Ads by Google X

رواية مبروك المدام حامل الجزء الرابع


الجزء الرابع 👍
 ٤- رحاب
بعد مرور خمس وعشرون عاما
اندفعت بخطوات بطيئة متثاقلة نحو قبرها
لا اعلم ماذا ساقول لها ، كيف سأخبرها انني فشلت في تنفيذ وعدي لها ؟، كيف سأستطيع الجلوس عند قبرها وانا اسمع لومها لي ؟


اعلم انني اكملت حياتي بعدها بحلوها ومرها ، تزوجت وأنجبت وها انا على وشك رؤية ابنائي أزواجا
اعلم انني اهملتك كثيرا ، تناسيت وعدي لك مع مرارة الأيام ولكني لم أنساه ابدا ، اشغلتني الحياة واتعبتني ، بل ارهقتني .. ولكن صدقيني لقد جاهدت كثيرا من اجلك صديقتي
كنت ابكي كثيرا عند النظر في عين ابنائي وهم يكبرون امام عيني رويدا رويدا ، اعلم انك كنت تتمنين لحظة كهذه فبكيت حزنا على همك !
كم تمنيت لو كنت معي في رحلتي الشاقة التي هاجمني الجميع حتى لا أكملها .. لو كنت موجودة الان لكان الوضع اسهل كثيرا ، فأنت كإسمك تنيري الكون بوجودك
اكاد اسمع صوتك الان ، انت تلوموني اعلم ذلك ، ولكن أعطني فرصة لأشرح لك ، وأوضح تفاصيل الرحلة الشاقة التي ارهقتني .. لعلك وقتها تغفرين لي خطا لم اقترفه !

بعد مرور اسبوع من رحيلك علمنا انه تم القبض على خالد وتمت محاكمته لمدة ٢٥عاما لانه كان السبب في موتك كما انه تعدى على ابنة عمي بالضرب ، هذا غير انه …رفض اخبار اي احد عن مكان الاطفال اللذين خطفهم وهرب
حاولت زيارته في السجن عدة مرات ولكنه كان يرفض مقابلتي ، اعتقد وقتها انه نادم أشد الندم الان بسبب ما فعله ولكنه حينما وافق اخيراً على مقابلتي اثبت لي العكس تماما
لقد رفض ان يدلني على مكان الفتيات ومع ذلك الحوار العنيف الذي دار بيننا اضطر الحارس ان يعيد خالد الى سجنه ويقول لي طاردا
" الزيارة انتهت !"


لم امل ابدا يا شمس من محاولاتي لزيارته مجددا ، ولَم يمل هو ايضا لكتمانه مكان الفتيات رغم انه اخبرني في زيارتي له انه قتلهن الا انني لم أصدقه وكانت كل خلية في جسدي توكد إنهن مازلن احياء!
عامين كاملين من الزيارات المستمرة لخالد الذي كان اخر امل لي هي هذه الحياة وقد كدت اصدق انه قتلهن
في احدى زياراتي البائسة تعاطف معي الحارس وأخبرني انهم وجدوه امام احد دور الأيتام الموجودة في جنوب القاهرة عندما تم القبض عليه ، سألته ان يخبرني باسم الدار ولكنه قال ببرود شديد
" لا اعلم "
ادخلت يدي في جيبي وأخرجت بضعة نقود دسستها في يده ثم قلت
" والآن ؟"
رد هذه المرة بعفوية


" اقسم انني لا اعرف اكثر من هذا ، انا لا اكذب "
رايته يضع النقود في جيبه فعلمت انها لن تخرج مجددا لذلك قلت له محاولة الاستفادة منه بشئ
" حسنا ، اريد منك خدمة اخرى "
طلبت منه ان يحضر لي القليل من شعر خالد وقد ساعدني ذلك كثيرا
اتجهت الى جنوب القاهرة كان يوجد ملجاين للأطفال في كل ملجا يوجد حوالي ثلاثمئة طفلة في عمر العامين او يزيد بشهور قليله ، في الملجأ الاول كان يوجد حوالي ١٠٠ طفلة حضرت الى الملجأ في شهورها الاولى وفِي الملجأ الثاني كان خمسون فقط هم من حضروا في ذلك الوقت منذ عامين
تعاقدت مع الملجاين بان يتم عمل تحليل للحمض النووي لخصلات شعر خالد على هؤلاء الـ١٥٠ طفلة ، كان انتظار تلك النتائج اصعب من انتظار طالب نتيجة الثانوية العامة خاصته


كنت اموت كل يوم من الخوف عندما لا يصلني خبر من احد الملجاين ، مر شهر واثنان وثلاثة وخمسة ثم اخيراً عشرة أشهر من ضربات القلب المتسارع وصلني اتصال بشرتني فيه مديرة الملجأ بظهور طفلة واحدة فقط هي من تحمل نفس الحمض النووي لتلك العينة وقد أطلقوا عليها في الملجأ اسم ريما
هتفت وقتها في مرح
" لقد كنت اعلم ان خالد يكذب .. هو لن يقتل اطفاله مهما حدث ..لقد كنت اعلم انكم احياء يا صغاري الأعزاء "
هاتفت الملجأ الاخر فما كان هناك أية نتائج إيجابية نهائيا !
ماذا ؟.. طفلة واحدة فقط ؟.. أين الباقي ؟..أين ألقيت طفلتيك يا خالد ؟!
بقدر الفرحة التي تملكتني بعد خبر العصور على الطفلة بقدر الحزن الذي أصابني للعبة خالد السخيفة ، لقد قام بتوزيع الفتيات في أماكن مختلفة حتى يصعب لنا العثور عليهم جميعا


ولكن كلا سأكمل تلك المسيرة حتى النهاية ، لن أتركك تنجح يا خالد ، من حسن الحظ ان الثلاثة توائم سيام : اي انهم نسخة مكررة من بعضهم لذلك لن يكون من الصعب علي إيجادهم ، سافي بوعدي لأعز صديقاتي !
عندما رايتها اول مرة ، رأيتك فيها يا شمس ، لقد كانت تشبهك كثيرا حينها بنفس خصلات شعرك الناعمة السوداء بنفس عيناك العسليتان وبياضك الشديد حتى انها بنفس غمازتك التي تقع أسفل خدك الأيمن  ، لقد احتضنتها وبكيت لأشعر بروحك تتحرك داخلها ..لأشعر بدفء صحبتك مجددا
كنت أزورها يوميا ، اجلب لها الألعاب والحلوى ، عاهدت نفسي الا اتركها ابدا ، حتى عندما تزوجت كنت اجلبها للجلوس معي في المنزل واللعب مع أطفالي ، كم انها كانت ذكية مثلك يا شمس


مكثت ريما في الملجأ حتى بلغت ١٨ عاما وقد حان الوقت لترحل من الملجأ  ، لم أتردد لحظة من اخذها للعيش معي ، كما انها التحقت بالجامعة وأصبحت مصدر فخر لامها وخالتها رحاب
 كنت احكي لها عنك يوميا ، لقد جعلتها تعشقك وتبكي لرؤيتك وانت تحت الثرى ، أخبرتها ايضا عن اختاها وأصبحت هي الاخرى محمسة للبحث عنهما معا
لقد تملكني الضعف في لحظة ما حين يئست رحيلك وكدت أتخلى عن وعدي ولكن الله أرسلك الي مجددا يا شمس …أرسلك الي في صورة ريما !
ذهبت الى خالد في السجن بعد كل تلك السنوات ، كان في قلبي شعورا يراودني انه سيحن اخيراً ويخبرنا بمكان الفتاتان ، سنوات من المحاولة ولَم استطع الوصول إليهن ، خالد في النهاية إنسانا من لحم ودم وقلب كان يتمنى في يوم ما ان يحمل اطفاله بيده
خالد ليس وحشا ولكن الظروف كانت قاسية .. خالد في النهاية بشر وان كنت سأغفر له ضياع الفتيات فلن اغفر له موتك ابدا يا شمس .. ابدا !


" لقد وجدت احدى بناتك يا خالد ، ولكني لم اخبرها عنك لم ارد ان تعرف حقيقة ذلك الملقى خلف القضبان بعد ان دمر حياته بيده "
قلت له ذلك بعد موافقته لمقابلتي في الزيارة فقال هو بانكسار وه مطاطي الرأس ندما
" هذا جيد .. سأكون ممتنا لك ان اخبرتها انني مت ، فرجل مثلي لا يستحق الحياة !"
لقد كان نادما جدا هذه المرة كما توقعت بعد الذي لقاه في السجن ، كانت نظراته مختلفة لم تكن ثابته كعادته ، ملامحه تبدلت تماما وأصبح في حالة من الهذيان الذي جعلت الدمع يفر من عيني
استجمعت شجاعتي مجددا ثم قلت بعدما ادركت انني الطرف الاقوى في هذه المواجهة
" انت لم تقتلهن كما أخبرتني !"
ضحك بسخرية دون ان يرد ، فقلت له
" أين الفاتاتين ؟ ، لقد وجدت ريما في الملجأ ، أين اختاها ؟"
أخذ خالد يهذي مجددا
" ريما !.. يا له من اسم جميل "
ارتفع صوتي من الغضب ثم قلت


" خااالد .. أين الفتاتين ؟"
رد خالد بعدم اهتمام
" اتركي الفتاتين حيث هما ، لا تعبثي بحياتهما بعد كل تلك السنوات ، ستجعلينهم يكرهون حياتهم ان فعلت ذلك"
قلت له بحدة
" ولكني وعدت شمس بذلك !"
قال باستهزاء
" انت حمقاء !.. اتعدين الموتى بالمستحيل ؟"
انفجر داخلي بركان من الغضب ثم قلت
" لن اسمح لك ابدا بذلك ايها القاتل اللعين ، اخبرني الان عن مكان الفتاتين "
سمح الحارس صوتي فجاء على الفور وأمرني بالانصراف قبل ان ارى نظرات خالد المستهزئة وهو يقول لي ببرود شديد
" لا اعلم مكانهم !"
صرخت مرة اخيرة في وجهه
" انت قاتل حقير !"
خرجت من السجن والعبرات تتقطر من عيني وعدت الى البيت بقلب محطم وصورتك يا شمس لا تفارق عيني ، صوتك الذي كان يأمرني بان احضر لك بناتك ما زال يتردد في أذني


كان وعدي لك يخنقني كل يوم يا شمس وانا ضعيفة ، انا لست قوية مثلك يا شمس ولن أكون هكذا ابدا طالما ان الظروف كلها تقف في وجهي
لمحت فجاءة اعلان في التلفاز ، كانت ريما هي الموجودة في الإعلان
ما هذا الهراء ، متى التحقت ريما بالإعلانات دون ان تخبرني ؟ .. ساعاتبها كثيرا على ذلك عندما تعود !
ولكي ان تتخيلي هذه المفاجاءة يا شمس
عندما عادت ريما من جامعتها جعلتها تشاهد ذلك الإعلان الذي أخذ يتكرر كثيرا على عدة قنوات تلفزيونية ، ففتحت ريما فمها من الذهول وهي تقول
" هذه انا ؟.. انا لم أشارك قط في إعلانات من قبل !"
تبادلنا انا وريما النظرات ومازالت علامات الذهول تكسو وجهها بينما كادت الفرحة تقفز من قلبي .

الجزء الخامس من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-