Ads by Google X

رواية مبروك المدام حامل الحلقة السابعه والاخيره


"
الجزء السابع والأخير
                  ٧-خالد

ولأول مرة منذ خمسة وعشرون عام ارى ذلك الباب يفتح
اتذكر انني كنت متلهفا حين اخبرني احد السجناء ان هناك تطور كبير في شكل الهاتف واخترعوا هاتفا يمكننا التحكم فيه عن طريق اللمس بلا أية أزرار ، كذلك لهفتي لرؤية التلفاز الذي تحول الى شاشة عملاقة لها جهاز تحكم صغير وكذلك السيارات والمباني الجديدة التي تم إنشائها ، كل هذا كنت

متلهفا لرؤيته ولكن الان لم يعد الامر يهمني ، حتى خروجي من السجن لم يعد يهمني .. حياتي باكملها لم تعد تهمني !
لو راني احدهم الان بهيئتي هذه لظن انني ميت خرج للتو من المقبرة ، الشعر الأبيض يتناثر في كل جزء على وجهي وراسي ، فكي الأسفل تحطمت معظم اسنانه بسبب

المشاجرات التي كنت أخوضها مع السجناء ، لحيتي لم أحلقها منذ زمن وجسدي يملؤه الكدمات والحروق ، ظهري مثني مثل المسنين وانفي معقوف ، جسدي نحيل جدا واختفت كل عضلاتي التي بنيتها في شبابي
حالتي مزرية ولو راني احد لانفض من خوفه
نسيت عنوان منزلي ونسيت اهلي اللذين لم يزوروني سوى مرتين او ثلاثة علمت فيهم ان اخي سافر الى الخارج وبالتاكيد توفيت والدتي منذ زمن لم اعهده


بناتي الان في أمان مع رحاب ولَم يبقى شي في هذه الحياة لأفكر فيه
لم تكن الحياة عادلة معي يوما سلبت مني كل شئ ، حرمتني من كل ماتمنيته
حرمتني من شبابي
حرمتني مش شمس
حرمتني من أطفالي
حرمتني من اهلي وعائلتي
حرمتني من حريتي
لم يبقى لي مكان اذهب اليه اعتقد ان السجن أفضل من هذا التكسع


لا اعلم كم سرت في الشارع من مسافة وكم عدد الساعات التي مرت علي ولكن كل ما اعرفه ان نهاراليوم الثاني لي خارج السجن قد جاء وفتحت السماء مصراعيها للشمس
هناك اما النيل ارى الكثير من الاحبة والكثير من السعداء
هناك احدهم يلتقط الصور مع فتاته وهو ممسك بيدها بطريقة ذكرتني بذلك الحادث ونحن عائدون من الاسكندرية انا وشمس


طريقة جعلتني اتذكر كل شى كنت متعمدا إخراجه من راسي
انا من دمرت حياتي بيدي واعترف ، لم يكن خطا العرافة بل كان خطئي انا !
كان يجمع ان استمع الى حديث شمس بعدم تصديق تلك الاوهام وآلخرافات
كان يجب ان احتضن بناتي اللذين جاءوا بعد خمسة أعوام من الانتظار
كان يجب ان أشارك شمس فرحتها


كان يجب الا أصرخ في وجه العرافة وقتها
كان يحب الا اذهب الى الاسكندرية من الاساس
كان يجب ان استمع الى كلام والدي حينما كان يأمرني بالصلاة ، ربما لو استمعت اليه ما حدث ذلك معي
كان يجب ان اصحح اخطاء كثيرة حدثت في الماضي حتى لا ادفع ثمنها غاليا
كلام العرافة لم يكن سوى وهما وانا صدقته وجعلته يسيطر على تفكيري وحياتي وجعلني اخسر كل شئ
انا لا استحق هذه الحياة الذي دمرت فيها حياة كل من حولي

" مبروك المدام حامل "
كم كنت سعيدا حينما قالها الطبيب ، لم اكن اعلم انها ليست سوى بداية اللعنة يا صديقي !


على هذا الكورنيش امام مياه النيل الذي كنا نتردد عليه انا شمس في بداية شبابنا وقفت على السور وفتحت ذراعي وبدات اتمايل مع نغمات الموسيقى الذي أشعلها احدهم  ، صوت المغني يبدو مالوفا لي
اماازال عمرو دياب يغني طوال الخمسة والعشرون عاما ؟.. لقد فاتني الكثير ولَم أعد مهتما لمعرفة المزيد
يكفي الى هذا الحد !


نسمات الهواء تتخبط بي وانا اسمع صوت طفل صغير يقول بأعلى صوته
" امي انظري ، هذا الرجل سيلقي نفسه في الماء !"
تخيلت ذلك المشهد من خلفي ضحكت في نفسي قبل ان تبدأ المراءة بالصراخ علي للنزول وبعدها بدأت أصوات كميات هائلة من الناس تناديني حتى انزل
-" ايها الرجل هلا نزلت من عندك "
- " سيدي من فضلك لا يمكننك محاربة مشاكلك بالاستسلام هيا أعطني يدك "
" هل هذا مجنون ام ماذا ؟"


" سيدي اذا كنت تحتاج نقودا يمكنني ان اعطيك ولكن الانتحار ليس حلا "
" هذه المياه يشرب منها الشعب المصري بأكمله ، وانا غير مستعد لشرب مياه قذرة بك وبأمثالك المجانين "
" هل ذلك الرجل يريد ان يموت يا امي ؟"

كم ان هؤلاء جميعهم حمقى !
انا لا ارى امامي سوى المياه وأصواتهم تزعجني للغاية وتعكر صوفي ، كصوت تلك العرافة
انا لست مستعدا لتكرار ذلك المشهد مجددا
أغمضت عيني وحاولت التركيز في نغمات الاغنية التي انتهت ، بدأت أرقص مع النغمات التي علقت في راسي
نعم لقد كان جسدي يتمايل على السور ونسمات الهواء تداعب وجهي
مازلت اشعر انني مكتوف الايدي ،اريد ان اشعر بحرية اكثر جراءة
ذراعي يتحركان بحرية راسي وكامل جسدي سوى قدماي ، مازالت حبيسة مكانها
وقد حان وقت اطلاقها ..!


لقد هدا الكون فجاءة ، لم أعد اسمع أصوات صراخ .. لم أعد اسمع صوت ضربات قلبي المتعالية .. لم أعد اسمع صوت نغمات الاغنية التي علقت برأسي
شعرت بحرية كبيرة كنت اشتاق اليها بينما جسدي باكمله يتطاير في الهواء
ثم صوت ارتطام شديد بالماء أفزع كل الطيور ..ثم لاشئ !
" انا قادم اليك يا حبيبتي شمس !"

" امي ، لماذا ألقى الرجل نفسه في الماء؟! .. أليس خائفا من الموت ؟؟"

" كذب المنجمون ولو صدقوا "
…………………………………………………….
أتمنى تكون عجبتكم الرواية ♥️

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-