روايه وقعت في قبضة الوحش الحلقه الرابعه والعشرون


 الفصل الرابع و عشرون من رواية:وقعت في قبضة الوحش.

بقلم/رولا هاني.


تلمست قبضته التي إشتدت علي عنقها بلا رحمة لتهتف بإختناقٍ ظهر علي تعابير وجهها التي إنكمشت بألمٍ:


-إديني فرصة أفهمك.


أرخي قبضت عن عنقها، ثم صفعها بعنفٍ فترنح جسدها بسبب ذلك الدوار المفاجئ الذي داهمها و وقعت علي الأرضية الباردة، لتحاول هي السيطرة علي عبراتها من شدة القهر، بينما هو تتلاحق أنفاسه ليصرخ غضبًا و هو يقبض علي خصلاتها القصيرة بقوة شديدة ألمتها لتصرخ بصوتٍ عالٍ عبر عن ما تشعر به:


-وجودك في حياتي بقي بيتعبني، كل حاجة مبتبقاش طبيعية طول ما إنتِ موجودة!


صرخت بإنهيارٍ و هي تنهض لتضرب صدره الضخم بكلا كفيها:


-خلاص سيبني أمشي، كفاية كدة.


هز رأسه بهستيرية عدة مرات، ثم هتف بضعفٍ ظهر في نبرته المختنقة، بضعفٍ ظهر في عبراته التي تهاوت بلا توقف ليحتضنها هو بقوة كادت أن تحطم عظامها و كأنه يريد إدخالها لضلوعة:


-مبقتش أقدر أسيبك يا "نورسين".


جحظت عيناها بصدمة و عدم فهم بنفس الوقت، أيعاني ذلك ال"زياد" من مرض ما!؟....ألم يكن يصفعها منذ عدة ثوان!؟...ألم يكن يصرخ بوجهها منذ عدة لحظات!؟...و أكثر ما جعلها تشهق بذهولٍ هتافه بلا وعي ب:


-إنتِ بقيتي جزء من حياتي و إنتِ مش حاسة!


تشبث بملابسها صارخًا بندمٍ عما قاله و عبراته تسقط علي عنقها:


-مكانش نفسي أحبك يا "نورسين"، مكانش نفسي!


ما ذلك الهدوء الذي عم المكان!؟....ما كانت تخشاه حدث!....وقع هو بحبها و ربما هي الأخري وقعت في حبه مثلما وقعت في قبضته و لكن ماذا بعد!؟...أوقعت بعشق تاجر مخدرات!؟...أتصبح زوجة تاجر مخدرات!؟...كل شئ بداخلها يرفض الأمر، لذا صرخت بنزقٍ و هي تدفعه بعيدًا عنها لتصيح بتهديدٍ صريحٍ:


-لو سمعتك بتقول كدة تاني هزعلك بجد يا "زياد" يا "نويري"، إنتَ سام..


و لكنها إبتلعت بقية كلماتها عندما وجدته يبكي كالطفل الصغير، يبكي و هو يرمقها بإستنجادٍ لكي تنتشله من بين تلك الأشياء التي تؤلم فؤاده، يبكي و جسده يرتجف بصورة واضحة، يبكي إنهيارًا و ألمًا و خوفًا، يبكي و يبكي بلا توقف حتي تشعر به و تشعر بما يحرق روحه طوال تلك السنوات، لم يكن بذلك الضعف من قبل، كيف إستطاع البكاء أمامها هكذا!؟...كيف إستطاع الإنتحاب أمامها هكذا!؟...شعر بالإنزعاج عندما رأها تنظر له بشفقة فإرتمي بين أحضانها مجددًا هامسًا بتلك النبرة المتحشرجة:


-متسيبينيش يا "نورسين".


هبطت دموعها لتلف ذراعيها علي خصره هامسة بنبرة غير مسموعة:


-متخافش، أنا حتي مبقتش عارفة أسيبك!

____________________________________________

-يعني إية سقطت!؟


صرخ بها "هلال" بوجه حارسه الشخصي الذي نقل له ذلك الخبر الذي حطم كل اماله، بالتأكيد لن يتواني" زياد" عن قتلها و بتلك الطريقة سيفقد أخر شئ كان سيصل به الي "نورسين"!....لأول مرة يشعر بالحيرة هكذا!؟...لن يرحمه "جاك" و هو يزكن ذلك جيدًا!؟....نظر مطولًا تجاه ذلك السكين!...ربما الموت أفضل من جحيم "روبرت" و "جاك"، إزدرد ريقه ثم قبض علي ذلك السكين لتلتمع عيناه بوميضٍ لا يطمئن، بينما حارسه الشخصي يرمقه بقلقٍ ليهتف بعدها بتلهفٍ:


-مش دة الحل يا باشا.


إنتفض "هلال" بصورة ملحوظة عندما نبهه صوت حارسه، فسأله بقلة حيلة بعدما تهدل كتفاه:


-أعمل إية بس!؟


رد عليه الحارس و هو يبتسم بخبثٍ، بينما "هلال" يتدلي فكه السفلي بصدمة:


-مافيش غير "إيهاب" يا باشا.


هز "هلال" رأسه بإستفهامٍ، ثم قال بعدم فهم:


-قصدك إية!؟


رد عليه الحارس بدون أن يرف له جفن، ليرتسم هو علي ثغره تلك الإبتسامة الماكرة:


-يعني هو الوحيد اللي عارف مكان "نورسين".

____________________________________________

-قالتلك إية يا "نورسين"؟


قالها "زياد" بقتامة بعدما إبتعد عنها، و هو يرمقها بتحذيرٍ حتي لا تكذب، فردت هي عليه بتساؤلٍ، لتعلن و بكل وضوح عنادها الذي لم يختفي بعد كل ما حدث:


-إنتَ عرفت منين؟


جز علي أسنانه، ثم صاح بتوعدٍ:


-متخلنيش أتعصب عليكي و قوليلي دلوقت حالًا هي قالتلك إية.


هزت رأسها بلا مبالاة هاتفة بهدوء أخفت به إهتمامها ببراعة:


-جاوبني و أنا هجاوبك.


جحظت عيناه بإنفعالٍ بينما هي تتبسل أمامه لتستطيع مجابهته و مجابهة الوحش الذي يكمن بداخله، لذا و بعد عدة دقائق رد هو بتلك النبرة المخيفة:


-حذرتك ميت مرة و قولتلك إياكي تتحديني لإنك في الأخر اللي هتخسري و هتزعلي و بالرغم من دة كله إلا إنك مبتسمعيش الكلام!


إنفرجت شفتاها بذهولٍ من حالته التي تتغير خلال ثوان معدودة!....ألم يكن ذلك هو الرجل الذي إعترف لها بحبه منذ قليل!؟...لما تغير هكذا خلال عدة ثوان!؟...تنهدت بعمقٍ بعدما إقتنعت بكلماته فهي لن تصل لشئ عندما تتحداه كما قال، لذا ردت عليه بإيجازٍ و هي تحاول إخفاء ما عرفته عن والده:


-مافيش قعدت تتكلم كتير في مواضيع كتير ملهاش علاقة ببعض.


رمقها بشكٍ قائلًا بتلك النبرة المتوترة:


-يعني مجابتش سيرتي!


أجابته بفتورٍ و هي تمرر كفها علي خصلاتها القصيرة:


-قالتلي بس إنها تعرفك و تعرف أهلك بس.


وجدته يتنفس بهدوء و بعد عدة ثوان هتف بجمودٍ:


-مش مصدقك يا "نورسين".


لعقت شفتيها بإرتباكٍ قبل أن تصيح بعصبية شديدة ظهرت من خلال جسدها الذي يهتز من فرط الإنفعال:


-أنا قولت اللي عندي، إنتَ مش بتثق في حد دي مش مشكلتي.


كادت أن تستدير لتتركه خارجة من الغرفة و لكنه قبض علي معصمها ليسحبها نحوه، فإصطدمت هي بصدره العنيفٍ صارخة ب:


-"زياد".


لفحت أنفاسه الحارة وجهها لتشعر و كأنها علي وشك مواجهة الجحيم، لذا إستمعت لنبرته الحادة و هي ترتجف بهلعٍ:


-لو عليتي صوتك تاني هنسي أي حاجة و أقتلك بجد.


حاولت سحب ذراعها من بين قبضته صائحة بألمٍ ظهر في نبرتها:


-سيب إيدي يا "زياد". 


تجاهل ما قالته، ثم صاح بنزقٍ و هو يشدد قبضته علي معصمها الذي كاد أن تتحطم عظامه:


-لو فكراني مصدق كدبك دة تبقي غبية بجد.


تلاحقت أنفاسها لترد عليه بتلك النبرة المبهمة، ليشحب وجهه بتوترٍ و قد نجحت هي في الحصول علي مبتغاها:


-و إنتَ إية مخبيه و خايف حد يعرفه!؟


قبض علي فكها بعدما ترك معصمها هاتفًا بقسوة و عيناه تجحظ بصورة تحذيرية:


-ملكيش دعوة، متدخليش في حياتي، إنتِ فاهمة!؟


نفضت كفه من علي فكها، ثم صرخت ببسالة:


-لا ليا، أنا خطيبتك ولا نسيت!؟


قهقه بسخرية ملحوظة، ثم صاح بتهكمٍ:


-خطبيتي، إنتِ صدقتي الكدبة ولا إية!؟


هزت رأسها عدة مرات صارخة بضيقٍ لن تستطيع إخفائه أكثر من ذلك:


-إنتَ لية مش عايز تديني فرصة؟...لية مش عايز تعرفني أي حاجة!؟...إنتَ من كام دقيقة بس حاولت توضح اللي حاسس بيه بالرغم من إني إتضايقت من اللي قولته لكن كنت مبسوطة إنك عرفت تعبر عن اللي حاسس بيه.


تنهد "زياد" بعمقٍ، ثم همس بإستياء و هو يهز رأسه بهستيرية:


-أنا متعودتش أثق في حد يا "نورسين".


جزت علي أسنانها مجددًا، ثم تراجعت بخطواتها لتخرج من الغرفة صارخة ب:


-هتفضل زي ما إنتَ طول عمرك.


كاد أن يرد عليها و لكنه توقف عندما إستمع لتلك الطرقات العالية المزعجة علي الباب، فتوجه هو ناحيته ليفتحه بعدما أخرج سلاحه الناري من جيبه، و لكنه تنهد بهدوء و هو يعيده بجيبه مجددًا عندما إكتشف هوية الطارق قائلًا بحدة:


-خير يا أم "رجب".


شهقت "سعدية" برعبٍ عندما رأته، فإزدردت ريقها بصعوبة واضحة و هي تهمس بترددٍ واضحٍ علي قسمات وجهها التي كانت تنكمش بخوفٍ:


-لا...أ...أصل يعني سمعت صوت صريخ ف...ف...ف قولت أطمن يعني.


هز رأسه بتفهمٍ مصطنع، ثم صاح بفظاظة واضحة:


-و إطمنتي، يلا إتفضلي.


أغلق الباب بوجهها لتلوي هي شفتيها بإشمئزازٍ هامسة بخفوتٍ:


-مش محترم زي أبوه بالظبط.

____________________________________________

باليوم التالي.


رفع زجاجة المياة البلاستيكية لفمه لكي يرتشف منها عدة رشفات من المياة الباردة و لكن قاطعه صوت صراخها بإسمه، مما جعله يلقي بزجاجة المياة أرضًا بإهمالٍ، ثم ركض ناحية غرفتها صائحًا بقلقٍ لم يستطع السيطرة عليه:


-"نورسين"!


دلف للغرفة ليجدها متشبثة بذلك الغطاء و قطرات العرق تلتمع علي جبينها، لتصرخ بإسمه بفزعٍ و كإنها تحارب كابوس ما لا تستطيع التخلص منه، فإقترب هو منها ليجلس بجانبها علي الفراش واضعًا كفه الغليظ علي وجنتها قائلًا برقة حتي لا تستيقظ بهلعٍ:


-"نورسين" متخافيش، "نورسين" فوقي دة كابوس مش أكتر.


نهضت جالسة و هي تصرخ بذعرٍ، لترمقه بإرتعابٍ ظهر بفيروزتيها:


-"زياد" إنتَ كويس!؟


عقد حاجبيه بعدم فهم خاصة عندما وجدها تضع كفها علي صدره بخوفٍ لتتفحصه بتلك الصورة العجيبة فسألها هو بحيرة:


-حصل إية يا "نورسين"!؟


ظلت تلهث بعنفٍ و هي تهمس برعبٍ، لتتشبث بقميصه بخوفٍ حقيقي:


-حد ضربك بالنار يا "زياد"!...إنتَ ك....كنت بتموت!


نظر لها مطولًا قبل أن يبتسم بعبثٍ ليهتف بمكرٍ و هو يضيق عينيه بخبثٍ:


-طب و خوفتي عليا؟


لم يصدق عينيه عندما رأي عبراتها تهبط لتلومه قائلة بتحشرجٍ:


-إنتَ بتهزر يا "زياد" و أنا قلبي كان هيقف من الخوف!


وضع خصلاتها المتمردة خلف أذنها، ثم صاح بتلك النبرة الرقيقة و هو يشير ناحية صدره:


-خايفة من إية بس!؟....ما أنا تمام أهو.


نظرت له بإستنجادٍ و كأن هناك شئ ما يقبض علي عنقها بلا رحمة، ربما خوف، رعب، أو ذعر، لذا ربت علي كتفها بخفة قائلًا بجدية:


-متخافيش، أكيد كل دة بيحصل عشان حاطة في دماغك إننا في خطر مش أكتر.


وضعت كفها علي موضع قلبها هامسة بتلك النبرة الضعيفة، لتنهمر دموعها بلا توقف:


-بس أنا قلبي مش مطمن.


رمق عبراتها بصدمة فمد كفه الأخر ليجفف دموعها قائلًا بذهولٍ و هو ينظر لها برفضٍ:


-أنا عمري ما شوفتك بتعيطي كدة!...للدرجة دي خايفة؟ 


أجابته بتلقائية و كأنها غير واعية لما تقوله:


-عليك، خايفة عليك.


هز رأسه عدة مرات، ثم هتف بتلك النبرة القوية و هو يعلن و بلا تردد ما أخفاه لعدة أيام:


-إسمعي يا "نورسين"، أنا عندي إستعداد أموت عشان أحميكي، عندي إستعداد أعمل أي حاجة عشانك، و هما دلوقت عايزين يقتلوكي إنتِ عشان عارفين إنك بقيتي نقطة ضعفي.


عقدت حاجبيها لتتذكر كلماته منذ عدة أيام عندما سألها ذلك السؤال الغريب (تفتكري الواحد في الطبيعي نقطة ضعفه بتبقي خطيبته و مراته و كدة!؟)، ثم إزدردت ريقها لتهمس بإستنكارٍ:


-نقطة ضعفك!


أومأ لها ثم هتف بهيامٍ إلتمع بعينيه، فرمقته هي بتعجبٍ فهو بات لا يستطيع إخفاء مشاعره:


-عشان كدة أنا مش عايز أبعد عنك و لو لحظة، اللي قولتيهولي إمبارح فضلت أفكر فيه كتير لغاية ما وصلت لحل.


هزت رأسها بإستفسارٍ قائلة بتساؤلٍ تلقائي:


-حل إية!؟


رد عليها بدون مقدمات و هو ينهض من علي الفراش ليرمقها بتلهفٍ:


-تتجوزيني.

..............................................................................  

      الحلقه الخامسه والعشرون من هنا

تعليقات



×