Ads by Google X

روايه وقعت في قبضة الوحش الحلقه الثامنه


 الفصل الثامن من رواية:وقعت في قبضة الوحش. 

بقلم/رولا هاني.


الحياة ليست عادلة و لا تترك المرء سعيد، و لكنها لم تهتم لكل ذلك، لم تهتم لكونها وحيدة طوال حياتها، لم تهتم بوالدها الذي تركها طفلة لا تحتاج سوي حنان الأب، لم تهتم لوالدتها التي تركتها أيضًا لتكن وحيدة بمفردها لا تمتلك سوي العمل الذي تنسي به كل شئ، و لكن حياتها لم تظل هادئة لفترة طويلة لتجد جحيم "زياد" يلاحقها، زفرت بضيقٍ و هي تتمني أن تعيش حياة طبيعية مثل أي فتاة،و بتلك اللحظة سيطر عليها حالة من  اليأس الشديد الذي يطبق علي عنق المرء بلا رحمة!


وجدت الباب ينفتح لتدخل "راضية" قائلة بعبوسٍ:


-أسفة يا "نورسين" هانم بس قعدت أخبط علي الباب كتير و حضرتك مردتيش


لم تجيبها بل ظلت صامتة شاردة بحالة غير طبيعية، إزدردت "راضية" ريقها بتوترٍ لتهتف بنبرة شبه خافتة:


-أحضر لحضرتك أكل عشان تاكلي؟


إلتفتت لها لتجيبها بقتامة و هي تتجه ناحية الفراش لتتمدد عليه لتستعد للنوم:


-إطلعي برة مش عايزة حاجة. 


تنهدت "راضية" بإمتعاضٍ لتخرج من الغرفة و هي تتمتم بعدة كلمات غير مفهومة بينما "نورسين" تطبق جفنيها بقوة و هي تحاول تجاهل تلك الأفكار السلبية التي تلاحقها كظلها، و لكن لا هروب من الواقع المرير!

____________________________________________

-إنتَ بتعيط لية دلوقت!؟..مش إنتَ اللي إخترت تبقي كدة. 


قالتها "سيدة" و هي تري عباراته الحارة تغمر وجهه ليرد هو عليها بنبرته المبحوحة:


-مش أنا اللي إخترت أبقي كدة هو اللي إختار، ولا نسيتي يا بنت عمي! 


عبست ملامحها لتصيح بإنفعالٍ و هي تلومه بقسوة بلامبالاة لذلك الألم الذي يشعر به بسبب ماضيه الذي عاد يلاحقه:


-كان ممكن تبطل الشغل بعد ما مات لكن إنتَ اللي كملت. 


هز رأسه عدة مرات ليصرخ بإنهيارٍ و هو يقبض علي كتفيها يهزها بقوة:


-مكانش ينفع، مكانش ينفع أهرب من كل دة بكل سهولة. 


كادت أن ترد عليه بعدما نفضت كلا ذراعيه و لكن قاطعها صوت "نرمين" الذي يسيطر عليه النعاس و هي تقول ببراءة:


-أنا عطشانة يا ماما "سيدة".


توجهت "سيدة" ناحيتها لتأخذها للمطبخ بينما هو أخذ يجفف دموعه سريعًا قبل أن تراها تلك الطفلة! 


أخذتها "سيدة" للمطبخ لترتشف عد رشفات من المياة ثم أعادتها لغرفتها لتعود للنوم و عندما توجهت ناحية باب الغرفة لتخرج وجدته أمامها يقول بإبتسامة خفيفة و هو يتأمل ملامح تلك الصغيرة بنظراتٍ غير مفهومة:


-خليتيها تقولك يا ماما! 


هربت "سيدة" بنظراتها منه و تجنبت النظر له بسبب عدم وجود رد لما قاله و لم تجد شئ مناسب لتقوله سوي:


-"سهيلة" تبقي مرات "أسامة". 


جحظت عيناه بصدمة ليرمقها بإستنكارٍ قائلًا بإستهجان:


-بتقولي إية!؟ 

____________________________________________

-و إفرض إتكشفت! 


قالتها "روضة" و هي بين أحضان "أسامة" علي الفراش ليجيبها هو بخبثٍ و هو يبتسم بلؤمٍ:


-قدامك تسع شهور أكون خلصت منه و بعدها.. 


نظرت له بترقبٍ ليجيبها بنظراته اللعوب و هو يغمز لها بعينه اليمني:


-و بعدها نتجوز يا "ريري". 


قهقهت بصوتٍ عالٍ لتهتف بإمتنان و هي تنهض لتلف الغطاء علي جسدها:


-أنا قولت محدش هيجيلي حقي غير  "أسامة الصياد".


ثم إستدارت لتتجه ناحية المرحاض و هي تغمغم قائلة بشراسة:


-غبي، فاكرني هضحي ب "زياد النويري" عشانه!

____________________________________________

-أنا ماليش دعوة أنا هبلغ البوليس و بكل هدوء هيروح لبيته و يدور عليها و لما يلاقيها هناخدها و هو هيروح فداهيا.


قالها "إسماعيل بإبتسامته الخيلاء لتصيح وقتها "أريج" بتوسلٍ:


-ما بلاش يا "إسماعيل" أنا مش مطمنة.


نهضت وقتها" هايدي" قائلة بهدوء مزيفٍ تخفي به إنهيارها حزنًا علي صديقتها الوحيدة:


-يلا يا "إسماعيل" مش عايزين نضيع وقت.


نهض معها ليسيرا ناحية الباب غير مهتمين لصياح "أريج" الرافض!


خرجا من المنزل لتخرج هي هاتفها من حقيبتها بعدما إستمعت لرنينه المتكرر لتنظر لهوية المتصل بسخرية مريرة لتتمتم بتهكمٍ و هي تجفف عبراتها التي كادت أن تنهمر سريعًا قبل أن يراها أحد:


-لسة فاكرين يسألوا عليا!

____________________________________________

طال الصمت لعدة دقائق لتسأله هي بفضولٍ بعدما وضعت كوبي الشاي أمامه علي الطاولة:


-ناوي تعمل إية!؟


لم يجيبها و لكنه سألها بغموضٍ جعل القلق ينتابها:


-"نرمين" تبقي بنته؟


اومأت له ليجيبها بمكرٍ و هو يضيق عينيه بشرودٍ لتتلاحق أنفاس "سيدة" من فرط التوجس:


-دة إحنا هنعمل كتير أوي.


هتفت وقتها بتهكمٍ قبل أن ترتشف عدة رشفات من كوب الشاي الساخن:


-مش هيفيد بحاجة لإنه مش هامه بنته ولا حتي مراته.


وجدته يهز كتفيه قائلًا بنبرة مبهمة جعلتها ترمقه بفضولٍ بائن علي ملامح وجهها التي تقلصت بتساؤلٍ:


-و مين قالك إني بفكر أذي مراته أو بنته.


هزت رأسها بعدم فهم لتهمس بعدها بإستفهامٍ و هي تحك رأسها بحيرة:


-قصدك إية!؟


نهض وقتها ليتجه ناحية باب المنزل قائلًا بنبرة خشنة و هو يفتحه:


-هتعرفي قريب.


نهضت هي الأخري لتتجه ورائه قائلة بتلهفٍ:


-طب و الشاي؟


أجابها بنبرة عابثة و هي يغمز لها بعينه اليسري قبل أن يخرج من البيت:


-مرة تانية يا "سيدة".

____________________________________________

مرت الساعات ليحل المساء و وقتها عاد "زياد" للمنزل، كان ينوي الذهاب لغرفتها و لكن شعوره باللغوب الشديد سيطر عليه فذهب لغرفته لينعم بحمام دافئ و لكن تلك الطرقات التي كانت علي الباب منعته فأخذ يدمدم بسباب لاذع و هو يفتح الباب قائلًا بحدة:


-في إية؟


أجابته "منة" و هي تلهث بعنفٍ أثرًا لركضها:


-البوليس تحت يا باشا. 


عقد حاجبيه بتعجبٍ فدفعها بخفة لتبتعد عن طريقه، ثم هبط الدرج ليجد عدة ضباط ينتظرونه بالأسفل و معهم ذلك الصحفي و فتاة ما فصاح بإستفسارٍ و هو يعقد ذراعيه بثباتٍ:


-خير يا باشا. 


حمحم الضابط قبل أن يهتف بنبرة غليظة و هو يتفحص المكان بعينيه:


-إنتَ متهم بخطف الصحفية "نورسين الشربيني". 


ظهرت تعابير الذهول المصطنعة علي وجهه ليشير علي نفسه قائلًا بإستنكارٍ:


-أنا يا فندم!


ثم صاح بصوتٍ عالٍ مستفز ليصل لها بالأعلي:


-"نورسين" هانم. 


وجدها تهبط الدرج بخطواتها المتئدة و علامات وجهها تدل علي الإستغراب فصاح بها سريعًا بعدما وقفت خلفه مباشرًة:


-"نورسين" هانم الباشا بيتهمني بإني خاطفك! 


نظرت لكلا من "إسماعيل" و صديقتها "هايدي" التي ترمقها برجاء خوفًا من أجابتها، ثم حولت نظراتها له لتجده يرمقها بثقة و كأنه يعلم أجابتها، لذا و بعد صمت دام لعدة دقائق أجابت بنبرة شبه هادئة:


-لا يا باشا من الواضح إنه في سوء تفاهم، أنا مش مخطوفة ولا حاجة. 


اومأ "زياد" ليؤكد علي حديثها ثم إلتفت للضابط قائلًا بنبرة واثقة ثابتة:


-يا فندم أكيد دة سوء تفاهم "نورسين" هانم كل اللي بيني و بينها هو مجرد شغل مش أكتر. 


ثم تابع بثباتٍ و هو يرمق "إسماعيل" الذي كاد أن ينفجر من الغيظ بسخرية:


-هي صحفية و أنا رجل أعمال و حاليًا هي موجودة عشان بتعمل معايا لقاء، مش كدة يا "نورسين"!؟ 


اومأت هي بصمتٍ لينظر لهما الضابط بشكٍ ثم هتف بغموضٍ و هو ينظر ل "نورسين" بترقبٍ:


-و بالنسبة للكدمات اللي في وش حضرتك!؟ 


تنهدت "نورسين" قبل أن تجيبه بنبرة مهتزة و هي تبتلع تلك الغصة المريرة:


-وقعت من مكان عالي حضرتك. 


تنهد الضابط و هو يشعر بالريبة تجاه ما يحدث، ثم هتف بصوتٍ أجش و هو يرمق "زياد" بعدم إطمئنان:


-بس علي حسب معلوماتي يا "زياد" باشا إنك مبتحبش الصحفيين! 


أجابه "زياد" بمنتهي البساطة و هو يهز كتفيه بإستفزازٍ:


-حبيتهم يا فندم. 


اومأ الضابط ليتراجع بخطواته قائلًا بأسفٍ و هو يرمق "إسماعيل" بحدة:


-تمام، و أسفين علي الإزعاج يا "زياد" باشا.


ثم غادروا جميعهم و "هايدي" ترمق "نورسين" بلومٍ فبادلتها "نورسين" بنظراتٍ باردة أصابتها بخيبة الأمل!


أغلقت الخادمة الباب خلفهم لتتجه "نورسين" نحوه بتعابير غير مفهومة و هي تهتف بجدية:


-عشان تبقي فاهم انا مقولتش كدة عشان خايفة،إنا قولت كدة عشان الإتفاق اللي بينا مش أكتر.


لاحظ شحوب وجهها الملحوظ لينفض رأسه بعنفٍ لكي لا يهتم بها و لكنه لم يستطع و صاح بنبرة عادية:


-لسة بردو رافضة تاكلي!؟


إبتسمت بسخرية لتجيبه بتهكمٍ و هي ترفع حاجبيها بدهشة مصطنعة:


-دة إية الإهتمام دة يا باشا!؟ 


زفر بإمتعاضٍ ليهتف بمراوغة و هو يقترب منها لتراجع هي و نظراتها تحذره:


-طب ما تجاوبي إنتِ علي سؤالك أحسن، و فسريلي إهتمامي يا "نورسين" هانم! 


ظلت تتراجع حتي وصلت للحائط فهزت رأسها نافية و هي ترفض ما حدث صباحًا، لذا عندما إلتصق بها بعدما ظل يقترب ركلته بمعدته ليتأوه بقوة و هو يبتعد عنها و تعابير الألم ترتسم علي وجهه فإستغلت هي الفرصة لتركض مبتعدة عنه بينما هو يرمقها بشرٍ ليركض خلفها صائحًا بتوعدٍ لا يبشر بالخير:


-و رحمة أمي ما هسيبك يا "نورسين". 


صعد الدرج خلفها و لكنها كانت الأسرع في دخول غرفتها لتوصدها بإحكامٍ قبل أن يصل لها فتنهد بغيظٍ و هي يبتعد عن غرفتها و فجأة إلتمعت عينيه بوميضٍ خبيثٍ لا يطمئن! 

____________________________________________

كانت تحتضن الصغيرة بين يديها لتمر بذاكرتها طفولتها مع إبن عمها "زياد" الذي عاش طفولة قاسية لا يتحملها طفل بذلك السن! 


(عودة للوقت السابق)

أخذت تلعب مع الأطفال بالشارع و كل ثانيتين كانت ترمق "زياد" الذي ينظر لها بحسرة من خلال الشرفة بحزن و لكنها كانت أحيانًا تبتسم له حتي لا يشعر بالقهر بسبب منع والده له من الخروج للعب مع الأطفال! 


و بعد ما يقارب الساعة توجهت ناحية المنزل لتصعد الدرج لتتجه ناحية شقة "أكرم" والده صائحة بصوتها الطفولي:


-عمو "أكرم" إفتح يا عمو "أكرم" إفتح. 


إنفتح الباب لتخرج منه "علياء" والدة "زياد" قائلة ببشاشة:


-تعالي يا "سيدة" إدخلي.


دلفت للداخل و هي تبحث عن عمها بعينيها حتي وجدته ينفث دخان سيجارته ببرودٍ قائلًا بتحذيرٍ:


-إياكي تكلميني يا "سيدة" في موضوع إن "زياد" ينزل يلعب معاكوا.


تنهدت "سيدة" بضيقٍ لتتسائل بتأففٍ:


-لية بس كدة يا عمو!؟ 


كاد أن يجيبها و لكن وقتها خرج الصغير "زياد" من الشرفة صائحًا برجاء و هو يقترب من والده و الدموع تلتمع بعينيه:


-يا بابا أنا نفسي أنزل ألعب معاهم هما خمس دقايق صدقني مش هتأخر.


شهقت "سيدة" و هي تراه يلطم إبنه بكل عنفٍ صائحًا بعصبية و قد برزت عروقه من فرط الغضب:


-قولتلك ميت مرة متعيطش و مشوفش دموعك، العياط دة للنسوان بس يالا فاهم.


اومأ "زياد" و هو يضع كلا كفيه علي وجهه خوفًا من أن يتلقي أي ضربات أخري من أبيه!


رمقته "سيدة" بشفقة لتصيح مجددًا بإصرارٍ و هي تضرب بقدميها الأرض:


-بس دة عمره ما لعب معانا!


زفر "أكرم" ليصيح وقتها بنفاذ صبر بعدما أزاح كلا كفي "زياد" من علي وجهه بإنزعاجٍ ليظهر وجه الصغير الشاحب:


-"زياد" مش عيل صغير عشان ينزل يلعب في الشارع مع العيال، "زياد" راجل.


كادت أن ترد عليه بغضبها الطفولي و لكن قاطعها وقتها صوت "زياد" المبحوح و هو يقول بيأسٍ ليتجه ناحية غرفته ليستعد للذهاب مع أبيه للعمل فيما يخص المخدرات:


-إمشي يا "سيدة" انا مش عايزة ألعب، و زي ما بابا قالك انا راجل مش طفل!


بينما كانت "علياء" تتابع ما يحدث و دموعها الحارة تغمر وجنتيها فهي لن تستطيع الوقوف أمام زوجها الصارم!


(عودة للوقت الحالي)

____________________________________________

تنهدت براحة عندما لم يحاول فتح الباب و كادت أن تتجه الي فراشها و لكنها صرخت بفزعٍ عندما وجدته أمامها فصاحت بهلعٍ:


-إنتَ دخلت هنا إزاي!


إقترب منها ليطوق خصرها قائلًا بنبرة عابثة و هو يغمز لها بعينه اليمني:


-من البلكونة يا قطتي.

..............................................................................

الحلقه التاسعه من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-