رواية اريدك في الحلال الفصل السابع 7 بقلم ايمان سالم
الفصل السابع
أريدك في الحلال
إيمان سالم
الحب كفراشة جميلة .. تبهرك بألوانها.. تطير من حولك .. تجذب أنظارك .. لتسعى خلفها .. تطير ولا تقف.. تسرع فـ تركض خلفها .. لو حالفك الحظ امسكت بها وإن كنت سيء الحظ سرقت عينيك وقلبك واختفت .. لتبقى بعدها جسدا بلا روح وستظل تحوم حولك في الأفق.
_____________________
صرخاتها افزعته فتحرك بجسده .. تجاه الدرج
فوجدها أسفله ... تخيل وهو يراها كيف سقطت تلك الدرجات واحدة تلو الاخري وشعر بجسده ينتفض وكأن الالم سكن جسده وطاله بسقوطها تخبط وانهيار أصابة .. لا يعرف كيف وصل لاسفل جوارها يناديها بأسمها بخوف رجاء أنت تفيق: فريدة، فريدة ردي عليا
لم يأته الجواب ... فلم يشعر بنفسه إلا وهو يرفع رأسها بين يديه وليته لم يفعل .. الدماء الساخنة سالت على يديه شعر بدفئهم .. في هذا البرد القارس .. دمائها والهلاك
صرخ بقوة: فريدة فتحي عيونك، ردي عليااا يا فريدة، متسبنيش تاني.. أنا آسف فريدة وحياة أغلى حاجة عندك فتحي عيونك وبوصيلي
لم تفعل رغم شعوره بحركه اهدابها الضعيفة وكأنها تسمعه وحاولت الاستجابة لكن شيء يمنعها
على اقتراب انس وبعض الممرضات ورؤيتها بتلك الحالة ..
فانتفض أنس صارخا بلهجته السريعة: يا نهارك مش فايت يا عدلي عملت فيها إيه؟!
صك عدلي على أسنانه بحده ولم يجبه كان ينقصه ظهوره الآن وقوله تلك الكلمات.. تحركت الممرضات حولها تحاول افاقتها دون فائدة
صرخ أنس بحدة: نقاله بسرعة محدش يحركها جايز يكون في كسر في جسمها
نظر لها عدلي نظرات قاتلة فحواها «كسر رقابتك يا أنس» رغم صمته الغاضب
اسرعت الممرضات تحضر ما طلب وهو حاول فك حجابها ليتمكن من رؤية مصدر الدماء
صرخ عدلي بغضب جامح وهو يمسك يده: حوش ايدك متمدهاش عليها
نفض أنس كفه متحدثا بتعجب ونارية: أنت مجنون أنت ناسي إني دكتور يا عدلي ولا إيه؟!، عاوزني اسيب دمها يتصفى اوعي خليني اشوف شغلي بدل ما أنت واقف كده عمال تزعق اتحرك بدل ما يكون حصل لها نزيف
وعند تلك الكلمة شعر بنبضات قلبه تنخفض تدريجيا حتى اوشكت على رسم خط مستقيم .. وهتف مناديا بأسمها من جديد: فريدة ردي عليا
زفر انس بقوة ثم تحركوا جميعا لوضعها على النقالة لغرفة الاشاعة ومنها لغرفة العمليات ..
كان هناك اشتباه في وجود نزيف داخلي شعر وقتها عدلي بالموت مئات من الهواجس تقتحم رأسه بلا رحمة وكلهم يخبروه انه السبب فيما اصابها لربما آثر ذلك عليها وحدثت لها اصابة لعينه، يقف لكنه غير قادر على فعل شئ يراقب بخوف، ألم كبير، ندم شديد كل ما يحدث والوقت يمر عليه ببطء وكان العقارب لا تتحرك
من يسعف ويحارب هو أنس وطبيب آخر
حتى اطمئن أنها بخير فقط جروح وكدمات متفرقة وشرخ في أحدي ساقيها
لكن الجرح الموجود برأسها .. أكثر شئ المه كل غرزة من التقطيب كانت تسبق لقلبه قبل رأسها .. وجرح جبهتها كذلك
ينظر للخاتم بيده بغيظ شديد .. يشعر أنه السبب .. يشعر أنه تمادى لكن ما قاله هو الحقيقة هي باعته واختارت غيره تركته للعراء دون ملبس .. سلبت قلبه والقته في وسط النهر للتماسيح .. او في وادي بعيد للضباع تنهشه
خلع الخاتم ..
يحاول التحكم في مشاعره المجروحة
خسارتها اليوم او مجرد الاذي الذي اصابها جعله يفيق ويحاول وأد الماضي
يكفي وجودها وان تحيا بسلام
وضع الخاتم في جيبه بعد نظره طويله له وهمسه وهو بقرب شفتيه بكلمة واحدة بحبها وكأنه سيشعر به ويواسيه
عندما علمت رقية ..ما حدث من اتصال أنس
اتجهت سريعا لضحى .. إن اخبرتها في الهاتف ربما اصابها شيء
لذى تحلت بالصبر واتجهت لها
تفاجئت ضحى بزيارتها وخصوصا الارتباك الواضح على ملامحها
حدثتها ضحى وهي تجلس لجوارها: عمله أكل حلو النهاردة يا خالو هتاكلي معانا لم فريدة ترجع واوعي تقولي لأ وسام مش في البيت
ماشي يا ضحى سيبي الاكل داوقت وقومي البسي هنروح مشوار مهم
خير يا خالتو في ايه قالقتيني؟
هقولك في الطريق مفيش وقت
لم تجادل كعادتها وانصاعت لامر خالتها وتجهزت سريعا كما طلبت منها وغادروا وهم في الطريق الحت عليها لتعلم ما الامر لكن الاخري غير قادرة على اخبارها شيء حتى وصلوا للمشفى
تعجبت ضحى متحدثه: الله هو احنا جايين لفريدة ولا ايه
هتفت رقية بتأكيد: ايوه انزلي يالا
اغلقت ضحى السيارة متحدثه بتسأل : هي فريدة هتيجي معانا المشوار ولا إيه؟!
اسرعت خالتها الخطوات دون رد منها
اتجهت ضحى خلفها تهمس لنفسها بغضب: الله هو في ايه بالظبط ليكون وسام زعل حنة هناك.. حقه يكونوا اتشاكلوا تاني ربنا يستر!
ظلت تحدث نفسها حتى وصلت للاعلى للطابق الذي تعمل به فريدة
سألت عن أنس ..
فجاءها يشعر بالاسى ورغم ذلك تحدث بود يحاول طمئنتها: أنا آسف على ازعاجي ليكي النهاردة وإني بلغتك الخبر ده
هتفت رقية بنفاذ صبر: مش دا المهم عندي .. المهم هي عاملة ايه
بقت كويسة .. متخافيش كل الحكاية شوية كدمات على جروح شهقت رقية بفزع .. اتبع في الم كلها حاجات سطحية صدقيني هو بس في شرخ في رجلها هو دا اللي ممكن يكون مؤلم شوية بس الحمد لله انها بخير بعد الوقعة دي أنا كنت خايف عليها
كل تلك الكلمات تحاول ضحى رسم صورة لمن هي تلك التي يتحدثون عنها قلبها يخبرها فريدة لكنها ترفض وبشدة
حتى بكت رقية متحدثة: يا حبيبتي يا فريدة
صرخت ضحي بأسمها وظلت تردد فريدة ملها فريدة حصلها ايه فريدة اااا
حتى سقطت مغشي عليها
تجمد أنس بخوف متحدثا: هي بتعاني من اي تعب
لا هزت رقية رأسها بنفي وهي غير قادرة على الصمود أكثر من ذلك
ناد أنس الممرضات
نقلت ضحى لغرفة ووضع لها محلول
ورقية ظل أنس لجوارها بغرفة فريدة ينتظر أن تستيقظ
وعدلي يتابع المشهد من بعيد غير قادر على تجاوز الخطوط التي رسمت له .. مازال اقصاءه من حياتهم يكبل عنقه عن الدخول في حياتهم مرة آخرى حتى ولو بوضعه الجديد
مر الوقت ...
وجائها أتصال من كيان ..
يطمئن عليها وعلى وسام
وما هي الا حجة فقط
لكنه لاحظ صوتها الباكي فتحدث بشك: مالك؟
حاسس إن صوتك مش طبيعي إنت بتعيطي؟!
اجابته بمحاولة لرسم الثبات: مفيش يا كيان انا كويسة
لكنه رد بتأكيد: لا في، صوتك مش طبيعي، أنا هنا بدل وسام طول ماهو مش موجود فلو سمحتي قوليلي مالك، يا أما هكلم وسام دلوقت حالا
-لا متكلموش يا كيان
-طب قوليلي في ايه مين مضايقك؟
-فريدة وقعت من على السلم في المستشفي واتعورت بس الحمدلله هي كويسه دلوقت دي الموضوع مفيش حاجة تانية
أنتوا في المستشفي اللي فريدة بتشتغل فيها
اجابته بتأكيد: ايوه هي
مسافة السكة وهكون عندكم .. محتاجة حاجة اجبها وانا وجاي؟
لا متتعبش نفسك يا كيان مفيش داعي تيجي لو احتجت حاجة هكلمك
مفيش تعب احنا اهل .. وما كان يقصد بتلك الكلمة قرابته لوسام من ناحية الاب بل كان يقصد ضحى وانه يريد قرابة جديدة اقوى واعمق
اغلق معها واقل من ساعة كان في المستشفى لجوارها يحمل باقة ورد كبيرة
اطنئن على الجميع وفي النهاية سأل بشك امال فين ضحى
اجابته بحزن: في الاوضه اللي جمبنا انس خلها هنا جمبنا وحطلها مهدئ حالتها صعبة من ساعة ما عرفت اللي حصل لفريدة
شعر كيان بالاستياء لكنه ظل لجوارها حتى تحجج بأن معه مكالمة ولحظات وسيعود واتجه للغرفة المجاورة
فتح الباب وظل يطالعها وعلى ثغرة بسمة ماكرة
حتى شعر بكف توضع على ظهره
فالتفت مفزوعا يرى من قطع عليه تلك اللحظات الخاصة
نظر لمستواه لم يرى شئ وفجأة استمع لصوت قادم من أسفل يحدثه بفظاظة: أنت واقف هنا ليه؟!
اتسعت عين كيان وهو يقيم طولها بالنسبة له في شرود لكنها لم تعطي له فرصة حيث اشارت بيدها لاعلي بغضب: مش بكلمك يا استاذ واقف كده ليه هنا
تحدث بغضب لطريقتها الفجة: وأنت مين اصلا عشان تتكلمي معايا بالطريقة دي؟!
اجابت بثقة أنا الممرضة يا حضرت وانا اللي بسألك أنت قريب الحالة اللي جوه دي عشان تقف كده على الباب؟
هتف كيان بجدية: طبعا قريبها امال هقف كده ليه!
تخصرت الممرضة متحدثه: خلاص هنادي لدكتور أنس يجي يأكد كلامك دا
تغيرت ملامح كيان واصفر وجهه متحدثا: أنا خلاص اطمنت عليها وكنت هسبها ترتاح وماشي
ابتسمت الممرضة ومال ثغرها في سخرية متحدثه: طب اتفضل يالا
نظر لها كيان بغضب وهتف في سره ايه الممرضة اللوكال دي!!
سالته بريبة: بتبص لي كده ليه؟
مفيش عن اذنك وغادر كيان ينفث الدخان عاليا يسبها في سره .. ولعن حظه ايضا فهو كان ينوي مهاتفه وسام لتحديد موعد .. للتعارف يريد الاسراع في الامر لينتهي من محاضرات سيادة السفيرة التي لا تنتهي
فتذكر وسام فقام بإجراء مكالمة يعرف موعود وصوله ليرتب نفسه ويخبره ايضا ما حدث لفريدة إن كان لا يعلم حتى الآن
جاء رد وسام بصوت مستفز: عاوز ايه دلوقت يا كيان أنا مش طايق نفسي
نظر كيان للهاتف متحدثا بغضب: في إيه يا ابني طب قول سلام عليكم حتى، محسسني إني متصل عليك في شهر العسل، مالك مش طايقني كده ليه؟!
دفع وسام المقعد قليلا متحدثا: أنا مش طايق نفسي ولا طايق ثقلتك دي دلوقت
سأله كيان بشك: هو أنت عرفت اللي حصل لفريدة ولا ايه؟
لم يفهم مقصده من تلك الجملة فسأله بتعجب: مالها فريدة، قصدك ايه؟
-فريدة يا بني وقعت من على السلم في المستشفى، هو لسه محدش عرفك؟
لا معرفش حاجة عن الموضوع ده! حصل امتي الكلام ده يا كيان؟
-لسه النهاردة ثم تابع بشك: بس لما أنت متعرفش اللي حصل امال ايه اللي مضايقك بالشكل دا، أنت اتخانقت تاني أنت وحنة؟
تنهد وسام متحدثا: خلاف بسيط، متغلش بالك، المهم فريدة عمله ايه وماما؟
متقلقش كلهم كويسين، أنا في المستشفى معاهم
تنهد وسام وهتف براحه: رجوله من يومك يا ابني عاوزين نفرح بيك بقى
ابتسم كيان وقال: ما دا اللي كنت بتصل بي اسألك عشانه، هتيجي امتي عاوز اخد معاد منك ياعم
تعجب كيان متحدثا: اوعى تقول انك عاوز تتجوز امي
ضحك كيان على كلماته وهتف بغيظ: بلاش هزارك السخيف دا أنا عاوز الجوهرة بتعتكم
تعجب كيان متحدثا: وتطلع مين ست جوهرة دي كمان ؟!
"ضحى" قالها كيان بثقة
ابتسم وسام متحدثا بتلذذ: يا ابن اللعبية عاوز الطيبة اللي فيهم اللي لا بتهش ولا بتنش .. والله أنت ما ينفعك الا واحده زي حنة كده تطلع عينك
سخر كيان منه متحدثا: لولا انك في مقام ابن عمي لكنت قولت لك كلمة مش لطيفة .. يا ابني احمد ربنا انها رضت بيك أنت متتعاشرش .. صدقني وانهى جملته ضاحكا بسخرية
اجاب وسام بثقة: حيث كده بقى طلبك مفرفوض مش أنا متعاشرش معندناش بنات للجواز
سحب كيان كلماته سريعا متحدثا: مين قال الكلام دا .. لعلمك حنة دي حظها من السما أنك في حياتها دا أنت لقطة
ابتسم وسام متحدثا: ايوه كدا اظبط نفسك على العموم مش هنتاخر هنا وهبقى اكلمك تاني
وانهى معه الاتصال
_____________________
في الغرفة ...
تحدث الممرضة نفسها وهي تتابع المحلول الوريدي: قال قريبها قال .. اقطع دراعي .. ربنا بعتني في الوقت المناسب
بعد وقت فتحت ضحى عيناها تشعر بالدوار .. دارت عينها في الغرفة: متسائلة: أنا فين؟!
ابتسمت الممرضة متحدثه: حمدلله على السلامة عاملة ايه دلوقت
تذكرت ضحى سبب وجودها وحاولت النهوض متحدثه: فريدة فين لوسمحتي عاوزه اروح لها .. دكتورة فريدة
عارفة قالتها الممرضة بتأثر وتابعت: أنا عارفة إنك اختها، دكتور أنس قالي متخافيش هي كويسه
طب أنا عاوزه اروح لها من فضلك
حاضر دكتور عدلي هيمر عليكي يطمن وبعدين تخرجي
اجابت ضحى بغضب: أنا بقولك أني كويسه مش محتاجة دكاترة
طرق عدلي الغرفة ثم دلف بعد كلمات الممرضة بالسماح له بالدخول
اقترب عدلي منها يتأكد من النبض والضغط كل شيء، ثم تحدث بهدوء شديد رغم ملامح الحزن التي تكسو عيناه :حمدلله على سلامتك
نظرت له ضحى بتدقيق وأسى ولم تستطع النطق بكلمة اومأت له فقط كرد .. غادر عدلي تحت نظرتها المتبرمة
اقتربت الممرضة تساعدها في تعديل ملابسها وهتفت: يا بختك الدكتور أنس والدكتور عدلي مسبوكيش لحظة الا اما بقيتي كويسه ثم ضحكت متحدثه: وفي واحد انتهز الفرصة وجيت لقيته واقف على باب اوضتك
اتسعت عينا ضحى وتوقفت عما تفعل متحدثه: ايه واحد مين دا
تحدثت الممرضة بود:مش عارفة بس كان بيقول انه قريبكم بس لما قلت له هنده لك الدكتور أنس خد ديله في سنانه وقال يا فكيك
ابتسمت ضحى متحدثه: اكيد حد غلطان في الاوضه مش اكتر
اكدت الممرضة وهي تعدل حجابها من الخلف: معتقدش لانه كان واقف منشكح اوي وانا جيت قطعت عليه اللحظة وضحكت بقوة
تعجبت ضحى لكنها سارت لجوارها لغرفة فريدة متحدثة: يمكن!
وصلت الممرضة للغرفة وفتحت الباب واول من وقعت عيناه عليه هو كيان فهمست لها سريعا: هو اللي قاعد هناك دا
رأته من هنا واتسعت عينيها برهبة وخجل كان على باب غرفتها يتأملها ياله من عديم الاخلاق كيف يتجرأ على فعل كهذا ..
لكنها رمت هذاوالموضوع خلف رأسها واتجهت لفريدة التي مازالت نائمة تبكي بحرقة
هتفت رقية بحركة اصبع على فمها «هشششس »سبيها الدكتور قال الكدمات هتبقى مؤلمة عليها فالافضل تنام
سقطت الدموع دون ارادتها وملست على كفها بحسرة متحدثه: سلامتك يا ديدا سلامتك يا قلبي
كان يتابع المشهد بتمعن .. حنانها .. الدفء الذي يتحرك معها اينما كانت .. ينقصه .. يريدها لا غيرها .. لتكتمل حياته
ظلت الاجواء .. فترة من الزمن وبين الحين والاخر يتابع أنس حالتها .. وكذلك عدلي الذي يتابع من بعيد .. وكأن رؤيته لهيئتها تلك ستمزق فؤاده
تلمع عيناه .. بالخوف والحب معا
لم يذق شربه الماء منذ سقوطها وكأنه يعاقب نفسه .. ولن يتناول حتى تفيق ..
في المساء ..
غادر كيان ولم ينسي الاقتراب من ضحى لسؤالها ان كانت تريد شئ
هتفت بتلعثم: لا شكرا
ابتسم كيان وهتف بصوت خفيض حتى لا يصل لرقية
على فكرة شكلك زي القمر وانتِ نايمة
صدمها بكلماته الوقحة فرفعت بصرها المرتاع
اكد وهو يومي برأسه قمر
هتفت دون تفكير: أنت قليل الادب واسرعت تجلس جوار رقية
اتسعت عينيه غير مصدق لما قالت واشار على نفسه بتعجب مع همس بشفتاه فقط: أنا يا ضحى
ابعد بصرها عنه متمنيه ذهابه في اسرع وقت لان وجود اصبح يشكل عليها عبء كبير
مر وقت قليل .. وغادر انس ايضا مأكدا عليهم لو جد شيء يخبروه او عند احتياجهم لشيء يهاتفوه
بينما ظل عدلي غير قادر على الذهاب يشعر أن روحه هي الراقدة في الداخل
دلف من جديد ليلا يقدم قدم ويؤخر الاخري اقترب يريد الاطمئنان فأنس غادر منذ وقت
امسك كفها بيد مرتعشه فلاحظت ضحى ذلك
كفها الذي تمنى ملامسته في وضع آخر .. يغمض عينيه يحاول التماسك .. فهو الآن طبيب وشرف المهنة يستعدي عليه فصل كل تلك العواطف .. يحاول ويجاهد حتى نبت العرق على جبينه رغم برودة الطقس
ابتسمت ضحى بأسى: فالحب كطلاسم سرمادية
لا تستطيع فهمه .. يحبها .. ولم يقترب .. يحبها .. ولم يغفر .. يتألم فواضح دون شك في نظرات عينيه .. ورغم ذلك يحاول الثبات
حتى سمع صوت اناتها .. زاد ارتجاف قلبه .. فلم يستطع الصمود ابتعد لاخر الغرفة يحاول الهدوء .. ما باله لا يعلم .. هل هو عدلي من يقوم بعمليات للمرضى لليل نهار .. لو رأه احد بتلك الصورة لقال انه طبيب لم يتخرج بعد
تحاول ضحى السيطرة على مشاعرها فهي تريد في تلك اللحظة النهوض خلفه واخباره بكل ما مضى ليس فقط بل ترجوه ان لا يكسر قلب اختها بالبعد مرة آخرى
تحاول وتحاول حتى نهضت مستمعه لصوت قلبها
رأها خلفه فتحدث بأدب كعادته: محتاجة حاجة؟!
عاوزه اتكلم معاك إن امكن
تعجب عدلي وهتف: معايا أنا؟!
ايوه يا دكتور عدلي
اجابها بود واحترام: اتفضلي أنا سامعك
اختصرت الطريق متحدثه: أنت لسه بتحب فريدة
سؤالها كان صدمه له ليس لمضمون السؤال أكثر ممن يسأل
صمت للحظات يتطلع لها دون رد تائهة ماذا تريد من وراء هذا السؤال
شعرت ضحى بالحرج الشديد وانتهت الجرءة المزعومة وحل محلها الارتباك فقالت: مش عارفة أنا سالتك كده ازاي .. ارجوك تقبل اعتذاري وهمت بالمغادرة
اوقفها عدلي متحدثا: انسه ضحى استني
وقفت ضحى توليه ظهرها تشعر بالتوتر
اقترب عدلي منها متحدثا: هجوبك بس ممكن اعرف ليه السؤال دا؟!
تحدثت ضحى بتلجلج: عارفة اني مش من حقي اتدخل لكن حرام اشوف اختي بتتعذب قدامي واسكت، حتى انت وانا اسفة في اللي هقوله واضح اد ايه انك مش مرتاح
ابتسم عدلي بحسرة وهتف: الراحة سبيتها من زمان من يوم ما شفتها لابسه فستان لغيري حلمي مطلتهوش ورغم البعد مقدرتش انساها ولا انسي اللي حصل
فريدة بتحبك وعمرها ماحبت حد غيرك
ابتسم بسخرية
تابعت هي عملت كده مجبرة بابا مكنش هيسيبك في حالك بابا الله يرحمه كان له فكر متشدد يا دكتور فريدة عانت اكتر منك وقبولها باللي انت شوفته دا كان مؤقت لحد ما بعدت وسافرت وطبعا هو كان ورا دا كمان من بعيد
نظر لها متعجبا: اومأت في تأكيد: ايوه يمكن تستغرب بس هو دا اللي حصل خوف بابا الزايد علينا خلاه يعمل كده
ظل مشدوا غير مستوعب لما تقول
فتابعت انت مشوفتش فريدة واللي حصل لها لم فسخت الخطوبة بعد كدا بابا ضربها ودخلت المستشفى فترة لحد ما خفت فريدة بتحبك اوعى تخسرها كفاية انها مستنياك .. دا مبيأكدش لك كلامي
ضربات متتالية على فؤاده ..
كل هذا حدث معها وهو يظنها ..
استهانت بحبه وفضلت عليه غيره
يظنها لم تقف في اول عقبة تواجهه حبهم
والحقيقة هي اكتوت بهذا الحب حتى سئمت
فراق والم ..
والمحصلة رجوع .. اسوء من فراق
يشعر بنغز شديد في قلبه ..
يريد الصراخ .. عاليا .. لما كتب علينا في هذه الدنيا الشقاء ..
_____________________
لحظات وتذكر الخاتم ثم الحرف ... كانت تقصد به كيان .. فالحرف اول حروف اسمه
ظلمها إذا.. يشعر بالقليل من الندم .. فالخطأ خطؤها لماذا لم تخبره بالحقيقة ... كيف له ان يعرف ما يدور في عقلها؟!
غادر الغرفة متجها لاسفل للمطعم ..
يرى كل ثنائي ويتمعن فيهم يحاول .. معرفة ما ينقص حنة لتكون حياتهم هادئة مثل الجميع متغافل تماما لربما كان الخلل منه وهو لا يعلم!
بالنهاية قرر الذهاب لمحل الذهب من جديد وشراء ما كانت تريده كترضيه عما حدث
دفع مبلغا ليس بالقليل هتف في نفسه بغضب «على الله يطمر فيكي يا ست حنة وترضي علينا بعد دا كله »
وغادر متجها للفندق سيقدم لها المشغولات الذهبية كهدية
ولكن في طريقة صادف بائع بلالين استحلفه ان يشتري منه بالون من أجل حبيبته او طفلته
ومع اصرار الرجل تناولهم اجمع من يده واعطاه ثمنهم واكثر فرح الشاب بالمال كثيرا
اقترب وسام من الفندق ..
نافذة الغرفة تطل على الخارج ..
فكر في عمل لحظة رومانسية ..
فتلك الحركات التافهة كما يصفها ..
تعشقها البنات..
تسكر العقل وتسرق القلب ..
نفذ الفكرة ..
البلونات امام النافذة ومعلق في اسفلهم صندوق المشغولات الذهبية .. وفي اليد الاخرى الهاتف للاتصال بها
لم تجيب اتصاله كان يعلم لذا قرر بعث رسالة وهو يعلم جيدا انها ستقرأها
"أنا تحت الشباك بصي عليا بسرعة يا حنة في حاجة مهمة جدا"
انتفضت من فحو رسالته لا تعلم ما الامر .. فوجدت البلونات الوردية تقابلها بتحيه السلام
تجمدت حنة ونظرت لاسفل فوجدت وسام يبتسم لها ويكرر الاتصال من جديد
انقشعت غيوم قلبها ..
تبددت السحب لاشعة شمسا مشرقة
اجابت اتصاله ليصلها صوته العابث: كل سنة وأنتِ طيبة ياحنة
رفعت جاجبها في تعجب متحدثه: ليه هو النهاردة ايه
اجاب بخبث: بقى متعرفيش؟!
-لا معرفش
النهاردة عيد الحب
ياسلام قالتها بتعجب شديد
اجاب في تأكيد ايوه النهاردة اسمعي مني أنت عارفة بقى أصل قصة عيد الحب دي
اجابته حنة ببراءة :لا معرفهاش
اكد وهو يهز البلون: طب خدي دي وخمس دقايق والقيكي عندي تحت هنخرج نتفسح واحكيلك
امسكت حنة البالون بالفعل وهتفت: بس أحنا متخاصمين
اجاب وهو يخفض يده: قلبك أبيض انزلي يالا مستنيكي بس متتأخريش عشان مطلعش اااا
"هتعمل ايه يعني" سألته بغضب
اجاب وهو يغمز بعينيه: هخبط الباب طبعا مش عاوزه كلام!
"ظريف" قالتها وهي تغلق النافذة بعد ادخال البلونات
وضعت الهاتف جانبا وامسكت العلبة تفتحها فوجدت بداخلها القطع الذهبية التى تركتها بالامس .. هل اراد مصلاحتها بتلك الطريقة .. وليكن
ابتسمت لا اراديا ورغم حزنها وغاضبة الذي لم يتلاشى كله بعد، لكن قلبها اخبرها أنه يحبها ولكل محب اخطاء وعيوب وحتى نكمل الطريق لابد من التغاضي عن القليل منها حتى تسير الحياة
اتجهت للخزانة تخرج افضل ملابسها واستعدت استعدادا مبهرا لابد من أن تظهر امامه بكامل حلاها .. لن تدع غيرها يلمع بعينيه ستدافع عنه لاخر انفاسها تهمس لنفسها بأن ما يمرون به وعكة ستأخذ فترتها وتزول وسيشفى حبهم للابد ويحيا بسلام
وصلت عنده تتهادى في خطواتها وكأنها ملكة الحب وحده يجعل من المرأة العادية أميرة والحب المتبادل يجعلها ملكة على عرش الحب
تلمع عيناه بأنبهار افتقدته معه لوقت
البسمة المرسومة على شفتيها الآن ثقة أكثر من كونها حب .. تريد أن تستعيد نفسها مكانتها هويتها المفقودة ستحارب ولن تخسر حتى لو كان الغريم هو نفسها
انحنى قليلا متحدثا: سمو الاميرة حنة
اخفضت رأسها في ايماءه هادئة
اقترب منها متحدثا: ايه الجمال دا كله، أنا مقدرش على كدا
ابتسمت متحدثه برقتها المفقودة: مرسي يا وسام هاا هنروح فين
شرد بجمالها واجاب بشرود بفكر نروح للمأذون
شهقت على تصريحه الذي يحمل في طياته الخبث وقالت بلهجه صارمة: وسيم احترم نفسك احسن هغير رأي وهطلع تاني
اسرع متحدثا وهو يشير بيده: لا وعلى ايه اتفضلي قدامي عزمك على مطعم بعيد عن هنا شوية أنما ايه حكاية واتجوا بالفعل للسيارة فتح لها الباب بتهذيب متحدثا: Ladies first
ابتسمت بسعادة لامثيل لها تشعر ان القادم اجمل
وقاد السيارة الذي وفرها له الفندق للتنقل في البلد كما يشاء متجها لمطعم طرف البلدة
الاجواء دافئة قليلا ...
في المطعم ...
اختار هو الطعام بطلب منه وهي تركت له الحرية
يتناولون الطعام ..
بحب وسعادة ..
حتى وصل لها اشعار رسائل ..
تجاهلته ليس خوفا من شئ اكثر من خوف لقطع تلك الوصلة الفريدة من الحب
تناول رشفة من كوب العصير متحدثا: ما تشوفي مين، جايز تكون واحدة من اخواتك
نظرت له ببراءة متحدثه: لا مش هما ضحى بتكلمني بالليل دايما وفريدة انا اللي بتصل عليها
ثم تعجبت متحدثه: مهتم اعرف مين ليه يا وسام؟!
ابتسم ببرود متحدثا: مش خطيبك أنا وابن خالتك عادي يعني ولا فيها حاجة دي كمان؟؟
لم تقتنع بكلماته لكنها تحدثت مغيرة الموضوع
ظلت السهرة في نطاق الهدوء حتى عادوا للبيت
حاول الاقتراب منها وامسك كفها بالفعل عند باب الغرفة
اتسعت عينيها لا تصدق تلك الجرءة تحدث وهي مازالت في اطار الصدمة: كنت عاوز اقولك إن الفستان حلو عليكي اوي
سحبت يدها سريعا وتمالكت نفسها لو كان واحد غير لكان ذاق طعم كفها لكنها اكتفت بالدخول للغرفة سريعا وهتفت قبل أن تغلق الباب: آه ما أنت قلت لي تصبح على خير يا وسام
شعر بالحرارة تغزو وجهه بدفعها الباب في وجهه صك اسنانه بغيظ متحدثا: وأنتِ من أهله يا اختي وزفر متجها لغرفته
في الداخل تمسك كفها مكان اصابعه تشعر أن بها ماس كهربائي .. جسدها يرتجف بعيدا عن رد فعلها القوي .. فهي من الداخل هشه .. جلست خلف الباب كما هي تحاول تهدئه قلبها وضخب دقاته ..
ابتسمت محدثه نفسها بهمس: مجنون بس بحبك اوي
_____________________
متشيك ورايح كدا فين يا آذار، على فين العزم
كان جوابه وهو يمسح حذائه جيدا: رايح شغل جديد ادعيلي بقى
غصت بالطعام وظلت تسعل بقوة فنهض والده منتهزا الفرصة .. وظل يضرب على ظهرها بتسلية مستغلا الوضع وبين كل ضربة والاخرى يسأل: هااا نزلت؟
تسعل من جديد فيزيد من قوة الضربة
حتى نهضت من على المقعد سريعا بعيون حمراء من شدة الغيظ الي جانب السعال وتناولت زجاجة مياة تحاول انهاء الامر بنفسها، ثم صرخت فيه بغضب: ايه كسرت ضهري نازل ضرب ضرب زي ما تكون صدقت
اجاب في لوعة:أنا، اخس عليكي بدل متشكريني .. انا اللي استاهل كنت سبت اللقمة تقف في زورك
ابتسم آذار متحدثا: عاوز حاجة يا بابا أنا نازل
اقترب والده يربت على كتفه في حنان ومأزره متحدثا:
ربنا يوفقك يا آذار خد بالك على نفسك واحفظ الله يحفظك يا ابني
حاضر يا بابا دعواتكم
هندعيلك متخافش قالتها زوجة ابيه ودعت في سرها «يارب يرفضوك يا آذار من اول يوم، يارب الشركة كلها تتقفل، قال يشتغل قال بعيد عن جمانة حبيبتي»
يالهوووي قالتها بصوت
فانتفض زوجها متحدثا في ايه يا ام مي
ازدردت ريقها متحدثه مفيش حاجة يا اخويا كمل اكلك افتكرت حاجة على النار بس
تعجب والده متحدثا طب علقي على الشاي معاكي وأنتِ في المطبخ
عينيا قالتها وهي تمسك هاتفها متخذه من المطبخ ركن للتصل بجمانة
_____________________
اول يوم ..
كان وسيم لدرجة كبيرة
تلك الحلة التي يرتديها ليست بجديدة لكنه يعشقها
ثقته بنفسه وقدراته هي أهم ما يملك
دلف الشركة يتطلع بانبهار شديد في تفوق شركة والد جمانة بكثير ..
في الاعلي في القسم الذي سيعمل به كان التعارف
وطلب رئيسه المباشر في العمل اشياء ليعرف مدى قدراته وامكانياته .. اطمئن الرجل .. فذكاء آذار فاق توقعاته بمراحل .. ابتسم الرجل لآذار بسمة كانت كهديه وسط كل الضغط الذي يعانيه
مر اليوم بسلام ودعى الله ان يكتب له الخير
ثاني يوم في العمل
طلب منه استقبال وفد قادم مع بعض المدراء
كانت فرصة كبيرة بالنسبة له ليثبت وضعه
في المطار ....
دمتم بخير 💜