رواية دره القاضى الفصل التاسع بقلم سارة حسن
في ليلة فتيات خاصه، اجتمعن كل من دره وشهد، امتزجت جلستهن بالضحكات والحنين للماضى،لكن عم الصمت فجاءه عندما استمعوا لصوت ارتطام قوي من الخارج، ركضوا الفتيات للخارج، فاشهقت دره بخوف عندما و جدت و الدتها ملقيه علي الارض لا تتحرك ، اقتربت منها بأيدي مرتعشه و حاولت بأعصاب تالفه اسعافها وافاقتها و لكن دون فائدة .
قالت شهد ببكاء وخوف:
-دره ماما مالها
حاولت دره تمالك نفسها مع دموعها ونهضت قائله :
- احنا لازم ننقلها المستشفي دلوقتي هاجيب تاكسي بسرعه
ولم تنتظر اكثر،فا نزلت علي الدرج بسرعه غير مدركه لملابسها المنزليه التي ترتديها،و قفت امام البيت تتلفت يمينا و يسارا تبحث عن غايتها ، اي سيارة تاكسي تنقل والدتها للمشفي فقد بلغ الخوف منها مبلغه.
خرج حسن من ورشته بعدما اغلق الانوار، وعند انتهائه من اغلاق الباب الحديدي التفت وعقد حاجبيه بتفاجئ ،من و قوفها بملابس بيتيه غير ملائمه للخروج بها.. اتجه اليها بغضب متمتآ بعده كلمات غير مفهومه ناويآ علي تعنيفها ، اقترب منها وقال بحده:
-انتي ازاي تنزلي من بيتك كده انتي اتجننتي.
التفتت اليه و كانه طوق النجاه امامها،مسكت ساعده و عيناها تذرف الدموع ، وبصوت يرتجف قالت:
-حسن ماماتعبانه اوي لازم تروح المستشفي
نظر ليديها التي امسكت يديه للحظه،ثم انتبه اليها ونظر حوله، ومسكها من ساعدها وادخلها للداخل بعيدا عن اعين المتلصصين وهتف بصوت حاول فيه ان يكون هادئآ ويطمئنها:
-طيب اهدي اهدي بس واطلعي البسي حاجه بسرعه ، و انا هاجيب العربيه من علي اول الشارع و نوديها المستشفي يالا
هزت راسها موافقه و هرولت لاعلي مره اخري، و ما انتهت من ملابسها هي و اختها و وجدته واقف امام الباب متنحنحآ ليلفت انتباههم.
قالت شهد و علي وجهها علامات البكاء وهي تشير للداخل :
-ماما هنا
اتجه حيث اشارت و حمل والدتها بين يديه و توجه بها للمشفي و هن من خلفه .
...........
بعد مرور بعض الوقت بتواجدهم بالمشفي
خرجت من غرفه و الدتها بالمشفي وراسها منخفض لاسفل بحزن
اتجهت اليها شهد بلهفه و قالت متسائله:
-دره ماما مالها هي كويسه !!
اجابتها دره بصوت خافتا:
-غيبوبه سكر
عقدت حاجبيها وقالت شهد باستغراب :
-سكر وامتي ماما كان عندها سكر
حركت دره راسها بعدم المعرفه و اردفت :
-مش عارفه، المهم أنا طلبت أنها تبات هنا النهارده عشان نطمن اكثر
قالت شهد مؤيده :
-طيب كويس بس ،دره انتي وشك مخطوف اوي هاجيبك حاجه من الكافتيريا واجي بسرعه
و دون انتظار اجابه شقيقتها تحركت و تركتها خلفها...
اخذت دره نفس عميق و اتجهت من اقرب مقعد وجلست عليه ، ثم اغمضت عينيها و عادت برأسها للخلف،راقبها من بعيد ذلك المنزوي بركنآ ولكنه مسمتع لكل شئ حتي اذا احتاجن لشئ يكون متواجدآ.
شعر بحاله الانهاك المصابه بها بعد ذلك القلق والخوف الذي تعرضت له ،اقتربب منها بهدوء و وقف امامها مباشرة دارت عينه علي جفونها المبلله و وجها الشاحب وحتي شعرها المعقوص للخلف بعشوائيه، اقترب منها خطوة اخري، فا فتحت هي عينيها اثر حجب الضوء عنها نظرت اليه بصمت دون ان تتحدث،طالت نظراتهم دون حديث، جلس حسن بجانبها و تنهد و وقال:
-ماتقلقيش ان شاء الله هاتبقي كويسه
اومأت براسها بتعب ببنما اكمل هو
حسن بهدوء:
-انا عارف انك ممكن تكوني مش حابه و جودي بس ماينفعش اسيبك قصدي اسيبكم لوحدكم، فا هابعد لقدام هنا علشان لو احتجتوا
قطعت حديثه بصوت خافتآ ضرب قلبه بمقتل، وغلالة دموع اظهرتها مثل الورده
التي سقط عليها ندي الصباح، هشه ورقيقه..وجميله:
-ما تمشيش
اعتدل اليها وقال ولا رغبة له برؤية دموعها :
-مش هامشي ،بس بلاش تعيطيي
ابتلعت ريقها و بدءت عبراتها بالتجمع بعينيها و قالت بخفوت :
-كنت خايفه اوي عليها،اول مره احس اني لوحدي بابا ، كان دايما معانا ،كنت خايفه تتعب وو
لامست يده يديها، حتي احتواها كليا بكفيه،وقطع حديثها مشددآ علي حروفه:
-هي كويسه دلوقتي ،و انتي مش لوحدك انا معاكي
تطلعت ليديه الممسكه بيديها للحظات ثم نظرت لعينيه، تلقت منه تلك النظره الحانيه من عينين تشبه الغيوم وكأنه يربت علي قلبها لتهدء،كانت في تخبط شديد منه، وحسن مأخوذ بسحرها القريب منه.
....................
خرجت من الحمام بعد مكوثها بالداخل لوقت ليس بالقليل،خرجت بوجه مبلل اثر غسله من دموعها و وعينين حمراوتين،وجدته بانتظارها مستندا علي الحائط ، توقف شهد مكانها و اعتدل هو بوقفته واقترب منها يتطلع لها بصمت مسك يديها و جلسوا باقرب مقعد
و قال سيف بهدوء:
-كل ده عياط
قالت بصوت متحشرجا حزينا :
-خايفه علي ماما
قال سيف مطمئنا اياها:
-اختك طمنتنا و ان شاء الله هاتبقي كويسه،بطلي عياط بقي
حركت رأسها بالايجاب و قالت بطاعة :
-حاضر
ابتسم سيف وقال مبددا هدوئها الوليد:
-ايه ده حاضر علي طول كده امال فين طوله اللسان انا بحبها اكتر
ابتسمت له وهي تمسح عينيها من اثر البكاء:
-افوقلك بس وهاوريك
اتسعت ابتسامته و يديه تمحي اثر آخر دمعه علي و جنتيها قائلا بخفوت :
-لا انا متوحش خافي مني
ضحكت بخفوت ورقه وقالت وهي مؤكده:
-ايوه انت متوحش
تسمعت لتنهيدته و صوته المغلف بالعاطفه:
-انتي مش عارفه بطريقتك دي بتعملي في المتوحش ده ايه مش هاصبر عليكي كتير
تسائلت بعدم فهم قبالته قائله:
-يعني ايه؟
ارسل اليها سيف ابتسامه عذبه و قال ما بجيش بصدره :
-يعني بحبك
..............
سحب يده بسرعه و ابتعد عنها مدركا فعلته ، حتي انه وقف بمسافه بينهما وكأنه يحمي نفسه من هالتها.
استغربت دره رده فعله المفاجئه فبرغم الامان الغريب الذي شعرت به بقربه ، و لكنها تشعر دائما و كأنه يهرب من شئ ما.
مسحت علي و جهها لتشتت تفكيرها بحضور و لكن الان لم يكن شغلها الشاغل سوي والدتها .
-دكتوره دره خير مالك
التفتت دره لصوت زميلها حسام الذي وقف بحانبها فااجابته دره :
-والدتي تعبت شويه وموجوده هنا
قال لها بقلق:
-ياخبر مالها خير
-غيبوبه سكر
عقد حاجبيه و قال معاتبآ:
-ازاي ماعرفش يادره مش المفروض تقوليلي
زفر حسن بضيق وعينيه تدور علي كلاهما،انتبهت له دره والتفت اليه حسام متسائلا :
-مين الاستاذ
وقبل ان تجيبه دره، اقترب منه حسن وصافحه ببرود مقاطعآ ردها:
-حسن القاضي
اومأ له حسام و تابع حديثه لدره بأهتمام:
-طبب يادره هاشوف كام حاله و لو احتجتي اي حاجه ابعتيلي وانا هارجعلك تاني ماتقلقيش
اومات دره إليه برأسها قائله:
-اتفضل يادكتور
مر من امامها و وجهت انظارها الي حسن
بنظراته الغريبه فا قالت:
-هو انت بتبصلي كده ليه
رد ببروده المعتاد :
-و لاحاجه بتفرج
سالته باستغراب و قالت:
-بتتفرج علي ايه
اجابها وهو ييبتسم باستفزاز،وعينيه خلف الطبيب :
-علي معجبينك يادكتوره
اغمضت عينيها بضيق وذمت شفتيها بغيظ، ها قد عاد لفظاظته و اسلوبه البارد:
-معجبيني ازاي يعني اتكلم كويس
وضع يديه في جيبي بنطالة وقال لاويا فمه:
-هاتعملي ايه اصل الهمجي اللي قدامك مابيعرفش يذوق الكلام
حاولت جاهده لا تنظر لعينيه اثناء حديثها معه وما وترها اكثر تذكيره بكلمتها والتي يظهر انه لم بنساها بعد .
مسحت علي جبينها وقالت :
-علي فكره انا ماكنش قصدي اقول كده انا كنت خايفه علي شهد و اتضايقت من نفسي خصوصا بعد ماحكتلي اللي حصل، فا يعني ماتزعلش، بس انت كمان اوقات بتكون مستفز جدا بصراحه
انتظر ان ترفع ذهبيتها وتنظر إليه ولو قليلا و لكنها لم تفعل، فا
تسائل دون تفكير بأول ما جاء في عقله:
-انتي مش بتبصيلي ليه و انتي بتكلمي
رفعت ذهبيتها لرماديه عيناه فجاءه، و تابعت بتلعثم و هي ترمش بعينها عده مرات قائله بخفوت :
-مش بعرف اتكلم و انا ببصلك
ابتسم ابتسامه صغيره حقيقيه بهدوء و لمعه عيناه الواضحه :
-بس انا عايز اشوف عنيكي
ضربت كلماته قلبها حتي شعرت بازدياد ضرباته الملحوظه، رمشت عده مرات بعينيها اتجاه عينيه الثابته عليها دون حراك، و ازداد ارتباكها اكثر من جرءته الحديثه و لكن شعورها الحديث بتلك الدغدغه اللطيفه احبته، وتلك المشاعر المستحدثه اتجاه ذلك الواقف امامها بكل تلك الهيبه و القوه والجديه و ايضآ البرود و ايضآ.. الرقه!!
يتبع