رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2 الفصل الاول 1بقلم نورهان ال عشري




رواية في قبضة الاقدار الفصل الجزء الثاني 2 الفصل الاول 1 بقلم نورهان ال عشري 







 🍓الفصل الأول ج٢🍓

يتحدثون دائمًا بأن الكتمان مؤلم و ضريبته موجِعه. ولكن هل اختبر أحدكم مرارة البوح ؟ أن تُخِرج ما بداخِلك وتترُك نفسك مِثلما خُلِقت أمام أحدهم و تكتشف بعد ذلك بأنك أعطيته السلاح الوحيد القادر علي قتلك! 
للبوح أيضًا ضريبة و لكننا لا نملك تكلفتها ..

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

بلغ الوجع ذروته و اشتدت آلام المخاض كما أشاد نزيف القلب فعلا صراخها حتي دوى رنينه في أرجاء السيارة التي كان يقودها سالم و بجانبه سليم الذي يجلس بقلب مرتعب ممزق عاجز عن اخماد ألمها و إيقاف نزيف روحها التي لم تفلح كلمات فرح المهدئة في تضميدها 
" اهدي يا حبيبتي خلاص قربنا نوصل."

كان سالم ينهش الطريق أمامه كما ينهش الغضب بعقله جراء تلك الحقائق المروعه التي انهالت علي رأسهم دفعه واحده و بجانبه سالم الذي كانت عينيه معلقه عليها بألم و قد فاض بقلبه الوجع فود لو يضمها في تلك اللحظه بقوة حتى تستشعر مقدار شعوره نحوها فصراخها يؤلمه بقدر ما يؤلمه ضميره الذي اجهز عليها بأحكام صارمه منذ أن عرفها والآن أجهزت عليه حقيقة برائتها التي كان يراها بعينيها دائما.
هدأ صراخها و انخفضت نبرتها حتي صارت خافته حين قالت 
" ابني .. ابني .يا فرح.. خلى بالك . منه."

همساتها و ضعف نبرته و حديثها الموجع جعل قلبه يسقط بين ضلوعه و تلاحقت أنفاسه و احتقن الألم بحدقتيه ولونها بحمرة الدم فزمجر بقوة  
" بسرعه يا سالم .." 

بكل الغضب الذي يملكه ضغط علي دواسه البنزين فأصبحت السيارة كوحش طائر علي الطريق.
 لم تستطيع فرح التحمل أكثر فصرخت بانفعال 
" لا يا جنة متقوليش كدا. ابنك محدش هيربيه غيرك."
كانت عينيه تلاحقها من آن لآخر من مرآة السياره و في تلك اللحظه تلاقت بعينيها التي لأول مرة يرى بها التوسل الذي تجلي في نبرتها حين قالت
" ارجوك يا سالم بسرعه.."

لامس توسلها أوتار قلبه الذي يود طمأنتها باي طريقه ممكنه فتوسلها و تلك النظرات الضائعه و عبراتها المسترسله علي خديها ليست بالاشياء الزهيده فهي أثمن علي قلبه من روحه. 
في وقت وجيز وصلوا الي المشفي و ترجل سليم من مقعده صارخا 
" حد يلحقنا بسرعه "
هرول طاقم الطوارئ الي جنة التي كانت تحاول عدم الاستسلام لتلك الدوامة السوداء التي تجذبها بقوة وتم وضعها علي السرير المتنقل و قاموا علي الفور بنقلها الي الداخل وسط حاله من التوهان كانت تحيط بها نتيجه الدماء التي كانت تتدفق بقوة منها فأخذت تنادي بهمس علي شقيقتها 
" فرح. ابني.."
" متخافيش يا حبيبتي هتقوموا انتوا الاتنين و هتبقوا زي الفل أن شاء الله"
هكذا تحدثت فرح الممسكه بأحد جوانب السرير يقابلها سليم الذي لم يستطيع تركها للحظه و بعد أن خلع عباءة الكبرياء جانبا و ترك العنان لقبله المرتبه من فكرة حدوث أي شئ لها و قد كانت نظراته المرتعبه شئ جديد كليا عليها فاستقرت عينيها علي ملامحه التي تنطق بتوسل صامت لم تفهمه ولكن قلبها كان أكثر من يعرف ما يحدث فحين تغيب العقل نطقت بهمس استقر في منتصف قلبه 
" سليم.." 
 

***************

كانت جالسه علي آخر درجتين من السلم و عينيها ثابته علي تلك الدماء التي نزفتها تلك المسكينه تحتضن نفسها بخوف تحاول تهدئه جسدها الذي كان يرتجف من هول ما حدث حتي أنها لم تكن تشعر بعبراتها التي انهمرت بغزارة فوق وجنتيها فاقتربت منها سما التي تتشارك معها بالصدمه مما حدث منذ قليل فقامت بلف يديها حول كتفيها وهي تقول من بين دموعها 
" اهدي يا حلا متعمليش في نفسك كده"

خرج الكلام من بين شفتيها مرتجفا متألما كحال قلبها تماما
" انتي. سمعتي. الي . انا . سمعته . صح ؟ مش معقول . يكون حازم . عمل . كدا فعلا.؟؟ معقول. يكون أذاها بالشكل دا ؟؟"

كانت أكثر من يعلم مقدار قذارته ولكنها لم تستطيع الإفصاح عن ما بداخلها فاكتفت بالقول 
" للأسف دا الي حصل "
التفتت حلا تناظرها بصدمه وهي تقول بجمود 
" انتِ مصدقه الكلام دا يا سما ؟ "
سما بألم دفين 
" مصدقه يا حلا .. حازم كان عنده استعداد يعمل اي حاجه في الدنيا عشان يوصل للي هو عايزه."
هبت من مكانها بانفعال و صرخت بقهر
" ازاي ؟ ازاي يقدر يعمل كده في بنات الناس ؟ مفكرش فيا ؟ مفكرش انه ممكن ييجي حد يعمل فيا زي ما هو عمل.كدا ؟؟ "
حاولت سما تهدئتها
" اهدي يا حلا اللي حصل حصل و حازم خلاص مات ممنوش فائدة الكلام دا "
حلا بغضب ممزوج بوجع
" مات . للأسف مات . مات قبل ما يكفر عن غلطه مع المسكينه دي . مات قبل ما يدفع تمن غلطاته. مات و راح لربنا و هو عامل كل المعاصي دي . انا حاسه هيجرالي حاجه . دا كان أقرب حد ليا. ازاي يطلع بالأخلاق دي ؟ ازاي يقدر يعمل كدا. طب انا دلوقتي ادعي ربنا أقوله ايه . اطلب من ربنا يرحمه ازاي و هو مرحمش حد . "
تدخلت همت في الحديث قائله بسخرية 
" عيبك يا حلا انك مكنتيش بتشوفي اي عيب في اخواتك أبدا. دايما كنتِ شيفاهم ملايكه بجناحات . عشان كدا صدمتك.كبيرة لكن اديكي دلوقتي شوفتي عمايلهم. و شوفتي حازم إلي كنا بنقول عليه ملاك اهو عمل ايه "

التفتت حلا تناظرها بصدمه من حديثها سرعان ما تحولت لغضب كبير فصرخت بانفعال 
" متقوليش كدا علي اخواتي. لو كان حازم غلط فسالم و سليم مش زيه . وانا مش مصدقه أنه عمل كدا اكيد فيه حاجه غلط .يارب يكون في حاجه غلط .يارب يكون في حاجه غلط '
رددت جملتها الأخيرة من بين دموع غزيرة و قلب محترق للحد الذي جعلها تسقط جالسه علي الأرض منكسه رأسها بانكسار لاول مرة في حياتها ..

***********

كان الوقت يمر علي ظهر سلحفاة و كأنه يتحدى ثبات ذلك الذي كان يقف بجمود كتمثال نقش علي ملامحه الوجع و اشتد الألم بعينيه التي لونتها الدماء فقد مر أكثر من ساعه و لم يخرج أحد لطمأنتهم و كأنهم اقسموا علي حرق كل ذرة اعصاب لديه فهو رجل ذو دماء حارة لا يحب الانتظار و لا يتحمل حرب الأعصاب تلك فصار يتنفس بحدة كمن يريد إزهاق رئتيه من قوة أنفاسه وبرزت عروق رقبته تعبيرا عن اعتراضها الصامت الذي لم يتجاوز أعتاب شفتيه. و كان هذا حال فرح التي لا تريد تذكر مواقف مشابهه انتهت بفواجع تركت ندوب قويه بداخل قلبها الذي لن يحتمل فجيعة أخرى و خاصة أن من بالداخل لم تكن مجرد شقيقة فقط بل كانت ابنتها رائحه والديها ذكرى طفولتها الجميلة و كل عالمها. انكمشت ملامحها بألم لم يتحمله ذلك الذي كانت عينيه تتلقفان كل حركه تصدر منها و كل تعبير صامت يرتسم علي ملامحها الواهنه التي لم يرها هكذا مسبقا لذا طاوع قلبه الذي كان يستشعر قلبها و مدي احتياجها له و بخطوات ثقيله تقدم منها قائلا بخشونة 
" تعالي اقعدي وقفتك كده ملهاش لازمه تعب عالفاضي "
لم تدقق في حديثه فقد كان يكفيها صوته و وجوده بجانبها في تلك اللحظه فالتفتت تناظره بعينين هالكتين من فرط الألم الذي تجلي في نبرتها حين قالت 
" هما اتأخروا اوي كدا ليه؟ هو في ايه ؟ انا قلبي واجعني اوي يا سالم و خايفه عليها "
كانت تتحدث بعينين فاض بهم الألم فأمطروا وجعا سقط علي قلبه فاحرقه فلم يستطع أن يرد عينيها التي تعلن أنها في أمس الحاجة إليه فاقترب منها خطوتين و أمسك بكفها بيد و بالأخرى لامس وجنتيها ماسحا عبراتها بحنان تجلي في نبرته حين قال
" اهدي يا فرح عشان خاطري. هتبقي كويسه بإذن الله. "
" يارب . يارب تبقي كويسه. انا مش هقدر اتحمل وجع الفراق تاني. المرادي هموت .."
بلهفه غير مسبقه له وضع يده أمام شفتيها قائلا بلهجه قاطعه
" متكمليش يا فرح. متكمليش . هتبقي كويسه أن شاء الله خلي عندك ثقه في ربنا . و قولي يارب ."
اطاعته ويدها تقبض بقوة على يده ووكأنها طوق نجاة لقلب يحترق خوفا و ألما 
" يارب "

كان كل هذا يحدث أمام امينه التي جاءت بسيارة مروان فلم يطاوعها قلبها ترك تلك المسكينه التي جعل الله لها نصيبا من المحبه بقلبها و الكثير من الشفقه و التعاطف حين علمت ما حدث من ولدها الراحل و الذي أدمى قلبها الذي تجاهلت ألمه كثيرا و أصرت علي المجئ للإطمئنان عليها و الآن وهي ترى وضع ولديها وكلا منهم يكتوي بنيران العشق والألم معا فتألمت أكثر و ازداد وضعها سوءا ولكنها حاولت التماسك قدر الإمكان وهي تردد بقلي عليل و شفاه مرتعشه
" يارب نجيها يارب . ربى اني لا اسألك رد القضاء و لكنِ أسألك اللطف فيه.."

أخيرا خرج الطبيب من الغرفة فهرول الجميع حوله وكان هو أول من تحدث بلهفه 
" ايه يادكتور جنة عامله ايه ؟"
كان وجه الطبيب لا يفسر فصرخت فرح بألم 
" ايه يا دكتور في ايه جنة كويسه ؟"
الطبيب بإشفاق 
" الحمد لله العمليه نجحت و الطفل حاليا في الحضانه عشان هو مولود في السابع. بس وضع الام للأسف ميطمنش. "
سقطت قلوبهم رعبا فتحدث سالم الذي لايزال ممسكا بمرفقها 
" يعني ايه يا دكتور هي مش داخله تولد عادي؟"
" للأسف يا سالم بيه احنا اكتشفنا وجود ورم في الرحم و كان لازم نستأصله " 
شقه قويه خرجت من جوف فرح التي للحظه كادت أن تسقط لولا ذراعيه القوية التي اسندتها فالتفتت تناظره بصدمه و خاصتا حين استرسل الطبيب في الحديث 
" أنا مش عايز حضرتك تتخضي احنا عملنا اللازم و بعتنا الورم يتحلل عشان نعرف اذا كان حميد و لا لا ؟ هي طبعا نزفت كتير و دا غلط كمان العمليه مكنتش سهله احنا اضطرينا نديها جرعة بنج تانيه لما أوشكت أنها تفوق و دا طبعا لما اتصدمنا من وجود الورم. وعشان كدا هتفضل فترة في العنايه المركزه و بعد ما نطمن أن شاء الله هنوديها اوضه عاديه ."

******************

لا شئ اصعب على المرء من أن يقع فريسه بين براثن الندم أن يتآكل قلبه رغبة في العودة إلي الوراء لتصحيح أخطاء الماضي فأذا بأصفاد الحاضر تُكبله فتلك الرفاهيه لا يمتلكها إنما عليه أن يجني ثمار ما زرعته يداه . يا لقساوة ذلك الشعور الذي لا يستطيع وصفه و لا الحديث عنه فقد تحمله. يقف الآن أمامها و داخله يحترق ندما علي جرائمه معها فقد كان هو القاضي و الجلاد بينما هي أضعف من أن تكون مذنبه و ألما على رؤيتها بذلك الوجه الملائكي و هذا الجسد الضئيل تتحمل كل ما يحدث معها . 

اقترب بخطى مثقلة بالذنوب ووقف الي جانب سريرها وأخذت عينيه تطوف علي ملامحها الهادئه و التي ترقد بسلام يُنافي تلك الحروب و المعارك التي نالت منها حتى اردتها بهذا الشكل. و اخذت عينيه بادرة الأعتذار فتساقطت حروفه علي هيئة عبرات غزيرة أغرقت لحيته الكثيفة و تساقطت علي يديها الساكنة بجوارها والتي عانقها كفه برفق قبل أن يقترب واضعا شفتيه فوق راحتها في قبلة اعتذار طويله نابعه من قلب أدماه الفراق وأهلكه الوجع الذي تجلي في نبرته حين قال بهمس 
" آسف!"

كان يود لو يصرخ بتلك الكلمه حتي يسمع العالم أجمع اعتذاره الذي جاء متأخرا و علي الرغم من أنها أخبرته ذات مرة أنه سيندم و بشدة علي كل قذائف اتهاماته التي أدمت قلبها و أحرقت روحها ولكنه لم يكن يتوقع أن يأتي هذا اليوم. فقد كذبها و كذب قلبه معها و عاند متسلحا بكبرياء لعين سحقها و أمطرها بوابل اتهاماته المريعه و ها هو الآن يتوسل الصفح منها بينما هي لا تشعر به وحتي أن شعرت فهو متأكد انها لن تأبه له و كان هذا الم آخر يضاف الي لائحة عذابه الذي سيقتله ذات يوم 
" انا عارف ان الكلمه دي بسيطه اوي علي كل إلي حصل و الوجع الي اتسببتلك فيه. بس انا فعلا أسف. "

كان مظهره مذري بقدر شعوره بالألم الذي كان واثقا من أنها شعرت بأضعافه في كل مرة كان يهينها و ينال من كرامتها بكلماته السامة نظراته المحتقرة دون ذرة شعور واحده و الآن هاهو يعاني مثلما جعلها تعاني و هي حتي لا تراه و لا تشعر به.
" انا عارف ان طريقي معاكِ طويل و صعب. بس الي جوايا ليكِ قادر أنه يحارب كل حاجه عشانك. عشان نكون مع بعض. "
صمت لبرهه أخذت عينيه تبحر فوق ملامحها الصافيه والتي كانت كلوحه جميله نقشت فزق جدران قلبه فتابع بتعب و حيرة 
" اللي جوايا ليكِ غريب اوي يا جنة. قوى لدرجه مخوفاني. طول الوقت حاسس انك تخصيني و الاحساس دا كان كأنه طوق ذنب ملفوف حوالين رقبتى لحد ما دمرني. كنت عايز ابعدك عني بأي طريقه و اتضح انك محفورة جوايا. كنت بحاربك و بحارب نفسي و بحارب كل حاجه فيها ريحتك و اتحجج باخطائك. لحد ما خسرت! خسرت قدام حقيقة برائتك."

اغمض عينيه بألم وهو يتذكر مشهدها حين صرخت بقهر عن حقيقة ما حدث . اهتاج صدره بقوة و ود لو كان شقيقه أمامه الآن حتي يلقنه ما يستحقه علي جريمته النكراء و أفعاله المشينه والتي طالت قلبه المحترق ألما علي محبوبته.
 يمكن مش هقدر اقولك كلامي دا لو كنتِ صاحيه لإني للأسف مش هقدر اجبلك حقك من الي ظلمك. ربنا هو الي هيجبلك حقك منه."

قال جملته الأخيرة بقسوة و لم يستطيع أن يكمل فقد امتزج الغضب مع ألمه فشكلا غصه صدئة بحلقه منعته للحظه من استكمال حديثه فامتدت يده ليمسح عبراته التي أغرقت وجهه وتابع بمزيد من الألم 
" بس اوعدك هجبلك حقك مني و من كل الي كان لهم يد في الي حصل. يمكن دا يخفف من ذنوبي .. ويكون.. ويكون بدايه لطريقنا سوى!'

*******************

كانت تجلس في غرفتها تنظر إلي الفراغ وهي تتذكر كل ما مرت به منذ أن كانت طفلة وحتي الآن . كل ما تعرضت به من محاولات مروعه لانتهاك حرمة جسدها و دفاعاتها المستميتة في المحافظة علي ما هو لها الي أن جاء ذلك اليوم المشؤوم والذي انهدم به العالم فوق رأسها 

عودة لوقت سابق

دلفت الي الشقة بغضب وهي تنظر حولها بجنون تبحث عنه فقد طفح الكيل من أفعاله التي لا تعلم سببا لها أو لنقل بأنها كانت تتعمد التغافل عن السبب و لكن ما عرفته منذ قليل غيب عقلها و انتفض قلبها يعلن رفضه وهرولت الى هنا وبداخلها تتوسل الي الله أن يخلف ظنها.
اخذتها أقدامها إلي غرفة النوم و بإيدا مرتعشة قامت بإدارة المقبض و فتحت الباب لتتجمد في مكانها وهي ترى تلك الفتاة العارية التي تتوسط السرير بجانبه وهو ينام بعمق دون أن يرف لقلبه جفن من الرحمة ولا الشفقة على تلك التي انهار عالمها في تلك اللحظة فقد شعرت بطعنة نافذة في منتصف قلبها فالخيانة أمرا موجع و قاتل وهي لا تملك القدرة علي تحمله فأخذت تصرخ كالمجنونه حتي استيقظ هو والفتاة النائمه بجواره فصدمه مظهرها و سرعان ما تجاوز عن صدمته حين علا صراخها أكثر و هي من نومته يرتدي ثيابه علي عجل و هو ينهرها بعنف 
" اخرسي الله يخربيتك هتودينا في داهيه . و انتي البسي و غوري من هنا بسرعه" 

قال جملته صارخًا في الفتاة التي تجمدت بمكانها من فرط الصدمه ولكن صوته جعلها تهب من مكانها مفزوعه وهي تحاول ارتداء ملابسها امام ساندي التي جُنت تماما فهرولت إليها و تمسك بخصلات شعرها بين يديها بكل ما يعتمل بداخلها من قهرة و غضب و هي تسبها بكل اللغات فتدخل حازم لمحاولة فض ذلك النزاع خوفا من سماع الجيران لأصوات صراخهم و افتضاح أمرهم في البناية
" الله يخربيتك سبيها هتودينا في داهيه."
قال هذا و هو يدفع ساندي بعنف فوقعت علي الأرض وهي تطالعه بصدمه بينما قام بجر الفتاة من شعرها و امسك ملابسها يلقيها في وجهها و هو يخرجها من الشقة ثم عاد أدراجه الي تلك التي مازالت تفترش الأرض بصدمه و انهار من الدموع التي لم تلامس قلبه المظلم حين زجرها بقدمه قائلا بغضب 
" انتِ اتجننتِ ايه الي جابك هنا ؟ جايه تفضحيني ."
رفعت رأسها تطالعه بعدم تصديق تجلي في نبرتها حين قالت 
" انت بتعمل معايا انا كدا ؟"
صرخ حازم بنفاذ صبر 
" واعمل اكتر من كدا.انتِ مين سمحلك تتجسسي عليا. و عايزة مني ايه ؟"
انقشعت الصدمه وحل محلها الغضب الممزوج بألم كبير فهبت من مكانها تقول بعنف 
"تصدق انك بجح. ليك عين تتكلم بعد خيانتك ليا. "
حازم بسخرية
" خيانتك!! علي اساس انك مراتي؟ فوقي يا ماما احنا متصاحبين. عارفه يعني ايه ؟ اخرنا نخرج سوي نتفسح سوي نقضي وقت حلو في السرير. غير كدا متحلميش . انا مش بتاع حب و جوازو الكلام الفاضي دا"

و كأنه هوى بمطرقه مسننه فوق قلبها الذي تحطم باقسى طريقه يمكن أن تتخيلها. هل يراها بتلك الطريقه وهي من كانت عزيزة طوال حياتها ؟ كانت تحارب الجميع بشراسه ووحده من ظفر بسلامها و ظفر بقلبها الذي كانت تبني حوله أسوار و القلاع. 
" بتقول ايه يا حازم؟ انت.. انت شايفني كدا.. انا يا حازم؟؟"

لم يرق قلبه لحالها بل تابع بتجبر
" ايوا أنتِ. كلكوا متفرقوش عن بعض وانا مش مستعد اني اتجوز واحده كان ليها علاقات قبلي وأنا أساسا شاقطك من رهان بيني و بين صاحبي الي كنتِ ماشيه معاه قبلي. فمن مليون المستحيل افكر اتجوزك. فا تبقي حلوة و تعرفي حجمك و وقتها تبقي حبيبتي و نقضي يومين حلوين سوي يا اما تغوري من وشي. "

عودة للوقت الحالي

مازالت تذكر ملامحه المحتقرة و نظراته القاسية و لهجته التي تقطر سمًا نجح في غرسه بقلبها الذي ضخه الي سائر جسدها فاقسمت علي الانتقام منه علي الرغم من عشقها الكبير له ولكنه آذاها بعنف فلأول مرة تحني رأسها وهي تخرج من تلك الشقه تلملم أشلاء قلبها و كرامتها التي دهسها باقدامه والتي لم تنجح كل محاولاتها في ان تواسيها و لا في إخماد نيران عشقها المسموم له فقد انتوت أن تجعله يدفع الثمن و بعد ذلك ستعيده إليها بكل الطرق. 
و ها هي الآن تجني ثمار ما فعلته فقد آذت و تأذت و طال الاذي عقلها الذي أضاء لها بفكرة هوجاء و هو أن ذلك الجسد هو السبب في كل ما يحدث معها وهو من جعل زوح خالتها يطمع بها و يحاول النيل منه و هو ما غوى حازم و عدى من بعده ولهذا أرادت التخلص منه فهبت من مكانها تبحث كالمجنونه و سرعان ما وقعت عينيها علي كوب المياة الذي التقطته و قامت بقذفه ليرتطم علي الأرض بعنف حتي تناثر لأشلاء فامتدت يدها تأخذ أحدي قطعه المتناثرة و بعقل مغيب و جسد اعتاد علي الألم فلم يعد يشعر قامت بإفساد كل ما يميزها كانثي ولم تهتم لدمائها التي تناثرت من كتفيها و صدرها ولم تشفق علي نفسها وهي تقوم بالتمثيل بساقيها و ما يعلوهم قد كان كل همها أن تنتقم من نفسها من جسدها من ملامحها ومن ألمها الذي لم يخمد فصارت تضحك بقوة مما فعلته فقد تشوه جسدها و وجهها بالكامل و انبثقت الدماء من كل جزء به حتي صارت الغرفة غارقه في بحيرة دمويه اقشعر لها جسد منال التي سمعت صوت ضحكاتها فهرولت لرؤيتها فهالها ما رأت و انخرطت في نوبه صريخ جلبت جميع الخدم و علي رأسهم زوجها الذي سقط فكه من الصدمه مما رآه ولكنه سرعان.ما تغلب علي صدمته حين التفتت ساندي تناظره بخيبة أمل كبيرة من بين ضحكاتها و ما كادت أن تسقط حتي التقطتها يداه وهو يصرخ بقهر 
" بنتي…"

اخترقت صرخته أذان ذلك الذي اعتاد الجلوس أمام قصرهم طوال الليل و النهار ينتظر أن تلمحها عينيه التي من فرط بكاءه تحولت لبحيرة من الدماء فقد ظلمها و دمرها بالكامل وهو أكثر من يعرف ما مرت به ولكن ذلك الشيطان اوهمه بأنها بالفعل عشيقته و نجح في استثارة كرامته التي أعلنت فرمان بالتخلي عنها و إسقاطها من لائحه المقربين منه بعد أن تحولت بعينيه الي غانيه لا تعلم معني الشرف. 
" ساندي حصلها حاجه يا مؤمن . انا متأكد"
ضاق ذرعه من صديقه الذي منذ أن أخبره بما حدث وهو يجلس أمام قصرهم بامر من قلبه الذي لا يشتهي شئ سوي الغفران 
" يا ابني ارحمني بقي الناس طردتها خمسين مرة و الراجل حلف ستين يمين أنه هيطلبلك البوليس لو شافك تاني قدام بيته و انت لسه مُصر تستني هنا انت بتتفنن ازاي تضيع مستقبلك. ارحمني بقي "
تجاهل توبيخ صديقه وقال بقلب مُلتاع 
" قلبي وجعني اوي و حاسس انها فيها حاجه. انا لازم اشوفها "

ما أن تقدم خطوتين حتي تفاجئ بمؤمن الذي تقدم يقف أمامه و قام بلكمه بكل قوة في وجهه و لكمه تلاها الأخرى حتي خارت قواه وقام مؤمن بجره الي داخل السيارة وهو وينوي إنقاذه من تلك الهوة السحيقة التي ابتلعته حتي لو كلفه الأمر للسفر الي والديه و إعلامهم ما يحدث ..

*************

كانت تقف أمام زجاج غرفة العناية بالأطفال الحديثي الولادة و بداخلها الف شعور وشعور لا تعلم هل تفرح بوجوده أو تحزن فبسببه هو و والده تدمرت حياة شقيقتها ولكن بمجيئه أنقذ حياتها فحسب كلام الطبيب الحمل و الولادة في هذا الوقت هما سبب اكتشاف الورم الذي اتضح أنه في مرحلة متقدمه كثيرا حتي يصعب اكتشافه و معالجته و بفضل هذا الطفل أنقذت حياة شقيقتها. لا تعلم لما القدر يلعب بهم بتلك الطريقه يجعلها تقف عاجزة حائرة لا تعلم حتي ماهيه شعورها. زفرت بتعب و رفعت رأسها للأعلى وهي تقول بقلب مثقل بالهموم
" يارب.. يارب هونها من عندك."
فجأة تصلب جسدها وشعرت برجفة قويه تسري في عمودها الفقري حين وجدته بقربها و لامست أنفها رائحته التي كان لها وقع قوى علي قلبها الذي يهدأ كثيرا بوجوده بالرغم من كل شئ 
" بتفكري في ايه ؟"
هكذا سألها بنبرة خشنه بها قساوة أيقظت الألم بداخلها فتجاوزت تلك الغصة التي تقف بمنتصف حلقها وقالت بجفاء
" انا مصدقة جنة في كل كلمه قالتها."
لم يلتفت إليها إنما قال بفظاظة
" مش وقته. تقوم بالسلامه و نطمن عليها و كل حاجه هتبان "

اغتاظت من إجابته فالتفتت تقول باستفزاز 
" لا وقته. جنة اتظلمت بس انت مش قادر تعترف. معرفش بقي يمكن عشان الي عملته فينا.."
قاطعها بقسوة 
" و ايه الي انا عملته فيكوا ؟؟"
لوهله لاذت بالصمت فهي عندما تبحث بداخلها فلن تجد له أي خطأ فقد حمي شقيقتها و وعدها بأنه سيحمي طفلها و سينسبه لأباه و سيعطيه حقه و الأكثر من ذلك أنه منعها من ارتكاب جريمة القتل حين أوشكت علي التضحيه به.
جاءها صوته القاسي يشوبه التهكم حين قال 
" سكوتك طال يا فرح. ايه أخطاءِ كتير اوي كدا و لا بتدوري و مش لاقية"

اغتاظت من وقاحته التي تحمل من الصدق الكثير ولكنها كعادتها تأبي الانهزام أمامه فهبت معانده
" ولما تجبنا علي ملى وشنا و تخلينا نسيب حياتنا و بيتنا و تجبرنا نعيش معاكوا ومع ناس بتكرهنا دا يبقي اسمه ايه ؟"
سالم بقسوة 
" اسمه اني بحميكوا من نفسكوا و الناس الي بتكرهكوا دول ارحم الف مرة من الناس الي كانت هتاكل وشكوا وهي شايفه اختك و بطنها قدامها من غير جوزها."

للمرة التي لا تعرف عددها يكون مصيب بكلماته و لا تعلم بما تجيبه فهي بحاجه ماسه للراحه فقد انهكها كل شئ وهو لا يرحمها ولكنها انثي لا تعرف معني الانحناء لذا رفعت رأسها بشموخ تجلي في نبرتها حين قالت 
" والله احنا كُبار بما فيه الكفايه عشان نعرف نتصرف و مكناش محتاجين منك حاجه يا سالم بيه!"
اغتاظ من ذلك اللقب الذي كان و كأنه جدار تضعه بينهم وخاصة حين تابعت بسخرية
" متقلقش انا فاكرة حدودي و بحاول متخطهاش!"
كالعادة تنجح في إثاره غضبه النفيس فآثر الانسحاب لأول مرة حتي لايؤذيها فقط اكتفي بنظرة غاضبه و لهجه تحمل مذاق التهكم و المرارة معا
" كويس خليكي فكراها"
ما أن هم بالالتفات حتي استوقفته كلماتها الغاضبه 
" اكيد هفضل فكراها. بس انت كمان متتعداش حدودك معايا"
رفع إحدي حاجبيه وقال باختصار،
"بمعني ؟!"

صاحت بإنفعال و غضب نابع من قلب يشتهي ما لا يستطيع الإفصاح عنه
" بأي حق تطبطب عليا و تمسك ايدي قدام الناس كلها ؟'

تشابهت نظراته مع لهجته الجليديه حين قال
" بنفس الحق الي خلاكي تلجأيلي لما كنتي ضعيفه و عايزة تتسندي علي حد "
نجح في تعريه مشاعرها و قراءة نظراتها مما جعلها تبتلع ريقها بصعوبه قبل أن تقول باستهلال
" انت تقريبا بتتوهم و تصدق اوهامك صح؟"
 
شيعها بنظرة خيثة لامست حواف قلبها قبل أن يقول بقسوة
" انتِ الي جبانه . للأسف شوهتي صورتك الي كنت راسمهالك في خيالي "

كلماته إهانته قلبها قبل كرامتها التي كان لزئيرها وقع كبير عليها فرفعت رأسها وهي تبتسم ابتسامه مرة لم تصل لعينيها التي لم تعد تحتمل ثقل عبراتها أكثر بينما هي تحدثت بتهكم 

" طب كويس والله . معني كدا انك خلاص صرفت نظر عن فكرة الجواز المجنونه بتاعتك."
كان بارع في قراءة تعابيرها من فرط ماهو مولع بها فلاحظ اهتزاز حدقتيها التي تحمل عبارات غزيرة تهدد بالانفجار فتحدث بلهجه اهدأ قليلا 
" قبل ما اجاوبك عايز اعرف الدموع الي في عنيكِ دي سببها ايه ؟ "

لن تبكي و لن تخضع أبدا و ستظل صامدة لآخر نفس هكذا كانت تردد بداخلها قبل أن تقول بلا مبالاة
"أبدا انا بس متضايقه عشان جنة "
خرجت كلماته غاضبه كملامحه حين قال 
"كذابه! جبانة و كذابه يا فرح . بس الي يضايق انك مش مضطرة تكونِ كدا."
انفعلت من حديثه و من كل شئ فقالت بنفاذ صبر 
" انت عايز مني ايه؟؟"

أجابها بصرامه 

" واجهي قولي ايه الي جواكِ وتأكدي أنى هحترمه ايا كان هو ايه "

لن تبكي و لن تخضع أبدا و ستظل صامدة لآخر نفس هكذا كانت تردد بداخلها قبل أن تقول بلا مبالاة
"أبدا انا بس متضايقه عشان جنة أو "
خرجت كلماته غاضبه كملامحه حين قال 
"كذابه! جبانة و كذابه يا فرح . بس الي يضايق انك مش مضطرة تكونِ كدا."
انفعلت من حديثه و من كل شئ فقالت بنفاذ صبر 
" انت عايز مني ايه؟؟"

أجابها بصرامه 

" واجهي قولي ايه الي جواكِ وتأكدي أنى هحترمه ايا كان هو ايه "

اجتمع الألم مع الخوف بعينيها حين طرأ علي ذهنها ما حدث عُصر اليوم

عودة لوقت سابق 

كانت تجلس في المقهى أمام ياسين الذي انتظر حين اتي النادل بقدحين القهوة ثم انفجر قائلا 
" احكيلي كل حاجه حصلت مع جنة لو سمحتِ"

لم تعتد علي إلقاء الأوامر أو الأمتثال لها لذا قالت بحنق 
" بأي حق ؟؟ بأي حق بتطلب مني دا ؟"

ياسين بغضب 
" تحبِ اوريكي البطاقة عشان تعرفي ؟ "
عاندت بغضب
" مانتوا رميتونا زمان. رميتوا لحمكوا راجعين تدوروا علينا دلوقتي ليه ؟ "
تراجع ياسين قليلا و تفهم موقفها واجابها بلهجه اهدأ
" محدش رماكوا يا فرح و اعتقد الي حصل أنتِ عرفاه. و عارفه كمان جدي و جبروته"
" جبروته دا ضيعنا كلنا. ماما ماتت و سابتنا عيال صغيرة كنا محتاجين حد يطبطب عليا أهل يقفوا جمبنا و بابا الله يرحمه كان اكتر حد محتاجكوا . عارف تعب ازاي من الوحده و الوجع الي واثقه أنه بسببهم مش بسبب المرض. جنة لو كنتوا موجودين مكنش هيحصل معاها كدا. احنا اتدمرنا بسبب جبروته. جاي تدور علينا بعد ايه يا ياسين ؟"

كان يعلم أنها محقه و يشاطرها الوجع بل أكثر و قد تجلي ذلك في نبرته حين قال 
" مش لوحدكوا الي اتدمروا يا فرح .. مسالتيش نفسك انا هنا بعمل ايه في اسماعيليه ؟؟ اخويا راضي مات يا فرح . او بمعني اصح اتقتل. "
شهقت بعنف مرتدة الى الخلف فتابع ياسين بلهجة مريرة 

" كان في خناقه بين عيلتنا و عيلة تانيه كبيرة علي قطعه أرض و قامت خناقه و راضي اتقتل فيها و ماما تعبت جدا و متحملتش تقعد في البلد و بابا نفس النظام و سبنا جدي و البلد و جينا علي هنا و من وقتها وانا بدور عليكوا "

انكمشت ملامحها بألم تجلي في نبرتها حين قالت 
" البقاء لله يا ياسين. انا مس عارفه حقيقي اقولك ايه .. ربنا يصبركوا.."

زفر الهواء المكبوت بصدره دفعه واحده قبل أن يقول بخشونة 
" الحمد لله علي كل حاجه . هتحكيلي الي حصل لجنة؟ "
زفرت بتعب و قالت بمراوغه 
" انت عرفت ايه ؟"
تحلي بفضيلة الصبر و أجابها بصدق
" عرفت انها كانت متجوزة عرفي و حامل و جيتي أنتِ وهي تعيشوا هنا مع أهل الحيوان دا بعد ما غار في داهيه "

أغمضت عينيها بتعب فقد علم كل شئ و لا مجال للكذب أو المراوغه فشرعت تقص عليه ما حدث ولكنها كانت تحتفظ ببعض التفاصيل لنفسها خاصة وهي ترى ملامحه التي تفيض غضبا و أنفاسه التي تعلو تزامنا مع حديثها الذي انهته قائله بحزن 
" و ادينا مستنيين أما جنة تولد و نشوف هنعمل ايه "
صاح ياسين بغضب 
" هتعملوا ايه يا فرح؟ من اللحظه دي ملكوش عيش مع الناس دي .جنة ليها أهل و هما هيعرفوا يجيبوا حقها كويس "

فرح بمرارة
" يجيبوا حقها من مين يا ياسين إذا كان هو مات."
" الحيوان اقسم بالله لو كان عايش لكنت دفنته بايدي . "
فرح بحزن
" يالا راح عند ربنا هو أولي بعقابه. "
ياسين بنبرة لازالت تحمل الغضب 
" سالم الوزان دا شكله مش سهل. انا مش مرتاحله "
تغيرت تعابيرها بشكل مريب و ارتجفت نبرتها حين قالت باستفهام
" ليه .. بتقول كدا ؟"
ياسين بريبة 
" مالك يا فرح ؟ أنتِ في حاجه مخبياها عليا ؟ 

فرح بتلعثم 
" لا طبعا… حاجه ايه ؟ "
" وشك اتقلب ليه لما جبت سيرته ؟"
فرح بمراوغه
" أبدا . انا بس خايفه من فكرة أننا نسيب البيت و نروح عند عمي هنقول ايه علي حمل جنة و جوازها . انت عارف الموضوع مش سهل و عمي"
قاطعها بغضب 
" عمك تعبان و حالته متأخرة. السؤال هنا هنقول ايه لجدك و عيلتك الي في البلد ؟. جدك من وقت ما عرف أن عمي محمود مات و هو عايز يشوفكوا عشان يرجعلكوا حقكوا و يعوضكوا عم الي حصل زمان.."
" بالسهولة دي ؟؟"
هكذا صاحت مستنكرة فأجابها بتقريع
" مش وقته يا فرح .. خلينا نشوف حل في المصيبه دي. لا جدي و لا بابا و لا حد لازم يعرف بالي حصل مع جنة . دا هيفتح علينا بحر دم مالوش آخر. جدك صعب و اظن انك عارفه دا "

لون الفزع تقاسيمها و احتل نبرتها حين قالت 
" طب و الحل يا ياسين. "
ياسين بطمئنة
" متقلقيش يا فرح . انا هشوفلها حل حتي لو لزم الأمر هقف قدام جدي كفايه البهدله الي حصلتلكوا و كله بسبب جبروته و قسوته.."

المهم متعرفيش جنة و لا حد حاجه خالص علي ما اظبط اموري و اشوف هنعمل ايه وكلها بالكتير يومين تلاته و هكلمك تجهزي نفسك أنتِ و جنة عشان تمشوا بناتنا ميقعدوش عند الغرب اكتر من كدا."

عودة للوقت الحالي.

طافت عينيها بملامحه فكيف تخبره بما حدث وهي قطعت وعدا لابن عمها بأنها لن تتحدث ؟ كيف تخبره وهي بصدد مواجهة دامية مع عائلتها التي لفظتهمن سابقا و تنوي استردادهم الآن فكيف تقابلهم بذنب عظيم وإثم كبيير مثل هذا..
" مفيش حاجه اقولها. انا اعصابي تعبانه من الي حصل و بيحصل حقيقي مبقتش قادرة اتحمل اي حاجه . "

تفشت بداخله خيبة قويه حين رأى نظراتها المراوغة و كلماتها الغير مرتبة فشيعها بنظرات الخسة قبل أن يقول بتهكم
" وماله. سلامتك.."
لمست السخريه في نبرته ولكن خالها نظراته التي تخفي شي غريب ايمكن أن يكون احتقار أو ربما ازدراء .. لم تعد تعرف اجابه ولكن هناك شئ بداخلها يؤلمها بقوة فاقت حدود تحملها…

****************

توقفت سيارته أمام تلك البناية الملعونه بعد أن قطع ساعات من السفر في طريق المجهول باحثا عن الحقيقة و الانتقام أخيرا وصل إلي وجهته و صار يأكل الدرجات حتي وصل إلي تلك الشقة التي يود تدميرها بكل ما تحمله من ذكريات مقززة تصبر غضبه و جنونه الذي جعلوه يدق باباها بعنف و ما أن انفتح و أطل منه مؤمن حتي انهال عليه سليم بالضربات و الركلات دون أن يتيح له الفرصه لاستيعاب اي شئ فبلمح البصر وجد هذا الوحش الهائج أمامه ينهال عليه بالضرب المبرح وهو يسبه بأفظع انواع السباب حتي هلكت قواه وإذا به يصرخ بوجهه بعنف 
" احكيلي الي حصل يا حيوان. ضحكتوا عليها ازاي؟ "

مؤمن بمن بين آلامه و تورم شفتيه 
" انا .. مش. فاهم .. حاجه .. ابوس ايديك . سيبني.."
سليم بصراخ 
" مش هسيبك الا لما تقولي كل حاجه."
لم يكد مؤمن يتحدث حتي صدح صوت من خلفهم 
" سيبه. مؤمن ميعرفش حاجه. انا هحكيلك الي حصل."

التفت سليم بجمرتيه المشتعلتين الي ذلك الجسد الهزيل و الملامح المتورمه التي تعود لعدى الذي ما أن نجح في جذب انتباه سليم إليه حتي قال بصوت لا روح به 
" انا الي كنت مع حازم في كل حاجه . وانا الي خليته يوهمها أنه مريض و بيموت لما ساندي قالتله أنه مدمن اقترحت عليه يقولها كدا عشان متبعدش عنه و جبتله الورق كمان الي يثبت دا. و عرفته علي دكتور صاحبي اتفقت معاه أنه يقول لجنة أنه حازم مريض سرطان و بيموت عشان توافق تتجوزه عرفي.. "
توجه سليم إليه بخطٍ متوعدة تشبه نظراته وملامح وجهه ولكن ذلك لم يردع عدى الذي أشتهي الموت عله يرتاح من عذابه الذي فاق حدود التحمل فتابع يسرد خطاياه 
" حازم عمل المستحيل عشان يجيب رجل جنة و ياخد الي عاوزه منها بس هي كانت دايما موقفاه عند حده. ولما مضت علي ورقة الجواز بحجه أنه مش هيتعالج غير لما يضمن وجودها جنبه. حازم فكر أن الدنيا بقت سهله معاها و بقي يتحجج بالمرض عشان يقرب منها بس هي كانت بتصده و أصرت تروح معاه جلسات الكيماوي و لما قعد يتحجج اتخانقت معاه و هددته أنها هتقطع الورقتين عشان كانوا معاها و هتبعد عنه . حازم اتجنن و حلف لا يجيب مناخيرها الأرض و اتفق معايا أنه هيجيبها هنا علي أساس أنه مركز و هيقابل دكتور و فعلا ساعدته و كلمت ناس اصحابي ساعدونا في التمثيليه دي و في بنت عملت أنها ممرضة و هتدخلهم للدكتور و جابت لجنة عصير كان في مخدر شربته و أغمي عليها و حازم اعتدي عليها.."
لم يكد يكمل جملته حتي انهال عليه سليم ضربا مبرحا وهو يصرخ حتي جُرِحت أحباله الصوتيه 
" يا ولاد الكلب… انتوا ايه مش بني آدمين.. "

تحدث عدى من بين ضربات سليم المتلاحقة
" موتني و ريحني من كل العذاب دا.. خد حقها مننا كلنا .."

توقفت يد سليم في الهواء و قال بعنف 
" وشرف امي ما هنولهولك بالسهوله دي.. الموت راحه ليك انت حبك تفضل تتعذب زي الحيوانات كدا "

****************
 .
بعد مرور يومين استفاقت جنة فوجدت فرح بجانبها تتلو آيات الذكر الحكيم و ما أن رأتها تفتح عينيها حتي هبت من مكانها مقتربه منها بلهفه تجلت في نبرتها حين قالت 
" جنة . حبيبتي أنتِ فوقتي أخيرا.."
جنة بلهجه متحشرجه 
" انا فين ؟ "
فرح بلهفه 
" انتِ في المستشفي . ولدتي و جبتِ بيبي زي القمر يا جنة.."
ارتسمت ابتسامه خافته علي ملامحها قبل أن تقول بخفوت 
" عايزة اشوفه.."
" حاضر .. هنادي عالدكتور اشوف ينفع تروحيله ولا لا ؟؟"
جنة بلهفه 
" ليه هو فين ؟"
فرح بطمأنة
" هو اتولد قبل معاده عشان كدا دخلوه الحضانه بس اطمني الدكتور قال إنه كويس .. ثواني هناديهولك .."

هرولت فرح الي الخارج فوجدت الجميع فهرولت الي امينه تقول بفرح
" جنة فاقت يا حاجه امينه .."
ثم التفتت الي مروان مرددة بفرحه 
" جنة فاقت يا مروان .."
امينه بفرحه 
" الحمد لله.. احمدك و اشكر فضلك يارب ."
و اضاف مروان بفرحه 
"الحمد لله اخيرا.."
لم يجبها سليم انما اندفع الي داخل الغرفه بأمر من قلبه الذي اخمد صوت العقل فكل ما يرجوه رؤيتها و بحرها الأسود الذي وقع غريقا بعشقه .
أما عنه فقد كان يريد الاقتراب منها يريد مشاركتها فرحتها و كل شئ و لكنه تسمر بمكانه حين سمع ذلك الرجل يناديها 
" فرح.."
التفت الجميع يناظره بصدمه الا هو إرتسم الإجرام بنظراته و اقترب منه مزمجرا بوحشيه 
" انت ايه الي جابك هنا؟؟"
و تحدثت امينه بصدمه 
" دكتور ياسين ؟؟"

 تفاجئ الجميع من تلك التي تجاوزتهم لتقف بجانب ياسين وهي تقول بعنفوان 
" ياسين اكتر واحد له الحق أنه يكون موجود هنا.."

سقط قلبه بين ضلوعه من فرط الألم الذي عصف به في تلك اللحظة و استنفذ كل قوته ليظل علي جموده حين قال 
" يعني ايه ؟"
إجابته بنبرة هادئه و عينين يرتسم بهم القوة
" الدكتور ياسين وفيق عمران يبقي ابن عمي انا و جنة.."

يتبع…..
#نورهان_آل_عشرى 
#في_قبضة_الأقدار 



الفصل الثاني من هنا 
 .

 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-