رواية يونس الفصل التاسع والعشرون 29بقلم اسراء على


 رواية يونس الفصل التاسع والعشرون اسراء على


الكراهية تشل الحياة، والحب يطلقها. الكراهية تربك الحياة، والحب ينسقها. الكراهية تظلم الحياة، والحب ينيرها.
ظلام..كل ما خلفوه وراءهم هو الظلام..ولكنه لا يُضاهي عيناه ظلام..كان يجلس أرضًا في المُنتصف يضم رُكبتيه إلى صدره وأخذ يتأرجح إلى الأمام والخلف..توعد لأكثر من مرة بـ أغلظ الإيمان أنها ستكون له..سيمحي يونس وجذوره من الوجود..كل من يحمل حروف الاسم سيكون مصيره الموت...
لم يأبه إلى ثيابه المُشعثة ولا تورم وجهه..ولا تلك الدماء التي جفت على وجهه..بل ما يشغله هو إنتقام منها ولها..منها لأنها خانت عهده وأحبت غيره..ولها لأنها تم تدنيس روحها من قِبل أكثرهم بُغضًا إلى قلبه...
فُتح الباب ودلف رجلًا ما ثم دنى إلى سيده وقال بـ إحترام
-عز الدين بيه!!
رفع عز الدين أنظاره ولم يتحدث..فـ أكمل الأخر حديثه بـ جدية
-سيادة العقيد رفعت قبضوا عليه الصبح..كل حاجة إتكشفت...
ولم يتأثر عز الدين ولم تتحرك عضلة واحدة من جسده..ولكنه تساءل بـ جمود
-فين سيف؟
-وصل من شوية..وهو جاي على هنا...
أشار عز الدين بـ يده كي ينصرف..فـ إنصرف الرجل بـ هدوء..نهض هو صعد غُرفته وبدأ في تبديل ثيابه وغسل وجهه بـ الماء البارد عكس النيران المُشتعلة داخله..تفحص وجهه بـ المرآه ولم يهتز أيضًا لمظهره المشوه..بل جففه ودلف إلى الخارج..صعدت خادمة تتحدث بـ تلعثم وخوف من هدوءه...
-السيد سيف تحت...
رفع أنظاره القاتمة لها والتي دبت الذعر في أوصالها ثم صرفها بـ إشارة من يده..وما أن أشار لها بـ الرحيل حتى هربت تتنفس الصعداء..أعاد إرتداء تلك الحلقة الفضية في يُسراه تلك المرة وكأنه يُثبت للجميع أنها ستعود له بل وستكون ملكًا له..هبط الدرجات بـ فتور وكأن شيئًا لم يكن...
نظر إليه سيف من بعيد وقد أثار توجسه من هدوءه ولا مبالاته..حقًا ذلك أكثر رعبًا من ثورته..ستكون العاصفة شديدة وستقتلع كل من يقف بـ طريقها..وصله من بعض الأشخاص أنه رفض تدخل الشرطة وبعض الجهات العسكرية من أجل ما حدث..وما حدث قد تم مواراته ودفنه مع الأشخاص الحاضرين..حقًا لا يعلم ماذا أصاب من هنا فـ الجميع أختفى ولا يوجد أثر لأحد...
إبتلع ريقه وهو يجد عز الدين قد وصل أمامه وبـ جفاء قال
-تجبلي بتول من تحت الأرض..وليك حرية التصرف حتى لو إغتصبتها..تجبهالي..سامع!!
جحظت عينا سيف بـ قوة حتى كادت أن تخرج من محجريهما..حقًا قد فقد ما تبقى من عقله ولكن أثار إشمئزازه بَ طريقة مُخجلة..ليقول سيف بـ تقزز
-أنت أكيد أتجننت يا عز..أنت جرى لمخك حاجة؟!
لم يتأثر..يبدو أنه فقد الحياه طريقة حديثه وهدوءه تُثيران الرعب بـ طريقة مُخيفة..رفع عز الدين أحد حاجبيه وقال بـ جمود
-معنديش وقت لسؤالك الغبي دا..هتجيبها ولا أتصرف بـ طريقتي!
-أشاح سيف بـ وجهه وقال بلا مُبالاه:إتصرف بطريقتك
-إبتسم عز الدين بـ شراسة وهتف:حاضر هتصرف بطريقتي...
أشار له بـ حاجبيه وقال بـ تجهم
-بره...
إبتسم سيف بـ سخرية ثم خرج..وضع عز الدين يده بـ جيب بنطاله..ثم هدر بـ اسم أحدهم
-جعفر!!!
أتاه المدعو جعفر بـ خطواته الرتيبة وهدوءه المثير للأعصاب ثم قال بـ إحترام
-أؤمرني يا سيادة الوزير
-إبتسم عز بـ شيطانية وقال:طلع كل حبايبنا من المخزن وإعملهم حفلة شوي مُعتبرة
-وبلا ملامح رد جعفر:حاضر يا عز بيه...
أخرج عز الدين لُفافة تبغ ذات لون بني..ثم أخذ في تدخينها..وأخذ يُشاهد جعفر ورجاله وهم يخرجون العديد من الأُناسي والذين هم ضيوف حفلته..والصراخ يدوي وأحدهم يصرخ بـ توسل
-إرحمنا يا عز بيه..محدش هيعرف حاجة...
إقترب منه عز بـ خطى رتيبة ثم قال بـ خبث
-منا عارف إن محدش هيعرف..بس دي إحتياطات أمنية...
ثم تجهم وجهه مرة أخرى وعاد يُشاهد رجاله وهم يسكبون السائل القايل للإشتعال على الأرضية..والجميع يصرخ الصحافيون وذوي الشأن والمراتب العُليا والجميع يصرخ بـ أنه مجنون ولا أحد يعلم أنه تخطى مرحلة الجنون بـ مراحل عديدة..تقدم جعفر منه وهمس
-كل حاجة جاهزة...
نظر له من طرف عيناه ثم أشار بـ رأسه كي يرحل..تبعه هو بـ خطوات تدب الرعب حتى وقف على الباب ثم إلتفت وقال بـ نبرة رجل على حافة الجنون
-أتمانلكوا سهرة سعيدة...
ثم أخذ أخر نفس من لُفافة التبغ وقذفها أرضًا..لتشتعل النيران بـ المنزل..أغلق الباب بـ إحكام وهو يستمع إلى الصرخات بـ الداخل..صرخات لو سمعها معدومي الرحمة كان قد رق قلبه وأنقذهم ولكن عز!!!..كان قد جُن بـ الفعل..وقف بـ جانب ذلك الرجل الهادئ..ثم قال وهو يُشاهد إندلاع النيران
-زي ما إتفقنا...
-حاضر يا عز بيه...
أملا عليه عنوانًا ما وقال بـ جمود
-هتلاقي بنت فـ العنوان دا..تجيبها وتحصلني ع المخزن...
وأماء الرجل بـ طاعة ورحل..بينما بقى يُتابع تآكل النيران لذلك المنزل كما تتآكل نار الكره والحقد بـ قلبه والإنتقام سيبله الوحيد...
****************************************
لم يفق من نشوته إلى على صوت طرقات الباب التي تجاهلها المرة الأولى..إلا أن بتول أبعدته وقالت لاهثة
-الباب يا يونس...
وضع وجهه في تجويف عنقها وظل يأخذ أنفاسه المسلوبة رُغمًا عنه وصمت..وبـ صوتٍ مُتهدج نطق
-ردي أنتي أحسن
-حـ..حاضر...
أخذت عدة أنفاس لتستعيدها وحاولت تطويع ضربات قلبها التي أبت الهدوء..وبـ صوتٍ حاولت إخراجه ثابت
-أيوة!!
-أتاها صوت والدتها الخبيث:كل دا عشان تردي!
-همست بـ جذع:يا لهوي إتفضحنا...
ولكن يونس أبعد ما يكون عما تتفوه به الحمقاء..يشتم رائحتها التي تُسكره ولا تزال يده تعتقل خصرها..أبعدته عنها وقالت بـ ذعر
-يونس ماما بره
-طيب...
قالها يونس بـ تأفف وتركها..إستعادت رباطة جأشها وفتحت الباب..لم يخفَ عليها نظرات والدتها التي طالعتها بـ خبث..فـ تشدقت بتول بـ تحذير
-متبصليش كدا يا ماما الله يكرمك
-مصمصت بدرية شفتيها وقالت بـ ضحكة:هو أنا عملت حاجة..أنا جاية أقولك أبوكي عاوزك
-أخذت بتول نفسًا عميق ثم قالت:حاضر جاية أهو...
ورمقتها والدتها مرة أخرى بـ خبث وكذلك يونس الذي إتسعت إبتسامته ما أن رأى حماته..همس بـ سعادة
-حماتي كدا هتبقى فـ صفي..دا أشطه أوي...
أغلقت بتول الباب وما كادت أن تستدير حتى وجدت يونس يحتضنها مرة أخرى وأخذ يُقبل عنقها الظاهر..عدة قُبلات رقيقة أسرت الدفئ في جسدها..أمسكت قميصه عن كتفه الأيمن وقبضت عليه بـ قوة..تستشعر قُبلاته التي يضع بها جميع مشاعره التي رفضتها قبلًا..تلاحقت أنفاسها بـ صورة مُقلقة إلى أن شعرت بـ قدميها تخور..ولكن يونس لم يسمح لها بـ السقوط..فـ أمسكها جيدًا من خصرها ثم رفعها إليه...
وتوقفت قُبلاته مع توقف أنفاسه..تلك الصغيرة ستودي بـ حياته لا مفر..همس من بين شفتيه بـ سبة بذيئة وتبعها قوله الحانق
-كان لازم أعمل فيها شهم وأقول لأبوكي إني مش هقربلك!..إزاي هستحمل!!...
ولم يقابله سوى تسارع أنفاسها..ليحكم يده حولها ثم قال بـ حزم
-روحي شوفي باباكي..وإعملي حسابك..هتيجي معايا دلوقتي..أنا مش هستنى لبكرة...
ثم دفعها إلى الخارج تحت ذهولها وعدم قدرتها على الحديث بعد عاصفته مُنذ قليل..وضعت يدها على خافقها تُهدأ من نبضاته وترسم الهدوء على وجهها..ثم سارت بـ خطى بطيئة حتى تستعد لمواجهة أبيها ولكنها ما أن مرت بـ إحدى المرايات حتى لطمت وجهها وقالت بـ شهقة
-خبر إسود..منك لله يا يونس..منك لله...
أخذت تنظر إلى عنقها الذي تحول إلى اللون الأحمر في مواقع قُبلاته..فـ بحثت بـ عينيها حتى تجد ما يُخفي عنقها..لتجد وشاح والدتها فـ أخذته ووضعته حول عنقها بـ إهتمام حتى لا تظهر عنقها المُفعم بـ مشاعر يونس...
وبعد مدة كان يونس وبتول يودعان عائلتها بـ دموع..ليقول إسماعيل بـ رجاء
-هى أمانة فـ رقبتك..أنا سلمتهالك وأنا مطمن إني سلمتها لراجل
ربت يونس على ذراع حماه ثم تشدق وهو ينظر إلى بتول بـ حب
-متوصنيش على روحي يا عمي..بتول كمان أغلى من روحي...
ودعت بتول والدتها للمرة التي لا تعلم عددها وشقيقها مرة أخرى والذي حذر يونس من العبث بـ قلبها...
****************************************
أخذ يتطلع إلى تلك الغُرفة التي وضعوه بها ولم يأتي أحد..يعلم أن كل شئ تم إكتشافه وأنها النهاية..سمع صوت الباب يُفتح بـ تمهل يستمتع صاحبه بـ نصره ودلف بعدها سعد ويتبعه عدي. نظر لهما رفعت بلا مبالاه ثم نظر أمامه مرة أخرى...
جلس سعد أمامه وقذف ملفًا ما على الطاولة وعدي يستند إلى الحائط خلفه يرمقه بـ إزدراء..كان رفعت أو من شق الصمت بـ حديثه الساخر
-هتفضلوا تبصولي كتير!!
ولم يرد أحدًا عليه..بل أزاح الأوراق إلى رفعت والذي بدوره أعادها إلى سعد وقال بـفتور
-عارف فيها إيه
-ومش همك؟!
إنطلق هذا السؤال من عدي..والذي أكمل بـ حدة
-الملف دا فيه بلاويك أنت وعز..فيه كام روح قتلتم كأنكم نصبتوا نفسكم عزرائيل..كام سرقة سرقتوها..كام صفقة أدوية فاسدة دخلتوها مصروكام واحد مات..فيه كام سلاح مسكتوه لشباب زرعتوا فيهم مفاهيم إن يا الإسلام يا الإرهاب..الإسلام اللي متعرفوش عنه حاجة..فيه كام شاب ضحكتوا عليهم بـ السفر برة وأنتوا كنتوا بتسلموهم تسليم أهالي لتجار الأعضاء وتروحوا تقولو لأهله إن السفينة غرقت أو الطيارة وقعت...
نظر إلى رفعت بـ برود ولم يهتم..لم يشعر بـ الشفقة أو الندم لما فعل..بل رد بـ جمود
-دا اللي تستحقه البلد بعد أما قتلوه..قتلوا ابني قدام عيني
-إبنك كان إرهابي و ***..إبنك قتل وكان لازم يتعدم..إبنك خان بلده وكان لازم يدفع التمن...
ضرب رفعت سطح الطاولة بـ عنف وغضب..وساد الصمت..إرتخى في جلسته ونظر إلى سعد ثم تشدق
-شوف شغلك يا سعد..أنا لا هنكر ولا هعترف..وأنت فـ إيدك الأدلة..خلصني من الفيلم الهندي دا...
سحب سعد الملف ونهض بـ كل وقار..ثم تشدق أخيرًا بـ جفاء
-زي ما تحب..محاكمتك هتكوم كمان يومين..والحكم هيتنفذ بعد المحاكمة بيومين...
ثم دلف إلى الخارج وتبعه عدي..أغلق الباب وتحدث مع سعد بـ حنق
-مش ممكن يكون بني أدم...
-أشار سعد بـ يده وقال بـ هدوء:خلصنا..المحكمة هي اللي هتقوم بالواجب بعد كدا..الموضوع دا ميتفتحش تاني...
أماء عدي بـ رأسه ليسأله سعد مرة أخرى
-يونس مش جاي!!
-أيوة..هيروح عشان يتكلم مع أبو مراته
-غبي وهيفتح أبواب جهنم ع الكل...
هز عدي رأسه بـ قلة حيلة لم يرد..بينما ركض أحد الضباط وبعدما أدى التحية العسكرية..قال بـ ذعر
-بيت سيادة الوزير عز الدين ولع بـ المسئولين اللي فيه...
****************************************
أغلقت الهاتف مع عدي والذي بدى وكأنه يُصارع الرياح..الجميع يتكالب ضده..أخذت تُهدأه وتبث في قلبه الإطمئنان إلا أنها كانت تشعر بـ أن هناك خطبًا ما سيحدث..ظلت تبتهل إلى الله أن ينتهي كل شيئًا على ما يُرام...
دلفت إلى غُرفتها هى تستجدي النوم ولكن كيف وحبيبها يُعاني..تنهدت بـ تعب ثم جلست وأخرجت إحدى الكُتب المفضلة لديها وأخذت في قراءتها حتى غفت مكانها...
بعد مرور عدة ساعات..إستيقظت روضة على صوتٍ غريب مُنبعث من المطبخ..نهضت وهى تعقد حاجبيها بـ تعجب..ثم همست لنفسها
-هو في قطة دخلت المطبخ ولا إيه!!
ولكنها هزت منكبيها بـ فتور وتحركت إلى الخارج..أضاءت الأنوار ثم توجهت إلى المطبخ وكما توقعت هرة تعبث بـ محتويات المطبخ..زفرت روضة بـ يأس ثم قالت وهى تنظر إلى الهرة
-يعني أعمل فيكوا إيه عشان تبطلوا تخشولي فـ نص الليل كدا...
ثم تحركت في إتجاهها وأخرجت لها بعض الطعام لتأكل..سمعت مواء الهرة والتي تدل على سعادتها في الحصول على الطعام أخيرًا..سارت بـ يدها على جسد الهرة وتساءلت فجأة
-أنتي دخلتي إزاي!!
ونظرت إلى نافذة المطبخ لتجدها مفتوحة زفرت بـ ضيق وقالت
-دخلتي من الشباك..بس أنا قفلاه..يمكن مقفلتوش كويس...
هزت رأسها بـ نفاذ صبر ثم أخرجت الهرة بعدما أنهت طعامها..أغلقت النافذة وعادت إلى الغُرفة..وما أن دلفتها حتى وجدت من يُكمم فاها..ظلت تصرخ صرخات مكتومة وتركل حتى خبت قواها وفقدت الوعي..وضع ذاك المُلثم يده أسفل ظهرها والأخرى أسفل رُكبيتها ثم حملها وإتجه إلى الخارج...
*****************************************
إستيقظ سيف على صوت هاتفه بـ الصوت الخاص بـ وصول رسالة..نهض بـ تكاسل ثم أضاء الأنوار ومدّ يده إلى الهاتف وإلتقطه..فتح الرسالة وما أن أبصرها حتى إنتفض كـ الملسوع وهو يرى حبيبته فاقدة للوعي و مُقيدة..لم يسعفه الوقت لـ التفكير فـ أتاه إتصال من رقم روضة..وعلى الفور وضع الهاتف على أُذنه وتشدق بـ لهفة
-روضة!. حبيبتي أنتي كويسة!!
-أتاه صوت غليظ وهو يقول:حبيبتك مش فاضية دلوقتي..تقدر تقول مسافرة رحلة فـ عالم تاني
-هدر سيف بـ عنف وعيناه تقدحان شرر:أقسم بالله لو إيدك مستها..لاكون مقطعك حتت...
لم يسمع رد سوى صوت تنفس هادئ..ليعود ويصدح بـ برود
-والله كل دا متوقف عليك..هتعمل خدمة وترجعلك حبيبتك صاخ سليم
-على جثتي و روضة هترجع..
-متتأملش كتير عشان روحها و روحك فـ إيدي..دي خدمة صغيرة..تعملها حبيبتك ترجعلك...
صمت قليلًا وهو يستمع إلى أنفاس سيف الحارقة ثم قال
-هااا..قولت إيه؟!
-كز سيف على أسنانه وهتف بـ زمجرة:عاوز إيه!
-إتسعت إبتسامة الرجل وقال بـ هدوء:هنبعتلك صورة شخص..تجيبه ع عنوان هنديهولك وبكدا ترجعلك حبيبتك
-مين!
-قولتلك هنبعت الصورة..موافق ولا لأ!!
-رد عليه سيف بـ غضب:ماشي..بس أقسم بالله...آآآ...
ولم يُكمل حديثه إذ أغلق الرجل في وجهه..قبض على الهاتف بـ غضب حتى كاد يُهشمه..ظل يُحدق أمامه بـ قتامة وبداخله يتوعد إذا أصابها سوء..أفاق على صوت الرسالة ليفتحها..ثم صرخ بعدها بـ غضب جامح
-هقتلك يا عز..ورحمة أمي هقتلك يا *****...
***************************************
دلفا معًا إلى المنزل وقد بدى عليه السكون..أضاء يونس الأنوار ودفع بتول إلى الدلوف..فـ بعد حديثه الطويل مع أبيها حتى وافق أن يُرسلها اليوم معه..أغلق الباب وهمس
-أدخلي...
ولكن فجأة فُتح باب غرفة والدته..التي دمعت عيناها..وهمست بـ نشيج
-يونس!!...
أسرع يونس يحتضن والدته والتي لم تكف عن تقبيله والنحيب على رجوعه..قبّل كفها عدة مرات وهى لا تسمح له بـ الخروج من بين أحضانه..همست صفوة مرة أخرى بـ إشتياق
-وحشتني يا قلب أمك
-قبّل جبينها وقال بـ إبتسامة:وأنتي كمان يا ست الكل
ولكن والدته ظلت تبكي..أزال يونس عبراتها وقال بـ حنو
-خلاص متعيطيس يا ست الكل..أنا أهو فـ حضنك ومش ناوي أبعد خالص
-جذبته مرة أخرى إلى أحضانه وقالت بـ صوتٍ مبحوح:فكر بس تعملها وأنا أقتلك بجد المرادي...
ضحك يونس وهو يربت على ظهر والدته..رفع أنظاره إلى والده الذي أدمعت عيناه سعادةً..ترك والدته وإتجه إلى قدوته في الحياه..رفع رفعت يده وأخذ يتلمس وجهه وأنه حقيقة وأصبح بينهم الآن..كانت عينا الأول تنظر إلى والده بـ إشتياق فـ تشدق الأخير
-حمد لله ع سلامتك يا سيادة المقدم
ثم إرتمى في أحضان ولده وأكمل بـ صوتٍ مُختنق
-كانت روحنا رايحة من غيرك يا بني..
-ربت على ظهر والده وقال:وأديها رجعت
-برجوعك يابني..برجوعك...
جذب يونس يد والده قبّلها عدة مرات وعيناه تلمع بـ عبرات أبت النزول..ربت رفعت على رأسه ولده..ثم رفع أنظاره إلى تلك التي تُتابع المشهد بـ عبرات تنساب ممزوجة بـ إبتسامة..إبتسم هو الأخر وقال بـ هدوء
-تعالي يا بنتي...
ترددت في التحرك ولكن نظراته الحنونة ونظرات والدة يونس شجعتها على التحرك..وصلت إليه وهى تبتسم بـ توتر..أمسك يونس يدها وقال لـ والده بـ إبتسامة
-دي بتول..مراتي
لم تتغير ملامحه الحنونة ولم يبدُ عليه الصدمة..بل إتسعت إبتسامته وقال بـ جدية زائفة
-مش واجب عليكي برضو تسلمي على حماكي!!
إرتبكت بتول كثيرًا ثم إتجهت بسرعة وهى تمد يدها..تشدقت بـ توتر وهى تنظر إلى والده وقد علمت مِن منْ ورث يونس ملامحه البشوشة
-أسفة يا عمي..إزي حضرتك!
-ضحك رفعت وقال:حضرتي كويس..
ثم أكمل بـ صرامة زائفة
-ومفيش عمي تاني..من النهاردة بابا وبس
ضحكت بتول بـ خجل ولكنها أماءت بـ موافقة..ثم إتجهت إلى صفوة وإحتضنتها بـ حب..لكز رفعت ولده بـ خفة ثم هتف بـ مرح
-أيوة يا واد وعرفع تنقي
-ضحك يونس وأكمل:أيوة يا واد خدت السنيورة...
وضحكا كِلاهما...
وبعد مدة من الجو المرح والملئ بـ الأجواء العاطفية وقد تفاجئت بتول من ردة فعلهم الودودة ..لم تتوقع كل ذاك القدر من الترحيب والسعادة بها..بل ظنت أنها ستُنبذ وسيثور والده ما أن يبصرها..إلا أنه حدث العكس تمامًا...
أخذت تُحدق بـ غرفة حبيبها والتي تتسم بـ الطابع الرجولي..إستشعرت منها هيبته و وقاره الهادئ..حنون ورائع..نطقت غُرفته بـ كل ذلك...
شعرت بـ يده تحاوط خصرها وقُبلة رقيقة توضع على منكبها وهمسه المُغري يُداعب أُذنها
-هتنامي الليلة فـ حضني...
إلا أن بتول إبتعدت عنه ورمقته بـ غضب تفاجئ به..ثم تشدقت وهى تضع يدها في خصرها بـ حدة
-لا يا بابا لا..مضمنكش وأنت وعدت بابا...
وضع إصبعه أمام فاه وبـ وداعة طفل في الخامسة من عمره تشدق
-والله هنام مؤدب
-ضحكت بتول وهى تضرب كف على أخر ثم قالت:وعد!!
وضع يده على أُذنيه وبـ مرح تشدق
-وعد...
وبـ حركة خاطفة جذبها إلى أحضانه..حاوط خصرها وهو يقربها إليه..إستند بـ جبهته على جبهتها وقال بـ عبث
-بس دا ميمنعش إني أحكيلك حكاية قبل النوم
وقبل أن تستفسر كانت شفتاه تتكفل بـ الشرح وهى تضم شفتيها إليه بـ تملك وكأنه يصك ملكيتها له..تحركت يده عن خصرها وإرتفعت إلى ظهرها تحاوطه كله..عاصفة مجنونة..هذا هو حبهما..جنون وعشق لا مُتناهي..كان يونس يظن أنه ستكون قصة حب من طرف واحد وسيظل يتلظى بنار العشق..أما بتول لم تكن تظن في أعظم أحلامها أنها ستعشق يونس إلى تلك الدرجة..شعرت به يسرى بـ روحها..عشق كامل لا يتخلله ثغرة سوى ذاك الخطر المُحدق بهم...
إبتعد يونس عن مرمى شفتيها فـ لو بقى لحظة أخرى..سيرمي كل وعوده خلف ظهره ويجعلها زوجته قلبًا وقالبًا..إستند جبهته بـ جبهتها وظل صدريهما يصعدان ويهبطان بـ جنون مُتأثرًا بما عايشاه مُنذ قليل..هتف يونس وهو يتحسس شفتيها المُتورمة بـ إبهامه وقد غلب على نبرته العاطفة
-حبك طوفان غرقني...
هكذا يرحلون دون وداع...
هذه الحياه قاسية لتنتزع منا لحظات لم نعشها بعد...
داعبت كلمته قلبها بـ رقتها..كلمة إنبعثت من شفتاه لتُصيب قلبها..إبتسمت بـ خجل ومن ثم هتفت بـ خفوت
-الكلام دا هياخد منحنى تاني..و..وكدا مش هينفع..أنت وعدت بابا
ظل بعض الوقت ينظر إليها دون حديث حتى ظنت أنه قد غفى في وقفته..نظرت إليه بـ تدقيق لتلمح نظرات الخبث التي تراقصت في حدقتيه..ليقول بعدها بـ همس عابث
-امممم..هتاخد منحنى تاني..زي إيه مثلًا يا بتولي!!
-تضرجت وجنتيها بـ حمرة خجلة وقالت بـ تلعثم:آآ..أنت..أنت عارف
-إتسعت إبتسامته خبثًا وأكمل:لأ معلش عرفيني...
تأففت بـ حنق ثم أبعدت يده عن خصرها وإبتعدت هى..ضيقت عيناها بـ حدة وأشارت بـ سبابتها تحذيرًا..ثم تشدقت من بين أسنانها
-أنت ع فكرة مش محترم..وأنا هقول لبابا يرجعني...
وضع يده على فكه وظل يحركها عليه بـ بطئ جعلها تتيقن أنها نطقت بـ حروف حمقاء مثلها..وهذا ما سمعته وهو يقترب منها بـ خفة فهد
-عيبك يا بتول الكلب إنك بتنطقي بحاجات أنتي مش قدها
-إبتعلت ريقها بـ صعوبة وهتفت ب شجاعة زائفة:لأ قدها..وهروح دلوقتي...
وقبل أن تتحرك بـ خطوات واهية كان هو ينقض عليها ويحملها على كتفه..تدلت رأسها على خصره وظلت تركل بـ قدميها بعد شهقة قوية صدرت منها غير قادرة على الصراخ..همست بـ تحذير
-يونس أهلك بره..وهياخدوا عنا فكرة مش حلوة...
لم يرد عليها بل يبدو أنه لم يسمعها من الأساس..وبلا أي مقدمات..رماها على الفراش ومن ثم جثى فوقها..تأوهت هى بـ قوة وكادت أن تنهض ولكنه كبّل حركتها ورفع يده أعلى رأسها..ظهرت إبتسامة متسلية وهو يتشدق
-طب ما ياخدو..ملهمش حاجة عندنا...
ظلت تتلوى أسفله بـ عنف علها تتملص منه ولكنه كان يتراقص بـ حاجبيه بـ إستفزاز..إلى أن سكنت وهتفت بـ تعب لاهثة
-خلاص تعبت
-إرتسمت ملامح خبيثة على وجهه وقال:خلاص أريحك أنا
-هتفت بـ ذعر:يونس..بلاش تهور...
إنخفض بـ وجهه حتى إقترب من خاصتها وظل يُداعب أنفها بـ أنفه ثم تشدق وهو يراها قد بلغت من الذعر ما يكفي
-خلاص مفيش التهور النهاردة..نخليها بكرة
-زفرت بـ إرتياح وقالت:جميلك دا فوق راسي...
ضحك يونس ملئ فاه ثم نهض عنها..ولكنه ما أن ترك يدها حتى لاحظ حلقته النُحاسية التي لم تنزعه عنها كما وعدته..نظر إلى زيتون عيناها ليجدها تنظر إليه بـ إبتسامة رائعة ثم همس بـ عدم تصديق
-مقلعتيهاش!!
-هزت رأسها بـ نفي ثم قالت وهى لا تزال تحتفظ بـ إبتسامتها:أنا وعدتك..وبعدين دي شبكتي...
لمعت عيناه بـ وهج رائع جعلها تتيه فيه..وإبتسامتها تتسع عشقًا..ليجذب يدها ثم أزال الحلقة من يُمناه تحت نظراتها المُتعجبة ثم وضعها بـ يسراها..رفع يدها وقبلها بـ حنو ثم قال بـ نبرة عذبة مُشبعة بـ العشق
-بعشقك يا بنت السلطان...
وضحكت ملئ فاها على ذلك اللقب الذي لا ينفك ويلقبها به..بالفعل تشعر بـ أنها إبنة سلطان من العصور القديمة ما أن تتواجد بـ جانبه..هدأت ضحكاتها ثم همست بـ فضول
-عوزاك تحكيلي حكاية يونس وعزيزة كلها
-رفع حاجبيه ثم قال بـ مُداعبة:تؤ
-وضعت يدها على صدرها وقالت بـ إلحاح:عشان خاطري
-تراقص بـ حاجبيه مرة أخرى وقال:مش قادر..بعدين...
لوت شدقها بـ ضيق ثم قالت بـعبوس
-خليك فاكر هيجي اليوم اللي هتعوز تحكيلي فيه الحكاية ومش هسمعك
-قرص وجنتها بـ خفة وقال:لما يبقل يجي اليوم..هخليكي تسمعيني غصب عنك...
***************************************
أنت بـ خفوت وهى تفتح عيناها..لتجد ظلام يُحيط بها إلا من خيط رفيع من الضوء الصادر عن القمر..رفعت رأسها وهى تتأوه لتتسع عيناها بـ ذعر وهى تتأمل السكون والفراغ حولها..حاولت النهوض ولكنها وجدت نفسها مُكبلة..ظلت تصرخ ولكن خرج صوتها مكتوم من تلك القماشة التي تمنع فمها عن الصراخ..ظلت تبكي بـ نحيب وخوف..أخذت تتلوى بـ عنف ونحيبها يزداد...
فُتح باب ذاك المكان الدامس ومعه صوت أزيز مُنفر..تبعه صوت خطوات رتيبة هادئة هدوء يبعث الرهبة في النفوس..توقفت حركتها وظلت تتطلع إلى الجسد الذي يتقدم إليها..كان الظلام يحجب عنها الرؤية..حتى أبصرت وجهه البغيض..إتسعت عيناها بـ هلع وهى تهمس بـ صوتٍ مكتوم
-عز الدين!!!
إبتسامة حقيرة إرتمست على وجهه..ثم دنا بـ جسده الضخم إلى جسدها الضئيل..شعور من الرهبة والذعر تملكها وهى تبصر وجهه وعيناه التي أُصيبت بـ الجنون..كانت تسمع عنه من عدي و سيف ولكنها لم تتخيله بـ ذلك الجنون وقد لمحت بعض الهوس...
إبتلعت ريقها بـ صعوبة وهى تراه ينظر إليها نظرات بثت الرعب في جسدها..مدّ يده ليُزيح القماشة عن فاها ولكنها تراجعت بـ هلع..إرتفع حاجبيه بـ ذهول مُصطنع وقال بـ براءة مريضة
-الله مالك!!..دا أنتي حبيبة الوحش..معقول تخافي مني..دا سيف حبيبي...
دمعت عيناها مرة أخرى ولم ترد عليه..رفع إبهامه يُزيل العبرات ولم تملك سوى البكاء أكثر وملامحها ظهر عليها النفور جليًا..همس بـ فحيح أفعى سامة
-مكنتش أعرف أنك حلوة أوي كدا..صحيح أول مرة أشوفك والظروف مش مساعدة..بس أحب أتعرف عليكي...
أخفضت رأسها بـ تعب وأكملت نحيب..جلب هو مقعد حديدي كـ المُقيدة عليه وجلس أمامها..رفع يده إلى خُصلاتها الحريرية وبـ حركة سريعة جذبها منها ليرفع وجهها إليه..تأوهت بـ صراخ حاد ولكنه لم يكترث..مال إلى وجهها وأكمل همسه بـ نعومة
-طول ما أنا بكلمك..متحطيش وشك فـ الأرض...
زاد نحيبها وقد بدأت ضربات قلبها في التصارع من لهجته وملامحه المُريعة..خفت قبضته عن خصلاتها وأخذ يُملس عليها بـ رقة..همست في داخلها
-أنت واحد مريض...
إبتلعت ريقها الذي جف ثم همست بـ خوف
-آآ..أنت عاوز مني إيه!!
-مستعجلة ليه أدينا بندردش...
توقف عن تمليس خصلاتها وإستراح في جلسته..ثم أكمل حديثها بـ هدوء
-أنتي خطيبة سيف المستقبلية..مش كدا!
توسعت عيناها بـ ذهول ولكن لم تملك سوى أن تومئ بـ رأسها إتقاءًا لجنونه..إبتسم بـ خبث وأكمل
-عظيم..طب هو عارف إن ست الحسن بتعط من وراه..لأ ومع مين!...
شحب وجها بـ درجة كبيرة وقد فقدت قدرتها على النطق..ليُكمل هو حديثه بـ نبرة قاسية
-الرائد عدي أبو شادي...
ألجمت الصدمة لسانها وقد زاد شحوب وجهها وشفتيها تحولتان إلى اللون الأبيض..شعر هو بـ رجفتها وعيناها التي بدأت في ذرف العبرات مرة أخرى..لتتسع إبتسامته الشيطانية وهو يهمس
-أنا هوريكي عرض مجاني..كمان كام ساعة...
******************************************
جلس على الأريكة بـ غضب بعد أن طردته بتول شر طرده عقب إستفزازه لها..نزع عنه قميصه القطني وبقى عاري الصدر عله يُخفف من حراره جسده التي أصابته من الغضب..ظل يهز قدمه بـ عصبية ثم نهض بـ عنف قائلًا
-البيت بيت أبونا والغرب بيطردونا...
وبـ خطوات غاضبة توجه إلى الغُرفة وقبل أن يطرق بابها بـ عنف..وجدها تفتح الباب مع إبتسامة ناعمة..حدق بها بـ بلاهة وهو يراها ترتدي منامة من اللون البني ذات بنطال واسع من خامة الحرير..تعلوه كنزة من نفس اللون بـ الكاد تصل إلى بداية البنطال وحمالاتها رفيعة..رفيعة جدًا..فـ أظهر جمال منكبيها المرمري...
دلف إلى الغرفة مسلوب الإرادة فارغ الفاه..نسى غضبه وتطاير أدراج الرياح..فتح فاه كي يتحدث ولكن تطايرت الحروف وهو يرى خُصلاتها السوداء الممزوجة بـ اللون الذي حاكى لون منامتها وهو ينسدل حول وجهها كـ هالة..إبتسمت بـ رقة تُذيب القلوب وهى تقول
-مالك يا يونس!
-رد هائمًا:يونس!!..يونس عظيم...
ضحكت بـ رقة أكبر ولم ترد..توجه إليها حتى وقف أمامها ثم همس وعيناه تدور على معالم وجهها الرقيقة
-والمفروض أكون قديس وأنا معاكي بـ المنظر دا..صح!!
أماءت بـ رأسها بـ قوة..ليضع يده على وجهه ويفركه بـ عنف صاعدًا إلى خصلاته..أخفضت وجهها ولم تتحدث تاركه إياه يتلظى بـ مظهرها الذي يسلب الألباب..تشدق بـ صوتٍ أجش
-روحي نامي يا بتول..وأنا هغير وأجيلك...
-طيب...
قالتها بـ خفوت ومن ثم ركضت إلى الفراش..تمددت عليه ثم أعطت إلى يونس ظهرها والذي كان يتحرك بـ عصبية إرتفاعًا وهبوطًا..أبدل ثيابه إلى بنطال قماشي من اللون الأسود يعلوه كنزة بلا أكمام من ذات اللون وإتجه إليها..ظل يزفر عدة مرات بـ ضيق وقلبه كـ مضخة جبارة لا يستطيع إسكاتها..فـ قربها منه إلى تلك الدرجة وهنام رابط قوي يربطهم يجعله في موقف لا يحسد عليه...
رفع الغطاء وتمدد عليه مُعطيٌا ظهره إليها..أغمض عيناه يستجدي النوم وكذلك أنفاسه الهاربة والتي توقفت وهو يشعر بـ أنفاسها تحرق ظهره..تصلب جسده كله وما زاد تلك الصاعقة التي ضربت مراكزه الحسية ما أن شعر بـ يدها تلتف حول خصره..ثم سمع همسها الخجول
-كنت عاوزة أجرب إحساسي وأنا حضناك...
ثم دفنت رأسها في ظهره تتنفس رائحته الرجولية بـ عمق..ستهلكه..ستهكله لا محالة..لا يتسطيع التحكم في نفسه بـ مجرد قربها والآن تُبادر بـ إحتضانه..إبتسم بـ عشق لتلتف يده حول يدها المُلتفة حوله ثم رفعها وقبلها..همس بـ نبرو عذبة تبعث الأمان في نفسها
-تصبحي على جنة
-إتسعت إبتسامتها وهى تهمس بـ حب:وأنت من أهل الجنة...
***************************************
إرتدى ملابسه بـ عشوائية ولم يهتم إلى هيئته..أخذ هاتفه ومفاتيح سيارته وإنطلق لا يدري إلى أين..إتصل بـ عز الدين ولكنه لا يرد..مرة وأثنان وثلاث ولكن لا رد..صرخ بـ صوته كله وهو يُدير المُحرك...
إنطلقت السيارة ومعها رنين هاتفه..أخرجه ليجده عز..فتح الخط وصرخ بـ كره
-أقسم بالله هقتلك يا عز خلاص أنت جبت أخرك معايا...
أتاه صوت عز الدين يضحك بـ صخب ثم تشدق بـ عتاب خبيث
-أخص عليك يا سيف..وأنا اللي كنت هقولك تعالى عشان تستلم السنيورة...
تجمدت ملامح سيف وكذلك يده القابضة على الهاتف..فـ أكمل عز الدين بـ فحيح أفعى
-تعالى ع العنوان دا وهتلاقي روضة هناك
-هدر سيف:عاوز أسمع صوتها
-من عنيا...
ثم سمع صوت خطوات وبعدها بكاء مكتوم..ثم صوت روضة الضعيف يهمس
-سيف!!
-رد عليها سيف بـ لهفة:أيوة يا قلب سيف..أذاكي؟!
ولكنه لم يستمع إلى ردها بل إلى صوته الكريه وهو يقول
-أهي كويسة أهي ومش ناقصة صابع حتى..تعالَ ع العنوان اللي هديهولك...
ثم أملاه العنوان و سيف قد قست ملامحه دون أن يرد..أكمل عز الدين حديثه بـ جدية إتسمت بـ الخبث
-تعالَ بعد ساعتين وهتلاقيها هناك...
ولم يمنحه الوقت للرد إذ أغلق الهاتف بـ وجهه...
وعلى الجانب الأخر..مال عز الدين إليها وقال بـ فحيح أفعى
-إستعدي للـ show (العرض) اللي هيحصل
ملس على وجنتها بـ تقزز ثم عبث بـ هاتفه..ثوان وفُتح الخط ثم جاء صوته الرخيم
-أيوة مين!!
إتسعت عيناها بـ هلع وقد فطنت لمخططه القذر..إرتفع نشيجها وأخذت تتلوى بـ عنف..نظر إليها عز الدين بلا مبالاه ثم رد على عدي بـ صوتٍ ماكر
-عندي أمانة تخصك!
-جاؤه صوت عدي الغاضب:أمانة إيه يا ***!
-رد عز الدين بـ عبوس:طب وليه الغلط!..عمومًا هسمعك صوتها...
مد الهاتف إلى فاها ثم قال بـ نبرة شيطانية
-سلمي على حبيب القلب
هزت رأسها بـ نفي..لتتلقى صفعة مدوية على وجنتها جعلتها تتأوه..ثم عاد حديثه بـ صوتٍ جهوري
-إخلصي
-همست بـ نحيب:عدي...
تسارعت أنفاس عدي في تلك اللحظة وقد أظلمت عيناه بـ درجة مرعبة..ولكنه قد بدى وأنه فقد النطق..جاؤه صوت عز الدين الذي تحدث بـ مكر
-إيه رأيك فـ المفاجأة؟..تهوس مش كدا؟!
-صدح صوت عدي الجهوري:أقسم بربي لو لمستها لكون قتلك بـ أبشع الطرق...
قهقه عز الدين بلا أي مرح ثم قال بـ تجهم
-قدامك ساعتين بالظبط..تيجي تستلمها ومعاك الـ***أخوك..غير كدا صدقني هتستلمها جثة متقطعة...
أملاه العنوان وهو يستمع إلى سباب عدي إلا أنه لم يعطِ للأمر أهمية وأغلق الهاتف..دسه في جيب بنطاله..ثم إنحنى ومر بـ إبهامه على وجنتها إلى عنقها هامسًا بـ إنتشاء
-أتمنى إن عرضي البسيط يعجبك...
وتحرك بـ خطىٍ رتيبة كما دلف تمامًا..تاركًا إياها في الظلام يُؤنسها نشيجها...
****************************************
فتحت جفنيها بـ تثاقل وهى تشعر بـ ألم رهيب في رأسها..كل ما تتذكره أنها إنتفضت فزعة على صوت عدي وهو يزأر كـ أسد جريح...
"عودة إلى وقتٍ سابق"
إنتفضت من نومها وصوت عدي قد صدح بـ الخارج
-يونس..بسرعة أطلع...
نهض يونس مُسرعًا وقد إنتفض قلبه بـ فزع..فتح باب الغُرفة ليجد عدي يسحبه وقد هاله منظر وجهه البشع..تساءل يونس بـ قلب مُنقبض
-في إيه يا عدي؟!
-رد عدي بـ كلمات إمتلأت رعبًا:خطفها..خطفها يا يونس ومحتاج مساعدتك
أوقفه يونس جبرًا وقد خرج الجميع على صوت عدي..ثم تساءل بـ هدوء
-مين اللي خطفوها!!
-روضة..أبوس إيدك يلا قبل ما يعمل حاجة فيها
-لم يفكر مرتان:ثواني هلبس وجاي...
ثم تركه ودلف يُبدل ملابسه..توجهت بتول تُواسيه وقد إرتسمت ملامح الحزن على وجهها
-هتلاقيها إن شاء الله
-رمقها بـ قسوة قائًلا:أنتي السبب..لو جرالها حاجة..مش هتكفيني عيلتك
شهقت بتول ولم ترد. بينما إلتمعت عيناها بـ عبرات أبت النزول..نهره والدته و والده كما أنهم واسوه..ربتت صفوة عل كتفها وقالت بـ إحراج
-معلش يا بنتي أكيد ميقصدش
-إبتسمت بـ بهوت وقالت:أكيد يا طنط ربنا معاه...
خرج يونس في تلك اللحظة وسحب عدي خلفه..دون حديث دون وداع..هكذا تركهم جميعًا..كانت تعلم جيدًا أن الحرب القذرة ستشتعل ولكنها مبكرًا..فلم يكد يفوت أكثر من ساعات حتى بدأ عز الدين في شن هجومه...
دلفت إلى الغرفة واجمة..ولكنها إستمعت إلى صوت هاتفها والذي أعلن عن وصول رسالةً ما..فتحتها فـ وجدتها من يونس يطلب منها على عجالة جلب سلاحه..قذفت الهاتف ثم أخذت تبحث عن ذاك السلاح فـ وجدت أحدهم دون أن تعلم ما نوعه حتى..وضعت سترة سوداء على كنزتها الفاضحة وخرجت..سألتها والدة يونس فـ أخبرتها بـ إختصار ثم تحركت سريعًا حتى لا تتأخر...
لكنها لم تكد تخطو خارج المنزل حتى وجدت من يُكمم فاها ثم ضربة على رأسها أفقدتها الوعي...
"عودة إلى الوقت الحالي"
وأفيقت هنا على ذلك الفراش الغريب عنها..نهضت بـ تثاقل وهى لا تزال تترنح إثر الدوار..توجهت إلى باب الغُرفة وكادت أن تفتحه إلا أنه فُتح على مصرعه ليدلف هو..إرتجف بدنها بـ قوة وقد شحب وجهها فجأة كـ شحوب الموتى..إتسعت عيناها هلعًا وهى تهمس بـ رعب
-عز الدين!!
إبتسم أبشع إبتسامة قد تراها يومًا وهو يقترب منها..أغلق الباب خلفه..ثم نظر إليها بـ نظرات أحرقتها..عقد ذراعيه أمام صدره وقال بـ غموض
-عارفة أنتي فين؟!
لم ترد عليه بل ظلت تتراجع..إلا أنه صرخ بها بـ صوته الجهوري
-ردي..عارفة أنتي فين؟!
هزت رأسها سلبًا..ليعود ويتقدم منها بـ خطاه التي تُسبب الرعب في النفوس..ثم أكمل حديثه بـ مرارة
-دا المفروض هيكون بيتنا..دا بيتنا يا بتول..كنت عاملهولك مفاجأة...
إبتلعت ريقها بـصعوبة وهى تشعر بـ إنسداد حلقها..ثم همست بـ خوف
-عز..سبني أمشي بالله عليك...
توقف لحظة ثم عاد يتقدم منها وقال بـ هدوء خطير
-عاوزة تمشي عشان تروحيله!!..نجوم السما أقربلك...
صمت ثم أكمل بـ قسوة وقتامة
-البيت دا كان هيشهد على حبنا..دلوقتي هيشهد على حاجة تانية...
كانت تتراجع وهى تهز رأسها بـ هستيرية..ولكنه بـ لمح البصر جذبها من ذراعها بـ قوة..لتصرخ صرخة شقت هذا الهدوء القاتل..أمسكها من كِلا ذراعيها وضغط بـ قسوة عليهما..ثم إقترب منها وأخذ يشتم عبقها..أغمضت عيناها بـ نفور وأكملت نحيبها الهلِع..تشدق عز الدين بـ غضب و صوته دوى كـ الرعد
-أنا شامم فيكي ريحته..هو لمسك صح؟!
إرتفع نحيبها مع صوت الصرخات إلا أنه هزها بـ عنف
-ردي عليا..لمسك!..سبتيه يلمسك ليه!..أنتي كلك ملكي..أنا بس اللي مسموحلي ألمسك...
ثم دفعها بـ عنف إلى الفراش لتتسع عيناها بـ هلع وإزدادت صراختها قوة..كبل هو يديها أعلى رأسها وبـ قدميه كبّل قدماها..إقترب من وجهها وهمس بـ حدة وشهوة
-كنت مانع نفسي عنك عشان خاطرك..وفـ الأخر تخليه يلمسك!!..لأ يا بتول..أنتي كل حاجة فيكي بتاعي..مش هتخرجي من هنا غير وأنا مالكك..
ثم مال أكثر وهمس في أذنها ما جمدها وجعل الدماء تهرب من عروقها
-أنا عاوز أدوق اللي داقه يونس...
وكانت الصرخات تتوالى ولكنه يكتمها بـ شفتيه القذرتين..صفعها عدة مرات ولكن مقاومتها لم تخبو..ظلت تتحرك أسفله بـ هستيرية إلا أنه لم يزده إلا إصرارًا..مال على عنقها يلتهمه وهى لا تزال تصرخ حتى شعرت بـ أحبالها تتمزق..وفي ظل غمرته أفلت يدها لكي يشق كنزتها فـ إستغلت ذلك وخدشته في وجهه بـ أظافرها..تأوه عز الدين وإبتعد عنها...
إستغلت تلك الفرصة ونهضت تركض..إلا أنه أمسك قدمها لتقع أرضًا..سحبها له لتعود وتصرخ..إلا أنها ركلته بـ قدمها في وجهه ونهضت بسرعة تركض...
فتحت باب الغرفة لتسمع صوت أقدامه خلفها..إزدادت هلعًا لتخرج من الغرفة سريعًا..إلا أنه أمسك يدها لتظل تجذب نفسها بـ عنف وكانا قد وصلا إلى الردهة..وفي ظل شراسته لم تجد سوى أن تنبش أظافرها بـ معصمه وهى تجذب نفسها..وتحت شراسة أظافرها ترك يدها مُتأوهًا..إختل توازنها لتعود بضع خطوات إلى الخلف لتجد نفسها تتخطى سور الردهة القصير وصرخة وحيدة طويلة إتطلقت منها قبل أن يسمع صوت إرتطام عنيف على الأرضية الرخامية...
إتسعت عيناه بـ صدمة ثم إتجه إلى السور بـ خطى بطيئة ونظر إلى الأسفل..ليجد جسدها يفترش الأرضية وبقعة الدماء تتسع حول رأسها..ساكنة بلا حراك..همس بـ شرود
-أنا قتلتها

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1