رواية ملكة علي عرش الشيطان الفصل التاسع عشر 19 والعشرون 20 بقلم اسراء علي









رواية ملكة علي عرش الشيطان الفصل التاسع عشر 19 والعشرون 20 بقلم اسراء علي 






[١٢/‏٢ ٥:٠٨ م] كاتب: الفصل التاسع عشر
ملكة_على_عرش_الشيطان

ولكني سأحطمكَ...
بـ غروري...
بـ مكري...
بـ دهائي...
أُقسم...

وأنا سأدهس 
غرورك بـ كبريائي...
مكرك بـ خُبثي...
دهائك بـ أفعالي...

-قصدك إيه!...

جلس أرسلان فوق الفراش وقال بـ تململ

-سؤالي واضح..تعرفي ديفيد ويليامز إزاي؟...

عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم قالت بـ برود

-وعاوز تعرف ليه!
-نظر إليه بـ نارية ثم قال:مترديش على سؤالي بـسؤال تاني
-زفرت بـ حنق وأردفت:كان فيه مؤتمر بتعمله الكلية عندنا كل سنة وكنت بشوفه..إتعرفت عليه وكان كلامنا كله فـ مجال الأورام
-رفع حاجبه وتساءل:بس؟!
-هو المفروض يكون فيه حاجة تانية؟!...

إلتقط لُفافة تبغ ثم أشعلها ليقول بعدها بـ هدوء

-أنا بسألكِ
-تأففت بـ ملل وقالت:مستفز..بس لأ دا كل الموضوع...

أومأ بـ فتور ليُخرج من فَمهِ سحابة رمادية دون أن ينظر إليها..إلتفتت تنوي الرحيل إلا أن صوته على الرغم من هدوءهِ إلا أنه أثلج قلبها وإتهز له بدنها

-متحاوليش تتواصلي معاه تاني...

إبتلعت ريقها بـ صعوبة لتتساءل دون أن تلتفت إليه

-مش فاهمة بتتكلم عن إيه!...

لم تسمع صوته بل صوت أقدامه التي تقترب منها حتى لفحت أنفاسه الساخنة كتفيها لتقبض على جانبي بنطالها تستمد منه القوة..إرتعشت وهي تسمع صوته الذي إخترق أُذنها كـ فحيح أفعى

-أنتِ فاهمة قصدي كويس..بلاش تلعبي بـ ديلك معايا عشان مقعطهوش...

حينها إلتفتت إليه بـ عُنف ثم رفعت سبابتها إليه مُشيرة بـ تحذير واهي

-إحترم نفسك معايا..أنا مش خاينة...

أمسك سبابتها يُديره فـ تأوهت لشدة قبضته..نظرت إلى عينيه القاتمة وهو يردف بـ نبرةٍ مُميتة

-لأ خاينة...
-إتسعت عيناها وصرخت:أنا مش خاينة..أنا مبخونش
-إبتسم إبتسامته القاسية وأردف:بلاش تستفزيني
-صرت على أسنانها غضبًا وقالت:ولو إستفزيتك هتعمل إيه يعني!...

حين إتسعت إبتسامته هوى قلبها وشحب وجهها سريعًا..تكره إبتسامته تلك..تكرهها بـ شدة بل وتخشاها

وجدته يقبض على ذراعها وهمس بـ فحيح

-يبقى تعالي شوفي نتيجة أفعالك
-سبني..أنت واخدني على فين!...

لم يرد عليها بل جذبها خلفه بـجمود دون أن يأبه لتلويها خلفه في محاولة من أجل الفكاك منه ولكن يده كانت كـ القيد الحديدي

وصل بها إلى خارج المنزل ليتجه إلى سيارته ثم ألقاها بها..أغلق الباب وقبل أن يبتعد أردف بـ تحذير

-فكري بس تفتحي الباب وتنزلي...

ضربت الباب بـ حقد صارخة بـ كل ما يعتمل داخلها من كُره تجاهه..صعد أرسلان إلى مقعد السائق وأدار المُحرك ينطلق بـ صمتٍ خانق بل مُخيف كـ هيئته التي لا تُبشر بـ الخير أبدًا

لم يكن عليها العبث معه..تعلم أي شخصٍ هو..هيئته المُخيفة والقاسية جعلها تتيقن أنها تتمادى بـ أفعالها..إن أرادت الإنتقام فـ عليها الحذر..عليها التريث والتفكير بـ ذكاء فـ محاولة إثارة غضبه كلها تنلقب ضدها

إبتلعت ريقها بـ صعوبة بالغة وقد ظهر بـ تلوي حلقها..عقلها يُنبئها بـ أحداث قاسية ومُخيفة أقلها رُعبًا هو قتلها دون ألم أو رُبما دفعها بـ السيارة من أعلى المُنحدر

نظرت إلى جانب وجهه والتي لم تتغير أبدًا..حينها تيقنت أنه سيُلقنها درسًا لن تنساه

*************************************

وقفت بين فتياتها تختار إحداهن لإدارة المكان بعد غيابها الذي سيطول ورُبما إلى الأبد..حينها وقع إختيارها على إحدى الفتيات والتي تثق بها كثيرًا فـ قالت بـ حزم

-نورا!..أنتِ اللي هديري المكان دا..مش عاوزة غلطة كأنِ موجودة
-تهللت أسارير الفتاة وقالت:عنيا يا أبلتي..ترجعلنا بـ السلامة...

أومأت بـ رضا ثم بدأت بـ تولي الأمور وتنظيم الأحداث بـ غيابها..لولا إحتياج أرسلان إلى تلك الحانة لِمَ سمح لها بـ إكمال إفتتاحه

توجهت إلى السيارة التي أرسلها أرسلان من أجلها..تلقها إلى حيثُ تُريد بل و وضع حارس شخصي كـ ظلها تمامًا

وضعت يدها على بنطها المُسطح تبتسم بـ عاطفة أمومية لم تكن لتحلم بـ أن تعيشها ومع من!..من حلمت به كثيرًا..مَن عشقته و وهبت حياتها له..تذكرت أحداث الصباح وهى تُشعل فتيل قُنبلة توقعت أن تنفجربها ولكن على العكس

"عودة إلى وقتٍ سابق"

نهضت وهي ترى أرسلان يقف مكانه دون أن يتحرك..وقبل أن تخطو خطوة تجاهه كان قد إلتفت إليها فـ توقفت..توترت وسكنت مكانها تنتظرصفعته أو أمره بـ إجهاض الجنين ولكنها لن تفعل..لن تُضيع فُرصة تقربها منه

رأت عيناه تسود بـ ظلامٍ مُرعب وهي تُحدق بـ بطنها فـ تلقائيًا وضعت يديها حولها وهمست

-لأ...

حينها إزداد ظلام عينيه ليرفع نظراته إليها ثم قال بـ جمود غامض

-الحمل بقاله أد إيه!
-أبتلعت ريقها بـ توتر وقالت:من..من شهر بـ الظبط...

أومأ دون أن يرد بل حك فكه وظلت نظراته مُعلقة بـ بطنها..تُرى أيشك بها أنها تخونه!..ولكنها تعلم أنه يعلم أنها لا تخونه بل لا تجرؤ..لذلك تجرأت وتساءلت بـ خفوت

-هتخليني أنزله!...

ضيق عيناه بـ قسوة مُخيفة كـ ملامحه الغامضة..لتتراجع بـ خوف إلا أن صوته خرج كـ الهسيس ، خالي من أي مشاعر إنسانية

-دا إبني
-بتشك فيا!..بتشك إني خونتك ودا مش إبنك؟...

جمدها صوته الذي خرج كـ الرعد وهو يقترب خطوة

-عندك الجرأة إنك تعملي كدا!
-سارعت نافية:أقسم بالله مقدرش أخونك..أنت عارف إني بعشقك 
-كويس...

وظل بعدها صامتًا إلا أنها لم تتحمل الصمت أكثر لتتساءل بـ تلعثم

-هـ..هنعمل إيه!...

لم يرد عليها بل إستدار راحلًا وقبل أن يخرج أردف بـ صوتٍ قاسي ، قاتم كـ ملامحه

-جهزي نفسك فـ ظرف نص ساعة هجيب المأذون ونتجوز..مقبلش إبني يبقى إبن حرام...

ليخرج بعدها ولم يلحظ تلك الإبتسامة الحالمة التي إرتسمت على وجهها أو تلك السعادة التي غمرت ثناياها..فـ هي لن تُصبح والدة طفله بل و زوجته أيضًا

وبـ الفعل خلال ثلاثين دقيقة كان قد جلب المأذون الشرعي أصبحت زوجته

عقب الإنتهاء من المراسم ورحل المأذون الشرعي..حاولت عناقه إلا أنه أبعد يدها وقال بـ جفاء أثلج قلبها

-أنا إتجوزتك عشان خاطر اللي فـ بطنك..زيادة عن كدا متحلميش...

إرتجفت وخفتت إبتسامتها لتتراجع تضم يدها إلى صدرها ليُكمل حديثه الجاف

-نزول كباريه!..مفيش..شوفي حد يخلص الشغل فيه لحد أما أخلص شغلي مع الأوباش دول وبعد كدا هفجره مش هقفله بس...

ثم تركها ورحل..على الرغم من حديثه الذي قتل روحها إلا أنها سُرعان ما إستعادت نفسها وهمست بـ إصرار

-أنا قطعت نص الطريق وإتجوزتك..والنص التاني قلبك وأنا هوصله...

"عودة إلى الوقت الحالي"

ضمت جسدها إليها وهي تنظر إلى النافذة..ستستغل حملها لأجله..قد تكون أنانية ولكن الوصول إلى قلب أرسلان هو هدفها و طموحها..همست بـ إبتسامة خفيفة

-جايز أكون أنانية يا حبيبي..بس لازم أوصل لقلب بابا عشان نكون عيلة كاملة...

************************************

أوقف السيارة أمام منزل أيمن ليترجل ثم صعد البناية حتى وصل إلى الطابق الخاص به..دق الجرس عدة مرات ليسمع صوته من الداخل يقول

-حاضر...

فتح الباب ليبتسم بـ تفاجئ قائلًا بـ دهشة

-قُصي!..تعالى يا راجل..نورت
-تسلم يا أيمن...

دلف قُصي إلى شقته الشبه متواضعة ليجلس بـ الصالون ليأتيه صوت أيمن 

-تتغدا ولا تشرب شاي!
-هات شاي
-ضحك أيمن وقال:يبقى تتغدا..أنا لسه مخلص تحضير الأكل...

إبتسم قُصي لينهض قائلًا بـ مرح

-حيث كدا أقوم أساعدك
-ربت أيمن على كتفه وقال:مش هقولك لأ...

تناوبا الدخول والخروج من المطبخ يحضرا أطباق الطعام حتى إكتملت مائدة الغداء..ليجلسا بعدها وبدآ بـ تناول الطعام

حمحم قُصي ثم قال وهو ينفض يده

-بصراحة كُنت جاي فـ موضوع
-إبتسم أيمن وقال:كُنت عارف..قول يا قُصي...

إعتدل قُصي بـجلسته ثم قال بـ جدية و دون تردد

-فاكر قضية الفساد اللي بعتلي ملفاتها!
-أومأ أيمن بـإهتمام قائلًا:أيوة..في حاجة ولا إيه؟...

حك قُصي فكه ثم قال بـ نبرةٍ جامدة

-عاوز أعرف ناس تانية متورطة فـ الموضوع دا
-رفع أيمن كتفيه وقال:على حد علمي أنا بعتلك كل اللي متورطين من الناس الكبيرة
-حرك رأسه نافيًا وأردف:مش عاوز دول..أنا عاوز موظفين فـ الجمارك أو وزارة الصح..أي حد لفقوله القضية كلها...

رفع أيمن حاجبيه وتراجع إلى الخلف..إرتشف من كأس عصيره ثم قال بـ هدوء وجدية

-فهمتك..بس يا قُصي الموضوع هياخد وقت
-تساءل قُصي سريعًا:فـ حدود أد إيه؟!
-مط شفتيه وقال:وقت طويل..أنا مجبتش الورق دا إلا بـ طلوع الروح..لكن هحاول أتصرفلك...

أومأ قُصي بـ إرتياح ثم تمتم بـ إمتنان

-شكرًا يا أيمن..أنا عارف إني بطلب كتير بس ساعدني الموضوع يخص عليتي
-رد عليه أيمن:عارف يا قُصي..أنت حكتلي كل حاجة عشان كدا أنا مش هتردد فـ مُساعدتك...

إبتسم قُصي..ستعود سديم إليه ويأخذ بـ ثأر عائلته ويُغلق تلك الصفحة تمامًا ورُبما ينتهي عداءه مع أخيه

إلتفتا على صوت الجرس ليتساءل قُصي

-أنت مستني حد!..أمشي يعني؟
-نهض أيمن وقال:أنت عبيط يا أبني!..خليك كمل أكلك...

توجه ناحية الباب ليسمع بعد لحظات صوت صرخات طفل مُهللة ليلتفت قُصي بـ فضول لكي يتعرف على هوية القادم..على حد علمه أيمن قد إنفصل عن زوجته مُنذ سنتين..مط شفتيه وعاد بـ رأسه

إقتربت صوت الأقدام ليستمع إلى صوت أيمن يقول بـ سعادة 

-تعالي أعرفك على صاحبي...

سمع قُصي صوت أنثوي ليس بـ غريب على أُذنيه ولكنه لم يهتم..دلف أيمن ومعه الصغير ليقول بـ حبور

-قُصي..دا وليد إبن أختي...

إرتفع حاجبي قُصي وهو يرى الصغير بين ذراعي أيمن والذي أكمل

-ودي أختي رحمة...

*************************************

وصلا إلى طريقٍ مجهول..نظرت من نافذتها لتجد صحراء..والناحية الأُخرى صحراء..بدأ الخوف يزحف إلى قلبها لتستدير إليه تسأله بـ تخوف

-إحنا هنا بنعمل إيه!...

ساد الصمت عدة لحظات قبل أن يهدر بـ غضب

-إنزلي
-تساءلت بـبلاهه:أفندم
-إستدار إليها وصرخ بـشراسة:قولت إنزلي...

فتحت بابها سريعًا وترجلت عن السيارة ثم أغلقته..ظلت تقف بـ جوار السيارة عسى أن ينظر إليها ولكن دون فائدة

نظرت حولها بـ الطريق الفارغ ثم عادت تُحدق به وصرخت بـ جنون

-ممكن أفهم فيه إيه؟!...

أغلق أرسلان النافذة تبعها أبواب السيارة بـ القفل الإلكتروني..إتسعت عيني سديم وحاولت فتح الباب ثم الطرق ولكنه كان قد إنطلق بـ سيارته..صرخت مُتراجعة 

-يا حيواااان...

كانت السيارة قد إبتعدت مُخلفة خلفها غُبار يرتفع فـ يشق الهواء..وقفت بـ مُنتصف الطريق البارد تضع يدها فوق رأسها ثم ظلت تُحدق بجميع الأرجاء ولكن دون جدوى..لا أحد يمر

زفرت بـ غضب وظلت تُغدقه بـ السباب اللاذع..أستدارت تنوي العودة سيرًا على الأقدام..ولكن صوت سيارة مُسرعة آتية من خلفعا جعلها تستدير مُسرعة ، مُتسعة العينين

كانت السيارة تتراجع بسرعة بـ الخلف..تجمدت مكانها وتيقنت أنه سيتم إصطدامها بقوة مُسببة إطاحتها ثم موتها

أغمضت سديم عيناها تنتظر المحتوم..وعلى بُعد إنش واحدًا فقط توقفت السيارة مُصدرة صوت إحتكاك قوي..حينها فتحت عيناها بـ رُعب ثم سقطت أرضًا فـ ساقيها قد عجزا عن حملها..دقات قلبها خفتت و وجهها قد شحب فـ شابه الموتى..بينما جسدها كله يرتجف بـ عُنف

ترجل أرسلان من سيارته ثم تقدم منها بـ برود ثلجي و هدوء حتى وصل إلى ثم جثى على رُكبتيه 

أبعد خُصلة عن وجنتها ثم همس بـ فحيح مُقتربًا من أُذنها

-أنا وصلتك لحافة الموت..المرة الجاية هموتك بجد...

و بـ قسوة وضع يده أسفل ذقنها وأدار وجهها الشاحب إليه وقبض عليه بـ قوة كادت أن تُهشمه ثم أردف بـ شراسة ونبرةٍ قاتلة

-أنا لسعتي والقبر...

نظرت إليه بـعينين جاحظتين ليُكمل حديثه بـ نعومة خبيثة

-أنا حذرتك للغلطتين..المرة الجاية إقرأي على روحك الفاتحة...

دفع بـرأسها بـ قسوة..لم تكن تعلم أنه تهاون معها..أن ذلك العقاب لم يكن عقابًا بل مُجرد تحذير واهي لما فعلته

نظر إليها بـ نظرات سوداء ، مُرعبة بـ نواياها..ولكنه بـ هدوء وضع يد أسفل ظهرها والأُخرى أسفل رُكبيتها الرخويتين ثم حملها بين ذراعيه القويتين

كانت لا تزال بـ صدمتها لا تُصدق أنها على قيد الحياة..بل تتنفس الآن ومحمولة بين ذراعيه بـ كل حميمية وكأنهما عاشقين

توجه بها إلى المقعد الخلفي ليُمددها عليه ثم أغلق الباب وإتجه إلى مقعده..نظر إليها من المرآة الأمامية ليجدها مُنكمشة على نفسها..عينيها جاحظتين وجسدها يرتجف..أبعد عيناه عنها ليُدير المُحرك وينطلق بـ السيارة

************************************

بعد أن وصلا إلى المنزل هبط من السيارة ليتجه إلى الباب الخلفي وفتحه..حينها قد إستعادت وعيها وإستفاقت من صدمتها..عندما مدّ يده إليها كي يجذها ضربت يده بـ قوة ثم صرخت بـ جنون

-أنت مختل..كنت هتموتني ودلوقتي هطلعني البيت!
-رفع كتفيه وقال بـ بساطة:قولتلك دا تحذير..وإديكِ صاخ سليم..لأ وصوتك رجع
-إشمئزت قائلة:يستحيل تكون بني آدم..أنت شيطان زي ما حكولي
-كوييس إنهم حكولك..إتصرفي بعقل يا شاطرة عشان متشوفيش شيطاني اللي على حق...

رمقته بـ سهامٍ قاتلة قبل أن تتجه إلى الباب الآخر مُترجلة..على الرغم من ضعف ساقيها ولكنها أبت أن يُساعدها

توجهت بـ خُطىٍ أشبه بـ الركض حتى صعدت غُرفتها..ترك أرسلان السيارة ودلف إلى المنزل وحينها نادته الخادمة بـ خفوت قائلة بـإحترام

-أرسلان بيه!..في واحد اسمه ديفيد مستني حضرتك فـ الصالون
-أومأ قائلًا:طب روحي أنتِ ومتخليش حد يطلع بره المطبخ...

أومأت لتبتعد بعدها..توجه هو بـ خطاهِ الثقلية حتى وصل إلى ديفيد رحب به ثم جلسا

وضع أرسلان ساقًا فوق أُخرى ثم قال بـ جفاء

-حسنًا ما سر هذه الزيارة!
-إبتسم ديفيد وقال بـ مكر:أعتقد أنك تعلم..العمل
-أها...

رفع أرسلان حاجبه وقال بـ فتور

-وأرسلوك أنت خصيصًا!
-أنت تعلم هذه المرة..غاية بـ الجدية
-حك أرسلان فكه وقال بـ جمود:إذن!..ما هي المهمة؟!...

نظر ديفيد حوله بـ حذر ثم قال وهو يدنو من أرسلان بـ جدية بالغة

-الشحنة كبيرة..أسلحة كميائية ننوي إدخالها بـ هدف القضاء على الإرهاب
-رد عليه أرسلان بـ سُخرية:وأليس ذلك ما يحدث مُنذ سنوات!...

ضاقت نظرات أرسلان وهو يرى إبتسامة كريهة ترتسم على شفتيه وهو يردف بـ شيطانية

-هذه المرة ستكون أكثر سمية..سُنعيد خطة الإبادة ولكن هذه المرة بـ أكثر الطُرق حكمة..حتى لا نقع بـ الفخ ذاته...

تشنج فكه بـ غضب ولكنه أخفاه بـ مهارة قبل أن يردف بـ الجمود ذاته

-ولكن ما مصلحة بلدك بما تقوم به!
-إستراح ديفيد بـ جلسته وقال بـ إبتسامة

-من قال أنني هُنا لمصالح بلدي!
-ضحك أرسلان وقال:روسيا تدفع الكثير أليس كذلك...

ضحك ديفيد حتى أغمض عينيه فلم يلحظ تجهم أرسلان وملامحه السوداء..ليقول الأول بعد أن هدأت ضحكاته

-بـ عالمنا ذاك..المال هو القوة..وكل ما يحدث بـ الوطن العربي والغرب أيضًا ما هو إلا خطة تحيكها الدول الأكثر قوة
-بـ نبرة خرجت كـ نصل السيف:أعلم القذارة جيدًا..وأعلم ما أوقعت نفسي به مُنذ سنوات
-أردف ديفيد بـ نبرةٍ ذات مغزى:من الأفضل أنك تعلمت من ذلك الدرس القاسي..وأأمل ألا تخذلنا هذه المرة...

كانت ملامح أرسلان صخرية يصعب على الآخر قراءتها إلا أن نبرته خرجت واثقة و هادئة لدرجة مُربكة

-لا تقلق لقد تعلمت درسي جيدًا وأنوي الأستفادة...

بعدما رحل ديفد صعد أرسلان إلى غُرفة سديم ينوي الحديث ولكنه لم يجدها..ضرب المقبض بـ حدة ثم إبتعد.بحث عنها حتى سمع صوت الماء المُنهمر من المرحاض

أرادت أن تأخذ حمامًا ساخن يُنعش خلايا جسدها الميتة عقب تلك الصدمة التي تلقتها..لم تُصدق أنها عادت حية تُرزق..كاد أن يقتلها فقط لأنها تفوهت بما لا يجب..ماذا إذا تمادت بـ افعالها!

ولكن ما تفوهت به لم يكن ليتحمله رجل حقًا..أما هو لم تعلم كيف إستطاع السيطرة على أعصابه لتلك الدرجة..ولكن حينما أتى موعد عقابها أدركت أنه لا يتهاون أبدًا فـ صمته و هدوءه ما هو إلا هدوء ما قبل العاصفة

دلف إلى المرحاض وإستند إلى حوض إغتسال الوجة وبقى يُحدق بـ طيفها الظاهر من خلف الزُجاج المشوش بـ بُخار الماء المُتصاعد

إلتوى فمه بـ شبه إبتسامة قاسية وهو يُتابع تحركات يدها على خُصلاتها وجسدها ليعقد ذراعيه أمام صدره وبدأت عنياه في تفحصها بـ جُرأة واضحة

بعدما إنتهت هي من الإستحمام أغلقت مصدر المياه ثم أخذت المنشفة و جففت جسدها..فتحت الباب الزُجاجي ورفعت أنظارها لتشهق بـ فزع وهي تضع المنشفة القصيرة على جسدها من الأمام 

إتسعت إبتسامته بـ شيطانية تُشبه ملامحه ثم إقترب وهتف بـ وقاحة

-بتعملي إيه!..أنا معاين البُضاعة قبل كدا...

تحولت عيناه إلى جمرتين مُشتعلتين من الغضب وهي تهدر بـ حدة

-أنت دخلت هنا ليه وعاوز إيه؟
-حك فكه الحاد بـ قوة ثم تشدق عابثًا:فكرك لما أدخل على واحدة وهي بتستحمى هيكون عاوز إيه!!
-رفعت رأسها بـ شموخ دون التأثر لحديثه وقالت:نجوم السما أقربلك مني..إذا كنت سمحتلك تقرب مني قبل كدا فـ دي كانت غلطة مش محسوبة...

إرتعد جسدها بـ رُعب وهى ترى عيناه تفقد بريقها العابث لتتحول إلى عيني شيطان..عضلات فكه المُنقبضة وتشنج عروق نحره البارزة تعكس مدى غضبه..تعرف جيدًا كيف تُهين رجولته..كيف تدهس كبرياؤه كـ رجل أسفل قدميها..كلماتها سهام ونظراتها طلقات نافذة..ولكن نبرته التي خرجت من بين شفتيه كانت مُهينة ، مُزدرية 

-متخافيش أنا مبستعملش الحاجة غير مرة واحدة بس...

عبارة قاسية لم تجرح أنوثتها بل سحقتها سحقًا جعل الغضب بـ عينيها يزداد ويتضخم حتى لونهما تغير من اللون الصافي إلى اللون الداكن من شدة غضبها..وإن كانت كلماتها سهام فـ قد أصابته بـ حرفية شديدة

-ومراتك اللي ماتت كانت برضو إستخدام مرة واحدة!!...

لم ترى تلك القساوة المُنبعثة منه قبلًا..كل يوم تكتشف أن قساوته التي تراها لا تُحتمل هينة لما تراه تلك اللحظة..ثوان وكان يندفع إليها ورفع قبضته..ظنت أنه سيضربها فـ قد تجاوزت حدها وهي تعلم فـ أغمضت عيناها تنتظر تهشم عظام فكها 

ولكن إنتفضت وهي تستمع إلى صوت تهشم ولم يكن عظامها بل الزُجاج خلفها..قوة قبضته الحديدية و الخاتمين الفضيين اللذين يرتديهما قد ساعداه على ذلك

تراجعت إلى الخلف وهو يقترب منها بـ عينين ينبعث منهما الجحيم لتخطو فوق الزُجاج المُحطم فـ جُرح باطني قدميها ولكنها كتمت تأوها خوفًا منه..أما هو فـ قد همس بـ نبرةٍ مُميتة أسارت رجفة شنيعة بـ جسدها وكأن روحها تُغادر جسدها

-لو باقية على اللي فاضل من عُمرك..متلعبيش بـ أعصابي تاني لأن شيطاني ساعتها هيكون أسوء مليون مرة من اللي حكولك عنه...

إبتلعت ريقها بـ صعوبة وهي تراه يبتعد بـ خطواتٍ هشمت الزجاج أسفله إلى قطع تتناثر يمينًا و يسارًا

إستعادت أنفاسها بعد مُدة لتحاول بـ شتى الطُرق تفادي قطع الزُجاج وأيضًا ألا تخطو فوق قدميها المُصابتين..حاوطت جسدها جيدًا بـ المنشفة ثم خرجت وإتجهت إلى غُرفتها

جلست فوق الفراش تنظر إلى قدميها اللتين تُقطران دمًا..أخرجت الشظايا وهي تتأوه ألمًا..مدت يدها جوارها لتخُرج صندوقًا صغير يحوي مُعدات طبية

عقمت جراحها ثم ضمدتهما بـ شاشٍ أبيض ثم نهضت تسير فوق أطراف أصابعها حتى وصلت إلى خزانتها..أخرجت ثياب ترتديها ثم صففت خُصلاتها

تمددت فوق الفراش ولكن صوت طرقات جعلها تزفر بـ ضيق وتقول بـ فتور

-أدخل...

دلفت الخادمة وقالت بـ إحترام

-أرسلان باشا بيقولك إنزلي عشان تتغدي...

رفعت حاجبيها بـ إستنكار وغضب لتقول بـ حنق

-قوليله مش هنزل..هو مش شايف رجلي
-أمرك...

إنحنت الخادمة ثم رحلت..هبطت إلى أسفل وإتجهت إلى حيث يجلس أرسلان الذي هدر بـ صوتٍ مُرعب

-هي فين!
-همست الخادمة بـ توتر:مش هتقدر..أصل..أصل رجلها متعورة...

ضرب أرسلان الطاولة بـ عُنف وهدر بـ شراسة

-وأنا قولت تنزل يعني تنزل..إطلعي هاتيها
-حـ..حاضر...

أردفت بها الخادمة بـ إذعان ثم هرولت إلى أعلى..طرقت الباب ودلفت لتقول بـ خوفٍ مُسرعة

-أرسلان باشا عاوزك تنزلي...

هتفتها الخادمة ثم هرولت دون أن تنتظر رد سديم..والتي عضت على شِفاها السُفلى بـ غيظ..تعلم أنه يقصد إيلامها..زفرت بـ حدة رافضة الظهور بـ ذلك الضعف

نهضت تتأوه ثم سارت بـ بُطء حتى خرجت..نظرت إلى درجات السلم بـ عبوس ثم حاولت الهبوط بـ صعوبة حتى تمكنت بـ شق الأنفس

-هفضل مستني سيادتك كتير!
-ردت هي بـ برود:محدش قالك إستنى...

رمقها بـ نظرته السوداء لتبتلع باقي حديثها وتقدمت حتى جلست بـ آخر الطاولة ولكن صوته أمرها

-تعالي هنا...

أشار بـ رأسه إلى جوراه..أغمضت عيناها تكبح غضبها لتنهض بـ بُطء وقد رأت من الحكمة عدم إستفزازه

جلست وشرعت بـ تناول الطعام ولكنها شهقت عندما سكب محتويات طبقه فوق رأسها ثم قذفه أرضًا بـ قوة أرعبتها..دنى منها وهمس بـ شراسة

-متخلصيش رصيدك معايا فاهمة!...

تراجع بـ مقعده حتى سقط وصعد إلى غُرفته..فـ هو لم يدعها إلى الطعام إلا ليُهينها

************************************

جلست فوق مقعد أمام طاولة الزينة..مُذ أن علمت بـ قدوم أرسلان حتى بدأت تتزين..إرتدت ثوب أحمر اللون ذو ظهر مفتوح وحمالتيه تتعلق حول عُنقها وفتحة أمامية تمتد على طول صدرها..قصير يصل إلى ما قبل الرُكبة بـ قليل

وشفتيها طلتهما بـ الأحمر الداكن أما عيناها فـ حددتهما بـ الكحل الأسود الثقيل 

سمعت صوت الجرس لتنهض مُسرعة فـ على الأغلب قد وصل الطعام الذي أوصت به أحد المطاعم المشهورة

إرتدت مئزرًا طويل حاوطت به جسدها فـ لم يظهر سوى عُنقها..توجهت إلى الباب بعدما جذبت حافظة نقودها

فتحته ثم أخرجت بضع ورقات نقدية لتتساءل دون أن تنظر

-عاوز كام!...

إرتفعت أنظارها مصعوقة وهى تستمع إلى تلك النبرة الخبيثة وهي تقول بـ نعومة 

-حبيت أهنيكِ بـ نفسي يا مدام جميلة...

سقطت الحافظة من بين يديها ثم تراجعت بـ خوفٍ هامسة بـ نبرةٍ مُرتعبة

-نزار العبد!!!...
[١٢/‏٢ ٥:٠٨ م] كاتب: الفصل العشرون
ملكة_على_عرش_الشيطان

أؤمن بـ شدة

أن قسوة الحياة تكشف أُناسًا رائعيين جدًا...

إبتسم الصغير بـ حماس مُتناسيًا ما حدث بـ لقاءهما الأول ثم صرخ

-عمو..عمو إزيك!
-إبتسم قُصي هو الآخر ثم أجابه:الحمد لله..إزيك أنت يا بطل!
-حرك رأسه صعودًا وهبوطًا ثم قال:الحمد لله كويس...

وزع أيمن أنظاره بين وليد وقُصي ليوجه سؤاله لـ الأخير

-أنت تعرف وليد منين؟!...

نظر قُصي إلى رحمة التي كانت تنظر إليه بـ غضب لا يلومها عليع ثم أردف بـ توضيح

-إتقابلنا من مُدة بسيطة فـ الفندق اللي أنا كنت قاعد فيه
-أها وإيه اللي حصل!...

تدخلت رحمة تمنع حدوث الكارثة قائلة وهي تنظر إلى قُصي بـ تحذير صامت

-لا أبدًا..أنت عارف وليد شقي وكان بيجري مني فـ الأستاذ وقفه وأنا جيت أخدته منه
-نظر أيمن إلى الصغير وقال:مش قولنا نبطل شقاوة؟!
-رد الأخير بـ حُزن:أسف يا خالو بس كُنت عاوز أشوف آآآ...

لم تسمح له رحمة بـ إكمال حديثه لتجذبه من بين يدي أيمن ثم قالت بـ توتر

-كمل أكلك مع ضيفك يا أيمن وأنا هدخل الأوضة أريح شوية
-ماشي يا رحمة..هدومكوا فـ الدولاب زي ما هما...

أومأت ثم رحلت ليجلس أيمن وقد تعقدت ملامحه بـ تجهم..فـ ربت قُصي على ساقه وتساءل

-مالك وشك قلب ليه!
-أطلق أيمن زفيرًا حار وقال:متاخدش فـ بالك...

لم يُحاول قُصي أن يضغط عليه بـ الحديث فـ أيمن كتوم إلى حدًا ما ويبدو أن رحمة تخشى أن تقص له ما حدث وأن والد الصغير رفض أن يأخذه

ضرب ساقه ثم نهض وقال بـ إبتسامة

-أنا همشي..متنساش اللي إتفقنا عليه
-لأ متخافش..إن شاء الله هحاول متأخرش عليك...

أومأ قُصي ثم توجه إلى الباب تبعه أيمن ثم رحل

************************************

تراجعت إلى الخلف أكثر ليدلف نزار مُغلقًا الباب خلفه بـ قدمه وعلى وجهه إبتسامة مُخيفة..ضمت جميلة يديها إلى صدرها ثم تساءلت بـ تهدج

-أنت عرفت مكاني منين!...

مسح أسنانه بـ لسانه ثم أردف بـ خُبث 

-اللي يسأل ميتوهش..وخصوصًا سُمعتك مسمعة
-إبتلعت ريقها بـ صعوبة وأردفت:أرسلان لو جه وشافك هنا هيدبحك...

توجه إلى أحد الأرائك ثم جلس عليها بـ أريحية وقال بـ هدوءٍ ماكر

-طب ما يجي أنا أصلًا عاوزه يشوفني وأنا بخلص عليكِ...

إرتعدت جميلة لتتراجع أكثر حتى وصلت إلى آخر غُرفة الإستقبال تحتمي منه ثم تساءلت بـ إرتعاش

-مين اللي قالك إني إتجوزته؟!
-ضحك وقال:العصفورة...

تنفست بـ إرتجاف لينهض نزار فـشهقت وكادت أن تركض ولكن صوته المُرعب جمدها أرضًا وهو يقول

-بس شاطرة عرفتي توقعيه لحد أما إتجوزك
-صرخت بـ إستنجاد:فين الحارس اللي بره..يا ناس
-زعق هو بـ المقابل:وطي صوتك بدل أما أقطعلك لسانك دا خالص...

وضعت يدها فوق شفتيها تكتم شهقاتها وبقيت ساكنة تنظر إلى عينيه بـ عينين مُتسعتين..إلى أن إقترب أكثر حتى وقف مُقابلًا لها ثم قال وهو يضع يديه بـجيبي بنطاله

-ليا حساب معاكِ لسه مجاش وقته..لكن دلوقتي أنا هحاسبك على خيانتك
-همست مصعوقة:خيانة؟!
-حك فكه وقال:البيه يعرف إنك كُنت عشيقتي!..وإنك المفروض بتشتغلي معايا والمفروض برضو توقعيه!...

ضمت يديها إلى صدرها وهمست بـ شرود وكأنها تُخاطب نفسها

-أنا مبشتغلش مع حد..أرسلان مقدرش أخونه..أنا سيبتك من زمان
-إبتسم بـ سُخرية:سبتيني لما وقع فـ طريقك..مش كدا ولا أنا غلطان...

إبتلعت ريقها بـ صعوبة بالغة ليرفع نزار يده ويُملس على طول وجنتها ثم أكمل بـ مكر

-أنا سبتك بـ مزاجي عشان بس أخد منك اللي عاوزه..وبكدا يبقى أنتِ بتخوني الشيطان نفسه
-أبعدت يده بـ حدة وأردفت:أنا سبتك لما عرفت وساختك...

أظلمت عيني نزار بـ قوة ثم رفع يده يـقوم بـ لف خُصلاتها حول قبضته بـ شدة آلمتها ثم هدر بـ فحيح

-على أساس إنك شيخة..ما أنتِ رقاصة..عارفة يعني إيه رقاصة!..يعني واحدة رخيصة بتعرض جسمها لليسوى واللي ميسواش...

دفعها لتسقط فوق الأرض صارخة بـ ألم تُحيط بطنها بـ قوة خوفًا على جنينها ليهبط نزار إلى مستواها ثم عاد يُمسك خُصلاتها مرةً أُخرى وهدر

-أنا اللي لميتك من الشارع وعملتك بني آدمة وبعدها سبتك تروحيله عشان أقتله قدامك فاهمة..حُطي دا فـ دماغك لأن عقابي ليكِ مش هيقف لهنا
-صرخت باكية:أنت واحد ***..وأرسلان هيقتلك فاهم..وكل اللي عندي هطلعه و هوديك فـ داهية مش هسيبك تأذيه...

قبض على فكها بـ يده الأُخرى ثم حركها بين يديه صارخًا بـ شراسة

-بتهدديني يا روح أُمك!..دا أنتِ ديتك طلقة يا بت..طلقة أستخسرها فـ أمثالك...

دفعها لتتمدد فوق الأرض لينهض وهو ينظر إليها بـ إزدراء وأردف بـ وعيد

-أنا بس حبيت أعرفك إني سهل أوصلك..ولو عاوز أقتلك هعملها..راجعي نفسك لو باقية على حياتك وإختاريه يا تختاريني بس ساعتها هتتحملي نتيجة إختيارك...

نظر إليها مرةً أخيرة ثم رحل تاركًا إياها تبكي واضعة رأسها أرضًا و يديها الإثنتين حول بطنها

*************************************

كانت تُحدق بـ الفراغ مصعوقة لما حدث الآن..أهانها أمام الخدم..أهانها كما لم يفعل أحد من قبل..ولكنها نهضت بـ برود لا يعكس البراكين التي تشتعل بـ داخلها

توجهت بـ أنظارها إلى أحد الخدم وأردفت بـ جمود

-نضفي المكان...

ثم تركتها وصعدت إلى غُرفتها..أغلقت الباب خلفها وصرخت بـ غضب ضاربة الباب خلفها عدة مرات..وظلت هكذا لعدة دقائق حتى إستعادت هدوءها ثم إتجهت إلى المرآة لتنظر إلى نفسها الملوثة بـ الطعام

صرت على أسنانها غيظًا ثم توجهت إلى خزانتها وأخرجت بعض الثياب الجديدة وبعدها ترجلت خارج الغُرفة مُتجه إلى المرحاض ولكن أثناء سيرها مرت بـ غُرفتهِ لتستمع إلى صوته

-لا تقلق سيتم كُل شيئًا بـ موعده لا تأخير...

لم تتعرف لتلك اللغة التي يتحدث بها تأففت بـ ضيق وقررت الرحيل ولكنها توقفت عندما إستعمت إلى اسم ديفيد وسط حديثه فـ عادت تقف علها تفهم 

أما هو بـ الداخل كان يرتدي قميصه الأسود كـ عادته تاركًا الأزرار العلوية مفتوحة ثم أكمل حديثه بـ جفاء

-لا يهم..سيأتي لا محالة فـ هذه المرة ستكون ضربة قاضية للوطن العربي..لذلك سيشرف عليها بـ نفسه...

إنتظر يستمع إلى حديث الآخر ليرد عليه بـ غضب

-إسمعني يا هذا..لستُ مُهتمًا على الإطلاق لما تعتقده عني..كل ما أُريده هو أن يكون حاضرًا وديفيد..أُريد أن أتلذذ بـ العرض...

إنتظر مرةً اُخرى وكان حينها يرتدي ساعته اليدوية ليرد بعد قليل بـ نفاذ صبر

-قُلتُ لك لا تخف..لن أورطك أبدًا..فقط إفعل ما أمرتك به دون خطأ ولن يحدث لك مكروه..أعلم أن المرواغة مع هؤلاء ليس بـ الأمر السهل ولكني أضمن لك سلامتك لا تخف...

إستمع إلى حديث الآخر ثم قال بـ هدوء وهو يحك مُؤخرة عنقه

-حسنًا..ستختفي بعد ذلك في غضون نصف ساعة..ستجد أحدهم سأرلك لك هويته ليقلك إلى الميناء الجوي ثم بعدها سترحل إلى البلد المُتفق عليها...

أغلق الهاتف وهو يزفر بـ تعب ثم وضع الهاتف فوق طاولة الزينة الخاصة به ثم إرتدى سترته السوداء وصفف خُصلاته كـ المُعتاد إلى الخلف..نثر عطره الرجولي الصارخ ونظر مرةً أخيرة إلى مظهره قبل أن يلتقط هاتفه ويترجل إلى الخارج

ما أن فتح الباب حتى تراجعت سديم شاهقة بـ فزع..بينما هو إرتفع حاجبه الأيمن بـ إستنكار قبل أن يعقد يديه أمام صدره ويتساءل بـ خُبث

-بتتسنطي عليا!...

إستعادت رابطة جأشها لتقف بـ غرور أنثوي واثق جعل حاجبه يرتفع هذه المرة بـ إعجاب ثم هتفت بـ تبرير

-أنا مش بتجسس عليك..أنا كُنت معدية وسمعتك بتتكلم بلغة مش فهماها...

صمتت وهي ترى زاوية فمه ترتفع بـ شبه إبتسامة ساخرة لتعض شِفاها بـ غيظ إلا أنها أكملت بـ نفس الثقة والغرور كابحة إحساسها بـ الغيظ

-وسمعت اسم الدكتور ديفيد فـ النُص..فـ كُنت حابة أعرف إيه داخله فـ كلامك...

إتسعت إبتسامته الساخرة ليقترب منها فـ تراجعت هي حتى أعاقها عن الحرك سور الدرج خلفها..نظرت خلفها ثم إليه لتتسع عيناها وهي تراه يقف مُلتصقًا بها

وضع أرسلان يده أسفل ذقنها وهمس بـ مكر

-لما تعوزي تعرفي حاجة إسأليني..بلاش شُغل المُحقق كونان اللي بتعمليه دا...

ضيقت عيناها بـ غضب ولم ترد ولكنها وجدته يقترب منها فـ وضعت يديها على صدره تحاول إزاحته إلا أن جهودها راحت هباءًا فـ أغمضت عيناها بـ خوف

إلا أن أرسلان رفع يده وسحب من بين خُصلاتها بقايا الطعام ثم رفع يدها و وضع بها البقايا..لتفتح سديم عيناها تنظر إلى ما بـ يدها بـ دهشة ثم إليه ليقول أرسلان بـ برود ثلجي حطم أنثوتها

-أنا قولتلك مبلمسش الحاجة مرتين...

ثم تركها لدهشتها ورحل بـ سكون و هدوء كما يفعل عادةً..ضربت سديم قدمها بـ الأرض لتصرخ ألمًا لما أصاب قدمها من ذلك الحرج ثم قذفت بقايا الطعام في محاولة لإصابته ولكنها فشلت لتصرخ بـحدة

-يا بارد يا لوح تلج...

إستدارت لتتجه إلى المرحاض..أغلقت الباب خلفها تتنفس بـ حدة..جلست فوق حوض الأستحمام ثم نزعت الضمادات عن قدميها لتتأفف بـ ضيق ثم نهضت تسير بـ حذر لتنزع ثيابها وتعاود الإغتسال

*************************************

غسلت وجهها الشاحب بـ الماء مُزيلة أثار مُستحضرات التجميل لتبقى بـ هيئتها التي تدل على خوفها

خرجت من المرحاض لتتفاجئ بـ أرسلان قد دلف إلى الشقة لتو..تراجعت إلى الخلف وضمت طرفي المئزر إلى صدرها ثم أخفضت وجهها أرضًا

عقد أرسلان حاجبيه لحالتها الغربية ليتقدم منها مُتفحصًا شحوب وجهها ثم تساءل

-أنتِ تعبانة!...

حركت رأسها نافية وهي لا تزال مُخفضة رأسها..ليضع يده أسفل ذقنها مُحدقًا بـ ملامحها الشاحبة ثم قال بـ جمود

-أومال وشك أصفر ليه؟!
-إبتسمت بـ توتر وقالت:الحمل بس..الفترة دي بتكون صعبة...

أومأ بـ فتور ثم توجه إلى الأريكة التي جلس فوقها نزار لتصرخ جميلة فجأة

-متقعدش هنا...

إلتفت إليها بـ غضب لتتراجع قائلة بـ تلعثم

-في شاي وقع هنا هيوسخ هدومك...

أطلق زفيرًا حاد لينتقل بـ جلسته إلى مكانٍ آخر لتتقدم جميلة منه ثم جلست جواره..وصمتت

نظر إليها أرسلان بـ تدقيق هدوءها ، وحالة الخوف والتوتر تلك تُثير الشك بـ داخله..ليعتدل بـ جلسته ثم قال بـ هدوء

-متأكدة إنك كويسة!..نروح لدكتور!
-لا أبدًا أنا كويسة
-براحتك...

أرجع رأسه إلى الخلف وأغمض عيناه..بينما تنهدت هي بـ قلة حيلة ثم نظرت إليه..لو عَلِمَ بـ قدوم نزار لن يتردد بـ قتلهما معًا ولكن ما أثار الشك بـ داخلها ذلك الحارس أما شقتها..كيف سمح له بـ الدلوف؟

إستدارت إليه ثم تساءلت بـخفوت

-أرسلان!..هو أنت واثق فـ رجالتك؟!...

رفع رأسه ونظر إليها بـ إستنكار ثم تساءل بـ شك

-بتسألي ليه!...

رفعت كتفيها في محاولة لإظهار عفوية سؤالها رادفة بـ توتر أخفته بـ بحة صوتها الرفيعة

-أبدًا..مجرد سؤال
-نظر إليها بـ شك إلا أنه قال:اللي حصل معايا علمني مثقش غير فـ نفسي
-تساءلت بـدهشة:يعني أنت مبتثقش فيا!
-مط شفتيه وقال:على حسب يا جميلة..أنا واثق مليون فـ المية إنك هتفكري قبل ما تخونيني خصوصًا إنك بقيتي مراتي وإبني فـ بطنك مش كدا ولا إيه!...

سؤاله الأخير أدمجه بـ تحذير و تهديد إلتقطته هى بـ سهولة لتومئ بـ رأسها عدة مرات بـ خوف ثم تنحنت قائلة

-طب أنا عاوزة أغير الشقة دي
-تأفف مُتساءلًا:ليه!
-يعني..حابة أغير المكان دا
-حاضر..بكرة أشوفلك شقة بعيدة عن هنا ومحدش يعرف مكانها...

زفرت بـ إرتياح واضعة يدها فوق صدرها ثم عادت تقول بـ تردد

-وغير الحارس دا
-تساءل غاضبًا:عمل إيه هو كمان!
-تعلثمت قائلة:مش..مش مرتحاله...

عض على شِفاه السُفلى بـ غضب حقيقي ولكنه قال بـ صوتٍ مكتوم

-طيب..أنا مش مرتاح لطلباتك اللي ظهرت فجأة دي
-سارعت قائلة:والله مفيش حاجة..أنا بس حابة أبعد هنا والناس اللي تعرفني هنا...

نظر إليها بـ جمود صخري قبل أن يقول بـ جفاء وهو مُغمض العينين

-أنا مكلتش..قومي إعملي لينا غدا
-نهضت مُسرعة:حاضر..بس هغير هدومي الأول...

دلفت إلى غُرفتها سريعًا وأغلقت الباب خلفها نزعت ثيابها أبدلتها بـ أُخرى رياضية ثم توجهت إلى فراشها وجثت أمامه

مدت يدها أسفل الفراش وأزالت قطعة رُخامية لتلقطت مكانها مُظروف أصفر اللون مُغلق بـ إحكام لتعاود وضع القطعة مرةً أُخرى 

نهضت و جذبت حقيبة سفرها و وضعت المظروف بها حتى لا تنساه وهي راحلة غدًا..وضعت الحقيبة مكانها ثم خرجت لتتجه بعدها إلى المطبخ تُعد بعض الطعام السريع

*************************************

بعد مرور ثلاثة أيام

بـ ذلك الطريق الصحرواي الخالي من الحياة..يقف هو وسط العديد من السيارات السوداء والعديد من الرجال واضعًا يديه بـ جيبي بنطاله بـ هدوء يُحسد عليه يُدخن لُفافة التبغ

تقدم منه ديفيد ونظر إلى ساعة يده ثم تساءل بـ قلق

-لِما تأخر هكذا!...

أخرج أرسلان سحابةً رمادية من فمه وأنفه ثم أجابه بـ جمود غامض

-لا تتعجل القدر
-عقد ديفيد حاجبيه بـ عدم فهم و تساءل:ماذا تقصد!...

إبتسم أرسلان بـ سُخرية مُشيرًا بـ رأسه إلى ما خلف ديفيد الذي إلتفت ليرى سيارة سوداء تقترب منهما..حينها زفر بـ إرتياح وقال

-يا إلهي...

ترجل السائق من السيارة ليركض إلى المقعد الخلفي ثم فتح الباب ليترجل منه رجلًا ما يضع قُبعة سوداء كـ ثيابه و الشيب يظهر من جانبي القُبعة..بينما بنيته الجسدية القوية تتناقض مع سنوات عمره المُتقدمة

تقدم منهم وصافح كليهما ثم وجه حديثه لأرسلان قائلًا

-سعيد بـ مُقابلة الشيطان أخيرًا
-وأنا أيضًا...

نظر ديفيد إلى ذلك الرجل وقال بـ جدية

-لنبدأ العمل حتى لا يسرقنا الوقت
-رد عليه الرجل بـ موافقة:أجل..المكان ليس أمنًا...

إعتدل أرسلان بـ وقفته ثم نظر إلى ساعة يده وهمس بـ إبتسامة ماكرة

-show time 

تقدم أحد حرس الرجل منه ثم مدّ يده بـ الهاتف يهمس بـ عدة كلمات ثم إبتعد..كان أرسلان يُحدق به بـ إنتصار قبل أن يعود ويضع يديه بـ جيبي بنطاله ثم إتكئ على سيارته ينتظر العرض

حدق الرجل بـ ملامح مُكفهرة لتلك الصور الفوتوغرافية التي تم إلتقاطها من قِبل مجهول..والتي تعرض خيانة زوجته مع رجلًا ما ولم يكن سوى ديفيد!!!

حينها قذف الهاتف بـ غضب ثم أخرج مسدسه وقال بـ غضب أسود

-ألم تُعلمك والدتك أنه لا يجب أن تعبث مع الروس!...

لم يتسنى لديفيد أن يتساءل إذ أطلق عليه الآخر عدة طلقات إخترقت صدره مُسببه موته الفوري

أما أرسلان فـ حدق بـ المشهد أمامه بـ جمود و تشفي..لم يهتز له جفن بل تمنى لو أمطره بـ وابل من الرصاص يعجز عن عدها

وضع المُسدس بـ جزعه ثم نظر إلى أرسلان وهدر بـ إعتذار

-أعتذر أيُها الشيطان..لن تتم أي صفقة اليوم..يجب عليّ تسوية بعض الأمور بـ بلدي
-مط شفتيه بـ برود وقال:حسنًا لا بأس..يبدو أن الطبيب أخطأ
-تحدث الآخر وهو ينظر إلى جُثة ديفيد:وقد تلقى ما يستحقه...

عاد ينظر إلى أرسلان ثم قال بـ جدية 

-هذه المرة سأتفق معك مُباشرةً لموعد جديد
-تململ أرسلان قائلًا:حسنًا..سأنتظر..والآن يجب عليّ الرحيل...

إستدار يصعد سيارته وهو يهمس بـ غلظة

-مع إنه مش هيكون فيه مرة تانية أصلًا...

صعد سيارته ثم أدار المُحرك ولوح بـ يده مُبتعدًا..بينما عاد الرجل ينظر إلى جُثة ديفيد وقال بـ إزدراء

-تخلصوا منه..وتعرفوا على هوية المُرسل...

ثم إستدار هو الآخر ليعود إلى سيارته..فتح السائق الباب ثم أغلقه بعد صعود الآخر لنتطلق جميع السيارات بـ تناغم

وعلى الجانب الآخر 

رفع أرسلان هاتفه ثم بعث بـ رسالةٍ ما لذلك الذي حادثه من قبل

هاتف أحدهم ثم وضع هاتفه الخلوي على أُذنه وعندما فُتح الخط من الجهة الأُخرى أردف هو بـ إقتضاب

-إحجزلي طيارة طالعة لروسيا بعد أربعة أيام...

أغلق الهاتف وأكمل قيادة سيارته وهو يُطلق صفيرًا مُستمتعًا

**************************************

أنهت عملها والذي عادت إليه رُغمًا عن أرسلان لتنزع مئزرها الطبي ثم إلتقطت حقيبتها ورحلت

الجميع يتحاشها..يخشى الخطأ معها فـ هي تزوجت الشيطان..تأففت بـ ضيق وهي تصعد تلك السيارة التي خصصها لها هى الأُخرى لتنطلق بها عائدة إلى المنزل

بعد عشر دقائق 

كانت السيارة تعبر البوابة الخارجية حتى توقفت أمام الباب الداخلي للمنزل..ترجلت سديم ثم صعدت الدرجات القليلة ودقت الجرس

أتت الخادمة بعد ثوان لتفتح الباب..إبتسمت سديم لتردها الخادمة وهي تتساءل بـ إحترام

-أحضرلك العشا يا هانم؟...

نظرت سديم حولها باحثةً عنه إلا أنها لم تجده فـ تساءلت بـ فضول

-أومال هو فين؟!
-فـ أوضة فوق...

أومأت سديم وتحركت مُبتعدة عن الخادمة والتي عادت تقول 

-أحضرلك العشا!
-أجابت سديم دون الإلتفات:لأ هنام خفيف...

رفعت الخادمة كتفيها بـ قلة حيلة ثم رحلت إلى المطبخ..كادت أن تصعد هي ولكن تلك الغُرفة التي لم تقربها مُنذ زواجها أثارت فضولها

نظرت حولها بـ تفحص ثم إلى أعلى ولكنها لم تجد..لذلك و دون تردد فتحت تلك الغُرفة والتي لم تكن مُغلقة

دلفت وأغلقت الباب خلفها..أخرجت هاتفها لتُشعل الضوء المُساعد..حدقت بـ أرجاء الغُرفة..كانت نوعًا ما هادئة لا شئ غير إعتيادي

مكتب من الخشب الماهجوني ذو لونٍ أسود و أريكة ومكتبة صغيرة..مطت شفتيها بـ إحباط وإستدارت لترحل ولكن وقعت عيناها مصادفةً على تلك اللوحة البيضاء

عقدت حاجباها لتتقدم منها..سلطت الضوء عليها وقرأت بعض الأسماء أول إثنين قد تم وضع علامة خطأ جوراهما..تعرفت على اسم " نزار العبد " ذلك الذي علق بـ ذاكرتها 

تسارعت دقات قلبها وهي لا تفهم شيئًا..أدارت الهاتف ليتسلط الضوء على ذلك الجدار المُعلق عليه صورتها و صورة الطبيب ديفيد

شهقت وتراجعت..لا تُصدق أنها كانت إحدى فرائسه..وبجوارهما صورة فوتوغرافية جمعت عائلة وهو من بينهم..وصور عدة لباقي أفراد العائلة أو بـ الأحرى جثثهم

وضعت يدها فوق فاها تكتم صرختها..شحبت بشرتها بقوة وإرتجفت أوصالها..إلا أنها تماسكت لتفتح ذلك الحاسوب المحمول

بقت تبحث بـ محتوياته بـ أصابع ترتجف ولكنها لم تجد سوى ثلاث مقاطع دون أسماء..فتحت أحدهم ولم يكن سوى لمشهد قتل ديفيد

حينها لم تستطع السيطرة على تلك الصرخة التي صدرت عنها ثم تراجعت ساقطة أرضًا وسقط معها هاتفها..ضمت يديها إلى صدرها ترتجف غيرُ مُصدقة لما أوقعت نفسها به..الآن وفقط صدقت أنها بـ جحر الشيطان

أُضيئت الأنوار من خلفها..ليظهر أرسلان والذي كان جالسًا بـ أحد الأركان ولم تلحظه..يرتدي قميصه مفتوحة أزراره ويتكئ إلى الجدار خلفه عاقدًا ذراعيه أمام صدره..أما ملامحه الخالية تمامًا من أي مشاعر تنتمي إلى عالم البشر تُحدق بها وبـ صدمتها

لم تلتف ولم تجفل لإضاءة الأضواء بل بقت عينيها المُتسعتين تُحدق بـ المشهد الدامي أمامها غيرُ قادرة على الإشاحة بعيدًا عنه وكأنه يجذبها بـ مغناطيس

حينها تحرك هو ناحيتها ثم جثى أمامها وهمس بـ جمود ونبرةٍ قاتلة

-الفضول قتل القُطة...

نظرت إليه بـ ذات العينين المُتسعتين ترتعش بـ قوة جعلت جسدها ينتفض..لتهمس بـ شرود

-أنت قتلت ديفيد!
-مط شفتيه وقال بـبرود ثلجي:مقتلتوش..خيانته هي اللي قتلته...

صرخت بـ شراسة تضربه بـ كِلتا يديها

-بس كنت السبب فـ موته..لأ وكمان قتلت إتنين غيرهم...

أمسك يديها التي تضربه ثم قرب وجهها منه وهدر بـ صوتهِ البارد

-أيوة قتلت..ولسه هقتل لحد أما أخلص السلسلة...

حركت رأسها يمينًا ويسارًا بـ نفيٍ وهستيرية صارخة بما يعتمل داخلها من صدمة و رُعب

-أنت لازم تموت..أنت نهايتك الموت
-إبتسم بـ سُخرية وقال بـ هدوء:دي النهاية الطبيعية لواحد زيي...

عبارته سقطت فوق قلبها كـ الصخر الذي أثقله..نظرت إليه بـ دهشة وغضب بـ الوقت ذاته..وتنفسها الحاد هو ما يقطع ذلك الصمت

سوداويه مُقابل زرقاويها
هدوءه مُقابل غضبها
خوفها مُقابل صلابته

والحرب لا تزال مُشتعلة..نهض واضعًا يد أسفل ظهرها والأُخرى أسفل رُكبتيها وحملها بين ذراعيه وعلى الرغم من مقاومتها إلا أنه لم يتهز

ترجل خارج الغُرفة وأغلقها ثم صعد بها الدرج..كانت تنظر إليه بـ صدمتها التي لم تخرج منها..وقلبها ينتفض بين أضلعها..هي والقاتل..بل هي والشيطان ذاته..هو يقتل دون أن يشعر بـ الندم بل ويعترف بـ هدوء وكأنه يُخبرها أحوال الطقس

حاولت إبعاده وإنزالها ولكن قوتها كانت واهنة لدرجة أنها أرخت دفاعتها و وضعت رأسها فوق كتفه وهمست بـ شرود

-أنت قاتل...

تشنجت عضلات فكه ولكنه لم يرد..يُقدر مقدار الصدمة التي هي بها..سار بها إلى غُرفته ليفتحها ثم دلف بها..أتاه صوتها تهمس بـ إعتراض

-دي مش أوضتي...

لم يرد عليها بل وضعها فوق الفراش و نزع قميصه..تراجعت إلى الخلف بـ فزع وصرخت

-أنت هتعمل إيه!...

لم يرد عليها أيضًا وكأنه إتخذ من الصمت إجابةً لها..توجه إلى خزانته وأخرج قميص ذو لو أزرق داكن وألقاه بـ وجهها قائلًا بـ صلابة

-إلبسي دا عشان هتنامي هنا النهاردة
-صرخت بـ غضب:لأ مش هنام مع قاتل...

هذه المرة صرخت بـ خوف عندما ضرب الخزانة وهدر بـ صوتٍ دوى بـ أرجاء الغُرفة كـ الرعد

-إلبسي وأنتِ ساكتة...

تنفست بـ صوتٍ عال تنظر إليه بـ أعين قطة شرسة إلا أنها نهضت بـ النهاية..إستدار هو إلى الخزانة وأخرج ثياب بيتيه مكونة من بنطال أسود و فقط

بقى لعدة لحظات يتكئ بـ جبهته إلى الخزانة حتى سمع صوتها الغاضب

-خلصت...

إستدار ليجدها تقف فوق الفراش ترتدي قميصه الذي يصل إلى ما قبل رُكبتيها بـ قليل..ليتجه إليها ويتمدد فوق الفراش قائلًا بـ جمود

-إتخمدي
-زمت شفتيها وقالت بـ حنق: أنت هتنام جنبي
-وضع يده فوق عينيه وقال:أنتِ اللي هتنامي جنبي..أنتِ فـ أوضتي
-تمتمت بـ حدة:خلاص هروح أوضتي...

أتاها صوته حازم ، قوي ، يُسري الرُعب بـ النفوس على الرغم من خفوته

-نامي وإتمسي...

زفرت بـ قنوط لتتمدد بجوراه توليه ظهرها خوفًا لا أكثر..جذبت الغطاء فوقها ولكنها سُرعان ما شهقت وهي تراه يضع يده حول خصرها يجذبها إلى صدره حتى إلتصق بـ ظهرها..تلوت بين يديه تهدر بـ غضب حقيقي

-مش لدرجادي
-أتاها صوته الجامد:نامي مش هعمل حاجة...

دفن وجهه بـ عُنقها ثم أغمض عينيه..بينما بقت هى تتنفس بـ سرعة و غضب مُتسعة العينين..تتعجب هدوءه لما إكتشفته اليوم ولا تُصدق أنها بعد كُل ذلك تنام جواره

زفرت بـ ضيق وحاولت إبعاد يده ولكنه شددها أكثر..لتعود و تزفر بـ قنوط وبقت تُحدق أمامها تُفكر بـ أحداث الساعة الفائتة حتى غلبها النُعاس ولأول مرة تنام تاركة إياه يُعانقها وكأنهما عاشقين بـ كامل إرادتها

هي بين أحضان قاتل...
الطبيبة بين أحضان الشيطان...


الفصل الواحد والعشرون والثاني والعشرون من هنا 




 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-