رواية مزيج العشق الفصل الواحد و العشرون بقلم نورهان محسن
في منزل الحج عبد الرحمن
هتف زين بصوت جهوري : السلام عليكم
توجهت نظرات روان و جمال الي زين الواقف بثبات امامهم ، لكن ملامح وجهه و تكور قبضته بعصبيه يعكسون مدي حنقه الداخلي ، فالغيرة نار والقلب حطب، فإن لمست قلبك الغيرة فإعلم أنه سيحرق : وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
حاول التحكم في غضبه جالسًا بجانب روان على الأريكة ، ثم رفع ذراعيه ووضع يديه على كتفها وعصره بشده دون وعي منه.
ارتفع نبض قلبها من فعلته ، وأنذهلت من قبضته القوية على كتفها ، لكنها رغم ذلك الالم كانت سعيدة جدًا بقربه منها.
حسنا ، فلا جديد في علاقتهما الزوجية ، لكنها لا تنكر فرحتها
باهتمامه بها وكل ما يتعلق بأمورها
تخدرت قليلاً من رائحة عطره الذي استنشقته ، والذي سحبها إلى عالم وردي ، ولم تلحظ النظرات الحارقة والحرب الباردة بين زين وجمال
عادت للواقع على صوت والدتها وهي تتحدث معها
روان بإنتباه : نعم بتقولي حاجة يا ماما ؟
حنان بإستغراب : وه بقالي ساعه بكلم يا بنتي .. قومي مع جوزك يغير هدومه .. و انزلو بسرعه عشان نتغدي .. ابوكي وصل و قاعد مع جدك في المندرة
رافان: حاضر
رأت يد زين ممدودة إليها ، فنهضت واضعة يديها في يده ،
فأمسك بيديها برفق وصعدت معه إلى الطابق العلوي.
نعود الي الشركة
أنهى أدهم الاجتماع ودخل المكتب ، فرأى ياسمين تتفحص الأوراق بهدوء أمامها ، أو بتعبير أدق ، متظاهرة بالقراءة.
تحدثت ياسمين برقه : استاذ ادهم علي فكرة المدام خرجت
من شوية
التفت إليها متفاجئا بكلامها قائلاً بصوته الرخيم : ما قالتش
رايحة فين ؟
ياسمين بكذب : لا يا فندم
ادهم : تمام
تركها ليدخل المكتب
عند زين و روان
دخلوا الغرفة معًا ، فتركت يديه وذهبت إلى الخزانة ، تبحث له عن ملابس مريحة ، فهي اصبحت تهتم بكل ما يخصه و هذا جعل مكانتها في قلبه تزداد اكثر.
تجعد حاجباها بدهشة عندما شعرت أنه يقف خلفها مباشرة ،
ويحجب الضوء عنها بطول قامته.
لذا تحركت للالتفات إليه ، لكنها لم تستطع فعل ذلك لأنه كان قريبًا جدًا منها ، وشعرت أن ظهرها أصبح ملصقا لعضلات
صدره تماما.
انحنى زين ، وهو يهمس بجانب أذنيها بصوت أجش بسبب انفعاله الشديد ، وغضبه الذي استمر بكتمه في الأسفل.
زين بفحيح : كنتي بتضحكي مع اللي اسمه جمال دا ليه؟ صدمت من حركته وشعرت بحرارة جسده تشع في جسدها ، لم تستطع الرد عليه لأنه كان قريبًا جدًا منها ، لكنها حاولت إخراج صوتها
روان بهمس متقطع : احم .. احنا .. كنا .... لم يفهم كلامها ، فأدارها إليه
هرب منها الكلام وهي تراه عاري الصدر امامها ، فقد خلع قميصه وألقى به في إهمال على السرير
رمشت روان عدة مرات بتوتر و الخجل يغلفها ، و هي تقف أمامه ويحصرها بينه وبين الخزانة بعد أن رفع ذراعيه ، وسندهما على الخزانة حتى أصبحت محاطة بجسده من الجانبين.
تيتام زين بخشون: ما بك؟!
هل يمزح ، كيف يتوقع منها أن تتحدث عندما تكون في هذا
الموقف ؟
وضع إصبعه تحت ذقنها ورفع وجهها إليه ، فحدقت في عينيه بشرود ، و هو في انتظار ردها.
همست روان بعقل غائب : عادي .. كنا بنضحك
قرب وجهه اليها اكثر ، فلم يعد يفصل بينهما مسافة تذكر ، وأنفاسه الحارة اختلطت مع انفاسها و تلفح بشرتها بإثارة.
زين جز علي اسنانه بغيرة : مافيش حاجة اسمها عادي .. انا مش عايزك تضحكي معه تاني مفهوم كلامي
شعرت بفرح كبير في داخلها عندما انتبهت لنبرة الغيرة في صوته ، لذلك أرادت الاستفادة من الموقف قليلاً ، ولكنها لم تفكر في العواقب.
تمتمت قائلة بمشاكسة وبراءة : ليه يعني دا زي اخويا ؟ زين بحزم : انتي مالكيش اخوات غير ماجد و بس
ابتسمت له باستفزاز : لا ليا
نظر زين إليها بحاجب مرفوع ، فواصلت حديثها بإندفاع : انت ... مش دا كان كلامك ليا في اول جوازنا اننا هنعيش اخوات واحنا فعلا زي الاخوات اهو .. يبقي جمال كمان اخويا زيك
ارتفع جانب شفتيه غاضبًا من كلماتها الاستفزازية ، فهي تمكنت حقا من إثارة غضبه ، وقبل أن تفهم ما فعلته ، انحنى واطبق شفتيه على شفتيها ، وجذبها اليه ضاغطا على خصرها بتملك ، وهو يقبل شفتيها المغرية التي أرهقته في الأيام القليلة الماضية بنهم شديد.
أغمضت عينيها بخدر أثر على جسمها بالكامل من عنف قبلته وحركة يديه على خصرها ، ولم تعد قادرة على الوقوف على قدميها ، فرفعت يديها المرتجفه من المشاعر المفرطة التي تختبرها للمرة الأولي في حياتها ، ممسكة بكتفيه تتثبت به في محاولة مجارته بهذه القبلة التي تملئها اللهفة و الشوق ، و قد غمرتها أحاسيس مليئة بالدفئ والسعادة وهي بين ذراعيه.
مرت عدة لحظات قبل ان يفصل القبلة ، حالما شعر بحاجتهم
للهواء ، لكنه لم يتركها ، بل أحاط وجهها بيديه ووزع برفق
قبلاته النارية على وجهها ورقبتها بهدوء.
همست بإسمه في استسلام وسط قبلاته اللاهبة : زين؟
نظر في عينيها و هو يتنفس بعمق من فرط انفعاله : خلاص كدا
عرفتي الفرق بين جوزك واخوكي و لا اكمل عشان تتأكدي أكثر
احمرت خجلاً من كلماته الجريئة ، وحاولت التركيز بصعوبة
وهي تهمس في اضطراب واضح : الغداء يا زين هنتأخر عليهم
همس زين بمراوغة : اخ نسيت خالص الغداء دا .. بس احنا ممکن ماننزلش و نطنش .. هما هيفهمو السبب
أنهى كلماته بغمزة لها بعينه
تمتمت في ارتباك وهي تكاد تذوب من قربه المهلك منها ، وأنفاسه الحارة التي أشعلت جسدها بحرارة لذيذة وتمنت البقاء معه أيضًا ،
لكنها همست بالعكس ، فهذه المرة ليست مناسبة حقا ، فالجميع منتظرين في الأسفل : ما ينفعش یا زین كدا لازم ننزل
همس زين بإبتسامة امام شفتيها : طول ما انتي بتنطقي اسمي بالطريقه دي ما طلبيش مني اني اسيبك واسمعي كلامي احسن
وضعت روان يديها على صدره ، في محاولة دفعه بعيدا ، ونظرت إليه في رجاء ترمش بعيونها واسعة : خلينا ننزل نتغدي
الاول و بعدين نتكلم عشان خطري
توتر جسده عندما لمست صدره ، فأمسك بإحدى يديه كفها
الصغير الذي تضعه على صدره العاري ، ورفعه إلى شفتيه يقبله
بحنو.
تنهد زين بقلة حيلة قائلا بإبتسامة ساحرة ، وقرص طرف انفها برفق : ماشي بس اوعي تضحكي للي اسمه جمال دا تاني
ضحكت روان بخفة سعيدة كثيرا بتغييره معها و قربه منها وغيرته عليها ، ثم أومأت برأسها دليل علي موافقتها.
في البداية لم يعرف سبب شعوره بالقهر والغضب من حديث جمال عن روان أمامه ، لكن الأمر أصبح واضحا الآن ، فكما يقال ، إذا وجدت نفسك تشعر بالغيرة علي شخص ما ، تفقد مشاعرك جيدًا ، قد تكون في حالة حب وانت لا تعلم.
والآن أصبح واثقًا أن الشعور الذي يكمن بداخله هو عشق و حب كبير جدًا ، فهو لا يطيق تحمل رؤيتها تمزح مع أي شخص ، و لا يريد ان يفقد السيطرة علي نفسه و يجرح مشاعرها ، فالغيرة نار تحرق من يشعر بها وتحرق الحبيب أيضاً ، انه يريد ابتسامتها الرائعة أن تكون بسببه وهو فقط.
رغم ما حدث له في تجربته السابقة بالحب ، وتعرضه للخيانة
وانعدام الأمان الذي شعر به في ذلك الوقت ، لكن منذ أن تزوج
روان وقد تغيرت كل مفاهيمه عن الحب.
لقد داوت تلك الطفلة جراح قلبه وروحه ببراءتها ونقاوتها
وصبرها ، وكذلك حبها الواضح في كل تصرفاتها ، وقريباً
ستصبح زوجته فعليا.
لكنه قبل ذلك يجب عليه أن يصلح ما أفسده معها في بداية علاقتهما معا ، فهو يعلم أنه أساء إليها برفضه ، و لا يستطيع المطالبة بحقوقه الزوجية معها الآن دون أن يعترف لها
بمشاعره تجاهها أولاً ، رغم انه يتوق شوقا اليها.
بعد مرور ساعه في مكتب ادهم
وقف أمام النافذة ينفس الدخان بغضب ، فهذه من عاداته
السيئة عند التوتر يدخن السجائر ، ولكن ليس كثيرا للحفاظ علي لياقة جسده و صحته.
سمع قرعا خافتا على الباب ، فأذن بالدخول دون ان يكلف نفسه
للانتباه
كار من بنبرة ناعمة : مساء الخير
عندما سمع صوتها استدار ، لينظر إليها قائلاً بحدة لم تفهم
سببها : كنتي فين كل دا يا مدام؟
اجابت كارمن بتلقائية : انا كنت في مكتب وحدة صحبتي هنا بالشركة
اندفع أدهم نحوها ووقف أمامها ، قائلا بصوت جهوري : بلاش كذب يا كارمن ... صحبتك مين اللي بتشتغل هنا في الشركة وانتي بقالك سنين سايبة الشركة
استغربت كارمن كثيرا من غضبه الغير مبرر وصوته المرتفع ، لكنها استشاطت غضبا من هجومه واتهامه لها بأنها كاذبة.
هتفت كارمن بحدة : ايه الطريقه اللي بتكلمني بها دي .. كأني مذنبة واقفه قدامك ؟
ادهم بنفاذ صبر : لما اسألك سؤال تردي بإجابة واضحة بلاش اسلوب خدوهم بالصوت دا معايا
تحدثت كارمن بذهول حقيقي من غضبه ، و لكنها لا تدري أن الغيرة هي العدسة التي تكبر الأشياء الصغيرة ، ثم بدأت تلوح بيديها بدهشة : انت مكبر الموضوع ليه كدا .. انا زهقت من القعدة لوحدي و افتكرت ان في ليا صديقه بتشتغل هنا .. كانت
معايا بالكلية روحت اسلم عليها
نظر أدهم إلى ساعته ثم إليها قائلاً بجدية : انا مخلص اجتماع
من ساعه تقريبا كل دا بتسلمي عليها
اردف بغيظ : ودا مكان شغل مش نادي تقابلي فيه صحابك
وحتى لو حصل و هتروحی ای مکان تبلغيني او على الاقل
سيبي خبر للسكرتيرة
فركت كار من يديها معًا في حرج مثل طفلة صغيرة وقالت بصوت منخفض : عندك حق هو مكان شغل .. بس انا لسه مش متعودة وبصراحة الكلام اخدنا محستش بالوقت
قطبت حاجبيها حين تذكرت ما قاله منذ لحظات ، لتقول بإندهاش : وبعدين انا فعلا قولت للسكرتيرة اني هروح اشوف صحبتي وقولتلها تبلغك
ادهم بإستنكار : تاني بتكذبي هي قالت انك خرجتي من غير ما تقولي حاجة
كانت غاضبة من غطرسته التي حاولت التغاضي عنها ، ولكن إلى هنا طفح الكيل حقا ، تلون وجهها باللون الأحمر من الغضب وغصه كبيرة تتشكل في حلقها.
رفعت سبابتها أمامه بتحذير قائلة بصوت عالي : علي فكرة انا مش محتاجة ابررلك اي حاجة .. ومش هسمحلك تقول عني کذابه یا ادهم فاهم .. واظن شركة كبيرة زي دي اكيد فيها كاميرات في كل مكان .. ابقي اتأكد بنفسك قبل ماتتهم الناس
بالباطل .. عن اذنك
التقطت حقيبتها من علي الأريكة ، وغادرت مكتبه والشركة
خرجت من الشركة مختنقة بالعبرات ، هي لم تفعل له شيئا ، فلماذا هو غاضب جدا منها ؟
الأن لا تعرف كيف ستصل إلى المنزل ، لقد جاءت بسيارته
أرادت عبور الشارع ، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش ، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة ، نظرت إليها وهي تشهق في ذعر وأغمضت عينيها ، وهي تستعد لإرتطامها بها .