Ads by Google X

رواية زيغه الشيطان الحلقه السادسه


 الفصل السادس من #زيغه_الشيطان 

#اضواء_مبعثرة 

بقلم فاطمة محمد & فاطمة طه سلطان

______ 


اذكروا الله

_______ 


الغيرة في الحب كالماء للوردة، قليلها ينعش وكثيرها يقتل.

#مقتبس.

_______


وصل شهاب أمامهم، وخرج صوته متلهفًا خائفًا وهو يوجه سؤاله لها: 

-بتول أنتِ كويسة ؟؟؟


أنهى كلماته محولًا أنظاره تجاه أمجد قائلًا بقوة وهو يرفع يديه حتى يتشاجر معه فلقد اجتمع أغلب الناس حولهم ولم يكن شهاب الوحيد الذي اندفع ناحيتها ….

-أنتَ أتجننت ولا إيه نظامك بضبط بتمد أيدك عليها ازاي أنت اتجننت ؟؟؟؟


اكفهر وجه أمجد ما أن استمع لصوته مجيبًا إياه بسخرية لاذعة وغضب شديد: 

-مراتي ومحدش له حق يدخل ولا يفتح بقه بكلمة واحدة.. 


قال الأخيرة وهو يرمقها مشيرًا لها برأسه وأعين تحمل من التهديد والوعيد ما يكفي: 

-يلا امشي قدامي.. 


صاحت داليا الواقفة بجوار ابنتها متحدثة بقلق وقلب منكسر لرؤيتها تصفع أمامها: 

-حبيبتي أنتِ كويسة!؟ 


ترقرقت العبرات بأعين بتول وارتجف ثغرها محاولة التمسك أمام الجميع…


لم يترك أمجد أي فرصة لها للأيجاب...متجاهلًا الحضور وتساؤلات وخوف الجميع عليها وجذبها عنوة أمام الجميع، فتحركت معه كالمغيبة لا تريد أن يحدث ما هو أسوء.. 


لحقت بهم داليا التي طوال سيرها خلفهم تتوعد له، وكذلك حاول شهاب الذي جن جنونه اللحاق بها لكن يد فهمي منعته متمتم من بين أسنانه فهو لم يعجبه الوضع أيضًا وتتضايق مما حدث : 

-رايح فين، خليك مع عروستك، ده راجل ومراته ومحدش يقدر يتكلم أمها مشيت وراهم… 


كاد فهمي أن يعتذر للحاضرين عما حدث ويسترسل العرس كي لا تحزن ريما، فأقتربت منه ريما الواقفة بجوار والدها و والدتها وصديقتها بملامح باردة متمتمة بهدوء رغم ما يعتريها من آلم بين ثنايا قلبها: 

-لو سمحت يا عمي، اعتذر للناس، الفرح خلاص باظ، ارجوك مشيهم…..


زم فهمي شفتاه بأسف وحزن لرؤية الحزن البادي على وجهها، فما كان منه سوى أنه اماء لها وفعل لها ما شاءت. 


أما هى فأضطرت لرسم بسمة على وجهها حتى لا تحزن والدتها بذلك اليوم، وعيناها كانت لا تفارق شهاب التي اكتشفت مشاعره اليوم تجاه بتول فكم كانت حمقاء وساذجة… 


وبعد دقائق، كان غادر الجميع، وذهبت لجناحها برفقة والدتها التي ظلت تحاول التهوين عليها وأخبارها بمدى جمالها تلك الليلة، وأن شهاب لم يخفض عيناه عنها للحظة …


ابتسمت على سخافة تلك الكلمات، وظلت محافظة على بسمتها وهى ترى والدتها تغادر حتى تسمح لشهاب بولوج الغرفة والانفراد بها… 


_____________ 






-يوووه بقى يا ياسمين قولتلك مش بحبه...مش بحبه..


صاحت غرام كلماتها بعصبية واضحة عاقدة ذراعيها أمام صدرها....


دوت ضحكة عالية من ياسمين بالغرفة جالسة جوارها على الفراش....متمتمة:

-يا بت على عمتك برضو..ده أنتِ مفضوحة على الآخر..ده حتى وأنتِ بتتقلي عليه برضو مدلوقة... الا قوليلي يا بت يا روما نجم ابن اخويا عمل ايه خلاكي بتحاولي تتقلي وتصدريله الوش الخشب كدة...


تحركت غرام بجلستها والتقطت الوسادة وقامت بقذفها بوجه ياسمين متمتمة:

-عمتك في عينك...ده اللي بينا كام شهر...أنتِ هتعيشي الدور..وبعدين إيه مفضوحة دي...على فكرة بجد بجد مش بحب نجم...


-يا ولا يا جامد طب عيني في عينك كدة....


رددتها ياسمين بمرح....فتأففت غرام بصوت مسموع وهى تهب واقفة على قدميها معترفة لها:

-طيب يا ستي بحبه...ومتنيلة على عيني مفضوحة قدامه بس اعمل ايه غصب عني..وبعدين الكلام ده قبل ما اقلب عليه و اديله الوش الخشب...اصله شاف وش غرام المدلوقة..بس مشفش وش غرام التقيلة...اصبري بس انا هورية النجوم في عز الضهر...


هتفت توعدها لا تدري بأستماعه لكل شيء....أثناء مروره من أمام الغرفة قاصدًا حجرة ابنته سندس...وجذب انتباهه صوت غرام معترفة بعدم حبها لشخص  ما...فأعترته رغبة كي يتابع حديثها....

فمنذ أن جاءت له بذلك البرواز واخبرها بأنها لا تزال طفلة وهى تتجاهله تمامًا مما اغضبه وجعله يتساءل عن سبب هذا التغيير...والآن فقط أدركه...فتلك الطفلة عاشقة له….


_____________


تقبع على المقعد الصغير الموضوع أمام المرآة بعد أن ازاحت طرحتها وحررت خصلاتها حتى قامت بأفساد تصفيفه المرتب والأنيق...ليصبح مبعثرًا...متناثرًا حول وجهها….


منغمسة في البكاء تبكي كما لم تبكي يومًا...فقد حاولت بقدر الإمكان حبس دموعها أمام والدتها حتى لا تحزن...على يقينًا تام أن والدتها إذا علمت بما ينتابها ستتأثر أكثر منها وقد يصيبها شيء…..


سقط بصرها من خلال المرآة على تلك الزهور الحمراء و(روب الاستحمام) من اللون الوردي الخاص بها والابيض الخاص بشهاب موضوعان على طرف الفراش ومطرزين بأسمائهم، وتلك المنامة الحريرية التي كانت سترتديها... 


كل تلك الأشياء أصابتها بالجنون فأندفعت من مجلسها وأخذت تبعثر الورود وتلقي بكل شيء أرضًا ودموعها لا تتوقف بل كانت تزداد شيء فـ شيء…. كانت حمقاء بالفعل بسبب ظنها بأنه لا يحب بتول ويعتبرها شقيقه له….

- غبية...غبية..غبية …


ظلت تلعن نفسها بسبب سذاجتها وحماقتها وتمنت أن يعود بها الوقت حتى لا توافق عليه... أو تقع في عشقه !!!


دخل شهاب الجناح وخلع جاكت بدلته بغضب شديد، أهانها أمام الجميع وذهبت معه، هل أصبحت عديمة الكرامة لتلك الدرجة صفعها وذهبت معه !!! 


لا يعلم سبب ما فعله لكن فعلته تكفي كي تتركه..  


كذلك لم يخبره فهمي بشيء سوى أن يهتم بعروسته فهى ليلة عُمره ولا يدع أحد يفسدها والقى عليه الكثير من التحذيرات والتوصيات أن يصالح ريما فما حدث ليس بشيء هينًا فقط أنقلب حفل زفافها وليلة عمرها إلى فضيحة صفع بتول الحناوي….


غير أن الكثير من الشخصيات العامة والممثلون وأشخاص ذوي مكانة هامة كانوا بالزفاف….


وجد زجاجة نبيذ فكاد أن يأخذها ويتجرع منها لكنه تراجع لا يريد العودة لتلك العادة السيئة الذي تركها بصعوبة بالغة….


تركها وانتشل زجاجة مياه بدلًا منها وارتشف حتى روى جوفه، لا يعتقد أن هناك شيء يمكن أن يهدئه…


فتح كف يده وأمال الزجاجة ونثر بعضًا منها على وجهه لعل نيرانه تهدأ..

وما أن انتهى حتى انتبه لـ غياب ريما من الجناح وغلقها لـ باب الغرفة فاقترب وطرق على الباب بعد أن أخذ نفس طويل فظن أنها تبدل ملابسها :

- ريما.. ريما 


لم يأتي منها رد فلا يعلم أنها منهارة في الداخل، فأعاد سؤاله بقلق أن تكن فاقده وعيها أو هناك شيء…


حاول فتح الباب لكنه لم يفتح فعلم أنها تغلقه من الداخل….

- ريما انتِ كويسة؟؟ ريما ردي عليا.

 

ردت ريما بنبرة صارخة ومتألمة من الداخل:

- سبني متتكلمش، اسكت احسن مش عايزة اسمع صوتك…





كانت نبرتها مريبة بالنسبة له وجعلته يخشى عليها... فقد تمكنت منها حالة لم يتوقعها نعم ظن أنها عابسة وغاضبة 

سيأخذ وقت في مصالحتها لكن ما حدث بها؟!! 


علق شهاب بنبرة حاول جعلها هادئة 

- ريما افتحي...في إيه ؟؟؟


حاول كثيرا فتح الباب وهو ينادي عليها وأخيرا استجابت لندائه وقامت بفتح الباب دافعة إياه في صدره بقبضتها ليعود إلى الخلف خطوتين تقريبًا وعيناه تجوب على وجهها متفحصًا هيئتها المبعثرة وعيناها المتورمة.. 


أجابت على تساؤلاته بغضب شديد وسخرية واضحة:

- في إيه..بجد والله يعني انتَ لسه مش عارف في إيه !!!

 

اقترب منها شهاب محاولًا أن يضع يده على أكتافها ويضمها له علها تهدأ .. فابتعدت محذره إياه حتى من لمسها صارخة به وهى ترفع سبابتها أمام وجهه:

- إياك تقرب مني...إياك.


استنكر كلماتها وصاح مدهوشًا:

- في إيه يا ريما، أهدي شوية مش كده، اللي حصل كان خارج عن ارادتي انا عارف أن الفرح يعتبر باظ وانتِ زعلتي بس انا كان في أيدي إيه أعمله ومعملتوش؟؟


شعرت بألم يختلج ثنايا قلبها فمازال لا يشعر بما ينتابها، غضبت وبشدة وأجابته بصراخ شديد بل هستيري:

- ينحرق الفرح وتنحرق الناس يا شهاب انا فعلا زعلانة بس من نفسي...عشان كنت غبية...غبية لدرجة أني وافقت اتجوزك، غبية أني..اني ... 


صمتت ولم تكمل حديثها وتركته ناقصا .. كادت أن تقولها صريحة أنها عاشقة له ومُتيمة به لا تريد أن تفقد كرامتها أكثر من ذلك فكانت ستعترف له بأنه أن طاف العالم بأكمله لن تحبه امرأة بقدرها .. كانت تظن أنها ستعيش ليلة سعيدة بل ستكن الأسعد في حياتها حينما تكن زوجته، وحينما يُقبلها لاول مرة…


كانت تخطط بالاعتراف له بحبها بين ذراعيه... 


لكنه حطم آمالها، حطم قلبها وكسره حينما علمت أن لديه قلب وتمتلكه غيرها، كانت تظن أن عقله اختارها وستجعله يعشقها مع الوقت فهو إنسان لديه قلب ليس مثلما يدعي أنه يقيس كل شيء بعقله….ومن المؤكد أنه كان سيعشقها عندما يدري بمدى حبها له..


حاول شهاب أن يسيطر على غضبه قائلا:

- حبيبتي اهدي انا مقدر.. 


قاطعته بنبرة صارخة :

- متقولش حبيبتي متكدبش ..انا مش حبيبتك يا شهاب….


رددتها وهى تصرخ بشدة حتى أنها جرحت أحبالها الصوتية من أنهيارها لكن قلبها كان يصرخ أكثر منها وينزف وبشدة لانه لاول مرة أحب بصدق وشعر بالخذلان:

- متقولش حبيبتك، حبيبتك هى بتول اللي سبتني وروحت تمسك في جوزها…





ابتلع شهاب ريقه بتوتر شديد؛ وحاول أن يكذب حديثها متهربًا بعيناه منها:

- ايه اللي بتقوليه ده يا ريما انتِ اتجننتي ولا إيه، بتول زي اختي و ... 


قاطعته ريما وهى تضع يديها على اذنيها حتى لا تسمع المزيد من أكاذيبه:

- اسكت اسكت متقولش أختك متقولهاش .. كفاية كدب بقى كفاية…


- ريما الناس كلها راحت تحوشهم عن بعض وانا اتحركت بدافع اني زي اخوها ومتربية معايا صعب اشوف جوزها بيمد ايده عليها وأفضل مكاني …


صرخت به تلك المرة وهى تدفعه ثانية في صدره...ودموعها تأخذ مجراها فلاول مرة تشعر بأنها ستموت من فرط صدمتها :

- لو الناس كلها مصدقة اللي بتقوله انا مش هصدق ومش هنسى نظرتك ولهفتك وانتَ بتجري عليها، انتَ نسيتني ونسيت الدنيا يا شهاب، شوفت نظرة حب ولهفة في عينك مشفتهاش قبل كدة….

انا كنت بكدب نفسي لكرهك اللي ملوش سبب لامجد وانتقادك له ولكل حاجة بيعملها بس خلاص عرفت...ولو عديت كأني مشوفتش ولا فهمت ابقى معنديش لا دم ولا كرامة….


تقدم منها وحاوط كتفيها وحاول أن يتحدث بنبرة حانية حتى يبعد تلك الأفكار عن عقلها فهو لا يريد أن يجرحها أو يشعرها بشيء لاعنًا قلبه على ما يفعله به والذي فضحه أمامها..فهو تحرك مثلما تحرك الجميع ولم يكن الوحيد الذي اندفع ناحية بتول:

- ريما متبوظيش ليلة دخلتنا كفاية الفرح كل دي اوهام في دماغك، انتِ مراتي واللي اختارتها تكون شريكة حياتي…

 

امسكت يده الموضوعة على اكتافها باعدة إياها بغضب .. قائلة 

-قولتلك ابعد عني..إياك تلمسني تاني يا شهاب ولا تفكر أني هكون مراتك …. انهاردة انتَ نهيت ريما الغبية ..انهاردة انتَ كسرت ريما اللي كانت هتقبل بلمستك وكدبك .. انتَ قليت من كرامتي واستحالة هسامحك..

 

كان شهاب يسمعها والدموع في عينه يحاول كبحها، لأول مرة في حياته يشعر بهذا الضعف بسبب انهيارها حتى أنه لم يشعر أنه على وشك البكاء في يوم زواج بتول الذي ظن أنه اصعب يوم مر عليه 

فاليوم شُعر بالألم الحقيقي تحديدًا بانكسارها…


استكملت ريما حديثها وهى تنظر في عينه بعتاب حقيقي :

- غضبك وعصبيتك مطلعوش على واحدة بتعتبرها اخت..على واحدة حبتها سنين...وانا طلعت الضحية .. أنا مش بديل يا شهاب ولا هقبل أني اكون مراتك وانتَ بتحبها ..انتَ دبحتني النهاردة عارف يعني إيه دبحتني ؟؟؟؟ 

لولا أمي وبابا اللي كان ممكن يجرالهم حاجة لو عرفوا بانهياري وبالكسرة اللي انا فيها مكنتش حتى فضلت هنا دقيقة واحدة….


ابتعدت عنه راكضة إلى الغرفة غالقة الباب خلفها لتبكي بانهيار رغم محاولتها البائسة والفاشلة في التماسك…


 تشعر بأن قلبها سيقتلع من مكانه فلم تجد نفسها سوى أنها جاءت بحقيبتها المتواجد بها ملابسها الخاصة بسفرهم…


ثم أخذت تخرج أي ملابس من الممكن أن تنفعها الأن، وأخيرا وجدت ذلك المقص الصغير وسط اغراضها


لتمسكه وأخذت تمزق فستانها بحرقة شديدة وعشوائية كي لا تطلب منه المساعدة كأي عروس لفتح سحابها .. 


افسدته بشدة أصبح لا يصلح أن يُسمي فستان زفاف .. 


أما بالخارج فكان لا يزال واقفًا حانقًا من نفسه قبل الجميع فألمته نبرتها وشعرته بمدى جرم أفعاله التي خرجت منه دون قصد: 

- افتحي يا ريما انتِ فاهمة الموضوع غلط افتحي طيب نتكلم…


أتاه صوتها من الداخل وهى تحاول لمام شتات خصلاتها المبعثرة بعدما ارتدت بنطال چينز وسترة قطنية :

-متتكلمش ….اخررس خالص…


خرجت بعد دقائق وهى تجر حقيبتها خلفها فرمقها شهاب بقلق وتمتم بنبرة مترقبة:

- انتِ رايحة فين ان شاء الله ؟





علقت ريما بسخرية شديدة ومرارة:

- في داهية .. في أي حته متكنش أنت فيها…


- ريما أحنا مسافرين الصبح انتِ مجنونة هتروحي فين دلوقتي …


أضافت ريما بغضب شديد وبنبرة اكثر تماسكًا من قبل:

- سافر انتَ لوحدك يا شهاب .. انتَ لسه في دماغك أن في شهر عسل .. فوق يا شهاب .. هي خلصت من قبل ما تبدأ ... وأروح في أي داهية….بس على جثتي افضل هنا…


- قولت مش هتروحي في حته …


قال كلماته وهو يجز على أسنانه، فصرخت به قائلة وهى تتوجه ناحية باب الجناح لا تأبي بحديثه ورفضه:

- همشي يعني همشي .. قسما بالله مش قاعدة معاك في مكان واحد.. حتى صوت نفسك مش قابله أسمعه ولا طيقاك…


تنهد شهاب بانزعاج شديد وتحدث بنبرة حاول جعلها حكيمة فكل شيء أنقلب في ثانية واحدة:

- ماشي .. سيبي الشنط طيب وأنا هاخدك ونرجع البيت عند بابا اكيد مش بتفكري تروحي عند أهلك دلوقتي!!! 


كان هذا الحل الذي وجده أمامه لتترك الحقائب قائلة بنبرة غامضة قبل أن تفتح الباب 

- انا موافقة عشان معنديش استعداد اوري أهلي اللي انا فيه... بس هركب تاكسي ومش همشي معاك وإياك تحاول تغصبني لاني هصوت وهعملك فضيحة ..

 

قالت كلماتها ثم فتحت الباب وخرجت على الفور .. ليغضب شهاب من تجاهلها ومن كل شيء ليدخل مرة أخري ويأخذ هاتفه وميدالية المفاتيح الخاصة به 

.. غالقًا الباب خلفه تاركًا كل شيء يخصهم ويحاول اللحاق بها …


 

________


توقفت السيارة أمام منزلهم مصدرة صوتًا وضجيجًا عاليًا أثر احتكاكها القوي بالأرضية الصلبة …

 

ألتفت نحوها، متحدثًا بزمجرة جاء بها من أعماق الجحيم على استعداد تام للهبوط هو الآخر: 

-انزلـــــي يلا..

 

ترجل متحركًا تجاه تلك المصدومة لاتفقه شيء.. 

ماذا فعلت؟ وماسبب غضبه بتلك الطريقة بل والأسوء تطاولة عليها الذي وصل لصفعها أمام العديد وتسببه لها بفضيحة…

 

فتحت باب السيارة بأصابع ترتجف خوفًا، رغم ما تحاول إظهاره من قوة زائفة وقناع من الجليد. 


هبطت من السيارة فلم يترك لها فرصة حتى تغلق الباب، ساحبًا إياها بقوة وخطوات سريعة كانت ستسقطها عدة مرات لولا يداه التي كانت تلحق بها.. 


ظل يسحبها معه لا يستمع لشيء من أنينها أو تألمها من قبضته القوية..حتى ولجوا إلى الفيلا صاعدين على الدرج حتى

وصلا أمام الحجرة فدفع الباب بيد والأخرى قامت بدفعها داخلها تحديدًا على الفراش، تاركًا باب الغرفة مفتوحًا على مصراعيه مزمجرًا بها كثور هائج: 

-من امتى... من امتى... وأنتِ بتخدعيني، من امتى وأنا المغفل اللي مكنتش فاهم سبب كرهه ليا، من امتى وهو بيحبك ها، انطقي…

 

قال الأخيرة وهو يحكم قبضته حول خصلاتها غير مباليًا بملامحها المذعورة وشفتيها التي باتت ترتعش بشدة.. 

-انطقي يا بتول، اتكملي قوليلي شهاب بيحبك من امتى..ويا ترى حبه ده كان من طرف واحد ولا متبادل، اتكلمي.. 


ألجمتها الصدمة لا تصدق بأن هذا هو زوجها والرجل الذي يعشقها، فقسماته الوحشية ترعبها لأقصى درجه،

نظرت له في هلع، بينما تابع هو صرخاته وهو يهزها من خصلاتها بعنف: 

-ساكتة ليه، أنا مش عايزك تسكتي….

 

أجابته بصعوبة وأعين زائغة تتهرب منه، متمتمة بتقطع: 

-انتَ بتقول أيه ؟ وعرفت ازاي!!!


لا يدرى ماذا فعلت به كلماتها، كل ما يدركه هو تكاظم غضبه وحنقه، غير متحكمًا في ذاته هاتفًا بغضب :

-أنا اللي بسأل وتجاوبيني….يلا قوليلي بقى أعترفلك امتى، قبل ما تجوز ولا وأنتِ على ذمتي اتكلمي… 


حدقتة بنظرات ساحقة، قبل أن تجيبة بقوة مؤقته، نافضة يداه فأنصاع لما تريد: 

-لا يا أمجد من قبل ما نتجوز، من زمان أوي ..من زمان لدرجة اني نسيت وافتكرته نسي وأن معاملته معاك غيرة منك بس مش حبًا فيا لا كرهًا فيك انت عشان خدت منه اللي معرفش يملكه…. انا عُمري ما حبيت شهاب، أنا محبتش في حياتي غيرك، حبيتك عشان حنيتك وحبك ليا، أنتَ أنهاردة مسحت بكرامتي الأرض….


توحشت عيناه مقاطعًا أياها وهو يميل عليها ثانية، هامسًا أمام وجهها: 

-عارفة أنتِ يعني إيه اسمع أمك اللي عُمرها ما بلت ريقي بكلمة عدلة .. بتتكلم عن حبه ليكي وأن بنتها غبية عشان سابته وضيعته من أيدها عشان خاطر واحد زيي .. 





ردد الأخيرة مبتعدًا عنها ببطء، في ذات الوقت التي جاءت به والدتها واندفعت داخل الحجرة مقتربة منه تدفعه بقبضتها تدافع عن ابنتها وهى تصيح بوجهه: 

-ابعد عن بنتي يا ابن الشيمي .. ده أنا هبيتك في القسم يا أمجد ... دي بتول الحناوي ... ده انا مش هسيبك لا عاش ولا كان اللي يمد أيده على بنتي وأنا عايشة.. 


تملكه الحنق والمقط من حديثها، نظر لها شزرًا قبل أن يرد عليها، قائلًا: 

-بنتك دي تبقى مراتي، وبعدين مش عيب عليكي بنتك تبقى متجوزة، وتقولي كلام زي ده مع راجل غريب، إيه للدرجة دي مفيش دم، كل الوقت ده ساكتلك واقول معلش يا أمجد بكرة تحبك لما تعرف قد ايه بتحب بنتها وبتقدرها، إيه بكرا ده مش ناوي يجي ولا إيه… 


أجابته داليا بنبرة يملؤها الكره: 

-لا مش هيجي، عارف لية عشان أنتَ متستهلش ظفر بنتي وانهاردة اكدتلي ده بأسلوبك الهمجي المتخلف ده .. لان مفيش راجل بيحب مراته يمد ايده عليها ويفضحها بالطريقة دي.. وبنتي هاخدها…


إلتوى فمه ببسمة ساخرة وقال قبل أن يغادر الغرفة صافعًا الباب من خلفه بقوة نفضتهم: 

-طب همجية بهمجية بقى، مدام الذوق والأدب مش نافعين… مراتي مش هتخرج من بيتي اذا كان عاجبك...لو عايزة تقعدي معاها اهلا وسهلا مش هتقعدي الباب يفوت ميت جمل ….


دنت داليا من ابنتها سريعًا تطمئن عليها، ممسدة على وجهها وعيناها تجوب على جسدها بخوف: 

-أنتِ كويسة يا بتول .. قومي نمشي .. مش هسيبك….


رفضت بتول وهزت رأسها بأعين تجمعت بها العبرات…..


_______ 


 يجري فهمي بعض المكالمات في حديقه منزله يتأكد من أن ذلك الخبر لن ينتشر وأكد على بعض المدعويين بالتزام الصمت وعدم تسريب أي شيء فهذا الخبر سيضر بسمعه عملهم وسمعة بتول…


وجد بوابة الفيلا قد فُتحت لتدخل سيارة أجرة وتهبط منها ريما وتخرج بعض النقود من جيبها وخلفها مباشرًا دخل شهاب بسيارته وهبط منها ومازال يرتدي بدلة زفافه عدا الجاكت وهيئتهم كانت مبعثرة اذا كان هو أو ريما….


نهض فهمي واقترب منهم بصدمة، مرددًا بقلق:

- في ايه يا ريما حصل إيه؟؟؟ .. ايه اللي جابكم دلوقتي ده الفجر قرب يأذن وجاية في تاكسي ليه….


- ارجوك انا مش عايزة اتكلم…


قالتها ريما بوجع شديد وكلمات منقطعة بسبب شهقاتها فلم تتوقف عن البكاء بعد:

- خلاص اهدي يا بنتي اهدي…


كانت سعاد مُربية شهاب منذ الصغر جاءت بعد استماعها لأصوات السيارات منتظرة آذان الفجر، فأردف فهمي أمرًا إياها:

- خديها يا سعاد على أوضتها …


وبالفعل ذهبت سعاد استجابة لاوامره مع ريما وولجوا إلى الفيلا…


حدق فهمى بابنه الملتزم بالصمت بغضب وصاح به:

-هببت ايه في البت خلتها منهارة كده..

 





هتف شهاب بألم شديد: 

- ريما عرفت اني بحب بتول وأصرت انها تمشي مش عايزة تسمع مني حتى كلمة اقنعتها بالعافية أننا نيجي هنا ... وبعدين الحيوان ده السبب مش عارف ازاي سبتوه يمشي كده لا وكمان.. 


قاطعه فهمي بسخرية: 

-  عايزك تفكر في امجد وبتول كمان وكمان... وحب بتول اكتر .. واقهر اللي حبتك…

انهيار ريما انهيار واحدة مش بس مضايقة أن جوزها اللي متقدملها صالونات بيحب غيرها لا ده انهيار واحدة بتعشق، اقعد مع نفسك شوف هتهبب إيه معاها بدل ما انتَ شاغل دماغك بأمجد…


قال فهمي كلماته بغضب وانزعاج شديد فما ينقصه هو حزن ريما الذي سيسبب له الحرج مع صديقه وزوجته، صديقه الذي أعطاه كنزه وكل ما لديه وهي ابنته …


_____________ 


فى الصباح...


ظل يذرع حجرة المكتب ذهابًا وإيابًا حتى الصباح، لم يغمض له جفن فالندم كان له كالمرصاد، لا يتركه، يكره ذاته ويداه التي تمدت وتجرأت عليها… 

فقد أعمته غيرته..وحب آخر لها..


 أغمض عيناه بقوة ضاممًا قبضته كارهًا تلك الفكرة، نافيًا إياها من رأسه 

فهى لن ولم تُكن سوى له.. هو بمفرده، لن يشاركه أحد بها. 


مسح على وجهه، وفتح عيناه بتلك اللحظة، وقادته قدماه خارج الحجرة قاصدًا غرفتهم، فلن يتركها بتلك الحالة وسيفعل أي شيء حتى تسامحه وتعفو عنه.. 


"أما بالأعلى"


كانت تفترش الفراش بجوار ابنتها متابعة إلقاء كلماتها السامة التي لم تتوقف عنها منذ أن فارقهم: 

-مش قولتلك أنه مش هو ده البني آدم اللي يستحقك، شوفتي ضربك ازاي قدام الناس ومسح بكرامتك الأرض .. قوليلي هتوري وشك ازاي للناس بعد كدة..ومصيبة لو حد سرب الخبر او حتى صور اللي حصل…خلينا نمشي متخافيش منه ولا يقدر يعمل حاجة ..

على اخر الزمن بنت محمد الحناوي جوزها بيضربها وبيهنها… 


هنا وكفى..فاض بها الكيل من كلماتها وحديثها الذي لا ينتهي.. صاحت عليها بهدر جابرة إياها على الصموت وابتلاع باقي كلماتها في جوفها: 

-بس يا ماما كفاية بتزوديها عليا ليه، فكرك أنا مش مضايقة وكرامتي ناقحة عليا، بس تعالِ كدة نفكر مين السبب في اللي أنا فيه ده، فكري كدة معايا شوفي مين اللي اتكلم في موضوع شهاب وخلى أمجد يعرف كل حاجة، ها مين.. 


استطردت داليا حديثها بسخط: 

-وأنا هعرف منين يعني أن البيه واقف ورانا وبيتصنت على كلامنا، كنت بشم على ظهر ايدي، وبعدين أنا مكدبتش وشهاب اللي مش عجبك ده برقبته، على الأقل مش همجي وعديم الذوق زي المهزق ده..

 

احتدت عين بتول حنقًا، فشعرت هنا داليا بخطأها الفادح، فأبتلعت ريقها وحاولت الحديث مرة أخرى، فأوقفتها يد بتول، قائلة بحدة وقوة: 

-كفاية مش عايزة اسمع اكتر من كدة، لو سمحتي سبيني لوحدي مش عايزة اشوف حد ولا اتكلم مع حد …


كادت تتحدث، رافضة حديثها ذلك، فأعادت بتول تكرار كلماتها على مسامعها بحدة: 

-لو سمحتي يا ماما… 


اماءت لها داليا، متمتمة: 

-ماشي يا بتول.. 


خرجت من الغرفة وخطت تجاه الدرج الرخامي فوجدت أمجد قبالتها يصعد درجات السلم فوقفت امامه، تمنعه من استرسال خطواته، هاتفة بتهديد ووعيد: 

-مش هيحصل طيب يا أمجد بنتي مصدومة بس هتفوق واعرف أنك هتدفع تمن اللي عملته النهاردة غالي أوي يا أمجد يا شيمي…وحذاري تمد ايدك عليها تاني..





رددت الأخيرة هابطة درجات الدرج، فظل واقفًا مكانه محافظًا على ملامحه النادمة، ثم استرسل طريقه حتى وصل أمام باب غرفتها… 


دق على الباب بهدوء، صاحبه ولوجه الغرفة.. 

جابت عيناه بالغرفة فوجدها تقف أمام المرآة تتأمل وجهها خاصة مكان الصفعة.. 


أغلق باب الحجرة بهدوء، واقترب ببطء شديد وحروف اسمها تخرج من بين شفتيه: 

-بتول… 


لم تلتفت له، فقط اكتفت برمق وجهها شاعرة بالذل والخزى، لا تتذكر بتعرضها لتلك الأهانة من قبل.. 


وقف خلفها يمعن النظر بصورتها المنعكسة بالمرآة، ثم رفع يداه راغبًا بلمس ذراعيها وأخذها داخل أحضانه عله يهون فعلته..


 كادت أناملة تتلمسها لولا صوتها الذي خرج معنفًا، تحسه على عدم لمسها: 

-متلمسنيش يا أمجد، أيدك اللي ضربتني انهاردة قدام الكل وهانتني متتحطش عليا…

 

تلفظت الأخيرة وهى تلتفت له تناظر عيناه التي سرعان ما تهربت منها، وتحاشت النظر بها.. تابعت حديثها متمتمة بوجع وعبرات حبيسة داخل مقلتيها: 

- انا مش مصدقة اللي عملته ... كأني في كابوس لغايت دلوقتي.. ازاي عملت فيا كده ازاي..أنتَ عارف أنهاردة عملت فيا إيه، مفيش راجل يستقوى على واحدة يا امجد، وده اللي انت عملته انهاردة…

 

صمتت قليلًا تتابع ندمه وحزنه، ثم أكملت: 

- قولي أنا ذنبي إيه أنه شهاب بيحبني ها، شايفني ميته فيه، لو كنت بحبه مكنتش اتجوزتك، وكنت هبقى معاه هو لاني اعرفه من يوم ما وعيت على الدنيا ..بس أنا حبيتك أنتَ واختارتك أنتَ.. 

علطول كنت بدافع عنك قدام ماما، بس أنهاردة مكنتش عارفة ادافع عنك يا أمجد.. لان انتَ كسرت كل حاجة 


أدمعت عيناه، وقال بنبرة يغلفها الترجي : 

-سامحيني يا بتول، حبي وغيرتي عليكي هى اللي خلتني اتهورت، مكنتش قادر اسمع الكلام ده واسكت، مكنش ينفع افهم سبب كرهه ليا ومتجننش، عارفة يعني إيه واحد يبقى بيحبك وعايزك غيري، انا مبستحملش نظرات أي راجل ليكي، ما بالك بقى بواحد بيحبك… 


احتدت ملامحه قائلا بتملك:

- مش من حق حد يحبك غيري يا بتول، أنتِ مراتي أنا، أنا اللي من حقي ابصلك واحبك واغير عليكي، سامحيني عارف اني مكنش ينفع اتهور كدة بس أنتِ اللي استفزتيني، أنا آسف يا بتول عشان مديت أيدي عليكي..

 

حاوط ذراعيها مع نطقه لتلك الكلمات، فدفعت يداه وعبراتها تتسابق على وجهها، قائلة بوجع: 

-آسفك مش مقبول يا أمجد، ولو سمحت سبني مش طايقة اشوفك قدامي، كل ما اشوفك افتكر اللي عملته، ارجوك امشي… 


انكمش وجهه ضيقًا ثم تحدث بصوت مبحوح: 

-همشي يا بتول، بس كلامنا مخلصش وهنكلم تاني وتالت ورابع لحد ما تسامحيني…. 


__يتبع__

Fatma Taha 


                  الحلقه السابعه من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-