قصة صندوق الجن بقلم احمد رجب


             قصة صندوق الجن


حلت أجازة الصيف وإذا بأبي يقول : سنذهب إلى منزل جدكم نقضي فيه أسبوعا . تعجبت من ذلك كيف نقضي أسبوعا كاملا في ذلك المنزل الذي توارثته العائلة منذ زمن بعيد وليس على الطراز الحديث حتى ، بل لم يتم تجديده فهو يشبه قصر قديم جدا ، وقد كنا نذهب يوما نقضيه مع الجد كل فترة ولكن على كل حال لم أكن لأرفض ذلك فأنا أحب جدي كثيرا .

وصلنا في نفس الليلة واستقبلنا الجد بحفاوة بالغة . دخلت المنزل وتناولنا العشاء وقال جدي ستستريحون كل في غرفته التى جهزتها له " أحمد و قاسم  " حجرتهما في الدور الأول بجانبي و " ليلى وحسناء وعائشة " في حجرتهن في الدور الثانى بجانب حجرة والديهما .

ابتسمت ابتسامة خفيفة ونظرت لجدى الذي كنت منبهرا بكونه على حاله وكأنه لا يكبر في السن ، وقلت في داخلي سأستثمر تلك الفرصة وسأتعلم من جدي كل شيء من أجل الكتاب الذي سأنزل به في معرض القاهرة الدولي للكتاب .

قمنا كل إلى حجرته ورتبنا كل شيء فالأسبوع مازال في بدايته ، ونادى علينا الجد لتناول الشاي وتحادثنا لساعة نحكى أحوالنا وبينما أمرنا أبي بالذهاب للنوم لأننا سنستيقظ في الصباح نأخذ جولة في البلدة لأن الحر يكون شديد ظهرا كونها بجانب الجبل . قال جدي جملة غريبة وهي : لا أحد يخرج من حجرته بعد العاشرة مساءً لأي سبب . قال أبي : مازلت تحافظ على قوانينك يا أبي حتى الآن ؟!

ذهبنا لننام ولكن جملة جدي ظلت تتردد في ذهني فكيف غير مسموح أن نخرج بعد العاشرة مساءً !!!







ظللت أفكر فيها طويلا وعقلي يقذف بي يمينا تارة وشمالا تارة، ونظرت فإذا الثانية عشرة بعد منتصف الليل ، فقمت لأدخل الحمام كما أنى متعود قضاء حاجتى قبل النوم ، ولكنى تذكرت جملة الجد ، فقلت في نفسي هذا حمام ومن الضروريات وفتحت الباب وخرجت وجدت المنزل هادئا حتى حجرة جدى مغلقة ، فتنفست وقلت في سري : الموضوع عادى أهو !! ربما جدي يحب العادات للحفاظ على الهدوء والاستيقاظ مبكرا . ودخلت الحمام وكان بابه مرتفعا بعض الشيء فجلست حيث أن الحمام كان على الطراز القديم وإذ بي أرى خيالات كثيرة تلف في المنزل وبسرعة وهناك أصوات مكتومة في أرجاء المنزل ، فلم أستطع السيطرة على نفسي وكنت سعيدا كونى في الحمام وإلا كنت عملتها على نفسي ، قضيت حاجتى وقمت وخلعت المفتاح ونظرت من فتحة المفتاح من الداخل لأرى ما بالخارج ، فإذا جدى يصعد من سرداب أسفل الأرض وإذا بي أرى شبحا ضخما يقف أمام جدى ويحادث جدى بإشارات غير مفهومة فإذا بالشبح ينظر ناحية الحمام ويشير بإصبعه الطويل لجدى ، نظر جدي ناحية الحمام وتقدم وخبط الباب فلم أستطع الرد وكنت مرعوبا ، قال هامسا : اخرج يا أحمد لا تخف .

وفجأة وجدت الباب ينفتح وحده بدون مفتاح والمفتاح أصلا في يدى . نظر إلى جدي وقال : يبدو أنك المختار وخليفتى فلم يستطع أحد معرفة السر طيلة تلك السنين وإذا بالأشباح تصطف بجانب الحوائط وكأنه ممر شرف حتى السرداب أسفل الأرض ، نظرت فإذا سلم ينزل لأسفل . نزلت وأنا خائف ، فقال الجد لي وهو يمسك بيدى : لا تخف ولكن ما ستراه لا تحك لأحد عنه نهائيا وأنت المؤتمن بعدى .







تعجبت من كلامه ونزلت فإذا بساحة واسعة كبيرة كأنها كهف كبير ولكن يتفرع منها أربعة اتجاهات وفي الوسط صندوق عجيب وكأنه من الذهب ، ولم أر مثله في جمال صنعه فاقترب جدي وهو آخذ بيدى وإذا به يأمر فأتى أحد الأشباح بمياه فأمرنى جدى أن أتوضأ . تعجبت ولكنه أمرنى بدون مناقشة .

توضأت وخطرت على بالي فكرة وهي تلاوة آية الكرسي بحيث تحرق كل من في المكان لأنه يبدو أنهم يتلاعبون بعقلي وجدى كذلك . فرفعت صوتى بالقراءة بعدما توضأت ورتلت الآية ، وإذا بكثير من الأشباح تأتى من كل اتجاه حتى اكتظ المكان وكلهم منبهرين من جمال صوتى وبعد وبعد الانتهاء من التلاوة استغربت وأخذنى جدي في حضنه وقال : أتظن أن جدك ساحر يا أحمد ؟! أبدا يا بنى ولكنى سأعرفك على كل شيء . وأشار بيده فانصرف الجميع عدا واحد ضخم وشكله عجيب كان يقف بجانبنا ، ثم قال : هذا يا ولدى صندوق الجن وكل قبيلة لها صندوق عهد يخبئونه في مكان لا يعلمه أحد من البشر ولا حتى الجن لأن من يملكه يمكنه حبسهم فيه والاستحواذ على قواهم وكسب ولاءهم ، وهذا الصندوق وجده جد جد جدك عندما كانت الحملة الفرنسية في مصر ، اشتركنا في المقاومة وبينما مدافع الفرنسيين تقذف كل مكان أصابت إحدى القذائف الجبل فحدث ثقب كشف عن الصندوق فوجد شيئا يلمع بالليل فاتجه إلى هناك ، وعندما وجد






 الصندوق أخفاه في مكان أمين حتى ينتهي القصف ، وبعد انتهاء القصف وهدوء كل شيء جلب جدك الصندوق لهذا المنزل وكان الليل قد خيم ، ففتحه فحضر على الفور " صقيران بن أسفين " وهو الموجود أمامك فنظرت فإذا به يبتسم لي ، تذكروا القصة للكاتب أحمد سيد رجب وموثقة بإسمه ، وأعدت النظر لجدى ليتابع الحديث وقال : حضر صقيران وهو من الجان المسلم ووضع كل قوى القبيلة تحت إمرته ولكن جدك قال له : خذ الصندوق وارحل . غير أن هذا ممنوع عليهم فعندما يمس الصندوق يد بشرية فيحرم على القبيلة أخذه حتى ينقضي قرنان ونصف ، وبعدها يستطيعون أخذه ليخبؤه بمعرفتهم ، فأمر جدك القبيلة ببناء ذلك البناء أسفل المنزل وكان ينزل كل ليلة ليقضي في شؤونهم من القضايا التى كانت تُعرض عليه ومن الأشياء التى تُحسب له ولم يعرفها أحد أنه جعل القبيلة تقضي على الفرنسيين الذين كانوا يأتون للقرية ولا أحد يعلم ماذا يحدث ، عدد القبيلة حتى الآن وصل إلى  خمسمائة مليون من الجن وكلهم مسلمون ، ويسكنون في كل اتجاه وهذا المكان ملتقى كبراء القبيلة ، وطالما عرفت السر فأعتقد أن قواى ستضعف يوما بعد يوم ولن أستطيع المواصلة في رعاية الصندوق وقد ، طلبت من أعمامك أن يقضى كل منهم أسبوع بأسرته معي ولم يتم اختيار أحد منهم حتى أن سعيد ابن عمك مرزوق خرج ذات ليلة ولكن صقيران نظر داخله ووجده لا يصلح ولكنه اختارك أنت . بلعت ريقي وقلت لجدى : أنا أعمل في القاهرة يا جدى وهذا سيؤثر على رعاية الصندوق .









قال جدى : لا تقلق فستأتى إلى هنا في دقائق خلال أحد الاتجاهات الأربعة ، بل يمكنك السفر لأى دولة في العالم ومعرفة أشياء لم تخطر لك على بال ، كما أنك لن تحتاج للعمل فراعي الصندوق له راتب كذلك ، وهذا الراتب سبيكة ذهبية شهريا ، ولكنك لن تحتاجها لأن كل شيء ستحصل عليه من سفر ومعرفة أسرار وتفاصيل حتى كتاباتك سيساعدونك فيها ، وسينبهر العالم أجمع كيف تعرف تلك الأسرار ، فلا أحد في العالم يرعى صندوقا للجن غيرنا ، وقد بقي على القرن ونصف أقل من ثلاثين عاما ، واعتبر نفسك مسافر للعمل ولكن سر الصندوق لابد أن تخفيه عن الجميع لأن القبيلة قد تهلك إن أساء أحد استخدامه ، والأعمار بيد الله فإن مت قبل انقضاء المدة المتبقية سيكون الصندوق ملكهم مرة أخرى .

نظرت إليه وقلت : مهو كدا ممكن يتخلصوا منى .

انفجر جدي وصقيران ضحكا وقال جدي : لا يا بنى إنهم مسلمون وسيعاهدونك على حمايتك ورعايتك فأنت حافظ الصندوق وبالنسبة لهم هذه مرتبة مرموقة جدا ، وسنأخذ العهد الآن وعندما ينقضي أجلي فأنت مكانى وسأكتب أن المنزل من نصيبك والباقي حتى لا يحقد أحد سأترك له نصيبه ذهبا وسيتعجبون من موفقتك لأنهم سيحصلون على ذهبا وأنت منزل قديم فلا تبتأس بما سيقولون . أنهينا مراسم أخذ العهد وصعدت وكان الفجر قد أوشك فصليته مع جدي وبينما نحن عائدان من المسجد إذ استغرب الجميع من استيقاظى مبكرا ولكنهم لا يعلمون ما حدث لي وما أصبحت فيه من مكانة وما أشعر به من سعادة رهيبة لا يعرف قدرها غير جدي فقط ، وظللت أفكر فيما سأفعله بعد ذلك من سفر في كل مكان ولكن هناك فكرة خطرت في بالي وهي أن أسافر للمريخ بمساعدتهم فقد سألت جدى وقال لو أردت الوصول لأعماق المحيطات سيساعدونك كذلك ولكن حافظ على عقلك لأن مالا تعلمه قد يجننك فنحن نقطة وسط كون عملاق خلقه الخالق سبحانه وتعالى . وهناك على المريخ وكواكب أخرى ستجد ... ثم سكت وتابع قائلا : ستعرف بنفسك ولكن إن حكيت لأحد سيقول أنه خيال ..

           قصة الجنية العاشقة من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-