رواية رحم بديل (كامله جميع الفصول) بقلم زينب سعيد




رواية رحم بديل الفصل الاول 1 بقلم زينب سعيد







الفصل الأول 

في فيلا يظهر عليها الثراء والرفاهية، ذات آثاث راقٍ يدل على رقيِّ ورفاهية وسعادة صاحبه، لكن في الواقع غير ذلك؛ ففي ظل كل هذا كان يرتفع صراخ أحدهم بعصبية شديدة ونفور: 
ـ إنتي بتقولي إيه يا مجنونة؟ إنتي عايزاني أجيب واحدة من الشارع عشان تخلف ابني؟! 
نطق بها شاب في العقد الثالث من عمره يظهر عليه معالم الصدمة من هول ما استمع إليه. 

لتردف الأخرى بنفاذ صبر:
- يا حبيبي مفيش قدامنا غير كده، إنت عارف ظروف مرضي كويس وعندي مشكلة في المبايض؛ شايلة مبيض والمبيض التاني نسبة التبويض بتاعته ١٠%، يعني يكاد يكون مستحيل إني أخلف، وبعدين مش أحسن ما تتجوز عليا؟

الشاب بصدمة واستغراب:
- أنا مش فاهم حاجة! أنا إمتى قلت ليكي إني عايز أتجوز عليكي؟ وبعدين إزاي عايزاني أخلف من واحدة تانية غيرك؟

هي ببرود:
- مسيرك هتتجوز يا آدم، إنت يعتبر الوريث الوحيد لوالدك إنت وأختك، كل الحكاية إننا هنجيب واحدة محتاجة وظروفها صعبة ونقدر ناخد منها البويضات بحيث إن الطفل اللي هيجي يبقى ابني أنا وإنت، وساعتها هعمل عملية ربط للجنين عشان رحمي ميجهضش الجنين.

هو بصدمة:
- إنتي اتجننتي؟ عايزة ابني يبقى ابن حرام؟ 

هي بنفاذ صبر:
- يا حبيبي هو إنت جيت جنبها؟

هو بسخرية:
- والله؟ طيب هتاخدي منها البويضات إزاي؟

هي ببساطة:
- أهو إنت قلت، هناخد منها البويضات بس.

هو بسخرية:
- يبقى إزاي مش ابن حرام؟ انسي، أنا استحالة أغضب ربنا مهما يحصل.

هي بعصبية:
- وإنت عايز جدك يجوِّزك عليا ولا يطردني؟ مسمعتش قالك إيه من يومين؟ مستني إيه؟ مستني يطردني أنا وإنت؟ ومش هتاخد حاجة منه لو مشُفتش حل لموضوع الخلفة. 

هو بحنان:
- مش عايز حاجة غيرك، إنتي وبس يا حبيبتي، إنتي مراتي وبنتي وكل حياتي.

هي بسخرية:
- لا والله؟ ولما أعيش أنا وإنت في الشارع إيه بقى اللي هينفعنا ساعتها؟

هو بترجي:
- اتطمني يا حبيبتي، هدور على شغل عند حد من معارفي والدنيا هتبقى تمام.

هي بسخرية:
- تشتغل عند واحد من معارفك؟ لا والله؟ بعد ما كنت آدم العمري رئيس مجلس شركات العمري جروب تبقى مجرد موظف عادي!

آدم بثبات:
ـ أحسن من اللي بتطلبيه مني يا ضحى.

ضحى ببرود:
- لأ يا آدم مش هيحصل غير اللي قُلنا عليه، يا حبيبي صدقني ده أنسب حل.

آدم بتحدي:
ـ يعني ده آخر كلام عندك؟

ضحى بإصرار:
ـ أيوة.

آدم ببرود:
ـ يبقى قبل ما العملية تتم هكتب كتابي على البنت دي وهي اللي هتحمل في الطفل ده مش إنتي.

ضحى: ... 
 
             *** 

في إحدى المناطق العشوائية. 

تسير فتاة صغيرة بجسد ضئيل وقصيرة القامة، ذات وجه أبيض وخدود وردية ممتلئة بعض الشيء، وعيون خضراء تحيطها أهداب ثقيلة باللون البني، تمشي بثقل حتى تصل لأحد محلات البقالة وتقف وهي تنهج بشدة.

لتتحدث صاحبة المحل بغيظ:
- إيه يا ست فرح؟ بقالك ساعة بتجيبي البضاعة؟

فرح بتعب:
- معلش يا خالتي سعاد، الحاجة تقيلة أوي. 

سعاد بغيظ:
- طيب يا أختي هاتي.
لتأخذ منها الحقائب بحدة وتبدأ في تفحُصها.

لتتململ فرح بتعب وتتحدث:
- ممكن فلوسي يا خالة عشان أمشي؟ 

لتنظر لها سعاد بازدراء وتضع يدها في صدر عبائتها وتخرج ورقة بفئة العشرة جنيهات. 

لتأخذها فرح وتغادر براحة وهي تقبل العشرة جنيهات وتضعها في جيبها وتذهب سريعًا لإحدى الصيدليات الشعبية في منطقتهم، فدخلت وتحدثت بلهفة وهي تخرج اسم الدواء من جيبها:
- ممكن تجيب ليا العلاج ده يا دكتور؟

لينهض الدكتور بتثاقل ويأخذ منها الورقة ويجلب الدواء ويضعه أمامها ويتحدث ببرود:
- معاكي حقه ولا لأ يا ست فرح؟

فرح بلهفة:
- معايا.. لتخرج عدة أوراق من فئة العشرة جنيهات وتعطيهم للطبيب.

ليبدأ الطبيب في عدهم ثم يتحدث بسخرية:
- دول سبعين جنيه يا فرح والعلاج بمية جنية.

فرح بترجي:
- معلش يا دكتور، والله لأجبهم ليك أمي تعبانة وعلاجها خلصان بقاله يومين.

الدكتور بغيظ:
- ماشي يا فرح.. ثم أكمل بتحذير: الباقي يجي بكرة. 

فرحة بلهفة:
- حاضر.
ثم أخذت العلاج وغادرت بفرحة لمنزلهم.

****

ضحى بصدمة:
- إنت بتقول إيه يا آدم؟ إنت اتجننت؟ 

آدم ببرود:
- ده اللي عندي، قُلتي إيه؟

ضحى بتفكير:
- تمام، بس بعد العملية تطلقها.

آدم ببرود:
- لما تولد.

ضحى بعصبية:
- آدم متجننيش، تولد إزاي وأنا اللي هبقى حامل؟

آدم ببرود:
- ده اللي عندي، هي اللي هتعمل العملية.

ضحى بغيظ:
- تمام يا آدم.

آدم بسخرية:
- تمام، سلام يا قلبي أنا رايح شغلي.

ضحى بغيظ:
- مع السلامة.

لتجلس ضحى تحدث حالها بشرود:
- ماشي يا آدم، اعمل اللي إنت عايزه المهم عندي العيل ده يجي بأي شكل من الأشكال، ساعتها كل حاجة هتبقى تحت إيدي.

لتفيق من شرودها على صوت خادمتها المقربة "عبير".

ضحى بانتباه:
- بتقولي إيه يا عبير؟

عبير بمكر:
- إيه يا هانم؟ هنعمل إيه؟

ضحى بهدوء:
- إنتي ضامنة إن البنت دي توافق؟ كده الخطة كلها هتتغير. 

عبير بسخرية:
- هتوافق يا هانم، هي لاقية تاكل! وظروفها صعبة أوي وملهاش غير أمها بس، وبعيد عنك عندها كانسر وفي الأواخر، والبت بتشتغل جرسونة وخدامة، وأي حاجة تخطر على بالك.

ضحى بتفكير:
- هي اسمها إيه؟ وعندها قد إيه؟

عبير بلهفة:
- اسمها فرح، وعندها يجي ١٨سنة.

ضحى بصدمة:
- إنتي بتقولي إيه؟ دي عيلة! 

عبير بمكر:
- هو فيه أحسن من كده؟ نضمن سكوتها ونعرف نحطها في جيبنا.

ضحى بتفكير: 
- أمها هنعمل معاها إيه؟

عبير بحنكة:
- يا ست هانم دي رجليها والقبر اتطمني، والبت صغيرة مش هيبان عليها الحمل غير على السادس، ساعتها نتصرف.

ضحى بتفكير:
- تمام يا عبير، هاتيها لي. 

عبير بلهفة:
- أمرك يا ست هانم.

****

في شركة العمري جروب. 

يجلس آدم في مكتبه بشرود يتذكر حديث زوجته، لينهض ويقف ينظر من الزجاج المطل على الخارج؛ ينظر إلى السماء ويحدث حاله بحزن:
- كان نفسي ترفضي يا ضحى، أنا عايزك إنتي وبس مش فارق معايا غيرك.
ليغمض عينيه بألم؛ فهو منذ أن خلق وهو يحبها، فهي ابنة خالته الغالية وهو من رباها منذ الصغر على يده وتزوجها وعاشوا أسعد أيام عمرهما رغم إصرار عائلته على موضوع الإنجاب، لكن هذا لم يفرق معه بتاتًا، هو يريدها هي فقط، حتى أن والده أصرّ عليه أكثر من مرة كي يتزوج لينجب، لكنه كل مرة يرفض من أجل زوجته وحبه لها، لتأتي زوجته الغبية وتطلب منه أن ينجب طفلًا من امرأة أخرى غيرها، ليتنهد بقلة حيلة ويتجه لمكتبه ليباشر عمله.
*****

في أحد المنازل المتهالكة.

تصعد فرح الدرج بحذر خوفًا من أن تقع من الدرج المكسور، لتصل أخيرًا لشقتهم بالدور الثاني وتفتح الباب بلهفة وتتجه لغرفة والدتها.

في غرفة متهالكة بأثاث قديم متهالك ترقد سيدة بضعف شديد وتغطي جسدها بغطاء ممزق ليقيها من البرد.

لتدخل فرح بلهفة:
ـ أنا جيت يا ماما.

لتفتح الأم عينيها بثقل وتتحدث بضعف:
- اتاخرتي ليه يا بنتي؟

فرح بلهفة وهي تجلس بجوارها بحنان:
- كنت بجيب الدوا، قومي اقعدي يلا عشان تاخدي الدوا.
الأم بعتاب:
- برضه يا بنتي؟ حرام عليكي تتعبي نفسك عشاني، أنا خلاص يا بنتي راحت عليا والعلاج مش جايب همه، وفريه ليكي ولدراستك ينفعوكي بعد ما أموت.

فرح بدموع ولهفة:
- لأ متقوليش كده، بعد الشر عنك يا أمي، إن شاء الله تعملي العملية وتخفي وتقفي على رجلك تاني.

الأم بحسرة:
- ياه يا بنتي، قولي أفضل راقدة على سريري بس واخدة بحسك، السرطان دا يا بنتي لما بيدخل الجسم مبيخرجش منه مهما نعمل، ثم أكملت بلهفة: رُحتي كليتك؟

فرح برفض:
- هروح بكرة يا أمي.

الأم بحزن:
ـ ماشي يا بنتي.

ليطرق الباب.
لتتحدث فرح بهدوء:
- هقوم أشوف مين.

الأم بوهن:
- ماشي يا بنتي.

****
في الخارج.

تفتح الباب وتتحدث بترحاب:
- اتفضلي يا خالتي.

لتدخل عبير وهي تتحدث بخبث:
- إزيك يا فرح؟ وإزي أمك دلوقتي؟

فرح بحزن وهي تجلس على الكنبة المتهالكة:
- تعبانة يا خالة وحالتها متأخرة أوي، لازم العملية بس مش عارفة أعمل إيه؟

عبير بخبث:
- طيب واللي يخليكي تعملي لأمك العملية؟ 

فرحة بلهفة:
- إزاي؟

عبير بمكر:
- هقولك.
لتجلس بجوارها بحنان مزيف وتتحدث:
- بصي يا بنتي، إنتي عارفة الناس الكبار اللي أنا شغالة عندهم، صح؟ 

فرح بعدم فهم:
- أيوة، هيعملوا ليها العملية يعني؟

عبير بمكر:
- أيوة، وهيخلوكي تكملي تعليمك كمان.

فرح بفرحة:
- بجد؟

عبير بمكر:
- أيوة، بس محتاجين خدمة واحدة منك.
فرح بقلق:
- خدمة إيه؟
عبير بحزن مصطنع:
- متجوزين بقالهم سنين ومخلفوش.

فرح بعدم فهم:
- طيب وأنا هعملهم إيه؟

عبير بحزن:
- بصي يا بنتي، إنتي اللي هتجيبي ليهم الطفل ده. 

فرح بصدمة:
- إنتي بتقولي إيه؟

عبير بمكر:
- مش زي ما إنتي فاهمة، ده هيعملوا عملية حقن مجهري ليكي وساعتها طاقة القدر هتتفتح ليكي، أمك هتعمل العملية وإنتي هتخلصي دراستك، ثم تنظر بازدراء: وهتعيشي في حتة حلوة بدل البيت اللي هيقع بيكم ده، ها قولتي إيه؟

فرح: ...




الفصل الثاني من هنا 






 

تعليقات