رواية زوجتي طفلتي الفصل الحادي والعشرون


  رواية زوجتي طفلتي الفصل الحادي والعشرون

أسرع إليها و حاول ترويض قطته المذعورة ذات الوجه الشاحب ، سار صوبها و علي ملامحه الجمود..جذب صغيرته من كفيها و قال بثبوت :


- سمر روحي المطبخ..
لم تتفوه بكلمة و ظلت شاردة في فارس المعتدي و عمها السارق ، ليخفق قلبها بقوة و هي تود طردهما من منزلها..
أمسك بذراعها و همس بأذنها :
- سمر..روحي المطبخ لو سمحتي..
ألتفتت له بذعر و ظلت تتكلم بلا سيطرة علي نفسها :
- هما جم ازاي ؟ انت قولتلي في السجن ؟ انت بتكدب عليا يا مازن..
نظر الي فارس و مدحت بحرج و اللقي لهما نظراته بإعتذار عما بدا من زوجته ، ضغط علي يدها بإحكام و قال بحدة و هو يخفض صوته :
- قولتلك روحي المطبخ..
نظرت له بعينين دامعة لم تستطع الاعتراض حاولت الافصاح عن خوفها من وجودهما لكن اطمئنها بنظراته الهادئة التي اخبرتها بأنه سيدبر الامر لا داعي لخوف..
تركتهما و أتجهت إلي المطبخ ، لم تكن في حالة تسر كانت تشعر بأنها فأي لحظة ستفقد وعيها..شعر بالدوار و الغثيان ، تأرجحت يمينا و يسارا و هي تحاول التماسك عن السقوط ارضًا..
جلست علي الكرسي الذي صادفها و اخذت نفسًا عميقًا محاولة بشتي الطرق الهدوء و الخلود الي الراحة لكن لا..
فكرة من حاول تهكم شرفها معها في البيت الان ترعب قلبها و تجعله يرتجف خوفًا..
دلف الي المطبخ و علي وجهه بسمة صغيرة رسمها بهدف تقليل قلق زوجته الحسناء ، انحني ذاك الوسيم و امسك بكلتا يديها و قبل باطنهما برقة و هو يناديها :
- حبيبتي..
ارتجفت من الخوف قائلة :
- هما بيعملوا اية برة!
- هما جايين يصفوا كل الي بينا و عاوزين نبدأ صفحة جديدة..
قالها بقلق من رد فعلها ، فحدث ما توقع هبت من مكانها منفعلة :
- لا انت بتهزر مستحيل اسامح اي حد فيهم..
و تسائلت بغضب :
- انت سامحتهم يا مازن ازاي فهمني ؟
حك مازن مؤخرة رأسه موضحًا و مبرر لموقفه :
- فارس شكله فعلًا تاب و هو جي يعتذر امبارح لما شوفته متحكمتش في اعصابي و شلفطه زي ما انتي شايفة..بس بردو انتي اية رأيك انا مش عارف المفروض اعمل معاهم اية قولت اسيب القرار ليكي..
- مش هينفع اسامحهم بالسهولة دية انت مش متخيل كم وجعي منهم ..
امسك بيدها و اعصرها داخل كفه بحنو قائلًا :
- يا حبيبة قلبي..مين قال انا مش متخيل انا قدك بكرههم و يمكن اكتر..خصوصا فارس و الي عملوا فيكي بس مينفعش تقطعي صلة الرحم انا مش عاوز اكون انا السبب..حاولي تكلميهم و هما شكلهم اتعدلوا بالسجن الكام سنة دول..
صمتت و كأنها بدات مقتنعة بكلامه ، لكن فور ما انتبهت و نظرت له بخوف :
- بس انا خايفة..شكل فارس بيرعبني..
حاوطها بذراعه الصلبة و زرع قبلة علي رأسها و هو يهمس في اذنها بصوته الهادئ الذي توغل في شرايين قلبها :
- انا معاكي..متخافيش..
نظرت له بأسي ليبتسم لها بإطمئنان ، خطت خطواتها ناحيتهما و قد شعرت بأنها تريد الركض بعيدًا عن هما ، كانت متعلقة بذراع مازن التي قبضت عليه بقوة و احتمت به..
وقف عمها و اقترب من بنت اخيه ، امسك يدها مقترب منها بسعادة ، طبع قبلة علي جبهتها بحنان و هو يقول :
- كبرتي يا سمسم و بقيتي زي القمر..
اجابت بخوف :
- شكرًا يا عمو..
ثم ضغطت بيدها علي يد مازن الذي شعرت بيده تلين و تريد الانسحاب ، اخذ يحادثها عمها و يعتذر بكل الطرق كالذليل لم تستمع لكلاماته و اخذت تنظر لفارس الذي اقتحمه الخجل في جميع خلايا و ابعد عينيه عنها و اخفضها للأرض ، و هنا شعرت بالثقة لترفع رأسها بقوة و تتبسم لعمها الذي بدا يبكي من شدة الحزن ، فقالت بحزم :
- خلاص يا عمو مفيش داعي نفتح في الي فات انا نسيت و بتمني تكونوا نسيتوا..
ثم احتدت نبرتها الانوثية الصامدة :
- صح يا فارس..
انتبه فارس و تأكد بأن الحديث متوجه إليه ، اقترب منها و قد اطرق رأسه خجلًا ، مد يده كي يصافحها ، لترفع رأسها بثبوت و ثقة :
- مبسلمش علي رجالة..
عشقت ذاك الكسر الذي ملء عينيه ، شعرت حينيها بتفتح زهور الحياة و اطلاق عبقها في رئتيها ، اخذت نفس عميق و تمسكت بيده زوجها الذي سعد بموقفها المسالم ، كان يود ان يجذبها لأحضانه بقوة و يجهر بصوته الرخيم معترف بحبه لتلك الصغيرة..
***
احتضنت طفلها لصدرها بقوة و مررت بيدها علي شعيراته السوداء الناعمة التي ورثها من والده الوسيم ، كان يطلق طفلها بعض التأوهات التي تؤلم قلبها فلا تعرف كيف تعالج بكاءه المتواصل ، اتسعت عينيها من عدم النوم..
اقترب مازن منه و اخذ يعبس بملامح وجهه بمرح ، اختبئ طفلها في احضان والدته ، كف عن البكاء حينما اخذ يداعبه والده ، اطلق ضحكاته الطفولية الملاكية..اطرب الالحان التي تقع علي اذانك من طفل في شهوره الاولي..
ليقول مازن بسعادة :
- سمر هاتيه اللعب معاه شوية و انتي نامي..
سعدت بهذا الاقتراح و اتسعت عينيها ببهجة فقالت :
- بجد ميرسي اوي يا مازن..
تناول طفله من احضان زوجته ، عاود الطفل البكاء و الصراخ بقوة حينما ترك والدته ، لتزفر سمر بحنق :
- انا تعبت يا مازن بص بيعيط كتير ازاي انا وداني وجعتني و صدعت..
مازن و هو يداعب طفله :
- عادي يا حبيبتي كل العيال كدة و هي
صغيرة..
تنهدت بقوة و هي غير مطمئنة لهذا الصياح المزعج ، فالنعذرها هي اولي سنوات امومة و لم تعتاد علي ذاك البكاء و السهر..
بدأ الطفل الضحك و تحول ملامحه الي السعادة و هو يري والده الحنون يداعبه بكل جهده..
ارتمت سمر علي الفراش و ظلت تتأملهما و هي تشعر براحة بال تسري داخلها ، همهت بنعومة و غنج :
- بحبك يا احلي مازن في حياتي..
التفت لها بسعادة و هو يمسك يديها بقوة و يمدها لشفاهه تارك قبلة رقيقة تتوجس كل مشاعره الهادئة..اقتربت منه و اللتصقت بجسده و هي تتمسك به بقوتها ، اغمضت عينيها و استسلمت لنومها في احضان زوجها و همهمات طفلها المبتهج بسعادة فقد رأي الملائكة..رأي والدته "سمر"..
***
اغلقت ازرار قميص طفلها الكبير و عقدت ربطة عنقه بقوة ، ابتسم لها بنعومة لتلمح تلك اابسمة الساحرة فغمرتها السعادة و جذبته من ربطة عنقه السوداء ذات النقط الزرقاء و اقربته منها قائلة بدلال و غزل :
- حبيبي هيتأخر انهاردة..
هز رأسه نافيًا :
- توء حرمنا التأخير عن البيت..
وضعت قبلتها الصغيرة علي شفتيه و هي تقول بسعادة :
- براڤو يا ميزو..يلا بقي عشان متتأخرش علي شغلك..
ثم عبست بملامحها و قالت بحزن :
- انا اوحشيت اوي يا مازن..مش عارفة انت بقيت طايق منظري ازاي !
مرر بيده بين خصلات شعرها التي شعثت لعدم الاهتمام به و اعادها لخلف ليترك مجال لشرود في عينيها :
- انتي حور جنة ربنا بس علي الارض..مهما حصل فيكي انا شايفك اجمل بنت في الدنيا..
تبسمت بخجل و لم تعرف ما عليها القول لتخفض رأسها الي الارض حرجًا ، زرع قبلته علي جبهتها و هو يأذن بالذهاب لعمله ، اطلقت سراحه و ودعته وداعًا حار..
اتجهت الي المرحاض لتغتسل و تتزين كي تعود مرة اخري لجمالها المتألق التي اوقع الجميع في حبها..
عقدت شعرها بعقدة صغيرة و تنورة سوداء قصيرة و قميص ابيض تركت اول ازراره لتظهر جمالها المبهر كعادته..
و بينما هي تضع لمساتها الاخيرة ، سمعت صراخ طفلها الصغيرة فأنتفضت من مكانها و اسرعت الي صغيرها لتجده يتقياء و وجهه اصبح كالطماطم الحمراء كان يصرخ بقوة ليس كأي طفل طبيعي..صرخت بذعر :
- ياسين..


***
فتحت باب منزلها و قد ظهر علي وجهها الارهاق ، وجدت من يهب واقفًا و يسرع إليها بغضب ، نظرت له بحزن و قالت بتعب :
- امسك ياسين عشان مش قادرة..
حملها من يدها و ادخله الي غرفتهما ليتركه نائمًا في سبات عميق..
عاد لها مرة اخري مقتضب الملامح ، نظرت له بحزن قائلة :
- ياسين لازم نعمله اللحمية لانه مبيتنفسش كويس..و لازم نغير اللبن عشان نوعه مش كويس..
صاح بها مازن بضجر :
- يا برودك يا شيخة..
فزعت من صوته العال و قالت مستفسرة :
- في اية مالك !
تأجج غاصبا و قال بحنق :
- ازاي تمشي من غير ما تقوليلي و مترديش عليا،،ازاي تمشي اصلا لوحدك..انتي مش شايفة حال البلد و حالات الخطف و السرقة..اية كل همك نفسك و مش همك انا..
شعرت بالدوار لتمسك رأسها محاولة التحكم في اعصابها من دون علو صوتها :
- هو اية الي كل همك نفسك..ابنك كان بيموت و انا مكنتش عارفة اعمل حاجة و علفكرة هتلاقيني متصلة بيك انا اتلخمت بياسين..معلش
- معلش ! معلش دية تعملي اية ان شاء الله..انتي شيفاني طرطور عشان تعملي كدة و انا اسامحك بـمعلش افتكري كان حصلك حاجة..
صاحت به بحنق :
- ما خلصنا بقي يا مازن اهدي يا حبيبي انا اسفة اول و اخر مرة اوعي بقي عشان عاوزة انام..
دفعت كتفه بعيدًا عن طريقها ، لم يتحكم في اعصابه بعد ، فأمسك بذراعها و يعيدها علي الكرسي مرة اخري ، تأوهت بألم ليهتف بها بغضب :
- هو انا عشان دلعتم تعملي كدة..سمر احترمي نفسك عشان معجنكيش انا هعديها المرة دية..بس والله لو اتكررت تاني هتشوفي الوش التاني..
نظرت له بعينين محملة بالدموع لتقوم من كرسيها و تتجه لغرفتها باكية و هي تغلق بابها بإحكام ، جهر بصوته قائلًا :
- دة انتي ست نكدية..كانت جوازة سودة..
حاولت كتم دموعها و التماسك بأحبال القوة ، فقد حزمت امرها سينتهي كل شيء ، تحملت القصير لكن الان قد اكتفيت من تجرع الالم من يديه و الصمت بضعف..
خرج من المنزل و قضي سهرة مع أحد اصدقاء علي النيل حاول تناسي ما حدث لتو ، مبررًا انها غدًا ستنسي بأول عناق قوي يحكمها به و زهرة رقيقة يتركها بين خصلات شعرها الكستنائي..
تجاهل ، لم تتجاهل و اصرت الانتقام بشتي الطرق..
عاد الي المنزله في الرابعة عصرًا من عصر اليوم الثاني و نادي بصوته بهدوء علي غير امس ، يا مغير الاحوال :
- سمر..سمسم..
لم يجدها في المطبخ ليذهب صوب غرفة النوم فلم يجد احد ايضًا ، لوي شفاهه بذم و اخذ يبحث عنها في انحاء المنزل لكن تفاجأ بعدم وجودها او وجود اي من اشياءها خفق قلبه بقوة علي غير العادة و بحث بعينيه عنها فلم يجد خاف ان تكون حققت تهديدها اللعين..
فجأة وقع عينه علي ورقة تركتها المشاغبة علي الطاولة ، اسرع بفتح تلك الورقة المطوية و هو خائف من الصدمة..
لكن لا مجال ، اتسعت حدقتاه و هو بالفعل يعرف تفسير تلك الرسالة البريئة او الخطيرة ، لقد نفذت الصغيرة تهديدها بالفعل و رحلت،،لم تحتوي الرسالة الا بكلمة صغيرة مؤلمة ، حطمت قلب هذا القوي ، لم يكن يصدق ان الموضوع سيتوصل الي هذا الحد ، فقد قلق علي عدم وجودها في المنزل لساعات و الان هي رحلت الي الأبد ، فكان محتوي الرسالة الاليمة :
- سلام..
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1