روايه النمر الجامح الفصل الثالث والرابع


 


الثالث والرابع 

 الفصل الثالث

(النمر الجامح)


أشرقت الشمس لتعلن عن صباح يوم جديد، وكالعادة لم تستيقظ "ملاك" إلا حين دخلت "سامية" وفعلت ما تفعله كل يوم،  ولكن هذه الليلة تشعر "ملاك" بأنها ليست بخير مما دفع "سامية" أن تقول بهلعٍ:



_اعتذري يا بنتي شكلك تعبان

لاح على ثغر "ملاك" بسمة صغيرة حتى تجعلها تطمئن ثم قالت بهدوء:

_متقلقيش يا "سوسو" أنا مش تعبانة هما شوية صداع يا حبيبتي بس يالا جهزيلي الفطار خليني أنزل 




أومأت "سامية" برأسها بحب ثم خرجت وتركتها تختار ملابسها التي ستذهب بها تلك المقابلة، والتي كانت عبارة عن جيب من الكلاسيك لونها أسود وقميص أبيض،  أخرجت حذائها الجملي ومعه حقيبة من نفس اللون،  ارتدتهم وبدأت في تسريح شعرها لتعقده كذيل حصان، تنهدت بقوة لتقول بعد ذلك بتوتر: 

_ناسية إيه ياربي؟ 

تذكرت بأنها لم تخرج أشيائها من الكمود ولم تضعها في حقيبتها، بدأت في ترتيبها ثم خرجت لتجد "سامية"  جهزت لها وجبتها،  ووضعت لها في علبة صغيرة بها بعض الفواكه،  انكمش حاجب "ملاك"  باستغراب وقالت باستفسار: 

_إيه العلبة دي يا "سوسو"  أنا هاكل بس 

التفت برقبتها نصف التفاته  لتنظر لها بحدة وترد عليها بـ: 

_حضرتك بتفطري حاجات قليلة وطول اليوم بتشتغلي وبترجعي يا بتتعشي يا لا بقيتي زي اللقمة هتلاقي نفسك فجاة وقعتي من طولك وساعتها أنا هزعقلك 

ابتسمت "ملاك"  بحب لتخرج من فاهها بعض الكلمات بحب: 

_خلاص خلاص هاخدهم معايا يا ستي 

ثم جلست على مقعدها لتبدا في تناول القليل من الطعام،  وبعد ذلك تأخذ علبة الطعام وحقيبتها وتردف بـ: 

_يالا همشي يا "سوسو"  ادعيلي




حملقت بها "سامية"  بغضب لتصرخ بوجهها: 

_يا بنتي فين أكلك هو لقمتك اللي هتاخرك عن شغلك وبعدين ولا شربتي عصير ولا شربتي لبن 

_ما إنتي عارفة مش بحب اللبن بصي هشرب حبة عصير وبعدين لازم أكون خفيفة قبل ما أمشي واروح الشغل

يأست معها فهي تعلم بأن "ملاك" عنيدة جداً،  قامت حتى   توصلها إلى باب الشقة،  بعد أن اوصتها بـ: 

_النهاردة بالذات خلي بالك من نفسك عشان شكلك تعبان ولو حسيتي بأي تعب ارجعي بسرعة 

قهقهت "ملاك"  بشدة من تصرفات المربية معها لتصرخ بمزح: 

_حاضر حاضر والله هما شوية صداع بس 

_ماهو الصداع دا من قلة الأكل عرفتي 




رفعت "ملاك" أنفها لتداعبها ثم وضعت يدها على خدها لترد عليها بشقاوة: 

_ها ها ها دا تفكيرك دا أنا باكل كتير وبعدين يا قلبي لازم الواحد يحافظ على وزنه ورشاقته 

تركتها بعد إنهاء حديثها وذهبت إلى المقابلة التي تنتظرها،  ابتسمت "سامية"  التي قالت بدعاء: 

_ربنا معاكي يا بنتي و يوفقك يا حبيبتي 

.................................................................... 

في فيلا آل عزمي 


استيقظوا جميعاً وجلسوا على مائدة الطعام،  مازال الحزن يسكن قلوبهم كان "مالك" ينظر للجميع بشك،  يريد أن يعلم من وضع السم بطعام جده،  تحدثت "دنيا"  بفضول مما جعله ينتبه لها: 

_"مالك" إيه اللي شغلك وليه بتبص للكل كدا 

ابتسم "مالك" لها ثم وقبل أن يرد حدق بخادمه وأمره بـ: 

_دوق كل الأطباق اللي قدامنا يا "محسن"  

تقدم بالفعل "محسن"  وتذوق من جميع الأطباق، ليتأكد بعدها "مالك" بأن الطعام لم يحمل مكروه،  بتلك اللحظة أشار لهم بأن يأكلوا،  ثم عاد يتحدث مع "دنيا"  بحنو: 

_مفيش يا حبيبتي بس خايف عليكوا مش أكتـ... 

توقف عن حديثه حين صدر صوت هاتفه وكان المتصل والده، ابتسم بسخرية ليمسك بعد ذلك هاتفه ويحطمه مما جعل زوجة عمه تقول بغضب: 

_مالك يا "مالك"  في إيه يا حبيبي ومين اللي اتصل 

_أبويا اللي ما يستحقش ارد عليه اللي عمله مع جدي هعمله معاه يا طنط "عبير" أنا لسه مضايق منه.





قامت "عبير" من مكانها لتتقدم باتجاهه متحدثة بحنو: 

_لا يا حبيبي مينفعش كدا يا "مالك"  اللي بتعمله دا غلط أنا مش حابة حد فيكوا أبداً يشيل الحزن او الحقد في قلبه فاهمين 

قبل "مالك"  يدها متحدث بفخر: 

_هفضل فخور إنك من عيلتي إنتي بتقفي جنب العيلة في كل الظروف عمرك ما مليتي أخدتي بالك مننا كلنا أنا بحبك يا "بيرو"

ملست "عبير"  على شعره ثم قبلت رأسه وعادت حتى تجلس بمكانها،  بهذه اللحظة دخلت "مرام"  والتي لم تقدر على حضور العزاء بسبب أنها تمرض حين تجلس في عزاء والجميع من حولها يصرخون، تشعر بأن قلبها يتمزق  قامت "ريناد"  بصراخ طفولي: 

_"مرام" جت أيوا بقى! 

استدار بتلك اللحظة "مالك"  ليجد صغيرته التي تتميز بقصر قامتها، بشرتها البيضاء،  شعرها أسود ينسدل حول رقبتها، تقدمت للأمام وبكل حزنٍ قالت: 

_آسف والله كنت هاجي امبارح بس مقدرتش وبابي قال روحي بكرا فجيت أول ما الشمس طلعت إنتوا عارفين قيمتكوا عندي 

تنهد "مالك"  الذي قال باقتضاب: 

_اقعدي افطري يالا 




لم تبالي له فهي تعلم شخصيته حين يحزن،  انحنت حتى تحضن "ريناد"  وبعد ذلك سلمت على "عبير"  بحب ثم قالت بهدوء: 

_البقاء لله يا طنط وربنا يجعلها آخر الأحزان 

ابتسم "مالك" بسخرية ليرد عليها بيقين: 

_للآسف هي مش آخر الأحزان

حملقت به "مرام"  بصدمة،  فما الذي اضحكه وما الذي يقوله،  ايريد أن تكون عائلته في عذاب وحزن، ردت عليه باستفسار: 

_مش فاهمة يا "مالك"  هو إنت عاوز حياتكوا يكون فيها حزن 

قام من مكانه ثم أشار لها أن تجلس وهتف بـ: 

_عشان كلنا هنموت يا "مرام"  بلاش سذاجتك  دي الدنيا عذاب والفرح فيها مش هيخلص ولا حتى الحزن وبعدين دا نصيبنا في الحزن كبير أوي حتى ما بنلحقش نفرح اقعدي كلي 





حديثه صحيح لا أحد يعلم كم تنزف بسبب كل حزن بداخلها بالفعل هو على صواب،  ابتسمت لـ "دنيا"  وقالت بحب: 

_البقاء لله يا "دنيتي"

_ونعمة بالله يا "مرام"  

جلست بجانبها،  تراقب أفعال "مالك"  الذي قام واستعد حتى يغادر من الفيلا بعد أن قال بصرامة: 

_إحنا هنعزل من الفيلا وهنمشي من غير ولا خدام هنروح نقعد في فيلا جديدة جهزوا نفسكوا هنمشي بعد يوم واحد من دلوقتي 

.................................................................... 

وصلت أمام شركة المنشاوي، صفت سيارتها لتحملق بعد ذلك في البناية التي تقف أمامها،  حيثُ أنها فخمة بشدة، لا يظهر أن مديرها مازال صغير ولم يساعده أحد، بتلك اللحظة فاقت بل فُزعت حين سمعت من يقول: 

_مش معقول بصيتي في عربيتي إمبارح وجاي تبحلقي في شركتي عشان بس غرقتك وأنا مستعجل 

التفتت له بعد أن ابتعلت ما في حلقها بهلعٍ ثم قالت بخوف: 

_يا ساتر يارب في حد يتكلم بالطريقة دي مالك وبعدين هو إنت "جبل" بيه المنشاوي صاحب الشركة 

مد شفتيه للأمام ثم قال بفخر: 

_والله بيقولوا 

ليضيف بعد أن صمت قليلاً: 

_تعرفي إنك الوحيدة اللي شفتها مرتين في حياتي مع إن دا مش بيحصل مع كل اللي بشوفهم 

ابتسمت بسخرية لترد بعد ذلك قائلةٍ باستفزازٍ: 

_والله أنا كنت بتمنى إني ما شوفكش أولاني عشان أشوفك تاني ولو أعرف إنك "جبل" لكنت والله اعتذرت عن المقابلة وخليت زميلي يعملها ما علينا ممكن أخد من وقتك شوية عشان أعمل مقابلة معاك

رفع حاجبه بلا مبالاة ليتركها ويرحل بدون حديث،  كيف له أن يهينها هكذا، هو ليس إلا عديم ذوق وأخلاق،  دبت بأقدامها بالأرض بقوةٍ لتردف بصراخ خافت:

_هتفضل قليل الذوق والله ما عندك دم

ثم ذهبت وراءه حتى  تنتهي من هذا العمل التي جاءت من اجله، صعدت معه بنفس المصعد الكهربائي، لتقف بنفاذ صبر تتأفف،  مما جعله يقول بنبرة ساخرة: 

_اللهم طولك يا روح بقولك يا بنت الناس أنا مطلبتش اقبلك أصلاً ولو عاوزة تمشي وتبعتي زميلك عادي وخليكي واثقة إنتي لو راجل كنت ذليته عشان ياخد معلومة بس معملتش معاكي كدا فتعدلي معايا

لم تهتم لحديثه،  بل اوقفت المصعد قبل الطابق الذي يقطن مكتبه فيه،  خرجت منه تحت أنظاره المندهشة، هذه أول من بغضته ولم تحب حتى وسامته ولا قوته،  متمردة بطريقة تجعله يضعها بجمجمته وبرغم من أنه لم يعجب بها قط في الليلة الماضية، ولكن يريدها ليس لتعدل له مزاجه وتكون أسيرة فراشه ليلة بل ليعلمها درسًا، بريد أن يكسر كبريائها وكرامتها،  دخل معركته وسينتصر ولم يخرج مهزوم قط هكذا وعد نفسه،  قفل المصعد وعاد يصعد للطابق المطلوب وبالفعل ما هي إلا ثوانً ووصل "جبل"  للمكتب الذي كان يأخذ مساحة الشركة باكملها،  تحدث بأمر للسكرتيرة الخاصة به: 

_في صحفية جاية ياريت تقول لها إن "جبل"  باشا مشغول لتقعدي وتستني لتمشي. 

أومأت له السكرتيرة بطاعة،  ليدلف بعدها إلى مكتبه

................................................................... 

_قصدك إيه يا بني؟ 

كان هذا ما خرج من فم "عبير"  والتي اوقفته قبل أن يغادر،  تحدث أيضاً كل من "ريناد" و "دنيا" بنفس واحد: 

_لا يمكن نسيب الفيلا دي آخر ذكرى من روح جدو

بصرامةٍ حملق بهم،  رفع حاجبيه ثم أشار لهم بأمر: 

_هنروح ودا لمصلحتكوا كلكوا ومتخافوش الفيلا الجديد بتاعت جدي وذكرياته كلها فيها. 

تشاجروا جميعاً أمام "مرام"  التي تحدق به بصدمة،  تفكر هل لصاحب القلب الطيب أن يتحول للقسوة بلحظة،  فاقت على انتهاء الموضوع هذا بانتصار "مالك" في اقناعهم،  لم تقدر على الجلوس أكثر حيثُ صدر رنين هاتفها برسالةٍ ما، قامت من مكانها وقالت باستئذان: 

_طب همشي أنا سلام

رفعت "دنيا" رأسها بصدمة،  تستغرب رحيلها الباكر، أمسكت أناملها وردت برجاءٍ: 

_اقعدي شوية 

انحنت، مرام" قليلاً لتقبل رأسها وتهمس لها بـ: 

_معلش يا "دنيا"  لازم أمشي وهجيلك تاني والله بس في الفيلا الجديدة إنتوا بتستعدوا للنقل. 

أومأت "دنيا"  رأسها،  توافقها على حديثها،  مما جعل "مالك" يقول باستعجال: 

_طب يالا هوصلك في طريقي

_لا السواق برا متقلقش

_عاوزك يالا مستنيكي في عربيتي 

لا تعلم لِمَا يعاند بكل شيءٍ، هي لا تريد أن تغادر معه، تبغضه حين يكون غاضب، لا تريد أن يتدخل في حياتها ويتعامل معها بصرامة،  لا تحب من يأمرها،  تفضل ألا يكون بحياتها قيود. 

خرجت وراءه ومازالت عند رأيها،  سترحل بمفردها في سيارتها،  كان يقف ينتظرها،  تحدثت به بنبرة جادة: 

_كنت عاوز إيه يا "مالك"  





وضع نظارته على مقلتيه بوقار،  ثم أشار لها أن تصعد ولكنها قالت بحزمٍ: 

_معلش يا "مالك"  هروح في عربيتي أنا عندي مشوار تاني وبعدين هروح. 

_مشوارك فين؟ 

تلعثمت قليلاً قبل أن تجاوبه بـ: 

_حاجة شخصية 

_اممم طب اركبي وإلا مش هيحصلك كويس 

تأففت بشدة من طريقة تعامله معها،  صعدت بالسيارة،  ليحرك مكبحها وينطلق بها.. 

......................................................................... 

_لو سمحتي عندي معاد مع "جبل"  بيه

هذا ما قالته "ملاك" فور وصولها لمكتب "جبل" والتي إنذهلت من كبر حجمه، الطابق باكمله له فقط، كانت تحدق بالمكان بـ اِنبهار شديد، انتبهت بهذه اللحظة إلى رد السكرتيرة التي قالت ببسمة صغيرة:

_آسفة يا فندم للآسف الشديد الباشا عنده شغل فلو حابة تستنيه اتفضلي مش حابة خدي معاد جديد 

تأففت بشدة، كيف له أن يكذب، ما الانشغال الذي أصابه في تلك اللحظة، معادها بهذا الوقت، كيف له أن يتحجج حتى يهينها، لا يحترم مواعيده، جلست تنتظره، ساعة تليها الأخرى لتصبح الثانية عشر ظهرًا، التعب اشتدت عليها، حست بأن هناك دوران يدور بجمجمتها، أغمضت عينها بتعب ثم وضعت يدها على أنفها، ابتلعت ما في حلقها لتقوم من مكانها وتقول بحنق للسكرتيرة:

_تلت ساعات أنا هنا معادي الساعة 8 ونص كل دا مشغول لاحظي إني مش فاضية عندي مواعيدي 

بكل برود ردت عليها السكرتيرة بـ:

_يا فندم دا شغلي و"جبل" باشا عنده شغل أما يخلص هيطلع

_اممم

تلك الحركة فعلتها من فمها قبل أن تقول بكبرياء:

_تمام وأنا همشي ومش هرجع هنا تاني بس هكتب اللي حصل في الصحافة وهقول إن "جبل" المنشاوي مش بيحترم مواعيده فازاي بينجح ممكن يكون بينجح بالخداع 

_لا بس "جبل المنشاوي" بيلتزم بمعاده غير مع الناس اللي بيحترموا وجوده تمام اتفضلي أنا خلصت شغلي 

هذا ما خرج من فم "جبل"  الذي خرج وسمع حديثها لتحملق به "ملاك" بغضب وترد بـ:

_لا شكراً أنـ...

لم تكمل كلامها حيثُ وقعت مغشى عليها، ليصرخ بها "جبل" بجمود:

_"ملاك"!!

........................................................................

_مش ناوية تقولي فين مشوارك دا!

كان هذا ما أردفه "مالك" بغضب،مما جعلها ترد عليه بتمرد:

_لا 

صرخ بوجهها بعد أن أوقف مكبح سيارته ليجعل جسدها يفقد توازنه ويندفع للأمام لولا حزام الأمان لكانت رأسها انجرحت، حدقت به بفزعٍ ثم وبعلو صوتها قالت:

_إنت غبي يا "مالك" لو موت جدو خلاك تبقى مريض نفسي يبقى على نفسك فاهم ولا لا

_لا..!





كانت هذه كلمته الذي أخرجها من فمه ببرود شديد ليكمل بعدها حديثه بانفعال:

_أنا عارف اللي بيحصل أوعي تكوني فاكرة إني نايم عن تصرفاتك 

حملقت به بغضب ومن ثم قالت بجموح:

_وبصفتك مين عشان تكون نايم أو صاحي على اللي بيحصل مين إنت يا "مالك" عشان تصرفاتي متعجبكش أخويا أبويا لا 

لوى ثغره بسخرية ليرد عليها بعد ذلك بيقينٍ:

_لا ولا أخوكي ولا أبوكي بس خطيبك اللي هيتجوزك واللي طلب إيدك تمام

قهقهت بشدةً حيثُ أن حديثه كان كمزحة بالنسبة لها، ردت على حديثه بنبرةٍ ساخرة قائلةٍ: 

_واو بجد طلبت إيدي وأنا مش موافقة خالص أنا وإنت مش هينفع نرتبط تاني خلاص خلصنا 

جز على نواجذه بغيظ شديد فى حديثها لم يعجبه،  تحدث بعصبيةٍ: 

_والله وليه إن شاء الله هو أنا عملتلك إيه لكل دا عرفيني بقى 

وبأعين دامعة أجابته: 

_إنت عارف كويس إنت عملت إيه يا "مالك" نزلني لو سمحت 

قهقه "مالك"  بشدةٍ فحديثها جعل غضبه يزداد، رفع سبابته بوجهها ثم قال بتوعد: 

_أقسم بالله يا "مرام"  وبأقسم كمان بحبي ليكي لهتجوزك وهتشوفي بس أشوف المشاكل اللي فوق رأسي وهتلاقيني فوق رأسك

رفعت "مرام"  حاجبها باستغراب وقالت بتساؤل: 

_واللي هيبقى إزاي  قولي عشان أبقى واخدة باللي ونبي قول عشان أبقى عاملة حسابي بس 

بتلك اللحظة فضل أن يرد عليها بخبث حيثُ أنه فتح ذراعيه وأشار لقلبه وقال بعشقٍ متيم: 

_داخل حضني وعلى سريري اللي هيكون سريرك وفي شقتنا وعلى سُنة رسول الله وهتشوفي يا

ثم وقبل أن يكمل كلمته توقف حتى يغمز لها يأعينه ويقول بعد ذلك: 

_عروسة يا عروستي الحلوة يالا وصلنا إنزلي 

بعد أن أوقف مكبح سيارته أمام منزل ال منشاوي،  صمت إلى أن نزلت من السيارة ثم مد شفته للأمام وقال بتحذير قاتل بعد أن رفع نظارته الشمسية: 

_تطلعي فوق ولو عرفت إنك نزلتي هطلع خنقتي عليكي ومتقلقيش السكن الجديد هيبقى قريب منكوا.

..................................

يتبع

 الفصل الرابع

(النمر الجامح) 

نظر إلى موظفة الإستقبال الخاصة به وبغضبٍ شديد قال: 

_إنتي هتتفرجي إتصرفي! 

تلعثمت الموظفة في حديثها حيثُ لا تعلم كيفية علاجها: 

_ما ما ما.. 

_هتمامائي كتير عادي نسبها تموت ونسمع الماء بتاعتك

هذا ما قاله "جبل"  باِنفعالٍ شديد،  لتتقدم الموظفة نحو "ملاك"  وتحاول أن تيقظها حيثُ أنها أخرجت من حقيبتها زجاجة عطرها وبدأت بايقاظها به ولكن بدون جدوى حيثُ أنها كالميتة  بهذه اللحظة صرخ بها "جبل"  بقسوةٍ ومن ثم قال بصوت عالٍ: 

_كفااية بس بقى جبتيلي العصبي الريحة دي تقرف وعمالة ترتعشي دا اللي تعبانة مش بتعمل زيك أمشي من وشي! 

ثم وبحركة مفاجئة حمل "ملاك"  بين يديه وأسرع نحو المصعد الكهربائي لينزل إلى سيارته كل هذا بملامح صلبة،  جعلها تجلس بالمقعد الأمامي ثم وضع لها حزام الأمان ليسرع بها إلى أقرب مشفى. 

.................................................................. 

حدقت به بذهول،  هي تريد أن تخرج من هو حتى يمنعها تحدثت بغضبٍ شديد: 

_لا أنا ورايا مشوار وإنت ملكش فيه أمشي أقعد أتجوز أطلق ملكش دعوة يا أخي أنا مش هتجوزك وملكش دخل فيا عن إذنك

أعطته ظهرها فأمسكها من معصمها فتقيدت حركتها،  شعرت بأنه سيخنقها بعد جرائتها  لكنها تشجعت واستدارت  له تحملق لمقلتيه بثقة حتى تسمع ما يريد حيثُ قال بنبرة تحمل يقين بحديثه: 

_أوف إنتي صعبانة عليا أوي والله عشان اللي قولته هو اللي هيحصل تمام يالا متنزليش 

قهقهت بشدة ولم تبالي له حيثُ وبعلو صوتها قالت بأمر للخادم: 

_حضر لي العربية التانية عشان رايحة مشوار مهم جداً 

كور "مالك" يده ثم قال بسخرية: 

_على فكرة كل ما تكوني عنيدة دا مش في صالحك أبداً تمام يا قطة

تأففت بشدة فهي تبغض هذه الكلمة الذي يناديها بها شعرت بأن الدماء تجري بعروقها فقالت بصراخ: 

_قطة في عينك يا بيه والله كنت محترمة نفسي عشان بس حالتك بس إنت واللي بتعمله يخلوني حتى ما عملش إعتبار ليك 





ابتسم "مالك"  بإستهزاء ثم قال يتوعد لها: 

_أنا عارف إنتي رايحة فين بس صدقيني دا غلط تمام ولو روحتي هتتحاسبي أوي خلاص وبلاش العند اللي فيكي دا

قولت زفت لا 

بعد ذلك نظر إلى ساعة يده وانتبه أن هناك مواعيد تنتظره فأردف حتى ينهي حديثه: 

_أنا ورايا شغل همشي دلوقتي وخليكي فاكرة كلامي تمام يالا سلام.. 

رحل من أمامها تحت نظراتها المتمردة،  وبالفعل نفذت ما تريد حيثُ صعدت السيارة وأمرت السائق بـ: 

_روح شارع روكسي يا سطا محمد وبسرعة عشان متاخرة

أومأ السائق بطاعة up ثم حرك مكبح محرك السيارة منطلق بها إلى المكان المطلوب... 

..................................................................... 

حاولت أن تكون بجانبها،  تريد التقرب منها،  تتمنى أن تثق بها،  دلفت غرفتها التي تجلس بها وكأنها مسجون حكم عليه بخسران شبابه ولكن الفرق بأنها لم تفعل شيء مظلومة وسجنها هذا كالغابة يملأها الحيوانات المفترسة التي تنهش في لحمها،  كانت شاردة مما جعل "لميس"  تتحدث بحنو لعلها تنتبه لها: 

_الحلو قاعد لوحده يعني

انتبهت لها السيدة "فوقية"  مما جعلها تبتسم بسخرية وترد عليها ببرود: 

_عاوزاني أقعد مع مين مجانين وأكون زيهم عشان اللي زيك واللي زي أي دكتور هنا عاوز كدا. ولا عاوزاني أقعد مع الدكاترة وأكون ناسية إنكوا جزء كبير أوي في خراب حياتي وتحويلها لجحيم شوفي إيه يرضيكي وأنا هعمله. 

تنهدت "لميس" بحرارة لتجلس بعد ذلك بجانبها وتردف بهدوء: 




_ليه مش مصدقة إني حابة أساعدك حابة أخرجك من هنا صدقيني أنا زي بنتك وخلي بالك لو كان عندك بنوتة قدي كنتي هتحبيها أوي فحبيني بقى 

تجمعت الدموع في مقلتيها حين تذكرت الماضي و ابتسمت عندما جاء في مخيلتها مشهد لصغيرتها حيثُ كانت في منزلها وابنتها الوحيدة التي تبلغ من العمر خمس أعوام،  نادتها بقوة: 

_تعالي هنا إشربي لبنك طيب مش مهم الأكل 

وقفت الصغيرة وبحركة طفولية لا تعلم معناها وضعت يدها بأعلى خصرها الصغير وقالت بتمرد: 

_لا مس هاجي خيص أنا مش عاوزة الأكل هو مفيس غيره إيه ايخامة دي (لا مش هاجي خالص أنا مش عاوزة الأكل هو مفيش غيره إيه الرخامة دي) 

قهقهت "فوقية" على أفعال الصغيرة،  إقتربت منها وقالت بحب: 





_أيوا يا حلوة مش الأكل دا هيخليكي كبيرة وحلوة 

ضربت الصغيرة يدها برأسها لتقول بغضب طفولي: 

_لا يا مامي أنا مش عايزة اتخن وابقى عاوزة أعمل رچيم كدا أحسن بكتير والله 

لم تسطيع "فوقية" منع نفسها من الضحك مما جعل صغيرتها تقول بانفعال: 

_متكلمنيش تاني خيص يا مامي بتعيبي عليا إخص عليكي والله مخصماكي 

شهقت "فوقية" لتمسك بعد ذلك بأنامل ابنتها لتردف بحب: 

_طب بذمتك في حد يزعل من مامي وبعدين أنا مش بضحك عليكي بس أنا شايفة إن حكاية الرچيم دي كبيرة عليكي وبعدين متقلقيش عودك هيطلع فرنساوي يالا كلي

فاقت "فوقية" على صوت "لميس" التي كانت تقول بعلو: 

_"فوقية"هانم روحتي فين




 

حدقت "فوقية بها بحدة فكيف لها أن تجعلها تفيق من ذكرياتها الجميلة،  صرخت بها بانفعال وقالت: 

_إمشي من هنا بقى غوري عمرك ما هتكوني زي بنتي إنتي فاهمة 

كانت سترد عليها ولكن جاء حارس خاص بحماية الغرف وأخبرها بـ: 

_دكتورة  " لميس" دكتور "محمد"  عاوز حضرتك ضروري 

أومأت برأسها وقالت بأمر: 

_تمام روح إنت وأنا جاية وراك يالا 

_حاضر

خرج العامل وكادت "لميس"  أن تخرج ولكن وقفت حين سمعت "فوقية"  تقول بسخرية: 

_روحي رئيس العصابة عاوزك عشان يقولك التعليمات بقى لا مش الرئيس نائب الرئيس روحي ومتنسيش تتفقي على الفلوس اللي هتاخديها 

ابتسمت "لميس" بثقة ثم خرجت من الغرفة تحت نظرات "فوقية"  الغاضبة... 





........................................................................ 

وصل بها إلى المشفى،  أسرع نحو الإستقبال وبهدوء قال: 

_أغمى عليها وهي في شركتي وعاوزين نشوف إيه اللي حصلها 

جاء الموظف ومعه سرير متحرك ليسرع بها لداخل غرفة الكشف،  أعطته الموظفة ورقة وقالت: 

_سجل البيانات يا فندم. 

تأفف  "جبل"  بحنق لياخذ منها الورقة ثم قال بضيق: 

_لا بس إنتي حلوة أنا بقولك معرفهاش يعني كانت في مكتبي صحفية وجاية تأخذ معلومات مني 

قهقهت الموظفة بشدة ومن ثم ردت عليه بنبرة عاشقة: 

_لا يا فندم بس حضرتك يعني جبتها شايلها واو وبطريقة رومانسية فقولت أكيد إنت بتحبها 

ابتسم بسخرية ثم تحول وجهه إلى الغضب وقال بجموح: 

_إنتي هبلة صح لا هو تفكير الستات كلها ضيق الصراحة والله فعلاً 

صمتت عن الحديث فحديثه جعلها تصمت،  مما جعله يقول بأمر: 

_خدي أنا كتبت اسمها شوفي الحساب كام وشوفيلي الدكتور اللي هيكشف عليها فين خلينا نخلص يالا. 

أومأت الموظفة برأسها بعد أن قالت بضيق: 

_خلاص بس براحة يا فندم علينا مكنوش كلمتين يعني اتفضل الدكتور اللي هيتابع حالتها هناك أهو 

لم يقول شيء وتركها ورحل من أمامها،  دلف مع الطبيب الغرفة وتابع الفحص،  حاول أن يكون غير مهتم ولكن شكلها المريض أجبره ينظر لها حيثُ أنه يرى أن وجهها بريء فبرغم من أنها الوحيدة التي تحدته لكنه يرى فيها شكل شقيقته الطفولي... 

انتبه حين قال الطبيب الذي ابتسم بسمة صغيرة حتى يجعله يطمئن: 

_لا اطمن بس المريضة عندها فقدان شهية كبير ومش بتأكل كويس فطبيعي لازم تقع من طولها. 

تنهد "جبل"  بحرارة ثم قال: 

_طب هي هتفوق إمتى 

_بص أنا علقت لها محلول وهكتب لها على علاج يفتح الشهية  ويخليها قادرة تقف على رجلها تمام وهي هتفوق كمان شوية ربنا يخليهالك يارب عن إذنك 

رفع "جبل" حاجبه باستغراب وقال بصوت غير مسموع: 

_حتى الدكتور شكله بيتفرج على هندي باين أوف الواحد مش هينفع يسبها لوحدها أول مرة أتحط في موقف زي ده مودياني على فين يا ست "ملاك" 

.........................................................................

_بابي أرجوك بلاش تخليني أسافر





كان هذا حديث ابنته والذي كان يتردد في رأسه حين يتذكره، تحدث مع زوجته بحزنٍ: 

_البنت وحشتني بس اللي هي عملته والسهر اللي كانت بتسهره يخليني أعمل كدا دي غلطت مع "جبل"  المنشاوي اللي هانها وقلل منها ومني 

ابتسمت زوجته قبل أن تقوم من مكانها متجهه إلى المنضدة الموضوع عليها الكثير من الخمور وقالت بخبث: 

_شوية وهترجع تاني ومسألة "جبل" فهي هتتحل أما بالقتل أو نعمل كدا مع حد بيعزه جدا زي مثلاً أخته أو بنات عم "مالك" صديقه هو كدا هيكون ممسوك من أيده اللي بتوجعه بنتك أحسن منهم في إيه كلهم بيسهروا




إقتنع بحديثها نوعٍ ما ثم قال بأمر: 

_عندك حق شيلي المشروب دا في صحفية جاية عشان تشوف إزاي قدرت أخسر الصفقة فأنا هلبس وهكون راقي في كلامي بس مش عاوز مشروب واحد عشان تشوف إني كويس.. 

اقتربت منه زوجته وبدلال قالت: 




_كاس واحد بس مش هيعمل حاجة

ابتسم من أجلها ثم أخذ منها كوب المشروب،  وبدأ يتناول واحد يليه الآخر حتى أضطرب عقله وفقد إداركه نوعاً ما

...................................................................... 

وصلت منطقة "روكسي" وانتظرت في المطعم الذي ستتقابل فيه مع الطرف الآخر،  وما هي إلا دقيقتان ودلف شاب يتميز بالعيون العسلية،  نحيف الجسد،  قامته متوسطة الطول،  عمره في الخامس والعشرون،  يرتدي ملابس بسيطة،  ابتسمت له وقامت حتى تستقبله: 

_أهلا يا "أحمد" 




رد عليها "أحمد"  بخجل: 

_إزي حضرتك يا أستاذة "مرام" 

رفعت "مرام" حاجبيها باستغراب لتقول بتواضع: 

_بلاش أستاذة دي أقعد يا "أحمد"  

جلس " أحمد " على المقعد المقابل لها،  طال الصمت بينهما فحاولت "مرام"  أن تزيل هذا الحاجز وتتحدث حيثُ قالت ببسمة صغيرة: 

_تحب تأكل إيه يا "أحمد"  

_ولا أي حاجة بس أنا حابب أقولك إني والله بحبها 

هزت "مرام"  رأسها بتفهم ثم قالت بحنو: 

_والله أنا عارفة ولولا كدا مكنتش جيت وقابلتك أبداً إنت فاهمني طبعاً 

أومأ برأسه يوافقها على ما تقول،  رد عليها بحزنً جم: 

_خايف أكون مش قد المقام ليها خايف أوي أنا شغلي على قدي واحد بيشتغل بايده وسنانه عشان خاطر يخلي أخواته الصغيرين مش ناقصهم حاجة وفي نفس الوقت عاوز أشوف حالي واتجوز البنت اللي حبتها بس مين 

هيرضى بيا  




ابتسمت "مرام"  بسمة تجعله يطمئن ثم قالت باقتراح: 

_ماتقلقش أنا هتوسط لك في شركة أخويا أو بابا أو حتى شركة "ال عزمي"  وتشتغل بمبلغ كويس وتبني نفسك وتتجوزها

لاح ثغره ببسمة السخرية ليقول بعد ذلك: 

_وهل دا إقتراح يا "مرام"  مش هينفع هو الفقير لو اشتغل عند الغني ممكن يتقبل ولا هيفضل برضه مش قد المقام متشغليش نفسك بيا... 

.........................................................................

فاقت "ملاك"  من اغمائها فتحت عيناها بتثاقل وبصوت منخفض قالت: 

_أنا فين وإيه اللي حصل 

انتبه لها "جبل"  فأسرع نحوها وقال بصوته الرجولي: 

_في المستشفى وقعتي من طولك وأنا جبتك هنا

تحسست جمجمتها من التعب ثم قالت برجاء: 

_طب أنا عاوزة أمشي من هنا يا أستاذ "جبل"  مش بحب المستشفى

ابتسم "جبل" فهي تشبهه في هذا  واصل حديثه بهدوء: 

_طب نشوف الدكتور ونروح أي مكان تاني ووصلك البيت 

رفضت بشدة حيثُ قالت بحنق: 





_ورايا شغل وكان زماني خلصته بس بسببك معرفتش 

حدق بها "جبل" بعصبية ليقول بعد ذلك بانفعال: 

_لا يا ماما أنا  مقولتلكيش متأكليش وتفقدي الشهية ولا إيه... 

ردت عليه "ملاك"  بنفس نبرة صوته بالحديث وقالت: 

_بس خلتنى أقعد تلت ساعات مستنية على الفاضي مع إن معادي على تسعة إنت متخيل كان زمان روحت لـ "حمدي"  بيه أعمل إيه دلوقتي 

انتبه للاسم جيداً فانقلبت ملامحه للضيق وقال بحدة: 

_هو راجل مش كويس ولا يعرف عن الإحترام شيء فبلاش تروحيله

استغربت حديثه فقالت بحنق: 

_والله بلاش تكلمني عن الذوق والآدب والاحترام 

ابتسم "جبل" بسخرية ليقول بعد ذلك بسخط: 

_قولتلك قبل كدا أنا كويس مع الكويس معايا ومش محترم مع اللي مش محترم 





_بس أنا كنت عاوزك تعتذر مني وإنت اللي بدأت الأول بس عشان كدا بقيت زيك وديك قولت أنا قليل الآدب مع قليل الآدب ومحترم مع المحترم فهمت

مد "جبل" يده للأمام ثم قال باقتراح: 

_طب إيه رأيك نفتح صفحة جديدة وخلي بالك إقتراحي دا ما قولتهوش  لأي بنت غيرك. 

...................................................................... 

يتبع.. ♥

توقعاتكم الحلوة ♥

بقلمي أميرة أنور

     الفصل الخامس والسادس من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1