رواية زيغه الشيطان الحلقه الثالثه


 

Fatma Sultan 

الفصل الثالث من #زيغه_الشيطان. 

#أضواء_مبعثرة

بقلم فاطمة طه سلطان & فاطمة محمد .


______ 


اذكروا الله


______


يَخرجُ جمالُكِ عن السيطرة في كلِّ مرةٍ أراك فيها .


#مقتبس.


_______


"في مساء يوم الخميس" 


حل المساء و تلألأت السماء بالنجوم المنيرة.

وامتلأت الحديقة بعدد لابأس به من الصحافيين، الذي قام أمجد بدعوتهم، فبات هناك صراع خفي بينهم، راغبين بالانفراد بصورهم التي ستلتقطها عدساتهم…. 


كانت المقاعد والطاولات الدائرية الصغيرة المغطاة بمفارش حمراء داكنة اللون ناعمة الملمس، تلفت الأنظار بشدة، خاصة تلك الورود الحمراء الموضوعة عليها و يتخللها  لون أبيض براق، زادها جمالًا، وباتت خاطفة للألباب لا محال..


كما تزينت الأشجار الكبيرة التي تحاول الحديقة، بأضواء بيضاء ساطعة…


أما بالأعلى تحديدًا داخل حجرة نوم الزوجين..


كان يذرع الغرفة ذهابًا وإيابًا وصوته يدوى بمرح مستعجلًا إياها وبسمة محبة تزين ثغره:

-إيه يا بتول، كل ده بتلبسي، مكنش حتة فستان، يلا هموت واشوفه عليكي..

 

-حاضر حاضر خارجة اهو.


قالتها وهى تفتح باب الغرفة الخاصة بالملابس لتطل بفستانها الراقي الكلاسيكي، أحمر اللون يتماشى مع لون الكرافت الخاص بأمجد.. 


طالعها من أسفلها لأعلاها بدءًا من كعبها العالي الذي ينبه عن حضورها، حتى خصلاتها الطويلة التي جعلتها تناسب على ظهرها فسوف تأتي إحدى المتخصصين بهذا المجال لتصفيفه…


كانت هيئتها خاطفة الأنفاس والأنظار بـ آن واحد، رغم بساطتها واحتشامها إلا أنه لن يستطع أحد أن ينافسها اليوم في نظره.

 

بارح مكانه مقتربًا منها حد الالتصاق، لا يستمع لكلماتها المستفسرة عن هيئتها، ملتقطًا يدها بحب مُقربًا إياها من ثغره مقبلًا إياها بنهم شديد.


اتسعت ابتسامتها من نظراته التي تكاد تلتهمها، وأخذت تعيد سؤالها على مسامعه لعله يجيب تلك المرة:

-بقولك إيه رأيك، وحش ولا إيه. 





استمع لكلماتها تلك المرة، فأجاب عليها ويداه تحاوط خصرها بتملك وحب، وعيناه ترتكز على عيناها البنية بينما هي يأسرها بعينه الخضراء

-وحش إيه بس، حرام عليكي، هتعملي فيا إيه اكتر من كدة.


أنهى كلماته مقتربًا من عنقها ملثمًا إياه بهدوء..اتسعت عيناها من فعلته وابتعدت عنه طاردة تأثيره عليها قائلة بتلعثم وضحكة خجولة:

-خلينا ننزل يا أمجد.


لم يجيبها فقط قطع المسافة بينهم وحاوطها ثانية، هاتفًا بمرح شديد:

-أمجد مين !!


كادت تكمل لولا اصبعه الذي وضع على ثغرها يمنعها من استرسال الحديث، هامسًا جوار أذنيها:

-هششش، متكمليش، أنا بس حابب اقولك قبل ما ننزل تحت، كل سنة وأحنا مع بعض، ونحتفل بعيد جوازنا السنة الجاية مع البيبي أن شاء الله يا أحلى حاجة في عُمري كله… 


شردت به وبعد لحظات كانت تتذكر هديتها لتقرر أن تهديه إياها قبل هبوطهم….


________ 


ترجل شهاب من السيارة واستقل المصعد حتى وصل إلى الطابق المنشود والتي تقطن به ريما وعائلتها .. ضغط على الجرس وما هي إلا ثوان وفتحت له الخادمة مُرحبة به، فأجابها بأقتضاب وقسمات حانقة واجمة وهو يلج المنزل:

-ريما فين؟ لسة مجهزتش !!


أجابته نافية برأسها:

-آنسة ريما في اوضتها، ثوانِ وهبلغها أن حضرتك وصلت..


اماء لها وتحرك تجاه غرفة الصالون يجلس بها منتظرًا وصولها..


على الطرف الآخر طرقت الخادمة على الباب طالبة الآذن، فـ آتاها صوت ريما مرددة:

-ادخل 


دخلت الخادمة قائلة بنبرة مهذبة:

-شهاب بيه وصل ومستني حضرتك. 


هزت لها رأسها وقالت وهى تتلفت حولها فهى لم ترتدي ولم تتجهز بعد فـ يا لحماقتها حينما تمسك قلمها وتبدأ بالرسم تنسى كل شيء.. 

-ماشي يا دادة، روحي وانا خرجاله وبلغي ماما بوصوله. 


أغلقت الخادمة الباب، ثم اتجهت صوب حجرة رشا والدتها حتى تخبرها بمجئ خطيب ابنتها..

 

بينما خرجت ريما من الحجرة متجهه لحجرة الصالون، فوجدته يقف أمام الشرفة المتواجدة ومن حين لآخر ينظر بساعة معصمه..

خرج صوتها هادئًا معتذرًا بحرج شديد:

-معلش يا شهاب، آسفة على التأخير، اديني بس عشر دقائق وهبقى جاهزة بأذن الله..


التفت شهاب مطالعًا إياها، وسرعان ما تحولت قسماته الحانقة إلى أخرى أشد حنق وصاح بأنفعال متفحصًا هيئتها، فحتى الآن لم تستعد بعد.

-أنتِ بتهرجي يا ريما، أنا مش متفق معاكي، المفروض أجي الاقيكي جاهزة، مش تلطعيني جمبك..


ازدردت ريقها الجاف، تطالعه بصدمه، لم تتوقع أن يغضب لتلك الدرجة...

اطرقت رأسها للأسفل وقالت بصوت مكتوم، محاولة كتم عبراتها التي أرادت التحرر من مقلتيها:

-أنا آسفه يا شهاب، بس

 

كادت أن تُكمل فقاطعها قائلًا:

-مش عايزك تتبرريلي يا ريما، عايزك تجهزي علشان نخلص..

 






بارحت مكانها دون أن تتفوه بحرف واحد، والضيق كان يعتريها من أسلوبه الحاد، فوجدت أمامها والدتها التي استمعت لتعنيفه لها ومحادثته لها بتلك الطريقة المنفعله..

ابتسمت لابنتها وربتت على ذراعيها مهونه عليها، فابتسمت لها ريما لا ترغب بأظهار ضيقها أمامها فأردفت رشا:

-ادخلي كملي يا ريما وانا هكلم مع شهاب شوية عقبال ما تخلصي..


غادرت ريما وولجت رشا الصالون مرحبة به على مضض:

-أهلًا يا شهاب نورت البيت..


ابتسم لها مجبرًا وأجابها:

-بنور حضرتك..


جلست على الأريكة مشيرة له حتى يجلس هو الآخر:

-اقعد يا شهاب واقف ليه!!


انصاع لها وجلس أمامها، فتحدثت هى اولًا جاذبة حواسه وانتباه لها..

-أنا سمعتك وأنت بتزعق في ريما ... ده مش أسلوب أقبله على بنتي .. إذا كنت بتزعقلها وهى لسة في بيت أبوها أومال لما تبقي في بيتك هتعمل أيه ؟!!! 

ريما حساسة أوي يا شهاب، ولما بتزعل بتكتم زعلها ومبتكلمش، بنتي رقيقة لأقصى درجة أحنا مجبناش غيرها يا شهاب..يعني مجلناش ولا هيجلنا اغلى منها…

 

صمتت قائلًا تتابع وقع حديثها عليه وعلى ملامحه، ومن الواضح ندمه على فعلته وتعنيفه لها، ثم استرسلت قائلة بحدة وتحذير طفيف: 

-لو مش هتعرف تحافظ عليها سيبها للي يحافظ عليها .. وياريت اللي حصل ميتكررش تاني علشان ساعتها هيكون في كلام تاني خالص…


 

_________ 


في الصعيد..


تتواجد في غرفته المتواجدة بالحديقة والذي انتقل إليها منذ أن وطأت بقدميها إلى الدوار…


عيناها تجوب بكل انش بها..تتأملها...تستنشق عبق رائحته التي تملأ المكان..وتشعر بتواجده من حولها...

مضت لحظات وهى على وضعها هذا ضاربة بتحذيره للجميع بألا يدخل أحد ل

غرفته...عرض الحائط…


التقطت عيناها صورة زوجته المتوفاه منذ عدة سنوات معلقة على الحائط والذي تزوج بها وهو شابًا يبلغ فقط عشرون عامًا....


كانت طفلة حينها...لم تكن تعي لشيء...فقط ما تدركه هو حديث رضوان عن أنها نصيب نجم العائلة ولن تكن لسواه....


اقتربت منها وأخذتها من مكانها... وأثناء تأملها سيطرت الغيرة على كل انش بها...فحتى الآن يتذكرها يرفض أن يراها..ولا يفكر سوى بها...تراها العائق الوحيد بينهم.... متغاطية عن فرق السن الشاسع بينهم....


زفرت بقوة متوعدة أن يكن لها..وليس لسواها..رفعت يدها كي تعلق الصورة ثانية لكنها سقطت منها رغمًا عنها... 


وضعت يدها على فوها...ذعرًا مما سيفعله بها....

ابتلعت ريقها وظلت تفكر فيما عليها أن تفعله...

واخيرًا قررت لملمة ذلك الزجاج الذي تناثر على الأرضية..

خرجت من الغرفة وولجت المنزل جالبة أدوات التنظيف…


لملمت ما فعلته ورفعت الصورة واضعة إياها على الفراش...وما ان انتهت خرجت من الغرفة وهى تحمل الادوات...

لكن تسمر جسدها وهى تراه أمامها..قد عاد من الخارج...ويطالعها..علامات الاستفهام بادية على قسماته..

متمتم بخشونة وحدة:

-أنتِ بتعملي إيه هنا..ايه اللي دخلك اوضتي مش قايل محدش يدخلها؟؟؟ 


انتهت كلماته و وقعت عيناه على ما بين يداه...

ازدردت غرام ريقها ومدت يدها تعطيه ادوات التنظيف التي تحوي على الزجاج المهشم مغمغمة بطريقة طفولية قبل أن تفر ركضًا من أمامه:

-بص متتعصبش بس اوضتك كانت منتنة وانا قولت انظفها و والله ما كان قصدي اكسر برواز حسناء...اققولك هجبلك واحد غيره عن إذنك هطير انا بقى بدل ما تطيرني انتَ…


_______ 


"بعد مضي نصف ساعة تقريبًا …

داخل سيارة شهاب" 


كانت ريما تجلس بالخلف بعدما آبت الجلوس جواره متحججة أنها ستنهي زينتها بالخلف…

وبالفعل أخرجت بعض من أدوات التجميل من الحقيبة الصغيرة التي تتواجد معها، فهي لم تضع لمساتها الأخيرة فكانت تتجهز بأقصى سرعة حتى تتفادي شجار بين والدتها وشهاب..

فقد كانت ترتدي فستان هادئ أسود اللون..


 بينما هو كان يرتدي بدلة سوداء وقميص أسود لا يغلقه للنهاية وكعادته لا يحب أن يضع رابطة عنق….

 

كانت تحاول وضع أحمر الشفاة الخاص بها ويراقبها في المرآة وهو يشعر بالندم الشديد تجاهها فـ ريما هى اكثر فتاة نقية عرفها ورآها كونه في وسط لا يتواجد به إلا النساء التي تسعى للتنافس، حاول أن يتخلص من غضبه، فأردف بنبرة رسمية حاول صُنعها:

- ريما هانم تحبي انزلك فين ..


انتبهت له قائلة باستغراب وحنق فاستطاع جذب انتباها:

- تنزلني فين ايه !!!


- حضرتك رايحة فين يعني ما انا السواق بتاعك..


التمست المرح في حديثه..و ردت بانزعاج وهى تلوي فمها بتهكم فهو يحاول الحديث معها لا غير:

- تصدق انا غلطانة اني برد عليك..


- خلاص متزعليش بقى..


قالها بانزعاج من نفسه قبله، كونه تسبب في ازعاجها، فلم تجيب عليه واستمرت في وضع أحمر الشفاة فليكن هو الشيء الملفت بها أكثر من فستانها ومن أي شيء فهتف بغيرة شديدة لاول مرة يشعر بها بعدما جذبه ذلك اللون الذي تضعه:

- بعدين ايه الاحمر اللي حطاه في وشك ده…

 

- متحاولش تتكلم معايا واسكت يا شهاب.


قالتها بنبرة صارمة فظنت أنه يحاول أن يخلق حديثًا بأن يعلق على ذلك الشيء، فعاد شهاب مضيفًا بجدية فهو لا يمزح الآن: 

- لا امسحيه ايه القرف ده ملفت بشكل مش طبيعي..ومستفزززز...

 

- شهاب انا لابسة اسود و الشوز سودا والشنطة كمان لازم اكسر السواد ده وبعدين لونه هادئ جدا..


قالت كلماتها بحنق شديد فتمتم شهاب بانزعاج سيطر على ملامحه: 

- بت متقعديش تكلميني في حاجات مليش فيها بدل ما تكسري السواد هكسر انا دماغك، حطي غيره لون اهدا من ده...ده مش لايق عليكي ولا على شخصيتك ..


تلفظ بنبرة ماقطة فـ ثغرها ملفت بالفعل ولا يليق على ملامحها البريئة كونه تعود على رؤية ملامح وجهها طبيعية وطفولية ليست جريئة وانثوية هكذا..







علقت ريما بسُخط شديد فهو يتعمد التقليل منها..ولا يراها أنثى تستطيع أن تتزين:

- هو ايه اللي مش لايق على شخصيتي مالها شخصيتي يا أستاذ مش فاهمة !!!!

 

- متخلنيش اقولك كلام مش عايز اقوله، امسحيه بدل ما أنا أمسحه..


- خلاص همسحه..


وافقت على مضض وحرج شديد فتسربت الحمرة إلى وجنتيها، وأخرجت من الحقيبة لون وردي هادئ لحسن الحظ وجدته معها، دام الصمت بينهم لدقائق بعدما تأكد من تنفيذها لما أمرها له فتمتم شهاب بغموض وهو ينظر لها بالمرآة...


- بتعرفي تعومي…

 

- طالعين الساحل ولا ايه ؟

 

قالتها بسخرية شديدة فلما يسألها عن ذلك الآن ؟!!!

 

تحدث بنبرة مرحة: 

- لا أصل داخلين على النيل وعندي افكار انتحارية عجيبة انا على العموم مبعرفش اعوم روحت التدريب وانا صغير شهرين وقعدت خدت الأساسيات معرفش هتخدمنا ولا لا ..


قالها وهو يزيد من سرعة السيارة فصاحت ريما بخوف: 

- شهاب اهدا شوية ..


- انا هادي اهو... قوليلى بقى انا مسمحاك بدل ما اخدك diving بالعربية في النيل..

 

- بطل جنان.. أشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله...


قالتها وهى تهبط من جلستها بالفعل تختبئ خلف المقعد فقد زاد من سرعة السيارة ولكن ليس بالدرجة الكبيرة ولكنها تهاب وتذعر من أقل شيء

 

- عليه أفضل الصلاة والسلام توبتي دلوقتي..


هتفت ريما برجاء وذعر: 

- وحياة أبوك يا شهاب سوق عدل ..


- أبويا يا عالم هشوفه تاني ولا لا ..


نطق شهاب كلماته بنبرة درامية لتجيبه بخوف حقيقي :

- وحياة امك يا شهاب اهدا


و بنبرة مرحة وبها بعض من الجنون أجابها:

- هنروحلها الله يرحمها كان نفسها تشوفني عريس هتتعرفي عليها هناك وهتحبيها …


- مسمحااااك والله..


واخيرًا لبت له ما يريد وقالتها برعب شديد فهى لديها رهاب من كل شيء تقريبا، بدأ في تخفيض السرعة تدريجيًا حتى أخذت أنفاسها وأطمأنت...وتوقف بجانب الطريق ونظر لها آمرًا إياها بالترجل والجلوس جواره فهو ليس سائقها الخاص…


_____ 


"في فيلا أمجد الشيمي"


دخل شهاب هو وريما بخطوات ثابتة وهى تتأبط ذراعه كطفلة صغيرة...كما سارعت بعض العدسات بألتقاط الصور السريعة لهم…فتوقف برفقتها سامحًا لهم بأخذ الصور...


وبتلك اللحظة كانت تجوب عيناه فقد تخلله الاستغراب فكان يظن أن الحفل عائلي وهناك بعض من المقربين فقط …


لكن ما يراه نافي ظنونه...فهناك حشد كبير من الشخصيات التي يعرفها او لا يعرفها وكأنه حفل زفافه…

انشغل بتلك الأفكار لا ينتبه لريما التي تبخر ارتباكها وخوفها وبدأت بالاندماج مع المصورين…


دخل شهاب وهو يحاول أن يخفيها عن الأنظار لا يدري ما بها اليوم مُلفته وجذابة بشكل عجيب وجديد، فرُبما لانه نادرًا ما يذهب معها إلى حفل أو مناسبة فدائمًا تكن لقاءاته معها بعد العمل التي ترتدي فيه أبسط الاشياء ولا تترك شعرها بتلك الطريقة…

 

كانت امرأة فاتنة وخاطفة للأنظار رغم أنها لم تبالغ في فستانها المحتشم فقط أكمامه من الشيفون وبها بعض الفصوص من اللون الاسود ويأخذ شكل جسدها... 


أخذ شهاب يبحث ببصره عن والده حتى وقعت عيناه عليه و رآه يجلس على الطاولة التي تجاوره بها داليا والده بتول.







سحب ريما من يدها واتجه لهم 

ثم جذب المقعد حتى تجلس ريما عليه …


 صافحت ريما داليا وفهمي ثم جلست، وجلس شهاب بجانبها .. وبدأ التوتر يعتريها من جديد…


أردفت داليا بنبرة هادئة وتلقائية ومتعالية كعادتها :

- قمر يا ريما، طالعه النهاردة ملكيش حل أحسن من يوم خطوبتك كمان…


ابتلعت ريما ريقها بتوتر فتلك المرأة تشعر بالرهبة من أحاديثها كونها تتفحص هيئة من يجلس أمامها وكلماتها حادة..


امسك شهاب يد ريما ليُقبلها بحب وفخر شديد أمام داليا وفهمي وهو يحاول أن يخفف من حدة كلمات داليا عليها، فهتف بنبرة هادئة: 

- ريما طول الوقت حلوة وفي أي حالة ليها...اصل زي ما بيقوله القالب غالب..


حدقته ريما بحب وخجل شديد في آن واحد وكأنه خطف عقلها بتلك الحركة لا تدري هل هناك أمراة تتأثر بأي شيء يفعله شريكها إلى تلك الدرجة أم أنها فقط من تبالغ في مشاعرها تجاهه


 ابتسم فهمي وعقب على حديث داليا قائلا بنبرة هادئة :

-ليه يا داليا دي كانت زي قمر...ده انا اللي مختارها لشهاب.. وأكيد مش هختارله اي واحدة..دي بنت صاحب عمري...ومعزتها من معزة شهاب واكتر كمان...

 

ابتسمت ريما بخجل وامتنان من كلمات فهمي، فتنهدت داليا لتشرب من العصير المتواجد أمامها وأردفت بانزعاج  ونبرة مستنكرة:

- انا مش عارفة أمجد هيقول المفاجأة اللي صدعنا بيها أمتى، ولا بيعملوا إيه فوق كل ده ده عازم ناس بالهبل ولا كأنه يوم فرحه ..


حرك فهي رأسه بعدم إكتراث ولا مبالاة فهو يعلم كره داليا لزوج ابنتها :

- هو حر يا داليا، بطلي تنتقدي أي حاجة وخلاص هو فرحان وعايز يفرح بنتك دي حاجة المفروض تسعدك…


- اه انا سعيدة أصلا من يوم ما اتجوزها وأنا في قمة سعادتي كمان…


رددتها داليا بنبرة ساخرة وهى تحاول ان تخفي حنقها فلا تدري أي ريح ألقت به في وجه ابنتها، جاء أمجد من خلفها مُقبلا رأسها، وكأن الإنسان الجيد يأتي عند ذكره: 

- أيه يا حماتي الجمال ده كله، ناوية تخطفي الأضواء مننا ولا ايه ؟؟ 


قالها أمجد بمرح ليضحك جميع من يجلس وحاول شهاب أن يبتسم بهدوء رغم غضبه منه، فأستكمل أمجد حديثه قائلا وهو يرى شهاب وريما:

- شهاب كمان جه، ده ايه الهنا اللي احنا فيه ده تقريبا من يوم ما اتجوزنا وانتَ مجتش بيتنا رغم أننا عزمنا عمي فهمي اكتر من مرة…


حاول شهاب أن يتحدث بنبرة هادئة ومرحة وابتسامة مزيفة حاول صنعها: 

- معلش بقى الشغل، واغلبية الوقت عند ريما وعمو ياسر، أصل طنط رشا أكلها ميتقاومش..


- لا اذا كان كده مفيش مشكلة منورة يا أنسة ريما..


قالها أمجد بنبرة مهذبة، كادت ان تجيب عليه ريما ولكن قاطع أمجد أن هناك أحد من العاملين يحتاجه في شيء فصاح معتذرًا:

- ثواني وهرجعلكم..


ذهب أمجد فهتفت داليا باستنكار و بنبرة حانقة وغيظ مما يفعله :

- حماتي vulgar 


تحدثت ريما معقبة على حديث داليا بتلقائية واستغراب من الكلمات التي تطلقها داليا علي زوج ابنتها رغم أنه يعاملها بأقصي درجات الرُقي والاحترام :

- مش عارفة مالك يا طنط داليا ايه المشكلة لو قالك حماتي، أنا شايفة أن أسلوبه تلقائي وكفايا أنه عامل كل ده علشان يفرح بتول وواضح انه بيحبها جدا…





رمقها شهاب بمعنى ألا تدخل فيما لا يعنيها... فما كان ينقصه سوى ان تعجب ريما بتصرفات أمجد وتصبح محاميًا له…


أردف فهمي بنبرة حاسمة حتى ينتهي النقاش في هذا الامر:

- كل واحد حر في حياته يا جماعة وكلنا هنا ضيوف جايين نقعد شوية ونمشي 


ردت داليا بهدوء محاولة تغيير الموضوع أيضا فلا شك أن مجرد الحديث عنه يذكرها بتلك الزيجة التي تبغضها:

- صحيح فرحكم امتى انتِ وشهاب يا ريما وبدأتي تدوري على الفستان وتشوفي هتتصمميه عند مين ولا لسة...لو عايزة اقتراحات اقولك سواء برا مصر او جوا مصر ..


تنهدت ريما بتوتر فهي لا تحب تلك المبالغات!! 

تحب البساطة وحتى والدها ووالدتها لا يحبوا المبالغة في كل شيء .. فهي أحلامها أبسط من تلك الأشياء رُبما أكثر ما يزعجها من ارتباطها من شهاب كونه في وسط مُسلطة عليه الأنظار طوال الوقت…

لحقها فهمي واجاب بدلًا منها بنبرة غامضة: 

-  يعني شهر كده او شهرين بالكتير انا عايز افرح بيهم بقا ونشوف عيالهم وابقي جد..


- معقوله شهر ولا شهرين ولسه الفستان متعملش 

قالتها داليا باستغراب فهي تحب التميز والترتيب 

شعرت ريما بالاحراج ولا تدري شيء عن حديث فهمي عن اي شهر يتحدث؟؟؟!!!


فالموعد الذي اتفقا عليه أن تكن مدة الخطوبة عام على الأقل!!! 


كان شهاب في عالم آخر ليس معهم فيراقب نظرات ذلك الشاب الذي يجلس في الطاولة الآخري التي تتواجد أمامهم ويسلط بصره على ريما، رمقه شهاب بغضب شديد .. فنهض من مكانه ليراقبه فهمي باستغراب، خلع جاكت بدلته ليضعه على أكتاف ريما التي أردفت بدهشة شديدة: 

- شهاب أنتَ بتعمل ايه ..


- ولا حاجة كده أحسن الجو سقعة كمان، وبعدين ابقي البسي حاجة معقوله عن كده..

 

قالها بغضب شديد فلا يغيب عنه تركيز بعض الأبصار عليها…


لم تنل أفعاله اعجاب داليا وقالت باستنكار حينما تذكرت تحكمات امجد ببتول أيضًا :

- I can't believe it شهاب متعملش زي الناس المتخلفة اللي حارقين دمي..

 

- الغيرة مفيهاش تخلف ..


قالها فهمي بنبرة جادة فهو سعيد بتصرف ابنه، جلس شهاب في مقعده حينما اخافت نظراته الشاب ولم يجده مكانه…


مالت ريما على إذن شهاب وقالت بنبرة خافتة وساخطة :

- ابقي قابلني لو روحت معاك حته تاني، الفستان حلو جدا ومفيهوش أي حاجة ملفته على فكرة انتَ اللي من الصبح عايز تعمل مشكلة على أي حاجة…

 

- ريما من اول ما دخلنا والناس كلها باصة عليكي انتِ مش واخده بالك...ولا عاملة نفسك عامية…


قالها شهاب بغضب لترمقه ريما بغضب شديد وكأن من يحدثها شخص أخر فكيف يغضب من ملابسها لأول مرة رغم الوسط المتواجد به شعرت أن به شيء عجيب…


جاءت كلمات داليا جارحة متمتمة:

- علشان انتَ جنبها يا شهاب لو لابسة أيه العيون عليها بسببك في كام واحدة لابسين ومش لابسين متفهمش ازاي والناس مش بصالها…





نظرت ريما لها بغضب فهي لا تفهم لما تتعمد تلك المرأة أن تقلل من شأنها وإظهار شهاب فقط وتمدح في وسامته وأيضا شهرته، تكاظم حنق فهمي من داليا وتفوه بنبرة باردة: 

- داليا، واضح انك مش في المود النهاردة وناوية تطلعي غلك في الكل ..


- انا مكنش قصدي حاجة يا ريما أنا بهزر معاكي..

 

قالتها داليا حينما أدركت ما تفوهت به من غضبها من كل شيء، فهتف ريما بنبرة هادئة رغم حنقها

- مش زعلانة عادي يا طنط….


صرت داليا على أسنانها من كلمتها الأخيرة واشاحت بعيناها بعيدًا محاولة أن تهدأ…..


_________ 


خرج كل من بتول وأمجد من المنزل ويديها مطوقة إياها، فكانت أقرب للأحتضان..


اتسعت بسمتها عند رؤيتها اقتراب عدسات التصوير والتقاط الصور لهم بوضعهم الرومانسي ذلك…

فمن يراهم قد يظنهم في بادئ زواجهم..

عشقهم لم يقل!!

بل يزداد يومًا بعد يومًا ..

حركت رأسها رامقة زوجها ببسمة محبة حامدة ربها على ذلك الزوج المحب، الذي يفعل لها ما تشاء..

لم يغضبها يومًا، حنون لأقصى درجة، لا يتحمل رؤية عبراتها..يغار عليها كثيرًا.. 


شعر بنظراتها المسلطة عليه، فأستدار برأسه وحرك ذراعيها المطوقة إياه، رافعًا إياها أمام ثغره مقبلًا إياها بنهم وعينيه ترتكز بعيناها… 


ظلت العدسات تلتقط تلك اللحظة الرومانسية، ثم افسحت لهم المجال ليعبروا خاصة عندما دوى صوت تلك الأغنية الرومانسية العاشقة لها…. 


ازدادت بسمتها وقالت بخفوت لم يسمعه سواه:

-دي الأغنية اللي بحبها….

 

اماء لها واقفًا بمنتصف الحديقة مقربًا إياها منه بحنان، ويديه تطوق خصرها بعذوبة، فرفعت يديه واضعه إياه على كتفيه والأخرى كانت بين يديه وبدأ جسدهم بالتناغم مع الموسيقى وكذلك أرواحهم… 

لا يشعران بشيء من حولهم..

نظراتهم كانت كفيلة لتثبت مدى عشقهم… 

كانت ترقص بين يديه كالفراشة.

تشعر حالها ملكة، جميع النساء تحسدها على ذلك الزوج، كذلك هو فكان هناك العديد ممن يحسدونه على زواجه بها.. 

وكان شهاب من بينهم، كانت عيناه تراقبهم بترصد….

قلبه يؤلمه بشدة، لا يعلم ماذا يفعل؟ 

لكنه لا يتحمل رؤيتها بين ذراعيه يتبادلان النظرات الرومانسية…. 

وبعد وقت ليس بكثير، توقفت الموسيقى وحل صمت عظيم، وتسلطت الأضواء عليهم… 


ابتعد عنها وصدح صوته بتلك الكلمات، وهو يحملق بها لا يرى أنثى سواها.. 

-أنهاردة حبيت احتفل معاكم بعيد جوازنا، انهاردة كملنا سنتين، ومش هكون ببالغ لو قولت أنهم كانوا أجمل سنتين في حياتي، أمي دايمًا كانت تدعيلي ربنا يرزقني ببنت الحلال، الجواز مكنش في بالي، بس أول مرة شوفتها فيها وقعتني، لقيت نفسي بفكر فيها ليل ونهار، خلتني أقول هى دي اللي كنت بدور عليها، خلتني أعرف أنه ربنا بيحبني، مفيش غيرها عرفت توقع أمجد الشيمي… 


صمت قائلًا يطالع عيناها الجميلة المليئة بالعبرات تأثرًا بحديثه، رفع يديه مربتًا على وجهها ثم أكمل وهو يشير تجاه داليا :

-أنا حابب اشكرك يا حماتي، انتِ جبتيلي أغلى حاجة في حياتي، وطبعا كان نفسي حمايا يبقى معانا، وهدية مني ليه هشارك في تجهيزات مستشفى لعلاج مرضى القلب وهتبقى بأسمه…


أنهى كلماته التي صعقتها وجعلت الكلمات تتجمد على طرف لسانها مخرجًا علبه قطيفة حمراء اللون….


طالعت العلبة بعينيها الجاحظة، ثم قام بفتحها كاشفًا عما تحتويه، فلم يكن سوى أسورة تحمل شعار القناة الذي يكن والدها شريكًا بها…. 


طالعته بصدمه وسرعان ما ارتمت بأحضانه وعبراتها تتسابق على وجهها فهديتها البسيطة له لا تأتي شيء جوار ما يفعله …..

-أمجد أنا مش عارفة اقولك إيه بجد؟! 


-متقوليش حاجة، خليكي جمبي وبس مش عايز أكتر من كدة!!! 


زادت من احتضانها له قائلة من بين عبراتها:

-علطول، طول العُمر هفضل جمبك… 


اخرجها من أحضانه ماسحًا عبراتها بأنامله متمتم بحنان:

-متعيطيش بقى.


استجابت له وتوقفت عن البكاء مبتسمة باتساع فلا أحد سعيدًا بتلك اللحظة مثلها… 

أما هو فرفع يداه وقال بمرح مشيرًا على ساعة معصمة ملوحًا يديه للحاضرين:

-وادي هديتها يا جماعه لبستهاني فوق قبل ما ننزل.. 





وعلى الطرف الآخر ...

كان يجلس سمير بصحبة خطيبته فرح المبهورة بذلك الرجل، فلطالما رأت تلك الأفعال بالتلفاز فقط..


لم يسبق لها أن رأت رجل يعشق زوجته لذلك الحد .. وكأنها في فيلم سينمائي تحملق بهم بعدم تصديق…


مال عليها سمير وهمس حينما لاحظ شرودها: 

-مالك يا فرح عاملة زي الهبلة كدة لية كأنك في السينما؟


- هبلة إيه بس، أنتَ مش شايف عمل إيه، أنا حقيقي مبهورة، مكنتش فاكرة أنه في راجل بيحب مراته كدة الا في الأفلام ..


ابتسم لها سمير وقال:

-اللي معاه فلوس بيعرف يبسط نفسه ويبسط مراته لأنه مش شايل هم بكرا، بالك لو معايا فلوس زيه كنت عملت اكتر من كدة… 


أما والده بتول فكانت تشتعل منه لا تطيقه وتراه لا يستحق ابنتها مهما فعل ….

ومن داخل المنزل كانت تلك الخادمة المسماه وردة تطلق شرار من عيناها….


_______ 


مرت الحفلة على خير دون حدوث شيء ملحوظ تناولوا الطعام، والتقطوا الصور مع الجميع، فأستأذن شهاب انه سيذهب لتوصيل ريما الى منزلها نظرًا لمكالمات والدتها الكثيرة وكلماتها الغاضبة والحادة على ريما، فهي لا تحب أن تتأخر ابنتها لتلك الدرجة فاقتربت الساعة من الثانية بعد منتصف الليل ومازالت معه !!!


"أمام البناية"

أوقف شهاب سيارته أمام البناية ثم هبط وفتح لها الباب ونادرا ما يفعل تلك الحركة، هبطت ريما من السيارة وأردفت قائلة بنبرة مرحة: 

- حاسة أن خلاص النهاردة هدخل التاريخ فتحتلي الباب بنفسك ..


- يلا أهو كله بثوابه ..


حاول شهاب ان يتصنع المرح فعلى الأقل يُنهي الليلة وهي سعيدة دون ان يتسبب في تعاستها، ثم استكمل حديثه قائلا: 

- لو مامتك اتعصبت عليكي أوي قوليلي وانا هبقي أجيلها بكرا..

 

هزت رأسها موافقة، فهي تعلم ان والدتها ستفتك بها عند صعودها ولا تبالي فهي تعودت على طبعها تحديدًا منذ خطبتها من شهاب، فأردفت ريما باستغراب حينما شعرت بأن هناك شيء أخر يشغل عقل شهاب: 

- شهاب انتَ كويس ؟؟ 


- كويس... ليه بتسألي؟


قالها شهاب باستغراب شديد؛ فعلقت ريما بنبرة حانية وصادقة فهي لا تستطيع التصنع 

- حساك النهاردة من في المود من ساعة ما جيت تاخذني من البيت وانتَ مش طبيعي وطول اليوم باين أنك مش مرتاح او في حاجة مش طبيعية فيك..


- مفيش يا ريما أنا بس مُرهق الفترة دي وتحت ضغط علشان الشركة اللي بابا بدأ فيها دي وبقي في مسؤولية كبيرة عليا، ومكنش ينفع مروحش..


تحدث شهاب بكلمات بعيدة كل البُعد عن الحقيقة فهو حزين لما حدث اليوم فتاة أحبها لسنوات كانت تحتفل بزواجها للعام الثاني، تابعت ريما بنبرة هادئة وهى تتأمله مستشعر كذبه: 

- شهاب، لو سمحت لو في حاجة متكدبش عليا..


- مفيش يا بنتي هيكون في ايه..


- انا حسيتك مضايق من أمجد وبتتكلم معاه بطريقة مختلفة عن الكل..

 

قالتها بصدق شديد فهذا ما تراه وتشعر به ولا تستطع تجاهله،  سخر شهاب وحاول كتم غضبه:

- هضايق منه ليه يعني، انا مبحبش التصنع..

 

- هو الواحد لما يعبر عن حبه لمراته قدام الناس يبقي تصنع أيه المشكلة يبين قد أيه بيحبها وبيعشقها ويعزز ثقتها في أنوثتها …





كانت ريما تتحدث بنبرتها الخيالية التي تلازمها دائما…

رد شهاب بوجوم:

- انا مبحبش الاستعراض يا ريما، اللي بيحب حد مش لازم يستعرض حبه، الحب هو اللي بيظهر بين اتنين مش لازم كل الناس تشوفه ونقعد نتكلم عنه…. الحب أعمق من استعراضه..

 

أردفت ريما باستغراب شديد فهو يظهر لها دائما رجل يعشق العمل فقط.. 

- انتَ شهاب بجد؟؟؟! 

انتَ خطيبي؟؟!!!!! 


- اه انا ياستي ..

قالها بمرح فأجابت عليه 

- اومال يعني مش حساك عميق يعني، دايما محسسني أني واحد صاحبك ما انتَ طلعت عارف يعني أيه حب أهو..

 

قالتها بتلقائية شديدة كعادتها، فعلق شهاب وهو ينظر بساعته يريد الاختلاء بذاته:

- مش طنط قالتلك أنك اتأخرتي وبقالنا ساعة عمالين نرغي..

 

- انتَ بتهرب مني يا شهاب، أنا بهزر معاك عموما أنا عارفة أننا مخطوبين يعني خطوبة تقليدية..


قالتها بنبرة حاولت جعلها مرحة ولكنها خرجت منها يائسة وحزينة فهو لم يعترف ولو لمرة بأنه يكن لها القليل من الحب، ثم تابعت بنبرة هادئة :

- تصبح علي خير يا شهاب …


ذهبت من أمامه وهي تضع سترته على كتفيها فلم تعطيها له فقد نست الأمر حينما شعرت باليأس فهو مختلف عنها اكثر مما توقعت تخشى أن يستمؤ هكذا والا يقع في حبها….مثلها!!!


فهي أحبته كثيرا لا تدري متى وكيف أصبح فارس وبطل أحلامها..

 حك شهاب مؤخرة رأسه بغضب شديد ومسح وجه كعادته أستطاع أن يحزنها فهو شعر بانزعاجها كونها انتظرت منه أي كلمة …





استقل السيارة حينما رأها صعدت في المصعد، وشرب من زجاجة المياه الصغيرة المتواجدة بجانبه حتى يقضي على عطشه، وأمسك هاتفه وابتلع ريقه ليفتح (الواتس اب) ويُسجل لها رسالة صوتية: 

- ريما انتِ اجمل بنت أنا شوفتها وأكتر واحدة شوفتها نقية وطفلة من جواها، كنتي زي القمر النهاردة وكنت غيران عليكي علشان كده قومت حطيت الجاكت علي كتفك، اصل اول مرة تبقي باينة مزة كده علطول كنتي لابسه بنطلونك الملتون وشنطة ضهرك كأنك جاية من المدرسة …


ضحك قليلا ليستكمل حديثه بعد أن ابتلع ريقه: 

- عرفت ازعلك كعادتي في اخر أي يوم نكون فيه سوا، انا مبعرفش أعبر عن مشاعري والله عارف أنها سخافة مني بس انا مبعرفش اقول لحد انا حاسس بايه ناحيته بقيت عملي زيادة عن اللزوم معلش بكرا لما نتجوز واكون معاكي وقت أطول يمكن اتغير وأتصرف بقلب وبتلقائية زيك واكون رومانسي.. 

تصبحي علي خير يا اجمل بنت في الدنيا..

 

ارسل الرسالة تاركًا الهاتف بجانبه وبدأ في التحرك والاتجاة نحو منزله…


"بينما في الأعلى" 


أغلقت الباب بهدوء شديد وهى تعلم أن والدتها لم تمر ذلك التاخير مرور الكرام وصدقت توقعاتها حينما هتفت والدتها الجالسة على الأريكة وعلى ما يبدو أنها انتهت لتوها من قيام الليل التي تحرص عليه دائما:

- ما لسه بدري يا هانم ما كنتي روحتي معاه أحسن تباتي عندهم جاية تاعبة نفسك ليه..


هتفت ريما بنبرة هادئة :

- ابوس أيدك يا ماما دي مرة واحدة خرجت فيها خروجة بعيد عن الشغل .. 


نهضت والدتها من مجلسها قائلة بنبرة غاضبة مقاطعة حديثها :

- قسما بالله يا ريما تاخيرك ما هيعدي على خير .. حفلة أيه الصيع دول اللي تخليكي ترجعي بيتك الساعة اتنين…


تمتمت ريما قائلة بلا مبالاة وسذاجة أثارت حنق والدتها: 

- اولا انا مع شهاب واونكل فهمي .. مش لوحدي .. وشهاب موصلني لحد تحت ..


هتفت رشا بنبرة صارخة :

- متخلنيش أهزقك يا ريما .. شهاب أيه وفهمي ايه .. ادي اللي كنت خايفة منه .. شهاب ده خطيبك مش جوزك يعني زيه زي الغريب .. أنا مليش دعوة بوسط شهاب وبمعارفه .. لولا ابوه أنه صاحب أبوكي مكنتش وافقت عليه .. بس النهاردة اتاكدت أني كنت صح شهاب مينفعكيش ..





نظرت لها ريما باستغراب قائلة بانزعاج وحنق 

- جرا أيه يا ماما شهاب مش غريب وهيبقي جوزي ثم أنا تعبانة وعايزة أنام بلاش ننام متخانقين نتخانق الصبح .. تصبحي علي خير..

 

قالت كلماتها الاخيرة راكضة نحو غرفتها بطفولية . تحت غضب وحنق والدتها التي لا تدري ماذا تفعل بابنتها الحمقاء فهتفت صارخة قبل أن تغلق ريما باب غرفتها :

- ابوكي لو عرف بتاخيرك ده مش هيحصل طيب .. ومتفتكريش أنه علشان مسافر هتتاخري براحتك 

ماشي يا ريما هوريكي هتهربي لغايت امته يعني... أبوكي راجع الصبح ومش هخبي عليه..


 

______ 


خرج امجد من دورة المياه الملاحقة لغرفته بعدما أبدل ملابسه لأخرى مريحة، والبسمة المشرقة تزين ثغره الواسع..ثم سرعان ما انتبه لها وهى تقف أمام الخزانة ومن الواضح بحثها عن شيء ما.. ظل محافظًا على بسمته مردفًا:

-في إيه يا بتول بدوري على إيه؟


التفتت تناظره بنظرة خاطفة، ثم عادت لبحثها مرة ثانية وهى تجيبه:

-بدور على البرشام، مش لقياه..


تبخرت بسمته تدريجيًا ليُدرك أنها تبحث عن تلك الحبوب لتمنع إنجابها منه، واقترب منها محتضنًا إياها من الخلف محاوطًا خصرها بحب هامسًا جوار أذنيها:

-أحنا مش اتكلمنا في الموضوع ده، وقولتلك أني عايز ولاد منك،ومدوريش كتير أنا رميته..


توقفت عما تفعله وهى تستمع لحديثه، واستدارت واقفة قبالته، قائلة بتوتر 

-احنا اتفقنا بعد ما السيزون يخلص يا أمجد…


-فاضل حلقة واحدة يا بتول خلاص …





ابتلعت ريقها وصاحت بتردد:

-أنتَ متأكد يا أمجد من القرار ده!


- يعني ايه متأكد دي ؟؟؟ انا بحبك وعايز أخلف منك وبعدين أنتِ مش عايزة ولاد يتنططوا حولينا وينادوا حماتي يا تيتا...


ثم تنهد واستكمل حديثه قائلا بنبرة مرحة :

- مشفتيهاش انهاردة كانت هتأكلني ازاي كل ما  اقولها يا حماتي، اومال لو جبنا عيل بقى وقعد يقولها يا تيتا، ويا ستو دي ترفع عليا قضية في حقوق الإنسان…أو قضية سب وقذف..دي بتحسسني اني بشتمها لما بقولها يا حماتي...


هتف الأخيرة بمرح شديد، جعلت الابتسامة تأخذ مسارها على وجهها الجميل... 

ابتسم على بسمتها ورفع يديه وسار بها ببطء على طول ذراعيها المكشوفة من قميص نومها، قائلًا:

-متعرفيش بحب ضحكتك قد إيه...انا دايب فيها والله…


 حاولت بتول إيجاد حديث يضاهي حديثه جمالًا، لكنها لم تستطع، رفعت رأسها وما أن تقابلت عيناهم حتى أقترب منها وبثها شوقه وهوسه بها.... 


____________


في الصباح الباكر ..


 كان أمجد يجلس في مكتبه بسعادة شديدة تسيطر عليه .. ليلة أمس لم تكن ليلة عادية واستطاع فيها أن يرسم البسمة على وجه زوجته... فتح إحدى الملفات العائدة لإحدى القواضي...منتظرًا أن تأتي الخادمة بفنجان قهوته …


وبالفعل فُتح الباب لتطل منه وردة وهي تحمل القهوة له مغلقة الباب من خلفها...ليمرقها بنظرة قاتلة فهي تتعمد أن تظهر أمامه…

 هتف من بين أسنانه بطريقة ساخطة حينما أغلقت الباب :

- هو أنا مش قولتلك مشوفش وش أمك تاني طول ما أنا في البيت .. مفيش غيرك يجيب القهوة..

 

تمتمت وردة بانزعاج من لهجته ولكن صبغتها بلهجة ساخرة :

- بقولك أيه علشان نخلص من الموضوع ده .. هات شغل لجوزي برا وتديني مبلغ محترم عيشني مبسوطة وأنا أخلصك مني خالص…

 

قهقه بسخرية شديدة قائلا وهو يحاول السيطرة على ضحكاته:

- وأيه كمان يا روح أمك عايزاه…

 




نهض من مجلسه ووقف أمامها ليتمتم هامسًا وهو يجز على أسنانه نادمًا أشد الندم على تلك الليلة التي جعلت فتاة مثلها تتحدث معه بتلك الطريقة: 

- بقولك إيه مش هديكي حاجة واعلى ما في خيلك اركيبه.. ومش بس كدة لا ممكن كمان اطردك لو حابب ومخليش حد يشغلك عنده .. ولا أقولك البسك قضية كمان لو فضلتي شغاله في الشغل ده...اللي قدامك مش واحد بتاع مكاتب وهيخاف من الكلمتين بتوعك وهينفذ اللي انتِ عايزاه .. جنية واحد مش هدفع سامعة يا روح امك…


رمقته بغضب قائلة وهي تقترب من الباب لتخرج حينما وجدت لهجته المتعالية كعادته: 

- الفلوس دي بالنسبالك مش حاجة .. بس على العموم براحتك ... مدام انتَ مستخسرهم أنك تعيش انتَ ومراتك مبسوطين .. يبقي هقول على كل حاجة…


فتحت الباب وكادت تخرج فقابلت بتول في وجهها...فهتفت دون تردد بعدما اختطفت نظره ماكرة تجاه أمجد:

-صباح الخير يا هانم..ينفع اتكلم مع حضرتك..اصل الموضوع مهم اوووووي…


__يتبع__


                 الحلقه الرابعه من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1