Ads by Google X

رواية العشق الطاهر البارت الثالث

 


..مشهد حقيقى شتاء سنة1990..
..مر أسبوعين على اللقاء الاول لطاهر وجيلان،
لم يكف بهما طاهر عن انتظارها أمام مدرستها حتى يراها بالصباح الباكر وأثناء خروجها بعد انتهاء اليوم الدراسى،
أما جيلان ففور خروجها من باب المدرسه تدور بعينها بحثاً عنه،ليشرق وجهها بابتسامه هائمه حين تلمحه،يبادلها هو الابتسامه بأخرى متلهفه،بخطوات بطيئه أقتربت من سيارة والدها الواقفه بنتظارها وصعدت بها على مضض متمتمه لنفسها بصوت خفيض..


"كل يوم ادعى ربنا العربيه تعطل منك تانى يا انكل سعيد ومبتعطلش لييييه بس"..
سارت السياره بها مروراً بطاهر الذى يتابعها بشغف،يخبرها بعينه أنه يرد الحديث معها،
تفهمت هى نظرته جيدا،وحسمت أمرها بتنفيذ خطتها المجنونه،مر بعض الوقت حتى وقفت السياره أمام منزل عز الدين الشامى،منزل يظهر عليه الثراء والفخامه،سارت جيلان نحو الداخل بقلب مرتعد،ووجه بدأ يظهر عليه الشحوب من شدة خوفها،نظرت حوالها تبحث عن والدتها حكمت هانم حتى رأتها تجلس على مكتبها بيدها أحدى كتابها المفضله وسيجار من نوع فاخر،
سارت نحوها بخطى مرتعشه حتى وقفت امامها بأحترام شديد خافضه رأسها أرضا وهمست قائله..
"بنسوار مامى"..وضعت حكمت السيجار ورفعت يدها بنظره أمره تحث جيلان على تقبيلها،أبتسمت لها جيلان أبتسامه رقيقه ومالت على يدها قبلتها بعمق وأعتدلت بوقفتها مره أخرى تنظر لها بتوتر ورعب ملحوظ،
ضيقت حكمت عيونها وتأملتها قليلاً بتمعن وتحدثت بصرامتها المعهوده قائله..
"امممم،اتكلمى عملتى أيه؟؟"..
ترقرقت العبرات بعيون جيلان ومدت يدها لداخل حقيبتها واخرجت ورقه اعطتها لها،أخذتها حكمت وتفحصتها لثوانى،
لتتسع عينها على اخرهم بذهول وبلحظه كانت هبت واقفه أمامها وتحدثت بعدم تصديق..
"ايه دا؟،3 من 20 فى أمتحان الانجلش!!"..
أبتسمت بسخريه مردده بثقه..


"أكيد ورقتك اتبدلت مع حد تانى،انا بنتى طول عمرها من الأوائل"..
خفضت جيلان رأسها بخزى وببكاء همست..
"مامى انا أسفه بس دى ورقتى أنا،معرفتش أحل لأن الماده صعبه أوى السنادى، ومحتاجه أخد درس عند الميس فاديه"..
أقتربت منها حكمت خطوه واحده وتحدثت بغضب عارم..
"ورقتك انتى يا جيلان!؟؟"..مدت يدها وامسكت وجنتيها بين أصابعها بعنف مؤلم مكمله.."ودرس ايه اللى أنتى عايزه تاخديه"..صرخت بوجهها.."أمال كل المدرسين اللى بيجولك البيت عندنا هنا دول اييييه"..
جيلان:ببكاء.."يامامى أكتر واحده بفهم منها الانجلش كويس هى مس فاديه وهى أتنقلت السنادى لفصل تانى ومبقتش تدينى علشان كده درجاتى بقت فى النازل"..
دفعتها حكمت بقوه ودارت حول نفسها مردده بغضب..
"أقول ايه لباباكى لما يسألنى على درجاتك الشهر دا؟!"..
نظرت لها نظره حارقه وتابعت بصراخ..
"هيقولى من دلعك ليها فى غيابى"..
نهت جملتها وصفعتها بمنتهى العنف على وجنتيها أكثر من مره مردده.."عايزهم يقولو عليا جوزها مسافر وسيبها مش عارفه تربى بنتها وطلعتها فاشله"..كل كلمه تتفوه بها بصفعه على وجه جيلان الواقفه بثبات دون حراك،لا ترفع يدها لحماية وجهها حتى،غالقه عيونها بقوه لتنساب دموعها على وجهها بغزاره دون اصدار صوت،ظلت حكمت تصفعها بقوه حتى رأت دمائها تسيل من أنفها وفمها فشهقت بعنف وجذبتها سريعاً لداخل حضنها تضمها بقوة وتبكى بنحيب بصوت اشبه بالصراخ مردده..


"بكره تجبيلى نمرة المس اللى بتقولى عليها هكلمها واتفق معها"..ذادت حدة بكائها وتابعت بقهر..
"هو متجوز وعايش مع مراته وعياله هناك وسيبنى أنا وانتى هنا لوحدنا"..ربتت جيلان على ظهر والدتها بحنان وهمست بصعوبه من بين شهقاتها الحاده.."متزعليش نفسك يا مامى احنا بنسافر لبابى كل اجازه وأنتى اللى مرضتيش أننا نسافر السنادى"..أحتضنتها حكمت بقوه اكبر وبأسف همست..
"كنت مفكره هعاقبه بغيابى عنه السنادى طلعت بعاقب نفسى اكتر"..أمسكت وجه جيلان بين كفيها تتأمل صفعاتها عليه التى تركت علامات حمراء وزرقاء على بشرتها الحلبيه،وتمتمت.."ياالله على اللى بعمله فيكى يابنتى"..
قبلت جبهتها مرات متتاليه ورسمت الجمود على ملامحها وأكملت بأمر.."يله على اوضتك ومتخرجيش منها انهارده نهائى"..نظرت لها جيلان بعيون يغرقها الدمع ووقفت على أطراف أصابعها وقبلت وجنتها قبله صغيره وركضت على غرفتها سريعا تاركه حكمت تبكى بمفردها بنهيار من شدة ندمها على ما تفعله بأبنتها الحنونه،فكلما شعرت بضيق من والدها لا تكف عن ضرب ابنتها لتنفس عن غضبها،جاهدت لتمنع نفسها عن افعالها الحمقاء معها ولكنها فشلت فشل ذريع،


بغرفة جيلان تقف امام المرأه تتأمل وجنتيها المشتعله أثر عنف الصفعات التى تلقتها على يد والدتها، ونزيف انفها وفمها بعيون يغرقها الدمع رغم انها معتادة على نوبات غضب والدتها المتكرره بستمرار،ومن بين كم دموعها ظهرت شبه ابتسامه على شفاتيها حين تذكرت نظرة طاهر لها،سارت نحو فراشها بخطوات واهنه وارتمت عليه بثيابها ناظره لسقف الغرفه بشرود ينعاد بذاكرتها ملامحه الوسمه، عيناه الساحره،صوته الجذاب، رائحة عطره،دقائق معدوده وكانت ذهبت بثبات عميق من شدة تعبها..
مرت تلك الليله ببطء شديد من وجهت نظر جيلان،تريد بستماته اشراق الشمس بنورها لتذهب للمدرسه حتى تلتقى بفاديه،وأخيراً سطعت الشمس معلنه عن بدأ يوم جديد يحمل الكثير من الأحداث..
أستيقظت جيلان بنشاط وارتدت الزى المدرسى الخاص بها على عجل،ومشطت شعرها الحريرى على هيئة ذيل حصان،حملت حقيبتها وتأملت هيئتها امام المرأه ليظهر الحزن على ملامحها حين رأت أثر الصفعات ظاهره بوضوح على وجنتيها،تنهدت بصوت عالِ قائله بحيره..
"أعمل ايه دلوقتى فى وشى اللى بقى ألوان دا؟!"..


فتحت دولابها تبحث عن اى شئ تخفى به وجهها فوجدت وشاح صوف من اللون الكافيه الغامق أخذته وقامت بوضعه حول رقبتها ورفعته قدر المستطاع ليخفى وجنتيها قليلاً وسارت نحو الخارج بخطوات راكضه متوجه لغرفة والدتها فتحتها بحرص وخطت للداخل بخطوات حذره واقتربت من والدتها النائمه بعمق قبلت رأسها ويدها وفرت سريعاً نحو الخارج،ليوقفها صوت داده هنية الحنون..
"جيلان يا بنتى أستنى افطرى قبل ما تروحى مدرستك"..
قذفت لها جيلان قبله بالهواء اثناء ركضها قائله بشقاوه..
"هفطر فى العربيه علشان متأخرش يا داده"..
كالعاده يقف طاهر أمام منزله المقابل لمدرسة جيلان مستند على سيارته ينتظر قدومها،لتتهلل أساريره حين لمح سيارتها تقترب عليه وتوقفت على بعد خطوات منه،لتسرع جيلان بالركض لداخل مدرستها دون الالتفات له كعادتها،عقد حاجبيه بستغراب متمتماً..
"مخبيه وشك عنى ليه المرادى يا جيلان؟!"..
تسرب القلق لقلبه وعقد العزم على الأطمئنان عليها حتى لو وصل به الأمر أن يذهب اليها داخل فصلها..
جلس بسيارته ينتظر انتهاء طابور الصباح،
مال برأسه على المقود وتنهد بصوت مسموع قائلاً..
"عملتى فيا أيه بس يا أحلى جيلان شافتها عنيا"..
مرت دقائق كانت بالنسبه له كسنوات طويله،أخذ نفس عميق وهبط خارج سيارته متجه نحو المدرسه بخطوات شبه راكضه،ليوقفه احدى الحرس متسائلاً..


"حضرتك عايز مين؟"..
طاهر:"انا طاهر الخيام أخو مس فاديه الخيام وكنت عايز اقبلها"..
الحارس:"اهلاً وسهلاً يا فندم"..أشار بيده على مبنى داخل المدرسه مكملاً.."مس فاديه بتكون موجوده فى غرفة المدرسات ولو ملقتهاش تبقى عندها حصه"..نظر لزميل له وتابع بأمر.."أطلع مع الأستاذ يا عبد السلام"..
طاهر:"متشكر جدا"..خطى للداخل وصعد الدرج وهو يتلفت حوله وينظر بكل فصل بحثاً عنها حتى وصل لغرفة المدرسات ووقف على بابها يبحث عن شقيقته،لمحته فاديه فاسرعت بالركض نحوه وتحدثت بفزع ظاهر على وجهها..
"طاهر ايه اللى جابك؟فى حاجه حصلت؟"..
أقترب منها طاهر وأمسك يدها وربت عليها بحنان قائلاً بابتسامه.."اهدى يا فوفا مافيش حاجه حصلت"..
رفع يده وحك شعره وهمس بأذنها بخجل مصطنع..
"عايز اشوف جيجى أتصرفى يا فاديه"..
أتسعت أعين فاديه بدهشه وهمست بذهول قائله..
"طاهر انت اتجننت يا حبيبى من ساعة ما شوفت جيلان،وشكلك عايز تتسبب فى رفدى كمان"..
تنهد طاهر بعشق وتحدث برجاء قائلاً..
"علشان خاطرى يا فاديه،دا انا اخوكى حبيبك"..
جزت فاديه على اسنانها متمته بغيظ..
"انا مبعرفش اخد منك موقف ابداً يا طاهر"..


نفخت بضيق وسحبته خلفها نحو مكتبها اجلسته وجلست امامه وتحدثت بتعقل..
"حبيبى انا مبقتش أدى جيلان يعنى مليش حجه ادخل الفصل عندها ولو دخلت انت مش هينفع تكون معايا"..
طاهر:بأصرار.."أتصرفى يا فاديه،انا قلقان عليها ومتساليش قلقان ليه،فخلينى أشوفها بدل ما اقوم الف عليها فصل فصل وانتى عارفه انى اعملها"..
نفخت فاديه بضيق وتحدثت بنفاذ صبر..
"طيب البريك كمان 3ساعات هتقدر تستنى وانا ابعتلها حد من البنات يقولها تجيلى هنا"..
طاهر:بتأكيد.."أستنها 30سنه يا فاديه مش 3ساعات..
فاديه:بابتسامه.."انت فعلاً مجنون يا قلب اختك،لحقت تحبها امتى بس يا واد انت؟!"..
طاهر:بهيام.."من اول لحظه لمحتها يا فاديه وهى خطفت قلبى بنظرتها وملامحها الطفوليه البريئه،شعرها وأه والف أه من شعرها يا فوفا"..
نظرت له فاديه بتحذير وتحدثت بصرامه.." طاهر فوق يا حبيبى واوعى تتكلم معاها هنا نهائى فاهم"..
طاهر:ببوادر عشق.."هقولها كل حاجه بعيونى"..أبتسم بشرود مكملاً بثقه.."وهى هتفهمنى"..
مرت الثالث ساعات ببطء مميت،يجلس طاهر على أحر من الجمر ينتظر سماع صوت جرس المدرسه معلناً عن فترة الراحة للطالبات،


وأخيراً دق الجرس وبدأت البنات تتوافد لخارج الفصول،سارت فاديه نحو الخارج وطلبت من احدى الفتيات ابلاغ جيلان انها تريدها ضرورى،وهمت بالتوجه لداخل المكتب مره اخرى لكنها لمحت جيلان تركض بتجاهها وقفت تنتظرها لتتسع عيونها بصدمه كلما اقتربت منها جيلان حتى وقفت امامها بعيون يملؤها الدمع ووجهها يظهر عليه الكدمات الزرقاء والحمراء بوضوح،شهقت فاديه بعنف وتحدثت بنبره مختنقه بالبكاء قائله..
"جيلان ايه اللى عمل فيكى كده يا بنتى؟!"..
نظرت لها جيلان قليلاً ومن ثم ارتمت داخل حضنها تبكى بنحيب وصوت شهقاتها وصلت لسمع طاهر الجالس داخل الغرفه،اتنفض واقفاً وسار نحو الخارج بقلب مرتعد لتنقطع انفاسه وتسارع نبض قلبه بشده حين وجد جيلان تبكى بنحيب داخل حضن شقيقته،صوت بكائها كان كالسكين حاد يقطع نياط قلبه،أقترب منهم بلهفه ليتسرب رائحة عطره لانف جيلان الدافنه وجهها داخل صدر فاديه،برغم انها لم تستنشق عطره غير مره واحده،الا انها حفظتها عن ظهر قلب،تستمع لنبض قلبه،لتتسارع نبضات قلبها بجنون،وببطء رفعت وجهها حين همس طاهر بأسمها بشتياق شديد..
"جيجى"..


رفعت وجهها ونظرت له لتتسع عينه بصدمه وارتسم الغضب على ملامحه وهم بالاقتراب منها لتسرع فاديه وتخطو بها داخل الغرفه وتتحدث بهمس صارم..
"طاهر روح انت دلوقتى لو خايف على جيلان"..
هم طاهر بالاعتراض لتقاطعه جيلان بصوتها الباكى الذى أطاح بعقله واعتصر قلبه ألماً لهيئتها قائله..
"مس فاديه انا عارفه ان حضرتك مانعه الدروس الخصوصيه بس انا محتاجه مساعدتك"..
فاديه:بلهفه وبوادر بكاء.."أهدى يا بنتى وقوليلى اساعدك ازاى وانا لو فى أيدى اى حاجه مش هتأخر عليكى"..
نظرت لها جيلان برجاء وتوسل شديد قائله..
"انا عايزه أخد درس عند حضرتك وقولت لمامى وهى هتكلم حضرتك علشان توافقى وعارفه ان حضرتك مستحيل تيجى تدرسيلى فى البيت عندنا"..بكت بنحيب مكمله..
"أرجوكى وافقى لو حتى أخد الدرس عند حضرتك فى البيت"..

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-