رواية يونس الفصل الرابع والعشرون بقلم اسراء على
أخذت تطلع إلى تلك الحلقة النُحاسية بـ إبتسامة شاردة..ولكنها كانت الأكثر عاشقة..ظلت تُردد على مسامعها بـ خفوت
-من النهاردة مفيش غيرك يا يونس..مش هعرف أحب غيرك...
نظر إليها محمد فـ وجدها تتطلع إلى تلك الحلقة وإبتسامتها تحكي عنها..إبتسم هو الأخر وتشدق بـ هدوء
-يونس إنسان كويس..كويس أوي ويستاهل إنك تحبيه
إنتبهت بـ أنه يُحدثها..لتقول بـ إستفهام
-أنت قولت إيه!!
-إبتسم محمد وأعاد قوله:بقولك يونس إنسان كويس أوي ويستحق أنك تحبيه
إبتسمت بـ إتساع وظلت أصابعها تُحرك الحلقة وبـ خجل قالت
-منا أخدت بالي
-تنحنح محمد وقال بـ جدية:يونس مش هتلاقي زيه أبدًا ..فـ حافظي عليه..لأن اللي زي البني أدم دا لما نخسره مبنعرفش نعوضه تاني...
-وبـ إصرار طفولي قالت:أنا عمري ما هزعله أبدًا..يونس وراني مفهوم تاني للحب..الحب اللي كنت فاهمها غلط..معاه وبس إكتشفت حاجات كتير...
وإبتسم لها مُجاملة وصمت بعض الوقت..ثم عاد ليتشدق
-إحنا قدامنا عشر ساعات ونوصل...
وعلى وجهها لمح ذلك السؤال المُغلف بـ خوف لـ يقول بـ إطمئنان
-متخافيش..عدي هو اللي هيستلمك و يوصلك لأهلك...
إلتوت شفتيها بـ ضيق ثم تمتمت بـ حنق طفولي
-لأ دا عز أرحم من الظابط على ما تفرج دا...
***************************************
إنطلقت الرصاصة وعم السكون..وضع يونس يتحقق من نفسه هل أصابته الرصاصة أم لا!..بات يشك أنه كان محض خيالات..ولكن إنهيار جثة ذلك الأرعن والدماؤ تتدفق من ظهره..جعلته يوقن أن ما حدث حقيقي...
ومن خلف إنهيار الجثة وجد أنچلي تُمسك السلاح بين يديها المُرتجفة وهى تُحدق في الجثة الهامدة بـ أعين مُتسعة..إتجه يونس إليها سريعًا وهو يسألها بـ حدة
-كيف علمتي أين أنا؟!
-نظرت إليه بـ شرود وقالت:هل مات؟!
زفر يونس بـ ضيق ومن ثم جذبها من ذراعها وتحركا من ذلك المكان..فـ صوت الرصاص كان مُدويًا وبـ الطبع ستحدث الكثير من الجلبة...
وبعد مدة من التحرك أجلسها على صخرةٍ ما ثم جلس أمامها وطلب منها بـ لطف
-أخبريني ماذا حدث!
إبتلعت ريقها الذي جف من الأساس وبدأت في سرد كل شيئًا عليه..ليُتمتم بـ ذهول
-أنتِ أيضًا أنقذتني تلك المرة الأولى؟!
أماءت بـ رأسها بـ خفوت ولم تتحدث..تخللت أصابعه خُصلاته القصيرة بـ عصبية..وهو لا يُصدق ما يُحاك خلف ظهره..أغمض عيناه ليُهدأ من إنفعالاته وبدأ يتحدث بـ صوته الواجم
-إذًا كُنا نُساق إلى فخ!
-بلى
قالتها بـ صوتٍ خفيض..حدق هو بها بـ قوة ثم قال بـ جدية
-حسنًا..سأطلب منكِ شيئًا..فهل ستُلبينه!
-أجابت بـ لهفة:بـ الطبع..أي شئ...
ظهرت طيف إبتسامة على شفتاه..فـ ها هو سيعود إلى محبوبته في أسرع وقت..تدفق الإدرنالين من فرط الحماس..ليتشدق بـ نبرة جدية
-حسنًا..أريد منكِ أن تُخبري رئيسك بالعمل أنني متُ..وأن كافة المعلومات معك..إتفقنا!
-وبلا أي تردد هتفت:إتفقنا...
أخذ منها السلاح و وضعه خلف جذعه ثم قال وهو ينهض
-وأخبريه أن يكون المشتري حاضرًا في أسرع وقت..لأن رجال عز الدين يبحثون عنها هم الأخرون...
أماءت بـ رأسها..ثم أمسكت هاتفها وبـ بضع كلمات مُقتضبة وجادة للغاية..حقًا إنبهر يونس بـ ثباتها وتمثيلها الرائع..تمنى أن تكون بتول مثلها من أجلها قبل أن يكون من أجلهما..إنتهت محادثتها وإلتفتت إليه قائلة
-طلب مني أن أذهب إلى المنزل ومعي تلك المعلومات..
-أماء بـ رأسه وقال:عظيم..هى بنا
وكادت أن تتحرك..إلا أنه أمسك يدها وبـ إمتنان حقيقي تشدق
-حقًا شكرًا لكِ..أنقذتي حياتي مرتين
-إبتسمت بـ خجل وقالت:لا داعي لهذا..فقط أفعل ما توجب عليّ فعله..كما أنني أفعل أي شيئًا من أجلك...
تلاشت إبتسامته تدريجيًا وقد فهم ما ترمي إليه ولكنه تصنع عدم الفهم وقال بـ إقتضاب
-هيا لا داعي أن نتأخر...
***************************************
وبعد مرور عشر ساعات..كان عدي يقف في ذلك المكان المُتفق عليه..وفي ظل الإنتظار وجد عز الدين قادم..حل ساعديه وإتجه إليه بـ خطىٍ سريعة وقد تخطى الحرس بـ سهولة..وبـ نبرة حادة تشدق
-أنت إيه اللي جابك هنا!
-جاي عشان خطيبتي..
بـ برود قالها ليستفز عدي أكثر..كور عدي قبضته ومن بين أسنانه هتف
-مينفعش تكون موجود..أنا هوصلها لأهلها وأنت تقدر تشوفها من هناك
إقترب عز الدين منه ودنا بـ وجهه ثم بـ نبرة هادئة حادة قال
-مش بـ مزاجك..أنا هنا لخطيبتي ومحدش هياخدها لأهلها غيري
-زفر عدي بـ ضيق وتشدق بـ نفاذ صبر:أسمع الكلام...
-لأ
قالها عز الدين بـ حزم ثم أكمل بـ قتامة
-ومنين أأمنلك..ما أنت ممكن تطلع زي أخوك وتخطفها
-حجظت عيناه وقال بـ صوتٍ هادر:أنت جرا لمخك حاجة...
تحولت نظرات عز الدين إلى الشراسة وقبل أن يتفوه كان عدي يسبقه بـ غضب
-خلي رجالتك يمشوا ورانا..ومش من حبي فيها هخطفها مثلًا..أنا هوصلها لأهلها ودا بـ أمر رسمي..
-تشدق عز الدين بـ حدة:خلي أوامرك تنفعك..أنا اللي هاخدها...
زفر عدي بـ ضيق..يعلم أنه لن يستجدي من تلك المُحادثة بـ شئ..لذلك بـ عنف دفع الحرس وإتجه إلى الداخل..وبـ سرعة أخرج هاتفه وحادث محمد صديقه الذي رد عليه على الفور
-حالًا يا محمد تغير مكان نزولك لمدرج تلاتة..هنجهزهولك حالًا
-حصل حاجة!!
-هدر عدي بـ عنف:سي عز زفت واقف..وأنا مش هقدر أخلي بوعدي مع أخويا حتى لو كنت بكرها..
-رد عليه محمد بـ تفهم:خلاص..خلاص. أنا أصلًا قدامي بالظبط نص ساعة..كلمهم وأنا هنزل هناك...
-تمام...
تمتم بها عدي بـ إقتضاب..ثم إتجه إلى وحدة التحكم وأخبرها بـ تغيير مدرج الهبوط إلى الثالث..أماء الرجل بـ طاعة وقال
-حاضر يا عدي باشا...
وبـ خطى سريعة تحرك عدي إلى الخارج..رمق عز الدين نظرات ساخطة ومن ثم إختفى عن ناظريه...
وبعد نصف ساعة كانت الطائرة تحط على الأراضي المصرية..هبطت بتول من الطائرة لتجد عدي يقف أمامها ينظر إليها شزرًا ونظراتها لم تقل عنه..دنى منها وبـ تجهم قال
-قدامي يا ست الحسن
-إنتفخت أوداجها غضبًا ومن ثم هتفت بـ حنق:أحترم نفسك يا ظابط نص كم أنت..ويلا عاوزة أشوف أهلي..
كظم غيظه ومنها ولم يرد..أشار بـ يده لها كي تتقدمه..بـ الفعل تحركت بـ خطوات واثقة مرفوعة الرأس..شامخة..إرتفع كِلا حاجبيه بـ عجب وتمتم بـ تعجب
-إيه دا!!..كنت مستحملها إزاي يا يونس..دا أنا من دقيقة وكنت هطبق فـ زمارة رقبتها أطلعها فـ إيدي...