Ads by Google X

رواية زيغه الشيطان الحلقه العاشرة


 


الفصل العاشر من #زيغه_الشيطان

#أضواء_مبعثرة

بقلم فاطمة محمد & فاطمة طه سلطان.


_____


اذكروا الله


_____


'الاعجاب هو التوأم الوسيم للحب.'

- أحلام مستغانمي.


_______


اليوم التالي..


يجلس نجم على المكتب أمام رضوان يشرح له بعض الصفقات والأمور الخاصة بالعمل…


كما وجه رضوان له نصائحه في بعض الأمور وأوامره التي لا تقبل النقاش في أمور أخري فهو صارم مع الجميع ورغم أن أكثر شخص يُحبه نجم لكن مع ذلك هناك بعض الصرامة والحزم بينهم.

 

وما أن انتهى اجتماعهم ذلك أردف نجم وهو يلملم تلك الأوراق المُبعثرة:

- تمام يا چدي، زي ما انتَ جولت انا هديهم الأوامر النهاردة عشان ينفذوا…

 

- ماشي، سيبك من الشغل بجى وخلينا نتحدث عنك.. 


نظر له نجم وهو يحاول أن يبدو جاهل لما سيتحدث به جده ولكنه يعلم أنه سيتحدث عن غرام، فهتف قائلا وهو يضيق ملامحه: 

- خير يا چدي في حاجة !!


رمقه رضوان بمكر لا يدري من منهما أكثر فهمًا للآخر، فصاح بعد أن خرجت منه ضحكة ساخرة: 

- مشكلتك أنك واعي وفاهم يا نچم بس بتحب تبين أنك مش فاهم، أنا عايز اتحدث عن غرام عامل ايه معاها؟ يعني كيف الأمور ما بينكم بعد كتب الكتاب، ويكون في علمك أنا مش ناوي كتب الكتاب ده نقعد عليه كتير، شهر شهرين بالكتير أوي ونحدد الدخلة، انا عايز أشوف أبن ليك يكون لك سند وضهر، ربنا يخلي سندس بس أحنا عايزين راچل يا ابني…


تنهد نجم بضيق حاول إخفاءه، لا يريد أن يزعج جده أو يخالف أوامره..فمازال يشعر بالانزعاج من نفسه كونه تزوج فتاة قد ولدت أمامه تنفيذًا لوصية عمه حتى أنه هو من أختار أسمها، فالفارق بينهما كبير جدا في العُمر.


فتحدث نجم معقبًا بنبرة هادئة: 

- مش مرات عمي جالت لما غرام تخلص چامعة دي لسه فاضلها سنتين…

 

- مرات عمك تجول اللي تجوله، المهم أنتَ بس تقول الميعاد والعروسة هتجول أمين؛ سنتين إيه يا نچم من امتى و أحنا بنكتب كتب كتاب سنتين…

 

- بلاش نسبق الأمور يا چدي، أنا لسه بحاول أخد عليها، وكمان كتب الكتاب اتعمل علشانك، لكن الدخلة وكل ده هيكون بمزاچي أنا وبموافقتها برضو مش ده كان كلامك في الأول؟؟ 


قال نجم كلماته بنبرة جامدة بعض الشيء، فأجاب رضوان بهدوء ونبرة حانية: 

- اكيد طبعا بس انت عارف غلاوتك عندي وانا عايز اشوف حفيدي، عارف أنك حفيدي بس الحقيقة أنك بالنسبالي أبني، وأنا عايز أشوف ابنك علشان كده بتكلم؛ القرار قرارك اكيد يا ابني انا بس نفسي اطمن عليكم كلكم قبل ما أموت...


- بعد الشر عليك يا چدي، ربنا يطول في عمرك ويخليك لينا….


________


أما بالخارج..


كانت غرام تدور في المطبخ وتتابعها توحيدة وبعض من العاملات في المنزل، فكانت غرام تمسك هاتفها تارة لتقرأ خطوات الوصفة..


وتارة أخرى تتحدث مع توحيده أو مع الفتيات حتى يساعدوها في الطعام فقد أصرت أن تحضر بعض الأصناف اليوم التي يفضلها نجم؛ راغبة بأن تكبر في نظره بأي طريقة كانت، ويراها امرأة جديرة أن تكن زوجتة وأنها ليست فتاة صغيرة مدللة كما كان يسميها من قبل…

 

فصاحت توحيدة بمرح:

- خلاص يا غرام هتنامي بعد اكده في المطبخ أهدي شوية…


كانت غرام تقطع الخضروات فهتفت قائلة بحماس: 

- يعني مش عايزاه او عايزاكم تفضلوا تقولوا عليا مدلعه، عايزة أعجبه يا توحة يعني عايزاه يشوفني مراته وأقدر اكون ست بيت مش عيلة في نظره يعني علشان فرق السن …


قالت كلماتها الأخيرة بحرج ونبرة خافتة، فتنهدت توحيدة وهتفت بهدوء ونبرة صادقة:

- ربنا يحميكم ويخليكم يا بنتي لبعض ويهدي سركم ونفرح بعيالكم؛ وبعدين ده الفرق بيني وبين الحج رضوان يچي تلاتين سنة وعندي منه راضية وياسمين والحمدلله متفاهمين…

 

ابتسمت لها غرام حتى ولو حديثها لم يعجبها كثيرا ولكنها تحاول أن تبث الطمأنينة بها، فعادت توحيده قائلة حينما أقتربت من غرام وتفقدت الاشياء المتواجدة على الموقد: 

- متعرفيش البت ياسمين مالها مش طايقة كلمة من حد انا عارفة انك سرها…

 




جرحت نفسها وهى تقطع الطماطم بمجرد أن سمعت تلك الكلمات ولم تتأوه فلم تؤلمها كثيرًا توقفت عن التقطيع وأعطته للخادمة المتواجدة بجانبها وقالت بلا مبالاة:

- ملهاش يا توحة هي بس كالعادة متخانقة مع أيمن شوية؛ ولان الامتحانات قربت وخايفة تشيل مادة تاني ولا حاجة..

 

جاءت سندس وهى تندفع من الخارج بهيئتها الفوضوية فصاحت قائلة: 

- ستو توحيدة…يا توحة..

 

اقتربت منها توحيدة بحب وطبعت قبله على رأسها بعد أن مالت عليها قليلاً لتصل لمستواها فرغم أنها تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا وتقترب من السادس عشر، لكن قامتها قصيرة وتحتفظ بتلك الهيئة الطفولية وكأنها عشر سنوات...

- أيه يا قلب ستو توحيدة.

 

- انا اخدت شهادة تقدير النهاردة…

 

قالتها سندس بفرحة عارمة تحتل قلبها، فأردفت توحيدة: 

- شكلك هتطلعي لراضية بتفكريني بيها وهي صغيرة، مبروك يا حبيبتي روحي قولي لبابا وجدو بقى..

 

هتفت سندس بحماس وهي تراقب غرام ودخولها المستمر منذ أيام للمطبخ.. 

- ايه ده بابا هنا!! مش في الشغل.. 


ردت غرام عليها بهدوء: 

- لا مش في الشغل هيتغدا معانا يا سندس علشان أنا اللي عاملة الأكل النهاردة يدوبك تغيري هدومك وتأكلي…


عقدت سندس ساعديها بغيرة وحنق، قائلة :

- وانتِ تعملي الأكل لبابا ليه وأنا بعمل إيه لما تعمليه انتِ..

 

أجابت غرام بنبرة ساخرة: 

- مكنتش أعرف أنك علطول بتعمليه، انتِ لسه صغيرة يا سندس وعمرك ما دخلتي المطبخ وبعدين انا مراته وانتِ بنته يعني مفيش وجة مقارنة يا بيبي..

 

جزت سندس على أسنانها قائلة بغضب مكتوم :

- ستو توحيدة هي اللي بتعمل الأكل دايما أشمعنا انتِ بتعملي دلوقتي الأكل، وزي ما انتِ هتعملي أنا هعمل بقى وانا مش بيبي يا غرام انا بيني وبينك خمس سنين يعني لو انا بيبي فـ أنتِ كمان تبقى بيبي ومينفعش تبقى مرات بابا عشان عيلة زيك زيي…

 

أدركت توحيدة ما ينتاب الصغيرة، فهتفت قائلة وهي توجه حديثها لسندس محاولة فض ذلك الحديث: 

- انتِ وراكي مدرسة يا سندس لما تكبري هتدخلي المطبخ لغاية ما تزهقي …


- ما هي وراها جامعة زي ما انا ورايا مدرسة وبعدين هي ليه بتدخل في كل حاجة تخص بابا !


قالتها سندس بغضب شديد، أما  غرام فكانت ترمقها بصدمة فهي بالفعل اليوم أدركت أنها لم تكن مجرد خيالات في عقلها فهي كانت تشعر بالغضب المتواجد في الصغيرة منذ عقد قرآنها بنجم ولكن اليوم أدركت أنها تبغضها بالفعل…

 

ابتسمت توحيده قائلة مبررة: 

- حبيبتي هي مراته، وطبيعي تهتم بيه بكرا انتِ كمان تكبري وتخلفي ويكون ليكي واحد تهتمي بيه..


-وماما كانت مراته وهى خدت مكانها…ليه تاخد مكان مش مكانها...


قالتها سندس بحنق وتشنج فأضافت توحيدة: 

- ربنا يرحمها يا حبيبتي بس بابا اتجوز تاني وبقت مسؤولية أن واحدة تهتم بيه على غرام..

 

كانت تتحدث معها بنبرة هادئة وتحاول ان تخفف من حدة مشاعرها وغضبها، أما غرام أستكملت طعامها فهي لا تريد أن تتشاجر معها أو تتحدث بما لا يعجب الصغيرة وتجدها حجة للشكوى عليها فهي تعرف تفكير الفتيات في هذا العمر فأستكملت ما تفعله..


 غير منتبهين أن نجم كان يستمع لكل شيء فكان سيطلب القهوة ولفت انتباهه صوت ابنته الغاضب وحديثها المتمرد ذلك... 


_________


تسللت ريما حجرتها واضعة حقيبتها الصغيرة على الفراش، ثم سريعًا ما ضربت على جبهتها متذكرة سحاب فستانها الذي لن تنجح بفتحة بسهوله… 


تأففت بضجر، محركة يديها تجاه السحاب محاول فتحة.. 

ظلت تحاول دون يأس، وصل السحاب لمنتصف ظهرها فلم تستطع استكماله.. 


قلبت عيناها بنفاذ صبر، فستضطر للجوء لـ مربيته حتى تفتحها لها… 


انتشلها من افكارها صوت الباب الذي فُتح على مصراعيه، والجًا منه شهاب الذي التقطت عيناه سحابها المفتوح لمنتصف ظهرها… 


ابتلع ريقه واتخذ من البرود قناعًا بعدما تأججت مشاعره وشعر برغبته بالقرب منها تزداد رويدًا رويدًا..


أغلق الباب، فـ اعتدلت على الفور مستنكرة فعلته، صائحة عليه: 

-مش في اختراع اسمه باب تخبط عليه وتستأذن الأول..


إلتوى وجهه بغلاظة متعمدة متمتم بتهكم:

-اخبط وأنا داخل أوضتي ليه إن شاء الله؟


-اوضتك!!سلامات يا أوضتك دي أوضتي أنا، اتفضل اخرج برة ومتدخلش هنا تاني يلا..


قالتها بأنفعال، فقال ببرود تام وهو يتقدم منها:

-يلا في عينك، دي أوضتي ومن انهاردة هنام هنا..


كزت على أسنانها وتحدثت من بينهم:

-ماشي يا شهاب اشبع بالأوضة انا هسيبهالك..


تحركت أمامه متناسية أمر سحابها، فما كان منه سوى أن جذبها لترتطم بصدره بقوة، هامسًا جوار أذنيها:

-مش هتخرجي، لا أنا ولا أنتِ هنخرج..


قال الأخيرة رافعًا يديه وسار بأنامله على ظهرها المكشوف، ارتجف جسدها بقوة أثر لمساته وكادت تنهره لولا استكماله لباقي السحاب وابتعاده عنها، مسترسلًا حديثه بجمود رغم جسده الذي يطالب بها….

-غيري هدومك واجهزي، ساهر جاي يتعشا معانا..





قطبت حاجبيها وصاحت بتساؤل:

-ساهر مين؟


رد بوجوم:

-ساهر العدوي..


جحظت عيناها وقالت بأنبهار وتلقائية شديدة:

-بتهرج أنت تعرف ساهر الممثل؟؟


اماء لها زافرًا بضيق من تساؤلاتها التي لا تنتهي:

-أيوة بقولك صاحبي…


صفقت بكلتا يديها بعفوية متمتمة:

-الله أنا بحبه أو


كادت تكمل لولا اقترابه المباغت وقبضه على معصمها متحدث بأعين تطلق شرار وغيرة قاتلة لاعترافها بعشقها لرجل آخر:

-بتحبي مين؟ أنتِ أتجننتي اتكلمي عدل بدل والله ارفع أيدي واسقفلك على وشك ده…


كادت بسمة تشق ثغرها ولكنها منعتها مدركة غيرته و ضيقه من حديثها بتلك الطريقة..


تهللت اساريرها فها قد وجدت ضالتها وعلمت كيف ستثير استفزازه وتخرجه عن شعوره..

فقالت بهدوء وبراءة مزيفة:

-ساهر يا شهاب هو في بنت فيكي يا بلد مبتحبوش ده كفاية


صاح بها بهدر، فقد طفح الكيل يغار عليها بجنون لا يتحمل مدحها في آخر:

-اخرسي يا ريما ومتستفزنيش احسنلك…


قال الأخيرة مغادرًا من أمامها..

او هربًا إذا صح القول فلو استمر بقائه أكثر فكان سيرتكب جريمة لامحال….


صفع الباب من خلفه بقوة، فلاحت بسمتها الخبيثة مدركة ما ستفعله تلك الليلة


__________


تحمل صغيرها على قدميها تداعبه وترسم البسمة على ثغره الصغير…

لا تعبئ بحديث صفية التي تجلس على الأريكة المجاورة محاولة الانشغال مع الصغير….


انفرج باب المنزل وطل اكرم بجسده متحدث بصوت عالي موجهًا حديثه لوالدته:

-شوفتي اللي حصل مش نچم الدسوقي اتچوز غرام بنت عمه….


صدمت صفية وكذلك رقية التي اندفعت في الحديث مستفسرة منه:

-يعني إيه اتچوزها ؟!!!! اتچوزها كيف يعني…


كاد أكرم يجيبها لولا صراخ صفية عليها مرددة بنبرة جاءت بها من أعماق الجحيم:

-وأنتِ مالك أنتِ يتچوز اللي يتجوزها قومي فزي اطلعي اوضتك وخدي معاكي إبنك...يلا…


ظلت رقية مكانها ترمقها بضيق وعبرات حبيسة ثم حملت صغيرها وصعدت لغرفتها تحت انظار أكرم الذي جلس جوار صفية وعاتبها قائلًا:

-ليه اكدة ؟؟؟

كل ده عشان سألت…


كزت صفية على أسنانها وعلقت بأنفعال مفرط:

-متسألش... وأنت كمان متكلمش معايا...سبوووني …


قالت الأخيرة مغادرة هى الأخرى صاعدة لغرفتها….


________


في المساء..


بعد العشاء كان قد أتى والد ووالدة زوجة نجم الأولى حسناء والتي توفت منذ ست سنوات تقريبًا، فهما يأتون كل أسبوع يوم أو يومان فالعلاقة بين العائلتان جيدة إلى حد ما…


 كان يجلس نجم معهم ولكن استأذن بالذهاب للحديقة لمقابلة شخص ما فيما يخص العمل….


 فجلسوا مع حفيدتهم رفقة رضوان وتوحيدة..


بينما جلس نجم على تلك الأريكة المتواجدة في الحديقة، بعد أن ذهب الرجل الذي كان يقابله..

 

ثم جاءت غرام وهى تحمل كوب من الماء وفنجان القهوة بعد أن مشطت خصلاتها بسرعة شديدة، وهندمت ملابسها ووضعت أحمر الشفاه حتى تكن بهيئة أنثوية بقدر الإمكان حتى تمحي تلك الطفلة المجنونة في عقله فهى ليست صغيرة بل هى فتاة مكتملة الأنوثة وستريه ذلك…


حتى أنها ستفعل أي شيء لتجعله يقع في غرامها ويراها امرأة ناضجة، فحرصت أن تذهب بنفسها عوضًا عن الخادمة..

 

وقفت امامه وتنحنحت حتى تلفت أنتباهه فهو كان شارد تمامًا ويخرج الدخان من فمه بسبب تلك الارجيلة التي لا تفارقه: 

- القهوة يا نجم..


انتبه لها ونظر لها وسرعان ما ظهرت الصدمة على قسماته الرجولية متفحصًا هيئتها وما فعلته بنفسها…

ورغم أنه أعجب بهيئتها ولكنه صاح قائلا بغضب تاركًا الارجيلة بغضب منتفضًا من جلسته: 

- يا نهار أمك أسود إيه اللي انتِ عملاه في نفسك ده، الطرحة فين ورقبتك باينة ليه…


نجحت في إثارة غيرته على الأقل فهي تعمدت فتح أولى أزرار ذلك القميص الذي ترتديه أسفل فستانها العصري والذي يتناسب مع الموضة، وترتدي حذاء ذو كعب عالي، فهتفت بنبرة هادئة وهي تضع القهوة على الطاولة: 

- براحة يا نجم، عادي ملبستهاش أنا عارفة أن الراجل اللي معاك مشي من نجية وبعدين انتَ قاعد لوحدك ليه العصبية دي كلها…

 

- افرضي في حد جه، وأني مش لوحدي ... وشاف منظرك ده...اسمعي بقى حذاري يا غرام حذاري ألاقيكي خارجة بالمنظر ده تاني…

 

قال كلماته بنبرة لا تحتمل النقاش، فأجابت عليه قائلة بهدوء ومكر: 

- عيوني يا نجم خلاص متزعلش، مكنتش اعرف ان غيرتك وحشة كدة…

  

- انتِ بنت عمي ودلوقتي مراتي يعني لو مغيرتش عليكي المفروض اعمل إيه…

 

قالها بسخرية وهو يعاود الجلوس ويسحب نفس من تلك الارجيلة جالسًا بأريحية وتلك الطريقة التي ستفقدها عقلها من هيبته ووسامته..

 

فهتفت قائلة بنعومة:

- عايز حاجة قبل ما أمشي طيب..


- آه اقعدي عايز اتكلم معاكي، كنت هناديكي..

 




جلست بحماس لمحه في عيناها، فهو من يريدها تلك المرة فأردف نجم بنبرة غامضة: 

- اقفلي زراير اللي انتِ متنيلة لبساه ده وخفي اللي حطاه في وشك ده…


- حاضر يا نجم؛ اللي تعوزه كله هعمله…


اغلقت الأزرار وجمعت خصلاتها مع بعضها بعد ان كانت تتركها حرة، فحاول أن يتحدث بنبرة حانية: 

- متزعليش من طريقتي، أنا كنت متعصب شوية وكنت خايف حد يشوفك كده…

 

ردت بدلال وابتسامة مشاغبة:

- ياه لو كنت أعرف انك هتغير كده كنت عملتها من زمان و أنا مزعلتش عموما انتَ عندك حق، وأوعدك مش هتكرر…

 

- ماشي، يعني حاولي تراعي أختلافنا عن بعض، ولاننا بقينا في وضع جديد وحاسس كأني أول مرة أتعامل معاكي وكأنك غريبة عني، فياريت لو كلمتك مرة وحش أو زعقت ده علشان لسه متعرفنيش…


كان نجم يحدثها بنبرة غامضة وبرغم ذلك استشعرت بأنه بدأ يخطو خطوات تجاهها، فكانت سعيدة بذلك كونه اصبح يتحدث في ارتباطهم فأستكمل نجم حديثه وهو يسحب من تلك الارجيلة انفاسه ويخرج الدخان من فمه.. 


- وعايزك تعرفي، أن خلاص أنتِ في حكمي مش في حكم أمك ولا حتي في حكم جدي، وأن الرأي الاول والاخير ليا أنا وانتِ مش رأي حد تاني ولو ناوية تكملي معايا يبقي لازم نمشي على الأساس ده..


- حاضر يا نجم، فهماك 


قالتها بهدوء وفهم فهي تدرك ما يريد قوله، فتحدث نجم 

-  النهاردة سمعت كلامك مع سندس في المطبخ..


ابتلعت غرام ريقها بتوتر على الرغم أنها متأكدة أنها لم تخطئ بحقها ولكن مع ذلك كانت تعصر ذاكرتها هل تفوهت بشيء قد يغضبه، ولكن لم تجد، تحدث نجم مرة أخري قبل أن يشعرها بالتوتر أكثر 

- بصي يا غرام، أنا أهم حاجة عندي بنتي ..


قاطعته غرام قائلة بنبرة هادئة: 

- بس انا معملتش حاجة تضايقها..

 

- متقاطعنيش يا غرام علشان تفهمي، انتِ غالية وشرفي وعرضي قبل ما تكوني مراتي انتِ بنت عمي وعارفة غلاوتك عندي، بس بنتي هي اغلى حاجة وأكدب عليكي لو قولتلك انك اغلى منها ومهما حبيتك واحترمتك بنتي هتفضل اهم واحدة، وده مش معناه أني هخليها تغلط فيكي أنا أساسا هتكلم معاها في الموضوع ده لوحدنا كان المفروض اكلمها قبل كتب الكتاب بس كل حاجة جت بسرعة زي ما انتِ عارفة…

 

كانت غرام تنظر له بوجه هادئ لا تظهر اي انطباع ان كان جيد او سيء على كلامه، لا تدري هل يجب أن تغضب بسبب كلامه أم ماذا؟؟ 


ولكنها حافظت على وجهها الخالي من التعبير، وأجابت عليه 

- عندك حق يا نجم، انتَ اتكلم معاها وأنا هحاول احسن علاقتها بيا يعني هي علاقتنا مش وحشة من الاول هي من يوم كتب الكتاب حاسة بالغيرة، يعني أنا حاسة بيها لان جت عليا أيام كنت بغير على بابا الله يرحمه حتى من ماما بيبقي سن مراهقة عايز الاهتمام بيه ، فما بالك أني مش مامتها بقا…

 

ادهشته بحكمتها وجديتها الغريبة التي لأول مرة يشعر بها فأجاب عليها بهدوء وإعجاب: 

- كويس يا غرام ان تفكيرك كده، وأنا هتكلم معاها برضو بس حبيت اتكلم معاكي في النقطة دي..


- اتكلم معايا في أي نقطة تحبها يا نجم المهم أننا نفهم بعض اكتر ونقدر بعض ونعمل اللي يريح التاني ..


نهضت من مكانها مبتسمة في وجهه بهدوء 

- لو مش عايز حاجة تاني، هدخل علشان ورايا مذاكرة..

 

- لا تسلمي يا غرام ..


أجابها مبتسمًا في وجهها أبتسامة صادقة تلك المرة ليست متكلفة فعلى ما يبدو كان يصفها بالمدللة والمتهورة ولكن هناك القليل من الحكمة مخبأة بداخلها فهي تحاول إرضاءه بأي طريقة….


_________


إستقامت أمام المرآة تتفحص هيئتها التي باتت أنثوية مغرية، خاصة بعد أرتدائها لفستان قصير يصل لركبيتها باللون الأسود يبرز لون بشرتها البيضاء، تاركة خصلاتها الناعمة تنساب بنعومة على ظهرها، واضعة أحمر شفاه بلون أحمر قاني برز شفتيها الممتلئة …


فقد أعلنت الحرب عليه، متذكرة تلك الليلة الذي اصطحبها فيها لحفل زواج بتول وأمجد وكيف استثارت أعصابه بـ أحمر الشفاه الذي كانت تضعه وكيف أصر على ازالته…


تبسم وجهها وهى تتخيل رد فعله عند رؤيتها…


التقطت قنينة العطر المتواجدة أمامها وقامت بنثر القليل منها..


انتهت والتقطت نظرة خاطفة، ثم سحبت نفسًا عميقًا زفرته دفعة واحدة، متجهه صوب الباب، حتى تهبط للأسفل فضيفهم قد وصل منذ لحظات…


غادرت الحجرة وهبطت درجات الدرج بهدوء تام راسمة بسمة محبة على وجهها الأنثوي…


أما شهاب فكان يقف رفقة والده يرحب بصديقه، يمرح معه وضحكاتهم تصدح عاليًا…


رآها فهمي أولًا، فـ أشار لها يحثها على الأقتراب..

-تعالي يا ريما..

دي يا سيدي ريما مرات شهاب…


التفت شهاب حتى يراها…

وليته لم يفعل...اختفت بسمتة في الفضاء الواسع ..


يراها تقف أمامهم بفستانها القصير الأشبه بالقمصان المخصصة للنوم..


جالت عيناه على ذراعيها المكشوفة، وقدميها العارية، أما شفتيها…..فكانت تدعيه لالتهامها..


تملكته الغيرة الشديدة بتلك اللحظة، يأبى أن يراها رجل آخر…


لم يفكر بشيء إلا بأخفاء تلك الفاتنة عن أنظارهم ….


بينما هى دنت من صديقه الذي كان غائبًا عن زفافهم لسفره للخارج، وما أن آتى رغب في المباركة لهم جالبًا لهم بعض الهدايا…


بينما هى دنت من ساهر مرحبة به بحرارة، مخبرة إياه عن مدى أجابها وحبه له:

-يعني أنا بصراحة مش مصدقة أني واقفة قدام ساهر العدوي، حقيقي تمثيلك يجنن و


ما لبثت أن تكمل لولا فعله شهاب الذي تكاظم غضبه و تشنجت عروق رقبته ويديه فلا يدري أي وحش قد جعلته بملابسها و هيئتها تلك…


سحبها خلفه عنوة دون أن يتحدث أو يستأذن من صديقه الذي اندهش مما حدث لا يفقه شيء، أما والده فقد تفهم سبب فعلته..






تحركت معه بأستسلام صاعدًا درجات السلم، حتى وصلا أمام باب حجرتهم….


بينما مال ساهر على فهمي غامزًا له بأحدى عيناه بأستفسار:

-هو في إيه؟


ابتسم فهمي وطالعه مجيبًا بمرح متهربًا من الأجابه:

-مجانين أنا عايش مع اتنين مجانين…


أما بالأعلى صفع الباب عقب دخولهم دافعًا إياها على الفراش والغيرة تكاد تقتله، هادرًا بها بصراخ:

-حلو قميص النوم ده يا هانم..


نهضت عن الفراش والحنق يرافقها مهندمة خصلاتها التي تبعثرت أثر دفعته:

-هو فين قميص النوم ده، أنا مبلبسش قمصان نوم سلامة النظر، اظاهر أنك محتاج تلبس نظاره…


نظر لها شرزًا وهو يقترب منها، وعيناه لا تبشر بالغير كذلك وجهه الذي تحول لأحمرار شديد:

-متبقيش مستفزة يا ريما… وقوليلي إيه القرف اللي أنتِ لابساه ده، ما كنتي انزلي من غير هدوم احسن..


اتسعت عيناها وقالت بصدمة مصطنعه:

-إيه اللي بتقوله ده، عيب كدة، ازاي يعني من غير هدوم..


-وحياة أمك ...عيب واللي أنتِ لابساه ده مش عيب..

وإيه اللي في بوقك ده ها، مش اتنيلت قولتلك قبل كدة متحطيش حاجة على شفايفك…


حركت كتفيها بعفوية متحركة صوب المرآة مرة أخرى ويديها تعبث بخصلاتها:

-والله دي شفايفي أنا، واعمل فيها اللي أنا عايزاه لما تبقى شفايفك أنت أبقى اكلم…


ضم شفتيه معًا غيظًا...غضبًا… غيرة..

لايعلم لكنه يدرك بأنها نجحت في أغضابه ..


خرج صوته محذرًا حاسمًا:

-طب اسمعي بقى خروج من الأوضة بالمنظر ده تنسية، أنتِ مش متجوزة واحد بقرون عشان اسيبك تلبسي المسخرة دي، لا يا ريما أنتِ متجوزة راجل...ومفيش خروج من الأوضة غير لما تغيري القرف ده…


استدارت ترمقه صائحة بعناد وإصرار:

-مش هغير يا شهاب، أنا حرة..


رفع حاجبيه الأيسر وردد بحسم:

-خلاص يبقى ملكيش خروج من الأوضة دي غير لما تغيري وتلبسي حاجة محترمة، غير كدة انسي…


أنهى كلماته متحركًا تجاه الباب جاذبًا مفتاح الغرفة من الداخل وخرج من الغرفه واضعًا مفتاح الباب من الخارج حاكمًا أغلاق الباب…


اتسعت عيناها وهى تراه يغلق الباب، فهرولت تجاهه طارقة على الباب متمتمة من بين اسنانها:

-افتح يا شهاب أنا مش في سجن هنا…


جاءها صوته من الخارج:

-مش هتخرجي يا ريما واعلى ما فخيلك اركبيه….


غادر مكانه ونزل لصديقه مرة أخرى، أما ريما وأن استمعت لخطواته تبتعد حتى اتسع ثغرها وقهقهت عاليًا سعيدة بنجاحها في أشعاله واستفزازه….. 

 





________


-أنت إيه البرود اللي انت فيه ده يا تيم هى عيشتك برة علمتك البرود والتناحة ؟؟؟بقولك ضربها ولسة قاعدة معاه….دي مبقاش عندها كرامه بقت مهزقة...


رددت داليا كلماتها على مسامع تيم ابن شقيقتها و اخًا لابنتها بالرضاعة والذي يقيم بالخارج في إحدى الدول الاجنبية..رفقة زوجته وابنته الصغيرة…


فما كان منه سوى أنه تأفف مردد بلامبالاه وبرود:

-اعمل ايه يعني يا دودي هى حرة بتول مش صغيرة كبري دماغك…


كزت على أسنانها وقالت:

-تصدق انك طلعت مهزق زيها..وانا غلطانة اني بكلمك وبحكيلك…


انتهت مغلقة في وجهه بعنفوان وحنق...


________


أنتشلت بتول هاتفها، وجاءت برقم والدتها، وضعت الهاتف على أذنيها مقررة أخبارها بحملها علها تعود الحديث معها، فهى تقاطعها منذ أن أصرت بالبقاء في منزل من تطاول عليها وأهانها، بل وأخبرتها بالأكاذيب وهى أنها ستسامحه ولكنها تحتاج بعض الوقت، ممهلة ذاتها بعض الوقت تفكر به دون أي ضغط من والدتها... 


ترى اتنصت لوالدتها وتتركه، أم تعطيه فرصة ثانية 

لحظات وكانت تجيبها: 

-أهلا بالهانم اللي معندهاش كرامة وقررت تسامح جوزها ولا كأنه لطشها بالقلم قدام الناس ..

 

تبخرت ابتسامتها وسعادتها وقالت بمرارة : 

-لو سمحتي يا ماما، بلاش تفتحي الموضوع ده، الموضوع خلاص انحل بيني وبين امجد، وأنا سامحته، كان لازم اسامحه… 


صاحت داليا بهدر: 

-لا مش لازم، مش لازم تسامحية يا بتول، مدام هانك مرة يبقى يقدر يعملها مرة واتنين وتلاته وألف، الراجل اللي يمد أيده على مراته وميتحكمش في أعصابه يبقى مش راجل، كان لازم توقفيه وتعرفيه أن مسامحتك مش بالساهل، عشان بعد كدة يخاف على زعلك، أمجد مبيحبكيش يا بتول، اللي بيحب مبيجرحش ومبيأذيش ... 


زفرت بتول وحاولت التغاطي عن كلمات والدتها، مغيرة مجرى حديثهم: 

-ماما أنا حامل… 


ألجمتها الصدمه، فخرج صوتها متقطعًا: 

-أنتِ بتقولي إيه، حامل ازاي يعني؟ 


-هو إيه اللي ازاي يعني يا ماما هو أنا مش متجوزة، ماما ارجوكي خلينا ننسى اللي حصل، أنتِ وحشتيني وعايزة اشوفك، عشان خاطري يا ماما ورحمة بابا... 


تنهدت داليا قائلة برضوخ وحيرة شديدة في مشاعرها: 

-والله انا ما عارفة افرح عشان أنتِ حامل ولا ازعل عشان هو من امجد، مش كفاية أمجد واحد في الدنيا دي... 

ما علينا انا هقوم البس واجيلك وهحاول انسى يا بتول بس ده مش عشانه ولا عشانك ده عشان خاطر حفيدي اللي في بطنك…


__يتبع__

Fatma Taha 


                    الحلقه الحاديه عشر من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-