رواية تزوجت مدمنآآ الفصل الخامس والعشرون 25 والفصل السادس والعشرون 26 بقلم نوران شعبان



رواية تزوجت مدمنآآ الفصل الخامس والعشرون 25 والفصل السادس والعشرون 26 بقلم نوران شعبان 






❤️تزوجت مدمناً❤️

👇البارت الــ25ــ26👇
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صباح يوم جديد ،، 

تفتح حياه جفونها بابتسامة متثائبة، و لكن اختلط تثاؤبها مع صريخها المرعوب بسبب وجه العفريت البشع الذي رأته فورا أمامها ..! 

صرخت برعب عائدة للخلف حتى التصقت بجدار الفراش الخشبي .. 

قهقهه كريم عاليا وهو يخلع ذلك القناع القبيح عن وجهه و انطلق في نوبة ضحك هستيرية .. 

وضعت حياه كفها على قلبها تتحسس نبضاته المتضاربة دون هدوء، و كريم يضحك بجنون دون توقف حتى ادمعت عيناه .. 

ارتخ كف حياه و انزلق عن قلبها، و تجمدت تعابيرها تماما .. فقط تحملق فكريم بجمود، إبتعد كريم عنها قليلا و حاول كبس ضحكاته بشكل مضحك و لكن تذكر هيئة حياه المفزوعة عندما رأته فضحك مرة أخرى راكعا على الأرض .. 

تعابير حياه كما هى " جامدة " و لكن احتدت نظراتها أكثر و جزت على أسنانها بغل و حقد .. 

كتم كريم ضحكاته ثانية، و تصنع البراءة قليلا وهو يحدق بها 

-: حياه ..! 

حياه .... 

-: حياتي،، يا وحويي يا قمر انت.؟ 

تفاجأ وتراجع للخلف عندما صرخت حياه غاضبة و احمر وجهها كاملا .. 

تزهزه كريم للوراء وهو يهدئها بلطف 

-: ايه يا وحوي انا كنت بهزر معاكك.! 

هبت حياه واقفة كالمجنونة و هى تنظر يمينها و يسارها بتشتت.. 

كريم -: انت هتتحول ولا ايه يا وحوي.؟؟ لا انا كدة بدأت اخاف. ! 

أمسكت حياه بالمزهرية جانب الفراش و بكل غل دفعتها صوب كريم، تفاداها كريم بأعجوبة وهو يصيح مصدوما 

-: يا بنت المجنونة. !! 

وجدها كريم تندفع صوبه فلم يتمهل، ركض بفرار منها و هو يتمتم مصدوما 

-: اتلبست شكلها البنية.؟! 

ظل يركض و حياه خلفه تصيح بغضب 

-: هجيبكك.!! والله لأجيبك مش هسيبك .! 

وصلا لطاولة الطعام، أمسك كريم بالمقعد الخشبي ورفعه أمامه دفاعا عن نفسه 

-: حياه طب فهميني في ايه طيب.؟ أقسم بالله كنت بهزر.! 

صاحت حياه به 

-: يا اخي حرام عليكك كنت صاحية مبسوطة ليه تضيع فرحتي كدة .! 

كريم بنفي -: اضيع فرحتكك ايه يا حجة.؟ انا كنت بهزر معاكي بضحك معاكي بلعب معاكي فيها ايه دي.؟! 

حياه -: بتلعب معايا.؟ انا كمان بلعب معاك .! 

ركضت حياهه خلفه ثانية لتتبدل المواقع .. اتت هى مكانه و عاد هو مكانها .. 

كريم -: لا اله إلا الله .!! انا كنت سايبك عاقلة ايه الي جرالك بس.؟! 

حياه متسعة المقلتان -: انا بكرههه ان حد يخضني، نيل اي حاجة غير انك تخضني.! بتنرفززز الله .! 

كريم بضحك -: حاضر، حاضر انا آسف مش هخضك بعد كدة.! 

ركلت حياه المقعد الخشبي متأففة بغضب 

-: مش معقول يعني اصتبح على وش عفريت مش كدة .! 

كريم مسرعا -: صدقيني مش هعملها تاني بعد كدة هجيبلك وش اآ... أحمد عز لو عايزة .! 

حياه -: مش عايزة أحمد زفت .. 

كريم -: تحبي عمرو يوسف.؟ 

حياه -: ولا النيلة ده 

كريم -: اومال عايزة مين حضرتك.؟! 

حياه -: ابوك. ! هاتلي وش ابوك اصتبح بيه يا كريم.! 

كريم -: عنيا بصي هجيبلك ابويا نفسه يصحيكي يا وحوي.! 

صرخت حياه ثانية -: متقولش زفت وحوي دي.! 

كريم وهو يساومها -: عنيا حاضر .. 

زفرت حياه بضيق وهى تسير مبتعدة، فوجد كريم نفسه وحيدا يتحامى في المقعد الخشبي العريض، ألقاه بعيدا وهو يفرد طوله مرة أخرى متحمحما بحرج 

-: والله عيب عليا الجري الي جريتوا ده .!! ودي شكلها اتجنت باين. ؟! 

~~~~ 

وقفت حياه تنظر في المرآة، تضبط من فروة الشعر المستعارة على رأسها بإحكام .. 

خرجت من المرحاض لتجلس على المقعد امام المرآة الأخرى الضخمة، تتطلع لأبهى أنواع مستحضرات التجميل أمامها .. 

إنتقت مزين الشفاه الأحمر الداكن و بدأت بتجميل كرزي ثغرها الممتلئتين قليلا .. 

وجدت كريم يدلف للغرفة فلم تعيره اهتمام، واصلت ما كانت تفعله .. 

شعرت بعد ثوان بأنفاس ملتهبة حارة تسير على كتفها يمينا و يسارا .. 

و ملمس شفاه غليظة لكن ترغبها بشدة على الترقوتين البارزتين .. 

تنهدت بحرارة وهى تلتوي لمصدر الشفاه بلهفة، و سرعان ما وجدت ثغرها يحاصر بشفاه كريم العاشقة .. 

يتناول، يحتوي، يسحق شفتيها بحرارة و حب .. 

إبتعدا بعد وقت، ليهمس كريم بصوت ناعم 

-: كنت مالكك من شوية.؟ مش واخد منك على كدة .. ده إنت شقلبتي دماغي 180 درجة قبل كدة ولا نسيتي. ؟ 

ارتسمت البسمة على محيا حياه عقب تذكرها لقصة " محمود و الدجل و الخرافات " التي ابتكرتها، و صوت الطرقات الخاوية و الكهرباء المقطوعة بين كل حين و الآخر .. 

ابتسم كريم هو الآخر وواصل حديثه بغمزة خفيفة 

-: ايه راح فين جو الشقاوة ده.؟! 

تأتأت حياه بنفى و همست برقة 

-: ما اصل كنت لسا بفتح عيني و لاقيت المنظر قدامي يعني،، و انت مختار وش بشع يفزع اصلا .! 

كريم -: مممم، بس رد فعلك كان أوفر بزيادة، انا للحظة افتكرتك اتلبستي ولا اتجنيتي و كنت هسيبلك البيت و امشي. ! 

رفعت إحدى حاجبيها مستنكرة فأسرع قائلا بمغازلة 

-: لا بس دلوقتي ايييه،، حاجة رايقة و عالية .! 

حياه عابثة بخصلات شعره بدلال 

-: لا انا دائمآ رايقة بقى على فكرة و عالية، بس انت مش بتاخد بالك.! 

كريم بمزح -: يا ولدد انت. ! 

تحول لهجته للجد قليلا هاتفا بحماس 

-: طب بص بقى يا وحوي.. 

قاطعته حياه بضيق -: اوووف وحوي تاني .!! 

كريم -: لا ماهو مش لاقي دلع تاني غير ده.! وحوي يعني وحوي آخر كلام .. 

حاولت حياه الرد فقاطعها 

-: استني بس اسمعيني،، حاسس إني بقالي مدة مقصر معاكي.. فقولت اعوضك شوية النهاردة .. 

حياه -: بجد.؟ هتعوضني ازاي بقى .؟! 

كريم -: بصي هقولك، بس متتريقيش .. 

حياه -: لا لا متخافش مش هتريق.. 

كريم -: إحم .. جنينة الحيوان.! 

-: جنينة الحيوان.؟؟ 

هتفت حياه بدهشة ، و استرسلت مقهقهة 

-: واضح ان فصيلتكك وحشتك فقررت تزورهم. ! 

احتدت نظرات كريم وهو يقترب محذرا 

-: قصدكك ايه يا حياه .؟ 

حياه ببراءة مصطنعةة -: احم قصدي الأسود طبعا يا حبيبي .! 

كريم بنصف عين -: طب خلي بالك بقى الأسد يكلك يا حلوة .! 

حياه -:المهم متوهنيش يا كريم،، اشمعنا عايز تروح جنينة الحيوان..؟ 

إبتسم بمكر مشير لها 

-: عشان أشوف فصيلتك انت يا روحي.! 

حياه بازدراء رافعة حاجباها 

-: لا والله.؟ بقى كدة.؟! بتردهالي يعني .. 

كريم بنفس البراءة المصطنعة 

-: الغزلان،، الغزلان يا وحوي .! 

~~~~ 

مرت ساعة،، 

وصلا فيها كريم و حياه لحديقة الحيوان .. 

ظلا يتنقلان في الأنحاء مشاهدين الحيوانات بشتى أنواعها،، طغى كريم على الأجواء بالفكاهية و المرح و الجنون أيضا .! 

وقفا أمام قفص القرود الصغيرة فهتف كريم بحماس 

-:بت يا حياه أفراد عيلتك الكريمة اهي. !! 

حياه -: سبحان الله،، جنب أفراد عيلتك على طول يا حياتي.! 

نظر كريم جانب قفص القرود ليجد سور عريض تتواجد داخله مجموعة من الحمير كبارها و صغارها .. 

كريم بغضب -: لا ده انت بتطولي في لسانك بقى .! 

حياه بنفس التعبير -: ما انت الي بدأت و جريت شكلي يا كريم الله .! 

كريم -: قولت قرود مش حمير في فرق ها. ؟ 

ضحكت حياه قارصة وجنته بلطف 

-: خلاص متزعلشيي هبقى أقول حاجة غير حمير.! 

كريم -: ولا حمير ولا غيره اتنيلي و اسكتي انا غلطان اني جيبتك هنا .! 

ضحكت حياه ثانية، تشبثت بذراعه و رأسها تميل على كتفه بدلال .. 

حياه بمرح -: طب يلا يلا عشان نشوف الأسد يا أسد .! 

بعد فترة،، 

جلس كريم على مقعد خشبي مستطيلي بمكان ما في الحديقة، و جانبه حياه تتشبث بذراعه الضخم .. 

أمسك بعود القصب، يمصه و يبصقه بعدها كما يفعل 98% من سكان مصر تقريبا!😂😂 

تحدث كريم مع حياه الجالسة بإندهاش و فرحة في نفس الوقت، و كأنها نست تماما مرضها و علاجه .. 

كريم -: عارف يا وحوي،، انا مبسوط أقسم بالله.. ! 

رفعت بصرها له بابتسامة 

-: ليه يا روح وحوي .؟! 

كريم وهو يبصق قشر القصب أمامه -: اصل اول مرة أشوف حيوانات كدة لايف، و باكل قصب بمنتهى العفوية، و عمال اتف قدامي ولا اعفن واحد فيكي يا منطقة .. و شوية شوية حاسس إني هنزل ابلبط مع سيد قشطة الي قدامك ده .! 

ضحكت حياه عاليا دافنة وجهها في صدره، لم تكتمل ضحكتها .. 

فقد بصق كريم القصب على شعرها مما جعلها ترتد للخلف بإشمئزاز 

-: اايييه يا كريم ده انا قولت تف قدامك مش في شعري .!! 

كريم لاويا شفتيه -: لامؤخذة ياختي. ! 

صمتا اثناهما لدقائق،، قطعها كريم وهو يوجه عود القصب لحياه 

-: تاخدي مصة. ؟ 

ضحكت حياه وهى تتناول منه القصب لتأكل و تبصق أمامها كما فعل بالضبط .. 

~~~~ 

~~~~ 

مرت الأيام بسعادة،، 

يفاجئ كريم حياه بالتنزهات المختلفة بين كل حين و الآخر و بمرحه و فكاهيته التي لم تعهدها عليه من قبل .. 

~~~~ 

كانت حياه تجلس على المقعد، تشاهد التلفاز أمامها بدون انتباه .. 

عقلها مشتت، يسترجع الذكريات كالفيلم أمامها تماما .. 

تذكرت موقف صغير برئ من كريم و لكنها فسرته على طريقتها الخاصة .. 

* فلاش باك * 

كريم -: احسن حاجة انك بدأتي تتقبلي لقب " وحوي " علشان مش هندهلك غير بيه بعد كدة .. 

حياه -: أوف يا كريم انت مبتزهقش منه، مش منظر يعني تيجي تدلعني تقولي وحوي ايه ده.؟! 

كريم -: هو حلو وحوي ايش عرفك انت بس.؟! .. عارفة، عايزين نجيب ولد ونسميه رمضان بقى..! علشان يبقى "رمضان كريم" طب والله اسم نجومية .! 

* عودة * 

مالت حياه برأسها للجانب،، و العديد من الأسئلة تشغل بالها .. 

هل يفكر بالإنجاب الآن.؟ هل سأصلح لأكون أم.؟! 

و من هنا عاد موضوع مرضها يحتل تفكيرها، و يسيطر على أجواء المرح .. 

سمعت صوت سيارة كريم تصدح بالمكان، ابتسمت بحماس وهى تهرول للباب لاستقباله كما المعتاد .. 

تستقبله بالأحضان، و من ثم يجلسان لتناول وجبة الغذاء الخفيفة .. 

تنحنح كريم و بدا صوته متحشرج قليلا .. 

-: حياه،، كنت عايز اقولك على حاجة .! 

تركت حياه المعلقة، و بدأت في الانصات له.. 

كريم -: في صفقة مهمة داخلين عليهاا، محتاجة مراقبة و شغل عالي عشان كدة الفترة الجاية هتأخر في الشغل .. لبليل .. 

تفهمت حياه الأمر سريعا و اومأت إيجابيا بابتسامة 

-: ولا يهمك يا حبيبي، ربنا معاك .! 

طرقت فكرة ببال حياه، فبادرت بقولها بعد صمت 

-: طب كريم، بما انك هتتشغل الفترة الي جية.. فأنا عايزة أقترح عليك حاجة .! عايزة أبدأ اشتغل في العيادة الي عملتهالي .! 

أظهر كريم بعض التفكير، و لكن وافق بعدها 

-: طيب ، تمام مفيش مشاكل .. 

من بكرة هظبطلك الدعاية و الإعلانات .. و كمان هعلن عن ممرضات علشان متبقيش لوحدك و المكان كبير .! 

تغاضت حياه عن غصتها المريرة بحلقها .. و نهضت بابتسامة و تبختر نحو كريم ، مالت بحب و قبلته بحرارة على وجنته لتهمس بعدها جانب أذنه 

-: ربنا يخليكك ليا يا كريم .! 

~~~~ 

الأيام تمر،، 

افتتحت حياه عيادتها الخاصة،، 

و باشرت بأولى أيام عملها تحت مساندة زوجها العزيز .. 

و لكن هل كانت تطمح بالفعل في العمل ام كان هذا في سبيل هدف آخر.؟؟!! 

~~~~ 

كان يجلس دكتور " شريف " بمكتبه الخاص في المشفى .. 

رآها أمامه اخيرا بعد فترة طوية فنهض بفتور 

-: حياه.؟ أهلا و سهلا اتفضلي .. ده المستشفى نورت حتى.! 

حياه -: بص بقى انا عارفة انك زعلان مني بس انا كنت مضغوطة فعلا،، و اديني جيالك بكامل إرادتي و من غير ضغوطات و بقولك انا جاهزة للعلاج يا دكتور .! 
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
👇26👇

تنهيدة طويلة انبعثت من صميمه،، 

ليرفع يده عموما مجيبا 

-: مش هعاتبك على تأخيرك، كفاية تضييع وقت .. مش هقولكك غير اني انا و المستشفى و الممرضات تحت أمرك يا حياه، احنا متسخرين علشانك انت و الي زيك تتعالجوا و تبقوا زي الفل .! 

ردت على هيئة ايماءة مصتحبة بابتسامة خفيفة.. ضغطت على شفتيها السفلى بتوتر خفيف متسائلة 

-: هنبدأ امتى. ؟ 

نهض بثقل من على مقعده، و توجه إليها بخطى وئيدة 

-: الأول هنعمل تحاليل تاني نشوف الحالة وصلت لإيه،، و بعدين هحجزلكك احسن أوضة في المستشفى و نبدأ العلاج .. تقدري تقولي بنبدأ من دلوقتي .! 

حدقت حياه دون استيعاب به .. 

لتهتف باستنكار 

-: اتحجز في المستشفى.؟ 

ابتسم دكتور " شريف " صاحب ال55 عاما بسخرية .. 

-: أيوة تتحجزي في المستشفى اومال هتتعالجي ازاي يا حياه.؟ 

حياه بصوت مرتفع بعض الشئ 

-: هتعالج ازاي.؟ هتعالج زي ما البني آدمين بيتعالجوا اجيلك ساعتين تلاتة تعلق في أيدي الكينيولا و اخد الكيماوي و اتكل على الله و امشي .!! 

شريف -: و الله يا حياه على حسب كمية انتشار الكانسر في جسمك .. بس صدقيني لو النسبة كبيرة برضاكي غصب عنك هتتحجزي في المستشفى .! 

حياه بفتور -: ان شاء الله، ان شاء الله يادكتور .! 

همت حياه بالخروج من مكتب شريف، و لكن استوقفها صوته المتسائل 

-:حياه انت لسا مقولتيش لجوزكك ولا ابوكي على مرضك.؟ 

أغمضت حياه عينيها بيأس، زفرت بضيق متأهبة للأسطوانة المعتادة .. 

ترجم شريف حالة صموتها انها بالفعل لم تصفح على الخبر .. فكان رد فعله المتوقع التوبيخ و اللوم 

-: لحد إمتى ها.؟ طب معملتيش حساب لشعركك الي هيقع هتقولي ايه لجوزك عليه.؟ تعبك الي هيظهر بوضوح مش هتقدري تخبيه هتقولي ايه عليه ها ؟! 

-: متخافش، انا عاملة حساب لكل حاجة يا .. يا دوك .! 

~~~~ 

مرت بضعة ايام،، 

حتى حان موعد علاج حياه .. 

تمددت على الفراش الطبي يتوسط غرفة تطل بالدهان الأبيض الناصع .. 

و الممرضات أمامها يسيرون ذهابا و إيابا لتتأكد من جميع الأدوات و المعدات .. 

و أيضا " دكتور شريف " .. ها هو جانب حياه و على وجهه ابتسامة أبوية حنونة يحدق بها حياه .. 

قضى نصف حياته مع تلك الصغيرة،، يربيها و يلقنها العديد من الدروس و الخبرات في الحياه .. 

يبث داخلها روح العزيمة و الثبات دائما، لم يبخل ابدا بمعلومة واحدة و رغم كل ذلك المعروف، تناسته حياه عندما شبت في الطول و ترعرعت بالحيوية في مجالاتها .. 

و رغم ذلك لم يهتم كثيرا لذلك التغيير، كان يتوقع ذلك على أية حال .. 

شريف و الابتسامة الصافية تزين ثغره، و كفه يمسح بحنو على جبينها 

-: ان شاء الله تخفي يا حبيبتي .! انا بوعدك اني هعمل كل حاجة أقدر عليها علشان تخفي ..! 

-: سيبها على ربنا يا دوك.! كل الي يجيبه ربنا كويس .! 

تصاعدت نغمة هاتفها معلنة باتصال كريم، تنهدت حياه طويلا تهدئ من قلقها و توترها 

-: الو ..؟ 

اتاها صوته الرخيم الهادئ التي لا تعشق سواه، ولا تتنفس إلا باستمراره .. 

-: صباح الفل يا وحوي،، وحشتييي امي. ! 

ضحكت بخفة ضحكة رنت في آفاق عقله، ضحكة جعلته يضغط بأسنانه العليا على شفته السفلى برغبة .. 

-: إنت وحشتني اكتر يا كركم .! 

أطلق كريم سبة مهينة عقب سماعه ذلك اللقب المستفز 

-: ايه الي جاب ام كركم لكريم نفسي افهم .! 

حياه -: الله .! يعني ايه الي جاب وحوي لحياه يا كركم .! 

كريم -: طيب عامة،، انت فين دلوقتي.؟ 

-: ا أ انا في العيادة.. في الشغل يعني هكون فين. ؟! 

هكذا ردت بخفوت وتوتر بعض الشئ .. 

كريم -: آه، بس انت وحشتيني جدا على فكرة .! انا قاعد بقعد الساعات و الليالي عقبال يجيلي افراج من الشغل ال*** ده .! 

مصمصت حياه شفتيها بازدراء 

-: اتنيل ما انت بتيجي تطفح و تتخمد لا بسمعلك حس و لا بشوفلك حركة .! 

اتسعت مقلتي كريم باستنكار وهو يسمع كلامها اللاذع باسلوبها الفظ المتدني 

-: ده انا ده.؟؟! و انا الي مرضتش اصحيكي النهاردة قبل ما انزل و صعبتي عليا و انت عاملة زي قرد القطع كدة.؟! لا قرد ايه ده انت كنت زي الجاموسة مخمودة على بطنك في سابع سما .! 

صدمت حياه هى الأخرى عقب سماعها الشتائم و الإهانات المتتالية و فورا نهضت على الفراش الطبي واقفة غير عابئة بالدكتور شريف أمامها و الممرضات الأخريات .. 

وضعت كفها على خصرها مولولة 

-: نعم نعم نعم.!! بقى انا بنام زي الجاموسة يا كريم.؟! و كمان بنام على بطني تصدق اني دلعتك كتير و انت بستوق فيها .!! 

كريم بسخرية -: دلعتيني كتير.؟؟ 

طيب يلا امنعيني من المصروف ولا هاتيلي أبو رجل مسلوخة .! 

حياه -: إنت بتستقل بيا. ؟ طب و رحمة امك يا كركم لأوريك و تكون اسم على مسمى فعلا.! 

كريم مصطنع الدهشة 

-: هتخليني اسم على مسمى .؟ إزاي بقى يا وحوي. ! 

حياه -: حياه صديق افعال بس لا أقوال يا كركم..! 

كريم وهو يبتسم بخفة و يحدق في االاشي أمامه بحب -: عاش يا وحش،، 

مضطر اقفل بقى عشان اكمل شغلي .! 

حياه بغطرسة و غرور -: انا كمان كنت هقفل بردو علشان ورايا شغل ومش فاضية.. 

كريم -: أيوة أيوة ما انا عارف انت هتقوليلي.؟! 

حياه -: يلا سلام .. 

كريم -: سلام .. 

كادت ان تغلق حياه ولكن اوقفها صوته المتلهف 

-: حياه ..؟ 

حياه وهى ترد مرة أخرى -: ها 

كريم -: بحبك ..! 

تصاعدت كلمته في اذنها كالمنوم المغناطيسي،، ترددت الكلمة بصدى صوت داخل قلبها أكثر من اذنها .. 

شعرت بفؤادها يكاد ينحرف عن موضعه و يرفرف في الفضاء العال .. 

رغم انها ليست اول مرة، فقد قالها مئات المرات قبل ذلك و لكن هذه المرة اتت في وقتها المناسب، اتت لتهيئها نفسيا للمرحلة المقبلة عليها بعد قليل، اتت لتبث روح الطمأنينة داخلها و تثبت حضوره الطاغي حتى وهو بعيد .. 

شعر بها كريم الذي تلاقى فؤاده مع فؤاد حياه للتو رغم المسافات، أدرك انها تعيش أوقات حالمة الآن بعد تلك الكلمة فلا حبذا افسادها .. 

كريم -: سلام .! 

أغلق كريم الخط و الابتسامة تتزعزع على محياه .. 

قبل الهاتف و ضمه لقلبه مرتخية عضلاته تماما ،، فأستند بظهره على ظهر مقعده الدائري مغلقا جفونه بسلام .. 

تنهد طويلا بعد فترة قصيرة 

-: هيييييح .!! 

يكاد يفتح عيناه ليصطدم بوجه إحدى مجرميه مكبل اليدين أمامه، يحدق المجرم به و بكل بلاهة فاغر الفم .. 

إقترب كريم بهمجية يقبض على قميص المتهم أمامه بعنف صائحا 

-: بردو مش عايز تعترف ياض مين الي ورا شحنة المخدرات .؟!! 

~~~~ 

عند حياه،، 

لم تغلق حياه الهاتف، بل و كأنها نست تماما انه بيدها .. فهى سبحت بالليلة الخرافية التي ستقضيها اليوم في حضن زوجها .. 

قطع امانيها صوت همهمات خفيفة و ضحكات من حاولها، انتبهت على نفسها لتجدها واقفة على الفراش تضع يدها خصرها و الأخرى منسحبة قابضة على الهاتف .. 

توردت وجنتيها فورا بسبب ذلك الموقف الحرج، و انكمشت على الفراش تحاول الاختفاء الآن .. 

سمعت صوت ضحكاتهن يزداد، و بعدها اقتربن كلهن من حياه 

-: ربنا يخليهولك يا مدام .! 

-: والله انت عسل انت وجوزك ده .! 

-: ربنا يهنيكوا و ربنا يقومك بالسلامة ليه يا مدام .! 

هكذا كانت تعليقاتهن النابعة من صميم القلوب خالية من اي حقد و غل .. 

بدأت حياه تبتسم شيئا فشئ ،، و تخلت عن خجلها قليلا .. 

تحدثت معاهم بفرحة و قد تناست مرضها، تناست انها على وشك بدء مرحلة العلاج الآن .. 

كل شئ يبدو طبيعي، كل شئ يبدو جيد جدا.! لا مرض، لا علاج .. 

" هنسيب الشغل و نقعد ندردش ولا إيه يا آنسات .؟!" 

قالها دكتور " شريف " بشئ من الحدة، لينفض التجمع و تباشر الممرضات في عملهن .. 

اقترب منها شريف ببطئ، جالسا على مقعد دائري صغير .. 

-: فتحتي العيادة عشان تبقى شماعة ليكي صح.؟ تداري عليها علاجك و مرضك مش كدة يا حياه.؟! 

تأففت بضيق، تشيح بوجهها للجانب الآخر بضجر .. 

فاستطرد شريف مكملا 

-: إنت فين يا حياه.؟ انا في العيادة .. 

رايحة فين يا حياه.؟ رايحة العيادة .. 

جاية منين يا حياه.؟ جاية من العيادة.. 

و طبعا حياه رايحة جاية من المستشفى بتتعالج.! 

سفقت حياه بإستفزاز و لم تحركك رأسها شبرا واحدا 

-: برافو،، صح كدة يا دوك .! 

ممكن بقى نبدأ علاج عشان بدأت ازهق و ممكن ارجع في كلامي و امشي. ! 

الآن انفلت زمام الأمور من يده، نفزت جرعات الصبر لديه، و لم يتبقى سوى الغضب و الجزع يفجره بوجهها .. 

فوقف و صاح بها 

-: إنت بتهدديني يعني.؟؟ هخاف و ادبدب في الأرض و ابوس رجلك عشان تتعالجي.؟ 

انت الي بتتأذي مش انا.! انت الي هتتعبي و تبقى بتموتي من الوجع مش انا فاهمة.؟! و ياستي لو متكدرة اوي كدة مع السلامة الباب يفوت جمل انا مش هتذلل لأهلك عشان تتعالجي .! 

إتسعت مقلتي حياه باستنكار مما يقوله،، جلست تحملق به بدهشة فقط .. انفجر فيها فجأة دون سبب يستحق لكل هذا ..؟ 

لم تعبأ بحديثه اللاذع في جملاته الأخيرة بتاتا، فقط تعجبت من البركان المصبوب في وجهها .. 

حياه مصتنعة الحزن 

-: كل ده كان في قلبك.؟ للدرجة دي علاجي تقيل على قلبك يا دوك.! ع.. 

لم تكمل، قاطعها شريف و قد انخفضت نبرة صوته 

-: علاجك تقيل على قلبي.؟ 

ده انا بقالي شهر بتحايل و ببوس ايدك عشان تتعالجي، و انت فاكرةة انها لعبة في إيدك تبدئيها وقت ما تعوزي .. 

و جية بعد ما قررتي اخيرا تتعالجي تهدديني. ؟ طب ما انت الي هتتأذي مش انا.! 

واصلت حياه التصنع بالحزن و الألم 

-: هى دي التهيئة النفسية الي المفروض توفرهالي قبل العلاج.؟ 

هى دي الطبطبة و السند.؟ ده انت حتى ممعلشتنيش يا دكتور.؟! حتى المعلش استكترتها.؟ استخصرتها مبتقولهاش.؟! 

ترجم شريف لعبتها فورا، أدرك أنها تمثل أمامه الآن حتى يرق قلبه لها و يعتذر عن ما بدر منه.. 

-: كلي بعقلي حلاوة كلي.! و بعدين و انت يا شحطة يا الي بقيتي دكتورة نفسانية قد الدنيا عايزة تهيئة نفسية.؟ ده انت تهيئي بلد يا قدرة. ! 

ابتسمت حياه بداخلها على نجاحها في تحويل موقف شريف سريعا .. 

و فورا تذكرت كريم و قدرتها في تحويل مزاجه حسب إرادتها .. 

تنهدت طويلا وهى تحدق بالسقف 

-: و انا فعلا متهيئة نفسيا للموضوع، و بطلب منك نبدأ في العلاج و بأسرع وقت ..! 

~~~~ 

مر يوم، اثنان، ثلاثة، عشرة، اربعة عشر يوما .. 

أسبوعان. ! 

تذهب حياه للمشفى سرا دون أخبار كريم، تخبره فقط انها بالعيادة إذا اضطرت لذلك .. 

تذهب للتأخذ علاجها " الكيماوي " 

الذي بدأ مفعوله في الظهور على ملامحها، فمثلا حاجباها الذي بدأ شعورهما بالسقوط، السواد تحت العينين، نحلت و خسرت الكثير من الوزن في تلك الأسبوعين .. 

كانت تظن انها قوية، تستطيع إخفاء مرضها و آلامها و لكن فشلت .. 

كل يوم مساءا تشعر بالانهاك .. 

لا تستطيع فعل اي شئ سوى النوم في اعناق كريم و الاختباء بداخله.. 

كريم الذي لم يظهر اي شكوى من ذلك، و التزم الصمت .. التزم الصمت تماما .. 

~~~~ 

و في يوم ،،، 

تمددت حياه على الفراش الطبي كعادتها، يمتد من معصمها الاسلاك الموصلة للمحلول .. 

" التهيئة النفسية " التي حضرت بها اول جلسة علاج نفذت كميتها كلها .. 

أغلقت جفونها بتعب، و قد تخلت عن " باروكة " شعرها المستعار في تلك الفترة .. 

لتظهر كما يظهر الآخرون إذا .. 

شعرت بملمس حنون، ناعم على كف يدها .. ملمس تعشقه و تعلمه جيدا .. 

اللمسة التي هزت جدران كبريائها و غرورها دائما و تجعلها تنصهر بين يديه .. 

" دقات قلبها " التي أصبحت ضعيفة مع الوقت السابق ولا تشعر بها .. 

الآن تسمعها كالطبول المهللة في اذنها، تشعر بها تطرق بداخلها بعنف كأن قلبها يكاد يخرج بين الضلوع .. 

شددت جفونها اغلاقهما أكثر، وهى تتمنى ان لا يصيب شعورها.! 

بدأت بفتح عينيها تدريجيا، لتتصادم بوجه كريم المبتسم بهدوء .. 

فغرت ثغرها مصدومة،، و الشهقة بصوت مبحوح .. 

عندما رأته أمامها فعلا في الغرفة، دون شعر رأس نهائيا .! " اصلع تماما " .. 

" ك..ككريم ،!!! " 

-: اششش،، مش عايز ولا كلمة .! ارتاحي .! 

هكذا همس بكلماته، بمنتهى الهدوء و النعومة .. 

و لازالت حياه تحت تأثير الصدمة،، 

أكمل بابتسامة صغيرة تحمل في طياتها الألم و الحزن 

-: لاقيتك مش عايزاني أشاركك همومك ووجعك،، بس مقدرتش أقف ساكت اتفرج عليكي و حالتك بتسوء يوم عن التاني. ! 

-: إنت ازاي..؟ ازاي جيت هنا.؟! انت عرفت اني تعبانة ازاي اكيد دكتور شريف قالك. ! 

هتفت بها حياه دون تصديق، و قد خرج صوتها متحشرجا مبحوح .. 

عاتبها كريم و ملامحه تزداد خشونة شئ ف شئ 

-: انا مش محتاج حد يقولي،، انت قبل ما تتعبي انا بحس بضعف تعبك. ! 

و لما بتتألمي انا بتألم ألف مرة من جوايا ..! 

مش هعاتبك ولا الومك انك أنانية، أنانية أيوة .. كون إنك انفردتي بتعبك لوحدك دي أنانية .! 

انا لما كنت تعبان مكنش جنبي غيرك ! كنت عكازي الي بتنسد عليه، كنت الدوا الي بخده علشان يشفيني.! 

ورغم كدة محبتنيش اردلك جزء صغير من الي عملتيه معايا.؟؟!! 

حاولت حياه الحديث و لكن قاطعها بنظرة واحدة .. 

أردف بصوت عاد للحنية و الهدوء، و ملامحه باتت راسخة كما سابقا 

-: مش عايزك تتكلمي، مش عايزك تدافعي عن نفسك .. 

انا جنبك.! هكونلك الهوا الي بتتنفسيه زي ما كنت ليا الكون بحاله.! 

و أوعدك مش هسيبك ابدا..! 

ابدا يا .. يا وحوي .! 

#يتبــــــــــــــع.....


الفصل السابع والعشرون والفصل الثامن والعشرون من هنا

 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-