رواية مع وقف التنفيذ الفصل الثالث


 الفصل الثالث


كان فى طريقه إلى المنزل شارداً غارقاً فى تفكيره , لا يجد حصى أمام قدميه إلا وركلها يمينا أو يساراً وكأنها كرة يسددها فى أحضان مرماها , المشوار طويل والجهد ليس قليل , يا ترى يا فتاتى هل تستطيعين الصبر, ماذا سيكون مذاقه على لسانك, هل سيحلو لكِ أم ستنفرى منه ومني, أنا لست برجل كسول أو قليل الطموح ولا آبه بالمصاعب, بل تحلو لي وأتسلقها فى هدوء دائما وثبات حتى أصل لمرادى , ولكن عندما أصل إلى القمة هل سأجدك فى انتظارى , هل تعشقينى بما يكفى , لست متأكداً مع الأسف

مر بالمنعطف المؤدى إلى بيته واتجه إليه فى بطء وهو يحاول أخفاء مشاعره حتى لا تقرأها والدته فى عينيه فهى تجيد ذلك , ولم يلاحظ الفتاة التى كانت تقف فى نافذة حجرتها الصغيرة ترمقه وتتفحصه وكأنها كانت تنتظره وقد جفاها النوم واستعصى عليها ورفض التسلل إلى عينيها حتى تطمئن بعودته , تنهدت فى قوة وهى تراه يلج باب منزله والتفتت للداخل لتطمئن أن أختها مازالت غارقة فى نومها كما كانت تظن, فأغلقت نافذتها وأسدلت أستارها وأتجهت لفراشها, وما أن سكنت رأسها إلى وسادتها وأغمضت عينيها حتى سمعت أختها تقول بخفوت:

- خلاص اطمنتى أنه رجع

فزعت عزة وحدقت فى أختها فى سريرها المجاور تحاول اكتشاف عينيها فى الظلام وقالت:

- أنتِ لسه صاحية يا عبير

نهضت عبير وفتحت المصباح الصغير والذى ينبعث منه أضاءة ضعيفة وضعت الوسادة على قدميها واستندت إليها وقالت:

- أنتِ بتعذبى نفسك على الفاضى وهو ولا هو هنا

زفرت عزة بضيق وهى تقول:

- بطلى الأوهام اللى فى دماغك دى يا عبير.. أنا مكنتش مستنية حد..أنا كنت واقفة بتهوى شويه فى الشباك

شبكت عبير أصابع كفيها وقالت:

- على فكرة أنا أختك والله .. يعنى هترتاحى لما تتكلمى معايا

نهضت عزة وأغلقت المصباح الصغير وعادت لفراشها وهى تقول:

- نامى يا عبير نامى ..وياريت تشيلى الأوهام دى من دماغك

وضعت عبير وسادتها مكانها واسترخت على فراشها وهى تقول بهمس:

- ياريت يا عزة تكون أوهام فعلاً

***

وصل فارس الشارع الذى يقطن به وقت أذان الظهر فغير وجهته إلى المسجد الذى يبعد قليلا عن منزله توضأ ووقف يصلى السنن وبعد أن انتهى وجد شخصاً يربت على كتفه بحنان قائلا:

- أيه يا عم انت مخاصمنا ولا ايه

ألتفت فارس إلى صاحب الصوت والأبتسامة تعلو شفتيه ليصطدم بأحب الوجوه إلى قلبه منذ سنوات كثيرة , فهو صديق قديم له , صافحه بحرارة مرددًا:

- مش معقول.. شيخ بلال واحشنى جدا

نهض الرجلين وتعانقا طويلاً ثم قال فارس بشغف:

- أنت كنت فين كل ده يا شيخ .. ده انا روحت سألت عليك فى بيتك.. والدتك قالتلى انك مسافر

أنحنى بلال على أذنه قائلا بمرح:

- كنت فى ألمانيا

أتسعت عينيى فارس لبرهة , فضحك بلال بصوت خفيض قائلا:

- أيه مالك اتخضيت كده ليه

أقترب منه فارس هامساً:

- ليه يا بلال .. ده انت يا أما فى المسجد يا أما فى شغلك يا أما فى البيت ياخدوك ليه

رفع بلال كتفيه قائلا:

- ما انت عارف بقى يا فارس طالما ملتحى وبتخطب فى مسجد لازم يتحط تحتيك مليون خط أحمر ويبقى ليك ملف عندهم

قطب فارس جبينه فابتسم بلال وهو يقول مردفاً:

- سيبك مني انا خلاص جسمى نحس .. ها قولى بقى انا سمعت انك اتخرجت .. أولا ألف مبروك .. ثانيا ناوى تعمل أيه بعد التخرج .. هتكمل فى المكتب ولا هتستنى حلمك الكبير

كاد فارس أن يتحدث ولكن الأمام أقام الصلاة فوقفا فى الصف وكبرا ليدخلا فى الصلاة

بعد أنتهاء الصلاة خرجا سويًا من المسجد فأخذ فارس ينظر لـبلال بحب وهو يقول:

- والله انا مش مصق انى شوفتك تانى يا بلال .. واحشنى جدا والله

قال بلال مداعباً:

- وأنت والله يا فارس .. ها ياعم مش هتبقى وكيل نيابة بقى علشان تبقى تحقق معايا انت أهو بدل الغريب برضة

لم يستطع فارس أن يضحك أو حتى يبتسم وهو يقول:

- أنا لو ربنا كرمنى عمرى ما هبقى  ظالم زى اللى بيحققوا معاك ومع غيرك يا بلال

قال بلال بهدوء:

-  يبقى انت لسه على عهدك يا فارس وبتحلم بالنيابة ..

كانا قد اقتربا من منزل فارس كثيراً وهما يتحدثان ويتذكرا أيامهما السابقة بينما وقف العم عامرعلى باب ورشته ينظر إليهما فى ترقب وخرج من ورشته واقترب منهما وهو يتفحص بلال ثم وقف على مقربة منهما ونادى فارس قائلا:

- أستاذ فارس.. يا أستاذ فارس

ألتفت له فارس بابتسامة فقال عامر:

- تعالى لحظة بس

قال بلال وهو يصافح فارس :

- طب اسيبك انا بقى يا فارس واشوفك بعدين

 أوقفه فارس بلهفة قائلا:

- لا والله لازم تطلع معايا ونشرب الشاى مع بعض.. ثوانى أشوف عم عامر وارجعلك

توجه فارس إلى عامر ووقف أمامه متسائلاً :

- خير يا عم عامر ؟

قال عامر بقلق:

- مين ده يابنى

قال فارس بابتسامة:

- ده صاحبى من زمان بس كان مسافر

تابع عامر بنفس القلق:

-  تعرفه كويس يعنى

- أه طبعا بقولك صاحبى من زمان بس مكنش بيجى الشارع هنا كتير كنا بنتقابل فى المسجد

لاحظ بلال نظرات القلق فى عينيى عامر فنظر له وابتسم ابتسامة ودودة , وبرد فعل تلقائى وجد عامر نفسه يبتسم هو الآخر بدون سبب واضح من وجهة نظره وقال لفارس :

- شكله طيب صاحبك ده

ضحك فارس وهو يربت على كتف عامر قائلا :

- و انت كمان طيب يا عم عامر

 والتفت إلى بلال وناداه فاقترب بلال منهما محتفظاً بابتسامته فقال فارس:

- عم عامر بيسأل عليك يا بلال.. أصل عم عامر ده بقى زى شيخ الحارة كده.. لازم يعرف اللى داخل واللى خارج

أومأ بلال برأسه قائلا:

- طبعا عارفه من زمان يا فارس .. أنا أه مكنتش باجى كتير.. بس انا مبنساش الوشوش بسرعة وخصوصًا وشوش الناس الطيبة

ومد يده ليصافحه, فصافحه عامر بود وقد زال قلقه بسرعة وقال :

- تعالوا بقى اشربوا معايا الشاى

قال فارس على الفور:

- لا الشاى ده عندى المرة دى .. إن شاء الله هنبقى نعدى عليك بعدين يا عم عامر

بحث بلال فى جيبه عن شىء ما ووجده أخيراً , أخرج من جيبه زجاجة مسك صغيرة وقبل أن ينصرف مد يده بها إلى عامر قائلا:

- أتفضل يا عم عامر دى هدية بسيطة كده

نظر لها عامر بدهشة قائلا:

- ايه ده.. ريحه

أبتسم فارس قائلا:

- ده أسمه مسك يا عم عامر.. بس حلو أوى هيعجبك

قال عامر وهو يتفحص بلال:

- بس بمناسبة أيه ده

قال بلال بهدوء وعينين يشعان صدقاً:

- بمناسبة انى اتعرفت على راجل طيب زيك يا عم عامر.. وبعدين الرسول عليه الصلاة والسلام قال تهادوا تحابوا ..وانا نفسى تحبنى زى فارس كده

أبتسم عامر وهو يتناول زجاجة المسك من بلال قائلا :

- متشكر يابنى ربنا يحميك لشبابك ...هديتك مقبولة

طرق فارس باب شقته ففتحت والدته وهى تقول :

- بتخبط ليه ما انت معاك مفتاح يا فارس

- معايا واحد صاحبى يا ماما

وضعت والدته حجابها على شعرها وهى تقول ببساطة:

- أهلا وسهلا يابنى اتفضل

تنحنح بلال وهو غاضاً لبصره قائلا:

- أهلا بيكى يا حجة .. معلش أزعجناكى

أفسحت الطريق وهى تقول بابتسامة طيبة:

- لا يابنى البيت بيتك اتفضلوا..

أخذه فارس إلى غرفته وأغلق الباب خلفه  وجلس أمامه مبتسما  وهو يقول:

- والله زمان يا بلال ...ها أحكيلى بقى

تنهد بلال وقال:

- أحكيلك أيه بس ربنا ما يكتبها عليك ولا على حد أبدا ..أحكيلى انت وصلت لحد فين فى الدنيا

بدت علامات التوتر على فارس وكأنه يبحث عن بداية مناسبة لحديثه ويختارها بعناية وبدأ يقص على بلال ما يشعر به قائلا:

- مش عارف يا بلال من ساعة ما اتخرجت لحد دلوقتى .. فى حلمين مش متأكد انهم هيتحققوا .. النيابة ودنيا

رفع بلال حاجبيه باهتمام قائلا:

- طب النيابة وعرفناها .. مين دنيا

قال فارس بحرج:

- دى بنت اتعرفت عليها فى الكلية و.. وحبيتها

أبتسم بلال وهو يقول:

- طب ومحرج كده ليه.. أنت فاكرنى هقولك الحب حرام يعنى

زاد حرج فارس وخجله من صديقه وهو يقول:

- لا أصل أنا مش بحبها من بعيد لبعيد يعنى ..أنا بقابلها وبنخرج سوا

ثم بدأ فى الدفاع عنه نفسه على الفور قائلا:

- بس والله انا قابلت والدتها ووعدتها انى هتقدملها بعد التخرج لولا دنيا هى اللى رفضت وقالت نأجل الحكاية لبعد النيابة

أطرق بلال لحظات ثم رفع رأسه بهدوء وقال:

- كمان هى اللى رفضت وطلبت التأجيل

نظر له فارس بصمت ولم يتكلم فتابع بلال حديثه:

- وانت فاكر لما تخطبها هتبقى خلاص تحللك يا فارس

ظهرت علامات عدم الفهم على وجه فارس وهو يقول:

- يعنى أيه يا بلال

دلك بلال لحيته وهو يتفحص علامات التوتر على وجه فارس ثم قال بهدوء:

- التوتر اللى على وشك ده حاجة كويسة.. ده دليل على أنك متأكد ان فى حاجة غلط  .. فارس يا حبيبى لو بتحبها سيبها

رفع فارس رأسه إليه باستنكار قائلا:

- أسيبها ازاى ..أنا بحبها يا بلال وناوى على الجواز مش بلعب بيها ولا بعمل حاجة غلط معاها

قال بلال بتساؤل:

- وهو انت بتعمل معاها أيه صح يا فارس؟

- مش فاهمك

نهض بلال واقفا وجلس بجوار فارس وقال بجدية:

- أنت بتقابلها يا فارس .. يعنى بتبصلها مش كده ؟ .. ولا بتكلمها وانت باصص الناحية التانية

قال فارس بارتباك:

- ايوا ببصلها

بلال:

- طب ربنا سبحانه وتعإلى قال:

-  قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ  ..  يبقى انت كده بتعمل حاجة غلط ولا لاء

أطرق فارس برأسه فاستطرد بلال حديثه قائلا:

- هسألك سؤال كمان.. طبعا بتمسك ايدها

تنحنح فارس بحرج فتابع بلال قائلاً:

- مع أنك يا فارس أكيد سمعت حديث النبى عليه الصلاة والسلام

لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له "  .. فاضل أيه تانى يا فارس؟.. وانتوا بتحكوا سوا وبتضحكوا.. ضحكتها مش بتحرك مشاعرك؟ .. وهى بتكلمك وبتحكى معاك مش ممكن تقولك كلمة بصوت ناعم شوية؟..  ليه يابنى تحط نفسك فى الفتن دى كلها وتشق على نفسك بالشكل ده .

أطرق فارس وقد شعر بكل كلمة قالها بلال ورغم صعوبتها إلا إنها كانت حقيقية فقال :

- معاك حق يا بلال ..لكن

قاطعه بلال:

- لكن بتحبها ومش عارف تعمل ايه

أومأ فارس برأسه موافقا وقال :

- بالظبط كده اعمل ايه

أبتسم بلال وهو يربط على يده قائلا:

- كلمها بصراحة .. وقولها انك مش هتخلف وعدك معاها لكن فى نفس الوقت مش هينفع تغضب ربنا بالحب ده .. لحد ما ربنا يكرمك وتتقدملها وتعقد عليها وتبقى مراتك

وأشار له محذرا:

-  وانا بكررها تانى يا فارس .. وتعقد عليها .. يعنى تكتب كتابك .. مش تروح تلبسها دبلة وتقول خطيبتى بقى أخرج واعمل اللى كنت بعمله .. لا يا فارس الخطوبة دى كأنها لسه غريبة بالظبط

أومأ فارس برأسه فى سكون وصمت وهو يستشعر كلماته وسمع بلال يقول له مرةأخرى:

- سيبها مؤقتا وعرفها انت هتسيبها لأمتى وهتسيبها ليه ..سيبها علشان ربنا يكرمك بيها فى الحلال يا فارس بدل ما ربنا يغضب عليكم ويحرمكم من بعض طول العمر..ده لو كنت بتحبها فعلا..تخيل يا فارس لو ماتت وهى قاعدة جنبك بتغضب ربنا هتروح تقول لربنا ايه ولو انت مت وانت قاعد جنبها وماسك ايدها هتروح تقول لربنا ايه ..هو حد ضامن عمره هيخلص أمتى يا فارس.

***

 

 

دخل فارس المكتب بعد صلاة المغرب وألقى التحية على الجميع ثم توجه إلى حجرة مكتبه هو وزملائه وجد دنيا ونورا يتحدثان ويتعرفان إلى بعضهما البعض وسمع دنيا تسأل نورا عن باسم قائلة:

- وأستاذ باسم متجوز من زمان ولا لسه قريب

نورا:

- لا من زمان وعنده ولد وبنت

بمجرد أن رأته نورا نهضت واقفة بابتسامة قائلة:

- حمدلله على السلامة.. أزيك يا أستاذ فارس

حاول فارس أن يتجنب النظر إليها هى ودنيا وهو يقول بود واحترام:

- الله يسلمك يا أستاذة حمد لله على السلامة
أقتربت دنيا خطوات منه قائلة :

- أيه مفيش أزيك يا دنيا ولا أيه

وضع عينيه فى الأوراق وهو يقول:

- أزيك يا أستاذة دنيا

أتكأت على المكتب وهى تقول بخفوت:

-  أنت عارف انى مبقدرش على زعلك .. أنا آسفة يا سيدى فكها بقى

هز رأسه نفيا وهو يقول:

- مش زعلان من حاجة.. وياريت نأجل الكلام ده لبعدين

خرج باسم من حجرته وهو يقول لدنيا :

- من فضلك يا أستاذة دنيا عاوزك شوية

 ودخل حجرته مرة أخرى وهو يقلب عدة ملفات بين يديه بلا مبالاة , نهض فارس واقفا بحدة وقال لها:

- لما تدخلى متقفليش الباب وراكى

تركتهم دنيا ودخلت حجرة مكتب باسم وتركت الباب كما أمرها فارس فنظرت نورا إليه قائلة:

- مالك يا أستاذ فارس .. قلقان من حاجة؟

هز رأسه نفيا وهو يقول:

- أبدا يا أستاذة مفيش حاجة.. دنيا خطيبتى وانا محبش يتقفل عليها باب أوضة مع أى حد حتى مع الدكتور حمدى نفسه

ابتسمت قائلة :

- هى برضة لسه كانت بتحكيلى عنك وعن غيرتك عليها ..ربنا يتتملكم على خير

أخذ فارس يقلب الصفحات فى شرود تام , لا يدرى من أين يبدأ معها وكيف سيكون وقع كلماته عليها, وكيف سيستمر هكذا , يراها ويتعامل معها وهى زميلته فقط وكيف سيستطيع كتم مشاعره تجاهها, هل سيستطيع الصبر عليها وكبح جماحها ام ستتفلت من بين أصابعه دون أن يدرى لتندفع إلى منسوبها الأول كما كانت .. بل وأقوى

كانت كل تلك التساؤلات تموج بها رأسه بعنف ويخفق قلبه لها بقوة , ولم تتركه إلا وعينيه كانت تنطق بالحيرة فى وجوم تام تنتظر ما سيحدث ولا تملك غير ذلك وفقط .. أيها الأنتظار لو كنت رجلا لقتلتك.

***

الفصل الرابع من هنا 

 

 

 

 

 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1