Ads by Google X

رواية بعد الليل الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم نهال عبد الواحد



رواية بعد الليل الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم نهال عبد الواحد 





( بعد الليل) 
الفصل الثالث والعشرون
بقلم نهال عبد الواحد

وبعد أن خرج الرجل وأغلق خلفه الباب، أمسك شريف بكوب الشاي قذفه ناحية الباب صائحًا: الله ينكد عليك يا شيخ و يجل راحتك! أبو اللي جابوا ابوك!
وهنا جاءت نرجس مسرعة مفزوعة: مالك يا ولدي؟ في إيه؟ عتعيط عل مين؟!
فأخذ نفسًا عميقًا ثم زفره بهدوء؛ يريد أن يهدئ نفسه فمسح على وجهه مجددًا ثم أجاب: إطمني يا مّي مفيش حاجة، دي أبو عمر كان إهني ومشي.
_ كنّك إتشابطت وياه!
_ لا لا يامّي، أنا اتنرفزت شوية بس.
_ عملك إيه إبن المركوب دي!
فابتسم من أمه قائلًا: ما تشغليش بالك يامّي.
_ أمال أشغل بالي بمين؟! هو أنا حيلتي غيرك ف الدنيا كلاتها يا ضنايا! هه، إيه اللي حُصُل عفرِتك إكده؟!
_ جال إيه أبو عمر جاي يطلب يد جمر مني لنَسيبه أخو مرته! شوفتي يامّي!
فابتسمت بمكر قائلة بلا مبالاة: هو دي اللي معفرِتك إكده ومخليك متشندل وعمال تعيط يمين وشمال!
فنظر لها و الشرر يتطاير من عينيه: شايفك واخدة الموضوع ببساطة ومااتفاجأتيش! إيه هي عارفة وجالتلك!
قال الأخيرة بصياح شديد، فأجابت الأم: لا طبعًا، وهي عتعرِف منين؟! بس الولية أم مصطفى لساتها كانت عندي مفيش ساعة وطالبتها برضو لأخو جوزها.
فصاح بغضبٍ شديد: يا سلام يا سلام، كلهم خلاص ما رايدينش غير جمر! كنّي رزيت نفسي بمشوار شغلها دي! وبكرة ألاجي باجي الأهالي هم كماني جايين يخطبوها!
_ وماله يا ولدي! البنتة زينة وفلجة جمر صُح، غير أدبها وأخلاجها ولا طبعها اللي مفيش منيه دلجيتي، لزمن طبعًا اللي يشوفها ويتعامَل وياها... يحبها!
فسكت شريف ولم يعقب، فأكملت متسآلة: وإنت رديت بإيه يا ناصح ع الراجل؟!
_ جولتله عبجى أشوف الموضوع.
_ يا خيبتك!
_ أمي! أمال إنتِ جولتي إيه!
_ جولت إنه متكَلَمين عليها.
فصاح فجأة: كيف يامّي تجولي إكده؟! إفرضي راحوا وسألوا وعرفوا إن لا متكَلَمين عليها ولا حاجة، يُبجى إزي الحال؟!
_ جوللي إنت إزي الحال؟!
_ ما تخليكي دغري ياما وجولي حديتك طوالي.
_ مش لما تجول إنت الاول!
فنظر إليها بتوتر ولم يعقب، فابتسمت قائلة بلطف: خدها يا شَريف.
_ هه!
_ إكتب عليها يا ولدي.
_ كيف يامّي؟ ما ينفعش.
_ وإيه اللي جلّ نفعه؟! البت جمر وأخلاج وداخلة جلبي وعدّاني أمها، جولي على عيب فيها يخليك ما تتجوزهاش!
_ ياما نسيتي إنها كانت متجوزة جبل سابج!
_ وهي دي جوازة اللي ما جعدَتش فيها سنتين، ساجوها م العذاب الألوان والمرار الأليم، دي يادوب تمت الواحد وعشرين، إيه تروح تدفن نفسها عشان يعجبك!
_ لا يامّي أنا عليكِ، كُت خايف يكون دي رأيك فيها، صحيح عجباكي وعتحبيها بس جولت يعني يمكن تستجليها لي وتجوليلي زي باجي الخلج دي دخلت دنيا جبل إكده!
_ ما عجولش ولا عمري عجول، عارف ليه؟!
فأجاب على استحياء: ليه يامّي؟!
_ لأنك رايدها يا ولدي، وكل حاجة فيك عتجول إكده، ومن زمن مش من دلجيتي وبس، وفضلت أجول بكرة ياجي وينطُج ، لكن البعيد لوح كنّ أبو الهول عينطُج و انت لا!
_ كُت خايف ما ترضيش بيها، وبعدين عمامي وأهل أبوي عيجولوا إيه لما يعرِفوا؟!
_ يتوكسوا كلاتهم، هم فين دول أهل أبوك؟! مش دول اللي طلعوا عليك سيط ووجفوا حالك وخلونا نفوت البداري كلاتها! ده أنت تميت التلاتين يعني كان زمان معاك دستة عيال!
وهنا لاحت إبتسامته وزينت معالم وجهه بالكامل وبدأ يتنفس بهدوء: يعني إنتِ موافجة أروح واطلبها.
_ طبعًا، نروح نتكلَّم عليها وبعد الإمتحانات تكتبوا وتدخلوا.
وكأن فجأة الروح قد ردت فيه بهذا القرار، فابتسم ثم نهض يعدّل هيئته، فلاحظت الأم ذلك الحرق في كف يده فصاحت بقلق: واه! إيه اللي ف يدك دي يا شَريف!
_ بسيطة يامّي، دي شوية شاي جم على يدي.
_ رايح فين إكده؟!
_ رايح ع الشيخ مجاهد طوالي اتفج معاه عشان نتجدم.
_ دلجيتي! طب الصبح له عنين يا ولدي.
_ لا إطمني، هو عيستنى بعد العشا ف المسجد شوي عروحله على هناك لساته ماروِحش أو ألحجه عل بيت.
_ طيب غيِّر جلابيتك دي.
_ المرة الجاية ، ما عايزش أضيِع وجت.
و خرج شريف مسرعًا فضحكت منه أمه قائلة: ده الواد واجع صُح، نار الهوى شعوطت وشبت في حشاه! يارب يكتبلكم الخير ويجعل نصيبكم ويا بعض يا إله السما!
أما شريف أسرع يكاد يركض في الطريق، وصل الموقف مسرعًا، ركب السيارة وبعد قليل وصل إلى القرية التي فيها قمر والشيخ مجاهد، وقد توقع عودة الشيخ إلى بيته، فاتجه إلى بيته مباشرةً.
لكنه بمجرد اقترابه من البيت سمع صوت شهقات وهمهمات فالتفت جانبه ليجد قمر جالسة على حجر كبير بجانب باب بيت الشيخ مجاهد، واضعة حجابها الأسود بشكل عشوائي على رأسها مخرجة خصل من شعرها الداكن مبعثرة على وجهها، يرتفع نحيبها فتضع طرف حجابها على وجهها تكتم الصوت وتكفكف به دمعها.
لكن اقترب شريف في لهفة: جمر! في إيه!
فرفعت وجهها ولاتزال تبكي فكفكفت دمعها مرة أخرى، فأعاد سؤاله بلهفة وقلق أكبر: عم الشيخ مجاهد بخير!
فأومأت برأسها أن نعم، وأكملت: لما جيت جالولي إنه مسَافَر يعمل عُمرة. 
وأجهشت في البكاء من جديد.
فتسآل: نفسي أعرِف إيه اللي مخرجك من بيتكم بعد العشا بالشكل دي ومخليكي تجعدي إكده؟!
ثم قال: دخلي شعرك اللي طالع م التحجيبة دي.
فعدلت شعرها وأدخلته بداخل حجابها، ثم تابعت: عبير الله يسامحها دخلت عليّ لاجيتني عذاكر، ركبها ميت عفريت كنّها جفشتني ععمل حاجة عفشة! وخطفت الورج والكتب وهاتك يا تجطيع ورمي م الشباك...
ثم أجهشت بالبكاء وتابعت: دي الإمتحان خلاص السبوع الجاي، خلاص بعد التعب دي كله عتضيِع كل حاجة وترميها ف الأرض، هو أنا ذنبي إيه! حد جالها ما تتعلمش! حطاني ف راسها ليه؟!
وأكملت بكاءها الذي يقطّع نياط قلبه، كم تمنى لو جذبها إليه وضمها بين ذراعيه، فلم يدعها حتى تضحك، كان يود لو أخبرها بسر مجيئه وكيف أن الشوق قد زاد وفاض ولا طاقة له بكتمانه!
ثم انتبه لها وقال برفق: وعتعملي إيه دلجيتي يا جمر!
_ ماعرفاش يا أستاذ، حتى جهاز الكومبيوتر خدَته عشان ما اشوفش البرامج التعليمية.
فتمتم قائلًا بغضب: أبو اللي جابوا أبوكي! لولا إنها حرمة كت روحت طخيتها عيارين وسكتت.
فابتسمت قمر من طريقته، فابتسم لابتسامتها، ثم تابع بلطف: إوعي تيأسي يا جمر، لزمن تحاربي الشوية دول كماني وما تجيش ف الآخر وتسلّمي.
_ أنا ما عرفاش إشمعنى أنا اللي عيحصُل معاي إكده! ليه كل ما تاجي تروِّج ترجع و تجنّدَل فوج راسي من جديد؟!
_ بطلي رطّ ماسخ، واستغفري ربك ووالله ربك هو المنجِّي!
_ ونعم بالله!
_ بصي يا جمر، لو عنديكي جهاز تلَفزيون هاتي عليه البرامج التعليمية عتلاجي مراجعات جبل كل إمتحانات على قناة.... وكماني في جريدة إسمها..... دي عتنزل نماذج إمتحانات محلولة فيها المتوقع، حاولي وما تيأسيش وربنا معاكي عمره ما عيضيِع تعبك ومجهودك ابدًا.
_ تشكر يا أستاذ، ربنا يبارك فيك زي ما دايمًا واجف معاي وبتدعمني.
ثم لمحت كف يده المحروق، فنهضت واقفة وصاحت في فجأة ولهفة واضحة: إيه دي يا أستاذ! سلامة يدك! كنّ يدك انحرجت!
فصاح فيها: إحنا ف إيه ولا ف إيه يا جمر! همي عل بيت الساعة زمانتها عشرة وما تطلعيش وخري إكده تاني...
فأومأت برأسها أن نعم، وسارت بضع خطوات ، فناداها فتوقفت فتابع بهدوء: الله يسلمك يا جمر، يلا همّي عل بيت، يلا يا بت...
فابتسمت له وأسرعت نحو بيتها وتبعها هو عن بعد حتى إطمأن من وصولها لبيتها، ثم عاد لموقف السيارات وركب و عاد لقريته ولبيته.
لم يفكر سوى في قمر وأوجاعها وبكاءها، فجلس يكتب....
قَمَــرِي يَا شَمْسَ أَيَامِـي
أَضْنَانِي بُكَاءِكِ و أَدْمَانِي
لَيْتَنِـي أَضُمُـكِ بِحَنَانِـــي
و أُخْفِكِي وَسَطَ أَضْلُعِـي 
و وَرِيـــدِي و شُرْيَـانِـــي
فَتَشْعُرِي بِكُلِّ وُجْدَانِـــي
و لَهِيبُ وَجْدِي و شَوْقِي
إِنَّ جَوْهَرَتَيْكِ لِي وَحْدِي
فَلِمَ الإِسْرَافَ فِي المَاسِ
بَـلْ كُـــلَّكِ لِــي وَحْـــدِي
فَوَدِّعِـي حُزْنِـكِ القَاسِـي
سَأَغْمُـرُكِ دَوْمَـــاً بِحُبِّــي
و حَنَانِي و كُلُّ إِحْسَاسِي
وسَتَنْسِي وَجَعَكِ القَاسِي
و ستَضْحَكِينَ و تَسْعَدِينَ
وتَبْعَثِي لِي نُورِكِ المَاسِي
نُـــورِكِ لِـــي وَحــــــــدِي
نُــــــــورِكِ المَـــاسِـــــــي
ثم وقّع أدناه (شريف فوّاز)
.................
.....................................


الفصل الرابع والعشرون من هنا 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-