رواية يونس الفصل الثامن عشر18 بقلم اسراء على

 

رواية يونس الفصل الثامن عشر بقلم اسراء على

أماء رأسه بـ طاعة وقال:طيب يا ستي..يلا
صعدت إلى السيارة..رغم بُغضها مما يحدث وأنها تمقته..ولكن لا يحب إثارة الشكوك حولها..ستستمر بما تقوم به من أجل والدتها وعدي وقبلهم نفسها التي ضاعت في المُنتصف...
وبعد مدة وصلا أمام مطعم فاخر..ترجلا من السيارة وأستدار سيف ناحيتها ثم أمسك يدها..فـ تساءلت بـ تعجب
-أول مرة نيجي مكان زي دا..شكله غالي
-مفيش حاجة تغلى عليكي يا روحي..
أغمضت عيناها في محاولة لكبت غضبها..ونجحت بـ صوعبة في ذلك..وقبل أن يخطو بـ قدمه إلى الداخل..أوقفته بـ كلماتها الجافة
-متفكرش أنك كدا هتنسيني اللي عرفته..لأ دا قرف مقدرش أنساه...
-إغتصب إبتسامة على شفتاه وقال:مش القصد يا روضة..أنا بس آآآ..
-قاطعته بـ جمود:خلاص يا سيف..صدقني أنا مش قادرة أستوعب اللي حكيته..ويلا ندخل عشان متأخرش...
وسحبت يدها منه ودلفت أمامه..كان سيف يعض على شفتيه بـ غيظ وغضب..ظل يلعن غباءه الذي قاده إلى تلك الحالة التي وصل بها إليها..هى مُحقة لا يُنكر ذلك ولكنه يعشقها..ألا تستطيع أن تكون هينة معه!!!
*************************************
بعد أن تفحص العديد من الأوراق..وبعد وقتٍ طويل من العمل..إستطاع التوصل إلى أكثر الأمور أمنًا وأصعبها سهولة..ترك بعض الأوراق من يده ثم رفع سماعة الهاتف..ضغط عدة أزرار ث وقال بـ إقتضاب
- خلي الرائد يجي مكتبي
ثم أغلق الهاتف..أراح رأسه على ظهر المقعد وأخذ أنفاسًا عديدة..بعد دقائق دلف محمد الذي هتف بـ تعجب
-خير يا عدي !!
-أشار إليه عدي ثم قال:تعالَ بس إقعد
تقدم محمد من مكتبه وجلس على المقعد المُقابل لعدي..الذي إستطرد حديثه
-دلوقتي يونس يعتبر إتكشف..ولازم يسافر برة السويد
-إرتفع حاجبي محمد بـ دهشة وتشدق:بالسرعة دي!!..طب هتعمل إيه؟
شابك عدي أصابعه ثم وضعهم على المكتب وتشدق بـ جدية
-هقولك..دلوقتي لازم ندبرله طيارة يسافر بيها ألاسكا..تعرف تدبرلي واحدة!
-حك صدغه مُفكرًا ثم قال:هو فيه..بس من غير طيار
-أشاح عدي بـ يده وقال بـ لهفة:وهو دا اللي عاوز
عقد صديقه حاجبيه بـ عدم فهم ليوضح له عدي قائلًا
-هفهمك..أنا عاوز الموضوع يتم بعيد أصلًا عن أي حد..موضوع سفره ميعرفوش غيري وأنت والعقيد سعد..ومفيش حد رابع...
-هز رأسه مُتفهمًا ولكنه تساءل:طيب دي وفهمناها..أما الطيار هنجيبه منين!
-إبتسم عدي وقال:ما هو أنت اللي هتسوق
-ردد خلفه بـ بلاهه:أنا اللي هسوق؟!
-أه وليه لأ!..أنت واخد دورات فيها..فليه لأ!
-مش حكاية كدا..أنا بقالي كتير من ساعة أما كنت فـ الأكاديمية وأنا حتى مركتبش طيارة عادية..
تنهد عدي بـ نفاذ صبر ثم تشدق بـ نبرة هادئة ولكنها حادة
-يا بني أفهم..الموضوع مش عاوز حد يعرفه كتير..أنا مش هقدر أثق غير فيك..
-زفر محمد بـ ضيق ثم قال:حاضر يا سيدي..حاجة تانية!
حك عدي طرف ذقنه ثم قال بـ تريث
-أه..عارف خطيبة الكلب!!
-رفع مكنبيه وقال:ومين ميعرفهاش
-ضرب عدي على سطح مكتبه وقال:حلو..عاوزك تقنع يونس بـ أي شكل أنها لازم ترجع مصر...
-إتسعت عيناه بـ دهشة وقال:يعني هى معاه؟!.
-زفر عدي بـ حرارة وقال:أيوة يا سيدي..معاه من ساعة أما سافر..ولازم ترجع عشان وجوده إتكشف والوضع مش أمن خالص وهى هتروح فـ النص
-غمزه محمد بـ مكر وقال:إيه خايف عليها يا برنس!
-أشاح بـ يده وقال بـ نبرة غير مُكترثة:أخاف على مين..هى بس تهم يونس وعشان خاطره لازم أحميها وأحميه قبلها...
-إبتسم محمد وقال:ماشي يا عم..أنا تحت أمرك أنت وأخوك
-تسلم يا صاحبي...
نهض محمد ثم قال بـ جدية
-هروح أنا عشان أظبط حكاية الطيارة..والخروج من مصر من غير أما نعمل مشاكل..الموضوع ممكن ياخد يوم كدا..المفروض أتحرك أمتى؟
-مش أكتر من كدا..حياتهم مهددة فـ أي وقت
-رد عليه محمد بـ عزم:خلاص تمام..وأنا لو عرفت أخلص قبل كدا هبلغك...
ولم ينتظر رده ودلف إلى الخارج لكي يقوم بـ تلك الأمور..أراح عدي رأسه إلى الخلف وإبتسم بـ سعادة فـ صاحبه محمد يُعَد نعم الصديق..لم يخذله مرة بـ حياته...أخذ نفس عميق ثم قال
-كدا أنا لازم أفضى لعز الكلب دا..أما أشوف هيعملوا إيه ....
***************************************
إبتعدت عنه سريعًا..عن عيناه التي تأسرانها..عن لمساته الشقية التي تُلملم شظايا روحها المُفتتة..عن صوته العذب كـ السلسبيل..نهضت بـ توتر ثم قالت بـ نبرة مُتلعثمة
-آآ..أنا..أحم..هروح أعمل..شا..ي..أعملك!
-إبتسم من جانب فمه وقال:أعمليلي..عاوز أدوق الشاي من إيدك يا بنت السلطان...
تحركت بـ خطى مُتعثرة سريعة بعض الشئ..تزفر بـ ضيق ومن ثم همست
-هو إيه اللي عمّال يقوله دا!..ما يبطل يلعب بيا كدا...
ودلفت إلى المطبخ تحت نظراته المُستمتعة..عاد قلبه ينبض بـ حماس أنها ستكون له..سيأسرها كما أسرته..سيجعل حبه يغزو كل أنش بها كما غزته..يعلم أن الطريق طويل..أو ربما قصير وهى أمامه وبين يداه...
نهض خلفها بـ خفة رجل مخابرات..ثم دلف إلى المطبخ..سمعها تتأفف لأكثر من مرة وهو يُحاول كبح ضحكاته..كانت تبحث السكر..تفتح ذاك وتغلق هذا ومعهما تُطلق السباب..همهمت مع نفسها بـ تذمر
-يعني أنا لاقيت كل حاجة ما عدا السكر!..وبعدين إيه البيت العجيب دا!!
إقترب خلفها بـ هدوء ثم همس بـ جانب أُذنها بـ عبث
-وماله البيت العجيب دا!
صرخت بـ جزع..إلتفتت إليه وكادت أن تقع..إلا أن يداه الصلبة أحالت دون ذلك..إذ قبض على ذراعيها يجذبها بـ خفة إلى الأمام..لتقف على بعد ملليمترات منه..ثم قال بـ مرح
-اسم الله عليكي...
-عقدت ما بين حاجبيها بـ غضب ثم نهرته بـ حدة:ينفع كدا!!..إبقى أعمل صوت وأنت داخل..ولا قول أحم ولا دستور
-رفع حاجبيه بـ صدمة:أحم ولاّ دستور!!..أنتي منين!
إزدادت عقدة حاجبيها بـ غضب..ليقول هو بـ مزاح
-وبعدين أنا عملت صوت وأنتي عمّالة تشتمي ومخدتيش بالك مني
-أشارت بـ سبابتها بـ تحذير ثم قالت:عيب كدا..متكدبش عشان الكداب بيروح النار..
هم أن يتحدث ولكنها قاطعته قائلة
-أنا بسمع كويس حتى شوف
-إبتعد عنها بـ ذهول:أشوف إيه يا منيلة!..يلا يا بت أعملي الشاي
-عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت:مفيش سكر
إستدار خلفه وإقترب من تلك الطاولة..أمسك العُلبة ثم عاد إليها رامقًا إياها شزرًا
-خدي يا أسوّد أعمالي...
لوت شدقها بـ ضيق ثم جذبت منه العُلبة بـ حدة..وإلتفتت تُكمل ما بدأته..بينما هو يرمقها بـ نظرات تسلية..ثوان وكان هاتفه الآمن يدق..أخرجه من جيب بنطاله..ليجده شقيقه..دلف خارج المطبخ والكوخ بـ أكمله ثم ضغط على زر الإيجاب وتشدق بـ توجس
-خير يا عدي فيه حاجة!
-رد عليه عدي بـ جدية:يونس أنت لازم تسيب السويد فورًا..كشفوك
أغمض يونس عيناه ثم مسح على خُصلاته بـ عصبية..وقال بـ حدة
-قدامي أد إيه!!
-زفر عدي بـ ضيق وقال:مش كتير..بس لازم تتحرك من البيت اللي أنت فيه دلوقتي وتروح أي بيت تاني..بس بعيد عن المنطقة
-ومين اللي هيخفي البيت!
-أجابه عدي بـ هدوء:العقيد سعد هيتصرف..أما دلوقتي لازم تمشي من عندك..
حدث ما كان يخشاه..تم إكتشافهم بسهولة..كان يعلم أنها ستُمثل خطرًا كبير على قلبه قبل نفسه..أخذ نفس عميق يطرد تلك الهواجس ثم قال
-طيب هروح فين؟..
-حاليًا هتروح من السويد على ألاسكا..دا أأمن مكان عرفت أوفره
-والمشتريين؟!
-أجابه بـ نفس النبرة الهادئة:هنتصرف متقلقش..أهم حاجة تخرجوا بخير من السويد الأول وبعدين نتكلم فـ الموضوع دا...
وضع يونس يده في خصره بـ عصبية وهو يستمع إلى حديث شقيقه
-هبعتلك محمد كمان أربعة وعشرين ساعة كحد أقصى وهقولك قبلها ع المكان المناسب...
إستدار يونس ليجدها تقف خلفه تُحدق به بـ تساؤل..ليقول على عجالة
-طيب يا عدي..إتصرف وطمني..سلام دلوقتي...
ثم أغلق الهاتف وإتجه إليها..فـ عاجلته بـ سؤالها القلق
-في إيه يا يونس!
-أمسك يدها يجرها خلفه إلى داخل الكوخ:لازم نمشي من هنا حالًا...
**************************************
دلف سيف خارج المطعم يتأفف بـ ضيق..فهو كان يعمل على كسر ذاك الحاجز الذي بُني بينهم ولكنها كانت تُعامله بـ جفاء مخيف..صعدت السيارة وهو كذلك..أدار المحرك ثم قال بـ غيظ
-يعني لسه زعلانة!
-رمقته بـ غضب ثم قالت:أنت مسرقتش مني عشرة جنيه عشان تقولي لسه زعلانة...سيف أنا مش طايقة أتكلم عن الموضوع دا..قفل السيرة أحسن..
وأدارات رأسها ناحية النافذة تاركة إياه وعقله يكاد ينفجر من الغضب والإحباط معًا...
صدح صوت هاتفه ليجد عز الدين هو المُتصل..تأفف عدة مرات..جعلتها تلتف إليه بـ تعجب..وضع الهاتف على أُذنه ثم تشدق بـ فتور
-عاوز إيه!
-أتاه صوت عز الغاضب:حالًا يا سيف تكون عندي..حالًا
-عقد ما بين حاجبيه وتساءل بـ ثقل:خير!
-صرخ عز الدين بـ عصبية:مش خير..فيه إن يونس الـ*** دا ستوكهولم..ولازم نلحقه قبل ما يختفي
إرتفع حاجبيه بـ دهشة وإستدار بـ رأسه إلى روضة التي طالعته بـ إستفهام..ليُكمل هو حديثه بـ تساؤل
-عرفت منين!
-أجابه الأخر بـ نفاذ صبر:مش مهم عرفت منين..لازم تيجي دلوقتي..خلينا نتهبب نلحقه
-أخرج سيف زفيرًا من فمه وقال:طيب..هوصل روضة وأجيلك
-يوووووه...متتأخرش
ثم أغلق الهاتف في وجهه..قذف سيف الهاتف بـ عصبية..تابعته روضة بـ فضول ولكنها آثرت الصمت حتى لا تُثير شكه..إلتفت إليها ثم قال بـ إعتذار
-معلش يا روضة..هضطر أنزلك هنا عشان رايح لعز
-هزت رأسها بلا مُبالاه وقالت:عادي..هاخد تاكس وأروح...
ثم أكملت بـ تساؤل
-هو فيه حاجة!
صف سيارته بـ جانب أحد الأرصفة ثم قال بـ فتور
-عز عرف يونس فين..وهنسافر دلوقتي
شحب وجهها وإتسعت عيناها دهشة..إبتلعت ريقها بـ توتر ثم سألته بـ نبرة ثابتة نسبيًا
-طب وهتعملوا إيه!
-رد عليها بـ شيئٍ من البرود:يا هنقتله..يا عز هيتصرف معاه
-أنتوا عصابة...
قالتها بـ عدم تصديق ثم ترجلت من السيارة مُسرعة..ولحسن حظها وجدت سيارة أجرة فارغة..أشارت لها ثم أستقلتها..لم تنظر في أثره ولم تُعقب...
أخرجت هاتفها ثم هاتفت عدي بـ صوتٍ خفيض فقد تعلمت منه ألا تثق بـ أحدٍ بتاتًا..ثوان وأتاها صوته العميق
-أيوة يا حبيبتي خير!
-همست روضة بـ خوف:مصيبة يا عدي..
-إنتفض عدي من مجلسه وتساءل بـ قلق:في إيه فهميني!
-عز عرف مكان يونس..وأخد سيف وهيسافروا دلوقتي...
****************************************
تركها في مُنتصف الصالة وأخذ يُلملم حاجياته..وهى تقف تُتابعه بـ أعين خائفة..وقف أمامها ثم أعطاها حقيبةً ما وقال
-غيري هدومك دي بـ الهدوم دي عشان لو جرينا..وهتلاقي فيها كوتشي..يلا مستنيكي بره...
ولم ينتظر حديثها ودلف إلى الخارج..كانت تنظر إلى الحقيبة تارة وإليه تارة..هزت منكبيها بـ قلة حيلة ثم شرعت في إرتداء ثيابها..والتي كانت عبارة عن كنزة طويلة تصل إلى بداية فخذها من اللون الرمادي الداكن وبنطال رياضي أسود..وإرتدت الحذاء الرياضي..ثم خرجت إليه وقالت
-أنا جاهزة..
كان هو الأخر أنتهى من إرتداء ملابسه التي شابهتها..تقدم منها ثم قال بـ جدية
-ناسية حاجة؟
-هزت رأسها بـ لا وقالت:دا أنا حتى جبت فستاني
-كويس..يلا...
ثم جذبها من يدها وتحركا وسط الأشجار بـ خفة ومهارة..كانت تتبعه بـ سكون..ظلا أكثر من ساعتين يسيران حتى قالت وهى تستند على رُكبتيها
-خلاص نستريح شوية..أنا تعبت
-أماء بـ رأسه وقال:طيب بس مش أكتر من عشر دقايق
هزت رأسها بـ موافقة ثم جلست على صخرةٍ ما..وجلس هو بـ جانبها تشدقت هى لكسر هذا الصمت
-هو أحنا سبنا البيت دا ليه!..إحنا مكملناش يوم
-زفر هو بـ ضيق:وجودي إتكشف ولازم نتحرك بسرعة
نظرت له بـ عدم فهم..ليوضح لها قائلًا
-بعد اللي حصل فـ الحفلة أظن أنهم كشفوني
نظرت بتول إلى الفراغ بعض الوقت ثم هتفت بـ شرود
-مش أنت اللي إتكشفت
-نظر لها بـ عدم فهم:يعني إيه!!
-إبتلعت ريقها بـ صعوبة ثم قالت:لما..اللي اسمه سام دا أخدني الأوضة..قالي..قالي..أن عز محظوظ بيا
إنتفض يونس بـ قوة وتشدق بـ غضب
-أنتي بتقولي إيه!
-أدمعت عيناها وقالت بـ نشيج:قالي أنه يعرف عز..مش سام دا واحد مش كويس!!
سباب لاذع خرج من بين شفتيه وأخذ يزفر بـ غضب..جلس بـ جانبها مرة أخرى وأمسك يدها..ثم هتف بـ نبرة حادة
-خلاص يا بتول متعيطيش..أكيد عز عرف أنتي فين دلوقتي
رفعت عيناها إليه بـ صدمة وقد إرتفع وجيب قلبها بـ رعب..شهقة عنيفة خرجت منها وهى تهتف بـ يونس
-هو..هو هيجي ياخدني!!
إنطلقت من عيناه شرارات غاضبة..كور قبضته بـ حنق حتى برزت عروقه..بينما هى لم تتوقف عن البكاء..نظر إليها ليجد جسدها يرتعش بـ قوة والتي لم تكن تلك الإرتجافة إلا ومصدرها الخوف..لم ينتظر ثانية أخرى وجذبها في عناق حنون يُهدئ روحها المُلتاعة..ثم قال بـ نبرة تحمل العزم
-مش هسمحله يلمس منك شعرة..مش هسمحله ياخدك مني..
-لفت يدها حوله وقالت بـ بكاء:مستبنيش يا يونس..أنا خايفة أوي..خايفة منه أوي
-مسد على خُصلاها بـ حنو وهتف بـ دفئ:مش هسيبك..أنا روحي إتعلقت بيكي...
الفصل الثامن عشر
والقلب يهواكي
والعين تعشق رؤياكي
انتي نبض قلبي
انتي نور عيني
انتي رفيقه دربي
انتي نصفي الاخر
سأظل احميكي حتى اخر عمري حبيبتي
انتي نبض به احيا
انتي من أفقد أمامها عقلي ويصبح قلبي من يقودني ...
كل الطرق توصلني إلى طريق عشقك
يا اسم اجمل من الجمال نفسه
رغمًا عنه غفى..فقد نال منه التعب مبلغه..بينما بقيت هى تُشاهده..إتخذت وضع القُرفصاء تستند بـ مرفقيها على رُكبيتها وراحتي يدها أسفل وجنتيها..كانت تبتسم وهى تتأمل معالمه الساكنة بـ الرغم من التعب والإجهاد الواضح على ملامحه..إلا أنها إحتفظت بـ سيمتها الرجولية..ذقنه النامية التي نبتت بها بعض الخُصلات البيضاء جذبتها لكي تتلاعب بها فـ مدت يدها وأخذت تعبث بها...
كان يشعر بـ تلك اللمسات الرقيقة على وجهه..ولكن أنبأه عقله أنها حُلم..أو ربما أجمل حُلم قد يراه وهى تعبث بـ ذقنه والتي من المؤكد بات يعشقها الآن..ومع إستمرار تلك اللمسات إرتخت معالمه المُتعبة وإستغرق في نومٍ أعمق..إبتسمت هى بـ راحة ما أن لاحظت إرتخاءه ومن ثم همست بـ لطف
-نام يا يونس..أنا هفضل جمبك وأحميك زي ما أنت بتعمل بالظبط..دا أقل شئ أقدمه ليك...
إعتدلت في جلستها وإتجهت جانبه..جذبت رأسه لتُلقيها فوق منكبها..وبـ يدها وضعتها على خُصلاته القصيرة..وأراحت هى الأخرى رأسها فوق رأسه وغاصت معه في ذلك الحُلم الذي عاد يجمعهما بـ مشاعر يونس الواضحة ومشاعر بتول التي بدأت تُزهر في قلبها له...
**************************************
هبّ واقفًا ما أن سمع عبارتها وردد خلفها بـ ذهول غلفه الغضب
-أنتي بتقولي إيه!..عرفتي منين ياروضة؟!
-ردت عليه روضة بـ خفوت:لما كنت معاه من شوية..هو قالي
ضرب بـ قبضة يده على سطح مكتبه ثم هتف بـ صوتٍ جهوري
-نعم ياختي!..كنتي معاه فين إن شاء الله!
-إرتبكت روضة ولكنها تشدقت بـ تأفف زائف:أنت فـ إيه ولا فـ إيه!..إتصرف قبل ما يحصل لأخوك حاجة
-كز على أسنانه بـ حنق ثم قال بـ صلابة:ماشي يا روضة..حسابنا بعدين..أما بخصوص سيف الكلب دا..مفيش شغل ولا هتشوفيه تاني...
و دون أن ينتظر ردها أغلق الهاتف بـ وجهها..نظرت هى إلى الهاتف بـ ذهول وتمتمت بـ سخط
-إيه هو دا!..دا بدل ما يشكرني!!..
وضعت يدها في خُصلاتها وأخذت تعبث بها بـ عنف وأخذت تُحدث نفسها بـ غيظ
-وبعدين مش هينفع أسيب كل حاجة وأهرب..زي ما بدأت لازم أنهي...
وبعد ثوان وجدت هاتفها يصدح..أخذته سريعًا وقد ظنت أنه عدي. لتفتح الخط دون النظر ثم قالت بـ نبرة ظافرة
-أكيد إتصلت عشان تعتذر!
-أفندم!!
وصلها ذاك الصوت الرجولي الغريب عن صوته العميق..لتتنحنح بـ حرج وقد تخضبت وجنتيها بـ لونٍ ورديٍ باهت وقالت
-أحم..سوري. مين معايا؟
-رد عليها الأخر بـ هدوء:أنا دكتور رضا..المشرف على حالة والدتك
-هبت واقفة وهى تتساءل بـ خوف:ماما جرالها حاجة؟!
-نفى الطبيب قائلًا:لأ أبدًا مفيش حاجة..بالعكس دي صحتها إتحسنت
تنفست روضة الصعداء وهى تُتمتم بـ الحمد..ثم تساءلت
-طب خير يا دكتور!
-أجابها بـ جدية:والدتك طالبة تشوفك..تقدري تيجي!!
جذبت حقيبتها وإتجهت ناحية الباب ثم قالت
-أنا جاية أهو...
*************************************
ترجل سيف من السيارة وإتجه ناحية المنزل الخاص بـ عز الدين..تركه الحرس يدلف فـ قد أمرهم عز الدين ما أن يصل حتى يدعوه يدلف..كان يتفحص المنزل وحرسه بـ نظرات هازئة وأستخفاف...
تتطلع أمامه ليجد عز الدين يتوجه إليه وهتف به بـ غضب
-أتأخرت كدا ليه!
-وضع يديه في جيبي بنطاله وقال بـ برود:كلمتني..جيت..متأخرتش بمزاجي يعني..أنا مش راكب طيارة
تأفف عز الدين ثم جذب سيف من مرفقه إلى الداخل..دلف سيف ليجد العقيد رفعت جالسًا..ليفتح سيف كِلا ذراعيه وقال بـ ترحيب ساخر
-باشا...رفعت بيه ذات نفسه هنا..لالالالا الموضوع كبير بقى
رمقه رفعت بـ إشمئزاز ولم يرد..بينما دفعه عز الدين ليجلس ثم تشدق بـ تحذير
-إتكلم عدل أحسنلك يا سيف
-جلس سيف واضعًا قدم على أخرى وقال بـغرور:والله أنتو اللي عاوزيني مش العكس..فـ أتكلم براحتي
تجاهله رفعت والذي يمقته سيف كثيرًا فـ هو أحد الأسباب الرئيسية في زجه بـ تلك الهوة القذرة..توجهت نظرات الأول إلى عز ثم قال بـ جمود
-حاليًا مقدامكش غيره عشان تطلعوا من البلد بدون علم حد
رفع سيف أحد حاجبيه ولم يتحدث..فـ أكمل رفعت حديثه
-مش هقدر أتواصل مع السفارة فـ السويد..أو أي حد مهما كان عشان يمنع يونس أنه يتحرك بره البلد...
-يعني إيه!
كان هذا السؤال صادرًا عن سيف فـ أوضح رفعت حديثه
-يعني يونس فـ نظر الكل ميت وشبع موت من سنتين..ولما أطلع أنه عايش فجأة يبقى أكيد في حاجة غلط..يونس مش ظابط مخابرات عادي ولما يتمسك ويتعمل معاه تحقيق كامل..ودا من مصلحته ع فكرة
-تشدق عز الدين بـ عبوس:مصلحته من حيث إيه!
-تولى سيف الرد قائلًا بـ نبرة ساخرة:معاه كل الأدلة اللي توديك فـ داهية..أو تودينا بمعنى أصح..وبـ كدا إنقلب السحر على الساحر
حك عز الدين صدغه بـ عنف ثم هتف بـ إنفعال
-يعني إحنا محصورين فـ خانة السفر السري..
-أماء رفعت بـ رأسه وقال:بالظبط كدا..ولازم تتحرك عشان لو عرف مش هتلحقه..
نهض رفعت وتبعه الأخرين..ليقول وهو يتحرك بـ جدية وصرامة
-لما توصل السويد ولو عرفت تمسك يونس..هاته هنا حي..فاهم يا عز!..أنا عاوزه حي...
ثم رحل ليبقى سيف و عز الدين..نظر سيف إلى الأخير ثم قال
-هو أنت ليه مفكرتش تختطف حد من أهله!..مثلًا أخوه أو أي حد تجبره يرجع!
-كور عز الدين قبضته وتشدق بـ قتامة:مش عاوزه يجيلي مجبور..أنا عاوز أستمتع بـ نصري وأنا بجيبه من قفاه وأفرمه تحت رجلي...
****************************************
إستيقظت من إغفاءتها الصغيرة على صوت هاتف يصدح من تلك الحقيبة..أزاحت رأسه عنها بـ بطئ..ثم توجهت سريعًا لتلتقط الهاتف على عجالة حتى لا يستيقظ..وأجابت بـ خفوت
-أيوة!!
-أتاها صوت عدي المُتعجب:مين معايا!
إبتعدت عدة خطوات حتى تتحدث بـ الهاتف..وقفت على مسافة صغيرة وتساءلت
-أنت عدي!
أغمضت عدي عيناه بـ ضيق فـ لم تكن سوى تلك المدللة في نظره..ثم قال بـ توبيخ
-فين يونس!..وأنتي بتردي عليا بصفتك إيه؟
-نفخت بـ حنق وقالت بـ عصبية:يونس نايم تعبان ومرتضش أصحيه..ثانيًا أرد بصفتي إيه!..أرد بصفة إن أخوك بيثق فيا...
صمتت تستعيد أنفاسها فـ قد تحدثت بـ عجالة ودون توقف..ثم أكملت بـ فظاظة
-عاوز تقول أنت عاوز إيه أهلًا و سهلًا..مش عاوز وريني جمال قفلتك..
-هدر بـ حدة:أتلمي يا شبر ونص أنتي..وأحترمي نفسك
-صرخت هى الأخرى:أنا شبر ونص يا ظابط على متفرج!!
تأفف عدة مرات بـ صوتٍ عال مُشبع بـ الغضب..أغمض عدي عيناه وأخذ يستدعي الهدوء..ثم تشدق بـ صلابة
-بلغي يونس إنه مفيش وقت..لازم تتحركوا على موقع هبعتهوله كمان شوية..سمعاني!
-تساءلت بـ خوف:ليه؟!
-تجاهل نبرتها الخائفة وقال:عشان عز جايلكم حالًا..ومش ناوي خير
رُغمًا عنها إرتعشت يداها هلعًا..وقد تيبست قدميها بـ مكانها فلم تقدر على الحركة..تشدق عدي بـ جدية دون أن ينتبه إلى سكونها وصوت تنفسها الذي إرتفع
-دلوقتي تتحركوا وتخليكوا بعيد عن العين..
لم ترد عليه..لتسمع صوته يُكمل بـ جفاء
-إبعدي عنه..أنتي هتتسببي فـ موته..إرجعي لخطيبك وسيبه فـ حاله عشان لو حصله حاجة مش هتفكيني فيكي روحك...
وأغلق الهاتف في وجهها دون أن ينتظر حديثها..وكأنه لم يقتلع روحها من جسدها بـ كلماته..تهدلت يدها عن أُذنها ليسقط الهاتف من يدها..تبعته وهى تسقط على رُكبيتها تبكي بـ قهر وخوف..ماذا إن وجدها عز!..وماذا إن أخبرته أنها تعلم عنه ما إقترفته يداه من آثام؟..بالطبع سيكون مصيرها مثل يونس المسكين..ولكنها ستُعاقب بـ القتل فـ شخص مثل عز لا يعرف الرحمة...
ظلت تبكي لمدة لا تعلم طولها..ولكنها حسمت أمرها أنها ستبتعد عنه..هو لا يستحق أن يموت فداءً لها..نهضت تمسح عبراتها عن وجنتيها ثم إتجهت إليه..كان لا يزال غافيًا أو هكذا خُيل إليها..وضعت الهاتف بـ الحقيبة وأعادتها مكانها بـ جواره..إنحنت بـ جذعها العلوي لتتأمل ملامحه عن كثب..تعلم أنها ستشتاق إليه..ذاك الحاجز الأمني الذي يذرع بـ داخلها الأمن في كل أوقاتها سيكون كـ الشوكة التي تنغرز في صدرها فـ يُصيب قلبها بـ نزيف..سقطت عبرة من عينيها لتتخذ سبيلها على صدره..ثم هتفت هى بـ صوتٍ مبحوح
-لازم أبعد عشان سلامتك..عز مش هسيبك عايش..أنت متستاهلش كدا...
ضحكت من وسط بُكاءها الحار وأكملت بـ همس
-أنا بلاءك الأسود زي ما بتقول..بس مش عاوزة سوادي دا يتسبب فـ دمك..أنت غالي على قلبي أوي يا يونس...
ملست على وجنته بـ رقة غافلة عن ضربات من تُحدثه التي أخذت تتراكض في قفصه الصدري..تشنج جسده أسفلها وتصلبه..لتُكمل حديثها
-أكتشفت أني ولا حاجة من غيرك..حسيت ناحيتك بـ الأمان من أول مرة شوفتك..أنت أمان لأي حد..الأصل اللي ملوش صورة..أنا مش عارفة أفسر مشاعري اللي قلبتها فـ كام يوم ناحيتك بـ إيه..بس كل اللي أقدر أقوله أنها أكبر بكتير من اللي حسيته لعز...
أنهت حديثها ثم إعتدلت بـ جذعها وركضت سريعة...
فتح هو جفنيه بغتةً..ثم نهض واقفًا..لا يكاد يستوعب نصف ما قالته تلك الصغيرة..وضع يده على رأسه يشد على خُصلاته بـ عنف حتى كاد يقتلعه..تأتي وتقول بما يقلي رأسه على عقب ثم تهرب...
وعن تلك النقطة توقفت حواسه..أهربت وتركته حقًا!..شعر بـ أن روحه قد أُنتزعت عنوة عنه وهو يُجاهد في الإحتفاظ بها..وضع الحقيبة على ظهره..ثم ركض خلفها في إتجاه ما إتخفى صوت شهقاتها فيه...
ظل يركض وحدقتيه تبحث عنها كـ المجنون..حتى وجدها تتكوم على نفسها أسفل شجرة تبكي بـ نشيج..قذف الحقيبة بـ عنف وإتجه إليها وقد بدى على وجهه إمارات الغضب..تفاجأت به وقبل أن تُبدي أي رد فعل..وجدته يقبض على ذراعيها بـ قوة آلمتها ومن ثم سمعت صوته الجهوري يهدر
-عاوزة تسبيني يا بتول وتمشي!..عاوزة تسبيني لوحدي بعد ما لاقيتك!..
كان يسألها وهو يهزها بين يده بـ عنف حتى تناثرت خُصلاتها وتحول وجهها إلى كُتلة من الإحمرار..ولم تكد تتحدث حتى وجدته يُكمل حديثه بـ نبرة شرسة
-متفكريش ولو للحظة بينك وبين نفسك أنك تسيبني..فاهمة؟!..مش هتسبيني يا بتول
وضعت يديها على ذراعيه توقفه عما يفعل..ومن ثم هتفت بـ ضعف
-خايفة عليك..خايفة يقتلك..وساعتها مش عارفة أنا هعمل إيه
أغمض عيناه بـ غضب ومن ثم جذبها إلى صدره يطوقها في عناق حنون عكس موجة الغضب والضياع التي هاجمته مُنذ قليل..ليهتف وهو يضع رأسه في خُصلاتها
-بعادك عني هو اللي يقتلني...
-إلتفت يديها حوله وهى تقول بـ نشيج:أنا مش عيزاه يأذيك
أبعدها عنه وأخذ يزيل عبراتها التي تسيل على وجنتيها كـ سيل..ثم قال بـ نبرته العذبة
-خليكي جمبي ومتفكريش فـ حاجة تانية..ممكن!!
أماءت بـ رأسها وهى تبتسم..حدق هو بـ بنيتاه في غاباتها والتي بدت أكثر صفاءًا عما قبل بـ الرغم من تجمع تلك الشعيرات الدموية..كانت عيناه تتحدث حديث أبلغ من أي لغة..وهى فهمته على الفور فـ ذلك القلب اللعين قد تناسى حب أو ربما ما يُقال بـ أنه حب..وخفق من جديد لأجل ذلك اليونس الذي إقتحمها على الفور دون سابق إنذار...
وفي ثوان لا يعلم ما حدث كانت الرصاصات تنطلق من حولهم وكأنها أبواب جهنم...
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1