Ads by Google X

رواية قلوب منهكه الفصل الثاني


الفصل الثاني:....

هل لي بقربكِ من نصيب !
فأنا عاشقٌ مل استراق النظرات !

هل لي بقبلة من عيناكِ توقعني بكِ من جديد!

هل لي بقربكِ!

طوال الطريق ظلت نورسين تُهدء من روع صديقتها، فهي تعلم ما حدث لها من قبل والجميع من حولها يعلم ذلك ويبذلون قصارى جهدهم لتعويضها، توقفت نورسين أمام البيت وهمت للتحدث معها ولكنها بمجرد أن توقفت السيارة، أسرعت بشيء من الذعر والخوف ودموعها تجاريها، ذهبت مسرعة لغرفة شقيقها مباشرة وما إن رأها مهند بهذا الشكل، عينيها الضاحكتين تذرفان الدموع بغزارة وقهر، شفتيها ترتجف بقوة، خصلاتها مبعثرة بفوضى على وجهها ويديها شديدة الإحمرار أثر الضغط عليها من فرط توترها وضعفها، إقترب منها وما لبثت أن أحتضنته بقوة وشرعت في واصلة جديدة من البكاء والنحيب الذي مزقت قلبه لها، ظل يربت على ظهرها بحب ويمسح على وجهها وخصلاتها بحنان جارف، راوده الشك حول هيئتها وما الذي جعلها تبدو كذلك فلم يحدث لها هذا منذ ما يقارب عامين، أحس بهدوئها وإختفاء شهقاتها وانتظام أنفاسها فعلم أنها غفت فحملها ودثرها جيدًا بالغطاء وقبل جبهتها وخرج غالقًا الباب بهدوء حتى لا تستيقظ صغيرته . ....

نزل مهند الدرج وعيناه تدور على كلًا من نورسين الجالسة تبكي وماجد الجالس جوارها يفكر، قطع صمتهم صوته الحاد...

مهند بحدة وغضب : عاوز أعرف حالًا إيه وصل رزان للحالة دي

لم تكن نورسين بحالة تسمح لها بسرد ما حدث فتولى ماجد ذلك الأمر..

شرع ماجد بسرد ما حدث بهدوءٍ دون ترك أي تفاصيل ومع كل كلمة كان مهند يغلي غضبًا والحزن يتسرب تدريجيًا لقلبه بعدما فارقه لعامين بعد شِفائها وجال بعقله حول سؤال واحد، هل ستعود لإنتكاستها من جديد؟!

تنهد ماجد بعد أن قص كل ما دار أمامه وبداخله حزن دفين لا يعلم مصدره أهو شفقة على حالها أم ماذا! شقاؤه على تلك الصغيرة الملائكية بلغ مبلغه منه !

نورسين ببكاء متقطع: دا سامح كان زميلنا في الكليه وبيحب رزان وهي ديما كانت بتصده وحاول معاها كتير حتى بعد ما سابت الكليه، كان بيدور وراها ودا اللي عرفناه من صحابنا، جه الليلة وأعترف ليها قدام الكل وزعق فيها جامد وهي ماكنتش عارفه حتى ترد عليه، وفكرها بكل حاجه حصلت يا مهند، رجع ليها كل القرف اللي حولينا نمسحه من عقلها، رزان هتضيع مني يا مهند تاني

قالت أخر كلماتها بنحيب وشهقاتها تعلو شيئًا فشيء ووضعت وجهها بين كفيها لتسمح للمزيد من الدموع بالهطول والإنجراف ..

فور سماع حروفها المرتجفة المصحوبة بشهقاتٍ ممزقة تنافرت الدماء بأواصله وأحتدت أسهم عيناه وحول بصره لماجد المتابع له بفضول وهتف له ..

مهند بثبات: شكرًا يا ماجد، أنت عارف كويس هتعمل إيه من بكره

ماجد بتفهم لحالهم: عارف يا مهند، ربنا معاك، أنا همشي لأن الوقت إتأخر

مهند بهدوء: ماشي ومتتأخرش عليها بكره

ماجد: إنشاء الله

ما إن خرج ماجد حتى جلس مهند بجوار نورسين وظل يهدئها ويبث لها عكس ما بداخله، وبعد مدة صعد لغرفة والده ليطمئن عليه وهو على علم بأنه يستمع لكل ما جرى وينتظر قدومه له ...

شهاب الدين مُغلقًا الكتاب بين يديه: كنت عارف إنك جاي

مهند بتنهيده: خايف عليها

شهاب الدين بقلق مماثل لولده: مش أكتر مني يا ابني

مهند بشرح : ماجد من هنا ورايح هيكون الحارس الشخصي بتاعها

شهاب الدين بزهول: ماجد صاحبك، طب إزاي وهو وافق ؟

مهند بحزن: ضغط عليه وإترجيته، دي رزان يا بابا

شهاب الدين بتفهم وسؤال : عارف يا ابني، هتسافر امتى

مهند بحزن : هأجل سفري يومين لحد ما أطمن عليها

شهاب الدين بحب: ربنا يديمكوا لبعض يا حبيبي

مهند وهو يربت على كف والده : ويديمك لينا يا بابا

خرج مهند من غرفة والده وأتجه صوب غرفته ليرى صغيرته، شاحبه، مازالت الدموع تاركه لخطوطها اللعينة على بشرتها الهادئة، أشتاق لرؤية عينيها، أقترب منها وضمها لصدره لعله يسكن ذلك الألم الذي إجتاحه بفقدانها، بمجرد أن ضمها حتى غفى جوارها ...

**********************

في الصباح الباكر أستيقظ مهند ونهض بهدوء من جوارها حتى تغفو على راحتها، أتت نورسين وبعد فترة صعدت لإيقاظها فوجدتها ترتدي ثيابها المكونه من ثوبها الأزرق اللطيف وشالها الأبيض ووجهها الصغير الهادىء على الرغم من حزنه، فقد بدت كإحدى أميرات ديزني الصغيرات، أدمعت عينيها تذكرًا لما مرت به رفيقتها، فهي أرق من أن يحدث لها هذا ولا تستحق سوى أن تُسمع ضحكاتها في الأجواء ليعم الفرح، شردت نورسين بحالة صديقتها وما كانت عليه قبل سنتين وما هي عليه الآن، أفاقتها أنامل رزان الصغيرة وهي تربت عليها، فهي علمت من تعابير وجهها ما تفكر به جيدًا، أقتربت منها وضمتها بقوة لتشعرها بأنها هنا معها ولم ولن ترحل من جديد.

نورسين بحب: أنتِ بخير يا حبيبتي

رزان مصطنعه القوة: بقيت بخير لما شوفتك يا نور

نورسين محاوله المزاح: بتثبتيني صح، أتثبت يا باشا

رزان بفخر : وأنا أي حد ولا إيه يا بنتي

نورسين بغيظ ومرح : طب يلا يا أختي على الشركة لا أخوكي يطلعه على جتتنا

رزان بتساؤل : هو مهند فين

نورسين بنبرة عادية : تحت مستنينا على السفرة

هبطت كلًا من الفتاتين وكأنهما فراشتين خفيفتي الظل، تطلع مهند لهما وزفر كل الهواء برئتيه، وكيف لا!، فكلتاهما تخطفان الأنفاس رغم الحزن الذي كسى ملامحهما، شقيقته ببراءتها ورقتها كآية للفنتة والجمال، ومعشوقته الغافلة عنه بأنوثتها الطاغية وحسنها البديع ....

مهند بحب: صباح الخير يا رزان هانم

لم يشأ مهند ذكر ما حدث أمس أمامها من جديد ولا تذكيرها به، يكفيه ما مر به طوال الليل، اعتصر الألم خافقه وضاق به الحال فوجد نفسه أمام قبر والدته في الرابعة فجرًا يشكوها حزنه ويبث لها شقاؤه لعل ذلك يريحه...

رزان بشغف: صباح الورد مهند بيه

كانت نورسين تبتسم عليهما فهما حقًا نعم الأخوين، نظراتهم كانت كفيلة بشرح ما يعتمر فؤادهم من حبٍ

مهند بحنان : تعالوا أفطروا عشان عاوزك في موضوع مهم

رزان بخضوع : حاضر يا حبيبي

كان الجميع على المائدة يراقبها بصمت، شاردة، تعبث بالطعام أمامها، لم تتناول شيئًا منذ جلوسها، على من تتصنع القوة والثبات! شقيقها! أبيها! رفيقة دربها! فهم من ساندوها بمحنتها وسقوطها، هم من كانوا جنبًا الى جنبٍ لها.! هل تظن أنهم غافلين عن ما يعتمر صدرها؟! ...

مهند بتنهيدة: رزان أنا عينتلك حارس شخصي ليكِ

رفعت رأسها بصدمة من طبقها، وكادت عينيها تخرجان من وجهها.

رزان بعصبية: حارس شخصي إيه، طبعًا مش موافقه

مهند بهدوء: أنا مش بأخذ رأيك أنا بعرفك بس

رزان بعصبية شديدة: وأنت مين عشان تعملي حراسه، هو أنا عيلة مقدرش أحمى نفسي، عاوزه يراقبني، عاوزين مني إيه تاني، والحارس دا عشان يقولي اعملي إيه ومتعمليش إيه، لا وألف لأ

علم مهند أنها ليست بخير بتاتًا، فصغيرته التي يعرفها ليست بتلك العصبية والعجرفة، ليست سليطة اللسان معه هكذا فهي تحترمه كل الإحترام لم يعلو صوتها عليه من قبل والآن! ...

مهند بقلق : رزان بصيلي

كانت رزان تحاول تهدئة نفسها، فهي تفوهت بأسخف العبارات ولمن، لشقيقها الحبيب، رفعت عينيها له واخفضتهما سريعًا فلم تقدر على مواجهة عيناه، شتمت ذاتها بأفظع الشتائم جلدًا لما نطقه لسانها الخائن...

مهند بحب وحنان وكأنه والدها وليس شقيقها : رزان حبيبتي بصيلي يا قلبي

أقترب منها وأزاح الكرسي الجالسة عليه، وأوقفها أمامه، كل هذا أما نظر نورسين الصامته والتي فقط يتقطع قلبها لحال رفيقتها، وأبيها الذي اعتصر الألم فؤاده على عروسه الصغيرة؛ أمسك مهند يديها وقبلهما بحنان .

مهند بحنان مربتًا على خصلاتها : تعرفي أنك حلوه أوي النهاردة، وتعرفي إني ممكن أغصبك على حاجه؟

هزت رزان رأسها بالرفض فهي لديها يقين من ذلك، فهو لم يجبرها طيلة حياته على شيء لا تريده

مهند: طب تعرفي إن مهند حبيبك عمره هيعمل حاجه مش في مصلحتك؟

هزت رأسها بالرفض ولكن هذه المرة بقوة والدموع تلاحق بعضها على وجنتيها

مهند: طب يبقى إيه بقا

رزان بدموع: أنا أسفه على اللي قولته

ضمها مهند بقوة لصدره ليثبت لروحه أنها لن يصيبها أية مكروه ما دام هو يتنفس

مهند: أنا اللي أسف يا حبيبتي إني عملت كدا من غير رأيك، بس صدقيني دا في مصلحتك وهتشكريني عليه في أقرب وقت يا رزان

رزان بحب: طول ما أنت هنا وجنبي أنا مينفعش غير أكون بخير أنا واثقه يا مهند

حاولت نورسين تخفيف الوضع فصاحت قائلة : وأنا مليش من الحب جانب ولا إيه وبعدين مين الحارس دا، هيبقى عضلات وطول بعرض ونضارة وشخصيه كدا زي الروايات ولا هيبقى خيخه كدا

مهند من بين أسنانه: لا متقلقيش دا مش خيخه وكمان صاحبي

نورسين: أوه طالما صاحبك يبقى أتأكدت أنه خيخه

رزان بضحكه لم تقدر على إحكامها: أوووه الجبهه طارت يا جدع

مهند بغيظ منهما: يلا يا بت من قدامي دلوقت أحسن ما أطلع عفاريتي عليكِ

نورسين بإستفزاز: أنا في بيت صاحبتي حاشر نفسك ليه

مهند بإبتسامه: ومالو في الشركة هنعرف حاشر نفسي لسه

بلعت نورسين لعابها بصعوبة، فأدركت أنه لن يرحمها وسيضع عليها أعمال إضافية

رزان بضحك: مقولتليش مين الحارس دا يا مهند وهيكون شغله إيه بالظبط

مهند بكذب: دا يا حبيبتي هيبقى زي ضلك كدا، في أي مكاني هتكوني فيه هيكون هو فيه، اسمه ماجد

رزان: اسمه حلو يا مهند

نورسين: وأكيد شكله زي اسمه يا رزان

قامت نورسين بغمزها لتضحك رزان بقوة عليها غافلين عن ذلك الذي يتوعد لهما، تمنى صفعها خلف عنقها صفعاتٍ دامية ليعلم عقلها ما أخرجه لسانها المنفلت منها....
كانت رزان خائفة من ما هي مُقدمة عليه، سيصبح كظلها كما قال مهند، كيف ستحصل على حريتها بوجوده من الآن وصاعدًا، عزمت في قرارة نفسها على وضع خطة للنيل منه وإجبارة هو على ترك هذا العمل بنفسه، ولكنها لا تعلم ما يكنه القدر لها.

****************

بالخارج كان ماجد يقف ينتظرهما وهو يبغض ذلك كثيرًا، وقعت عينيه على تلك الملاك الصغير، ممسكة بيد صديقتها وخصلاتها تأخذ طريقها للتأرجح مع الرياح، بوجهها اللطيف وعينيها المرسومتان بدقة ووجهها الخالي من مساحيق التجميل سوى مُرطب الشفاه، وحين وقع بعينيه على أمواجها الثائرة لعن نفسه آلالاف المرات، أيمكن لأحد أن يمتلك مثل ذلك السحر الذي بعينيها، فهي كتضارب البحر بأمواجه، تجذبك للنظر إليها فقط، كانت حقًا لوحة لفنانًا أبدع في التفنن بها، كانت حقًا ملاكًا لا بل ملاكه هو فقط، فاق من تأمله لها بعد مدة ليس بقصيرة ومد يده لها مرحبًا ولكن صدمته كانت أقوى من أن تخرج أحرفه من داخل جوفه، مهلًا هل ما حدث أمس ترك عذابه لها بهذه الطريقة المُريعة!!


                    الحلقة الثالثه من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-