روايه حارس خاص ( الجزء الثانى )
توقفنا فيما سبق حينما جاء اللواء جلال لمقابله ادم ونزل ينتظره بسيارته .
لم ينتظر اللواء جلال كثير ونزل اليه ادم ، وذهبا الاثنان الى احدى الكافيهات للتحدث بحريه وشرب فنجان من القهوه ، وبداء جلال باشا بالتحدث : عجبك الحال اللى انت عليه ده ؟
ادم : ارادة ربنا يا باشا .
جلال : هنستعبط ، هو ربنا قالك تشرب كل يوم لغايه ما تتعمى ومتشوفش حاجه وتمشى مش قادر تصلب طولك ؟
ادم : انا فيا اللى مكفينى يا جلال باشا ، وبصراحه مفيش كلام هيخلينى انسى ، ومفيش قدامى غير الشرب ، وربنا يسامحنى على الشرب ده .
جلال : بنتك عند اللى خلقها ، وهو احن عليها من اى حد .
ادم تغير وجهه حينما ذكر اللواء جلال ابنته ، وترك قهوته وقام ليمشى ، ولكن امسك اللواء جلال يده وقال له : ايه هتمشى وتسبنى ، مش عيب تصرفك دا يا ادم ؟
نظر ادم الى اللواء جلال ، واحس بالاحراج منه ، فعين ادم قد ادمعت حينما تذكر ابنته ، ولبس نظارته الشمسيه بسرعه ليدارى دموعه ، ثم جلس وقال للواء جلال : لو سمحت يا باشا متجبش السيره دى تانى قدامى .
جلال : حقك عليا .
ادم : العفو يا باشا مقامك عالى وانا زى اخوك الصغير .
جلال : بالظبط كدا ، دا احساسى نحيتك ، علشان كدا انا جتلك النهارده .
ادم : خير يا باشا ، انا بردو استغربت من زيارتك دى ، وحاسس ان فى حاجه مهمه تخليك تسيب شغلك ومكتبك وتجيلى .
جلال : عوزك فى شغل .
ادم : مابقتش انفع فى اى شغل يا باشا ، انت شايف انا بقيت عامل ازاى .
جلال : الالماس حتى لو جه عليه شويه تراب ميغيروش من قمته ومعدنه الاصيل ، وانت زى الالماس هتفضل قمتك كبيره .
ادم : صدقنى يا باشا مابقتش انفع لاى حاجه غير الشرب .
جلال : طيب اسمع منى مش هتخسر حاجه ؟
تنهد ادم وقال : اتفضل يا باشا انا سمعك .
جلال : تسمع عن رجل اعمال مشهور هنا بالاسكندريه ، اسمه رياض باشا .
ادم : اه تقريبا سمعت اسمه قبل كدا ، مش دا اللى بنته كانت متجوزه الملياردير اللى مات بحادثه مع مراته من كام سنه ؟
جلال : الله ينور عليك ، سعتها الملياردير دا ساب كل ثروته لبنته الوحيده ، مكنش ليه وريث غرها ، وهى بنته دى بقى سبب موضعنا .
ادم : ليه حصلها حاجه هى كمان ؟
جلال : من حوالى ست شهور ، فى منظمه حولت تخطف البنت دى ، طبعا هى وريثه لثروه ضخمه ، وكان المفروض هيدفع فيها فديه كبيره اوى ، بس من حسن حظها ان المنظمه خطفت بنت تانيه بالغلط ، ولما اكتشفت الموضوع مرجعتش البنت اللى اتخطفت .
ادم : طيب ليه ؟
جلال : منعرفش لغايه دلوقتى ، والاسوء ان بعد الخطف باسبوع المباحث لقت البنت المخطوفه دى مقتوله ومتقطعه ومرميه فى حته مهجوره .
ادم وهو يشعر بالاستياء الشديد : اعوذب الله هو فى حد بالقسوه دى ؟
جلال : انت عارف البنت اللى اتخطفت كان عندها كام سنه ؟
ادم : كام يا باشا ؟
جلال : متعديش 8 سنين ، ودا نفس عمر وعد .
ادم : وعد مين ؟
جلال : حفيده رياض .
ادم : شكلك تعرف رياض دا كويس يا باشا ؟
جلال : فعلا اعرفه من زمان ، وبصراحه هو فى موقف لا يحسد عليه .
ادم : ليه يا باشا ، مش البنت تحت حراسه ؟
جلال : الشرطه عينت حراسه على البنت ، بس طبعا الموضوع مطولش ، مهو مش من الطبيعى الشرطه تعين حراسه على طفله صغيره ، بس انا حاولت اخدم رياض على قد ما اقدر ، الحراسه كانت المفروض اسبوع ، بس انا عرفت اوصلها ست شهور ، بس خلاص مقدرش اعمل اكتر من كدا .
ادم : طيب يعين للطفله حراسه خاصه من اى شركه حراسات خاصه ؟
جلال : حصل بس رياض قلقان جدا ومتوتر ، انت عارف ان اللى بيشتغلوا فى حراسات خاصه دوول منظر بس ، وقت اللزوم هيجروا ويسيبوا البنت .
ادم : مش كلهم يا باشا ، فين شركات بتعين افراد حراسه محترفين .
جلال : رياض مش هيجازف بحفدته الوحيده ، وعلشان كدا طلب مسعدتى .
ادم : كدا فهمت ، بس انا خلاص يا باشا مبقتش انفع لاى شغل زى ما قولتلك .
جلال : انا اخترتك انت علشان واثق ان محدش هيكون عنده استعداد يضحى بحياته علشان ينقذ الطفله دى غيرك .
ادم قام من مكانه ليذهب وهو يقول : صدقنى يا باشا مابقتش اقدر او انفع ، اسف انا خلاص انتهيت .
وبداء ادم فى التحرك بالفعل ، ولكن اوقفه بضعه كلمات قالها جلال ، فقال له : المنظمه اللى عوزه تخطف وعد اسمها منظمه الصياد .
هنا توقف ادم عن الحركه ، فلقد سمع اسم لم يكن يخطر بباله انه سيأتى يوم ويسمعه مره اخرى ، عاد ادم الى جلال وجلس مره اخرى وتحدث اليه قائلا : ايه اللى انت بتقوله دا يا باشا ، انت اكتر واحد عارف ان المنظمه دى انتهت ، انت بتقول كدا علشان تخلينى اقبل الشغلانه دى ، صح يا جلال باشا ؟
جلال : وتفتكر انا كدبت عليك او خدعتك قبل كدا ؟
ادم : مهو اللى انت بتقوله دا محدش يصدقه ؟
جلال : البنت الصغيره اللى لقتها المباحث مقتوله ومتقطعه ، لقت عليها علامه منظمه الصياد ، نفس العلامه اللى كانوا بيعملوها من كام سنه ، ايام ما كنت انت شغال بالحراسات الخاصه .
ادم : يا باشا الكلام دا صعب يتحقق ، انا اتأكدت بنفسى ان كل واحد بالمنظمه دى مات ، انا قاتلهم بايدى ، يمكن يكون منظمه تانيه جديده وعوزه تكسب الشهره وخدت اسم منظمه الصياد ؟
جلال : احتمال كبير ووارد بردو ، على العموم انا كان لازم اقولك على معلومه المنظمه دى .
ثم قام جلال من مكانه ليرحل وقال لادم قبل ان يرحل : نسيت اوريك حاجه صحيح .
ثم اخرج جلال صوره من جيبه ، ووضعها امام ادم ، ثم قال له : دى صوره وعد ، لما شفتها مصدقتش نفسى ، الشبه اللى لقيته فى الصوره كان سبب من الاسباب اللى خلتنى اختارك يا ادم ، على العموم انت عارف مكانى كويس .
ثم رحل اللواء جلال ، وترك ادم الذى لم يستفيق من صدمه ظهور منظمه الصياد ، وامسك ادم بالصوره التى تركها جلال ، وحينها اصبح فى عالم اخر ، نزلت دموع من عيونه حينما شاهد صوره الطفله وعد ، فهى شبيه بابنته الوحيده التى فقدها منذ مده ، وكانه قد رأى ابنته مره اخرى ولكن تحت مسمى اخر .
كان صعب على ادم تجاهل كل ما عرفه ، فرغم محاولته لنسيان ما عرفه وذهابه لشرب الخمور ، الا ان الخمور لم تستطيع ان تنسيه اى شيء ، فكلما شرب ادم تذكر اكثر كلام اللواء جلال ، كانت كلماته تتردد فى اذن ادم باستمرار ، وبالطبع كان كلامه يعيد الى ادم ذكريات كان يشرب لينساها او بمعنى ادق ليهرب منها .
يأس ادم من محاولته لنسيان كلام اللواء جلال ، لذلك قام وترك الملهى الليلى وخرج ليستنشق بعض الهواء ، ترك ادم سيارته امام الملهى واخذ يمشى على قدميه متوجها الى البحر ، وصل ادم الى شط البحر ووقف ينظر الى البحر ، تسمر ادم مكانه قرابه ربع ساعه تقريبا ، كان بداخله صراع بين قلبه وعقله ، فعقله يريد ان يبتعد ويستريح ، اما قلبه فكان يتذكر صوره الطفله الصغيره وعد ، وكان قلبه يحدثه بالا يترك شبيه ابنته تموت كما ترك ابنته من قبل للموت .
اخرج ادم صوره وعد التى احتفظ بها واخذ ينظر اليها فى حزن شديد ، كان يرى ابنته بتلك الصوره ، واخذ يتحدث مع الصوره وكانها واقفه امامه وقال لها : هو رجوعك تانى دا فرصه تانيه ليا ولا عقاب على اللى انا عملته ، مهو انا مستهلش فرصه تانيه ، وبردو صدقينى مش هستحمل العقاب بتاعك دا ، ضعتى منى مره ، ومش عارف لو روحتلك هقدر احميكى ولا هتضيعى منى مره تانيه ، قلبى ميستحملش دا ، انا اضعف من كل دا ، انا بجد مقدرش افضل متعذب بيكى واشوفك قدامى طول الوقت وانا عارف ان اللى انا شيفها نسخه منك .
وهنا امسك ادم الصوره بكلتا يديه وقام بتمزيقها وهو يقول : دا لمصلحتك ، اكيد هيلاقوا الشخص اللى فعلا يقدر يحميكى ، انا قتلنى الحزن والعجز ، انا مجرد بقايا انسان ، انا شويه غبار طايرين فى الهوا .
الى هنا يكون نهايه حديثنا اليوم ولكن لم تنتهى روايتنا بعد ، ارجوا ان تنال اعجابكم .
اترككم فى رعايه الله