رواية يونس الفصل العشرون20بقلم اسراء على


 رواية يونس الفصل العشرون بقلم اسراء على 

-إرتفع حاجبيها بـ دهشة وعيناها تجحظان بـ شكلٍ مُرعب..ثم همست بـ عدم تصديق:أتعني...!!!
إبتسم بـ شيطانية حتى برزت أنيابه ثم قال نبرة لا تختلف
-بلى..أعني ما لم تستطيعي قوله..سأفعلها لأنني أعلم كم يعشقها..وأنا....
وترك جُملته مُعلقة ثم أخرج هاتفه وإتصل بـ عز الدين..ثوان وأتاه صوت عز الدين..ليقول سام بـ خبث
-لقد وجد غريمك سيد عز
-أتاه صوت عز المُتلهف والحازم في آنٍ واحد:حقًا!..إذًا لا تقترب منه..فقط أريده حيًا..أريده حيًا يُرزق...
-كما تأمر..ولكن لا تتأخر فهو شُعلة من الذكاء...
ثم أغلق هاتفه و وضعه في جيب سترته ولم يتحدث مع أنچلي التي لم تلقَ بالًا له..بل كانت تُفكر في طريقةٍ ما من أجل إخراج يونس من تلك المُعضلة...
***************************************
جلس رفعت أمام العقيد سعد بـ برود..وكذلك الأخير فـ هو يعلم كيفية التعامل مع ذاك الخائن..تشدق الأول قائلًا بـ نبرة باردة كـ برودة الثلج
-إيه يا سيادة العقيد..هتفضل تبصلي كتير!!
-مط سعد شفتيه وقال:لحد أما تتكلم أنت يا رفعت باشا
مط شفتيه هو الأخر وقال بلا مُبالاه
-وأنا معنديش حاجة أقولها يا سعد باشا
أخرج سعد لُفافة التبغ وقام بـ إشعالها ثم أخرج زفيرًا مُحمل بـ تلك السحابة الرمادية المُلوثة..ثم قال بـ تحذير ماكر
-عمتًا يا رفعت كل اللي بتعمله مش هيأذي غيرك..سيادة الوزير مش هتردد ثانية أنه يبيعك..
-ضحك رفعت ملئ فاه وقال بـ سخرية:طب قول كلام معرفهوش
عقد سعد ما بين حاجبيه..ليُكمل رفعت حديثه
-زي ما بسيتفيد..أنا بستفيد..لما يفكر يبيع..هكون أنا سبقت..
-إيه اللي خلاك كدا يا رفعت!
رمقه بـ سخرية حادة..قبل أن يقول بـ ثورة غاضبة
-مش عارف إيه اللي خلاني كدا!..سنين قضتها فـ خدمة البلد وفـ الأخر إيه!..ولا حاجة ولا أي حاجة...
صمت قليلًا..وبدا سعد ساكنًا يتابعه بـ هدوء..فـ أكمل رفعت بـ شراسة
-قتل..وخيانة..فساد..ابني اللي إتقتل غدر دا..دمه فـ رقبة مين !!
-ضرب سعد سطح مكتبه بـ عنف وهدر:القتل و الفساد والخيانة..مين كان سببهم!..اللي بيخونوا وبيقتلوا البشر إحنا مش البلد..البلد مش بني أدم عشان تعمل اللي بيعمله...
-وكذلك صرخ رفعت:هددونا..وعذبونا وعملوا فينا اللي ميتعملش..
-بالمقابل رد سعد بـ هدوء:اللي ضميره عليه رقيب..مش هيخاف حد..أنت هتقابل ربنا دلوقتي أو بعدين..أعمل حساب وقفتك قدامه...
صمت رفعت بينما أكمل سعد حديثه بـ هدوء رزين
-أحنا معدناش خاييفين من ربنا زي الأول..خيانتك لو عقابها الإعدام..فـ دا جزء صغير من عذاب الأخرة..أنا قبل ما أكون رجل جيش..أنا مسلم وشفت زيك وإتعرض عليا زيك وإتعذبت زيك..بس الفرق اللي بيني وبينك أني مستسلمتش..أنت أخترت الأسهل..
نهض رفعت بـ جمود دون أن يترف له جفن وقال بـ جفاء
-ملكش دعوة بيا..انا عارف أخرة طريقي كويس يا سعد وبلاش مواعظ أنت أصلًا مبتعملش بيها..أنا كدا وهفضل أخترت وعارف إيه عواقبه إيه..خليك فـ نفسك
-نهض سعد وقال:رفعت أنت كنت صاحبي ومش عاوز أتصرف معاك زي أي مجرم
-إبتسم من زاوية فمه:أديك قولتها..كنت صاحبك..دلوقتي بينا الدم..شوف شغلك ولو عرفت تثبت عليا حاجة..هكون مستنيك تقبض عليا...
-هز رأسه نافيًا وقال بـ تأكيد:أنا مش محتاج دليل..لأنه أصلًا عندي ومش هستخدمه غير فـ وقته..إرجع لعقلك وراجع نفسك...
-من ساعة أما قتلوا ابني..معتش عندي عقل..هفضل أخد بتاري لحد أما أموت..غير كدا متحلمش يا سعد..
ثم أضاف بـ تهكم
-وبعد كدا لو عندك حاجة مهمة أبقى قولي تعالى..مش عشان شوية كلام فاضي تجبني..لا يا راجل أنا وقتي مش ملكي...
***************************************
أعلى تلك الشجرة كان يونس يرصد الوضع بـ تأني ويُخطط كيف يتخلص منهم..بحث عن الحقيبة ليجدها على ظهر أحدهم..إذًا مُنذ البداية وتلك الحقيبة هى الهدف..أكمل رصده للمواقع التي سيتخذها درعًا له والأخرى التي سيُصيب بها أعداءه..كان عدد المُسلحين يُقارب العشرون..زفر يونس بـ غضب قائلًا من بين أسنانه
-عشرين كتير أوي..مش هقدر أقتلهم كلهم..لازم أشوف أحل وأعرف ههرب منهم إزاي...
كان أكثر ما يشغل باله تلك التي تركها خلفه..يعلم أن عبراتها لم ولن تجف حتى يعود..هز رأسه لكي ينفض تلك الأفكار عنه فما أن تغزو رأسه لا يستطيع أن يُخرجها...
وضع يده على تلك القنبلة اليدوية..ليتذكر أمرها فـ هتف بـ حماس
-حلو أوي..
أستهدف أكبر تجمع من الرجال الذي تخطى الخمس..وقرر أنها ستكون من نصيبهم..أولًا قرر أن يُردي ذلك المُلثم وحده..وضع على فوهه البندقية قميصه القطني حتى يمنع صدور صوتًا ما..وبالفعل كان ذاك المُلثم في خبر كان...
قفز يونس عن الشجرة وعاود إرتداء قميصه..ثم توجه إلى تلك المجموعة من ذاك الطريق الذي حفره بـ عقله..نزع الفتيل وقذفها عليهم..وركض هو..إنفجرت تلك القنبلة وتحولت أجسادهم إلى أشلاء..إبتسم يونس لنجاح أولى خطواته..تحرك بعيدًا عنهم مُتخذ إحدى الشجيرات الصغيرة درعًا له...
تجمع بعض الرجال مكان الإنفجار ليبحثوا ما حدث..لحظات مرت وحدث إشتباك بينهم وبين مجهول..كان يونس يتعمد التحرك بـ خفة حولهم وإصابتهم بـ الرصاص من شتى الطرق حتى يُشتت ذهنهم عنه..أردى ثلاثة منهم وتبقى إثنان من المجموعة الثانية...
تحرك يونس خلف أحدهم بـ خفة يُمسك بـ جسده من يد والأخرى قبضت على السلاح ليوجهه ناحية الأخرى ليسقط جثة هامدة بعد عدة طلقات إخترقت جسده..أما من بين يده كان مصير القتل بـ كسر رقبته..أبعده يونس عنه بـ حدة وأخذ الحقيبة..وضعها على ظهره..وبدأ يُكمل رحلته في قتل الباقيين...
ما لم يحسبه هو ذاك الهجوم المُفاجئ من أحدهم أمامه..حيث قام بـ جرحه بـ نصل حاد في صدره عن معدته بـ جرح سطحي ولكنه ينزف بـ شدة..لم يفِق يونس مما حدث..ليُباغته بـ أخرى في ذراعه الغير مُصاب..تحفز هو بعد تلك الإصابات قبل أن يُصيبه بـ أخرى...
تقدم الأخر منه وكاد أن يُصيبه إلا أن يونس أمسك يده وبـ حركة مُباغتة أخذ السكين والتي إستقرت بـ نحره..وسقطت جثة أخرى..
عانى يونس من إنهاك شديد عقب تلك المعركة التي خاضها وكذلك ذاك الجُرح الذي أخذ ينزف بـ شدة..ولكنه قاوم قدر الإمكان..تحرك في أخر خط رسمه وقد كان..تخلص من ثلاثة أخريين وتبقى واحد..دارت بينهما معركة طاحنة بـ الأسلحة والأيدي..ليقول ذلك المُلثم
-أعطني ما معك..وربما سأعفو عن حياتك
إبتسم يونس وهو يزيل خيط الدماء التي إنسلت من بين أسنانه وقال بـ سخرية
-لا أحتاج عفوك..بل أن من ستحتاج إلى العفو من الرب
-لستُ بـ مؤمنًا
-حسنًا أعتقد أنك ستؤمن بعد قليل...
وإنقض عليه يونس..ولكن الأخير مُحترف بشكل يوازي إحتراف الأول بل ويتفوق عليه..تفادى ضربته وأمسك ذراعه ثم أخذ يضغط على جرحه..صرخ يونس بـ ألم وقام بـ ضرب المُلثم بـ جانب معدته ونطحه بـ رأسه في انفه..ليبتعد يونس عنه وقد أصابه الدوار وقد بدأت تتشوش رؤياه..والأخر أستغل ذلك..ليركض بـ إتجاهه دافعًا يونس من معدته إلى الأرض وهو يجثو فوقه..أخذ يُسدد له اللكمات..حتى خارت قواه..إبتسم المُلثم وقال بـ تشفي
-أمن كلمات أخيرة!
-سحقًا لك...
وكل ما رآه هو وجه ذلك المُلثم بعدما نزع عنه قناعه وهو يرفع ذاك النصل الحاد ويصوبه تجاهه...
***************************************
فتح عيناه بـ تثاقل تام..كانت الرؤية مشوشة في بادئ الأمر ولكن ما أن أغلق عيناه ثم عاود فتحهما..حتى إتضحت الرؤية..كان ينظر إلى سقف تلك الغُرفة..كان من الخشب الردئ..وبدت عليه أثار الرطوبة..حرك عيناه إلى تلك النافذة فـ وجد أشجار أمامه وحصان وعدد صغير من الدجاجات...
حاول أن يتعدل في جلسته ولكنه تأوه بـ قوة من جراحه والألام عظامه..تنهد بـ ضيق وبقى كما هو...
كانت غافية على ذلك المقعد بـ جانب الفراش على الناحية الأخرى..وما أن تأوه حتى إنتفضت من نومها وإتجهت إليه تسأله بـ جزع
-أنت كويس!!..في حاجة بتوجعك؟!
-كل ما تفوخ به بـ خفوت:مايه..عاوز مايه
-هتفت بسرعة:حالًا..
وإتجهت إلى تلك الطاولة في نهاية الغُرفة وأخذت كوب الماء ثم عادت إليه مرة أخرى..مدّ يده ليأخذها ولكنها إنحنت بـ جذعها العلوي لتساعده..إلا أنه قال بـ ضعف
-مش هعرف أشرب وأنا كدا
أخذت ثوان حتى تستوعب ماذا يُريد..فـ وضعت الكوب بـ جانبها وعاونته على الإعتدال..إنتحنت أكثر حتى تُعدل من وضع الوسادة خلفه..ولم تنتبه أنها كانت قريبة منه إلى حدٍ مُهلك..حتى باتت خُصلاتها تتلامس مع وجنته وفاه...
وبـ الرغم من حالة الضعف التي سيطرت عليه..إلا أنه لم يمنع ضربات قلبه من التقافز داخل قفصه الصدري..إلتفت بـ رأسه ليدفن أنفه بـ خصلاتها وأخذ شهيقًا مُحملًا بـ رائحتها الذكية..أغمض عيناه يستمتع بـ ذلك القرب..ربما ضعفه الآن بات قوة بـ مجرد أن إقتربت منه..وهى لم تشعر بما يختلج قلبه وما فعله بـ بساطة كانت مُرتعبة بـ شدة..خائفة أن تفقده..تعمل على راحته..أنهت ما تفعله ولم تنتبه إلى أنفه التي تلامست مع وجنتها وأمسكت الكوب ثم بدأت تُسقيه الماء...
كانت عيناه مُثبتة عليها..كانت خائفة وترتجف..جميلة وهى مذعورة..رائعة وهو يلمح حدقتيها التي تبتسم بـ سعادة وهى تراه بخير أمامها..أبعدت الكوب عنه وعادت تسأله بـ رقة
-أنت كويس!
مدّ يده يُزيح خصلةً ما خلف أذنها وهتف بـ خفوت
-أنتي كويسة!!
-إبتسمت وهى تميل بـ رأسها على يده وقالت:أنا بقيت كويسة لما فتحت عينيك...
إبتسم ومعالمه تقلصت بـ ألم ولكنه لم يُبالِ..بل أخذ يتفحص الغُرفة البسيطة وسألها بـ تعجب
-أحنا فين وإزاي جيت هنا!
-أجابته بـ هدوء:أحنا فين!..أحنا عند واحد مزارع بسيط..أما جيت إزاي فـ هقولك...
أخذت تسرد عليه ما حدث مُنذ عدة ساعات...
بعدما تركها مُنذ ما يقرب ساعة وهى تبكي..عيناها لا تتوقفان عن ذرف العبرات خوفًا عليه..خوفًا من فقدانه..تخاف بشدة أن يُصاب بـ مكروه سلامتها من سلامته..وأكثر ما أشاع في نفسها الرعب..صوت ذلك الإنفجار..صدرت عنها صرخة هلعة..هنا ولم تتحمل..قفزت عن الشجرة غيرُ مُبالية بما سيحدث..وفي أثناء ركضها..إصطدمت بـ أحدٍ ما يحمل ألواح خشبية..أصابها الذُعر مما قد يكونه هذا الرجل..نظرت إليه فـ وجدته رجلًا عجوز..والذي إتجه إليها يسألها بـ اللغة السويدية وقد تقلصت ملامحه القلق
-ماذا هُناك ابنتي!..لمل يبدو عليكي الذعر!
-هزت رأسها بـ نفي وهى تبكي:أنا مش فاهمة منك حاجة...
نظر لها الرجل بـ تعجب ولكنها تجاهلته..ثم قالت بـ لغة أجنبية وهى تبكي بـ هستيرية
-أحتاج إلى مساعدتك
-بدى وقد فهم ما تقول ليرد عليها:حسنًا..ماذا هناك!
-هو يحتاج إلينا..يجب أن نذهب إليه
-سألها بـ جدية:من هو!
لم تُجبه ولكنها سحبته خلفها بدأت تركض في إتجاه الصوت العجوز خلفها يُكرر سؤاله..لترد عليه
-زوجي..سيقتله أحدهم
-جحظت عينا الرجل وتشدق مصدومًا:ماذا قلتِ؟
وقبل أن ترد كانا يقفان أمام ذلك المشهد..يونس مُغشى عليه و بجانبه ذاك المُلثم ميت..لم تُفكر مرتان وركضت في إتجاه..جثت على رُكبتيها وأخذت تبكي..ثم قالت وهى تضرب وجنته بـ خفة
-يونس!!..يونس رد عليا..عشان خاطري متسبنيش
أسرع العجوز خلفها وتفحص الجروح والكدمات في وجهه..ثم جثى هو الأخر على رُكبتيه وقال بـ جدية
-هيا ساعديني في حمله..يجب علينا مُعالجة جروحه قبل أن تُصاب بـ الإلتهاب
-نظرت إليه بـ أعين حمراء..ثم هتفت بـ توسل:أرجوك ساعده
وضع يد يونس حول عنقه وقال بـ صرامة
-هيا ساعديني..منزلي قريب من هنا..سأقوم بـ مُعالجة جروحه
أماءت بـ رأسها عدة مرات..ثم وضعت يده الأخرى حول عنقها..وسارا به إلى ذلك الكوخ البسيط...
أنتهت من سرد ما حدث ثم قالت بـ نتهيدة حارة
-وجبناك هنا..وبصراحة الراجل عالج جرحك وقالنا نفضل هنا لحد أما تتحسن...
حدق يونس بها ثم أمسك يدها التي ترتجف وقال بـ أمتنان
-شكرًا يا بتول عشان أنقذتي حياتي
-إبتسمت وقالت:أنا اللي بشكرك عشان أنت فـ حياتي
إتسعت إبتسامته العذبة..وعيناه أخذت تتحرك على معالم وجهها المُجهد بـ عشق واضح..ثم قال بـ خفوت
-ممكن تقربي شوية!
-أجابت بـ رحابة صدر:أكيد..
ثم أقتربت..ليُباغتها بـ لف يده حول عنقها جاذبًا إياها له..ثم قبّل وجنتها بـ عمق وحب..قُبلة وضع بها مشاعره المُتأججة ناحيتها..شعرت هى بـ الخجل و الإرتباك..ضربات قلبها قد إرتفعت حتى كادت تصم أُذنيها..ثم سمعته يهمس
-أنا عارف أنه مش من حقي..بس مش هقدر يا بنت السلطان..مش هقدر تكوني قريبة مني وبعيدة فـ نفس الوقت..حبك دا ملكي..قلبك ليا لوحدي..مش هفرط فيهم أبدًا..مش هخسرك يا بنت السلطان...
-تساءلت وهى تعقد حاجبيها:هو أنت ليه بتقولي يا بنت السلطان!!
إبتسم يونس وقام بـ إحتضان وجهها بين راحتيه ثم قال بـ صوته الرخيم
-عشان حكايتنا بتفكرني بـ يونس وعزيزة..يونس اللي كان أسير عندها
-هتفت هى بـ براءة:بس يونس كان أسيرها..وأنت مش أسيري
إتسعت إبتسامته ثم دنى منها وهمس بـ جانب أُذنها بـ عذوبة
-ومين قالك أني مش أسيرك!!
إتسعت عيناها بـ صدمة وقد إزادات ما أن أكمل
-أنا أسير قلبك من أول مرة شوفتك..مكنتش أعرف أني ههرب من أسر لأسر..بس أسرك لذيذ بس مر..مر وصعب أوي يا بنت السلطان...
ولم يتسنى لأحدهما الرد..حيث دلف العجوز وعلى وجهه إبتسامة بشوشة وقال
-كيف حال زوجك؟
رمقها يونس بـ نصف عين ولم يُعقب..بينما إبتسمت هى بـ إرتباك وقالت بـ تلعثم
-بـ..بخير..سيدي..شكـ..رًا لك
-لا تشكريني..فقط قمت بما يجب
نحى بـ بصره إلى يونس وقال بـ إبتسامة قبل أن يخرج
-أتمنى لك الشفاء العاجل
-أماء يونس بـ رأسه وقال بـ إبتسامة مُماثلة:شكرًا لك سيدي...
كان يونس يرمق بتول بـ نظرات ماكرة..أصابتها بـ الخجل..لتقول بـ همس حانق
-متبصليش كدا..
إبتسم يونس وهو يُدير رأسه إلى النافذة فـ لاحظ تلك الحركة الغريبة..عقد ما بين حاجبيه بـ قلق..ليهمس
-بتول في حاجة مش طبيعية برة...
توجهت بتوب ناحية النافذة..وقد لمحت ما جمدها أرضًا وبث الرعب في جميع خلايا جسدها..تشدقت ما كان يخشاه يونس وجسدها بدأ ينتفض
-عز الدين!!!...
الفصل العشرون
عرفت الحب لأول مرة في حياتي، إنه كالموت تسمع عنه كل حين خبراً ولكنك لا تعرفه إلا إذا حضر، وهو قوة طاغية، يلتهم فريسته، يسلبه أي قوة دفاع، يطمس عقله وإدراكه، يصب الجنون في جوفه حتى يطفح به، إنه العذاب والسرور اللانهائي.
ظلت تتأمل إقترابه من الكوخ بـ نظرات قد تفجرت بـ الهلع..ها قد أتى ليُعيدها معه وإن تمنعت سيفعل ما فعله..وعند تلك النقطة إرتعش بدنها خوفًا..أخرجها من جمودها صوت يونس وهو يأمر بـ صرامة
-أقفلي الشباك والستارة بسرعة...
وبـ أيدٍ مُرتعشة نفذت ما قاله..كان يونس لا يقل قلقًا عنها..فُقدانها هو الهاجس الذي يخشاه..كان ولا يزال يخشى أن يستيقظ يومًا ما ولا يجدها..عاونته في الإعتدال وهتف بـ تألم
-خلي الراجل دا يساعدنا...
-طيب
قالتها وهى تركض بـ إتجاه الباب لتجد ذاك الرجل يفتحه وما كادت تتكلم حتى قال الأخير بـ جدية
-يجب أن تختبئًا..يبدو أن منْ كانوا يريدون قتلك..عادوا للبحث عنك...
-وضع يونس يده على صدره وقال بـ تهدج:أين نختبأ!!
توجه الرجل نحو الفراش الراقد عليه يونس حتى وقف أمامه ثم أزال الحصير الردئ عن الأرض ليظهر من أسفله سرداق صغير..أشار إلى ذاك السرداق وقال بـ هدوء
-إلى هنا ولا تصدرا أي صوت...
ثم إلتفت إلى بتول وأكمل
-هيا عاونيه على النهوض..وأنا سأتولى أمرهم...
وتركهم لتتجه بتول إلى يونس تعاونه على النهوض بـ رقة بالغة..سمعته يأن بـ خفوت لتسأله بـ توجس
-في حاجة بتوجعك!
-هز رأسه نافيًا ثم قال:لأ..ويلا مفيش وقت...
نزلا ذلك السرداق وأغلقا الباب..ليعود الرجل و يضع الحصير عليها وأخفى ما يدل على وجود غرباء عنده...
أجلسته بتول بـ حنو وقد سمعته يتألم لأكثر من مرة لتقول بـ إعتذار
-أسفة..أسفة
-إبتسم بـ وهن وقال:متعتذريش..أنا كويس...
شعر بـ تلك الإرتجافة في جسدها..فـ أمسك يدها يبُثها الأمان الذي فقدته..سمعها تقول بـ صوتٍ مُهتز
-أنا خايفة
وأراحت رأسها على منكبه..ليميل بـ رأسه عليها هو الأخر ثم أمسك يدها يُقربها من صدره بـ القُرب من خافقه وهمس
-طول ما دا بيدق..مش عاوز أسمعك بتقولي "أنا خايفة"
***************************************
وبالخارج كان عز الدين وسيف يطوفان بـ المكان..يُطوقانه من جميع الجهات فـ سيف قد أخبرهم أنهم لا يزالون هنا..أشار عز إلى أخر مجموعة من رجال ضُخام البنية وقال بـ أمر
-وأنتم..طوقوا هذه المنطقة ولا تدعوا أحدًا يهرب...
-أضاف سيف:وإن خرج أحدًا غيرنا..لا تترددوا بـ قتله
-حذرهم عز الدين بـ حدة:عدا تلك الفتاه التي تعرفونها..لا أحد يلمسها...
أماء الجميع بـ طاعة..وبعدها توجه سيف و عز الدين إلى ذاك الكوخ الذي لمحه الأخير..وبـ خطوات سريعة إلتهم بها الأرض..كان قد وصل إليه وبدأ في دق الباب عدة مرات..ليفتح بعدها ذلك العجوز وهويتساءل بـ غرابة مُصطنعة
-من أنتما!..وماذا تُريدان؟
وقبل أن يتفوه عز الدين بـ حماقة تولى سيف دفة الحديث بـ لغة إنجليزية مُتقنة
-عفوًا سيدي لإزعاجك
-أماء العجوز بـ رأسه وقال بـ تفهم:لا عليك يا سيد..ولكن أسدي إليّ معروف وأخبرني ما تُريد؟!
-رسم سيف إبتسامة مُصطنعة وقال:ألن تدعنا إلى الدخول!
-إبتسم الأخر بـ إصفرار وقال بـ إعتذار جاف:عذرًا على وقاحتي..تفضلا
وأفسح لهما المجال ليدلفا الأخران بـ خطوات واثقة..كان العجوز أمامهما ليميل سيف على عز الدين ثم همس بـ تحذير
-متتكلمش أنت عشان متبوظش الدنيا...
رمقه عز الدين بـ إزدراء ولم يرد..ثم تخطاه بـ برود..ليضرب سيف على جانبي ساقيه بـ قلة حيلة وتبعه..جلس الأول يتأمل المكان بـ إحتقار وتأفف واضح..كان العجوز يقف في الجهه المُقابلة ويقوم بـ إعداد أقداح الشاي..ثم عاد وجلس أمامهم..تنحنح سيف وقال بـ رزانة
-حسنًا سيدي..سأخوض الحديث مباشرةً...
أماء الرجل بـ رأسه وهو يُعيد بـ داخله ما سيردده على مسامعهم..ليتشدق سيف
-أرأيت رجلًا ما ومعه فتاه؟!...
**************************************
كانت روضة في طريقها إلى العمل قبل أن يعترض طريقها سيارة رباعية الدفع..ترجل منها عدي بـ غضب..ودون حديث أمسكها من مرفقها وجذبها إلى السيارة..لم تتلوى ولم تُبدي أي رد فعل..دفعها إلى السيارة وإنطلق بها بسرعة...
بعد مدة إصطف بـ السيارة وترجل منها يقف على حافة جبل المقطم..تأففت روضة وترجلت هى الأخرى من السيارة بـ عنف..صفقت بابها بـ قوة وتشدقت بـ عصبية
-ياريت تبطل همجية واللي بتعمله دا
لم يهتم بما قالته..لتُمسكه من مرفقه وتُديره لها بـ قوة..أشارت بـ سبابتها إلى وجهه ثم هدرت بـ عصبية
-عدي بصلي وأنا وبكلمك..أنا مش جارية عندك عشان تعمل معايا كدا فـ الشارع وتجرني وراك كدا...
رفع حاجبيه بـ سخرية وتركها تُخرج ما في جعبتها فـ أكملت
-أسمعني..أنا معملتش حاجة غلط عشان تعمل اللي بتعمله
إنقشعت قشرة البرود وظهرت عليه ملامح الغضب جلية تُفزع من تراها..أمسك كِلا ذراعيها وهدر بـ صوتٍ جهوري
-لم أشوفه بيقرب منك فـ الشارع مرة وأتنين..عاوزاني أعمل إيه!..صحيح مكنش عليا ليكي كلمة..بس حبك اللي فـ قلبي كان بيكويني بنار الغيرة..كنت بحس وقتها إني عاوز أقطم زمارة رقبته عشان بيقرب منك...
طالعته بـ عينان مُتسعتان..ليُكمل وهو يهزها بين ذراعيه بـ قوة
-كنت بتحرق بالنار دي لما أعرف أنه معاكي فـ مكان لوحدهم..كنت بقعد أسأل نفسي هو بيعمل معاها إيه!..ياترى أتخطى حدوده أو ضايقها بـ كلمة؟..كنت زي اللي ماشي على شوك...
-حاولت الحديث بـ عينان لامعتان:عدي أنا..آآ
غرس أظافره بـ ذراعيها وزجرها بـ عنف
-أخرسي...
إرتعدت فرائصها وهى ترى ذلك الجانب في شخصيته..تلك الغيرة التي تفتك به دون أن تشعر..عيناه بـ قدر ما تحمله من غضب وغيرة..بـ قدر ما تحمله من ألم وعتاب..بـ قدر ما تحمله من عشق كاد يشطرها إلى نصفين من حدته كـ نصل السيف..أكمل حديثه وقد تلونت نبرته بـ شراسة
-مُتخيلة أبقى عامل إزاي وأنتي خارجة تسهري معاه!..وبيوصلك فـ نصاص الليالي..متـ...
لم تدعه يُكمل حديثه..إذ وضعت يدها على فاه وقالت بـ رقة قد إرتسمت على شفتيها مع إبتسامة عذبة
-هششش..عدي أنا بحبك أنت ومش هحب غيرك أنت..ولو رجع بيا الزمن وكنت هعرف أني هحبك..مكنتش فكرت ولو للحظة أني أرمي نفسي مع الـ*** دا..بس أنا مستعدة أرمي نفسي فـ النار عشانك..مقدرش أشوفك بتحارب لوحدك وأنا أفضل أتفرج..أعيط لما تخسر...
تحركت يدها عن شفتاه التي إفترقت بـ صدمة لتضعها على وجنته..شعرت هى بـ إرتخاء يده عن ذراعيها اللذان تغمدان بـ الألم لتستقر على خصرها..فـ أكملت بـ نبرة صادقة
-طول ما أحنا لسه فـ الدوامة دي وكلنا فـ خطر..فـ أنا مش هسيبك..أنا جزء لا يتجزأ منك..اللي يوجعك يوجعني..ومينفعش أشوفك بتتوجع على أخوك وأسكت..طالما فـ إيدي حاجة أعملها .. مش هتردد ثانية
إستند بـ جبينه على جبينها ثم قال وقد رقت نبرته
-أنا مش عاوز منك غير إنك تحبيني..سيبي شغلك معاه..أنا مش مخوّنك..أنا خايف عليكي منه..بغير عليكي منه..بكره قربك منه...
-إبتسمت وقالت:مش هيقربلي..طول الفترة اللي عرفته فيها مخلتوش يلمس مني شعرة..أنا ليك وهفضل ليك يا عدي..حتى لو الدنيا فرقتنا..أنا هستناك فـ الآخرة...
*****************************************
عقد العجوز حاجبيه بـ تعجب مُصطنع كـ باقي حديثه وما سبق منه ثم قال
-رجل وفتاه!!
-أجل
ضحك العجوز بـ شدة..مما جعل سيف وعز الدين ينظران إلى بعضهما بـ تعجب..ليقول الأول وقد هدأت ضحكاته
-يا رجل..يمر من هنا مئات المُتاحبين..يتسلقون الجبال ويقومون بـ التخييم..أعذرني يا سيد فـ أنا حقًا لا أعرف عمن تتحدث
أخرج سيف من جيب سترته صورتان..إحداهما لبتول والأخرى خاصة بيونس..ليقول سيف بـ هدوء خارجي
-حسنًا وماذا عنهما؟
أخذ العجوز الصورتان بـ يد ترتعش بما يمر به من سن..وتفحصهما بـ دقة قبل أن يهز كتفيه بـ عدم معرفة وقال
-صدقًا لا أتذكر..قلتُ لك..مئات المُتحابين يمرون من هنا...
-ضرب عز الدين على الطاولة وهدر بـ شراسة:إسمع أيُها العجوز..أعلم أنك تراوغ..فلمَ لا تقول الحقيقة؟
لم يهتز جفنًا واحدًا لدى العجوز وهتف بـ برود
-قلتُ ما لدي..وأرى أنها خطيبتك أليس كذلك!
وأشار إلى يد عز الدين اليمنى قاصدًا الحلقة الفضية..ليؤمئ عز الدين بـ رأسه..فـ أكمل العجوز بـ غموض
-إذًا إبحث عنها في طيات نفسك..أعتقد أنك أضعتُها
كاد عز الدين أن يستفهم ما يقول..ولكن يد سيف أمسكت قدمه من أسفل الطاولة ليمنعه عن الحديث..إبتسم الثاني بـ تكلف وقال
-هل يُمكنني أن أستخدم المرحاض؟
-رمقه العجوز مُطولًا وقال:حسنًا..لا بأس..تفضل من هناك...
نهض سيف وهو يهز رأسه بـ إمتنان..ثم إستدار إلى عز الدين قائلًا
-خلاص يا عز..روح أنت وأنا هحصلك
-بس..آآ
-قاطعه سيف بـ إشارة من يده:خلاص يا سيادة الوزير..الراجل ميعرفش حاجة..أنا هدخل الحمام وأجيلك...
وبالفعل إنصرف عز الدين على مضض وإتجه معه العجوز..إستغل سيف إنشغاله مع الأول وبدأ يفحص المكان بـ عيناه..توجه إلى الغرفة الأولى في أول ذاك الرواق ولكنه لم يجد شيئًا..وأكمل إلى الأخرى وفتحها..شملها بـ نظرة ولكنه لم يجد....سوى كنزة قطنية مُلوثة بالدماء..إرتسمت إبتسامة ظافرة على وجهه وأغلق الباب بـ هدوء ثم إنصرف...
بعد مدة من الإنتظار عاد سيف بعدما قام بـ توديع العجوز..تحركت السيارات وتحرك الجميع من مُحيط المكان..زفر عز الدين بـ ضيق ثم قال وهو يكز على أسنانه بـ عنف
-هيكون راح فين..الراجل دا عارفهم مكانهم
-رد عليه سيف بـ برود:لأ ميعرفش..لو كان عارف كانت ظهرت فـ نبرته توتر أو خوف
-عاجله عز الدين بـ الرد:إيده كانت بتترعش
-بحكم السن
أتاه رده القاطع والغير مُكترث بالمرة..ليُغمض عز الدين عيناه بـ غضب..ظل يتوعد بـ داخله ما أن يعثر على يونس حتى يقتلع رأسه عن جسده وستعود بتوله إلى أحضانه....
**************************************
زفرت بـ إرتياح ما أن سمعت أصواتهم تختفي..تشدقت بـ إبتسامة صغيرة
-مشيوا أخيرًا
-يلا نطلع
كان صوته واهن بـ طريقة أفزعتها..لتسأله بـ هلع ونبرتها تُقطر خوفًا
-يونس أنت كويس!
-تأوه بـ صوتٍ خفيض وقال بـ لوعة:لو بطلتي تقولي اسمي بالطريقة دي هكون كويس
همس أمام وجهها وقد أحرقتها حرارة أنفاسه
-إرحميني يا بنتي..إرحمي قلبي اللي هلكتيه
تضرجت وجنتيها بـ حُمرة قانية وقد إرتفع وجيب قلبها بـ درجة ملحوظة..ولكنها هتفت بـ تذمر
-مش وقت غزل الله لا يسيئك..أحنا فـ مصيبة..
تأفف ثم أكملت بـ ضيق حتى تُخفي ذاك التوتر الذي خشيت أن يزداد
-وبعدين يلا نطلع من المكان الضيق دا..أنت عارف تتنفس كدا!!..يلا يلا بدل أما نفسك ينقطع
-هز رأسه بـ يأس وبـ قلة حيلة قال:ورجعت ريما لعادتها القديمة..أطلعي يا بلائي الأسود...
رفعت باب السرداق عنها وصعدت..ثم عاونت يونس على الخروج..أجلسته على الفراش وقد لا حظت بقعة الدماء التي لوثت ذاك الشاش الطبي..لتقول بـ جزع
-الجرح بينزف!
كادت أن تتحرك ولكنه أمسك يدها وقال بـ ألم
-مفيش وقت..لازم نتحرك
نزعت يدها وإبتعدت عنه ثم قالت بـ إصرار
-مش هنتحرك من هنا وأنت كدا..هنغير ع الجرح يعني هنغير ع الجرح..ومسمعش صوتك الحلو دا..
وتحركت بـ خطى سريعة قبل أن يمنعها..ضحك يونس وهو يُردد عبارتها
-صوتي الحلو دا!!..اااه يا تاعبة قلبي وعقلي يا بنت السلطان..
وبعد دقائق عادت مع العجوز وبيدها حقيبة صغيرة..تلك الحقيبة ذكرته بـ ما معه..ليهتف بـ صدمة
-بتووول!!
-إنتفضت بتول وهى تقول بـ خوف:إيه مالك!!..في حاجة بتوجعك!
-تجاهل حديثها وسألها بـ حدة:فين الشنطة؟
-نظرت إليه شذرًا ثم قالت:يا شيخ خضتني..
تحركت بـ إتجاهه وهى تحمل مقص..ثم قالت بـ فتور
-متخافش فـ الحفظ والصون...
أتاهم صوت العجوز
-يجب أن تتحركا سريعًا من هنا..أعتقد أنهما سيعودان مجددًا..ذلك الرجل الماكر يبدو أنه لم يُصدقني..لذا أنهيا ما تقومان به وتحركا..
أماء يونس بـ رأسه..أما بتول فـ قد صمّت أُذنيها عن هذا الحديث الذي يُصيب جسدها بـ إرتجافة فزع..أمسكت المقص وبدأت في قطع الشاش..تحرك العجوز من محيط الغرفة بعد أن قال
-قال أنه خطيبك..أعلم أنه صادق وأعلم أنه يُحبك..وأعلم أن ذاك الجالس أمامك يعشق..فـ أيهما تعشقين يا فتاه؟!..
وتركها حائرة..وكذلك يونس..حائر وخائف..حيرته نابعة من أفعالها..فهى تخبره بـ أنها تعشقه حد النخاع ولكن تأبى الإعتراف..وخائف ألا يكون مُصيبًا فيما يشعر...
أما هى حاولت إخفاء حيرتها وحواسها التي تأهبت في الإجابة عن هذا السؤال..تنهدت تنهيدة حارة لفحت وجه يونس..لفحة جعلت أفكاره تذهب أدراج الرياح..ويبقى هو في مواجهه العنقاء..رفع أنظاره لها يتأمل تفاصيل وجهها..لترتسم إبتسامة عذبة على وجهه
كانت إنتهت من تطهير الجرح..رفعت أنظارها إلى وجهه لتجده بيتسم بـ عذوبة..توترت وهى تزجره بـ وهن
-متضحكليش كدا
-إتسعت إبتسامته وأصبحت أكثر دفئًا:ليه!
-رددت بـ شرود:حلوة ضحكتك...
كانت تتأمل إبتسامته التي تحتويها وتُزيل أوجاعها..تجعلها تشعر بـ الأمان..رفع يده يُزيح خُصلاتها وأخذ يتمعن النظر إلى غابات عينيها..وبلا وعي كانت يدها تحط على يدها فـ أكملت
-بـ ضحكة منك بحس أني ملكت الدنيا..بحس أني فـ قلعة وأنت حصنها...
تنهدت بـ حرارة وهو قد لمعت عيناه بـ عشق..إزدادت إبتسامته دفئًا..وعيناه إحتلت عيناها وضربتها بـ سهام العشق..هزت رأسها تنفض تلك الأفكار في أن تقترب وتحصل على أول قُبلة لها..تُريد أن تتذوق طعم الأمان من شفتيه كما تشعر به من إبتسامته..وكأنه قرأ ما تُفكر به..ليقول بـ نبرة هادئة تحمل الوعد
-مش هاخد منك حاجة إلا لما تكون حقي..مش هدنس برائتك أبدًا..
-تفاجأت من حديثه وقالت بـ تلعثم بعدما أُكتشف أمرها:هاااه..مش..مش قصدي..
-ضحك يونس وقال بـ دفء:أنا بحبك يا بتول..وعمر ما الحب كان بـ اللمس..أو أني أخد حاجة منك حتى لو راضية..إلا لو بقيتي حياتي
ثم أكمل بـ همس وقد إقترب بـ وجهه منها
-زي ما أنا هعمل...
توترت يدها وشعرت بـ رجفة إجتاحت أوصالها..لتبتلع ريقها بـ صعوبة ثم هتفت بـ خفوت وخجل
-لازم أغطي الجرح...
ضحك يونس وأكملت هى ما تفعله دون النظر إلى عيناه فـ حتمًا سيفتضح أمرها..الآن علمت لما إبتسمت يوم سفرها معه..كانت إبتسامة تشي بـ أنها ستغرق في بحور عشقه..والآن تيقنت أنه أصبح جزء من حياتها...
إنتهت مما تفعله لتعتدل في وقفتها ولملمت أشيائها ثم قالت وهى تنصرف
-أنا هروح أجيب الشنطة عشان نمشي..
-أنا جاي معاكي
همّ أن ينهض ولكنها أشارت بـ يدها في صرامة ثم هتفت
-لو إتحركت من مكانك..أنا اللي هفتحلك الجرح التاني...
وتركته يُعاني من صدمته ولكنه إبتسم...
توجهت إلى تلك الشجرة التي دفنت عندها الحقيبة وأخرجتها من حقيبة سوداء بلاستيكية..ثم أعادت تُلقي الثرى مكان الحفرة..وضعت الحقيبة على ظهرها وإتجهت إلى الكوخ...
دلفت إلى الغُرفة وما كادت أن تفتح الباب حتى وجدت العجوز مُلقى أرضًا..عيناه جاحظة بشدة وحول عنقه أزرق..صرخت بـ فزع وهتفت بـ ذعر
-يونس!!..
دفعت الباب بـ قوة وما أن أبصرت ذلك الجالس بـ جانب يونس الفاقد للوعي حتى هتف بـ إبتسامة خبيثة
-بتوووول!!!
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1