رواية أرض زيكولا الفصل الرابع 4 بقلم سندي

 




رواية أرض زيكولا الفصل الرابع 4 بقلم سندي


وجد خالد نفسه أمام نفق كبير أكبر كثيراً 

من النفق الذى مر به سابقاً .. 

فارتفاعه يقترب من العشرة أمتار .. 

و اتساعه يبلغ مثل ارتفاعه .. حتى سار به , 

و ينظر إلى جدرانه الضخمة فى دهشة 

كأنه فى مزار سياحى .. 

و أخرج قلمه و أوراقه .. 

و أخذ يكتب بعض السطور عما يراه .. 

و يتقدم أكثر و أكثر , و يسأل نفسه ؛ كيف يوجد هذا السرداب الضخم أسفل بلده و لا يعلم عنه سوى صاحب الكتاب المجهول و بعض الأشخاص الذين لن يصدقهم أحد ؟!! .. 


إنه قد يكون أعظم اكتشاف بالعصر الحديث .. 

و قد يجعل من بلده مزاراً سياحياً .. 

يبدو أن الكاتب قصد باكتشافه , السرداب نفسه .. 

و يسير منبهراً و يتقدم .. و يضحك بهستيرية , 

لقد انتهى الألم .. لعله يجد أحد الكنوز الآن ..

...

يبحث فى كل جوانب السرداب .. 

لا يريد أن يترك شبراً واحداً يفوته .. 

حتى ارتطمت قدماه بشئ ما .. 

و ما إن نظر إليه حتى انتفض قلبه حين وجده هيكلاً عظمياً لأحد الأشخاص .. 

و قد كانت المرة الأولى التى يرى فيها مثل هذا الهيكل , لكنها لم تكن الأخيرة .. 

فكلما تقدم وجد أكثر و أكثر .. 

حتى بدأ الخوف يتسرب إلى قلبه .. 

و كأن تلك الهياكل تتحدث إليه بأنها مصير كل من دخل هذا السرداب .. 

و دار بخلده أن يكون أحدها لأبيه أو أمه .. 

و تمنى أن تكون الحقيقة غير ذلك ..


بعدها شعر أن الإضاءة تقل شيئاً فشيئاً من خلفه .. 

فنظر إلى ساعة يده فوجدها قاربت الخامسة فجراً .. 

و علم أن البدر قد بدأ فى زواله .. 

و لا يعلم ماذا سيحدث بعد ذلك .. 

ما ذكره الكتاب أن السرداب يظل مضاءً وقت وجود البدر .. 

و لم يذكر شيئاً آخر , حتى مر قليلٌ من الوقت .. 

و تلاشت معه إضاءة السرداب تدريجياً .. 

فلم يعط اهتماماً لذلك .. و تقدم أكثر و أكثر .. 

حتى وجد صورةً نُقشت على أحد جدارى السرداب لشخصٍ تبدو على ملامحه الثراء .. , فتحدث إليه مبتسماً :


- أكيد أنت فوريك .. أحب أعرفك بنفسى .. 

أنا خالد حسنى , مكتشف سردابك العظيم .. 

و اللى بسببك هيعيش أحلى أيام حياته ..


ثم أخرج هاتفه ليلتقط له صورة .. 

و ما إن التقطها حتى شعر بهزة عنيفة تحت قدميّه كادت تسقطه , فالتفت جانباً ليجد جدران السرداب تنهار بعيداً فى طريقها إليه و يقترب منه الانهيار بشدة , فعاد بظهره للخلف بضع خطوات .. 

بعدها لم يجد أمامه سوى أن يلتف بجسده و يجرى للأمام ..


يجرى خالد سريعاً و انهيار الجدران يسرع خلفه كأنه فريسة يلاحقها أسد مفترس .. لا يصدق عينيّه .. 

يشعر بأنه فى حلم ما , و يسرع .. 

و تسمع أذناه صوت ارتطام صخور الجدران الضخمة .. 

لو أصابته صخرة واحدة لقتلته .. 

حتى سقطت حقيبة كتفه و ما بها فلم يعبأ بذلك .. 

وواصل عدوه .. 

تساعده قدماه الطويلتان و خطواته الواسعة .. 

و يجرى إلى حيث لا يعرف .. يجرى إلى المجهول .. 

و يصرخ بداخل نفسه .. 


كيف يعود إلى بلده مجدداً ؟! .. إنه الهلاك .. 

إن السرداب ينهار .. ماذا حدث بالأعلى ؟! 

حتى وجد نفسه أمام طريقين انقسم إليهما السرداب .. فاندفع إلى أحدهما , دون رغبته حين انهار الطريق الآخر قبل أن يصل إليه .. 

و كأن الانهيار يتحكم فى مساره .. 

ثم فوجئ بنفسه يجرى إلى مرتفع يتجه للأعلى .. 

و يلاحقه الانهيار أسرع و أسرع يريد أن يبتلعه ..

يحاول أن يقاوم صعوبة الصعود .. 

و يتقدم و يخطو بقدميّه سريعاً .. 

حتى وجد نوراً شديداً على مرمى بصره 

كأنه نور النهار الذى يعرفه جيداً فأسرع إليه و مازال الظلام و الانهيار يلاحقاه ...

حتى اقترب من الفتحة و قفز منها لتنهار من أسفله , و تغلق و كأن الأرض قذفته خارجها ..


وجد خالد نفسه مُلقى على الأرض .. 

و رأسه منغمسة فى رمالٍ .. فرفع رأسه , و أزال الرمال عن وجهه و عن عينيه .. 

و نظر إلى السماء و ضحك .. 

و شكر الله بعدما ظن أنه عاد مرة أخرى إلى أعلى .. 

و أنه قد نجا من انهيار هذا السرداب الملعون .. 

حتى نظر إلى السماء مجدداً .. 

و لاحظ زرقتها و صفاءها إلى درجة لم يرها من قبل , و نظر حوله فوجد رمالاً بكل مكان و على مرمى بصره .. فنهض و دار بجسده ليرى ما حوله .. 

فلم يجد سوى صحراء واسعة تظلها سماء صافية 

فضرب رأسه بيده , و همس إلى نفسه :


- فوق يا خالد .. أنت بتحلم و لا أيه .. أنت فين ؟! .. 

و أيه اللى جاب الصحرا دى هنا ..

ثم نظر حوله مجدداً , ...

و سأل نفسه غير مصدقاً ما يراه ؛ أين هو ؟.. 


و سار بضع خطوات فى كل اتجاه لكن دون جدوى .. 

إنها صحراء لا يوجد بها أحد فجلس مكانه فى دهشة .. 

و نظر إلى فتحة السرداب التى خرج منها فوجدها و كأنها لم تكن .. 

فضحك ساخراً .. و تحدّث خائب الأمل :


- واضح إن السرداب كان معمول عشان نعمّر الصحرا .. 

و الكنز و فوريك ده كان مقلب .. 

و يا ترى أنا فى الصحرا الشرقية .. و لاّ الغربية .. 

و لاّ فى سينا ؟!!.. 

و لا أكون عبرت الحدود .. و رحت ليبيا .. 

أو السعودية .. ثم صرخ و كأن الجنون أصابه :

- أنا فين ؟!!! ..


مرت ساعات على جلوسه .. 

يجلس و لا يعلم أين يذهب .. 

و خلع قميصه , و وضعه فوق رأسه 

كى يقيه حرارة الشمس .. 

و اندهش حين نظر إلى ساعة يده فوجد عقاربها توقفت عن الحركة .. 

و لم يفكر بهذا الأمر كثيراً 

حيث فوجئ برجليّن يجريان بعيداً عنه .. 

فنهض و أسرع إليهما .. 

و بدأ الأمل يدّق قلبه حتى اقترب منهما 

فلاحظ زيّهما الغريب و شدة إعياءهما , 

و كأنهما مريضان بمرض مزمن شديد فأوقفهما .. و سألهما :










:- لو سمحتوا , أنا محتاج مساعدتكم ..

فتركاه .. و واصلا جريّهما , فأسرع خلفهما ليوقفهما مجدداً :


- أنتو بتجروا ليه ؟! .. فنظر إليه أحدهما :


- ألا ترى ما نحن به ؟!


تعجب خالد من لهجتهما الغريبة .. و ابتسم ساخراً مقلداً له :

- أجل أرى يا سيدى .. ثم سأله :

- احنا فى السعودية , صح ؟!


نظر إليه الرجل متعجباً :

- ماذا تعنى السعودية ؟!!


ابتسم خالد .. و زفر زفيراً طويلا .. و تحدّث إلى نفسه :

- دول فى الضياع ..


فسأله الرجل الآخر لاهثاً :

- ءأنت غريب ؟


فأجابه خالد على الفور :

- أيوة أنا غريب .. ثم أكمل :

- إحنا فين ؟ .. و أنتوا مين ؟..


أجابه أحدهما :

- إننا فقراء .. و قد هربنا إلى الصحراء .. 

ألا يوجد معك طعام ؟!


أجابه :- لا للأسف .. كان معايا بس ضاع مع الشنطة .. 

ثم وضع يده فى جيبه , و أخرج ورقة من فئة العشرة جنيهات .. و أكمل :

- أنا معايا فلوس ممكن تشتروا أكل لو قلتوا لى إحنا فين .. و ازاى أرجع بلدى ..


فخطف أحدهما ما أخرجه خالد من نقود و وضعها بفمه و أكلها .. فاندهش خالد , و سأله متعجباً :

- أنت جعان للدرجة دى ؟ ..


فأجابه الآخر :

- يبدو لى أنك كريم , و لهذا تأكدت أنك غريب عن هنا .. أشعر بأنك غنى للغاية ..

...

ضحك خالد .. و نظر إلى نفسه , و ملابسه البالية التى غطاها تراب النفق و السرداب , و حالته التى يُرثى لها .. و سأل نفسه .. 

أى غنى يتحدث عنه هذا الأبله ؟ .. 

عشرة جنيهات رآها شعر بأننى غنى ؟ .. 


ثم تجاوب معهما و كأنهما مجنونان .. 

و سألهما مجدداً , و قد ضاق صدره :

- دلوقتى أنا عايز أعرف أنتو هتعيشوا ازاى 

فى الصحرا دى ؟! , و هربانين من أيه ؟ .. , 

و سؤالى الأهم .. إحنا فين أساساً ؟ ..


أجابه الذى أكل النقود بعدما حاول أن يفهم ما يقصده :

- إننا فقراء , و ستكون الصحراء أفضل لنا كثيراً 

من أرض زيكولا ..


فسأله خالد مندهشاً :

- أرض زيكولا ؟!!


فسأله الآخر :

- ألا تعرف أرض زيكولا ؟!


أجابه خالد :- لا .. فين زيكولا دى ؟ .. 

أنا مش شايف إلا صحرا فى كل مكان ..

فأكمل الرجل :

- من يوجد فى هذا الزمان و لا يعرف أرض زيكولا ؟! 

ثم أكمل محدّثاً صديقه :

- إنهم الأغنياء , يسخرون منا هكذا دائماً .. 

ثم أشار إلى خالد أن يتحرك عدة أمتار فى اتجاه يده :

- إنها هناك بالأسفل .. أيها الغنى ..


ثم تركاه وواصلا جريّهما فى الصحراء .. 

و تحرك خالد إلى ما أشار إليه الرجل , وواصل تحركه حتى وجد نفسه على حافة هضبة عالية فنظر إلى أسفل فوجد مدينة كبيرة ذات منظر بديع من أعلى .. 

بها مبانٍ شتى و تتخللها مساحات خضراء 

كأنها أراضٍ زراعية , و مسطحات من الماء ..

اتسعت عينا خالد من الدهشة , و سأل نفسه كيف توجد تلك المدينة بجوار تلك الصحراء الجرداء ؟! .. 


حتى قاطع تفكيره صياح أحد الرجلين إليه مجدداً :

- إياك أن تذهب إلى زيكولا .. إياك .. 

و واصل جريه مع صاحبه .. فلم يعطه خالد اهتماماً ..

و ظل ينظر إلى تلك المدينة من أعلى .. 

و سأل نفسه , أين هو من العالم ؟ .. 

و أين توجد أرض زيكولا تلك ؟ .. 


حتى ابتسم حين نظر بعيداً إلى أسفل فوجد طريقاً طويلاً ممهداً إلى تلك المدينة .. 

به كثير من التعرجات و مرتفعاً إلى أعلى 

حيث يمّر بالقرب من تلك الهضبة التى يقف عليها .. 

فلم يجد أمامه سوى أن يسرع باحثاً عنه .. 

يريد أن يذهب إلى المدينة فى أسرع وقت 

بعدما حل ّبه الجوع و العطش بعدها يحاول أن يعرف أين هو ..

              الفصل الخامس من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-