روحنا البيت ، ماما كانت فى حالة انهيار وبعد ماعدى يومين بالظبط ، بابا قالنا يلا بينا علشان نروح المملكة التالتة ، وهنمشى بعد الفجر ، قلبنا كان حديد ، خلاص محدش فينا بقى عنده حاجة يبكى عليها ، حتى الارض اللى عند المملكة الخامسة مبقناش عايزينها ، ولا بنفكر فيها من الاساس ، كل اللى بنفكر فيه ازاى اللعنة دى تخلص ونرتاح من اللى احنا فيه .
طول الليل منمناش ومتجمعين مع بعض فى الصالة ، قاعدين مولعين النور ، ولاول مرة من زمن بعيد نشغل قرآن ، الامور مشيت هادية بليل ، ولبسنا هدومنا واحنا نازلين، بابا نزل يسخن العربية ، وماما دخلت الاوضة تلبس ، وانا دخلت اوضتى اجيب الموبايل بتاعى ، الباب اتقفل ، لقيت ماجر وياحوت واقفين قدامى بصيت عليهم من المرايا لقيت جسمهم عبارة عن هياكل عظمية والعضم بتاعهم مش منسق خالص والدود حوالين عضمهم من كل مكان ، ماما شغلت القرآن تانى ، لقيتهم فى ساعتها اختفوا ، وكأنهم كانوا جايين علشان يمنعونا من اننا نروح للمملكة التالتة .
ركبنا العربية وكنت متأكدة انهم ميقدروش يعملوا اى حاجة فى العربية ولا يحاولوا انهم يقتلونا لان انا معاهم فى العربية ولانهم عايزنى علشان مُخططهم يكمل ، مش هيقدروا انهم يأذونا
كل مملكة فى جسر بيربط بينها وبين المملكة اللى جنبيها ، الا المملكة التالتة ، كنت اللى بسمعه عنها ان ليها جسرين واحد بيقولوا عليه جسر الشر والتانى بيقولوا عليه جسر البقاء والاتنين دول علشان توصل لواحد فيهم لازم تعدى من ممر ضيق جدًا يادوب يكفى ان واحد بس هو اللى يعدى منه ولو حد جسمه مليان شوية لو حب يعدى لازم يعدى بالجنب، احنا مش عارفين نميز بينهم ، يادوب عدينا بالعافية ، واول ماخرجنا لقينا الجسرين جنب بعض ، نفس الشكل والحجم وكل شئ ، بابا كان حريص ان حد فينا يوصل وعلشان كده طلب ان هو وماما يعدوا من على جسر وانا على الجسر التانى وقالي:
= لو ربنا كتب اننا نتقابل يبقى الجسرين هيوصلونا ببعض ، ولو ربنا مااردش يبقى اللى يعيش فينا يكمل المسيرة ، الجسر شكله مخيف جدًا لكن طلعناه ، بحكم انى انا شباب اكتر ، وصلت قبل منهم وشوفتهم وهما على الجسر التانى وقربوا اوى من الارض ، وفعلا خلصوا الجسر واول ماجريت عليهم علشان اسند ماما ، لقيتهم الاتنين الارض بلعتهم ، فضلت واقفة فى ذهول وكل اللى جه فى بالى انى اجرى وادخل المملكة التالتة ، الستات محتشمين والرجالة بيبصوا فى الارض ، لقيت معبد جنب كنيسة وجنبهم جامع ، الناس مبتسمين فى وشوش بعض ومن نظرة عيونهم تحس انهم صافيين من جواهم ، انا ماشية فى المملكة ومش عارفة رجلى هتودينى على فين ولا مين ، لكن وقفت بنت ماشية فى الشارع وسألتها
= لو سمحت انا عندى مشكلة كبيرة اوى ، وقالولى ان في ناس كويسين هنا وهما اللى هيقدروا يساعدونى
البنت بعد مابصتلى باستغراب ردت عليا وقالتلى:
.. انتى مش من المملكة صح ؟
= انا من المملكة الرابعة ، وجيت هنا استنجد بيكم
.. حلك مش عندى ، حلك عند الامام
= مين الامام
.. امير المؤمنين
= هو لسه فيه امير للمؤمنين فى الزمن ده
.. امير المؤمنين دايمًا موجود بس احنا اللى مبندورش عليه
= الاقيه فين ؟
.. هنا ممنوع اننا ندلك عليه ، لازم احساسك وقلبك هما اللى يدلوكى عليه
البنت سابتنى ومشيت ورغم انى حسيت ان الموضوع بيزداد صعوبة معايا ، الا انى حسيت انى مرتاحة نفسيًا بشكل كبير وكأن حياتى استقرت ورجعت من جديد ، وانا ماشية من غير مااطلب من حد لقيت اللى بيديلى اكل واللى بيدينى عصير وبدون اى مقابل ومش بس كده اللى بيدينى حاجة كمان بيبتسم فى وشى ، قعدت ابص لوشوش الناس فى المملكة التالتة.
جالى احساس انى فى الجنة مش على الارض، طيبة الناس ووشوشهم السمحة طبعت على قلبي ، وبعد حوالى ساعة من التدوير لقيت راجل فى الخمسينات من عمره ، لابس لبس عادى جدًا بنطلون اسود وقميص ابيض ، دقنه سوده فيها شعر ابيض وشعره ناعم واقف قرب سد كبير وبيشاور لناس فوقيه ماسكين حبال واخر الحبال دى سكاكين حديد كبيرة حامية جدًا ، معرفش ليه حسيت ان هو ، لكن كان لازم اسأل برضو هو ولا لأ علشان محرجش نفسي والفضول كمان دفعنى انى أسال هما بيعملوا ايه عند السد الكبير اللى هناك ده ، فلقيت بنت ماشية وسألتها :
= لو سمحت هو ده امير المؤمنين
ابتسمت وردت عليا وقالتلى:
.. ايوة هو
= ممكن اعرف هما بيعملوا ايه هنا وايه السد ده
.. ده الفاصل بين المملكة الخامسة واحنا
= بيعمل ايه الفاصل ده
.. ده اسمه فاصل إعدامى ، بنستخدموا علشان نقضى على الارواح الشريرة والموتى اللى بيخرجوا من المملكة الخامسة
بقيت فى ذهول لما سمعت كلامها ، لكن هي كملت كلامها وطمنتنى
= متخافيش احنا هنا معاكى وربنا معانا كلنا
اتلفت امير المؤمنين ، ونادى عليا وهو مبتسم وقالى:
.. ياهلا الاخت مروة ، حفيدة الملك اوسر كاف ، كنت مستنيكى من زمان
وعلى صوته فى الناس اللى حواليه ، وقال:
= اسمعوا ياموتى المملكة الخامسة ، الإيمان هيعيدكم للمكان اللى تستحقوه ، جهنم وبئس المصير ، ليكم حق المحاولة فى الحرب ، وليا حق نهايتكم
وكمل كلامه ووجهه للناس اللى فوق السد
.. شغل "فاصل إعدامى"
تمت بحمد الله
