Ads by Google X

رواية بعد الليل الفصل الخامس 5 بقلم نهال عبد الواحد



رواية بعد الليل الفصل الخامس 5 بقلم نهال عبد الواحد 




 ( بعد الليل) 

الفصل الخامس

بقلم نهال عبدالواحد

جلست قمر تبكي بحرقة على إهانة أمها و طردها من بيتها و عدم قدرتها على الدفاع عنها ولا فعل أي شيء...
ظلت هكذا حتى هداها عقلها لفكرة لابد منها...
وبمجرد أن جاء زوجها و وضعت له الطعام وبدأ يتناول طعامه بنهمٍ شديد، فاضطرت لمقاطعته وعدم الإنتظار حتى ينتهي، فهي تعلم جيدًا المأساة التي تحدث عقب تناوله للطعام، لكنه اليوم كان يأكل و يشعل سيجارة غريبة و تتحول نظراته إليها لنظرات مريبة، فطردت أي شيء من رأسها حتى تنتهي مما تنوي عليه، لكن حقًا هذه الرائحة أثارت اشمئزازها أكثر وأكثر لدرجة جعلتها تشعر بليّة في معدتها فاتجهت مسرعة إلى الحمام تتقيأ.
بالطبع لم يتحرك (سبع المبرومبة) فخرجت وجلست وهي منهكة و أكثر شحوبًا، تتمنى من داخلها أن يعتقها هذه الليلة لتنام في راحة.
فقالت بصوتٍ ضعيف: كفياك السيجارة دي.
فأجابها بلامبالاة و الطعام في فمه يترهّل وهو يلوكه: وإنتِ دخلك إيه؟
_ ريحيتها مامريحانيش.
_ وإنتِ إش فهمك إنتيّ، دي دماغ صُح الصُح، حد جالك خدي نَفَس!
حاولت أن تتنفس من فمها لألّا تشم هذه الرائحة الكريهة، ثم ابتلعت ريقها وقالت: وكنت عايزاك ف أمر ضروري!
_ خير!
فقالت بتردد و تلعثم شديد: كنت... كنت... جصدي يعني... كنت عايزة...
فصاح فيها: خلِصي، هتخربطي الدماغ اللي مكلفها كد إكده.
فابتلعت ريقها ببطء و قالت: كنت عايزاك تجيبلي دار تانية غير دي.
فتوقف فجأة عن الطعام وفتح فمه المملوء بالطعام الممضوغ بهيئته المقززة و نظر إليها بصدمة وصاح: جولتي إيه!
فارتجفت وارتعدت فرائسها، حاولت استجماع شجاعتها وعدم التدقيق في وجهه؛ فهو يثير تقززها لأقصى درجة، ثم قالت: سايج عليك النبي يا شيخ، شوفلنا أي سُكنة أي حاجة حتى لو كد الحُج، المهم أسيب الدار دي.
فقال: ومالها الدار إهني؟! مش أحسن من بيت أبوكِ!
فتنهدت بكسرة نفس ثم قالت: ماشي أحسن، بس أنا ما طايجاش العيشة ويا أمك تحت سجف واحد، سايج عليك النبي توافج يا شيخ..
فأجاب بلا مبالاة و هو يكمل طعامه: و أجيب منين؟
فسكتت قليلًا ثم قالت و هي تخلع حليها الذهبية: خد دهباتي ماعيزاش حاجة، خدها و بيعها و جيب دار تانية، وخد كماني...
ونهضت متجهة للجزء الخاص من خزنة ملابسها بعد أن وضعت حليها الذهبية أمامه و هو محملقًا فيها، فتحت خزانة الملابس و وضعت يدها أسفل ملابسها و أخرجت مبلغًا من المال و ما أن مدت يدها به إليه حتى وجدت أمه أمامها و هي من أمسكت بالمال و باليد الأخرى جذبتها من شعرها وهي تصيح: جبتي الفلوسات دي منين يا حرمية يا بت الحرمية؟
فقالت وهي تصرخ وتتألم: والله يامّي دي فلوسي، أمي بتجيبهالي كل نوبة تاجي إهني!
فقالت: ماشوفتش حاجة واصل، دي أمك كحيانة بتاجي يَد ورا ويَد جدام.
فقالت بصوت يختلط بين الصريخ والبكاء: والله يامّي هي بتجيبهم بدل الزيارة عشان لو حبيت أشتري حاجة لنفسي.
فسكتت المرأة قليلًا كأنما تقلّب الكلام في رأسها، لكنها لم تترك شعرها ولم تكترث لصراخها، ثم صاحت فيها: بجي عايزة دار تانية و ما طايجاش تجعدي معايّ يا بت المركوب.
ثم دفعتها بقوة و وضعت ذلك المال بداخل ملابسها من فتحة جيبها، ثم خلعت مداسها و أخذت تضرب فيها بقوة وهي تتوعد لها قائلة: بجي عايزة دار وحديكي! بجي ما طيجانيش! طب وديني لفرّجك وإنتِ مش مربايّ! عربيكي! خدي! وخدي كمانيّ!
وهي تبكي، تصيح، تتوسل وهذا الزوج لا يتحرك يبدو أن تأثير تلك السيجارة قد تلاعب برأسه، حتى صرخت قمر فجأة صراخًا متواصلًا بشكل مفزع و يوحي بخطبٍ ما، فتوقفت هذه المستبدة.
فصاح الزوج: سبيها يامّي دي عتموت ف يدّك ما نجصينش مصايب.
فأجابته منفعلة: دي مرة جليلة الرباية، دي بدل ما تجوم وتربيها إنت يا سبع البرومبة! يا خسارة بطني اللي شالتك، بجي تغلط ف امك وتسكتلها.
وقمر لا تزال تصرخ بشدة: إلحجوني! عموت! سكاكين بتجطع ف مصاريني! إلحجوني! آاه!
فنظر نحوها هذا الزوج قليلًا ثم التفت لأمه، فقالت أمه: جرى إيه يا محِمد! دي مرة عنيها غليضة، دي عتتصلبت جدامك، كهن حريم وعياله زين.
لكنها لم تتوقف عن التألم، فقال محمد: يامّي إنت مش وعيالها عتُصرخ كيف؟! ليحصلها حاجة و تجيبلنا مصيبة، ناخدها و نكشفلها.
فصاحت فيه: لا والله!
_ يامّي ماعنخسرش حاجة!
_ لا عنخسر تمن الكشف ياابن بطني.
_ لو طلعت بتتصلبت يحجلك تعملي فيها ما بدالِك.
وبعد فترة من المناقشات و المحايلات، قالت المرأة: ماشيّ، بس رجلي على رجلكم، ونروح المستوصف اللي ع الطريج الشرجي ما هنبعدش أكتر من إكده.
ثم التفتت إليها وقالت بمكر: وإنتِ بجي عجابًا ليكي ما عتشوفيش الدهبات دول تاني، مش جولتي ماعايزهمش يبجى ماعتشوفيهمش، وإبجي جولي بيت تاني!
ثم التفتت لابنها إلتفاتة صغيرة وهي تجمع الذهب في وشاحها ثم ربطت عليه و أخذته معها وقالت: هِم استر مَرتك ولبّسها.
و بالفعل لبّس محمد قمر عباءة سوداء، حملها و ذهب بها إلى المستوصف القريب هو و أمه، وبعد أن فحصها الطبيب و وكان يبدو حزينًا للغاية على هذه الفتاة، فقال لها بصوتٍ منخفض: إنت عندك كام سنة يا شاطرة؟
فأجابته قمر بصوتٍ ضعيف: تميت التمانتاشر.
ثم قالت متوسلة بصوت متقطع وضعيف: أبوس يدك غيتني منيهم العالم دول الله يستر عليك!
فقال لها: أمال فين أهلك؟
_ أهلي ف بلد تانية مش من نواحيديّ.
فتركها ثم اتجه جالسًا أمام محمد و أمه فنظر بينهما ثم قال: إنت الزوج!
فأومأ برأسه أن نعم، فأكمل الطبيب بوجهٍ عابس مشمئز: إنت شارب إيه!
فوجم محمد ثم تلعثم قليلًا ثم صاح فيه: وأنا جايبهالك عشان تفتحلي محضر؟! ما تكشف عليها وتجولنا مالها فيها ايه؟
فقال الطبيب مستنكرًا: ودي عمايل بني آدمين دي!
فقالت الأم تتصنع المسكنة: أصل ابني طيب، و هي طلعت مش مربايّ فكان بيربيها، إيه مش حجه!
فقال الطبيب: هو فاهم أنا بتكلم عن إيه؟
فقالت الأم: وإحنا عايزين نعرف هي فيها إيه؟
فقال بأسى: للأسف حامل.
فوجم محمد و أمه لدرجة لم ينتبها لقولة الطبيب «للأسف» فالطبيب أثناء فحصه لها قد اكتشف آثار الضرب و أيضًا عنف زوجها، بالإضافة لضعفها الشديد وهزالها.
فقال الطبيب وهو يكتب الروشتة: هتمشي عل علاج دي لفترة مع الراحة عشان الجنين يثبت، ولازم تتغذي كويس الفترة دي لأنها ضعفانة جوي، و لما تخلص الشهر التالت تبجي تاجي عشان أكتبلها عل فيتامينات... إتفضل..
فأخذ محمد الروشتة و سند زوجته و هي تنظر للطبيب متوسلة ومستغيثة، لكنه نظر إليها بقلة حيلة!
عادت معهما للبيت من جديد ولا تصدق كل ما حدث، فحتى مالها و ذهبها قد فقدته! والآن لقد صارت حامل بقطعة من ذلك الحيوان الآدمي، تشعر بنفسها و كأنها مقدمة على عملية انتحارية.
مرت عدة أيام بالفعل و ظلت قمر في شقتها لا تفعل شيء بالبيت و هاهي تقدم لها تلك المرأة اليسير من الطعام، بالطبع فهذا أفضل من ذي قبل، بدأت قمر تتحسن قليلًا ربما أكثر ما ساعدها على التحسن ليس فقط الراحة و الأكل نوعًا ما بل أيضًا لابتعاد زوجها عنها، لم تستطيع تحديد سبب ابتعاده، لكن كل ما تعرفه الآن أنها في راحة و نعمة كبيرة تتمنى دوامها............
...................
.....................................



الفصل السادس من هنا 



بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-