رواية اريدك في الحلال (كاملة جميع الفصول) بقلم ايمان سالم
الفصل الأول ❤
أريدك في الحلال
مقدمة
سلاما على قلب يعشقك ويريدك أميرته
يريدك أن تسكني دياره ولكن في الحلال
..............................
صباح يوم جديد لا يحمل معه سوى الاشتياق
اليوم هو الأربعين ..مر أربعين يوم على وفاة والدتها آخر حصونهم رغم أنها كانت قعيدة إلا انها كانت السند والحصن الأمين الملجأ وقت التشتت والضياع أصبحوا الآن في العراء .. بلا حصن يحميهم ويحتويهم
فتحت نافدة غرفتها لتدخل أشعة الشمس تنشر بعض من الدفء بالارجاء فالصقيع ليس في الجو حسب بل في القلوب أيضا
ثم اتجهت تفتح حاسوبها ترى ما الجديد هل راسلتها الشركة الجديدة
لكن حتى الآن لا يوجد رد، اغلقته بضيق واتجهت تحمل هاتفها لترى أن الوقت اصبح مناسب للمغادرة فلابد من أن توقظ اختيها فهي لا تريد أن تتأخر على زيارة قبر والدتها فبالتأكيد هى تنتظرها
غادرت الغرفة متجه لغرفة ضحى اختها الكبرى
فتحت الباب واتجهت للفراش فوجدتها مستيقظة سألتها وهي تجلس: الله أنتِ صاحية يا ضحى!
-ايوه صحيت من شوية
طب يالا اجهزي عشان منتأخرش على الزيارة
تنهدت ضحى وهي تنهض متحدثه: لا روحوا أنتم أنا هخليني هنا زمان خالتك وقرايبنا جايين ومش حلو يجو وميلقوش حد في البيت أو ينتظرونا
سألتها بفتور: هي كلمتك امتي؟
كلمتني بالليل واكدت عليا أنها جاية ومش لوحدها
سألتها بقلق تحاول اخفاءه: طب هو وسام جاى معها؟
نظرت ضحى لملامح حنة المتوترة فاجابتها وهي تتجه لخزانة ملابسها: مش عارفة بس كل اللي اعرفة انها قالت هيجوا بكرة ومحددتش مين اللي جاي معاها بالظبط
زفرت حنة متحدثه: طب ومسألتهاش ليه بس؟
اغلقت ضحي الخزانة وهي تجيبها بتشتت: أه اللي حصل بقى يالا روحي لفريدة صحيها زمانها نايمة عشان متتأخروش وسبيني اغير هدومي
غادرت حنة الغرفة وهي غاضبة لكنها حاولت تصنع اللامبالاة حتى لا تفسد يومها فلا شيء يستحق حزنها
مر الوقت وهاهم في المقابر ..
تذرف كلتهما الدموع ..
شوقا وحزنا وفقدان ..
العالم بعدك يا غالية ينقصه الالوان
لا الورد يزهر ولا الطير يشدو بالالحان
كتب الفراق
وكما لطعمه من مذاق مر يضرب الابدان
مسحت فريدة دموعها ببطء و حان منها التفاته للمدخل الرئيسى للمقابر ..صعقت وتبدل العالم من حولها لجليد افقدها كل الحواس عدى النظر وتيبس جسدها
حتى انفاسها قطعت وهي تراه هناك امامها في كامل حلاه ... بل زاد وسامة وهو يرتدي تلك الحلة الرمادية
يطالعها بعيناه المُسكِرة التي طالما عشقتها سرا ولم تقدر على البوح بهذا الاعتراف لأحد حتى له
رفعت حنة يديها تأمن وتمسح وجهها ثم نظرت لجوارها لترى فريدة بتلك الحالة العجيبة فاسرعت ملتفته ترى ماذا هناك وفيما هي شاردة
فغرت فمها هي الآخرى وهي تراه لا تكاد تصدق وجوده هنا وخرج اسمه من بين شفتيها كهمسا مستنكرا "عدلي"
لا تصدق أنها تراه من جديد مرت اعوام على آخر لقاء بينهم تطالعه بلهفة غير مقصودة حتى ظهرت في اضطراب انفاسها ودقات قلبها التي عادت لتضرب صدرها ولكن بقوة
«خلى بالك من نفسك يا فريدة، وأعرفي إني هفضل أحبك مهما افترقنا»
وأى بُعد هذا ..ثلاث سنوات ذاق قلبها جرعات الالم والحرمان دون توقف .. ذبلت ورود قلبها وجفت .. هرمت على أمل أن يعود لها يوما ما ويعود معه شبابها الضائع.. احلامها الوردية ترى هل تحقق ذلك الحلم .. أى دعوة صالحة أتت به إليها .. كادت تسقط وتتعثر لولا يد اختها وارتفع صوتها متحدثه خدي بالك مالك في إيه!
همست لها بصوت مهزوز مش ده عدلي برده ولا أنا بيتهيألي
رفعت حنة أنظارها لتراه قادم من بعيد يحمل باقة من الأزهار ومن الواضح أنه قادم إليهم حقا
اخفضت بصرها متحدثه بإرتباك: ده جاى علينا هو ايه اللي جايبه هنا وتبدلت ملامحها للون الاحمر خجلا
زفرت فريدة بداخلها متحدثه: مش معقول جاى صدفة وبعدين هو عرف اللي حصل منين؟
هتفت حنة في غيظ: وأنا هعرف إزاي يالا بينا نمشي معنديش استعداد اقف مع راجل وهنا كمان في المقابر
لكن الصوت الرجولي قاطعهم: آسف لو جيت في وقت مش مناسب لكن أنا عرفت باللي حصل وقلت لازم اجي اعزيكم بنفسي ومعرفتش اجيلكم الشقة طبعا فحبيت انتهز الفرصة وخصوصا لما عرفت إن النهاردة الاربعين
تساءلت فريدة بشك: عرفت منين أننا هنا وإن النهاردة الاربعين؟
اجابها ببسمة خفيه: من عم محمود
همست حنة بداخلها: الراجل الفتان دا هو مش هيبطل كلام ابدا الله يسامحه وشردت تفكر فيما أخبره إياه أيضا
البقاء لله مع إن عارف أنها متأخرة
البقاء لله قالتها والحنين جارف ودموع جرت لا تعرف تحديدا من أى شعور تبكي حزنا لفقدنها والدتها أم سعاده لوجوده ورؤيته من جديد بعد كل هذا البعد أم وداع آخر سيضاف لقائمة طويلة سئمت منها
مد يده بالورد متحدثا: ربنا يجعلها آخر الاحزان
آحزان الماضى وأنت غائب أم وأنت حاضر وهم غائبون عن أيهم تتحدث؟!
التقطت الورد بأكف ترتجف حتى كاد يسقط وقلب ينتفض بداخلها ... هل الزمان سيعود من جديد هل ضاقت والعوض قادم برجوعه لا تعلم لكنها سعيدة بوجوده الآن، سألته لتعلم هل بقاءه مؤقت هل ستراه ثانية؟
أنت نزلت مصر في أجازة؟
لأ على طول ... الجواب كان أجمل مما توقعت
هنا تدخلت حنة لتمسك الورد منها متحدثه وهي تضعه على قبر والدتها ربنا يرحمها كانت بتحبك وجذبت كف أختها ببعض الغلظة متحدثه: يالا بينا هنتأخر عليهم في البيت
توترت الاجواء فانصاعت فريدة لكلمات حنة وسارت معها حتى وقفت لجوار سيارتهم متحدثه يالا مش عاوزين نقف ويجي يتكلم معانا تاني كفاية لحد كده ولا نسيتي اللي فات
تنهدت فريدة وهي تصعد السيارة شاردة فيما مضى
-----------------------------------------
سقط الكوب من يدها مهشما ...
وهتفت بغضب: جواز إيه اللي بتكلميني فيه داه يا خالتو دا النهاردة لسه اربعين ماما مش مصدقة!
يا حبيبتي أنتوا بناتي ودلوقت الوضع مختلف مينفعش تعيشوا لوحدكم كده لازم يكون لكم راجل تتسندوا عليه ومفيش غير الزوج اللي الواحدة تقدر تتسند عليه بعد ربنا
يا خالتو الموضوع ده سابق لاوانه جدا
لا يا ضحى مش سابق ولا حاجة أنا خالتك ومكان ماما دلوقت ولازم تسمعوا كلامي مش هسبكم كده لوحدكم في الدنيا يا بنتي أحنا عدنا في زمن صعب ما يعلم بيه الا ربنا لازم كل واحدة فيكم يكون لها راجل يكون سندها وضهرها
مش شرط يكون سند الواحدة راجل ممكن شغل اي حاجة تانية
صمتت رقية تحاول ترتيب افكارها فهي بالنهاية لا تريد جرح مشاعرها هي فقط تريد مصلحتها فهتفت برقه وهي تقترب تضم كتفيها: أنتِ الكبيرة يا ضحى أول ما العين شافت مش بعتبرك بنت اختي بس لا بعتبرك بنتي الكبيرة وأنتِ عارفة كده كويس
عارفة يا خالتو ليه بتقولي الكلام ده؟
حبيبتي أنتِ معتيش صغيرة العمر بيجري مش هقولك اللي في سنك خلفوا والكلام ده بس هقولك الحقي عمرك قبل ما يجري كوني اسرة عيشي حياتك افرحي يا حبيبتي كفاية تأجيل بقى يا ضحى
شعرت بالحزن فانسحبت تجلس على مقعد في المطبخ متحدثه: حتى لو بقى عندي خمسين سنة ده ميهمنيش وبعدين الجواز ده قسمة ونصيب وكل واحد بياخد نصيبه أنا مش زعلانه كفاية إني ابقى مع اخواتي وجمبهم
اخواااتك!!
قالتها رقية بنفاذ صبر وتابعت كل واحدة منهم هي كمان هتشوف حياتها وفي النهاية هتبقى لوحدك مفيش حد جمبك
هشتغل عادي الشغل هيملى عليا حياتي
تأملتها رقية بصلابة فعلمت ما ترمي له تلك النظرات فتابعت كلماتها
عارفة إني مكملتش كليتي ومش هلاقي شغل ليا كويس لكن أنا ممكن افتح مشروع ليا يكون خاص بيا واديره
ظلت رقية على صمتها
فزفرت ضحى متحدثه :بتبصي لي كده ليه يا خالتو قصدك إني فاشلة ومش هعرف اعمل حاجة؟!
لا مش ده قصدي أنتِ عارفة كويس قصدي إيه
بلاش الوحدة والعزلة اللي حبستي نفسك فيها دي اخرجي منها عيشي حياتك أنتِ لسه صغيرة
أنا مش هدي للست كلمة غير لما تبقى مقتنعة يا ضحى واعرفي في الاول والآخر أنا ميهمنيش غير مصلحتك
هي مين يا خالتو؟
مش هسبق الاحداث ولا هقول حاجة قبل ما أخد منك الموافقة المبدئية يا ضحى بعد كده هقولك هما مين
اومأت في صمت رغم أن الامر بأكمله يخالف رغبتها تماما
----------------------------------------
واحد اتنين تلاتة
والتقط الصورة بشكل رائع وهو أعلى "دولاب النيش" الخاص بصديقه وزوجته
هتف صديقه بسعادة: هااا الصورة حلوة ولا هنعيد
تطلع آذار للشاشة برزانه واجابة بعد لحظات لا نعيد إيه تماما أوي
طب أنزل على الأرض ولا القعدة فوق عجبتك
لا نازل يا عم اهه الحق عليا بعمل لك صور بورفشنل شغل عالي مش أي حد يعمله
طب انزل ووريني كده
قفز آذار لاسفل والتف صديقه وزوجته يطالعون الشاشة وبالفعل كانت الصورة مختلفة تماما
هتف آذار وهو يدلف غرفة النوم تعال هصوركم هنا كمان صورة قبل ما امشي
امسك صديقه كف زوجته يقبله متحدثا: يالا بينا
انهي اذار تصوير عرس صديقه وغادر متجها لمنزله...
كانت تشاهد التلفاز كعادتها .. دلف آذار فوجدها تشاهد التلفاز وأمامها طبق كبير من اللب والفشار القى السلام سريعا وتوجه لغرفته ..
وقبل أن يفتح الغرفة سألته بعبوس: اتأخرت كده ليه هو البيت ده بقى عامل زي الفندق للنوم والاكل وخلاص
مال ثغرة في سخرية وأجاب وهو يفتح باب الغرفة بالفعل لا منا كلت النهاردة بارة عشان اوفر واغلق الباب خلفه
زفرت بقوة وتحدثت بغضب: ايوه مهيا وكالة من غير بواب كله من أبوك سايب لك الحبل على الغارب أما اقوم له اخليه يحط حد للكلام ده ولطولة لسانك
واتجهت لغرفتهم ومنها للفراش رفعت الغطاء عن جسد زوجها وصرخت في وجهه: قوووم شوف ابنك قوم
انتفض الرجل متحدثا بهلع: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اعوذ بالله في ايه؟!
تكلمت بسخرية: إيه شفت عفريت يا اخويا، قوم كده وفوق لي
هتف الرجل وهو يمسح وجهه: يا فتاح يا عليم خير ايه اللي حصل؟
ابنك يا اخويا
ماله سألها بيأس
بيرد عليا الكلمة بكلمتها من غير احترام
اجابها بشك هو بردة
نعم!! قالتها بإعتراض مفزع
طب خليها الصبح احسن الواحد بردان ومش قادر يصلب طوله
اهو ده اللي باخده منك حسبي الله كانت شوره سودا
واتجهت تغادر الغرفة
ازاح الغطاء عن وجهه متحدثا: شدي الباب وراكي
توقفت عند الباب تنظر له بغضب وبالفعل سحبت الباب بعنف جعله ينتفض .. هتف وهو اسفل الغطاء خدي لي حقي منها يارب
وضع ما بيده على مكتبه الصغير واتجه يفتح اللاب توب الخاص به يرى ما الجديد هل وافقت الشركة على طلب العمل الخاص به .. لكنه لم يجد شيء
والغريب أنه وجد رسالة من شركته القديمة .. فتحها ليرى ما تحمله فكانت من جمانة تحمل كلمات لوم وعتاب: كده برده يا آذار عمل لي بلوك فاكر إني مش هعرف اوصلك تبقى غلطان أنا عندي استعداد اجيلك لحد بيتك فاهمني رد عليا أنت حتى بطلت ترد على ارقام غريبة
ابتسم نصف بسمة ساخرة وأغلق اللاب دون أن ينهي كلماتها واتجه للفراش يتمدد عليه يطالع سقف الغرفة بشرود ويتذكر ذلك اليوم ...
يعلم أنها طائشة وغير مسئولة لكنه لم يهتم يوم لكلام أحد وخصوصا زملائه الكل اتهمه بالطمع في منصب ومال والدها لكنه في قراره نفسه كان يرى بها شيء جميل كان يشعر باحتياجها له فلم يهتم بكلام أحد واقترب منها وليته لم يفعل بدل من أن يثبت للجميع أنهم على خطأ وأنه حسن النية الكل أشفق عليه خرج من تلك العلاقة بندبه لن يقول أنها صعب أن تشفى لكنها مازالت واضحة كوضح الشمس يكمن ألمها في أنه كلما تطلع في المرآة وجدها حتى بات يكره المرايا أجمع
اغمض عيناه المرهقة متنهدا وغط بعدها في ثبات عميق
--------------------------------------------
على مائدة الطعام ...
صمت تام والجميع شارد في ملكوته الخاص
حمحمت رقية لتجلب إنتباههم ثم هتفت: عدى اربعين يوم وسوزان مش معانا عارفة إن غيابها كاسركم اوي لكن أنا عاوزاكم تجمدوا الحياة لازم تستمر ونظرت لحنة نظرة خاطفة وتابعت وعمرها ما بتقف على حد ربنا بيعطي الصبر عشان نكمل
اومأت فريدة ثم هتفت: معاكي حق يا خالتو الحياة مبتقفش لحد بس احنا اللي بنقف ومبنقدرش نتخطى حواجز معينة بنفضل مربوطين فيها لاخر العمر مهما حاولنا
عارفة إن موت سوزان مش سهل عليكم لكن البقاء لله وكلنا هنموت، ربنا يجعلها في الجنة ونعيمها ونقابلها هناك ده أهم حاجة
أنا كلمت ضحى في موضوع وعاوزه اخد رأيكم أنتم كمان فيه
خير يا خالتو؟ قالتها فريدة بتسأل
أنا جايبه عريس كويس جدا لضحى
اتسعت العيون ومازال الصمت قائم
تابعت كلامها عارفة الوقت مش مناسب لكلام من ده لكن هو مجرد كلام هامشي مش هيبقى في حاجة رسمية دلوقت ده لو عجب اختك وهي عجبته
تساءلت فريدة: طب هو مين؟ حد نعرفه؟
مش بالظبط هقولكم كل حاجة عنه لما اعرف رأيها ورأيكم كمان
أجابت فريدة بهدوء: أنا عن نفسي موافقة بس الاهم هو رأي ضحى لان دي حياتها وهي الادرى بيها
حنة بحزن: أنتِ كمان هتسبينا يا ضحى
زفرت رقية بنفاذ صبر: هي هتفضل معاكم لحد امتى كفاية قاعدة عليها لحد كده هي من حقها تتجوز ويكون عندها اولاد زي اي بنت في سنها
فريدة بتأيد: معاكِ حق يا خالتو وأنا كتير كلمتها في الموضوع ده لكن هي ماكنتش بترد على حد
-خلاص يا فريدة اللي فات مات أحنا في النهاردة وصدقيني العريس اللي أنا جيباه ده عريس لقطه ميتعوضش وشايفاه مناسب جدا لضحى
هتفت ضحى بحزن: كلكم عليا يعني بقيت غلطانة دلوقت خلاص
امسكت فريدة كفها متحدثه بحنان: نفسنا نفرح بيكي يا ضحى عشان خاطر ماما الله يرحمها وافقي بس تقابليه ولو معجبكيش براحتك محدش هيضغط عليكِ، اعرفي أنها قبل ما تموت كانت نفسها تشوفك عروسة فاكرة كلمها ليكِ
تشعر بالتوتر كما لم تشعر من قبل وضغط يفوق قدرتها البسيطة على التحمل فهتفت بالنهاية: خلاص يا خالتو اعملي اللي أنتِ عاوزاه بس عمري منا مقابلة حد قبل 3شهور من دلوقت على الاقل
كتير يا ضحى هقولهم استنوا ٣ شهور إزاى
لا مش كتير وده كمان وهبقى غصبه على نفسي إني اقابله أنا حزني على ماما كبير اوي
حنة بشرود: خلاص قولي لهم وافقوا وافقوا ما وافقوش براحتهم هما هيلاقوا زي ضحى فين
تنهدت رقية وهي ترفع يدها أسفل ذقنها لتتكأ عليها وهتفت: خلاص ربنا يسهل الامور هعمل إيه!
وهنا استمعوا لطرق على الباب
تساءلت فريدة بقلق: مين هيكون جاي دلوقت؟
اجابتها ضحى وهي تنظر لحنة: ده وسام خالتو قالت انه جاي بالليل
هنا نهضت حنة معتذرة: طب أنا هدخل اوضتي ارتاح وورايا حاجات هعملها
رقية بحزن: لسه بدري اقعدي معانا شوية
معلش يا خالتو سبيني على راحتي
واتجهت للغرفة سريعا قبل دخول وسام عليهم بهدوءه المعتاد
القى السلام عليهم وعيناه تجوب المكان تفتش عنها فلم يجدها فعاد بالنظر لوالدته وكأنه يسألها أين هي
تعال يا وسام اقعد وكأنها لم تقرأ ما يريد فهتفت بتلك الكلمات وهي تضع يدها على مقعد لجوارها تعال كل زمانك جعان
اتجه على الفور متحدثا: أكلك أنت وضحى بنت خالتى لا يقاوم فمضطر اقعد وجلس بالفعل نهضت ضحى تحضر له اطباق واصناف مما صنعوا كل هذا تحت نظرات فريدة الجامدة ونظرات والدته الحزينة
حاول تلطيف الجو بالحديث في مواضيع مختلفة
وحنة بالداخل ترتكز على الباب بظهرها تستمع لصوته نعم اشتاقت له لن تنكر لكن الجرح منه كبير ولن تستطع الغفران حاولت مرارا لكنها فشلت ..
الحب تضحية هي فعلت بينما هو لا لم تجد منه ما يثبت لها أنه يحبها بل العكس وجدت انانيه اهلكتها وجرحتها في مقتل
استمعت لصوت خطوات فاسرعت تبتعد عن الباب لا تريد أن يراها أحد بهذا الضعف
كانت فريد دلفت بعد طرق الباب ...
اغلقته وظلت صامته تطالعها بشك تعلم أنها ارق واضعف من هذا الثبات الذي تستدعيه فسألتها بقلق: أنتِ كويسه؟
هزت حنة كتفيها بلامبالاة متحدثه: طبعا كويسه هيكون مالي يعني
لم تشاء ازعاجها فتنهدت متحدثة طب متطلعي تقعدي معانا شوية مش عاوزاه يفكر إنك هربانة منه
التفتت لها سريعا متحدثة: هو مين ده اللي ههرب منه؟
اجابتها بهدوء: وسام يا حنة هيكون مين؟
كادت تتحدث لكنها اوقفتها بإشارة من يدها متحدثه: أنا مش جايه اضغط ولا اسمع تبريرات أنا بقولك اطلعي شوية اقعدي او حتى سلمي وادخلي مش عاوزاه يفكر إنك لسه ميته عليه، أنت احسن من كده بكتير
هتفت حنة وهي تتجه للنافذة بوجع: مش قادرة اتخطى اللي كان بينا يا فريدة صدقيني أنا نفسي بس مش عارفة
خلاص براحتك انا هطلع اقعد معاهم عشان ميقولوش مشوا كلهم وسابونا
ماشي قالتها حنة بضعف كبير وتفكر لقد مر على الأمر أكثر من ثلاثة أشهر ومازالت لم تتخطاه وتتجنب رؤيته
تفكر بأنه هو المخطيء وأنها فعلت الصواب .. لن يهمها سوى نفسها من اليوم ستحاول تخطيه اليوم او غدا تشعر أنها افضل وستخرج من تلك القوقعة يوما
كان يشرب الشاي فاستمع لصوتها ذو البحة السلام عليكم .. اهتز الكوب في يده ورفع بصره لها سريعا يتأملها .. لقد اشتاق لخمريتها وعيناها لكنها لم تخصه بالسلام ولا حتى النظر وكانه غير موجود تحدثت للحظات مع والدته وكأنه غير موجود وغادرت للمطبخ بحجه عمل كوب نسكافية لنفسها .. ما كانت الا حجة للابتعاد لكنها قطعت شوط كبير بخروجها اليوم من تلك الشرنقة التي وضعت نفسها بها منذ ثلاثة اشهر
وفريدة تشعر بالسعادة لاجلها يكف أنها بدأت تخرج من قوقعتها من جديد فكم لامتها لضعفها وتخاذلها في حق نفسها
انتهت من اعداد النسكافية وكادت تغادر لكنها وجدت من يقف امامها يمنع خروجها متحدثا: اخيرا شفتك يا حنة إيه كل القسوة دي!
رفعت بصرها لكتفاه بحزن لم تستطع النظر لعيناه فكم جرحتها من قبل
تابع بصوت متألم: مش عاوزه تردي عليا ولا حتى تبصي لي للدرجة دي أنا مكنتش أمثل لك حاجة
هنا رفعت نظرها له في حزن ولم تتحدث
تابع في اصرار: ليه عملتي كده فينا من الأول وليه سبتي الشغل بعدها
تحدثت بخشونة وتحفز: كنت برجع كرامتي اللي اتبعطرت هناك، كنت بحاول اثبت للكل إن أننا بريئة
-وهو ده حصل؟ سألها بشك
مكنش يهمني حد هناك غيرك بس للاسف أنا كنت آخر حد بتفكر فيه يا وسام أنت أناني جدا ومكنتش شايف في المشكلة دي الا نفسك وكرمتك وبس
كنت عاوزاني أعمل ايه وواحد جيب لي صور خطيبتي مع واحد تاني عاوزاني اتصرف ازاي
لو كنت بتثق فيا مكنتش اديت فرصة لحد إنه يتكلم عليا أنا مشفتش الثقة دي في عينيك ومحستهاش كاملة
-أنتِ اللي اتصرفتي غلط من البداية من أول لما السافـ.. . ده كلمك ومعرفتنيش أنتِ اللي خبيتي عني ودي كانت النتيجة متلومنيش على رد فعل طبيعي لو أي راجل في مكاني كان هيعمل كده واكتر
الرد اللي كنت بتمناه منك كأبن خالتي قبل ما تكون خطيبي أنك تدافع عني أنت عارفني كويس وعارف اخلاقي جرحتني قوي يا وسام
مين قالك إني ما دفعتش أنا دافعت لحد ما بقتش عارف اودي وشي فين من الهمز واللمز بتاعهم للاسف أنتِ مشفتيش غير الصورة بعينك أنتِ محاولتيش تحطي نفسك مكاني وتشوفي ساعتها كنتِ هتعملي إيه
وضعت الكوب على الطاولة متحدثه وهي تنظر لعيناه بقوة: كنت هدافع عنك لآخر يوم في عمري وابتعدت تغادر المطبخ
فناداها برجاء: حنة مش كفاية كده
تعلم أنه يقصد الفراق .. لكنها لم تلتفت ولن تلتفت لشخص لم يساندها في محنتها فهتفت وهي تبتعد: كل شيء قسمة ونصيب يا وسام
زفر بغضب فلمتى ستظل عاصية لرغبته في رجوعهم وهي المذنبة في نظره،منذ البداية، عند محادثة صديق لهم في العمل لها وهي لم تخبره وطلبه المباشر له بإقامة علاقه معها لم تكلف نفسها وقتها عناء اخباره بشيء صمتت ورفضت وظنت أن الامر انتهى وبعدها بأيام كانت الفضيحة في عملهم على قدم وساق صور لها برفقة رجل غريب وقبلات حميمية عندما رأها وقتها كاد أن يصاب بسكته قلبيه .. تلومه على ماذا .. على حبه لها ورغبته في اخماد الامر حتى عندما طلب منها ترك العمل ورفضت فخيرها بينه وبين العمل ... فاختارت العمل ولم تهتم به ولا لرغبته نظرت لنفسها فقط وكرامته كرجل يدعسها الجميع هناك دون اهتمام، ايام شاقة عليه حتى علم بعدها من أحد الزملاء باستقالتها وكانت مفاجأة بالنسبة له، فجاء إليها يعيد المياه لمجاريها، فكان الجواب خاتمها وضع في كفه مع كلمه واحده فقط شكرًا
زفر من جديد العند هذا لن تجني من وراءه الا الخسارة الا يكفي أنه سيمرر ما كان لمعزتها في قلبه
قالها وهو يغادر المكان: أنتِ حرة يا حنة، بس بعد كده متلومنيش في اللي هعمله
تابعت المشهد من بعيد وكم كانت سعيدة بتلك المواجهة حل المساء ..
واجتمعوا الثلاثة في غرفة والدتهم على فراشها والغطاء يضمهم ..
همست ضحى بوداعتها: مش هتسامحي وسام بقى يا حنة هو غلط بس بيحبك وبعدين هو مازال شاريكي مشفتيش هو فرح ازاي لما شافك النهاردة
شردت حنة ولم تجب بشيء
فتكلمت فريدة بنبرة قاسية: ميستهلهاش من الأساس
أناني قالتها حنة وهي تنظر لفريدة فأكدت فريدة باماءه منها
تنهدت حنة مبتسمة ثم قالت طب وبالنسبة للدكتور عادلي إيه الكلام
كلام إيه ؟
هتفت ضحى متساءله وهي تعتدل: عدلي مين؟
اجابت فريدة وهي تغادر الغرفة: أنا عارفة؟
نظرت ضحى لحنة متساءلة قصدك مين يا حنة؟
هزت اكتافها متحدثه: وأنا مالي عندك أختك روحي اسأليها أنا معرفش وغادرت هي الاخري وتركوا ضحى تحدث نفسها: شوفتي يا ماما بناتك بيخبوا عليا إزاي؟
في الصباح وجدته أمام العمارة ..
يقف وكأنه ينتظر أحد ..
كانت مترددة هل تتخطاه أم ترحب به لا تعلم
لكنها قررت تعزيز نفسها رغم الشوق الكبير الذي يعصف بقلبها...
دمتم بخير 💜💜