Ads by Google X

روايه أنا والمجنونة الحلقه الرابعه والخمسون


 أخيراً الفصل وصل يا بنات 


رواية أنا والمجنونة

الفصل الرابع والخمسون:-

     

فتحت أم مصطفى باب منزلها فاتسعت عيونها بصدمة كبيرة قائلة بذهول: نوال بنتي... وياسين... إيه المفاجأة الحلوة دي...!!!


ألقت نوال بنفسها بين ذراعيها وهي تحتضنها بحب قائلة بسعادة: وحشتيني أوي يا خالتو...ضمتها إليها بفرحة طاغية: وأنتِ كمان يابنتي وحشاني أوي ودي أحلى مفاجأة حصلتلي النهاردة.


ابتسم ياسين قائلاً: وأنا مش هتسلمي عليه ولا إيه...!!! ضحكت أم مصطفى قائلة: لا إزاي يابني إذيك... عامل إيه... تعالوا اتفضلوا إدخلوا.


دلف ثلاثتهم إلى الداخل وهي تضع ذراعها حول كتفي نوال قائلة: إنتوا متعرفوش زيارتكم دي فرحتني أد إيه.


جلس ياسين قائلاً: أنا عارف انك كنتِ أكيد عايزة تطمني على نوال فابتسمت له قائلة: طبعاً يابني نوال زي بنتي تمام.


فقالت لها نوال: وانا بعتبرك زي ماما بالظبط وأحسن كمان يا خالتو.

تنهدت قائلة لها: ربنا يسعدكم زي ما أسعدوتني بزيارتكم يا اولاد اعملوا حسابكم بقى مش هتمشوا غير لما تتعشوا معايا.


اومأت نوال برأسها قائلة لها: واحنا موافقين... مش كده يا ياسين، ابتسم لها قائلاً: وأنا اقدر أقدر لأ.


وقفت أم مصطفى في المطبخ تعد طعام العشاء وبرفقتها نوال قائلة لها بهدوء: ها يابنتي طمنيني عليكِ... ياسين أخباره إيه معاكِ.


احمر وجهها قائلة لها برقة: كويس أوي أوي ياخالتو اتغير كتير عن الأول... ابتسمت السيدة في وجهها قائلة لها: صحيح ربنا يفرحك يا بنتي انتِ تستاهلي كل خير وان شاء الله ربنا هيعوضك خير عن اللي شفتيه.


تأملتها للحظة قائلة لها: يارب با خالتو وده اللي بتمناه.... بعد قليل كان الطعام جاهزاً.

ووضعوه على المائدة ابتسم ياسين عند رؤيتهم قائلاً لها: إيه كل الأكل ده ماشاء الله... ده لوكل مرة كده هنيجي كل يوم.


هزت رأسها بالموافقة قائلة لها: وأنا موافقة ده انتو هتملوا عليه البيت بس ابقوا تعالوا وأنا اعملكم كل اللي انتم بتحبوه.


 كاد قلبها يختنق من صوته التي اشتاقت إليه ومن شدة هذا القرب الذي يعذبها به الآن قائلة ببرود: حاضر... ممكن بقى تسيبني علشان تعبانــ.... قاطعها جلال بغتةً وهو يضمها بين ذراعيه بقوة ولهفة.


قائلاً بهمس يكاد يكون مسموعاً: تتجوزيني يا مهجة....!!!! اتسعت عينيها بصدمة مضحكة قائلة بعفوية: عريسين يا ابووي.... في يوم واحد...!!! أبعدها عنه قليلاً يتفرس في وجهها قائلاً لها بدهشة: إنتِ بتجولي إيــه يا مهجة...!!!


دفعته من صدره بغتةً لتتهرب من الإجابة على سؤاله قائلة بقسوة: مش قلتلك قبل كده متلمسنيش.. قطب جبينه بضيق قائلاً لها بحدة: آني اللي غلطان علشان بجولك على اللي جوايا وحاسس بيه ناحيتك.


حبست مهجة دمعة حائرة داخل عيونها قائلة بألم: أيوة غلطان عارف ليه... لأن مطلبتش منك تقولي اللي جواك… ياريت تحتفظ بيه لنفسك وبس.


أمسكها من كتفيها بقسوة… مقطباً حاجبيه بحدة قائلاً لها بغضب: إنتِ إيــه إللي جواكِ ده ،مش جلب عادي اكده تحسي بيه.


صرخت به بصوتٍ معذب: أيوة أنا معنديش قلب أنا قلبي دفنته بإيدي من زمان أوي ومن فضلك بقى ابعد عني علشان تعبت النهاردة وعايزة أرتاح.


ابتعد عنها غير مستوعب ما تقوله قائلاً لها بحزم مختصر: طالما اكده آني عايز امشي من اهنه وبسرعة.


اتسعت عينيها بصدمة قوية محدقةً به بذهول وهو يتركها متجهاً صوب غرفته.... هوت على المقعد خلفها غير مصدقه أنه من الممكن أن يتركها وحيدة مرةً أخرى... في عذابٍ من جديد.


أغمضت عينيها بحزن … مندفعة دموعها بالهطول قائلة لنفسها: فوقي يا مهجة فوقي... ما هو لازم يحصل كده علشان يتعالج زي شريف ما طلب منك.... بس إزاي هيمشي كده من غير ما انتقم منه وأعذبه زي ما هوه عذبني كتير.


إزاي ههون عليه تاني يرميني كده للحرمان والعذاب من تاني، مسحت دموعها بسرعة عندما شعرت بحركته العنيفة داخل حجرته، ومرةً واحدة استمعت إلى صوت كسر شيء ما بداخلها.


أسرعت تركض باندفاع ناحية غرفته بكل خوفها عليه، لترى ما يحدث بالداخل، وجدته يُلقي بالأرض أي شيء زجاجي أمامه ومعظمه مهشم على الأرض إلى قطع صغيرة متناثرة في وسط الغرفة.

اقتربت منه بهلع قائلة بفزع: إيه اللي انت بتعمله ده... رمقها بغضب شرس قائلاً لها بانفعال: امشي اطلعي برة... برة، مش عايز أشوف وشك تاني اهنه واصل فاهمة.


هزت رأسها بالنفي واقتربت منه بتلقائية تمسكه من ذراعيه قائلة بقلق: طب إهدى الأول يا جلال وأنا هعمل اللي انت عايزه.


هدر بها قائلاً بنرفزة: إنتِ هتجنينيني بجولك اطلعي بره، أنا تعبت... تعبت، مبجتش فاهمك ولا فاهم أي حاجه ولا خابر آني مين وجيت منين.


انهمرت من عيونها دموعاً غزيرة وضمته إلى صدرها بحنان قائلة بوجع: أرجوك إهدى وانت أكيد مع الوقت هتعرف وهتفتكر كل حاجه، دفعها خلفها على الفراش بعنف قائلاً بانفعال: إنتِ إيـــه... مبتفهميش بجولك مش عايز أشوفك اهنه.


ابتلعت ريقها بصعوبة وظهرها يؤلمها كثيراً من دفعه لها هكذا ثم اقترب منها بغتةً بسرعة وجذبها من مرفقها بكل قسوته إلى خارج الغرفة وألقى بها على الأرض بكل قوته.


صرخت من شدة الألم التي شعرت به، ووضعت يد على ظهرها واليد الأخرى على بطنها، شاهقةً بذعر قائلة بألم وبأنفاس متقطعة: ابني … ابني...حرام عليك.... لم تستكمل باقي جملتها فقد أغشى عليها في الحال...


أفاق جلال من غضبه العارم هذا، على فقدانها للوعي أمامه على الأرض.

أسرع إليها بخوف وجثى على ركبتيه بجوارها، ورفعها إليه بذراعه الأيسر من وراء ظهرها إلى صدره محتضناً إياها بقوة ممتزجة بتوتر قائلاً بفزع: مهجة فوجي رُدي عليه.... آني آسف مجصدش اللي عملته دلوك غصب عني.


تحسس وجهها بخشونة كي تستيقظ من غيبوبتها مردفاً بجزع: مهجة أرجوكِ فوجي علشان خاطري أني غلطان... متسبنيش يا مهجة متسيبنيش.


صمت برهةً وعينيه تدمعان من أجلها وتهبط على وجنتيها مستكملاً برجاء: مهجة لاه... اوعاكِ تفرطي فيه بسهولة اكده....آني زي اليتيم من غيرك... آني غرجان وانتِ شط أمان بالنسبة بالي.... آني محتاجك جوي جوي يا مهجة في حياتي اللي ملتيها في وسط فراغ إسود كبير حاسس بيه.


ولم ينتظر كثيراً في أن تستيقظ بل حملها بين ذراعيه وذهب بها إلى طبيبتها المتابعة لحالتها.


فحصتها الطبيبة بفزع قائلة له: مين اللي عمل فيها كده ومع حالتها دي... هز رأسه بتوتر قائلاً لها بارتباك: آني كنت بتحدت وياها وفجأة لجيتها وجعت بالأرض مغمى عليها.


زفرت الطبيبة قائلة: إنت متعرفش إن أي انفعال وحش عليها وعلى الجنين، ضم شفتيه بضيق قائلا بحنق: لا مخبرش شي واصل.


هزت الطبيبة رأسها متنهدة قائلة باستسلام: طب على العموم هيه بدأت تفوق أهيه وهكتبلها علاجها وتروح تجيبه من الصيدلية اللي في الدور الأرضي بسرعة.


أمسك من يدها الورقة قائلاً بارتباك: حاضر... دجيجة وراجع تاني، أثناء غيابه أفاقت من غيبوبتها قائلة بضعف: آني فين... جلال.... جلال... ابني... ابني.


ابتسمت لها الطبيبة قائلة: حمد لله على سلامتك إيه ده... كل ده نوم، فتحت عينيها ببطء فوجدت الطبيبة في وجهها تحدثها.


فتلفتت بصدمة حولها قائلة بفزع: أنا فين.... وإيه اللي جابني هنا، تنهدت الطبيبة قائلة : متقلقيش... إنتِ بخير دلوقتي، بالرغم من الضغط واطي شوية.


تحسست بطنها بقلق قائلة لها: وابني.... ابني عامل إيه..؟ ابتسمت لها لتطمئنها قائلة بهدوء: متخافيش ابنك بخير، اطمني.


وقبل أن تسأل على جلال وجدته يدخل إلى غرفة الفحص، وعينيه تحدقان بها بقلق، وعندما رآها اتجه نحوها بتوتر قائلاً بلهفة: كيفك دلوك يا مهجة.


أشاحت بوجهها بعيداً عنه وقلبها يختنق من ذكرى ما فعله بها ولم تجيبه، شعر بالضيق من هذا التجاهل، ثم إلتفت إلى الطبيبة قائلاً لها: العلاج آني جيبته زي ما جلتي.... وطمنيني عليها وعلى ابنها.


تأملته لبرهةً صامته ثم قالت له بهدوء: طب كويس ورهوني.... واطمن هيه وابنها كمان بخير...


ناولها جلال الأدوية، وعينيه تتفحصها بصمتٍ وأسف، فقالت له الطبيبة: الأدوية دي كلها لازم تاخدها في ميعادها... وتخلي بالك منها كويس أوي، وابعدها عن أي توتر... تتعرض له تاني، وخلي بالك من أكلها كويس.


هز رأسه بالموافقة قائلاً لها بهدوء:- حاضر هنفذ كل اللي جولتي عليه، متجلجيش يا دكتورة.


تجمدت نظرات يحيى على وجه والده بصدمةً كبيرة ولم يقوى على النطق… فقال والده بهدوء ظاهري: أنا خابر زين إنك متفاجيء بالموضوع بس الظروف أوجات كتيرة جوي بتحكم علينا بحاجات كثيرة مكناش نتوجعها….


زفر يحيى بحرارة غاضبة قائلاً لنفسه: علشان بدل مصيبة واحدة تبجى مصيبتين… هب من جوار والده قائلا له بضيق: آني مش موافج يا ابوي… كيف بس وانت خابر زين غيرة العمدة الله يرحمه على حاجه تخصه.


واجهه قائلاً له: طب يعني نسيب ابن اخوك يتربى بعيد عنا اكده.


تنهد بحنق قائلا له بيأس: ومريم يا ابوي اللي كاتب كتابي عليها دي أضحك عليها وأطلجها ترضاها لنور بتك.


انزعج اسماعيل من حديثه قائلاً له بنفاذ صبر: ومين جال إنك هطلجها بس، احنا عمرنا ما نظلم بنات الناس معانا… وعلى العموم آني عمري ما هغصب عليك بس لازم تفكر في ابن اخوك بردك.


صمت برهة قائلاً له بجدية: يا ابوي ده آني من أدبي مكنتش بجدر أرفع عيني فيها، وخابر جوي جد إيه أخوي كان بيغار عليها أجوم آني اتجوزها.. ولا مريم يا ابوي مجدرش اتجوزعليها واصل وكمان أني جلبي وتفكيري كله وياها وبس.


ذم الأب شفتيه بضيق قائلاً له بحزم: آني بردك مش هستعجلك وخد وجت وفكر.


وقف يحيى في شرفة حجرته قائلاً لنفسه بمرارة: وبعدين يارب أعمل إيه بس… علشان طفل لساته مجاش للدنيا… أظلم مريم اللي من غيرها آني ولا حاجه وحياتي ملهاش عازة واصل.


زفر بقوة ثم اردف بغضب: أني حاسس إني مخنوج جوي ومش خابر كيف اتصرف… في المشكلة دي واصل.


قاطع حبل استرساله مع نفسه رنين هاتفه… امسكه ليرى من المتصل… وجدها مريم.


لم يرد عليها أول مرة، فكيف يحدثُها وهو يشعر بأنه في طريقه للخيانة لها ولحبها الواضح بجلاء في عيونها التي تحدقان به بخجل دائماً من كثرة ما تحمله له من حب وعشق….. رن الهاتف مرة أخرى بإصرار وكانت هي أيضاً.


أغمضت عينيها متنهدة بحزن قائلة بجزع: يا ترى ليه مش بترد عليه يا يحيى.


لم يمهلها الوقت كثيراً للحزن والتفكير…. فبعد قليل وجدته يرن عليها… قائلاً باختصار: استنيني بكرة ضروري هعدي عليكِ هنخرج سوا… وقبل أن تعترض أو توافق.


أغلق يحيى الخط، صُدمت مريم من طلبه هذا متسائلة ماذا حدث لكل هذا…. إنها كثيراً لا تفهم ماذا يريد منها…. ولا مشاعره الغامضة لها بالرغم من أنها تشعر بأنه يهيم بها عشقاً…. إلا إن هذا العشق، دائماً ما يلفه الغموض.

 


في اليوم التالي جلس يحيى مع مريم في أحد الأماكن العامة… لكنها هادئة شيئاً ما.


جلست بجواره تتأمله بصمتٍ وحيرة قائلة بتساؤل:- في إيه يا يحيى ما تحدت، من ساعة ما جينا اهنه وانت ساكت.


تنهد وهو يتطلع إليها بنظراتٍ حائرة، لم تفهمها مريم…. تساءلت مرةً أخرى قائلة:- هتفضل ساكت اكده كتير… اتحدت معاي آني جلجانه عليك.


ضمها إليه بغتةً بقوة بعد انتهاء كلماتها… دون أن يمهلها فرصة للإبتعاد عنه.


قائلاً بعذاب حزين:- محتاجك يا مريم جوي جوي في حياتي… اوعاكِ تتخلي عني!!!


ارتعش قلبها بضربات نبضه القوية قائلة بصدمة: جولي فيه إيه بس وآني أساعدك…. وعمري ما هتخلى عنيك واصل.


أغمض يحيى عينيه بقوة، مشدداً عليها بقوة أكبر وهي بين ذراعيه… تحاملت على نفسها ولم تخرج آهة ألم واحده.


قائلا لها بتحذير:- وإياكِ تبعدي عني واصل…  خابره…. إن عملتيها منيش خابر آني ساعتها هعمل إيه وياكِ.


شعرت بداخلها بأنه هناك أمر جلل قد حدث ولا يريد الإفصاح عنه… لذلك تفوه بهذه الكلمات.


ضمته إلى صدرها بكل حبها له، كأنها تطمئنه أنها لن تبتعد عنه أبداً قائلة له بقلق: يحيى طمن جلبك آني اهنه جنبك ومش هسيبك واصل… بس جولك مالك إكده، فيك إيه جولي.


أبتعد عنها قليلاً لكنه لم يتركها من بين ذراعيه قائلاً لها بضيق: طليجة أخوي رجعت من كام يوم للدار.


خفق قلبها بقلق وخوف قائلة بحذر: وليه رجعت بعد كل الوجت ده…. تأمل عينيها قائلاً بخفوت: علشان حبلى جات وجالتلنا اكده…!!!


ابتلعت ريقها بصعوبة وقد بدأت تفهم مغزى كلماته الآن…. وهي على درايه لما سيتفوه به وتعلم جيداً عادات وتقاليد بعض العائلات في الصعيد بزواج الشقيق من أرملة اخيه في حالة وجود أولاد أو حمل كما في هذه الحالة.


مما أصابها بهلع ورهبة شديدين قائلة بذعر: جصدك يعني…. يعني…. انك هتتجوزها مش اكده.


احمر وجهه من الغضب قائلاً لها باستنكار: آني استحالة أعملها واصل…  فقاطعته بحرقة قائلة له بقلبٍ موجوع: لكن لاه يا يحيى دي عاداتنا وتجاليدنا اهنه اللي منجدرش نهرب منيها…. طب… طب وآني يا يحيى مفكرتش هيحصلي إيه.


تنهد بألم وضمها إلى صدره من جديد بكل حبه إليها قائلاً لها بلهفة: اوعاكِ تجولي اكده آني عمري ما هسيبك واصل… آني مستعد أخسر أي حاجه في حياتي إلا أنتِ يامريم.


عرفت نوال بما حدث لمهجة عندما هاتفتها في نفس اليوم صدفة، فقررت أن تزورها…. لكن كيف وزوجها ياسين يغار من قوة صلتها به… وتحتاج إلى قوة كبيرة لديها لإقناعه.


ولكن كيف السبيل إلى ذلك فهو لا يتركها تخرج بدونه أبداً…. وجالساً معها طيلة الوقت في المنزل.


ارتدت نوال أفضل ما لديها بانتظاره عند صعوده من عند والدته بالأسفل وقررت مفاتحته…. لكن قلبها يخشى قراره… هي لم تنسى نظراته الغاضبة لها عندما جاءت مهجة لزيارتها مرة واحدة لتبارك لها زواجها… بعد عُرسها بإسبوع.


تنهدت بحيرة كبيرة من أمرها…. التي زادت بداخل قلبها ثم ما لبثت أن تحولت إلى قلق وتوتر عندما استمعت إلى صوت باب المنزل يُفتح بالمفتاح… ويدخل ياسين.


هنا علت خفقت ضربات قلبها… وتزايدت مع وقع اقدامه التي تخطو ناحية الحجرة.


تيبست في مكانها على الفراش لم تستطع القيام من مكانها.

ابتسم ياسين عند رؤيتها بهيئتها التي أُخذت بلبه… مقترباً منها وأقفها أمامه مباشرةً قائلاً بمزاح هامس: ماله الجميل الصغنن قاعد كده لوحده من غيري ليه.


ابتسمت بخجل قائلة له بارتباك: انا… أنا...كنت مستنياك هنا لغاية ما تيجي.


أحاطها بذراعيه من خصرها متأملاً لعينيها ووجهها ببطء قائلاً لها بعبث محبب: شكلي كده كنت غلطان لما سيبت القمر بتاعي قاعده لوحده وبعدت عنه ساعة.


زاغ بصرها بتوتر ولم تستطع ان تتفوه ببنت شفه…. طال صمتهما معاً وقرب وجهه من شفتيها ببطء… هامساً بصوتٍ متهدج:- أنا محظوظ إن قدري رماني في يوم كان ضلمة على السلم وقابلت الصغنون بتاعي اللي أول ما حست بيه صرخت لكن أنا بقى مسيبتش الفرصة تضيع مني…. بتر عبارته عندما وجدها ذائبة من كلماته لها…. مغمضة العينين، منتفضة الشفتين.


شعرت به يقبلها بروية لا يريد تركها…. لا يجعلها تريد تركه…. فتجاوبت معه، وأحاطت بذراعيها حول رقبته… منصتاً لصوت ضربات قلبها المتسارعة.


استغل ياسين هيامها به…. ودون أن يمهلها الوقت… حملها بين ذراعيه متوجهاً بها ناحية الفراش.


مع مرور بعض الوقت كانت نوال بين ذراعيه… لا يريد ان تبتعد عنه… ابتسمت له بشرود تحاول استجماع شجاعتها لتخبره بأمر زيارة مهجة.


مدت يدها مترددة على شعره تتحسسه بنعومه ورقة…. قائلة بخفوت: ياسين… ممكن أطلب طلب صغنن منك...!!!

تمعن في وجهها هامساً: قلب ياسين يؤمر وأنا أنفذ على طول.


تلعثمت هامسة بتردد: أنا… أنا... عايزة أروح أطمن على… على… مهجة وأزورها.


تجمدت يدها على شعره برعب عندما قال لها بخفوت غاضب:- إيه الكلام ده…. إزاي تسيبيني وتروحيلها كده بسهولة….


بهتت لرد فعله هامسة بتوتر خائف: ياسين أرجوك افهمني مهجة محتاجه اني أكون جنبها.


اشتعلت عينيه من الإنفعال وازاح يدها ودفعها بعيداً عنه…. ثم هب من مكانه واقفاً بجوار الفراش.

قائلاً بانفعال: وأنا مين يكون جنبي….ها…. ولا خلاص مبقاش في دماغك غيرها وبس…. ثم صمت برهةً مردفاً بقوله باستنكار متساءل: وأنا فين من كل ده نفسي أعرف…. ردي عليه…. ولا ارتباطك بيها عماكِ عن وجودي في حياتك


أغمضت عينيها بقوة تحاول جمع شتات نفسها …. من كثرة صدمتها من ردة فعله المنفعلة هذه قائلة له بتوتر: ياسين… انت كل حياتي…. مينفعش تقول كده ولا…. قاطعها بحدة غاضبة: نوال سبق وحذرتك اني هخلي نار قلبي تحرقك وانتِ شكلك مش مصدقة أنا أقدر أعمل إيه…. ودلوقتي.


وقفت نوال أمامه تحاول تهدئت الموقف من هذه النار التي ستحرقهما من جديد قائلة برجاء: ياسين افهمني… مهجة تعبانة ولسه جايه النهاردة من عند الدكتورة وانا مش طالبه أكتر من زيارة شوية صغيرين.


هزرأسه بقوة قائلاً لها بغضب: مش هفهم ولا عايز افهم وابعدي عني دلوقتي يالا…


أمسكت يده محاوله بائسة منها قائلة بحذر: ياسين أرجوك اسمعني…. قاطعها بجذب يده بقوة من قبضتها قائلاً بقسوة: الموضوع ده يتقفل وميتفتحش تاني... ويالا روحي حضري لينا العشا بسرعة.


مر يومان آخران وجلال يحاول على قدر المستطاع أن يعتني جيداً بمهجة كأنه يشعر بالذنب نحوها، لكن مهجة معظم الوقت لم تكن متقبلة لهذا الأهتمام… ودائماً ما تظهر له ذلك.


وهذا ما كان يشعره بالضيق في بعض الأحيان…. دخل إليها جلال في ذلك اليوم في غرفتها فوجدها متمددة على فراشها تستريح.


حاملاً صينية الطعام لها لتأكل قائلاً لها بهدوء: يالا جبتلك الوكل علشان تاخدي العلاج بعديها.


تأففت بحدة قائلة له ببرود جامد: مش واكلة ويالا شيل الأكل ده من قدامي بسرعة يا اما هرميه على الأرض.


حاول أن يضبط أعصابه جيداً يقوم بوصايا الطبيبة له وقام بوضع الصينية على الفراش بجوارها قائلاً بعبوس: مهجة هتاكلي يعني هتاكلي.... ويالا بدل ما أوكلك بيدي كِيف العيل اللي صغير.


اتسعت عينيها بغضب قائلة له بعصبية: اطلع برة يا جلال... أنا مش طايقة نفسي أصلاً، وياريت متبقاش تشغل بالك بيه تاني.


تنهد بنرفزة هذه المرة قائلاً لها بغيظ: فعلاً إنك مجنونة صوح…. وشكلي اكده بجيت أجن منيكِ.

 وبغتةً ألحق قوله بالعمل وأمسك فكها  بقبضته اليسرى بكل قسوة لديه.. وهو ينحني عليها… بنصفه الأعلى من جسده وقدمه اليسرى تحيط ساقيها  

و أخذ يزج في فمها الطعام دون أن يعطيها الفرصة للاعتراض على ذلك.

الواحدة تلو الأخرى بسرعة هاتفاً بغضب: طالما مش هتاكلي بيدك آني بجي هزغطك كيف ما بيزغطوا الوز والبط في الفلاحين.


اتسعت عينيها بصدمة كبيرة من إمساكه لها كأنه بالفعل يُطعم أوزه بالرغم منها... وكلما جاءت للتتحدث، يُلقي بقطعة أخرى من الخبز بفمها بقسوة مردفاً بنرفزة غاضبة: إنتِ مش جولتي ملكيش نفس تاكلي آني بجى هعلمك كيف تتفتح نفسيكِ على الوكل.


وشعرت بأنها ستختنق من كثرة الطعام داخل فمها قائلة بصوتٍ مخنوق: جلال إنت كده مش بتوكلني ده إنت كده هتموتني.


لم يجيبها إنما أبلعها جرعةً من الماء لتبتلع الطعام.... وبعدها استكمل ما يفعله حتى أفرغ الأطباق من الطعام وكلما أرادت أن تشرب يُسقيها بنفس الطريقة ويستكمل ما يفعله قائلاً بشماتة: علشان بعد إكده تحرمي تعانديني تاني وتفكري مية مره جبليها.


جاءت لترد انصرف من أمامها وأخذ صينية الطعام  والأطباق الفارغة…. وتركها وغادر الغرفة، تنهدت بضيق قائلة بغيظ: شايفه يا مهجة ده بقى مجنون رسمي نظمي... يا وقعتك السودة ده أنا لا خلصانه منه لا بجواز ولا بطلاق وطبعه هوه هوه متغيرش.


مر اسبوعان عليهم وحياة مهجة ما بين الكلية والمنزل والتدريب ولكن بصفة غير منتظمة بسبب تقدم حملها.


أثناء ذلك أيضاً دخلت واجتازت بعض البطولات الرياضية مع مدربتها وأخذت بها بعض المراكز المتقدمة... بالرغم من حملها كأن غرور جلال هو الذي يحركها.


 لفوزها بهذه المراكز… وهذا أعطاها ثقة بنفسها أكثر.


دخلت سعاد مهرولة ناحية غرفة المعيشة الجالس بها والد جلال وزوجته فاطمة وبصحبطهما يحيى 

قائلة بلهفة: الست مهجة جات يا ستي…. امتقع وجه الأخير عند سماعه اسمها… بعكس والديه الذي تهلل وجهيهما معاً عند سماعهم ذلك.


هبت فاطمة لاستقبالها… محتضنة إياهاقائلة بلهفة: إذيك يا بتي كيف حالك وصحتك إكده.


فقالت لها مهجة بتوتر: آني بخير يا اماي ، أفسحت لها المجال لتستريح وجلس بجوارها الحاج اسماعيل… 

لكن يحيى لم يستطع البقاء معهم وغادرها على الفور.

شعرت مهجة بنفوره منها، لكنها تجاهلت كل هذا قائلة: كيفك يا اماي كيفك يا ابوي.


رد إسماعيل قائلاً: احنا بخير يابتي… طالما إنك بخير وحفيدنا كمان بخير.


مع مرور الوقت صعدت إلى منزلها بالأعلى وبصحبطها نعيمة التي فرحت لرؤيتها من جديد.


في اليوم التالي بعد الغداء… جلست مهجة بصحبة إسماعيل قائلة له بهدوء ظاهري: يا ابوي أني فكرت كتير جوي في الموضوع اللي عرضته عليه من فترة.


تأملها قائلاً بهدوء حذر: وإيه جولك يا بتي…. تنهدت قائلة له بتأثر: بصراحة يا ابوي مجدراش أوافج… وآني هعيش لابني وبس زي ما جلتلك جبل اكده…. 

ومجدرش اتجوز تاني بعد العمدة… هبجى حاسه إني بخونه وبخون جلبي وياه يا ابوي.


ابتسم بحزن قائلاً لها بتأكيد: وآني خابر زين إنك هتجولي اكده…. وعلشان اكده آني جولتلك آني مش هغصبك على الجواز منيه… وخابر زين إن العمدة ما يتعوضش.


أومأت برأسها بالموافقة قائلة بحزن: فعلاً يا ابوي ما يتعوضش واصل.


زفر بحرارة قائلاً لها: على العموم يا بنيتي آني خلاص اكده مش هغصب عليكي تاني وزي ما اتفجت وياكِ المرة اللي فاتت، البيت التاني من حجك وحج ولدك ودي ورثتك منيه ده غير الأرض اللي هترثيها انتِ وابنك بردك بتاعت العمدة.


سعدت مهجة بداخلها فها هو انتقامها يتحقق التي كانت تدبر له منذ البداية، طالما تعتبر أنها ما زالت في العدة إلى أن تضع ولدها... ويحق لها الإرث طالما في أيام عدتها ومادام طُلقت رغماً عنها بعكس إرادتها…. وسيكون كل شيء بإسمها واسم ولدها من المنزل التي طُلقت به غدراً بعد أن أخل بعدم إلتزامه معها… غير منزلها بالطابق الثاني، وقاطع اسماعيل استرسال أفكارها وناولها اوراق إرثها والتي تُثبت حقها وحق ولدها وستكون وصية أيضاً على ولدها كما هو مُثبت في الأوراق التي بيدها.

قائلاً لها: ودي كل الأوراج يابنيتي اللي اتفجنا عليها من المرة اللي فاتت.

أخذتها منه قائلة بفرحة مكبوته: شكراً يا ابوي ربنا ما يحرمني منيك واصل.


ابتسم لها قائلاً: بس ياريتك توفي بوعدك بجى وتبجي تيجي تجعدي حدانا اهنه في البلد بعد ما تخلصي كليتك.


هزت رأسها بالموافقة قائلة له بجدية: وآني عند وعدي يا ابوي ومتخافش واصل.


دخلت مهجة في المساء إلى حجرتها ومعها الأوراق التي أخذتها قائلة بتشفي: حقك رجعلك يا مهجة… وحق ابنك وبكده جزء من الإنتقام اتحقق يا جلال بيه ولسه الباقي.


في ذلك اليوم أخبر اسماعيل بما فعله مع مهجة ولده يحيى وأبلغه بعدم موافقتها عليه قائلاً: آني جلت أخليك تهدى وخابر زين انك هتفرح بعدم موافجتها عليك.

تهلل وجهه بسعادة قائلا: ده أحسن خبر يا ابوي … ربنا يطمن جلبك زي ما طمنت وفرحة جلبي.


ابتسم له بحنان… ثم ربت على ظهره قائلاً لها: ربنا يفرحك يا ولدي على طول اكده وبإذن الله هنعمل فرحك على بت عبدالرحيم… مع فرحتنا بولادة ولد أخوك إيه جولك…. علشان تبجى فرحتنا فرحتين.


تهلل وجهه واحتضنه بغتةً قائلاً له: بجد يا ابوي… منيش مصدج… متشكر جوي جوي يا أبوي.

ضمه إليه والده قائلاً: آني مليش غير انبساطك يا ولدي ربنا يفرحك على طول اكده.


عادت مهجة إلى المنزل بالقاهرة ووجدت جلال نائماً على الأريكة… متمدداً عليها بضيق كأنه مل انتظارها.


وضعت حقيبتها على المائدة… ووقفت بالقرب منه تتأمله ما بين الحب والضيق.

قائلة لنفسها بتشفي: وأخيراً حججت حاجه بسيطة من انتجامي منيك…. ولسه.


وكادت أن تضع يدها على شعره متمعنه في وجهه ولكنه فتح عينيه بغتةً…. تفاجأت به هكذا فحاولت أن تبتعد عنه لكنه جذبها من يدها فسقطت على صدره قائلاً لها بغضب: اتأخرتي ليه اكده المرادي… اني مش جولتلك متجعديش أكتر من اسبوع عند أهلك…. أم تجعدي اكتر ومتسمعيش حديتي.


تفحصته بصمت ثم قالت له بضيق: مية مرة أقولك متدخلش في اللي ملكش فيه.


اتسعت عينيه بغضب قائلاً بلهجة آمرة : طول ما انتِ معاي تسمعي حديتي وإلا إنتي خابراني زين.


انتزعت نفسها من على صدره حتى لا يؤثر بها… وابتعدت عنه… فاعتدل واقفاً بالقرب منها قائلاً لها بنفس اللجهة الآمرة:  مهما تجولي وتعملي هتجوليلي ليه اتأخرتي اكده ها.


تنهدت بسخرية قائلة له بتشفي: أصل لقيت أهلي المرادي جيبنلي عريس لقطة.

وقبل أن يُصدم جلال ويُجيبها استمعوا إلى صوت طرقات سريعة على الباب…. اتجهت مهجه صوبه تقول بتساؤل: مين بيخبط… فأجابها صاحب الصوت بجدية:- افتحي أنا شريف…!!!


وضعت نوال طعام الغداء على المنضدة قائلة لزوجها بجمود: انا حطيت لك الأكل على السفرة.


تفرس في وجهها قائلة لها بضيق: نوال لامتى هتفضلي كده ممكن أعرف… تركته وانصرفت من أمامه لكنه هبّ من على الفراش وجذبها ناحية صدره قائلاً بعصبية: نوال… اتعدلي... وبلاش دلع.

دفعته في صدره بكل قوتها قائلة بغضب عارم: ابعد عني متلمسنيش تاني… انا مش عارفه أعجب سيادتك إزاي… وليه بتعمل فيه كل ده.


شعر بأنه سينفجر في وجهها فأمسكها من كتفيها بقسوة وهزها بعنف قائلاً بتلقائية غاضبة: علشان بعشقك بجنون يا نوال…. عشقك اللي خلاص بقى مسيطر على قلبي اللي عمره ما ارتاح ولا هدي من ساعة ما أقابلك أول مرة…


الحلقه الخامسه والخمسون من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-