رواية شغف الفصل التاسع عشر


 الفصل التاسع عشر


ـ أدهم ...أدهم أهدي هفكك دلوقتي احنا وصلنا خلاص ...كان هذا صوت "كريم" الذي كان يحاول طمأنة "أدهم"
قام بحل وثاقه فما ان انتهي حتي تخطاه "أدهم" ليطمئن علي "شغف" ...أخذت عينيه تدور بجنون في المكان بحثاً عنها حتي وجدها ..حية لم تصب بأذي ...ركض ناحيتها بسرعة وقام بجذبها الي صدره وهو يقول لها :
ـ حبيبتي ...انا جنبك خلاص متخافيش
كانت تحدق أمامها بجمود ولا يهتز لها ساكن ..."عمر" لقد نسيه تماماً ...ما ان وقعت عينيه عليه حتي رأي الدماء تقطر من رأسه توضح ان تلك الرصاصة لم تكن سوي الوسيلة التي اختارها لإنهاء حياته ...الأنتحار
علي الرغم من معرفته انه مات لكنه لم يجد نفسه الا وهو يذهب اليه وينهال عليه ضرباً بجنون ليمسكه "كريم" ويحاول منعه قائلاً :
ـ أدهم خلاص ..خلاص يا أدهم مات ...خلاص سيبه
قال بغضب عارم ودموع الحسرة تهطل من عينيه :
ـ الحيوان قتلها ...قتل بنتي
حاول مواساته وهو يدري بكم الألم الذي يشعر به :
ـ خلاص يا أدهم ربنا يرحمها خلاص ...ثم قال له برجاء : شوف شغف هي محتاجالك دلوقتي
نظر تجاهه وهو يبكي بقوة قائلاً :
ـ فكرته قتلها ...فكرته قتل شغف وانا مرمي جنبها مش قادر أحميها
ـ الحمد لله ربنا سترها وريحنا منه ...شوف شغف هي بجد محتاجالك
........قبل عشر دقائق.....



يا غبي الي انت قتلتها دي مش بنتي ...دي بنتك انت ...أنت بأيدك النجسة دي قتلت بنتك
نظر حوله بعدم تصديق وهو يقول بجنون :
ـ انت كداب انا مبخلفش
ـ كان في أحتمال ضعيف وربنا خلاه يبقي حقيقة ...مبصيتش للبنت وشوفت ان شكلها كبير علي ان عمرها يكون سنة
صرخ بقوة وهو يقول:
ـ لا ...انت بتقول كده عشان تمنعني اني اقتلها بس مش هنولك الي في بالك
صوب فوهة سلاحه أمام وجه "شغف" التي أصبحت تحاكي الأموات منذ معرفتها بموت طفلتها ولكنه بالفعل تذكر شكل الطفلة والذي كان يدل ان عمرها مقارب لعمر "أحمد" ابن اخته "مايا" وان كانت تلك ابنة "أدهم" لكانت بعمر أصغر بكثير ...تذكر أيضاً عينيها الخضراء والتي ما ان رأها حتي دهش فهي قد كانت مطابقة لعينيه ...هذا يعني انه قد ...قد قتل طفلته التي لم يتمني غيرها في حياته كلها ...
هنا جائته نوبة أخري من نوبات هلوسته لكن كان بطلها هو ...رآي ذلك الطفل الذي كان قي عمر الثامنة ويديه ملطخة بدم الخادمة التي حاول قتلها كي ينقذ نفسه من ضربها المستمر له
سمعه يقول له بلوم :
ـ انت عملت اكتر من الي كانوا بيعملوه فيك ...همه كانوا بيضربوك وبيأذوا نفسيتك بس انت قتلت بنتك ...كنت دايماً بتقول انك مش هتبقي زيه بس انت بقيت أوحش منه ...أنت أوحش منهم كلهم ...انت مش بتعمل أي حاجة غير انك بتأذي الي حواليك ...انت شيطان...انت وعدتني انك هتعامل ولادك أحسن بس موفتش بوعدك انت دمرته
بكي بشدة وعلي حين غرة قام بتغيير أتجاه حتي يكون أمام رأسه هو وهو يقول لها :
ـ سامحيني
ثم يصدح دوي الرصاصة التي أعلنت انتهاء دوره في هذه الحياة ...دوره الذي كان المظلوم ثم الظالم ..
....................................
أخذها بين يديه ليخرجها من ذلك المكان المشؤوم ولكن ما ان خطت قدمها خارجه حتي أنهارت مغشي عليها ...حملها بسرعة الي سيارة وذهب بها الي المستشفي تاركاً رجال الشرطة يعاينون الواقعة ...



بالطبع انهيار حاد فما شهدته اليوم لا تتحمله الجبال ...معرفتها بمقتل طفلتها التي لم تتجاوز العامين ...خطفها وخطف زوجها وضربه أمام عينيها بوحشية ...تصويب السلاح نحو وجهها وانتظارها أجلها بأسوء طريقة تخيلتها في حياتها ...وأخيراً انتحاره أمام عينيها ورؤيتها للرصاصة تخترق رأسه والدم يقطر منه ...سبب واحد من تلك الأسباب كان يكفي أن تدخل في تلك الحالة التي دخلت فيها ..
أسبوع ...أسبوع لا تأكل ...لا تتحدث ...لا تفعل أي شئ ...فقط عينيها تكون مفتوحة وان رأيتها تشعر انها بعالم غير العالم ...
أعادها "أدهم" الي المنزل بعد أن أخبروه بالمستشفي انه لا داعي لبقائها فهي لا تشكو من شئ ...ومن الأفضل لحالتها النفسية ان تكون بين أهلها لا في تلك المستشفي الكئيبة
أول ما فعلته عندما عادت هو فتح خزانة صغيرتها وإخراج أحد فساتينها ...أمسكت بالفستان الصغير وأخذت تقربه الي أنفها وهي تبكي بكل قوتها ...كان ذاهباً كي يتفقدها فوجدها علي حالتها تلك فدخل لعندها وأخذها علي صدره وأخذ يبكي ...لا يعلم أيحزن لحالتها تلك أم يفرح أنها أخيراً أبدت ردة فعل بدلاً من صمتها المتواصل ...أخذ لسانه يردد بصبر "اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف علي خيراً منها ...إن لله وإن اليه راجعون" منذ حدث ما حدث وهاتان الجملتان لا تفارقا لسانه أبداً فهو يعلم أنه ليس هناك سوي الله يعلم بحاله وسيريح قلبه ...
.............................................
ذهل حينما أتصلت به تلك التي تدعي "مايا" أخت ذلك الوغد وطلبت مقابلته لأمر ضروري ...في البداية رفض لكن حينما أخبرته أنه أمر شديد الأهمية بالنسبة له قرر أنه سيذهب ليعلم ما هو ذلك الأمر ...تصور أنه يمكن ان يكون بسبب موت أخيها ورغبتها في الأنتقام ولكنه لم يقتله بل أنتحر هو ...لكم تمني ان يكون هو قاتله ...لكم تمني أن يتمكن من الأنتقام لأجل زوجته وابنته ولكن الله سبحانه وتعالي شاء ان يقتل نفسه كي لا تلوث يديه الطاهرتين بدم نجس كذاك ...
دخل الي المكان الذي اتفقا علي ان يتقابلا به وأخذ يبحث بنظاريه عنها فقد كان رآها من قبل في إحدي المجلات لشهرتها الكبيرة بالنسبة لسيدات الأعمال ولكن ما لم يكن بحسابه هو صوت تلك الصغيرة التي كانت تجلس علي الكرسي المجاور لها تناديه و هي تبكي قائلة :
ـ بابا



شعر بالخدر يسري في جميع أنحاء جسده وهو لا يصدق ما تراه عيناه الآن ...أنها "لينا" صغيرته أمامه معافاة ليس بها شئ ...أنها علي قيد الحياة ...لم يشعر سوي بقدميه تركض ناحيتها وهو يحملها ويقبلها بشوق كبير وعينيه تذرف دموع الفرحة
أبتسمت "مايا" لرؤية ذلك المشهد وقد كانت تتمني أن يكون أخيها هو الذي ينعم بأبوة تلك الطفلة لكن ما كان قد كان ...نظر لها بعدم تصديق قائلاً :
ـ ازاي ؟!
ـ أهدي بس وأتفضل أقعد وأنا هحكي لحضرتك كل حاجة
جلس بلهفة وطفلته تجلس علي رجله وهي متشبثة به كأنها تخاف أن يتركها مرة أخري ...ملس علي شعرها بهدوء ثم تركها وهو يعلم أنها ستنام الآن فهو يعلم كل ما يخصها ...
قال لها بلهفة :
ـ أحكي يلا
ـ بص هو الموضوع بدأ من الوقت الي أخويا فكر فيه يجيب كل الحراس دول ويدربهم ...ساعتها حسيت أنه مش طبيعي ...الصراحة تصرفات كتيرة أوي ليه كانت بتحسسني أنه مش طبيعي وكنت فعلاً قررت أني أرجعه المستشفي بس عشان يتعالج بجد المرادي بس كان لازم الموضوع يا خد وقت لأنه فعلا اتحول لوحش بعد م طلع من المستشفي ...أنا لما قلقت منه أتفقت مع واحد من حراسه أنه يوصلي كل أخباره بالذات لأني بسافر كتير وعشان لو في حاجة أعرف ألحقه قبل م يودي نفسه وغيره في داهية ...المهم ان الحارس ده قالي أنه أداله بنتك عشان يقتلها ..طبعاً أنا اتجننت لما سمعت ده بس وقتها كنت مسافرة فقولتله يخليها في حتة أمان ويتأكد أنها متتأذيش لحد م ارجع وهمه وقت م خطفوها وهو شافها كانوا مدينها منوم عشان متعيطش وتخرب الدنيا فمتخافش مأذهاش ...لما رجعت خدتها منه وقعدتها معايا في بيتي ومع أبني وحاولت علي قد م أقدر أني أحافظ عليها ...بس لما ...ادمعت عينيها وهي تتحدث ثم أكملت قائلة : لما عمر مات معرفتش أوصلهالك وكان في إجراءات وحاجات كتير والصراحة لما عرفت انها بنته كنت بجد محتاجة أنها تكون معايا عشان أعدي الفترة دي ...أنا آسفة اني أتاخرت انا أم وعارفه شعور مامتها هيبقي أيه ...وآسفة علي كل حاجة عملها "‘عمر" معاكوا آسفة جداً بجد



ـ متعتذريش ده مش ذنبك ...كفاية بس أن ربنا بعتك لينا عشان تنقذي بنتنا من غيرك مش عارف ايه الي كان ممكن يحصل ...شكراً جداً بجد
ـ متشكرنيش أنا بجد عمري م كنت هسامح نفسي لو كان جرالها حاجة مش بس عشان هي بنت أخويا لا عشان أنا أم زي م قولتلك ...تنهدت وهي لا تعلم كيف تقول ذلك ثم قالت بحرج :هو بس انا كنت عايزةأطلب منك طلب ...لو ينفع يعني تخلوني أشوفها كل فترة
ـ أنتي بتقولي أيه طبعاً ينفع ...أنتي عمتها وده حقك أحنا بس الي خلانا نعمل كده ونداري أنها بنته أننا خوفنا أنه ياخدها
ـ أنا فاهمة والله ...شكراً
ـ العفو ده أنا الي المفروض أشكرك
..........................................
دلف الي المنزل بصحبة "لينا" التي كان قد أخذها وابتاع لها الكثير من الحلويات كتعويض منه لها علي الأيام التي قضتها بعيداً عنه ...كان داخله يطير من السعادة وهو يحملها بين يديه ويمني نفسه أنه سيتمكن من اللعب معها وأستنشاق رائحتها العطرة كل يوم ...الأب هو الذي يربي بالفعل ليس من يولد له الطفل ...
ـ لينو حبيبة قلبي أدخلي لماما وروكا دلوقتي يلا ...كان ذلك حديثه لها وهو ينزلها من علي كتفه
أبتسمت له بسعادة وهي تدخل الي غرفة "شغف" راكضة وهي تقول بنبرتها الطفولية :
ـ ماما


تعليقات



×