رواية حرم الفهد الفصل الثالث 3 الجزء الثالث بقلم سميه أحمد
قرب خطوة وهو بيكرر نفس السؤال، بينما هيا كانت واقفة مرعُوبة من فكرة إن "فهد" يعرف، ظهر عليَّ ملامحهُ الجمُود وقال:
_برشام أي دَ يا غرام، ولأخر مرة هسألك.
ظهر الأرتباك عليَّ ملامحها وبلعت ريقها بخُوف وقالت بتهته:
_د... د.... ءء...
غمض عُيونهُ بغضب ورجع سأل:
_حبيبتي.. أهدي وخدي نفسك وقوليلي دَ أي؟!
نزلت الدُمُوع من عينيها وهمست بشفايف مُرتعشة:
_دَ برشام للقلب.. عندي ضعف فِي عضلة القلب.
وقع من أيدو شريط العلاج، وبص حولينهُ بتوهان وهو بيحاول يستُوعب هيا نطقت بـ أي:
_عندك أي؟!... فِي حاجة غلط أكيد أنتِ غلطانة.
نزلت دُموعها أكتر وهزت رأسها بحُزن بصلها بعتاب وآلم:
_طب ليه؟! ليه مقُولتيش.. ليه سبتيني أعرف لوحدي.. ليه خبيتي عليا وجعك.
_«علشان كُنت خايفة.. خايفة اشوف في عينك نظرة الخُوف والكسرة والحُزن.. خايفة أشوف منك الأهتمام الزايدة بسبب تعبي.. خايفة الكُل يعرف واشوف فِي عُيونهُم نظرات الشفقة.
قال والدُموع بدأت تتكُون فِي عيُون «فهد»:
_تشوفي نظرات الشفقة فِي عُيونا؟! للدرجادي أنتِ شايفنا علاقتنا ضعيفة؟! طب سيبك من الكُل.. أنا كُنت فين.. كّنت فين في مشاركتي ووقفي جنبك، حطيتي حدود ومسافة بينا وصراعتي فِي المرض لوحدك، هان عليكِ تخدعيني وتخبي عليا، أزاي قدرتي تطبطبي عليا وتنامي جنبي كُل يوم وأنتِ بتخدعيني، أزاي قدرتي تُبصي فِي عيني وأنتِ من جواكِ مخبية عليا، اشمعنا أنا بضعف قُدام عُيونك وبحكي كُل اللِّي جوايا.
قربت كام خطوة ومسكت جاكت "فهد" ودُموعها بتنزل بأستمرار همست برجاء وهو بيتحاول تستعطفهُ:
_علشان خاطري بلاش النظرة اللِّي فِي عُيونك، بلاش نظرة العتاب والخذلان والجوع، بلاش تتهمني بالخداع علشان خبيت عليكَ، بلاش تلؤمني، مش حمل كلامك يا "فهد".
شال إيديها وبعد عنها بـ هُدوء وقال بعتاب:
_مش هتشوفي لا نظرة العتاب ولا حتي نظرة الخذلان والوجع اللِّي جوايا، ومبقاش فِي حد يتهمك بالخذلان، قررتي تحاربي وتكلمي في مرضك لوحدي، اتخليتي وأنا اتخليت.
همست بصدمة:
_قصدك أي؟!
ابتسم لها بحُزن وقال بجمُود:
_يعني أنا ماشي.
جاب شنطة كبيرة من فوق الدُولاب وفتحها وبقي يُحط فيها الملابس بشعوائية مسكت إيُدهُ وهيا بتحاول تمعنهُ وقالت برجاء:
_علشان خاطري سامحني.
شال إيديها ورجع كمل بصمت، كانت بتراقبهُ بصمت بدأت تعيط بطريقة هيسترية ونفسها يقل، حست بضيق، ونبضات قلبها بدأت تزيد حست الُدنيا بتلف تدريجيًا ومرة واحدة هجمتها غيمة سودة وأستسلمت للأغماء.
صرخ" فهد":
_غررررررام.
قعد عليَّ ركبتهُ قُدامها رفع رأسها وحطها عليَّ رِجلهُ ضرب وشها بخفة، دخل «داغر» لما سمع صوت زعيق أبيه، جاب أزازة البرفان ومفقتش برضو شالها "فهد" بين إيدهُ ونزل بيها بِسُرعة وشافهُم الكُل وجريو وراهم.
دخل"عُمر"المُستشفي جري ودخلت "غرام" غُرفة الأستقبال وأتحولت للعناية المُركزة، قعد عليَّ الكُرسي بأهمال وهو باصص قُدامهُ بفراغ، أما عليَّ الجانب الأخر كانت "فيروز" بتعيط فِي حُضن "داغر"، راحت "ماسة" وقعدت جنب "فهد" حطت إيديها عليَّ كتف "فهد" وقالت ثبات خادع:
_ماما هتقُوم بالسلامة، أدعيلها يا بابا، طول عُمرك قوي متنهزمش.
بص لـ«ماسة» بطرف عينهُ وقال بعتاب:
_بس أمك هزمتني بحُبها بطيبة قلبها برقتها هزمتني لحد ما خلتني دايب فِي هواها، بس وجعتني وجعتني قوي يا «ماسة» الحُب مش سهل بتدفع ضرايب كتير فيه والخسارة عليَّ القلب والنفس، الجانب الحلُو مش بيديم ولاء الجانب الوحش الحياة بين الأتنين، حاولت أخليها أسعد واحدة وهيا حاولت، بس يظهر إني بعدت عنها ووقتها أتصرفت من دماغها.
أبتسمت«ماسة» وقالت بـ هُدوء مُزيف:
_علاقتك أنتَ وماما أنقي وأنظف وأصح علاقة حُب شوفتها، حارب يا بابا حتي لو لأخر نفس فيكَ.
كلمات قُليلة خرجت من فم «ماسة» ولكنها بثت الأمل فِي قلب «فهد».
مراقبة«داغر» بصمت رهيب، رفع عينهُ ولمح مُراقبتها غمض عينهُ وكأنهُ بيحاول يطمنها.
قالت «فيروز» بشهقات وبكاء حاد:
_قولي يا داغر علشان خاطري ماما هتبقي كويسة صح... مش هتسبنا.
قبل «داغر» رأسها وطبطب عليَّ ظهرها بحنية وقال:
_يا حبيبة عُيوني ادعيلها وهيا هتبقي بخير، تعالي ننزل نصلي في المسجد وندعيلها ونمسح دُموعنا.
بعدت عن «داغر» ومسحت دُموعها وهزت رأسها بالموافقة، بينما كان بيرقبها وكُل دمعه بتنزل من عُيونها كانت زي السكاكي*ن اللِّي بتخترق قلبهُ، لمحت بطرف عيوُنها تركيزة الشديد معاها وقامت ومشيت مع أخوها.
خرج«عُمر» من غرفة العمليات وقطرات العرق مالية وشهُ قلع الماسك بأرهاق وجري عليه الكُل بقلق وخوف، قال «عُمر»:
_حاليًا بقت أحسن بس لسة تحت المُلاحظة هتقعد عليَّ جهاز التنفُس مش أقل من يوم تكون عرفت تتنفس بشكل طبيعي وياريت نحاول نبعد عنها أي مَجهود نفسي أو جسدي وبالأخص العامل النفسي.
اتنهد الكُل بطمأنينة وأرتسمت الأبتسامة عليَّ الوشوش عليَّ عكس "فهد" اللِّي الخوف كان مالي قلبهُ وسأل:
_عايز اشوفها.
هز رأسهُ بأحترام وأمر الممرضة تأخد «فهد» لغُرفة التعقيم، مشي «عُمر» وسابهم وكانت «جودي» مركزة معاه أنسحبت وراحت ورا «عُمر» من غير ما يحس بيها.
***
فتح باب المكتب وقعد عليَّ الكُرسي بتعب رجع رأسهُ لورا وأغمض عينهُ بحُزن، حس بحد بيفتح الباب وقال بصرامة وهو ما زال مغمض عينهُ:
_مفيش اي حالة تستقبولها وتحوليها عليَّ اي دكتور غيري.
دخلت وقفلت الباب وقفت فِي نُص المكتب بأرتباك وقالت بتوتر:
_دي أنا يا «عُمر».
فتح عينهُ وعدل قعدتهُ وقال بـ أستغراب:
_جودي؟! فِي حاجة ماما كويسة.
نزلت رأسها لتحت بخجل وقالت:
_لأ طنط كويسة الحُمدلله كُنت جاية أطمن عليك.
بصلها بهيام وقال بأبتسامة:
_أنا زي الفُل.
رفعت رأسها وعُيونها أتقابلت فِي عينهُ بصت الناحية التانية بسرعة وقالت بأرتباك:
_طب كويس مدام أنتَ بخير انا همشي.
مشيت ناحية الباب وهيا مُرتبكة، مسك دراعها وزقتهُ بغضب وزعقت:
_لو عملت الحركة دي معايا تاني هزعلك احترم نفسك وألزم حُدودك معايا.
ضحك بسخرية وقال بجمود:
_أنتِ جابة مكتبي وتتطمني عليا وعايزني أحترم نفسي؟!
فتحت فاها بصدمة وهمست:
_أنتَ بنأدم وقح وقليل الذُوق.
رفع كتفهُ ببرود وقال بجمود:
_جووودي احترمي نفسك، الغلط مش عليا عليكِ أنتِ جاية تتدلعي وعايزني أبقي مُحترم معاكِ؟!
قالت والدُموع بدأت تتكون في عينيها:
_أنتَ قولت إيه؟!
قعد عليَّ الكُرسي ببرود وقال بجمود:
_مفيش بنت مُحترمة تُدخل المكتب بتاعي وتقفلي الباب وتسألي عليَّ أخباري؟!
بصت عليه نظرة كُره وعتاب وسابتهُ وطلعت، مشيت شوية في ممرات المُستشفي بضياع رهيب، محستش بنفسها غير وهيا بره المُستشفي، راحت وقعدت في جنينة المُستشفي، قعدت عليَّ الكُرسي وبصت قُدامها وقالت بضياع رهيب:
_أنا عملت أي في نفسي، ليه سمحت لقلبي يتحكم فيا.
قعد جنبها «داغر» وقال بجدية:
_بتحبيه.
ضيقت عُيونها وقالت بأستغراب:
_مين؟!
قال بهُدوء:
_«عُمر».
ربعت إيديها وبصت قُدامها وقالت بكسرة:
_أخوك قادر ينهي حُبي ليه، قادر يخليني أكرهُ، قادر يكسرني ويوجعني وكأني بنأدمة عديمة المشاعر.
وقف وقال بمرح:
_متحوليش علشانهُ الحيوان دَ هو أصلًا ميتحاولش علشانهُ خليه هو يحاول علشانك.
عقدت حاجبيها بـ أستغراب وقالت بعدم فهم:
_مش فاهمة!
قال بـ هُدوء:
_خلية يعرف مين هيا«جودي الصاوي».
مشي «داغر» وسابها لوحدها سندت عليَّ الكُرسي بـ إيديها الأتنين وبصت قُدامها وهمست بقوة:
_هخليك تشوفني خيالات في حياتك هخليك تتدفع تمن كُل كلمة جرحتني بيها يا بن البحيري.
***
مسحت دُموعها بكف إيديها وهيا ماشية فِي الممرات، دخلت ممر هادئ ومُظلم نوعًا مًا لمحت طيف شخصين، بصت عليهُم بـ أستغراب والفضول قتلها وقررت تتسحب وتروح ناحيتهُم، وقفت واستخبت ورا عموم عريض.
_«المُدير هنا مش لوحدهُ وعائلة البحيري والصاوي والمحمدي كُلهم هنا وهيبقي صعب أوي نطلع الأعضاء.
أحتلت مظاهر الصدمة وشها، قال الشخص التاني:
_بس الوحش أنهاردة عايز كُل حاجة.
ألتفت الطرف التاني حولينهُ بخُوف وقال:
_أنتَ عارف إني مش بعرف غير يوم الجمعة علشان بيأخد أجازة بس مرات فهد البحيري بيقولهُ في العناية المُركزة.
حط كتفهُ عليَّ الشخص التاني وقال بفخر:
_مش مُهم الوحش فخور بيكَ إنك قادر تسرق الأعضاء من الجث"ث من غير ما حد يحس بيك وبتسرق الجُث"ث المجهولة أو بمقابل مادي، وقُريب أوي الوحش هيقابلك.
هز رأسهُ بأمتنان وقال بسعادة:
_وأنا في خدمة الوحش.
مشيو الأتنين وقفت «عشق» بخُوف وجسد مُرتعش، بدأت تعيط بطريقة هيسترية وحاولت تكتم صوت عياطها بس فشلت، خرجت من الممر وهيا بتجري بسُرعة وخبطت في شخص، صرخت بخوف وفزع ورجعت لورا.
_«اهدي أنا داغر».
رجعت تترعش وتعيط بطريقة هيسترية قالت بخوف وكلمات غير مَفهُومة:
_هوو.. بيقت"ل... هو مُجرم.... بيسرق.... هو أزاي... قاسي كدَ... قالوا هجيب...
بدأت تشهق بقوة مسك «داغر» إيديها بقلق:
_أهدي يا حبيبي... عشق حبيبتي خُدي نفس عميق علشان أفهمك.
مسك إيديها بين كفوفة وقعدها عليَّ الكُرسي وقعد قُدامها، قال بحنية وهو بيحاول يشجعها عليَّ الحوار:
_قوليلي يا حبيبي، مين دَ المُجرم؟!
أخدت نفس عميق ومسح«داغر» بكف إيدهُ دُموعها قالت بخُوف:
_أنا كُنت بتمشي، ودخلت في ممر كان ظلمة، لما دخلت شوفت شخصين شكلُهم عريض وكانو بيتكلوا بصوت ضعيف الفضول قتلني واتسحبت ورحت اسمعهُم.
لما أفتكرت كلامها رجعت لحالتها السابقة، حط إيدهُ عليَّ خدها وقال بـ حنية:
_ششش أهدي يا حبيبي، أنا موجود.
مسحت دُموعها وكملت وقالت:
_راح واحد مُنهم قال أن مش هيعرف يخرج البضاعة لأن عيلة الصاوي والبحيري والمحمدي هنا والمُدير، وقال إن لما عُمر يكون في أجازة بيقدر يخرج البضاعة من غير ما حد يحس.
ضيق عُينهُ وسألها وهو بيحاول يستدرجها:
_ومقالش أي البضاعة دي يا حبيبي.
هزت رأسها بـ نعم وهيا بتعيط:
_قال أنها أعضاء بيسرقوها من الجُث"ث اللِّي هنا، وأوقات بيجبرو الأهل أنهم ياخدو أعضاء المي"ت، أو بيدفعو فلوس، وفي جث"ث مجهُولة بتتأخد بحالها.
بصلها بصدمة، وقلبهُ وجعهُ لما عرف الكارثو اللِّي بتحصل وسرقة ناس ميتة ملهاش ذنب غير أنهُ أنسان معدُوم الأنسانية والمشاعر والقلب، ناقص عقل ودين شخص مش همهُ غير الدُنيا ميعرفش انها فانية، حاول يكُون هادئ قُدامها وأبتسم رغم البُركان اللِّي كان في قلبهُ:
_الكلام دَ محدش يعرفهُ غيري يا عُيوني تمام ومتقوليش لحد وحاولي تنسيه نهائي وتمحيه من ذكراتك.
بدأت تتكون الدُموع في عينيها مرة أخرة وقالت بحُزن:
_طب وحقهُم، هسكت يا «داغر» والناس مش هتقفُ هيفضل مُستمر الظلم وعايزني أسكت، أنا لو سكت عن الجريمة دي هبقي بشارك فيها ووقتها ذنبي هيبقي مش معفورًا، ايوا مشاركتش فيها فعلًا بس شاركت فيها بصمتي إني سكت عن الحق، والساكت عن الحق شيطان أخرس وأنا مش شيطان علشان أسكت وهجيب حقهُم كُلهم.
حاوط وشها بين كفوفة وقال وهو مُبتسم بحُب:
_ومين قالك إن حقهُم مش هيرجع، ومين قالك إني هسكت وأخليهُم يستمروا، ومين قالك أننا هنشارك في القذارة دي.
شاورت عليَّ «داغر» وقالت بـ أستغراب:
_أنتَ اللِّي قولت.
قال وهو مُبتسم بحُب:
_انا قولت تنسي ومتفكريش في الموضوع دَ علشان ميأثرش علي نفسيتك بس مقولتش إني هسكت وحقهُم مش هيرجع واشوف الظلم بعيني واكمل حياتي عادي، بس «فهد البحيري» مرباش عيالهُ عليَّ كدَ يا عشق هانم وليكِ مني وعد إني الشبكة دي كُلها هتنتهي وحقهُم هيرجع واحد واحد.
مادت إيديها بصابعها الصُغير وقالت بأبتسامة:
_أوعدني.
شبك صابعهُ الصُغير بصابعها وقال بصوتهُ الرجُولي العميق:
_وعد يا عشق إني حقهُم هيرجع لو حاربت لأخر نفس فيا.
***
قرب منها ووقف عليَّ بُعد مسافة، أتنهد وقال بعتاب:
_سايبه مسافة بينا ليه؟! ليه مُصممة نبعد عن بعض ليه مُصممة تعبيني وتتعبي قلبي معاكِ.
قالت بحُزن وصوت مليان بُكي:
_علشان أنا منفعش يا «غيث»، أنا كدَ مرتاحة بلاش توجعني معاكَ.
اتنهد بوجع وقال بحُزن:
_بس أنا مش مرتاح، عايز أعرف ليه تنهي كُل حاجة بينا في يوم وليلة من غير أي سبب!!
ألتفت لـ«غيث» وقفت قُدامهُ وقالت بجمُود مُزيف:
_قولت اللِّي عندي مبقتش حابة وجودك ولاء بقيت أحبك هل دَ مش سبب كافي؟!
حاط إيدهُ في جيوب الجاكت وهو بيبصلها بعتاب:
_مش من قلبك أنا مُتأكد مش دي «فيروز» اللِّي كانت بتحبني اللِّي مصداعني برغيها المُحبب لقلبي، مش دي فيروز اللِّي مش بتبطل غزل وكُل شوية تقول أنها بتحبني.
ملامحهُ كانت باهته، وعُيُونهُ بتبصلها بحُزن، حاولت تتداري دُموعها اللِّي بدأت تخونها وقالت بجمود مُزيف:
_أتغيرت تقدر تقول كُنت هبله كان مُجرد أنبهار بيك وبشخصيتك لكن حُب لاء انا أُعجبت بيك لكن محبتكش وفي فرق بين الأتنين، لان الحُب لو حقيقي بيستمر، لكن الأعجاب بيروح مع الأيام هو والأنبهار لما بشوف شخص أحسن وافضل.
قالت كلمات قاسية جدًا عليَّ قلب رجُل مُتيتم بها، مشيت وسابتهُ و وهو فضل واقف مكانهُ بـ هُدوء ومُريب، غمض عُينهُ وهو بيحاول يصارع قلبهُ قال والدُموع بدأت تتكُون في عينيهُ:
_أوعي تخونيني وتعيطي علشانها، هيا مبحتنيش مُجرد فترة في حياتها، أنا كُنت مُجرد فترة في حياتها بس هيا كانت كُل حياتي فين العدل في كدَ.
***
دخل غرفة العناية المُركزة وهو بيقدم خطوة ويتراجع خطوة كان شكلها هزيل ملامحها باهته ضعيفة، الأجهزة محاوطها من كُل مكان وجهاز التنفس محطُوط عليَّ مناخيرها وفاها، قعد عليَّ الكُرسي ومسك إيديها بين كفُوفة طبطب عليها بحنية وقال بحُزن وصوت بُكي:
_شكلك وضحلي قد أي انا ضعيف، قُدامي ومش قادر اعملك حاجة غير إني أدعيلكَ، مش قادر أحميكِ زي كُل مرة لو في إيدي بس أخد التعب عنك أكون بدالك، مش متعودة عليَّ ملامحك باهته كدَ كُنتِ عليَّ طول مُبتسمة مرحة فرفوشة بتهزري بتضحكيلِي بكُل حُب، وحشتيني وحشتني عُيوني، وحشتني لمعه الحُب اللِّي بشوفها في عُيونك، لو يرجع بيا الزمن يا «غرام» كُنت هخرس وقتها، يارتني اخدك في حضني وسكت وكتمت عتابي وحُزني و وجعي جوايا، يارتني سكت وأخدك في حضني.
حس بـ إيديها بتتحرك بين كفوفة، ضحك بسعادة وفضل باصص عليها بيراقب حركتها، فتحت عُيونها بضعف وأرهاق قفلتهُم بسبب قوة النور، ورجعت فتحتهُم تاني شوية شوية بدأت الرؤية تظهر ولما شافت «فهد» ضحكت بأرهاق حاولت تشيل جهاز التنفش عنها بس «فهد» منعها وهمس بتحذير:
_ششش، أياكِ تعمليها عايزة تجلطيني.
حط إيدهُ عليَّ رأسها وطبطب بـ حنية وقال بـ أعتذار:
_أنا أسف، حقك عليا، لو كُنت أعرف أن نتيجة تهوري هيا تعبك كُنت وقتها اتكتمت وأخدتك في حُضني ونسيت اي عتاب.
ضحكت بحُب رفعت جهاز التنفس وقالت بتقطيع:
_ط.. ط.. طب.. م.. ما.. أحن.. ا ف.. يها... أ.. حض... ني...
«طب ما احنا فيها أحُضني».
رجعت جهاز التنفُس وأخدت نفس عميق وقوي لدرجة أنها عاليت لفوق عن السرير غمضت عُيونها وهيا بتحاول ترجع تتنفس زي الأول، بصلها بعتاب وقال بزعل:
_هو مش أنا قولت متشلهوش.
هزت رأسها بـ نعم، قام «فهد» وأخدها في حُضنهُ بحنية وهمس:
_ترجعي بالسلامة يا حبيبة عُيوني و وقتها هنروح نعمل عُمره سوا، برفقة من أُحب.
***
كانت قاعدة عليَّ الكُرسي وجنبها «بينار»، فتحت المُوبيل وقعدت تقلب في الصور وفي عز أندمجها جت قُدامها صور لـ«يوسف» أتحولت 180درجة وكأن شريط حياتها بيتعاد قُدام عينيها يوم ما سابها، كلام الناس وهيا في نُص القاعة، نظرات الشفقة، قفلت الفون بُسرعة وإيديها بتترعش، بصت قُدامها وهيا بتحاول تقاوم دُموعها.
حطت إيديها عليَّ كتفاها وسألت بقلق:
_مالك؟! أنتِ كويسة؟!
هزت رأسها بنعم وقالت بصوت بُكي:
_كويسة.. ايوة كويسة..
طبطب عليها بحُب وقالت:
_أنا عارفة إنك مش بخير بس «ماسة» صحبتي قوية، تقدر ترجعي اقواء من كدَ، قربي من ربنا، اشتغلي، طوري من نفسك، جربي كُل حاجة هتزيدك معرفك وتخليكِ قوية، اصعني بنت قوية وبلاش تسمحي لمجُرد حُب يهد كيانك.
بصيت لـ«بينار» بحُب وحضنتها وقالت بأمتنان:
_مُتنمة لوجودك، علطول بتسمعي مشاكلي ولاء مرة بتملي، بتشاركيني صياحي ونكدي وجنوني.
أبتسمت «بينار» بمرح وقالت بضيق مُصطنع:
_صبر المُر عليَّ الشقا.
ضربتها«ماسة» بخفة وقالت بمرح:
_يا مصبر الوحش عليَّ الجحش يارّب.
***
وقفت في نص الجنينة وهيا بتنهج من كُتر الجري وقفت في النص وبصت للسماء بدأت الدُموع تتكُون في عينيها قالت بحُزن:
_"ورحمتك أوسع من ضيقي ياربّ، وأكبر منه، وأعظم، فامنحني إيّاها كي تهدأ نفسي، ويستقرّ بالي وأطمئن.
بدأت تعيط بـ أنهيار شديد، وهمست لنفسها:
_هعمل كدَ لأني مش حمل نظرة الشقفة منك،خايفة تفكر فيا تفكير وحش انا بحمي نفسي.
_«مين قالك إنك كدَ بتحمي نفسك يا فيروز».
لفت بجسمها، قرب «داغر» ووقف جنبها ضم كتفايها بين ضلوعهُ وقال بحُب أخوي شديد:
_أنتِ مش بتحمي نفسك أنتِ بتأذيها بتدمريها، بتموتي أخر ذرة حُب بينك وبين «غيث».
قالت بحُزن وصوت مليان بُكي:
_بعد كلامي أنهاردة أعتقد أنهُ كرهني أوي.
ضيق عُيونهُ بـ أستغراب وقال:
_ليه أنتِ أتكلمتي معاه.
هزت رأسها بـ نعم وقالت بندم:
_جرحتهُ أوي، قولت كلام قاسي وكأني بهزر قولت أي كلام حتي لو دربش علشان ينساني.
مسك إيديها وقعدها عليَّ كُرسي فِي الجنية قعد جنبها وقال بجدية:
_أنتِ كدَ غليظة القلب.
هزت رأسها بعدم فهم وسألت:
_يعني إيه غليظ القلب ؟
قال «داغر»بـ هُدوء:
_غليظ القلب دول يعني الناس اللِّي قلبهم قاسي وبيتكلموا كلام صعب يجرحوا بيه الناس علشان يبانوا مُبهرين وناس جامدة، دول ناس قلبهم قاسي والعياذ بالله ربنا ينجينا.
قالت بـ أستغراب:
_يعني ناس دبش صح؟! بس حد كان قالي إن الدبش دول ناس طيبة واللِّي في قلوبهم على لسانهم.
قال وهو بيحاول ينفي كُل ده من تفكيرها:
_الناس الدبش مش أطيب قلوب ولا حاجة، الناس الدبش مش طيبين أصلًا واللِّي عنده المقدرة أنهُ يأذي الناس نفسيًا كُل يوم بكلامه من غير ما يحس بتأنيب ضمير ويبرر لنفسه إن دَ شيء راجع لطيبة قلبه يبقى مستحيل يكون طيب، ربنا قال في كتابه العزيز:
"وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"
ربنا ربط غلظة القلب بفظاظة اللسان، يعني اللِّي لسانه صعب ومتقدرش تتفاهم معاه، هتلاقي طبعهُ صعب برضو والناس كُلها بتخاف تقرب منهُ، مش شطارة هي أني أبقى الشخص الجامد اللِّي مفيش منهُ اتنين وكدَ أنا جامد أوي، لأ مننساش إن سيدنا "محمد" ﷺ:
" ليقل خيرًا أو ليصمت"
يعني لو مش قادر أكون شخص لسانه طيب بينطق بالخير اسكت أحسن ودا أفضل شيء أني اقتدي بسيدنا "محمد"ﷺ،
بعدين المُبررات كُلها غير منطقية، يعني أصل أنا بتكلم بتلقائية مببقاش عارف أن حد هيتأذي من كلامي، وناسيين إن ربنا قال:
"وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط اللَّه لا يُلقي لها بالا يهوي بها في جهنم"
(لا يلقي لها بالا)
يعني : لا يتأملها بخاطره ولا يتفكر في عاقبتها ولا يظن أنها تؤثر شيئًا وممكن يكون عاقبة ماتفوه به أكبر بكتير من قدرة تحمل اللِّي قدامه، يعني لو أنتِ شخصية صعبة وغليظة وفرحان بحاجة زي دي، حاربي علشان تكونب شخصية عندها أدب وذوق وتبقى من أهل الأخلاق واللِّي يسألك تردي عليه إنك بتقتدي بخير الأنام، وتذكري قول "خالد بن الوليد" حين قال:
_"إنها صحيفتك…املؤها بما شئت"
بصت «فيروز» لأخيها بفخر وقالت بحُب شديد:
_فخورة بيكَ وبجد أنتَ نسخة من بابا في كُل حاجة حقيقي بحبك وهعمل زي ما قولت و وعد مني مش هعمل كدَ تاني.
قال بتنبية:
_وتصلحي علاقتك مع غيث.
أبتسمت بتوتر وقالت بخفوت حزين:
_هحاول.
***
خرجت من الاسانسير وراحت بأتجاة «آيان» باباها كان واقف معاه وقتها «عُمر».
ابتسم«آيان» بحُب وقال لـ«جودي» وهو بيفتح ليها ذراعية:
_حبيبة بابا، كُنتِ فين يا حبيبي.
دخلت جوة حُضن«آيان» وخطبت وشها في صدر أبيها وقالت بصوت حزين:
_كُنت بشرب قهوة.
بعدت عن«آيان» لمح عُيونها الوارمة من العياط وسألها بقلق:
_مالك يا حبيبي؟! أنتِ معيطة؟!
نزلت رأسها للأسفل وقالت بكذب:
_يوسف وحشني علشان كدَ.
أبتسم بحُب ليها وقال بحنية:
_هيرجع قُريب يا حبيبي روحي هاتي حاجتك من الجناح اللِّي كُنا قاعدين فيه علشان هنمشي.
هزت رأسها بصمت ومشيت بـ هُدوء تام،كان «عُمر» مراقبها بطرف عينهُ أتضايق من نفسهُ أنهُ جرحها ولكن اي فايدة الندم دلوقتي، أخد بالهُ«آيان» من نظرات «عُمر» لبنته، وقرر لما يروح يسألها لو كان في حاجة بينها وبين «عُمر».
***
اتفتح باب الأسانسير، كانت باصة في المُوبيل وخبطت في شخص.
صرخت بألم:
_اااااه رأسيّ يحول.
كتم ضحكتهُ بصعوبة و قال بـ أعتذار:
_بعتذر لحضرتك بس أنتِ كُنتِ باصة في الفون.
رفعت«بينار» عُيونها وبصت عليه أرتبكت ورجعت بصت للارض وهيا بتستغفر ربها قالت بجدية:
_ولا يهم حضرتك حصل خير.
مستنش ردهُ ومشيت بسُرعة كبيرة، راحت للجناح اللِّي كانت العائلة بأكملها متجمعة هنا معدا«داليا، وآيان، وجودي».
تدخلت «بينار» وكانت مامتها وباباها بيتخنقوا.
زعقت «نور» بغضب:
_علشان تعرف بس إني حلال فيك لو مشيت وسبيتلك البيت.
بصلها بصدمة وقال:
_وانا عملت أي.
شهقت«نور» وقالت بغضب وصوت عالي:
_عملت اي ملاك يا حبيبي، بتقول للمُرضة تسلمي يا قمر، لما أنتَ شاطر وبتعرف تتغزل كُنت أنا أولًا بالكلام ده.
مسح عليَّ وشهُ بخجل من كلامها بينما العائلة كُلها بتحاول تكتم ضحكتها، قال بـ هُدوء:
_دي من دور عيالي يا «نور».
قالت بغيرة وغضب:
_إن شاء الله تكون اختك، مش كفاية بنتك عليا ومشاركني فيك.
برقت«بينار» وقالت بتحذير:
_ماما.
زعقت«نور» بغيرة وغصب:
_جالكُ مو لما يضرب نفوخك.
حطت إيديها عليَّ وشها وهمست:
_يا كسفتك يا حازم.
اتنحنح شخص كان واقف ورا«بينار»:
_احم.. بعتذر بجد لو تتدخلت.
لفت«بينار» وبرقت بصدمة لما شافت الشاب اللِّي خبطت فيه وراها وسمع كُل خناقة باباها ومامتها.
قام «داغر» وقال بترحيب:
_«رائد الهلالي» هنا المُستشفي نورت.
أبتسم وقال بُمجاملة:
_منورة بوجودك يا«داغر» أنتَ وسيادة اللواء.
قال «فهد» بحُب لذالك الشاب:
_ليكَ وحشة يابني والله مش بنشوفك.
قال بـ هُدوء:
_والله يا عمي الفترة دي بنطلع من عملية نُدخل في عملية تانية حضرتك عارف.
***
دخل«يوسف» اوضة«زين» ضيق عينهُ بـ استغراب لما شافهُ بيلم هدومهُ وسأل بقلق:
_في أي؟!
لف بجمسهُ وقال بأسف:
_معلش يا صحبي مُضطر أنزل مصر.
اتنهد بحُزن وقال بصياع رهيب:
_وأنا هعمل أي؟!
قرب«زين» وحط إيدهُ كتفهُ وقال بتشجيع:
_لما سبنا أهلنا سبنهُم سوا، تعال نرجع مع بعضنًا.
بص قُدامهُ بتوهان وكمل «زين» تحضير شنطتهُ.
***
في صباح اليوم التالي، خرجت «غرام» من العناية المُركزة لـ غرفة عادية وكُل العيلة محوطها.
كان«غيث» بيبص لـ«فيروز» بحُزن ويسرق النظرات أخدت بالها وبصت لعينهُ بحُزن شديد لكنها ما زالت مُستمر لصمتها المُريب.
أما «عُمر» كان بيبص لـ«جودي» بـ اسف بيتمني بس لو يعتذر عني اللِّي عملهُ لو يرجع بيه الزمن.
أما العشقان«داغر» و«عشق» كانوا بيبتسموا لبعض بحُب شديد.
كانت «بينار» واقفة في رُكن الأوضة بخجل من وقت لما جيه«رائد» وهيا ساكتة وبتبص للأرض بخجل من اللِّي حصل.
قال«فهد» بحُب من غير خجل:
_الحياة من غير ضحك وهزار ورغي «غرام» ونكدها والتأمل في عُيونها كُل ثانية مّتعبة أوي.
وقال بغزل وهو بيبص في عُيونها بهيام:
_حتي لو غلطت هفضل أسامحها حتي لو السبعين عُذر بتوعها خلصوا، هخلقلها سبعين عُذر تانين.
كان الكُل بيسمع بحُب شديد كُل حبيب بص تلقائي للمحبوبة، ليه علاقتهُم مش قوية زي «فهد» و«غرام».
وقفت جنب باباها مُبتسمة وقالت بمرح:
_والله يا بابا أوقات بقول ياريت لو في منك خمسين نُسخة في الحياة كانت هتبقي لذلذه أوي.
عدل ياقة قُميصهُ وقال بغرور وشموخٍ:
_كان نفسي والله يابنتي بس أنا مش بتكرر مرتين.
ضحكت «ماسة» بحُب ولكن تلاشت أبتسامتها لما باب الغُرفة فتح أتحولت ملامحها وهمست بصدمة:
_«يـوسف»......
لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا