رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2 الفصل السابع والعشرون 27 والاخير بقلم نورهان ال عشري




رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2 الفصل السابع والعشرون 27 بقلم نورهان ال عشري 



 بسم الله الرحمن الرحيم 

 الفصل السابع و العشرون و الأخير
لا بأس إن أخطأنا بإختيارنا لبعض الأشخاص، لا بأس إن ظننا أن بعض العلاقات قد تدوم للأبد. لا بأس إن قدمنا قلوبنا قربان لمن ظنناه سيُعطيها قدرها ولكنه تفنن في إزهاقها، ولكن كل البأس يكمُن في أن نظن بأن الحياة ستقف عند هذه النقطة، وأن كل البشر سيئون. فذلك الظلام الذي يحيط بنا لابد وأن يتبعه شروق شمس الأمل على قلوبنا لتُعيد إليها السكينة والطمأنينة من جديد.

نورهان العشري ✍️
رواية (تردى في العشق قتيلًا - ورقي -)

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

بخطٍ مرتجفة توجهت إلى باب الغرفة و قامت بفتحه بأنامل مرتعشة تحكي هول ما يعتمل بداخلها فوجدت الغرفة مظلمه إلا من نور بسيط ينعكس على ذلك الجسد الذي يتكئ على الأريكة المقابلة للشرفة فزفرت بتعب قبل أن تقول بنبرة مهتزة:
" ياسين .. جيت من بره امتا؟"

اخترق أذنيها صوت تنفسه الحاد والذي كان غلافًا لمحاولته في التحكم في غضبه العنيف فتقدمت منه خطوتان قائلة بنبرة أقوى :
" ياسين مش بكلمك ؟"

" كنتِ فين طول النهار ؟"
رغمًا عنها تراجعت خطوة للخلف لا تعلم بسبب رعبها منه أم قوة دقاتها الهادرة هي من جعلتها تتراجع ولكنها حاولت الثبات وتحمحم بخفوت قبل أن تقول بإرتباك:
" كنت.. كنت. مع بنات أصحابي .."

نصب عوده و وثب قائمًا يتقدم منها بأعين يلتمع بها شيء غريب لم تره من قبل بينما كانت ملامحه مشدودة بطريقة بثت الذعر بقلبها و خاصةً حين تحدث بهسيس مرعب:
" وأنتِ في كام يوم لحقتي عملتي أصحاب هنا؟"

كان الأمر مُريبًا و الهواء معبًأ برائحه الغضب الذي يتجلي بعروق رقبته البارزة و صدره الذي يعلو و يرتفع و كأنه يتشاجر مع أنفاسه ولكنها تجاهلت ذلك كله و ارتدت قناع القوة وهي تقول بغضب يغلف خوفها الكبير :
" هو أنت بتحاسبني ولا إيه يا ياسين ؟ اه عملت أصحاب و خرجت معاهم إيه المشكلة ؟" 

شوهت ملامحه إبتسامة مروعة و اشتدت قبضته وهو يتمتم بسخرية مريرة:
" صح فين المشكلة ؟ أقولك أنا فين المشكلة ؟"

قال جملته الأخيرة تزامنًا مع ارتفاع كفه بالهواء ليسقط بقوة فوق وجنتيها مما جعلها ترتطم بقوة في الأرضية الصلبة فلم تكد تتغلب على صدمتها حتى تفاجئت به يعتليها برأسه و يديه تمسكان بخصلات شعرها تكاد تقتلعه من مكانه وهو يهدر بغضب جنوني:

" اه يا كلبة يا رخيصة يا كدابه… بتكذبي عليا وأنتِ عينك في عيني .. يا قذرة دانا شايفك بعيني وأنتِ في حضن واحد غريب .. يا قذرة …"

لم تبالي بصفعته الثانيه و توقف الكون بها إثر جملته فخرج الكلام من شفتيها دون وعي:
" أنت شفتنا ازاي ؟" 

انشق قلبه لنصفين فكان الألم لا يحتمل و كأنه يتقيئ روحه و سرعان ما تحول الألم بغضب مرير تعدي مرحلة الجنون فخرج كل شيء عن السيطرة و صاح بصوت هز أرجاء البيت: 
" دا كل اللي هامك يا رخيصة .. يا كلبة .. أنا هموتك و أغسل عارك …"

كان يصرخ بعنف ويديه تقبضان على عنقها يعتصرها بقوة جعلت من مرور الهواء إلى رئتيها أمرًا مستحيلًا وقد تضاعفت قوته بفعل الغضب لتجعل من مقاومتها له أمرًا مستحيلًا فاستسلمت لنهايتها القاتمة و كان آخر ما شاهده بعينيها هي نظرات إعتذار لم تستطيع الشفاة التعبير عنه …

                     ********************
الإيمان قوة لا تقهر . لا يضام من آمن قلبه بأن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا . و الصبر على الابتلاءات هو أشد أنواع الإيمان . و إختبار ل معادن القلوب التي إما أن تضل و تسير هائمه في دروب العبث و اللهو أو تنشد أصعب الحلول و أشقها وهو الصبر. 

كان طريق الوصول سهلًا للحد الذي يبعث الريبة في النفوس بأن القادم لن يكن هينًا. 
اندفعت سيارات الدفع الرباعي عبر البوابة التي كانت مفتوحة على مصراعيها و كأنها في انتظارهم ! 
لم يكُن هناك الكثير من الحرس وكأن من بالداخل يعلم مقدمًا بأنهم لم يأتوا لسفك الدماء أو ما بحوزته يغنيه عن استعمال السلاح ! 
" اول ما اديك الإشارة تخلي القوات تهجم . في حساب لازم اصفيه معاه الأول .." 

هكذا تحدث 《سالم 》إلى《صفوت》 الذي تفاجئ به يترجل من سيارته في آخر صفوف السيارات وهو يزمجر بغضب :
" قصدك نصفيه يا ابن اخويا .. عمك مش عيل .. هيسيبك تدخل تنقذ بنته و مراته وهو واقف بره مستنيك .."

زفر 《سالم》 حانقًا :
" هتقدر تتحكم في اعصابك ؟"
《صفوت》 بقسوة:
" هو ونصيبه .."

كانت تلك آخر كلمة تفوه بها و هو يقف أمام 《سالم》 و 《طارق》 الذي هدر بعنف :
" لازم نهايته تبقي عبرة يا سالم .. اللي عمله الكلب دا مش قليل ! " 

يعلم جيدًا مقدار ما يجيش بصدورهم من غضب لذا صاح مُحذرًا :
" مش عايز دم .. ولا اسم ناجي الوزان يتذكر اللي جوا دا دانيال روبرت .. و مش هسمح بأي خساير! مفهوم ؟"

ردد الجميع ما عداه فشدد على كلماته بنبرة أعنف:
" صفوت ؟"
قست عينيه و شابهتها لهجته حين قال :
" قول يارب .."

تقدم 《سالم》 بعينين سوداء يغلفهما الغضب و بدا و كأنه يتشاجر مع خطواته فقام بركل الباب الداخلي لهذا المبني المقيت وكان كلًا يحمل سلاحه و خلفهم مجموعة كبيرة من الرجال المدججين بالسلاح فوجدوا القاعة خالية تمامًا بها درج كبير يصل للاعلي و على الجانب الأيسر يوجد ثلاثة أبواب مغلقة وعلى الجانب الأيمن ثلاثة أبواب أخرى و ساعة حائط كبيرة و التي كانت تدق بشكل مثير للأعصاب فمشط 《سالم》 المكان بعينيه بصمت دام لدقائق فلم يتمالك 《طارق》 نفسه وقام بالتصويب على تلك الساعة اللعينة و فجأة سمعوا أصوات الأبواب و النوافذ المُحيطة بهم تُغلق و غمر الظلام المكان من حولهم . فقام الثلاث رجال بشد أجزاء أسلحتهم تحسبًا لأي شيء فتفاجئوا بدائرة ضوء تنحدر من أعلى الدرج أمامهم و بداخلها أكثر الأشخاص بغضًا لثلاثتهم! 
" يا أهلًا بالحبايب .. متجمعين عند النبي (عليه أفضل الصلاه واذكى السلام) ان شاء الله "

انكمشت ملامحه غضبًا لدى سماعه صوت 《ناجي》 الذي بدا مُستمتعًا فأراد تعكير صفو شره حين قال :
" إحنا دايمًا متجمعين .. و دى أكتر حاجة تعباك ."

صوت 《سالم》 الفظ و ثباته الذي لطالما تمتع به إضافة إلى حديثه المقيت بالنسبة إليه جعلوه يقول محاولًا استفزازه :
" دا اللي أنت بتحاول تقنع نفسك بيه ! إنك الكبير اللي محاوط حبايبك و لاممهم حواليك بس الحقيقة غير كدا .."

زفر بحنق أتبعه قوله الفظ وهو يشير للظلام حولهم:
" بقولك ايه بلاش شغل الافلام دا وأقف زي الرجالة نتكلم . عشان مجهزلك شويه مفاجئات انا واثق أنها هتعجبك "

《ناجى》 بإستمتاع :
" وماله .. انت تؤمر ! أصل أنا كمان مجهزلك مفاجأة ايه جبارة بس الأول خد البت مرات اخوك دي اللي صدعتني هي و ابنها عياط من امبارح "
قال جملته الأخيرة بتأفف وهو ينظر خلفه إلى《جنة 》التي كانت تحتضن 《محمود》 بين ذراعيها تهرول إلى 《سالم 》الذي احتضن كتفيها بيديه وهو يقول بإهتمام: 
" أنتِ كويسة ؟"

اومأت برأسها وهي تقول بهمس 
" كويسه.."
" عملك حاجه ؟"
صاح 《ناجي》 بملل :
" يا عم والله ما عملتلها حاجه .. دا أنا اللي أنقذت الواد الزنان دا . و بعدين انا كل اللي كنت عايزة أنها تحضر جمعتنا الحلوة دي .."

سالم بهسيس مرعب:
" حسابك تقل اوي ! "
《ناجي》 بنفاذ صبر :
" بقولك ايه يالا نبدا العرض "

فرقع 《ناجي》 بإصبعه فعم النور المكان ليتفاجأ الجميع بانفتاح أول باب ليظهر منه《 مروان》 الذي كان يقف بجمود مُشبِكًا يديه خلف ظهره فناظره كُلًا من 《صفوت 》و 《طارق》 بصدمة ترجمها الأخير دون وعي 
" مروان !"

قهقه 《ناجي》 قبل أن يقول بغضب مفتعل:
" أخس عليك يا مروان .. مش كنت تخليني أمهد لهم الأول ؟؟ كدا تطلع في وشهم فجأة! " 

《سالم》 بجفاء :
" مروان الخاين ؟ هي دي المفاجئة بتاعتك !" 

ابتسم 《ناجي》 بتفاخر :
" لا دا أول كارت في اللعبة .. مروان باشا جوز بنتي الغاليه اللي باعك و باع عيلته عشان ست الحسن و الجمال ! و الشهادة لله نفذ المطلوب منه بالحرف الواحد . أنا كنت شاكك فيه لحد آخر لحظة بس كسب ثقتي لما عمل الكبيرة و مضي الباشا على ورق التنازل عن الأرض مهر سمسمه بنتي.. الحريم بردو ليهم تأثير جبار .. ها ايه رأيك يا كبير ؟" 

أطلق تنهيدة قويه قبل أن يقول بفظاظة :
" هات كل اللي عندك؟"

 《ناجي》 بتهديد :
" لا جامد .. سالم الوزان جامد بردو مش حتة عيل زي مروان دا يهزه.. بس أنا بردو واجب عليا أحذرك مش هتقدر على اللي عندي !"

" بطل لك النسوان دا و هات اللي عندك عشان أنا خلقي ضيق !"

هكذا أجابه 《سالم》 بملل فابتسم بتخابث قبل أن ينفتح الباب الثاني و تخرج منه 《هِمت》 التي كانت ملامحها جامدة و عينيها زائغة و لم تتفوه بحرف واحد فصاح《 ناجي》 بتهليل :
" همت هانم الوزان .. ملكة عيلة الوزان .. المدللة الأولى لأبوها و أخوها و البلد كلها مراتي ! اللي فاقت وعرفت قيمة جوزها .. و قد ايه اتظلم زمان .. و قررت انها أخيرًا تقف معاه.. و الشهادة لله شغلها كان على نضيف أوي و عرفت تخليك تبيع هدومك صح ! "

شيعها 《صفوت》 بنظرات الخسة قبل أن يقول بإحتقار:
" يا خسارة . الغالي رخص أوي !"

صاح 《ناجي 》معنفًا:
 " عندك يا باشا .. انت اخويا الكبير اه بس إلا مراتي .. مش مراتك بس اللي خط أحمر ! مع أن ناجي الوزان نسوان الدنيا كلهم متقفش قصاده ! "

انكمشت ملامح 《صفوت》 بحيرة من حديث 《ناجي《 الذي لون الخبث عينيه التي توجهت إلى الباب الثالث فخرجت منه 《سهام 》تحتضن 《نجمة》 ابنتها بملامح واجمة و عينين شوهتها خطوط حمراء خلفها كثرة البكاء فجمدت ملامح 《صفوت》 بثوان قبل أن تخترق آذانه كلمات《 ناجى》 المسمومة:
" سهام هانم النجار .. حرم سيادة اللواء .. دي العشق بقي . أول حب في حياتي و أول حضن أول بوسة ، أول دقة قلب .. "

صمت لبرهة قبل أن يتابع بمرارة:
" و أول سكينة اتغرزت في قلبي .. بس الحمد ربنا هداها و صلحت غلطها و رجعتلي تاني ! بعد ما أطلقت منك .."

" ناجى !!"

كان هذا صوت 《همت》 التي تفاجأت بل صعقها حديثه فلم يعلق عليه إنما كان مشغولًا بإشباع جراحه و التشفي من 《صفوت》 فخيم الصمت لثوان إلا من أنفاس الأخير المسموعه بوضوح وكأن هناك منازعات و حروب تجيش بصدره وهو يفرق عينيه بين 《ناجي》 الذي بدا الألم على وجهه و بين 《سهام》 التي كانت تنكث رأسها بخزي يؤكد كلمات هذا الشيطان مما جعل الدماء تندفع إلى عروقه البارزة بوضوح في رقبته و كفوف يده التي قبضت على السلاح بعنف تجلي في نبرته وهو يصرخ بغضب مقيت:
" هقتلك يا حيواااان…"

فطن 《سالم》 إلى ما ينتويه فمد يده على الفور يقبض على ذراع 《صفوت》 قبل أن يطلق النيران على《 ناجي》 و هو يصيح مُحذرًا :
" اوعى تسمع له يا صفوت دا بيستفزك .."
انهى《 سالم 》كلماته وهو ينتزع السلام من يد 《صفوت》 فقد التقمت عينيه تلك القناصات التي تحاوطهم من الأعلى :

" برافو يا سالم .. بالمناسبة طول عمري بيعحبني عقلك و حكمتك في التصرف تستاهل أنك تحكم عرش مملكة الوزان بصحيح .."

هدر 《صفوت》 بوعيد :
" وديني لهخليك تتمني الموت كل لحظة و متطولهوش .." 

لونت ملامحه ابتسامة مريرة ترجمتها شفتاه حين قال :
" لو دا آخرك فأحب اقولك ان دا حصل من اتنين و عشرين سنه وانا شايف حبيبتي بتتزف لأخويا قدام عيني ! انا فعلًا كنت بتمني الموت كل لحظة. "

《صفوت》 بصراخ :
" ماتقولش حبيبتي دي تاني !"

《ناجي》 بمرارة نابعه من قلب يغزوه ألم حقيقي لا يزال يئن بعد مرور كل تلك السنوات :
" لا حبيبتي.. و انت كنت عارف أني بحبها بس انانيتك و غرورك خلوك تختارها من بين كل البنات و تروح تطلبها من أبوها و أنت عارف أنه عمره ما يقدر يرفض طلب لابن فريد الوزان .. و عرفت انها بتحبني و انضربت و ا تبهدلت عشان مش موافقة عليك و مع ذلك اتجوزتها… "

برقت الأعين من حديثه المُدجج بالألم و القهر و تعلقت النظرات على 《صفوت 》الذي انتفض غاضبًا ينفض تلك التهم الملتصقة به منذ زمن :
" اتجوزتها عشان حبيتها .. وهي حبيتني بعد كدا.."

《ناجي》 بقهر شيعته نظراته أولًا :
" حبتك امتى ؟ يا راجل دا انت قعدت سنة كامله تحاول تقرب لها وهي مش راضيه .."

توجهت أسهم نظراته علي تلك التي تحتضر بصمت يتخلله عبرات غزيرة حفرت وديان الألم فوق خديها فتابع 《ناجى》 بإندفاع ينفي تلك التهمة عنها :
" متبصلهاش أوي كدا مش هي اللي قالتلى .. أنا سمعت الكلام دا لما كنت بتتكلم مع الحاجة الله يرحمها .. "

تدخل 《سالم 》محاولًا تغيير دفة الحديث و إنهاء ذلك الصراع الذي سينتهي بكارثة لو ترك العنان لهذا الرجل فسيدمرهم جميعًا :
" هو دا اللي عندك ! دا انت غلبان اوي !"

انقشعت غيمة الألم من عينيه وعادت تلك النظرة المظلمة وهو يقول :
" لاااا انا اللي عندي كتير . دي المازة بتاعت القاعدة إنما التقيل جاي ورا …"

التفت إلي الحائط الأيمن لينفتح أول أبوابه و الذي أطل منه 《أحمد 》طليق 《شيرين》 الذي كان منكث الرأس فصاح به 《ناجى》 بسخرية :
" ايه يا حماده حاطط وشك في الأرض ليه ؟ أرفع راسك كدا يا راجل دا انت بطل ! احمد بيه جوز شيرين بنتي .. بالمناسبة بعد ما أجبرته يطلقها كبر في نظري اوي لما خد فلوسك وخلع بيها فخليته يردها تاني يعني أي حد حاطط عينه عليها الباشا هيخلعهاله .."

قال 《ناجى》 جملته الأخيرة و عينيه تناظر 《طارق》 بخبث والذي لم يحتمل فكرة أنها لازالت مقترنة بذلك الرجل فهدر بعنف انبعث على هيئة سهام من عينيه و شفتيه معًا حين قال:
" وحياة امي لهرقدك أنت و هو جنب بعض زي النسوان.. و ابقي قول طارق الوزان قال.."

《ناجى》 بتهكم:
" الغيرة وحشة وانا حاسس بيك و منكرش اني خايف منك بس اللي مطمني أنك مش هتخرج من هنا على رجليك ! خلينا بقي في المهم و متقاطعنيش عشان فيه سيناريو في دماغي بخططله بقالي سنين و هنسى الكلمتين اللي ما صدقت جمعتهم.."

قال جملته الأخيرة بحدة ساخرًا فخاطبه 《سالم》 بفظاظة:
" اتمنى تكون خلصت تمثيليتك السخيفة عشان صدعت! "
" سلامتك يا كبير .. لا بس فرح هانم غيرتك .. كان بالك طويل و كنت العاقل…."

《سالم 》بهسيس مرعب:
" متنطقش اسمها على لسانك مرة ثانيه عشان و شرف أمي ما هتلحق تكمله .."

《ناجى》 بخوف مفتعل :
" خوفت .. عارف لو مش القناصين اللي محاوطينكوا دول وربنا كنت اترعبت . يالا خلينا في المهم. احمد بيه صاحب شركه الفيروز اللي رسيت عليها المناقصة اللي كعيت فيها دم قلبك .. وطبعًا هو أسسها بفلوسك .. اللي ادتهاله كرم منك عشان تخليه يجيب رجلي قوم الناقص .. سوري يا حماده"

 قال جملته الأخيرة وهو ينظر 《لأحمد》 بإعتذار مسرحي ثم عاود النظر إلى 《سالم》 قائلًا بجدية:
" الناقص راح باعك ليا.. بس هو معذور اللي انا ماسكه عليه يا سالم يا خويا يخليه ميخرجش من بيته العمر كله …"

وجه أنظاره مرة أخرى إلى《أحمد》 بطريقة مسرحية وهو يقول :
" سوري مرة تانيه يا أحمد.." 

زفر 《سالم》 بقوة قبل أن يقول بجفاء:
" الفلوس بتروح و تيجي يا ناجى . واللي ضيعته انا كفيل ارجعه تاني . "

قهقه 《ناجي》 طويلًا قبل أن يقول بسخرية :
" ياخي يخربيتك ثباتك .. دانا قربت اغير منك .. لا بس أنت بردو اتضايقت.."

كان محافظًا على جموده وحتى رفرفة عينيه كانت بحذر فتنهد يجيبه بملل :
" بصراحة ولا اتهزيت .. أنت فاشل .. للأسف خليتني اتحمست على مفيش ! " 

استفزه جمود 《سالم》 و كلماته فصاح بكره تجلى بوضوح فى عينيه :
" ودي تيجي بردو .. الصبر .. لسه التقيل جاي ورا .."

وجه أنظاره علي الباب الثاني فاطلت منه 《شيرين》 التي كان وجهها باهتًا و كأن شبح ما تلبسها ليمتص منها جميع أنواع الحياة فبدت كتمثال جميل نُحت من حجر إلا من نظرة معاتبة كانت خاطفة لذلك الذي أخذ يهز برأسه ينفي فكرة أنها لازالت متورطه مع هذا الرجل .. أو أنها أرادت الإنتقام منه بأكثر الطرق بشاعة ! 

" الحصان الرابح بتاعي .. شيرين بنتي حبيبتي.. دي بقي اللي ظبطت الأداء صح ! شيرين هي اللي خدت ملف الصفقة الحقيقي من دولاب اوضة نومك ! "

انكمشت ملامحه لوهله فهلل 《ناجى》 قائلًا :
" اوبااا .. صدمة صعبة مش كدا ؟ و خصوصًا انك اتهمت فيها حبيبة القلب .. اللي يا حرام كانت جاية تقولك خبر حملها . و اللي بالمناسبة نزل بسببك ! "

انكمشت ملامحه بألم تجلى في عينيه التي اغمضهما لبرهه علي حديث 《ناجى》 المسموم:
" يجيلك قلب تضرب بنت الناس بالطريقة الوحشية دي لدرجة تخليها تنزف ! ياخي خلي في قلبك شوية رحمة . يالا معلش . خلينا في المهم .."

التمعت عينيه بسعادة مرضيه وهو يقول بتمهل :
" أحساسك ايه لما شفت ابنك عبارة عن دم عالأرض ؟ متقوليش متأثرتش ؟ ناهيك طبعًا عن أنها عمرها ما هتبص في وشك تاني .." 

ارتسمت الشراسه بعينيه و تجعدت ملامحه حتي بدت مُخيفه و قال بلهجة أرسلت الرعب إلى أوصال 《ناجى》:
" هقولك احساسي ايه لما تقولي احساسك أنت أما تعرف أن كل العرض دا معمول علي شرفك …"

انكمشت ملامحه بحيرة فتابع 《سالم 》بقسوة:
" تخيل أنك كنت مجرد عروسة ماريونيت انا بحركها في أيدي .. حتي كروتك دي كلها أنا اللب كنت بحركها !"

حاول لملمة شتاته قائلًا بسخرية :
" دا كِبر ولا أنت اتجننت خلاص ؟"

لمع وميض الإنتصار بعينيه و قال بقسوة :
" لا دا ولا دا ! دي حقايق…"

كلمات مبهمة لم يلقي لها بالًا ولكن ما أدهشه هو التفاف الجميع نحوه و تلك الابتسامة المتشفيه على أفواههم فهوي قلبه بين ضلوعه وعاد بانظاره إلى《سالم 》الذي قال بفظاظة:
" ابدأ انا العرض بتاعي بقي .و بما اني مش رطاط زيك فهقولك بإختصار .. أنا فعلًا مضيت على تنازل عن الأرض لمروان بس بمزاجي هو مضحكش عليا زي ما فهمك.."

《ناجي》 بصدمة :
" يعني ايه ؟"

تدخل 《مروان》 بتهكم :
" يعني أنا اشتغلتك .. ممكن اقولهالك بمعني تاني بس الكبير واقف عيب !"

ابتسم 《سالم 》على حديث 《مروان 》قائلًا بخشونة:
" يعني ادتله الأرض بمزاجي وهو كتبها لسما فعلًا و سما كانت عملاله توكيل و بالتوكيل دا باع ليا تاني و عملنا صحة توقيع عالعقد و الارض رجعتلي !"

تدلى فاهه من فرط الصدمة فتابع 《سالم 》ساخرًا:
" اه نسيت أقولك متنساش تبارك لمروان عشان كتب كتابه هو و سما كان الاسبوع اللي فات .. بنتك أصيلة رجعت الحق لأصحابه الحمد لله مش طلعالك…"

《مروان》 بسخرية :
" طلعاله ايه ! لا تف من بقك دي طالعه لعمتي .. منورة يا عمتي ! "
لأول مرة تبتسم له وهي تقول بحدة مزيفة:
" أخرس .."

كان يطالعه بابتسامة لم تصل لعينيه وخاصةً حين رأي تبدل مظهر 《ناجي》 فقد كان و كأنه يتشاجر مع أنفاسه وصدره يعلو و يهبط من فرط الغضب فتحدث《 سالم》 بفخر:
" عمتي ! ملكة عيلة الوزان زي ما قولت .. و هتفضل كدا العمر كله .. مقدرتش تبيع ولاد أخوها .. و خصوصًا لو كان البديل رخيص أوي زيك كدا .."

ابتسمت 《همت 》بتشفي وهي تناظره بإحتقار تجلى في نبرتها حين قالت :
" فكرت أني ممكن اصدقك أن أمينة خانت منصور الله يرحمه !"
تسللت السخرية الي صوتها حين تابعت:
" أمينة اللي كانت روحها فيه .. و لا حتة الجواب اللي ادتهولي فكرت أنه ممكن يهز شعره فيا ؟ على فكرة أنا سمعتك وانت بتحاول معاها كذا مرة و هي تصدك . و كتمت في قلبي عشان ولادي. و آخر حاجه لما اتولدت سما و كنت مفكرها ولد و سبتني محمومة و مسألتش فيا و حاولت مع أمينة اللي ضربتك بالقلم و هددتك لو مبعدتش عنها هتقول لمنصور و بابا .. والجواب اللي انت ادتهولي دا أنا وريته لخبير خطوط هو وجواب تاني من اللي كانت أمينة بتبعته لمنصور وهما مخطوبين و قالي أن الجواب بتاعك دا مش خطها. طول عمرك كذاب و قذر …"

أنهت جملتها وهي تشيعه بنظرات الخسة وهو يبادلها بأخرى قاسية غاضبة فقطع 《سالم》 حرب النظرات المتبادلة بينهم وقال بفظاظة:
" عمتي جت قالتلي على كل حاجه .. و ورتني كمان الفيديو بتاع مروان اللي انت صورته وهو قاعد معاك ! وورتهولها و حاولت تقنعها أنه خاين عشان متوافقش على جوازه من سما .."

تخللت السخرية نبرته حين أردف بتشفي:
" على فكرة عمتي حولت الفلوس باسم ناجي الوزان اللي كان عليه أحكام تجبله علي الأقل اتنين إعدام وخمسة أشغال شقة مؤبدة و طبعًا دا ميلقش بينا قوم ايه؟؟ طلعنالك شهادة وفاة مزورة"

ابتسم بتسلية قبل أن يتابع:
" و بديهي أن اللي يورثك عمتي .. فمش محتاج اقولك أن فلوس الوزان في إيد أمينة! "

قال كلمته الأخيرة وهو ينظر إلى《همت》 التي بادلته الابتسامة بأخرى حانية فصاح 《ناجي》 بقهر:
" و أيه يعني مانا خدت منك ملايين في الصفقة الأخيرة . "

لمعت السخرية في نظراته و تجلت في نبرته حين قال:
" بتستعجل على رزقك و دا عيبك .. اللعب له أصول .. في التأنى السلامة يا دانيال روبرت! "

لون الفضول نظراته فتابع《 سالم》 وهو ينظر إلي 《أحمد》 و يقول بجفاء:
" أما أحمد بقي فهو مش ناقص ولا حاجه ! لأن كل اللي هو عمله دا باتفاق مني و الشركة دي أنا المالك الاول ليها و أحمد الواجهه بس.. حتى الرسالة العبيطه اللي بعتهالي و أنا في المستشفي لما بعتلي كلابك عشان يخوفوني و كنت عايز توقعني في الهلالية ! فاكر ؟"

لم يجبه انما توسعت نظراته بعدم تصديق فتابع 《سالم》 بقسوة :
" احمد بعتلي أنه طلق شيرين و أنه هرب بالفلوس عشان يخليك تثق فيه .. سهل أوى نتوقع أنك بتراقبه .. معرفش جايب غبائك دا منين !"

صاح 《ناجي》 بصراخ موجهًا أنظاره الى 《أحمد》:
" آه يا كلب ! وديني لهخلي فضيحتك على كل المواقع .."
《سالم 》بتسلية :
" بلاش كلام أنت مش قده .. ناهيك عن أنه في حمايتي و متقدرش تقرب منه بس أحب اقولك ان كاس السم اللي بعتهولي انا قلبته و بعتهولك عشان تشرب منه !"

《ناجي》 بذعر:
" تقصد ايه ؟"

《سالم 》وهو يوجه أنظاره إلى 《شيرين 》بفخر 
" شيرين الوزان بنتنا ، تربية منصور الوزان اللي عملت المستحيل عشان تحولها نسخة منك و مفلحتش .. عشان أصلها الطيب و تربيتها غلبوها. "

ناظر 《شيرين》 بصدمة توسعت حين تابع 《سالم 》بقسوة :
"اولًا كدا الفلاشة الي بعتها مع عمتي مروان ظبطها و شيرين نزلتها عندك عالجهاز و بعتتلي كل الداتا القذرة بتاعتك . بتاعت دانيال ! بمعني اصح كل اعمالك المشبوهه و الفيديوهات اللي ماسكها على الزبالة اللي بتتعامل معاهم بقت عندي !"

تزامنًا مع حديث《 سالم》 تقدم 《طارق》 يمسك بيد 《شيرين》 بقوة ليجذبها لتقف بجانبه ثم تنتقل يديه إلي خصرها بتملك و كأنه يعلن للجميع بأنها شيء يخصه فقط ولكن 《ناجي》 كان في وادٍ آخر فصاح دون وعي :
" ايه ؟" 

《سالم》 بسخرية :
" لا متفرهدش مني ! إحنا لسه في الأول .." 

ارسل له غمزة ساخرة قبل أن يضيف بتسلية :
" مروان نزل فيروس قوى عالفلاشة اللي ادتهاله و شيرين بعد ما بعتتلي الداتا حطت الفلاشة بتاعت مروان في الجهاز بتاعك و دمرت كل حاجه عليه ! و دا بالمناسبة كان النهاردة الصبح ! "

التمعت عينيه بتشفي وهو يشاهد صدمته و تابع بقسوة :
" و على فكرة مراتي وابني بخير و مستنيني أخلص منك و ارجعلهم .. و التمثيلية اللي حصلت دي اتعملت عشان تصدق نفسك تقدر تقول كدا كانت الختم اللي خدته علي قفاك يا حمار .. !" 

بدا وكأنه علي وشك الجنون فصاح بهستيريا :
" لا .. لا .. اللي أنت بتقوله دا مش حقيقي .."

《سالم》 بأسف مصطنع :
" للأسف حقيقي .."

برقت عينيه و تصاعدت أبخرة الغضب إلى رأسه و حاوطته نظرات الشماتة من كل حدب و صوب فصرخ بصوت هز أرجاء المكان حولهم :
" انت مفكر أنك انتصرت . انا ممكن ادفنكوا كلكوا هنا. القناصات محاوطاكوا من كل ناحية .."

اجمد بمكانه إثر هذا الصوت الساخر الآتي من الخلف:  
" لو تقصد شويه العيال الفافي اللي ممسكهم مسدسات لعبة دول فأنت مسنود علي حيطه مايلة…"

كان هذا صوت 《سليم》 الذي نزل درجات السلم و توجه رأسًا تجاه 《جنة》 ليحتويها بين ذراعيه بلهفة و خلفه 《عمار》 الذي لمعت عينيه بشوق وهو ينظر تجاهها و خلفهم مجموعه من رجالهم والتي كانت تجذب رجال《 ناجي 》المُكبلين بالأصفاد مما جعله يشهق بصدمة فأتاه صوت《 سالم》 القاسي حين قال :
" مقولتليش ايه رأيك في مفاجأتي ؟ "

برقت عينيه و ألتمع بها الجنون و اشتدت ملامحه وهو يتقدم من《 سالم 》قائلًا بتخابث:
" حلوة.. مفاجأت حلوة و غير متوقعة بصراحة . بس أنا بقي مكنش عندي ثقة في ولا واحد من الكلاب دول ؟ عشان كدا عملت حسابي "

منذ وقت ليس بقليل يشعر بأن هذا الرجل يخفي شيئًا كبيرًا ولكنه لم يفلح في معرفته فتابع《 ناجى》 بسخرية :
" ايه هي شيرين مش قالتلك ؟؟"

التفت إلي 《شيرين 》يطالعها بحقد قبل أن يلتفت إلى 《سالم》 يتابع بسخرية:
" تصدق مطلعتش أصيلة اوي زي مانت فاكر!"

التمعت نظرات الفضول من كل مكان حولهم فتجاهل ما يشعر به وزأر بقوة :
" قولتك خلصت خلاص. و انتهيت من حياتنا و قدامك حل من الاتنين وانا عشان راجل كريم هخيرك "

أطل السؤال من عينيه فتابع 《سالم》 بقسوة:
" يا نخلي البوليس ييجي يقبض عليك .. على دانيال روبرت .. اه مانا نسيت اقولك أنا قدمت كل الداتا اللي عندي للنيابة .. يا نولع في المكان وانت جواه و نبقي خلصنا البشر من شرك و دا احسن فى رأيي "

ارتجفت ملامحه و تعالت أنفاسه قبل أن يلتمع بنظراته شيء جنوني وهو يقول بمكر:
" طب مش تستني تعرف مفاجأتى الكبيرة .. مسألتش نفسك في مين ورا الباب دا؟ "

التفت ناظرًا إلى الباب السادس و الذي لا يزال مغلق للآن فتوجه إليه يفتحه و يقوم بجذب شخص ينكث رأسه بخزي ليرميه أمام أعينهم المزهولة و هو يقول بتشفي :
" أحب أكون الملاك اللي هيلم شمل العيلة من جديد و أقدملكوا حازم بيه الوزان ! حلوة المفاجأة دي ؟"

برقت الأعين و توقفت الأنفاس بمنتصف الصدور و تجمد الجميع بذهول فعم صمت مريع المكان لم يقطعه سوى ذلك الصوت المرتجف الآتي من خلفهم :
" حاااازم !!! "
 
إلى اللقاء في الجزء الثالث و الأخير من سلسلة الأقدار بعنوان "أنشودة الأقدار " واللي هينزل أن شاء الله بتاريخ 1/1/2024

#نورهان_العشري
#قيثارة_الكلمات
#بين_غياهب_الأقدار

انتظروا الجزء الثالث من هنا 



لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا


 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-