روايه وقعت في قبضة الوحش الحلقه الثانيه والثلاثون


 الفصل الثاني و ثلاثون من رواية:وقعت في قبضة الوحش.

بقلم/رولا هاني.


طوق خصرها بقوة ليلتقط شفتيها في قبلة رقيقة ليس كعادته، و لم تكن هي بين يديه سوي فتاة مستسلمة لبحور العشق التي ظلت تغرق بها دون وعي واضح، حملها من خصرها ليرفعها قليلًا ليستطيع تقبيل عنقها بنهمٍ شديدٍ بينما هي تلف ذراعيها حول عنقه لتقربه منها، ثم إتجها الإثنين ناحية الفراش ليغرقا بنيران العشق و الهيام التي لا يستطيع كلا منهما مقاومتها!

____________________________________________

-إنتَ بتعمل إية هنا!؟


صاحت بها "هايدي" ما إن رأت "نادر" التي ظلت تتأمل حالته الواهنة و وجهه الذابل بحزن واضحٍ علي تعابير وجهها فشلت في إخفائه، و بتلك اللحظة رد هو عليها بعدما تنهد بحرارة ليظهر في نبرته ذلك التوسل الذي يجعل ملامحها الشبه حادة تلين لترمقه بشفقة و بداخلها رغبة قوية في إحتضانه لتربت علي ظهره بحنو و كإنها والدته:


-"هايدي" أنا محتاجك جمبي.


إبتعدت قليلًا عن الباب لتتيح له فرصة الدخول للبيت، و بالفعل ولج هو للداخل لتغلق هي الباب و هي تراقبه و هو يتنحنح بتوترٍ ليرمقها برجاء سيطر علي تعابير وجهه، و بتلك اللحظة سألته هي بجدية شديدة أخفت بها تعاطفها الشديد معه:


-عايز إية يا "نادر"؟ 


كاد أن يرد و لكنها قاطعته بغطرسة و هي ترمقه بشراسة:


-أنا لسة منستش إنك ضحكت عليا و خدعتني، إنتَ دخلت حياتي بصورة مش لطيفة و ماحبش إني أفتكرها ولا حتي أحب إني أفتكرك، و بالرغم من كل دة إلا إني ممكن أساعدك في أي حاجة إلا اللي إنتَ جاي عشانها، لإني و بكل بساطة...


إبتلعت بقية كلماتها و هي ترمق ملامحه التي يظهر علي الألم الشديد بإرتباكٍ، و لكن شعرت بصفعة قوية من عقلها الذي حذرها من التراجع، لذا صاحت بقسوة شديدة ظهرت علي وجهها:


-مبحبكش. 


فتحت الباب مجددًا قائلة بنبرة رسمية توضح مدي رفضها لرؤيته:


-أقدر أساعدك في أي حاجة تانية؟


تنهد بقلة حيلة بعدما زكن رغبتها في ذهابه، رغبتها في طرده و لكن بصورة محترمة، لذا هتف بنبرته الضعيفة الشبه خافتة ب:


-أنا هسافر و هسيب البلد هنا، محتاج أبعد عن كل حاجة، بس كنت عايز أبعد معاكي و من الواضح إنه مافيش أمل.


إتسعت حدقتاها بعدما إستطاعت إستيعاب ما قاله، لذا إزدردت ريقها لتصيح بذهولٍ و هي تهز رأسها بعدم فهم:


-و هو إنتَ لما تبعد هتكسب إية!؟...لية دايمًا بتختار حلول ملهاش معني!؟...حلول ملهاش فايدة!....إنتَ لية مبتتعلمش!؟


ضحك بسخرية ليصرخ وقتها بتهكمٍ و هو يدفعها للخلف بعصبية ترنحت هي علي أثرها و كادت أن تقع:


-و هو إنتِ مدياني فرصة أعمل أي حاجة.


تهاوت عبراتها علي وجنتيها ليزكن هو وقتها ذلك القناع الذي حجبت به رؤيته لضعفها و قهرها، كاد أن يتحدث مجددًا و لكن تلك المرة بندمٍ و لكنها لم تعطيه فرصة بل ظلت تدفعه ناحية الباب صائحة بغضبٍ ملحوظٍ بالرغم من بكائها:


-إمشي إطلع برا، أنا بكرهك إمشي من هنا.


وقف بمكانه و رفض الخروج صائحًا بإصرارٍ و هو يهز رأسه برفضٍ:


-مش همشي من هنا، أنا مُصمم و مش عايز أسيبك.


جزت علي أسنانها بإنفعالٍ، ثم صرخت بإنهيارٍ و دموعها تنهمر مجددًا بغزارة:


-عايز إية مني؟


رد عليها تلقائيًا و هو يمد كفه بترددٍ ليقبض علي كفها الصغير برقة:


-فرصة، فرصة أبقي أبوكي و صاحبك و حبيبك و جوزك، كل اللي محتاجه فرصة أوضح فيها أنا بعشقك إزاي.


نظرت له مطولًا و هي تعيد التفكير فيما قاله، عقلها يرفض و قلبها يقبل، صراع عنيف بداخلها لا يؤلم سواها، مشاجرة و لم يتم الإعلان عن الفائز بها بعد، عقلها يخبرها بمكر ذلك المخادع، قلبها يحثها علي القبول فحالته مثيرة للشفقة كما تري، و لما لا تقبل؟....ما الذي ستخسره بعد ذلك!؟...و لما لا ترفض؟....لتعش بمفردها براحة بعيدًا عن البشر!...الوحدة ربما صعبة و لكنها مريحة، الوحدة ربما مؤلمة و لكنها لن تؤلم المرء مثل الناس، تنهدت بحيرة لتهتف بعدها و هي تنساق لقرار قلبها و لكن لم تتخلي عن كبريائها:


-هي فرصة واحدة يا "نادر"، لو ضيعتها إنسي إننا نبقي مع بعض.


إلتمعت عيناه بوميضٍ قوي و كأنه رأي بصيص من الأمل الذي سيساعده علي بناء حياته من جديد دون مصائب أو مشاكل، لذا تلاحقت أنفاسه ثم إقترب منها ليقبل وجنتها بصورة سريعة قبل أن يركض خارج البيت سريعًا و قلبه يرقص من فرط الفرح! 

____________________________________________

إبتسمت بخجلٍ و هي تحاول الهروب من بنيتيه اللتان تراقباها بلا توقف، لذا سحبت الغطاء ناحيتها لتستر به جسدها و كادت أن تنهض من علي الفراش و لكنه باغتها بسحبها ناحيته لتقع هي بين أحضانه مصطدمة بصدره العاري، لفحت أنفاسه وجهها و هو يصيح بهيامٍ واضح بعينيه:


-أنا بحبك يا "نورسين"، هنعيش سوا بعيد عن كل حاجة بس إصبري، أنا خلاص هخلص من كل حاجة قريب.


تنهدت بعمقٍ و هي تشعر بالتفاؤل تجاه كل شئ، تشعر بإن هناك حياة جديدة مقبلة ناحيتها، و بالتأكيد السبب فيها هو معشوقها الوحيد "زياد"، تنهدت بتمهلٍ قبل أن تسأله بفضولها المعهود:


-إزاي يا "زياد"؟ 


هز رأسه رافضًا ثم إقترب من رأسها ليقبل جبينها قائلًا بنبرته الدافئة التي بثت الإطمئنان لقلبها:


-متشغليش بالك إزاي يا قطتي، أهم حاجة عايزك تعرفيها إننا هنكون سوا قريب أوي و منغير مشاكل كمان، هنعيش حياتنا زي أي إتنين طبيعيين. 


كادت أن ترد عليه و لكنه قاطعها و إبتسامته الواسعة ترتسم علي ثغره:


-نفسي أوي في بنوتة تكون شبهك يا "نورسين"، أو ولد يكون فيه قوتك و عنادك اللي غيرتيني بيهم. 


قهقهت بنبرتها العالية ثم صاحت بلومٍ مزيفٍ و هي تضرب صدره بقبضتها:


-بقي أنا عنيدة!؟ 


اومأ لها عدة مرات ثم قبل وجنتها بخفة و هو ينهض من علي الفراش ليرتدي ملابسه، بينما هي الأخري ترتدي ملابسها و فجأة لفت أنظارهم صوت رنين هاتفه، لذا تسائلت بهدوء أخفت به فضولها:


-مين بيكلمك؟ 


لم يرد عليها بل ضغط علي الهاتف ليضعه علي أذنه سريعًا قائلًا بجدية شديدة أصابتها بالذهول:


-حصل حاجة؟ 


إستمع هو لرد المتصل ليتنهد براحة واضحة، ثم صاح بسرورٍ تبين علي تعابير وجهه التي إنكمشت بفرحٍ:


-أنا جاي حالًا. 


إلتقط سترته ليرتديها بينما هي تصيح بعدم فهم:


-ما تفهمني يا "زياد" في إية؟


رد عليها بنبرة يغلفها الأمل مما جعلها تشعر ببعض من الإرتياح و لكن فضولها لم يتركها:


-بعد ما أخلص كل حاجة بخططلها هفهمك يا "نورسين". 

 

و لم يعطها فرصة للرد بل خرج من الغرفة خلال ثوان علي عجالة مما جعل فضولها يتفاقم بصورة مزعجة، لذا خرجت خلفه و هي تنوي الذهاب معه حيثما يذهب حتي و إن كان بدون علمه! 

____________________________________________

كانت "هايدي" تجلس أمام التلفاز لتتابع إحدي مسلسلاتها المفضلة لكي تنساه قليلًا و لكنها يقتحم أفكارها بلا هوادة، زفرت هي بحنقٍ وفجأة إبتسمت بهدوء لتتذكره و تتذكر تلك الصورة الحمقاء التي إقتحم بها حياتها، أُصيبت وجنتيها بحمرة الخجل عندما تذكرت إعترافه عدة مرات بحبه لها، و فجأة إختفت إبتسامتها عندما وجدت "زياد" أمامها ليهتف بإيجازٍ:


-إمنعي "نورسين" من الخروج من البيت بأي طريقة. 


و لم يعطها فرصة للرد بل خرج من البيت علي عجالة فتلك اللحظة هي التي ستحدد حياته فيما بعد، تنهدت "هايدي" بتفهمٍ ثم نهضت لتري صديقتها التي باتت تتصرف بحماقة و غباء، كادت أن تصعد الدرج و لكنها وجدت "نورسين" تهبطه قائلة بحدة:


-إوعي يا "هايدي" من وشي خليني ألحقه. 


صعدت "هايدي" الدرج بعدما قبضت علي معصم صديقتها بقوة، فإنساقت معها "نورسين" كالبهيمة وسط صراخها الرافض ب:


-هو اللي قالك تمنعيني مش كدة؟....إوعي سيبيني خليني أشوف هو رايح فين. 


دلفت "هايدي" لتلك الغرفة التي بقت فيها صديقتها، ثم جذبت "نورسين" للداخل لتخرج هي سريعًا لتوصد هي الباب بإحكامٍ صائحة بجمودٍ:


-مش هسمحلك تخرجي من هنا، حياتك هتبقي في خطر. 


إستمعت "نورسين" لما قالته صديقتها فإستشاطت غضبًا و هي تصرخ بفظاظة:


-و إنتِ مالك!؟...بقولك خرجيني من هنا. 


تركتها "هايدي" لتهبط الدرج ليراود ذلك ال"نادر" أفكارها مجددًا! 

____________________________________________

 -"صخر" إنتَ متأكد إن المعلومات اللي معاك دي هتبوظ الصفقة؟


قالها "زياد" بنبرته المتوترة ليجيبه وقتها "صخر" بثقة:


-قولتلك البضاعة عندي، إنتَ عارف إن في ناس كتيرة شغالة عند "جاك" تبعي، و دة ساعدني. 


زفر "زياد" بتمهلٍ، ثم تسائل بثباتٍ و هو يشعل سيجارته الفاخرة:


-إنتَ ناوي تشتغل تاني بعد كل اللي حصل؟ 


رد عليه "صخر" بصوتٍ أجش و هو يمرر كفه علي خصلاته الكثيفة:


-لسة مش عارف.


وجه "زياد" نظراته للزجاج الشفاف من سيارته و بتلك اللحظة صاح "صخر" هو الأخر بتساؤلٍ:


-و إنتَ؟ 


رد عليه "زياد" بتهكمٍ و هو يرمقه بحدة:


-أكيد هبطل يعني أمال أنا بعمل كل دة لية. 


كاد "صخر" أن يرد عليه هو يلقي نظرة علي ذلك المبني الذي كانا هما مبتعدين عنه بالسيارة و لكنه إبتلع كلماته ليهتف بتلهفٍ:


-وصلوا. 


صوب "زياد"نظراته تجاه "جاك" الذى خرج من سيارته و معه عدة رجال لا يعرفهم، بينما حراسه يخرجون من سيارتهم، كان القلق يسيطر علي "زياد" حتي جعله يرتجف بخفة من فرط التوجس...نعم فتلك هي الفرصة الأخيرة، و إن ضاعت من بين يديه سيفقد كل شئ و سيفقدها، تنهد بعمقٍ و هو ينتبه لخروج "جاك" من ذلك المبني بعدما دلفه بوجه متجهم و هو يصرخ بوجه حراسه بإهتياجٍ، بينما هؤلاء الرجال يرمقوه بغضبٍ لا يبشر بالخير:


-أين البضائع أيها الحمقي!؟ 


لم يرد عليه حراسه بل بقوا علي حالة الصمت تلك ما يقارب الخمس دقائق حتي صاح أحدهم بتوترٍ:


-لا نعلم سيد "جاك"، البضائع حتي الأمس كانت هنا بالمخزن. 


تلاحقت أنفاس "جاك" برعبٍ....نعم فقد أصابه الفزع عندما توقع رد فعل "سلطان المغربي"، و فجأة تعلقت أنظاره تجاه ذلك الرجل الذي كان معه و هو يخرج هاتفه من جيبه ليهاتف شخص ما و هو يرمق "جاك" بتوعدٍ، بينما "جاك" يكاد يفقد وعيه من فرط الهلع، ثواني تمر، دقائق، و ربما ساعات و هم لا يشعروا، و ما إحتل ذلك الصمت هو رنين هاتف "جاك" الذي تعالي فإنتفض "جاك" بإرتعادٍ و هو يتوقع هوية المتصل، لذا أخرج الهاتف من جيبه بكفٍ مرتجفٍ بينما هؤلاء الرجال يرمقوه بسخرية، نظر هو لشاشة هاتفه ليشعر بالنهاية تقترب فهو يعرف قانون "سلطان المغربي" جيدًا، من يخطئ بالعمل فمصيره الموت، إزدرد ريقه بصعوبة بالغة و هو يضغط علي الهاتف ليضعه علي أذنه هامسًا بترقبٍ:


-ماذا سيد "سلطان"!؟ 


أتاه صوت "سلطان" القاتم الذي يشبه فحيح الأفعي و هو يصيح بتهكمٍ ليقهقه عدة مرات:


-سيد "سلطان" يريدك الآن سيد "جاك"، كنت أحذرك من النهاية عدة مرات و لكنك لا تكترث!

..................................................................... 

        الحلقه الثالثه والثلاثون من هنا

تعليقات



×