رواية يونس الفصل الحادى عشر11 بقلم اسراء على

 

رواية يونس الفصل الحادى عشر  بقلم اسراء على


عشقك كسكرات الموت، يدبّ في أوصالي فتختنقُ أنفاسي، وتتمزّق روحي، ويتركُني ما بين الموت والحياة فاقدة لإحساسِي
إلتفت يونس على إثر الصوت ليجدها تندفع إليه كـ الصاروخ وترتمي في أحضانه..حتى أنه تراجع خطوة من شدة الإصطدام..لم يأخذ الأمر سوى ثوان لتلتف يده حولها بـ قوة يضمها إليه في شوقًا جارف وكأن روحه قد عادت إلى جسده مرة أخرى..دفن رأسه في خُصلاتها القصيرة وأخذ يرتوي من عبقها المُسكر..يروي روحه العطشى بها ومنها...
كان الجميع يقف فارغًا لفاهه لما يحدث..حتى عدي تدلى فكه لأسفل مما تفعله هذه الصغيرة...
إبتعدت بتول عن أحضانه وأخذت تضربه في صدره بـ قبضتيها الصغيرة وظلت تهدر بـ شراسة وعتاب
-ليه؟..ليه عاوز تسبني وتمشي!!..هونت عليك تسبني كدا يا يونس؟!..أنت قولت أنك مش زيه فـ متبقاش زيه...
أمسك قبضتيها وعاد يضمها إليه رابتًا على خُصلاتها بـ حنو وإشتياق
-هششششش...خلاص يا بتول أنا أهو جمبك ومش هسيبك...
إستكانت في أحضانه ولكنها ظلت تبكي..رفع أنظاره إلى عواد والذي رفع منكبيه بـ قلة حيلة وهتف
-لما عرفت إنك راح تسافر..ركضت وما إتنظرتني..وما كان يصير إتركها وحدها..لهيك چبتها معي لهون..ما جدرت يا صجر..صدقني كانت عم تبكي دم مو دمعات...
أماء بـ رأسه وإبتسم دون أن يرد ولكنه إستمر في تهدئتها ولم يُبالي بـ من معه..فها هى بين أحضانه بـ كامل قواها العقلية..تُعاتبه على تركه إياها..ماذا يُريد أكثر من ذلك!!..
تقدم منه عدي وأشار بـ رأسه أن يأتي..هز رأسه بـ موافقة وأبعد بتول عنه..ثم هتف وهو يُزيل عبراتها بـ إبهاميه
-خليكي هنا هكلم عدي وهجيلك
-زمت شفتيها وقالت:مش هتسافر و تسيبني!!
-ضحك وقال:هسافر إزاي وأنتي ورا الطيارة؟
-لتقول هى بـ إصرار:خلاص هقعد فـ الطيارة وهلزق نفسي بـ أمير عشان متسبنيش وتمشي
-ضرب كفًا على أخر وقال:طيب إلزقي نفسك بـ أمير وأنا جايلك
وبلا تردد صعدت إلى الطائرة تحت نظراته التي تعلقت بها..إتجه يونس إلى شقيقه الذي يبدو على معالمه عدم الرضا عما يحدث..وقبل أن يتحدث يونس كان عدي يسبقه بـ إمتعاض
-هتعمل إيه دلوقتي!
-رفع منكباه بـ بساطة:هخدها معايا
-إرتفع حاجبي عدي بـ إستنكار وقال:تاخدها معاك!!..هى رحلة يا يونس!..دي مهمة فيها حياه أو موت وأنت أصلاً حياتك على كف عفريت
-وضع يونس كفه في خصره وتساءل بـ ملل:عاوزني أعمل إيه!..أديك شايف هى جت ورايا وقعدت فـ الطيارة قبلي..عاوزني أمشيها إزاي؟
-معرفش إتصرف
زفر يونس بـ يأس ولم يتحدث..بالطبع يعي النيران التي سيُقذف بها ولكنه لا توازي مقدار النيران التي تتآكل قلبه وهو بعيد عنها..تشدق يونس بعد مدة...
-هاخدها يا عدي وفـ أقرب فرصة هرجعها قبل ما يحصل أي حاجة
-تقدم منه عدي ودفعه في صدره وتحدث بـ عنف:غبي..غبي مفكر إنهم لما يشوفوها معاك مرة هيسبوها..دول لو لمحوا قطة أنت أكلتها عطف عليها هيقتولها..ما بالك بـ بني أدمة...
*************************************
وضع قدح القهوة الخاص به على الطاولة الصغيرة أمامه ثم وضع ساق على أخرى وهتف بـ جمود
-دلوقتي يا عز شغلنا واقف بسبب اللي حصل..هنفضل متعطلين كدا كتير!!
-رفع عز حاجبيه وقال بـ برود:يوقف مش أخر الدنيا..إنما أنا مش همد إيدي ع شغل إلا لما خطيبتي ترجع
-أشار الأخر بـ سبابته مُحذرًا إياه:الناس اللي معانا هيزعلو وهما زعلهم وحش
-وأنا زعلي أوحش...
نظر لها الرجل الأخر شزرًا ولم يرد..فـ أكمل عز حديثه
-وبعدين من غيري ممكن تعملوها دي صفقة أدوية فاسدة مش هتاخد فـ إيديكوا حاجة..دي مش حاجة قصاد اللي عملنا قبل كدا..فاكر!!
-إمتعضت ملامحه وقال:متفكرنيش باليوم دا..إحنا قضينا ع فرقة كاملة عشان نداري ع اللي حصل...
-رمقه عز بـ سخرية وقال:وأدي واحد منهم لسه عايش..
-ليقول رفعت بـ نبرة ذات مغزى:ومعاه حاجات توديك ورا الشمس
-رمقه بـ شرر وقال:مش توديني لوحدي يا سيادة العقيد..تودينا كلنا
-مط رفعت شفتاه وقال:مش فارقة مصلحتنا واحدة وكلنا بندور عليه
تأفف عز الدين كثيرًا..ليسأله بـ نفاذ صبر
-وبعدين حتة ظابط زي دا مش عارفين تجيبوه!
-دا مش أي ظابط يا سيادة الوزير..أنت مفكر أنه مش عارف بـ وساختي حتى لو ممعاهوش دليل ملموس ضدي!!..لأ عارف وفاهم عشان كدا اللي بيساعده عدي أخوه..والأتنين دماغ وبيعرفوا إزاي يتحركوا وهما قاعدين...
صمت يُتابع إمتعاض ملامح الأخر ليُكمل حديثه بلا مبالاه
-إحنا بتنعامل مع أتنين أذكى من بعض واحد فـ المخابرات والتاني شرطة..والأتنين ليهم سلطة كبيرة ومحدش يقدر يقول بم معاهم
-صاح عز الدين بـ عنف:ما خلاص يا رفعت عرفت إنه چيمس بوند مش محتاج كلامك دا..أنا كل اللي يهمني بتوووول..بتول ترجعلي وبعدها أنا هعرف أربيه بطريقتي..لو فكر يلمس منها شعرة
-ضحك رفعت بـ صوته كله ثم قال بعدما هدأت ضحكاته:وأنت متخيل إن يونس لو عاوز يلمس شعرة منها مش هيعمل كدا!!..وخصوصًا أنها تخصك!..بس دي مش أخلاق يونس..هو مش زيي ولا زيك..ودا اللي بيميزه يا سيادة الوزير...
-إبتلع عز الدين ريقه وهتف بـ جمود:كويس إن دي أخلاقه وإنه مش هيلمسها وإلا هيدوق عذابي اللي بجد
نهض رفعت وهو يرمقه بـ إزدراء وأغلق أزرار حلته..ثم تقدم منه وقال بـ فحيح أفاعي
-بس تعمل إيه لو هو قال لخطيبتك على وساختك وجرايمك يا..يا سيادة الوزير!!!
ثم تركه ورحل..وكأن أحدهم سكب دلو ماء بارد عليه ليجعله يتجمد في مكانه..هذا هو السؤال الذي لم يطرأ بـ باله قط..ماذا لو علمت بتول بما فعله!!...
************************************
كانت بتول تُتابع ما يحدث بـ أعين حادة كالصقر..وما أن رأت عدي يتعدى على يونس حتى ركضت إليه و وقفت بجانبه وتساءلت
-إيه اللي بيحصل!
-أمسك يونس يدها يُبعدها عن مرمى أخيه وقال:تعالي بعيد يا بتول..عدي الظاهر أنه مش فـ وعيه..
-إهتاج عدي من شقيقه وقال:وعي إيه يا يونس!!..اللي أنت بتعمله دا غلط وهى اللي هتدفع التمن..أنا ماشي يا يونس وخلي بالك من نفسك..وآآ...منها
قال الأخيرة بـ سخرية ثم رحل..صعد سيارته وقال قبل أن يُغادر
-لو إحتجت لحاجة كلمني...
وتحرك دون أن يتفوه بـ حرفًا أخر..زفر يونس بـ ضيق لتأتي بتول من خلفه وتساءلت
-في حاجة!!..هو زعلك فـ حاجة؟
-حدق بها مُطولاً وسألها بـ نبرة غامضة:عاوزة تيجي معايا ليه يا بتول!
صُدمت من سؤاله وإبتعدت خطوتان إلى الخلف دون حديث..ليقترب منها يونس مرة أخرى هاتفًا بـ حدة من بين أسنانه..
-ردي عليا يا بنتي؟..عرفيني ليه!!..مستعدة تغيبي عن أهلك مدة الله يعلم هتكون أد إيه مع واحد مبتثقيش فيه؟!!
-أخذت نفس عميق ثم قالت بلا تردد:عشان مش عاوزة أرجعله..عشان لو شوفته مش عارفة هيكون رد فعلي إيه..عشان أنا خايفة أكون مصيري زي البنات اللي شوفتها دي..
إرتجف جسدها بـ قوة عقب أن تذكرت تلك المشاهد المُشينة..أغمض يونس عيناه بـ ضيق وأخذت أنفاسه الحارة تعلو..وعلا معها وجيب قلبه عندما هتفت بـ نبرتها البريئة
-عشان إخترت إني أثق فيك..وأنك هتحميني..مش كدا يا يونس؟
-رد عليها وهو يُمسك يدها:أنتي بتسألي يا بتول...
-إبتعلت ريقها وقالت بـ إبتسامة:طب مستني إيه يلا بينا
-يلا..
وأمسك يدها ثم توجها إلى الطائرة..يعلم أنها مُجازفة ولكن لابد منها..لن يتركها لحظة..لن يستطيع العيش بدونها كيف وهى من تتيح له التنفس..وإرتفعت الطائرة لتُغادر أرض مصر مُتجهه إلى السويد...
****************************************
إنقضى نصف الوقت اللازم للوصول إلى ستوكهولم عاصمة الدولة السويدية وهى نائمة على منكبه كـ الأطفال..تتشبث بـ ذراعه كمن يخشى فقدانه..إبتسم يونس وهو يُتابع إنتظام تنفسها..لكم يشعر بـ لذة وهو يُتابع ملامحها الملائكية وبراءتها التي تسلب العقول..تنهد بـ قوة عندما أتى بـ مخيلته ما سيمر به وما هو مُقبل عليه..وأخذ يردد في نفسه بـ تضرع
-يارب إحميها وإحرسها يارب..عارف إني غلطت لما أخدتها معايا بس مكنتش هقدر أسيبها لوحدها..قلبي هو اللي مش هيقدر..
شعر بها تُحرك رأسها كـ الهرة فـ عاودت الإبتسامة الظهور على محياه..وبعد ثوان وجدها تفرك عيناها كـ الأطفال وهتفت بـ نعاس
-صباح الخير
-صباح النور
-تثاءبت ثم قالت:نمت أد إيه!!
نظر في ساعته ثم قال بـ إبتسامة
-نمتي تقريبًا نص الوقت
-حركت رأسها وتساءلت بـ غباء:اللي هو أد إيه!
-زفر يونس بـ نفاذ صبر:خمس ساعات يا بتول..نمتي خمس ساعات كنت مستريح فيهم والله
-تشدقت وهى تشيح في وجهه:جرى إيه يا جدع أنت!!
-هش..هش..أسكتي أنتي إبتلاء..أقسم بالله إبتلاء
ذمت شفتيها بـ ضيق و عقدت ساعديها أمام صدرها ولم ترد عليه..تبدلت ملامح يونس إلى الجدية وهو يقول
-بتول!..بصي أنا هتكلم معاكي ع اللي إحنا داخلين عليه..فـ لازم تكوني على علم بـ اللي هيحصل
-إزدردت ريقها بـ خوف ثم أستدارت بـ رأسها وتساءلت:هو..هو اللي داخلين عليه صعب!
-ضحك يونس وقال بـ مرح:جوي جوي يا بوي
-بطّل رخامة ورد
-إرتسمت الجدية على ملامحه وقال:بصي..التنقل هيكون بـ إستمرار يعني مش هنقدر نقعد فـ مكان أكتر من أريعة وعشرين ساعة..لأن ناس كتير هيكونوا بيطردونا..مش هتكون ع الحكومة وبس..لأ دي عصابات ومرتزقة وليلة سودة
إزدردت ريقها بـ خوف أكبر ثم تشدقت بـ نبرة مُرتعشة
-هو أنا مينفعش أغير رأيي وارجع مصر!..أنا بحب مصر
-أمسك يونس يدها بـ حنو وقال:متخافيش أنا معاكي..
نظرت إلى يده التي تحتويها بـ حنان ثم إليه..لا تنكر شعور الأمان الذي تسلل إليها من إحتوائه لها سواء كانت نظراته أو يده..لتبتسم بـ توتر..وأكمل هو
-أهم حاجة هوياتنا الحقيقية متتعرفش..لا اسمك ولا سنك ولا أنتي منين..أنا جواز سفري وهويتي الجديدة جاهزة..أنتي اول بما نوصل هتصرفلك فـ واحدة..
-إتسعت إبتسامتها وقالت بـ حماس مُتناسية خوفها:إيه دا بجد!!..ويبقى تزوير في أوراق رسمية!!..الله حلو جو الأكشن دا
-ضيق عيناه وهتف بـ غيظ:بقى دا منظر واحدة كانت مرعوبة من شوية!
-رفعت منكبيها وقالت:أنت قولت أنت هتحميني
ربتت على كتفه عدة مرات وهتفت بـ بساطة
-وأنا بثق في يا صقر أو فهد أو أسد أي حيوان يمشي
نظر لها بـ غضب لتتنحنح وتقول
-قصدي حيوان مفترس و قوي يعني..متاخدش الأمور قفش كدا..take it easy man )خذ الأمور ببساطة يا رجل)
صمت..هو من الأساس لا يعرف كيف يُجيب عليها..تتفوه بـ كلمات حمقاء تُشبهها تمامًا..أدار وجهه عنها حتى لا يفقد ما تبقى من عقله..ليصدح صوتها وهى تسأله
-وبعدين كمل خططك!
-نظر لها بـ إزدراء وقال:أما يبقى يجي وقتها يحلها ربنا..أما حاليًا مش عاوز أسمع صوتك..إرجعي نامي
-لتقول بـ هدوء:بس أنا مش عاوزة أنام
-أغمض عيناه وقال:خلاص أنام أنا...
-لوت شدقها بـ ضيق وسألته:طب سؤال قبل ما تنام
-زفر بـ ضيق:أووووف..قولي وإرحميني
-فاضل أد إيه ونوصل!!
-ست ساعات..أحسنلك ناميهم
عقد هو ساعديه أمام صدره وتجاهلها كُليًا..تجاهل ثرثرتها المُزعجة ليستشف منها أنها طريقتها في إزالة التوتر وحالة الخوف التي إنتابتها ما أن أخبرها بما هم مُقبلين عليه..وفي خضم حديثها شهقت عندما إلتفت يد يونس حولها جاذبًا إياها إلى صدره وقال بـ صوتٍ رخيم
-نامي يا بتول وحاولي تسترخي..شيلي الخوف من دماغك أنا وعدتك إني هحميكي وربنا يقدرني وأقدر...
توردت وجنتيها مما يفعله ولكنها لم تعترض..بل والعجيب أن جفونها خانتها وأُغلقت لتنعم بـ نومٍ هادئ تحت نبضات قلبه الهادئة والمُستمتعة بـ قربها منه..ونام كِلاهما وعلى ثغريهما إبتسامة وكُلاً لنفس السبب..أو ربما ليس...
***************************************
بعدما تنعم بـ حمام دافئ يُزيل عن رأسه فكرة إكتشاف بتول لقذارته ولكن لم يفلح..إستدار بـ جسده وهو يُجفف خُصلاته..ليجد سيف يجلس على أحد المقاعد وبـ يده كأس نبيذ فاخر..لم تهتز شعرة واحدة لدى عز وتساءل بـ جفاء
-عملت إيه!!
-تلاعب سيف بـ كأس النبيذ وقال:يونس كان فـ الواحات..بس هرب برة مصر
-إلتفت إليه بـ جسده وهتف بـ صدمة وغضب:وملحقتوش ليه قبل ما يسافر!..وراح فين الـ*** دا؟
-رد عليه سيف بـ إستفزاز:أعصابك يا باشا..وبعدين أنت لسه قايلي أول إمبارح..عاوزني ألحقه إزاي!!
تحرك عز في إتجاهه وقد بلغ غضبه الذروة..ليجذب سيف من تلابيبه بـ عنف ليقع كأس النبيذ و لوث الأرضية..نظر لها سيف ثم قال بـ أسف مُصطنع
-كدا الكاس وقع!!..دا حتى طعمه حلو لأ وغالي
-هزه عز بـ عنف و زمجر:سيف!!..بقولك إيه أنا ع أخري..فـ أقصر
-أبعد يده عنه وتشدق بـ إبتسامة:وماله أقصر
عاد يجلس على مقعده و وضع ساق على أخرى ثم قال وهو يحك طرف ذقنه
-كل اللي قدرت أوصله..إنه راح الواحات بعد أما خطف السنيورة..ولما رحت كان فص ملح وداب
-كز عز على أسنانه وقال بـ ضيق:طب مهددتش الناس دي ليه..إقتل حد وهما زي الكلاب هيعترفوا!
-الأمور متتاخدش كدا..عمومًا محدش عارف هو فين..ومن الأساس محدش إتعرف عليه..أو هما قالوا كدا..الظاهر بيعزوه جدًا..لدرجة إن مفيش حد قال أنه يعرفه..
ضحك بـ سخرية وقال
-والعجيب أنهم قالوا نفس الكلام..محدش جه بـ الاسم دا ولا حتى تعرفوا ع الشكل..طلع محبوب سيادة المقدم دا
-سيف..بتول ترجع..أنا هروح الناس دي بنفسي وهخليهم يعترفوا حتى لو قتلتهم كلهم
-نهض سيف وقال:هتعملها تاني!!..طب مش لما تتخلص من الدليل اللي ضدك فـ الأولى..عمومًا متوسخش إيدك فـ ناس لو قطعت لحمهم بالحتت مش هيقولوا حرف..أحسنلك أستخدم علاقاتك القذرة مع المافيا وهما هيجبولك رقابته..تشاو يا نجم
تشدق بـ الأخيرة بـ تهكم ورحل..تاركًا عز يقبض على كفه بـ شراسة وقال بـ وعيد قاتم
-هقتلك يا سيف..هقتلك بس أخلص من يونس الكلب الأول
*************************************
-سيادة المقدم!!..سيادة المقدم؟
فتح يونس عيناه على ذلك الصوت والهزات الصغيرة..ليعتدل في جلسته وتساءل
-وصلنا!!
-أماء قائد الطائرة وقال:أيوة وصلنا..حضرتك هتاخد عربية من هنا هتوصلك ستوكهولم ومن هناك ع الفندق..لأننا مش هنقدر ندخل أكتر من كدا
-رد عليه يونس بـ تفهم وقال:خلاص تمام..
إلتفت إليها ليجدها تنام بـ عمق..ليربت على وجنتها بـ رفق هاتفًا
-بتول!..يلا قومي
تململت بتول ومن ثم فتحت عيناها وتشدقت بـ نعاس
-وصلنا إزاي!
-حل عنه وعنها حزام الأمان الخاص بها وقال:زي الناس..يلا عشام مينفعش نتأخر...
-طيب!!
ونزلت من الطائرة..لتلفحها نسمات الهواء الرائعة فـ السويد تتنعم بـ جوها المُعتدل طوال أشهر العام..وضع يونس الحقيبة على ظهره ونزل..أمسك يدها وتحرك بها من المحيط..لتقول بتول
-هو إحنا فين!
-رد عليها يونس ولا يزال يتحرك:على حدود السويد..هنركب عربية توصلنا ستوكهولم...
-ردت عليه بـ خفوت:طيب
وتحركا في خفة حتى وصلا إلى السيارة والتي كانت فارهه إلى حد غير معقول..فغرت بتول فاها وقالت بـ إستنكار.
-هو دا التخفي فـ مفهوم الجاسوسية؟
-رد عليها بـ عدم فهم:اللي هو إزاي!
-أشارت إلى السيارة بـ إستنكار:العربية دي مُلفتة أوي..وهتفضحنا
ضرب بـ باطن كفه مقدمة رأسه وقال بـ نفاذ صبر
-والله شكلك أنتي اللي هتفضحينا..يلا يا ختي
ودفعها في إتجاه السيارة..وهى تتأفف بـ ضيق..وجد المفاتيح الخاصة بـ السيارة في إطارها ثم دلفا وأدار يونس السيارة وتحركت..لتتساءل بتول
-المفروض دلوقتي هنتصرف إزاي؟..وع أي أساس؟
-تفهم يونس ما تريد قوله ورد عليها دون الإلتفات:حاليًا هنتصرف ع أساس إننا مُرتزقة..بنحاول نبيع معلومات عن البلد لناس معينة وفـ المقابل هتتكشفلنا هويات جواسيس فـ مصر و دول عربية
-شهقت بتول وقالت بـ صدمة:وهو أنت هتعمل كدا فعلاً!!
-كظم غيظه وقال بـ هدوء حاول إظهاره:بتول..أنا من رأيي تسكتي عشان أنتي هتلبسيني البدلة الحمرا بـ اللي بتقوليه
لوت شدقها بـ إمتعاض ولم تتحدث..عقدت ساعديها أمام صدرها ولم تتحدث..بينما هو أخذ يزفر بـ ضيق منها..وهتف في نفسه بـ لوم
-غلطة عمري إني أخدتك معايا يا بتول...
إستدارت بتول له ورسمت معالم البراءة على وجهها جعلت يونس يقطب ما بين حاجبيه بـ توجس وقال
-مبرتحش للبصة دي
-زمت شفتيها بـ عبوس وقالت:والله أنا طيبة أنت اللي ظالمني!
تحرك فاه يونس يمينًا ويسارًا..وتشدق بـ سخرية
-أه ظالمك..أنا واحد ظالم ومفتري يا بتول الكلب..إخلصي وقولي الكلمة اللي هتقف فـ زورك و هتموتك دي
-قطبت حاجبيها بـ غضبها طفولي وقالت:والله هعيط
-أخذ يرتطم بـ رأسه بـ مقعده ثم هاتفًا بـ نفاذ صبر:يا تقولي عاوزة إيه يا تحطي لسانك جوة بوقك ومسمعش صوتك..
-ضيقت عيناها بـ لؤم وقالت بـ نظرات زائغة:أنا جعانة
أوقف السيارة فجأة فـ أصدرت صرير عالي..وإلتفت بـ جسده إليها وصفق بـ يده مرة واحد مُتشدقًا بـ حدة
-نعم يا روح أمك!
-إلتفتت إليه هى الأخرى وقالت بـ غضب:الله منا بسببك مكلتش...
-وأنا ذنبي إيه إن شاء الله!
-وضعت يدها في خصرها وقالت:قعدت من إمبارح مكولش لما صدمتني وقولت أنك مسافر
-مسح على وجهه بـ قوة وقال بـ ضجر:طب المطلوب مني إيه دلوقتي!
-عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت:هاتلي أكل
-إغتصب إبتسامة صفراء على وجهه وقال:تحبي تاكلي إيه؟
إستدارت له بـ تلك النظرة التي يكرهها وهتفت بـ إبتسامة واسعة
-حواوشي..
-اااه
وكانت تلك الصرخة مصدرها يونس..تبعها سباب لاذع أغدق مسامعها به..تفاجأت بتول بـ ذلك الغضب والصراخ الذي لا حد له ولا أخر..لتنكمش على نفسها بـ خوف مُبتلعة لسانها من التفوه بـ أي حرف
وبعد مدة عاد يونس بـ وجه عابس قاذفًا الحقيبة البلاستيكية في وجهها المُمتعض..جلس في مقعده أمام المقوّد..وتحرك بـ السيارة في صمت..وبدأت هى في تناول الطعام بـ نهم..قربت الشطيرة من فمه وقالت بـ براءة
-تاكل!
-نظر لها بـ إزدراء وقال:لأ
-رفعت منكبيها بلا مبالاه وقالت:أنت الخسران..الهوت دوج دا لذيذ
-تمتم هو بـ إمتعاض:تك دوج أما يبقى يهبشك...
وأكمل رحلته في صمت معها فـ هو يعلم ما أن تشحذ طاقتها ستبدأ وصلة ثرثرة تُفقده وعيه..ولكن لا يستطيع التخلي عنها فهى تُضيف نكهه لذيذة ومرحة إلى حياته...
الفصل الثاني عشر
هكذا أود أن أموت
في العشق الذي أكنه لك.
كقطع سحب
تذوب في ضوء الشمس.
وصلا إلى بوابة سوداء حديدية..ذات إرتفاع شاهق..ليصطف يونس بـ سيارته وترجل منها هاتفًا
-إنزلي يا بتول
ترجلت هى الأخرى وتقدمت من يونس الذي وقف يتفرس الأمور قليلاً ثم تشدقت بـ تعجب
-هو أحنا هنقعد هنا!
-اه
-عقدت ما بين حاجبيها وتساءلت:هو أنت كل الأماكن اللي بتستخبى فيها فخمة أوي كدا!
-نظر لها بـ هدوء حاول التسلح به:هتفهمي كل حاجة..أنتي دلوقتي اسمك ديانا..ومتفتحيش بوقك بـ أي حرف..هويتك هتوصل كمان نص ساعة أنا كلمت عدي وهو إتصرف...
-هزت منكبيها بـ لا مبالاه وقالت:أوكيه..مفيش أي مشكلة..بس ربنا يستر
-هتف بـ إطمئنان:هيستر إن شاء الله لو سمعتي كلامي وحطيتي لسانك اللي طول مترين دا جوة بوقك..ويلا بينا...
ومن ثم أمسك يدها وتوجه ناحية البوابة..تحدث مع الحارس والذي بدا وكأنهم على معرفة تامة بـ بعضهما ..ليُشير بعدها إليها وتحركا إلى الداخل...
كانت بتول تُشاهد تلك المناظر الخلابة..أشجار الفواكه ذات الرائحة الرائعة..والأزهار التي تنشر بهجه في المكان..وحمام السباحة ذاك الذي يُعد قطعة فاخرة أخرى..وبعدها حوّلت أنظارها إلى ذاك المبنى الشاهق ذو طراز كلاسيكي قديم يبدو من القرن التاسع عشر..تصميم غاية في الروعة والذوق الرفيع..فغرت هى فاها وكأنها في بلاد العجائب...
كان يونس ينظر لها من طرف عيناه ليجدها على تلك الحالة المشدوهه..إرتسمت إبتسامة صغيرة على فاه من عفوية هذه الجنية..ثوان والجميع كان في الداخل ولم يقل ذلك المبنى رفاهيه من داخله عن خارجه..فـ كِلاهما غاية في الفخامة..وتلك الأرض الرُخامية ذات الألوان المُبهجة...
صوت خُطوات كعب أنثوي أخذ يصدح في هذا الصرح الهادئ..لتطل عليهم سيدة في عامها الثلاثون..ذات بشرة بيضاء كـ بياض الثلج يتناسب مع خُصلاتها الحمراء..جسدها ليس بالممشوق ولا بـ السمين ولكنه يتفجر بـ أنوثة مُهلكة..وجهها يخلو تمامًا من مستحضرات التجميل..نظرت بتول إلى يونس فـ وجدته يُحدق بها بـ تمعن..فـ قالت في نفسها
-ليه حق والله..إذا كان أنا بنت وهموت وأتجوزها..
إتقربت منهم هذه السيدة وإبتسامة تُزين ثغرها المُمتلئ وقالت بـ لغة إنكليزية
-مرحبًا جون..إشتقت إليك عزيزي
ثم إقتربت وقبّلت كِلتا وجنتيه..وإبتعدت عنه لتجده يُبادلها الإبتسام ثم تشدق بـ نبرته الرجولية
-وأنا أيضًا إشتقتُ إليكِ عزيزتي...
نظرت السيدة إلى بتول و تساءلت
-جون..من تلك الفتاه؟
-إلتفت يده حول خصر بتول وقال:خليلتي..ديانا
إلتفتت إليه بتول بـ صدمة من فعلته و تصريحه الذي جعل لونها يبهت..ولكنها لم تتفوه بـ حرف كما أخبرها..لتسمع صوتها يقول
-حقًا!!..يا لها من فتاه جميلة..
إلتفتت إلى بتول وقالت بـ إبتسامة
-تشرفت بـ معرفتكِ..ديانا
-هزت رأسها بـ خفة وقالت:وأنا أيضًا
-أنا أُدعى أنجلي
-ردت بتول بـ إبتسامة صغيرة:مرحبًا
إبتسمت هى الأخرى وإلتفتت مرة أخرى إلى يونس وتشدقت بـ جدية
-هل هى على عِلم بـ كل شئ!
كاد يونس أن يرد ولكن بتول لم تستطع أن تصمت وتتركها تتحدث مع يونس
-إنه يثق بي عزيزتي
نظرت أنچلي إلى يونس الذي رمق بتول بـ غيظ وتشدق
-أنا لا أثق بها بتاتًا
-لتقول بتول بـ تشفي:أرأيتِ إنه لا يثق بي
عض يونس على شفتيه بـ غيظ بينما صدحت ضحكات أنچلي على ما تفوهت به تلك الحمقاء..قطبت بتول ما بين حاجبيها وسألت يونس بـ صوتٍ خفيض
-وهى بتضحك ليه إن شاء الله!
-نظر لها شزرًا وقال:يعني هبلة وقولنا ماشي..كمان غبية ومبتفهميش!
كادت أن تصرخ حانقة إلا أن يده ضغطت على خصرها بـ قوة كي تصمت..إرتسمت إبتسامة على وجه يونس وقال بـ نعومة
-نُريد أن ننال قسط من الراحة ونتحدث فيما بعد عن العمل
-هزت رأسها بـ تفهم وقالت:لا بأس...
أشارت إلى إحدى العاملات وتحدثت معها بـ اللغة السويدية لتومئ العاملة بـ رأسها..لتقول أنچلي
-ستدلكما إلى الغُرفة التي ستقطنان بها
-حسنًا..شكرًا لكِ أنچلي
وتبعها قُبلة رقيقة على ظاهر كفها..كانت بتول تنظر لهما بـ إمتعاض ولم تُعلق على ما يحدث..تحرك يونس ولا يزال يقبض على خصرها وصعدا إلى غُرفتهما...
***************************************
دلفت إلى غُرفة المكتب ظنًا منها أنها فارغة..أغلقت الباب بـ هدوء وتوجهت إلى جهاز الحاسوب وفتحته..أخذت تتفقده علها تجد ما يُساعدها ولكن كل الملفات مُغلقة بـ كلمة سر..حاولت نسخ هذه الملفات ولكنها سمعت صوت أحدهم يدلف من خارج المرحاض..هوى قلبها في قدميها وبـ يد مُرتعشة وسريعة أغلقت الجهاز في نفس الوقت الذي خرج منه سيف من المرحاض يُجفف وجهه بـ منشفة صغيرة..إتسغلت روضة عدم رؤيته لها وتصنعت البحث في الأدراج عن بعض الأوراق الهامة لإحدى الصفقات...
أجفل سيف عندما سمع صوت الأدراج تُفتح وتُغلق ليُبعد المنشفة وما أن رأى روضة حتى هتف بـ تعجب
-روضة!!
تصنعت الفزع واضعة يدها على صدرها..وساعدها في ذلك إرتجاف يدها وجسدها إثر خوفها..فـ قالت بـ عتاب ممزوج بـ دهشة مصطنعة
-سيف؟..حرام عليك خضتني!
-نظر لها بـ شك وقال بـ حدة طفيفة:بتعملي إيه هنا!!
-أخذت نفس عميق ثم قالت:كنت بدور على ورق أخر صفقة لأني مش فاكرة إذا كان معاك أو معايا ومش لاقياه فـ مكتبي
نظر لها مُطولاً يحاول سبر أغوارها ولكن تلك الثقة والهدوء اللتان تتحدث بهما جعلت ملامحه ترتخي..إقترب منها وأمسك يدها ثم قال بـ حنو
-معلش يا حبيبتي..رجعت من عند عز ع هنا وبصراحة مكنتش مقابلة حلوة..وأسف إني خضيتك
-جاهدت في الإبتسام ثم قالت:لأ عادي محصلش حاجة..قولي عملت إيه!
-طب تعالي نقعد...
وتحركا ليجلسا على أريكة ذات لون أبيض وبدأ في سرد ما حدث..لتقول بعدها بـ ذهول
-يعني هرب وملحقتهوش!..عشان كدا رجعت بدري!
-تنهد ثم قال:أيوة يا ستي..وعز هيموت ويقتل يونس دا
إستدارت روضة بـ كامل جسدها..تنحنحت ثم قالت بـ توتر
-ممكن أسألك حاجة!
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1