رواية سته وعشرين الفصل الثاني 2 بقلم ساندي عاطف

 

رواية سته وعشرين الفصل الثاني بقلم ساندي عاطف

- انت عينك لونين؟
- في مُشـ ـكلة؟
ضِحكت، لقيتها طلعت علبة صغيرة مِن جيب بنطلونها، كانت علبة عدسات، حطت طرف صباعها على عينيها اليمين وشالِت العدسة، قفلت العلبة وبعدين بصت لي بضحكة وهيَ بتقول:
- أظن كِده نعرف نتكلم.
بصيت لعينيها، كانت عينيها اليمين عسلي، والشمال رمادي! ضِحكت وأنا بقول:

- صُدفة مابتحصلش غير 1 في المليون!
هزت راسها بالإيجاب وقالِت:
- حابِب تسأل عن حاجة؟
- ليه لبستِ اللنسيز؟
- بيخافوا مني..
سألتني:
- وأنت ليه مالبستهاش؟
- حبيت اكون على طبيعتي، أحسن..
- أهلك اللي جابرينك تيجي مش كِده؟
بصيت لها باستغراب، فقالِت:
- ماتستغربش، أنا عارفة إن حالك زي حالي، أهلك حاسين إنك بتكبّر ولازِم تكون بيت وأسرة ؛ عشان..
حركت صوباعين السبابة والوسطى كتأكيد على جُملتها:
- نفسهم يشوفوا عيالك قبل ما يموتوا.
ضِحكت، وقُلت بهدوء:
- إسمك إيه؟
ابتسَـمِت:
- رها.
ابتسَـمت بهدوء:
- نحاول يا رها؟ بما إن زي ما قُلتِ الحال مِن بعضه، نحاول عشان أهلنا؟
هزت راسها بالنفي:
- مش عشان نرضي أهلنا نيجي على نفسنا، لو أنت مش حابِب تحاول عشان مرتاح؛ فالباب أول ما تخرج مِن الأوضة دي على يمينك.

فضلت ساكِت لدقيقة بستوعِب كلامها، بعدين قُلت بصراحة ماعرفش جبتها منين:
- أنا اترفضت ستة وعشرين مرة.
بصت لي ببلاهة:
- ليه يعني؟
- عشان شكلي.
- ماله شكلك؟
- هيئتي أقصد.
بصت لي مِن تحت لفوق وكأنها بتفحصني وبعدين قالِت:
- لون عينك مش كِده؟ عادي يعني، ما أنا برضو كان بيهربوا مني..
- يا أنسة عشان جسمي، عشان مليان؛ فبالنسبة ليهم أنا مش فتى أحلامهم والراجل المثالي!
حطت إيديها على خدها:
- للدرجة دي كل اللي قابلتهم في حياتك ناس سطحية وقليلة الذوق؟
ريحت ضهري على الكرسي:
- آه واللهِ معاكِ حق.
- أنت إسمك إيه صحيح؟
- آمِن.
- حلو آمِن، لأ وجديد.
- آمِن ورها، تصدقي حلوين؟
- ايوا خدت بالي، نقطة ضعفي أنا الأسماء اللي مِن تلت حروف دي.
اتعدلت في قعدتي:
- طب إيه؟
قامِت وقفِت:
- بابا هيبلغك قراري.
ابتسَـمِت وكمّلت:
- وعلى كل حال اتشرفنا يا أستاذ آمِن.

- لطيفة، ذكية، دمها خفيف، والأهم مِن كل ده أنها مش سطيحة.
ضِحك:
- قُلت لك إني بتفائل برقم سبعة وعشرين ماصدقتنيش.
- خليك أنت واثِق كِده لحد ما ابوها يرزعني واحدة كل شيء قسمة ونصيب تجيب أجلي.
- آمِن، أبوس إيدك بطل تشاؤم، يابني أنت اللي كنت بتديني طاقة إيجابية!

أنا كنت متوقع الرفض مِن قبل ما اروح، بس الحقيقة دلوقتِ أنا مش عايز اترفض!

بعد يومين باباها كلم والدي وبلغه بموافقتها، كنت حاسِس أنا مبسوط ومرتاح جدًا، وحسيت إن هيَ كذلك، اتخطبنا بسُرعة، وأكتر حاجة كانت محسساني إن فرحتي ناقصة أنا ديڤيد ماقدرش ينزِل، مع أنه يوم الخطوبة كلمنا video، كان شِبه حاضر كل حاجة، بس الحقيقة إن وجود كان فعلًا هيفرق.
***





كنا في يوم في رحلة عائلية لاسكندرية، وطلبت مِن والدها أننا نتمشى ووافِق، قعدنا على البحر لوحدنا بس كنا قريبين منهم، بدون مقدمات سألتها:
- رها أنتِ مابتتكسفيش مني؟
- ليه أنت مش راجـ.ل؟
ضِحك بغُلب:
- هو لسانك ده مابيحدفش غير دبش كِده على طول؟
- أنت اللي أسئلتك غريبة.
- بتكلم بجد، مابتتكسفيش مِن شكلي قدام صحابك؟
- ناقِص إيد ولا ناقِص رِجل؟
رفعت سبابتها في وشي:
- مع إن دي هتكون إرادة ربنا، وده مايعيبكش أبدًا.
سألت بهدوء:
- ليه ولا مرة قولتيلي خِس؟
ابتسَـمِت بهدوء:
- عشان ده جسمك مش جسمي، أنا كان ممكِن أقولك كِده فعلًا لو أنت عندك أسباب صحية؛ فلازِم تخس عشان تعبان، وقتها كنت هتكلم عشان مصلحتك، بس أنت شباب وصحتك زي البومب اهو، أنا مالي بقى تخس ولا تتخن؟
بصيت للبحر واتنهِـد:
- بس أنا نفسي..
- يبقى لازِم يكون عندك إرادة يا آمِن، وتعمل ده عشانك أنت، عشانك أنت مش عشان نظرة المجتمع وكلامه.
ابتسَـمِت وكمّلت:
- مشكلة المجتمع بتاعنا أنه حاطِط معايير مُعينة للجمال يا آمِن، ولكِن مؤخرًا المعايير دي بدأت تتغير، يعني عندك مثلًا كانوا دايمًا بيقولوا كل اللي بشرتهم فاتحة جُمال، وده أكبر مقياس للجمال بالنسبة ليهم، بس جت أسما أبو زيد وآسِر ياسين وسلمى ياسِر نفوا القاعدة دي تمامًا، قالوا إن مِن معايير الجمال الشعر الناعِم، حاليًا اتنشرت توعية للشباب قبل البنات أنهم يحبوا طبيعة شعرهم، وبقوا بيهتموا بشعرهم الكيرلي ويحبوه ونسيوا البروتين خالص.
ابتسَـامتها زادِت وهيَ بتكمّل:
- قالوا إن أجمد الرجالة هيَ الرجالة اللي عندها عضلات واللي جسمهم مظبوط أوي وبتاع، جِه ماجِد الكدواني ومحمد ممدوح وآمِن سليم محوا القاعدة دي مِن القاموس.
ضِحكت جامد على آخر إسم، بعدين ضحكتي هديت وبقت ابتسَـامة هادية:
- أنتِ جميلة أوي يا رها، قلبًا وقالبًا.
***
سمعت كلامها وأخدت الخطوة دي عشان نفسي قبل أي حد، حابِب احس إني خفيف واتحرك بسهولة، ولأول مرة فعلًا تجيلي الأرادة إني أخس أكتر مِن 30 كيلو، وفي وقت قياسي جدًا كمان.

يوم الفرح أنا كنت عاملها مفاجأة بشكلي الجديد، مِن قبل الفرح بكتير وأنا مش بشوفها تقريبًا، كنت بتلاشاها بأي طريقة وكل مرة بحجة شكل، ووقت التجهيزات حتى، كان بينزل معاها ماما وحنين مرات أحمد أخويا، وكانت بتبعتلي تختار معايا على الواتساب، وكل شوية بنتخانق بسبب حوار المقابلات ده، وهيَ مفترية واللهِ، أنا بقيت بخاف ازعلها تاكلني!

مش عارفة الفريست لوك ده ليّا ولا ليها أصلًا، كانت واقفة مدياني ضهرها، دخلت عليها وماسِك بوكيه الورد، وأول ما عرفت إني دخلت راحت لفت لي بسُرعة، أول ما شافتني فتحت بؤقها بصدمة، بعدين قربت مني وقالِت بعصـ ـبية:
- وعشان كِده الأستاذ ماكنش بيكلمني؟
- هفهمك إهدي..
- يعني المفروض أكتر أيام تبقى معايا ليها اختفيت؟ ماشي يا آمِن، مش هخليك تلمحني واللهِ.
جت تمشي فحطيت إيدي قدامها وقُلت ببلاهة:
- أنتِ رايحة فين! فرحنا شغال تحت صباح الفل؟
بصت حواليها بتوتر، بعدين رفعت سابتها في وشها:
- يبقى ماتكلمنيش خالص طول الفرح.
بصيت لروان أختها:
- هو أنتوا عندكم في العيلة دي حد أهبل!
دخل باباها وقال:
- إيه يا ولاد اتأخرتوا ليه؟ انزل يا آمِن تحت أنت، واحنا هننزل وراك.






نزلت وأنا بخبط كفوفي على بعض، بالفعل في خلال دقايق كانت نزلت وهيَ ماسكة في إيد باباها، مِن أكتر الحاجات اللي مفرحاني إن الميكب سيمبل وماغيرش في ملامحها، وأنها سمعت كلامي ومرضتش تحط اللينسز، وبعيدًا عن إن لون عينينا مُميز، ولكِن أكتر ما بيميزنا؛ إن عيني اليمين هيَ اللي رمادي، وهيَ العكس، عينيها الشمال هيَ اللي رمادي؛ فبنكمّل بعض.

بعد كتب الكتاب ووسط الاحتفالات المُعتادة لقيت داخل عليّا آخر شخص توقعت اشوفه، ديڤيد، قرب؛ فجريت بسُرعة وحضنته:
- أنا كنت هقطع علاقتي بيك واللهِ!
شدد على حُضني:
- وأنا مقدرش اسيبك في يوم زي ده يا آمِن.

في وسط ما كنا بنرقُص سلو قالِت:
- مين ديڤيد ده؟
- ضُرتك.
رفعت حاجبها؛ فبدأت اشرح لها علاقتي بيه بدأت ازاي بالتفصيل، بعد ما خلصت هزت راسهت بتفهُم:
- فهمت فهمت، باين عليه كويس فعلًا.
ابتسَـمت:
- أنا ماطلعتش مِن الدنيا دي غير بيه يا رها، وفعلًا أنا مش عارِف العُمر فيه كام سنة عشان اعمل صاحِب زيه..
ابتسَـمِت، فشدتها وقربتها مني أكتر وهمست في ودنها:
- وبرضو مش عارِف العُمر فيه كام سنة عشان الاقي واحدة زيك، أنتِ كنتِ العوض ليّا، وكنتِ سبب كبير في تغيير حياتي.
شدتها لحُضني وشددت عليها:
- أنا بحبّك يا أنسة دبشة.
خبطتني في ضهر وقالِت بتحذير:
- آمِن!
ضِحكت وشددت على حضنها أكتر:
- نأسِف لعيون آمِن.

تَــمــت. رأيكم
"أين أنا مِن كُل أنتَ الذي بداخلي؟"

بقلم الكاتبة _ساندي_عاطف.




انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم



تعليقات