قصة (درة) ح٢
الحلقة الثانية
حذيفة بيطلع عند أمه في المكان اللي هي محجوزة فيه، وبيقابل أخته ريناد، وكان وشها مكشر، عيونها مرهقة، وحواليها سواد.
حذيفة اتخض، وقلبه وجعه.
_ مالك ريناد؟ ماما مالها؟
_ ماما تعبانة أوي يا حذيفة، مقدرتش تفطر الصبح، واتعلق لها محلول.
(حذيفة بيمشي مندفع ناحية غرفة أمه، وعيونه بتدمع)
دخل عندها لقاها شبه فاقدة الوعي، ومش حاسة بحاجة..
خرج م الغرفة يجري، وريناد مستسلمة مش عارفة تتصرف..
_ في حد م الدكاترة شافها الصبح؟
_ مفيش غير دكتورة صغيرة، وعلقت لها محلول ومشيت.
_ علقت لها محلول من غير ما تعرف مالها .. ايه التهريج ده..
(حذيفة نزل وهو في قمة الغضب، وبدأ يسأل عن مكتب المدير، لحد ما وصل مكتبه)
_ أمي تعبانة أوي يا دكتور وفاقدة الوعي، ومفيش حد معبرنا.
(الدكتور قام من مكانه بسرعة وشاور له يطلع قدامه، وسأله عن القسم اللي هي محجوزة فيه، وكلمه طبيب متخصص يحصلهم بسرعة)
......................................
في أوضة أم حذيفة بالمستشفى..
ريناد بتحكي للمدير اللي حصل، وبتوصف له الدكتورة اللي علقت لأمها المحلول.. والطبيب المختص بيكشف على الأم، وحذيفة مخلي كل تركيزه معاه..
مدير المستشفى طلع تليفونه واتصل بالدكتورة درة وطلبها تطلع له فوق ضروري لأنها الدكتورة اللي وصفتها ريناد..
الطبيب المختص بيكتب اسم حقنة في ورقة صغيرة، وبيديها لحذيفة، وبيطلب منه ينزل بجيبها بسرعة من صيدلية خارجية..
حذيفة بص في الورقة وشاف فيها سيربرولايسين ٥مللي، ونزل بيها جري علشان يخرج م المستشفى..
..........................................
في مدخل المستشفى، كانت درة واقفة في نص الطريق وبتتكلم مع ممرضة..
وش الممرضة في مقابل حذيفة اللي جاي جري.
والدكتورة درة في وش الباب .. مش شايفة حذيفة اللي جاي مندفع بخطوات سريعة.. ومش قادر يوقف.
_ الطريق لو سمحتي..
(درة بصت عن يمينها، شافت أن في مسافة تعدي شخص ماشي بهدوء..
وحذيفة المندفع في مشيته، شايف أنه لو عدى هيخبطها..
درة بتشاور بإيدها الشمال ع المساحة الفاضية من غير ما تشوف مين اللي بيتكلم، أو حالته عاملة ايه...
حذيفة بيكرر طلبه..
_ الطريق واسعة اهي.
(حذيفة المستعجل .. المتوتر .. اللي قلقان على أمه ... بيزعق بصوت عالي وغليظ ... بيرفع صوته غصب عنه، لأنه عايز يلحق يجيب الحقنة لأمه)
_ بعد اذن حضرتك افتحي الطريق.
( درة سمعت صوته العالي .. اتفزعت .. وبعدت بسرعة مع شوية رعب ... والتفتت بسرعة تشوف مين ده ... وعينها جات في عينه .. وهي ماشي بالخطوة السريعة)
الممرضة بدأت تتكلم مش كويس عنه
_ ايه التخلف ده ... هو الحيوان ده فاكر نفسه فين؟
_ بس .. منعرفش ظروف الناس ايه؟
_ شفتي حضرتك بيجعر ازاي؟
_ أكيد عنده ظروف .. روحي اعملي اللي قلت لك عليه، وانا هطلع اشوف دكتور أحمد عايز ايه..
(مشيت درة، وهي سرحانة .. وحواجبها مرسومة علامة تعجب، وبتبص وراها على مكان مرور حذيفة، ورجعت تبص قدامها..
زي الطفلة الساذجة اللي بتمشي سرحانة في الطريق..
بتحط أيدها في جيبها البالطو، وبتطلع تذكرة المترو .. وتبص وراها تأني.
_ ايه الكائن الغريب ده؟ هو حد راقي ولا متخلف، ولا ايه؟
..............................................
مدير المستشفى والطبيب المختص و درة واقفين عند أم حذيفة، وكانت ريناد بتبص عليهم من بعيد.. والنقاش حاد بين المدير و درة.
كان بيوبخها لأنها اتعاملت مع الحالة بدون الرجوع للطبيب المتخصص ... و درة كانت بتدافع عن نفسها لأنها تصرفت في حدود المسموح لها..
_ كفاية تبريرات يا دكتورة درة .. لأن الحالة كانت هتتعرض لجلطة، وانتي مش منتبهة ل كده يا دكتورة ..
(درة اتفاجئت .. ووشها بدأ يميل للاصفرار من خضة الموقف، وانكمشت في نفسها، وكانت في قمة الرعب، وبتلقي نظرات اشفاق على أم حذيفة)
الطبيب المتخصص بيحاول يطمنها
_ متخافيش يا بنت .. هتاخد السيروبرولايسين دلوقتي وهتبقى كويسة خالص
(درة بتبص على أم حذيفة بعين مدمعة .. ورعب شديد)
حذيفة وصل، ومعاه امبولة السيروبرولايسين .. وسلمها للدكتور، وكان مش قادر ياخد نفسه، ومش قادر يتلم على أعصابه...
بص على درة، نظرة عادية، حالته النفسية تمحو من دماغه أي ملاحظات
درة شافته .. وبدأت تفهم سر اندفاعه .. بس تفكيرها وتركيزها منصب على الحالة اللي معرفتش تكتشف علتها الصبح.
(الطبيب المختص حقنها في دراعها، وبص عليهم يطمنهم)
_ مفيش قلق بإذن الله، كلها نص ساعة وتبقى زي الفل.
(درة بتلتقط أنفاسها وبتهدى، والمدير بيطبطب على كتف حذيفة ويطمنه وبعدها بيمشي، والطبيب المختص بيشرح له اللي حصل وبيمشي .. و درة واقفة مكسوفة، وبتتقدم ناحية ريناد تحاول تواسيها بمسح خفيف بإيدها لدموع خدها.
_ اطمني يا حبيبتي .. ماما هتبقى كويسة ..
(حذيفة بيروح يوقف عند رأس والدته، وبيبص عليها بأسى، وخوف طفل صغير)
ريناد بتحاول تستجمع شجاعتها .. وراحت ناحيته، ووقفت عنده..
_ أنا بعتذر لحضرتك خالص .. أنا متأسفة..
(حذيفة بيلتفت لها نص التفاتة، وهو مستغرب مش فاهم سبب اعتذارها)
_ آسفة على ايه حضرتك؟
_ آسفة على ... على .. آ آ ..
(درة متلخبطة، مش عارفة نفسها بتعتذر على ايه، ولا عارفة أن كان ده وقت اعتذار ولا لاء)
_ مش عارفة .. بس آسفة .. بعد إذن حضرتك
( درة بتسيب الأوضة وبتمشي)
............................................................
في قسم الطوارئ بالمستشفى..
زحمة .. دوشة .. ناس بتجري .. وأصوات عربيات إسعاف، وكلام كتير عن حادثة بين ميكروباص وتاكسي، وعدد من المصابين..
عدد كبير من الأطباء والممرضين من بينهم درة بيتوافدوا على الطوارئ، لاستقبال الحالات وعمل اللازم.
حالات خطرة كتير هتدخل عمليات ومحتاجة نقل دم مستعجل..
ممرضين بيسألوا مرافقين النزلاء لو حد عايز يتبرع بالدم..
ومرافقين المصابين وكل الناس اللي جات ورا الحادثة، كله تطوع للتبرع..
...............................................
حذيفة سمع ممرضة بتقول في إصابات خطيرة دخلت العمليات ومحتاجة نقل دم..
راح قال لأخته ريناد تاخد بالها من أمها، ونزل جري يتبرع بالدم..
كانت درة ومعاها ممرضات كتير بتتابع التبرع بالدم في الغرف المخصصة، وكمان في الطرقات بين الغرفات علشان الزحمة.
حذيفة بيسأل الممرضة يقعد فين أو يتصرف ازاي علشان يتبرع، ومفيش مكان..
الممرضة بتلتفت وراها، مش عارفة تتصرف..
درة شافته .. وعملت نظرة سريعة ع المكان ونادت عليه..
_ لو سمحت..
(بص عليها حذيفة)
_ أنا؟!
_ أيوة حضرتك .. تعالى هنا في مكان قرب يفضى في الأوضة دي.
(راح حذيفة ناحيتها)
_ تحت أمر حضرتك..
_ فصيلة دم حضرتك ايه؟
_ أنا فصيلتي (A+)
_ حلو أوي ..
(دقيقتين والمكان فضي، والدكتورة درة شاورت لحذيفة يقعد مكانه، والممرضة جابت أدواتها وعايزة تبدأ شغلها،. لكن درة شاورت لها، وقالت لها تخلي عنها الحالة دي.
(درة بدأت تضغط له الإبرة في دراعه، وتظبط له مستوى الكيس، ووقفت عنده، كأنها مكلفة بخدمته، وبتبص عليه باستغراب شديد، ولسة إحساسها بالندم على موقفها معاه في المترو مخليها عايزة تعتذر)
حذيفة لاحظ نظراتها الصامتة ليه)
_ دكتورة..
_ نعم ..
_ أنا آسف على فكرة
_ آسف ليه؟
_ أنا زعقت في حضرتك وانا رايح الصيدلية .. بس بجد والله كنت قلقان على ماما أوي، ومش مستحمل عطلة.
_ ولا يهمك طبعا .. ربنا يطمنك عليها .
(الممرضة جات تبلغها إن فصيلة A+ ناقصة في المستشفى ومطلوب منها عدد أكياس للمصابين، والمدير بيقول لها تاخد عينات دم م الحالات الأول، علشان تسحب تبرع م اللي فصيلتهم A+ الأول)
حذيفة سمع حوارهم، والدكتورة درة بدأت بالفعل تشوف مين اللي فصيلتهم A+ علشان تسحب منهم الأول، وكلفت الممرضات بعمل اللازم..
رجعت لحذيفة، كان الكيس بتاعه خلاص فاضل له دقيقة، وبدأت تراقبه، وهي سرحانة في الكيس ويتكلم حذيفة..
_ وأنا كمان آسفة لحضرتك..
_ آسفة ليا؟ آسفة على ايه؟
_ كنت بايخة أوي معاك في محطة المترو امبارح
_ محطة مترو ليه دي؟
_ هو مش حضرتك اللي خبطتني عند شباك تذاكر المترو، وبعدها اشتريت لي تذكرة علشان معنديش فكة؟
_ هو حضرتك الأخت اللي شتمتني..
_ اه .. أنا الأخت دي..
_ ولا يهم حضرتك طبعا
_ أكيد خدت فكرة اني قليلة الذوق..
_ لا أبدا .. أخدت فكرة إن في حاجة مضايقاكي، وهي السبب في تسرعك ده
(درة بتسحب الإبرة من دراعه، وبيقوم من مكانه، ولقى حد جاي يتبرع مكانه)
_ هو انا المفروض أقوم يا دكتورة؟
_ اه .. علشان يقعد متبرع غيرك
_ بس أنا سمعت الممرضة بتقول في نقص في A+
_ اه فعلا عندنا نقص في فصيلتك
_ أنا عايز اتبرع بكيس دم تاني يا دكتورة
_ لا طبعا مش هينفع
_ ليه؟
_ لأن ده ممكن يتعبك
_ بس لازم نسد عجز الفصيلة بأي شكل
_ تبرعك بكيس تاني فيه خطورة عليك، ومتخافش ع الحالات .. بإذن الله المتبرعين الموجودين هيسدوا العجز
_ تمام .. أنا هطلع عند ماما دلوقتي .. ولو الأكياس نقصت، ابعتي لي
( درة مبتسمة من داخلها، معجبة بموقفه، وبتهز رأسها بالموافقة، وحذيفة بيطلع عند أمه)
.................................................
حذيفة وريناد عند أمهم، وكانت صاحية، وحالتها أحسن من الأول، وبتحكي معاهم كمان
_ اخواتك بياكلوا كويس يا حذيفة؟
_ اخواتي كويسين خالص يا ماما .. وبخير والله .. الهم انتي تقومي لنا بالسلامة
_ أنا والله بقيت كويسة، وياريت تخليهم يسيبوني أخرج
_ إن شاء الله هتبقي احسن واحسن وهتخرجي قريب
(حذيفة بيبص على ريناد)
_ أنا هنزل شغل بكرة, وهحاول آجي لك بدري، معلش هتتعبي لوحدك اليومين دول
_ ولا يهمك يا حذيفة، ما اهو انت لازم تنتبه لشغلك، واهو ماما بقت كويسة
(دكتورة درة رايحة ناحيتهم وفي إيديها خمس علب عصير
_ ممكن تقبل مني العصير ده؟
_ عصير ايه ده؟
_ انت اتبرعت بالدم، والعصير ده كويس ليك
_ متشكر لحضرتك، أنا ممكن آكل أي حاجة.
(درة بتحس بالكسوف، وبتبص له بعين كسرها رد فعله)
_ ينفع تكسفني كده
_ يا خبر .. والله ما اقصد حضرتك .. بس مكانش له لزووم تتعبي نفسك
(درة بتسند علب العصير على ترابيزة صغيرة وبتفح له واحدة وتقدمها له، وبياخدها منها)
_ اتفضل
_ بنفسك كمان .. ربنا يخليكي.
(درة شعرت بالسعادة أنه خد منها العصير، ومشيت من غير سلام.
.........................
بالليل، كانت درة يتجهز نفسها ماشية... وحذيفة اشترى طلبات أمه وأخته من الأكل والشرب، وخرج م المستشفى مروح..
ولما دخل محطات المترو، شاف دكتورة درة واقفة في طابور شباك التذاكر وهي بتبكي، ومنهارة م العياط
حذيفة مشي ناحيتها، وشاف دموعها، وقرر يسأل هي مالها..
الحلقة الثالثة من هنا
الحلقة الثانية
حذيفة بيطلع عند أمه في المكان اللي هي محجوزة فيه، وبيقابل أخته ريناد، وكان وشها مكشر، عيونها مرهقة، وحواليها سواد.
حذيفة اتخض، وقلبه وجعه.
_ مالك ريناد؟ ماما مالها؟
_ ماما تعبانة أوي يا حذيفة، مقدرتش تفطر الصبح، واتعلق لها محلول.
(حذيفة بيمشي مندفع ناحية غرفة أمه، وعيونه بتدمع)
دخل عندها لقاها شبه فاقدة الوعي، ومش حاسة بحاجة..
خرج م الغرفة يجري، وريناد مستسلمة مش عارفة تتصرف..
_ في حد م الدكاترة شافها الصبح؟
_ مفيش غير دكتورة صغيرة، وعلقت لها محلول ومشيت.
_ علقت لها محلول من غير ما تعرف مالها .. ايه التهريج ده..
(حذيفة نزل وهو في قمة الغضب، وبدأ يسأل عن مكتب المدير، لحد ما وصل مكتبه)
_ أمي تعبانة أوي يا دكتور وفاقدة الوعي، ومفيش حد معبرنا.
(الدكتور قام من مكانه بسرعة وشاور له يطلع قدامه، وسأله عن القسم اللي هي محجوزة فيه، وكلمه طبيب متخصص يحصلهم بسرعة)
......................................
في أوضة أم حذيفة بالمستشفى..
ريناد بتحكي للمدير اللي حصل، وبتوصف له الدكتورة اللي علقت لأمها المحلول.. والطبيب المختص بيكشف على الأم، وحذيفة مخلي كل تركيزه معاه..
مدير المستشفى طلع تليفونه واتصل بالدكتورة درة وطلبها تطلع له فوق ضروري لأنها الدكتورة اللي وصفتها ريناد..
الطبيب المختص بيكتب اسم حقنة في ورقة صغيرة، وبيديها لحذيفة، وبيطلب منه ينزل بجيبها بسرعة من صيدلية خارجية..
حذيفة بص في الورقة وشاف فيها سيربرولايسين ٥مللي، ونزل بيها جري علشان يخرج م المستشفى..
..........................................
في مدخل المستشفى، كانت درة واقفة في نص الطريق وبتتكلم مع ممرضة..
وش الممرضة في مقابل حذيفة اللي جاي جري.
والدكتورة درة في وش الباب .. مش شايفة حذيفة اللي جاي مندفع بخطوات سريعة.. ومش قادر يوقف.
_ الطريق لو سمحتي..
(درة بصت عن يمينها، شافت أن في مسافة تعدي شخص ماشي بهدوء..
وحذيفة المندفع في مشيته، شايف أنه لو عدى هيخبطها..
درة بتشاور بإيدها الشمال ع المساحة الفاضية من غير ما تشوف مين اللي بيتكلم، أو حالته عاملة ايه...
حذيفة بيكرر طلبه..
_ الطريق واسعة اهي.
(حذيفة المستعجل .. المتوتر .. اللي قلقان على أمه ... بيزعق بصوت عالي وغليظ ... بيرفع صوته غصب عنه، لأنه عايز يلحق يجيب الحقنة لأمه)
_ بعد اذن حضرتك افتحي الطريق.
( درة سمعت صوته العالي .. اتفزعت .. وبعدت بسرعة مع شوية رعب ... والتفتت بسرعة تشوف مين ده ... وعينها جات في عينه .. وهي ماشي بالخطوة السريعة)
الممرضة بدأت تتكلم مش كويس عنه
_ ايه التخلف ده ... هو الحيوان ده فاكر نفسه فين؟
_ بس .. منعرفش ظروف الناس ايه؟
_ شفتي حضرتك بيجعر ازاي؟
_ أكيد عنده ظروف .. روحي اعملي اللي قلت لك عليه، وانا هطلع اشوف دكتور أحمد عايز ايه..
(مشيت درة، وهي سرحانة .. وحواجبها مرسومة علامة تعجب، وبتبص وراها على مكان مرور حذيفة، ورجعت تبص قدامها..
زي الطفلة الساذجة اللي بتمشي سرحانة في الطريق..
بتحط أيدها في جيبها البالطو، وبتطلع تذكرة المترو .. وتبص وراها تأني.
_ ايه الكائن الغريب ده؟ هو حد راقي ولا متخلف، ولا ايه؟
..............................................
مدير المستشفى والطبيب المختص و درة واقفين عند أم حذيفة، وكانت ريناد بتبص عليهم من بعيد.. والنقاش حاد بين المدير و درة.
كان بيوبخها لأنها اتعاملت مع الحالة بدون الرجوع للطبيب المتخصص ... و درة كانت بتدافع عن نفسها لأنها تصرفت في حدود المسموح لها..
_ كفاية تبريرات يا دكتورة درة .. لأن الحالة كانت هتتعرض لجلطة، وانتي مش منتبهة ل كده يا دكتورة ..
(درة اتفاجئت .. ووشها بدأ يميل للاصفرار من خضة الموقف، وانكمشت في نفسها، وكانت في قمة الرعب، وبتلقي نظرات اشفاق على أم حذيفة)
الطبيب المتخصص بيحاول يطمنها
_ متخافيش يا بنت .. هتاخد السيروبرولايسين دلوقتي وهتبقى كويسة خالص
(درة بتبص على أم حذيفة بعين مدمعة .. ورعب شديد)
حذيفة وصل، ومعاه امبولة السيروبرولايسين .. وسلمها للدكتور، وكان مش قادر ياخد نفسه، ومش قادر يتلم على أعصابه...
بص على درة، نظرة عادية، حالته النفسية تمحو من دماغه أي ملاحظات
درة شافته .. وبدأت تفهم سر اندفاعه .. بس تفكيرها وتركيزها منصب على الحالة اللي معرفتش تكتشف علتها الصبح.
(الطبيب المختص حقنها في دراعها، وبص عليهم يطمنهم)
_ مفيش قلق بإذن الله، كلها نص ساعة وتبقى زي الفل.
(درة بتلتقط أنفاسها وبتهدى، والمدير بيطبطب على كتف حذيفة ويطمنه وبعدها بيمشي، والطبيب المختص بيشرح له اللي حصل وبيمشي .. و درة واقفة مكسوفة، وبتتقدم ناحية ريناد تحاول تواسيها بمسح خفيف بإيدها لدموع خدها.
_ اطمني يا حبيبتي .. ماما هتبقى كويسة ..
(حذيفة بيروح يوقف عند رأس والدته، وبيبص عليها بأسى، وخوف طفل صغير)
ريناد بتحاول تستجمع شجاعتها .. وراحت ناحيته، ووقفت عنده..
_ أنا بعتذر لحضرتك خالص .. أنا متأسفة..
(حذيفة بيلتفت لها نص التفاتة، وهو مستغرب مش فاهم سبب اعتذارها)
_ آسفة على ايه حضرتك؟
_ آسفة على ... على .. آ آ ..
(درة متلخبطة، مش عارفة نفسها بتعتذر على ايه، ولا عارفة أن كان ده وقت اعتذار ولا لاء)
_ مش عارفة .. بس آسفة .. بعد إذن حضرتك
( درة بتسيب الأوضة وبتمشي)
............................................................
في قسم الطوارئ بالمستشفى..
زحمة .. دوشة .. ناس بتجري .. وأصوات عربيات إسعاف، وكلام كتير عن حادثة بين ميكروباص وتاكسي، وعدد من المصابين..
عدد كبير من الأطباء والممرضين من بينهم درة بيتوافدوا على الطوارئ، لاستقبال الحالات وعمل اللازم.
حالات خطرة كتير هتدخل عمليات ومحتاجة نقل دم مستعجل..
ممرضين بيسألوا مرافقين النزلاء لو حد عايز يتبرع بالدم..
ومرافقين المصابين وكل الناس اللي جات ورا الحادثة، كله تطوع للتبرع..
...............................................
حذيفة سمع ممرضة بتقول في إصابات خطيرة دخلت العمليات ومحتاجة نقل دم..
راح قال لأخته ريناد تاخد بالها من أمها، ونزل جري يتبرع بالدم..
كانت درة ومعاها ممرضات كتير بتتابع التبرع بالدم في الغرف المخصصة، وكمان في الطرقات بين الغرفات علشان الزحمة.
حذيفة بيسأل الممرضة يقعد فين أو يتصرف ازاي علشان يتبرع، ومفيش مكان..
الممرضة بتلتفت وراها، مش عارفة تتصرف..
درة شافته .. وعملت نظرة سريعة ع المكان ونادت عليه..
_ لو سمحت..
(بص عليها حذيفة)
_ أنا؟!
_ أيوة حضرتك .. تعالى هنا في مكان قرب يفضى في الأوضة دي.
(راح حذيفة ناحيتها)
_ تحت أمر حضرتك..
_ فصيلة دم حضرتك ايه؟
_ أنا فصيلتي (A+)
_ حلو أوي ..
(دقيقتين والمكان فضي، والدكتورة درة شاورت لحذيفة يقعد مكانه، والممرضة جابت أدواتها وعايزة تبدأ شغلها،. لكن درة شاورت لها، وقالت لها تخلي عنها الحالة دي.
(درة بدأت تضغط له الإبرة في دراعه، وتظبط له مستوى الكيس، ووقفت عنده، كأنها مكلفة بخدمته، وبتبص عليه باستغراب شديد، ولسة إحساسها بالندم على موقفها معاه في المترو مخليها عايزة تعتذر)
حذيفة لاحظ نظراتها الصامتة ليه)
_ دكتورة..
_ نعم ..
_ أنا آسف على فكرة
_ آسف ليه؟
_ أنا زعقت في حضرتك وانا رايح الصيدلية .. بس بجد والله كنت قلقان على ماما أوي، ومش مستحمل عطلة.
_ ولا يهمك طبعا .. ربنا يطمنك عليها .
(الممرضة جات تبلغها إن فصيلة A+ ناقصة في المستشفى ومطلوب منها عدد أكياس للمصابين، والمدير بيقول لها تاخد عينات دم م الحالات الأول، علشان تسحب تبرع م اللي فصيلتهم A+ الأول)
حذيفة سمع حوارهم، والدكتورة درة بدأت بالفعل تشوف مين اللي فصيلتهم A+ علشان تسحب منهم الأول، وكلفت الممرضات بعمل اللازم..
رجعت لحذيفة، كان الكيس بتاعه خلاص فاضل له دقيقة، وبدأت تراقبه، وهي سرحانة في الكيس ويتكلم حذيفة..
_ وأنا كمان آسفة لحضرتك..
_ آسفة ليا؟ آسفة على ايه؟
_ كنت بايخة أوي معاك في محطة المترو امبارح
_ محطة مترو ليه دي؟
_ هو مش حضرتك اللي خبطتني عند شباك تذاكر المترو، وبعدها اشتريت لي تذكرة علشان معنديش فكة؟
_ هو حضرتك الأخت اللي شتمتني..
_ اه .. أنا الأخت دي..
_ ولا يهم حضرتك طبعا
_ أكيد خدت فكرة اني قليلة الذوق..
_ لا أبدا .. أخدت فكرة إن في حاجة مضايقاكي، وهي السبب في تسرعك ده
(درة بتسحب الإبرة من دراعه، وبيقوم من مكانه، ولقى حد جاي يتبرع مكانه)
_ هو انا المفروض أقوم يا دكتورة؟
_ اه .. علشان يقعد متبرع غيرك
_ بس أنا سمعت الممرضة بتقول في نقص في A+
_ اه فعلا عندنا نقص في فصيلتك
_ أنا عايز اتبرع بكيس دم تاني يا دكتورة
_ لا طبعا مش هينفع
_ ليه؟
_ لأن ده ممكن يتعبك
_ بس لازم نسد عجز الفصيلة بأي شكل
_ تبرعك بكيس تاني فيه خطورة عليك، ومتخافش ع الحالات .. بإذن الله المتبرعين الموجودين هيسدوا العجز
_ تمام .. أنا هطلع عند ماما دلوقتي .. ولو الأكياس نقصت، ابعتي لي
( درة مبتسمة من داخلها، معجبة بموقفه، وبتهز رأسها بالموافقة، وحذيفة بيطلع عند أمه)
.................................................
حذيفة وريناد عند أمهم، وكانت صاحية، وحالتها أحسن من الأول، وبتحكي معاهم كمان
_ اخواتك بياكلوا كويس يا حذيفة؟
_ اخواتي كويسين خالص يا ماما .. وبخير والله .. الهم انتي تقومي لنا بالسلامة
_ أنا والله بقيت كويسة، وياريت تخليهم يسيبوني أخرج
_ إن شاء الله هتبقي احسن واحسن وهتخرجي قريب
(حذيفة بيبص على ريناد)
_ أنا هنزل شغل بكرة, وهحاول آجي لك بدري، معلش هتتعبي لوحدك اليومين دول
_ ولا يهمك يا حذيفة، ما اهو انت لازم تنتبه لشغلك، واهو ماما بقت كويسة
(دكتورة درة رايحة ناحيتهم وفي إيديها خمس علب عصير
_ ممكن تقبل مني العصير ده؟
_ عصير ايه ده؟
_ انت اتبرعت بالدم، والعصير ده كويس ليك
_ متشكر لحضرتك، أنا ممكن آكل أي حاجة.
(درة بتحس بالكسوف، وبتبص له بعين كسرها رد فعله)
_ ينفع تكسفني كده
_ يا خبر .. والله ما اقصد حضرتك .. بس مكانش له لزووم تتعبي نفسك
(درة بتسند علب العصير على ترابيزة صغيرة وبتفح له واحدة وتقدمها له، وبياخدها منها)
_ اتفضل
_ بنفسك كمان .. ربنا يخليكي.
(درة شعرت بالسعادة أنه خد منها العصير، ومشيت من غير سلام.
.........................
بالليل، كانت درة يتجهز نفسها ماشية... وحذيفة اشترى طلبات أمه وأخته من الأكل والشرب، وخرج م المستشفى مروح..
ولما دخل محطات المترو، شاف دكتورة درة واقفة في طابور شباك التذاكر وهي بتبكي، ومنهارة م العياط
حذيفة مشي ناحيتها، وشاف دموعها، وقرر يسأل هي مالها..
الحلقة الثالثة من هنا