومه، وبيستأذن منهم أنه يمشي
_ أنا هروح أنام في البيت، حد عايز مني حاجة..
(أبو غادة متغاظ، بيكلمه بغلظة)
_ انت هتمشي وتسيب مراتك هنا..
_ ما انت سمعت الدكتور يا عمي بيقول لك انها في العناية المركزة، وانا معاها هنا من بدري .. والبركة فيكم بصراحة..
_ يا ابني عيب دي مراتك..
(خالد مسك إيد أبو غادة ناقص يبوسها)
_ أبوس إيدك تسيبه يمشي، إلهي ربنا يرضى عنك سيبه يمشي، وانا هخلي المستشفى كلها تخدم عليها فوق..
(خالد بيشاور له بقرف)
_ امشي .. احنا كلنا مكانك .. لازم ترتاح..
سامح ماشي فعلا، وأم غادة نادت عليه بقرف..
_ ياريت تجيب لها معاك هدوم ولحاف من بتوعها، إن مكنش ده يضايق الدكتور..
_ هاتوا اللي انتوا عايزينها يا فندم، والغير مسموح بيه هيكون مسموح لبنت حضرتك..
سامح هز راسه يعني حاضر .. ومشى بسرعة البرق
(مدام رغدة نادت على سامح)
_ استنى يا ابني خدني معاك..
_ أنا رايح مشوار يا مدام رغدة، ارجعي انتي لوحدك.
_ أنا هجيب تاكسي وهحاسبه أنا..
سامح وقف..
_ هتجيبي تاكسي بجد؟ خلاص أنا لغيت المشوار وهرجع معاك أونسك..
الدكتورة شهد جات المستشفى، في كامل شياكتها وأنااقتها، لابسة دبلة خطوبة خالد في ايدها ..
شافت ممرضة ماسكة أكل مغلف، نادت عليها..
_ نسرين..
_ نعم يا دكتورة شهد.
_ هو دكتور خالد مشي ولا ايه؟
_ لا يا دكتورة .. دكتور خالد منتظر الأكل ده فوق عند العناية المركزة..
_ أكل؟ وعند العناية المركزة؟ هو خالد هيفطر في العناية ليه؟
_ الفطار مش ليه يا دكتورة، ده لواحدة في العناية وصاني إنها متفطرش من أكل المستشفى، وطلب لها الأكل ده..
_ ست كبيرة من قرايبه يعني؟
_ لا يا دكتورة، دي عروسة كده زي القمر، زي حضرتك بالظبط.
(وش شهد بدأ يتغير، والغيرة بدأت تبان عليه)
_ الله الله يا سي خالد .. أكل خصوصي لنزيلة في العناية، وكمان منتظر الأكل فوق..
سامح في محطة المترو ماسك شنطة هدوم في يده، وشنطة بلاستيك فيها لحاف..
نازل على السلم، شاف المترو واقف على الرصيف، فاتح أبوابه..
نزل بسرعة شديدة علشان يلحق المترو قبل ما يتحرك..
نازل يجري..
فقد اتزانه..
وقع على الأرض
قام تاني .. ومسك شنطة الهدوم .. وشنطة اللحاف..
وفي آخر لحظة نط جوة المترو ... أبواب المترو قفلت..
المترو اتحرك..
بيبص وراه .. لقى نفسه في عربية السيدات..
والستات كلهم نازلين فيه شتايم، وضرب..
_ انت بتعمل ايه في عربيات الستات يا متحرش يا منحل..
الجزء الثالث من هنا
اقرأ ايضا قصة انتقام مابعد الموت من هنا