![]() |
رواية مزرعة الدموع الفصل السابع والعشرون 27 والفصل الثامن والعشرون 28 بقلم مني سلامةالفصل السابع والعشرون من رواية مزرعة الدموع جلس "عمر" فى مكتبه واجماً يفكر فى العاصفة التى ثارت فى منزله الليلة الماضية ..لم يكن لديه أدنى استعداد للتنازل عن "ياسمين" .. لكنه أيضاً يريد من عائلته أن تتقبل زواجه منها .. وأن يباركون هذا الزواج .. كان شارداً .. عندما طرق "كرم" الباب ودخل وجلس أمام "عمر على المكتب .. نظر اليه قائلاً : - متضايقش نفسك .. أصلاً أنا كنت متوقع حاجه زى كده سأله "عمر" قائله : - ليه توقعت كده ؟ - يعني أكيد أهلك عايزينلك بنت متكنش اتجوزت قبل كدة ويكون مستواكم متقارب ... صاح "عمر" بحده : - ما أنا كنت خاطب اللى متجوزتش قبل كده .. واللى كانت من نفس مستوايا .. خدت منها ايه غير قلة الأدب والخيانة والطمع والإستغلال هدءه "كرم" قائلاً: - "عمر" أنا فاهم كل اللى انت بتقوله ده .. أنا بكلمك عن وجهة نظرهم هما قال "عمر" بحزم : - لازم تتغير .. وجهة نظرهم دى لازم تتغير - وهتغيرها ازاى ؟ زفر فى ضيق قائلاً : - معرفش بس لازم تتغير .. أنا قولت لأمى امبارح أنا مش هعمل حاجه غير برضاكى .. بس لو متجوزتش "ياسمين" مش هتجوز أبداً .. قال "كرم" : - الله ينور عليك .. هو ده الكلام اللى هيجيب مع أمك .. بس المشكلة فى الراسين الكبار .. أبوك وعمتك - لأ بابا معندوش اعتراض .. هو طول عمره مبيرضاش يجبرنى على حاجه .. وبيثق فى قراراتى صاح "كرم" فى مرح : - كده فل أوى .. باقى بأه عمتك قال "عمر" بضيق : - أنا مش هاممنى توافق ولا متوافقش .. هى مبتفكرش غير فى اسم عيلتها بس .. لا بتفكر فيا ولا فى اللى يريحنى .. هى على طول مناخيرها فى السما .. حتى فى تعاملاتها وصداقاتها العادية مبترضاش تتعامل إلا مع ناس من نفس مستواها .. عارف عصر البشوات والبكوات .. أنا حاسس ان عمتو لسه عايشه فيه لحد دلوقتى - طيب تمام طالما مش همك رأيها ... كبر يا باشا - أنا كان نفسي طبعا انها تكون مرحبة بـ "ياسمين" .. لكن طالما هى شايفه ان جوازى منها مهزلة .. خلاص هى حره ابتسم "كرم" قائلاً : - هى أصلا طول عمرها منمره عليك لبنتها قال "عمر" متحكماً : - أهو بنتها دى نسخه مصغره منها .. لو فاكرانى فى يوم هفكر فيها تبقى بتحلم وهتفوق على كابوس .. ما كانت أدامى قبل "نانسي" مخطبتهاش ليه .. مش هاجى دلوقتى وأرمى نفسي الرمية السودة دى .. وبعدين أنا بعتبر " ايناس" دى اختى .. عارف يعني ايه اختى .. يعني مستحيل افكر فيها بشكل تانى هنا طرق "أيمن" الباب ودخل ... علم من "عمر" ما حدث ليلة أمس .. فقال : - انت غلطان يا "عمر" مكنش لازم تكلم أبوها الا بعد ما تكلم أهلك الأول قال "عمر" بحدة : - "أيمن" .. أنا هتجوز "ياسمين" .. بابا وموافق .. وأمى أنا هعرف أقنعها ازاى .. وميهمنيش رأى أى حد تانى نظر اليه "أيمن" قائلاً : - بس عمتك ممكن تسببلك مشاكل مع عيلة "ياسمين" خاصة انت ناوى تجمعهم مع بعض وتعرفهم ببعض زفر "عمر" بضيق قائلاً : - وهو ده اللى أنا خايف منه .. "ياسمين" حساسه أوى .. ومعتزة بكرامتها أوى .. وخايف عمتو تقول كلمة تضايقها قال "أيمن" : - خلاص يبقى أجل المقابله دى دلوقتى لحد ما الوضع عندك يهدى .. لأن لو العيلتين التقابلوا فى ظل التوتر ده .. هتكون النتيجة مؤسفه أومأ "عمر" برأسه قائلاً : - معاك حق .. هأجل المقابله دى لحد ما الجو يهدى شويه .. وربنا يهديهم ويوافقوا .. عشان متحصلش مشاكل .. لان اللى هيجرح "ياسمين" بكلمة أنا مش هسكتله ابتسم "أيمن" قائلاً : - شكلك بتحبها أوى نظر اليه "عمر" قائلاً والابتسامه على شفتيه : - بحبها بجد قال "أيمن" : - وهى بنت حلال وأنا واثق انك مش هتلاقى أحسن منها .. نظر "أيمن" بنظرة ذات معنى الى "كرم" قائلاً : - هى وأختها بصراحة بنتين ميتسابوش صاح "كرم" : - لا كله كوم وأختها دى كوم تانى خالص .. ده أنا لا شوفت زيها ولا هشوف قال له "أيمن" بتحدى : - تنكر انها بنت جدعة ومحترمة ومؤدبة وشخصيتها قوي ابتسم "كرم" قائلاً : - بصراحة منكرش .. ومنكرش كمان ان شخصيتها عجبانى .. مجننانى بس عجبانى رفع "عمر" احدى حاجبيه قائلاً بإبتسامه : - والله نهض "كرم" وصاح وهو يغادر الغرفة : - ايه فى ايه .. بقول شخصيتها عجبانى .. مش هى عجبانى ******************* كان هذا الصباح أيضاً مختلفاً بالنسبة الى "ياسمين" .. كانت تشعر بأنها فى حلم جميل .. تخشى أن تستيقظ منه .. مازالت لا تصدق ما أخبرها به والدها منذ يومين .. منذ يومين وهى ترفرف بجناحيها فى سماء السعادة .. شعرت بأن أيام بؤسها ولت مدبره .. وأيام فرحها أتت مستبشره .. كانت شارده عندما ناداها دكتور "حسن" قائلاً : - دكتورة "ياسمين" ذهبت اليه مسرعه قائله : - أفندم يا دكتور أعطاها ملفاً وقال لها : - ممكن لو سمحتى تدى تقرير آخر الاسبوع للبشمهندس "عمر" فى مكتبه .. وعرفيه النواقص اللى اتكلمنا فيها مع بعض امبارح .. لاننا محتاجينها ضرورى أخذت الملف قائله : - حاضر يا دكتور ذهبت وهى تقدم قدماً وتؤخر الأخرى .. كانت متلهفه على رؤيته .. لكنها متوتره للغايه .. تخشى أن يصدر منه ما يضايقها .. لكن لهفتها غلبت خوفها .. طرقت الباب ثم فتحته ودخلت .. كان "عمر" جالساً مع "أيمن" .. فحمدت الله على ذلك .. تقدمت قائله : - ده التقرير الاسبوعى يا بشمهندس ابتسم لها "عمر" ونظر اليها بإعجاب لم يحاول حتى أن يخفيه .. أخذه "عمر" قائلاً : - متشكر لم تجد صوتاُ تخبره به بالنواقص كما طلب منها دكتور "حسن" ودت لو هربت من أمامه فى التو واللحظة .. كانت حمرة الخجل تزين وجنتيها .. تأملها "عمر" فى اعجاب للحظة قبل أن تستأذن لتنصرف ..ظل "عمر" محتفظاً بإبتسامته حتى بعد انصرافها .. قال له "أيمن" مازحاً : - ايه يا عم روحت فين سأله "عمر" بنفس الابتسامه : - تفتكر ممكن ترضى بكتب الكتاب مع الخطوبة .. ولا هتخاف ؟ قال "أيمن" مطمئناً اياه : - اطمن حتى لو موفقتش .. معتقدش الخطوبة ممكن تطول .. بصراحة أنا شايفكوا لايقين لبعض أوى قال "عمر" بمرح وهو يفتح التقرير الذى أمامه : - طيب يلا على مكتبك يا "باشمهندس" خليني أشوف شغلى قال "أيمن" مبتسماً : -دلوقتى نفسك اتفتحت للشغل .. ماشى ربنا يهنيك يا سيدى ******************** عكفت "ياسمين" مع زميلتها "ولاء" على انهاء التقارير اليومية .. كانت "ولاء" تعمل منذ سنوات فى المزرعة .. فى نفس القسم الذى تعمل به "ياسمين" .. اقتصرت علاقتهما طوال الفترة الماضية على التعاون فى أداء عملهما .. لم تسبب لها "ولاء" أى مشاكل .. ولم يكن أى ملاحظات سلبيه عليها .. كانت فتاة بسيطة مثلها .. تعيش فى نفس القرية الموجود بها المزرعة .. ابتسمت "ياسمين" قائله : - وأخيراً خلصنا تمطعت "ولاء" لتريح آلام ظهرها من طول الجلوس قائله بتعب : - ياه .. النهاردة كان يوم متعب جدا - معلش .. أدينا خلصنا قالت "ولاء" بتأفف : - كتابة التقارير كل يوم حاجه مملة جداً قالت "ياسمين" وهى تنهض لتحضر حقيبتها : - معلش بس لازم نكتبهم كل يوم .. أحسن ما نراكمهم لآخر الاسبوع .. يلا سلام أشوفك بكرة أوقفتها "ولاء" قائله : - استنى يا "ياسمين" عايزاكى التفتت اليها "ياسمين" تنظر اليها قائله : - خير ؟ بدت "ولاء" متردده قليلا .. ثم عزمت أمرها وقالت : - ممكن نعد نتكلم مع بعض شوية قالت "ياسمين" بإستغراب : - آه طبعا جذبت "ياسمين" كرسي وجلست بجوارها .. ساد الصمت لبرهه .. بدت وكأن "ولاء" تحاول استجماع أفكارها .. فحثتها "ياسمين" قائله : - خير يا "ولاء" .. فى حاجه خاصه بالشغل - لأ مش خاصه بالشغل - أمال خاصه بايه نظرت اليها "ولاء" وقالت بهدوء : - خاصه بيكي انتى قالت "ياسمين" بدهشة : - بيا أنا - أيوة - طيب .. قولى نظرت "ولاء" اليها قائله : - هتكلم معاكى بس مش عايزاكى تقاطعيني غير لما اخلص كلامى .. اتفقنا ؟ أومأت "ياسمين" برأسها وهى توليها كل انتباهها .. تحدثت "ولاء" بهدوء قائله : - أنا شغاله هنا فى المزرعة من 3 سنين .. يعني عارفه الناس اللى هنا كويس .. وأولهم ... "عمر" نظرت اليها "ياسمين" بدهشة .. لكنها لم تقاطعها .. فأكملت "ولاء" قائله : - زيي زي بنات كتير هنا .. طبعا "عمر" راجل بنات كتير يتمنوه .. بس الموضوع كان تطور معايا أوى .. مبقاش اعجاب أو حلم بشخص ... أنا حبيته بجد قالت جملتها الآخيرة وهى تنظر فى الأرض وكأنها تخجل من هذا الإعتراف .. ثم أكملت قائله : - هو طبعا مكنش حاسس بيا .. ولا كان شايفنى أصلاً .. لانى طبعاً مش من البنات اللى يجذبوا انتباه واحد زى ده .. وأنا مش من البنات اللى تحاول تجذب انتباه راجل ليها .. حتى لو كنت بحبه وبموت فيه .. وعشان كده حبي فضل محبوس فى قلبي محدش يعرف عنه حاجه .. مبتدتش أفوق من الوهم اللى كنت معيشه نفسي فيه إلا لما عرفت انه خطب .. ما أقولكيش الدنيا اسودت فى عنيا ازاى .. بس حمدت ربنا .. لان ده صحانى وفوقنى .. وحسسنى انى بضيع عمرى وأحلى أيامى فى حب من طرف واحد .. حب ملوش أى مستقبل .. حب أنا الوحيدة اللى بدوق عذابه .. بس كان فى فضول جوايا انى أشوف خطيبته .. وفضلت أسأل نفسي يا ترى شكلها ايه .. يا ترى لبسها ازاى .. يا ترى يا ترى .. وبعد فترة من خطوبته جاب خطيبته هنا المزرعة تقضى كام يوم هى وأهلها .. لما شوفتها عرفت ان حبي ليه مكنش مستحيل بس .. لا ده كان من رابع المستحيلات صمتت فسألها "ياسمين" قائله : - ليه ؟ أكملت "ولاء" بنفس الهدوء وهى تنظر الى "ياسمين" : - بصراحة مش لاقيه وصف مناسب ليها إلا وصف النبي صلى الله عليه وسلم (نساء كاسيات عاريات) .. على أد ما كنت بحبه على أد ما احتقرته أوى .. مش غيره منى عشان خطب غيري .. لأ .. عشان خطب دى بالذات واختار دى بالذات .. هى دى اللى شفها انها زوجه مناسبه له .. اتصدمت فيه بجد .. كنت فاكراه انسان عاقل وناضج .. طلع زى رجاله كتير أوى ما بيجروش الا ورا رغباتهم وبس .. عايز البنت الصارخة الجمال اللى يتباهى بيها وسط الناس .. يعني واحد معندوش أى نخوة .. ومش لاقيه وصف مناسب ليه الا وصف النبي صلى الله عليه وسلم : (ديوث) .. ارتجف قلب "ياسمين" من هول الكلمة .. أكملت "ولاء" بسخريه : - طبعا هو كان ماشى معاها وفرحان بيها .. بشكلها وبلبسها اللى هيتقطع من كتر ما هو ضيق عليها .. وماشى معاها فى المزرعة يفرج الناس عليها وكأنه بيقولهم المزة دى خطيبتى صمتت قليلا ثم قالت : - عارفه .. لما شوفتهم مع بعض .. حمدت ربنا انه كشفه أدامى .. وشوفت اللى جواه .. لانى كنت مخدوعه بالظاهر .. راجل .. وجدع .. ومستوى .. وابن ناس .. ومتعلم .. ويعتمد عليه .. وواثق فى نفسه .. وشخصية جباره ..بس عارفه .. على الرغم من كل ده .. الا انه انسان سطحى أوى .. بيهتم بالمظاهر وبس .. والجواز بالنسبه له واحده حلوة تكون على الفرازه عشان مزاجه وبس .. لان ده لو بيفكر فى بيت وأسرة وعشرة وأولاد وتربية ومسؤليه وربنا وحساب و جنه ونار مكنش اختار واحده زى دى واتبسطت من اللى هى عملاه فى نفسها .. حمدت ربنا انه فوقنى من الوهم ده .. كانت "ياسمين" تستمع اليها فى وجوم .. نظرت اليها "ولاء" وأكملت قائله : - عارفه أنا عمرى ما خرجت اللى فى قلبي ولا قولت الكلام ده لحد .. بس عارف قولتلك انتى بالذات ليه ؟ نظرت "ياسمين" اليها مستفهمه .. فأكملت قائله : - لانى حساكى ماشيه فى نفس الطريق اللى كنت ماشيه فيه .. صحيح تصرفاتك محترمه والشهاده لله ما شوفتش أى تصرف أو كلمة غلط صدرت منك .. بس بيبقى واضح أوى على وشك لما بتشوفيه انك حسه بحاجه نحيته أطرقت "ياسمين" رأسها فى خجل .. فأكملت "ولاء" قائله : - أنا كنت موجودة فى الاستراحه يوم ما الدكتورة "مها" عملت فيكي الفصل البايخ ده .. بصراحة "مها" دى مبحبهاش .. واحتقرتها أكتر من اللى عملته فيكي .. ابعدى عنها أحسن يا "ياسمين" .. وكمان "شيماء" متثقيش فيها .. هى آه مش زى "مها" بس من النوع اللى ما بتنصفش حد .. يعني معاكوا معاكوا عليكوا عليكوا صمتت "ياسمين" للحظات ثم سألتها قائله : - تعرفى ليه خطوبتهم اتفسخت ؟ تنهدت "ولاء" قائله : - بصراحة لأ .. بس اخر يوم كانوا فيه فى المزرعة كان باين عليهم انهم متخانقين .. و "عمر" كان مضايق جدا .. وهى كمان .. مكنتش راضية تركب جميه وشوفت مامتها بتزقها عشان تركب أدام .. واضح ان فى مشكلة كبيرة حصلت بينهم .. لكن ايه هى الله أعلم صمتت قليلا ثم قالت : - فى نفس اليوم "عمر" عمل حادثة بالعربية وهما راجعين القاهرة هتفت "ياسمين" بدهشة : - حادثه ؟ - أيوة .. وفى الحادثة دى باباها اتوفى .. وبعدها بفترة عرفنا ان الخطوبة اتفسخت .. بس لحد دلوقتى منعرفش اتفسخت ليه .. بس اللى عرفته ان باباها طلع مديون .. وكل أملاكهم البنك حجز عليها .. حتى الجرايد كتبت عن الموضوع ده لانه كان رجل أعمال كبير شردت "ياسمين" فى كلام "ولاء" .. فأخرجتها "ولاء" من شرودها قائله : - وفى حاجه كمان حابه أقولهالك عشان أبقى خلصت ضميري أدام ربنا قالت "ياسمين" بوهن : - اتفضلى أكملت "ولاء" قائله : - بعد الحادثة وبعد ما الخطوبة اتفسخت .. "عمر" جه واستقر هنا .. وبعد فترة سمعنا اشاعات عنه قالت "ياسمين" بإستغراب : - اشاعات ايه ؟ قالت "ولاء" : -كان فى هنا غفير اسمه "عويس" .. وكانت مراته "صفية" بتشتغل فى بيت المزرعة .. فجأة اختفوا هما الاتنين ومحدش يعرف طريقهم صمتت قليلاً ثم قالت بشئ من التردد : - سمعنا ان "عمر" كان على علاقة بـ "صفية".. و"عويس" اكتشف الموضوع وخد مراته ومشى من المزرعة .. معرفش مشوا بنفسهم ولا "عمر" طردهم .. ومعرفش أصلا القصة دى صح ولا لأ أنا مشوفتش حاجه بنفسي .. بس فى كلام كتير فى الموضوع ده .. احنا هنا فى بلد أرياف وأنا عايشة فى البلد دى والبلد صغيره والكل عارف بعضه .. عشان كده مفيش حاجه بتستخبى كانت "ياسمين" تستمع اليها وعلى وجهها علامات دهشة ممزوجة بالألم نظرت اليها "ولاء" فى حنو قائله : - اللى أنا شيفاه على وشك دلوقتى بيدل على انى كان عندى حق .. وانك فعلا حسه بحاجه نحيته والا مكنش كلامى زعلك كده .. ربنا يعلم انى ماقولتش الكلام ده الا عشان مش عيزاكى تتجرحى .. أو يتلعب بيكى .. خاصة وانى واخده بالى ان "عمر" مهتم بيكي .. وواخده بالى من نظراته نحيتك .. أنا مكنش فى خوف عليا .. لانه مكنش حاسس بيا أصلاً .. لكنى لما حسيت انه بيحاول يقربلك .. خفت عليكي .. قولت لازم أنبهك .. قامت وحملت حقيبتها قائله : - أنا مضطرة أمشى دلوقتى عشان اتأخرت .. أشوفك بكرة ان شاء الله قالت ذلك وغادرت .. وظلت "ياسمين" مكانها شاردة واجمه. *********************** التف الجميع حول طاولة العشاء فى بيت المزرعة .. ساد الصمت طويلاً .. ظلت "كريمة" ترمق ابنها الجالس أمامها بنظراتها بين الحين والآخر .. قطعت أمه هذا الصمت قائله : - نسيت أسألك ايه الحرق اللى فى ايدك ده يا عمر ألقى "عمر" نظرة على الحرق فى يده وتحسسه قائلاً : - عقاب قالت بدهشة : - عقاب قال بمراره وقد شرد قليل : - أيوة عقاب .. عقاب من ربنا قاطعت مدام "ثريا" حديثهم قائله: - "ايناس" جايه بكرة التفتت "كريمة" اليها قائله بإبتسامه : - كويس قالت مدام "ثريا" بلهجة قوية : - كانت جايه أصلاً عشان تتعرف على عروسة "عمر" .. بس بما ان الموضوع اتقفل .. هتيجي تعد يومين ونرجع سوا ترك "عمر" الملعقة من يده بحده ونظر الى عمته قائلاً : - أنا ما قولتش ان الموضوع اتقفل توتر الجو .. قالت مدام "ثريا" بحده : - يعني ايه ؟ نظر اليها "عمر" بحزم قائلاً : - يعني أنا هتجوز "ياسمين" .. الموضوع متقفلش ثم نظر الى والدته نظره ذات معنى قائلاً : - يا هى .. يا مفيش جواز صاحت عمته غاضبة : - أنا مش فاهمة انت ليه مصر عليها .. هو اللى خلقها مخلقش غيرها حاول "عمر" تمالك أعصابه .. لكن كلمات خرجت بحده شديدة : - أنا مش فاهم انتوا ليه حكمتوا عليها من قبل ما تشوفوها .. مش تشوفوها الأول وتعدوا معاها وبعدين تقرروا هى مناسبه ولا مش مناسبه .. رغم ان القرار ليا بس برده انتوا عيلتى ويهمنى ان العلاقه بينكوا وبين الانسانه اللى اخترها تكون كويسه قالت أمه ببرود : - نشوفها أو منشوفهاش ده مش هيغير واقع انها مطلقه أضافت عمته فى عصبيه : - وبنت موظف على المعاش يعني لا ليها أصل ولا فصل قام "عمر" من فوره غاضباً وأزاح كرسيه وقال : - كفاية لحد كدة سمعت بما فيه الكفاية خرج غاضباً من البيت وتوجه الى سيارته .. ركب بعصبيه ثم انطلق خارج المزرعة ساد الصمت فى حجرة الطعام وتوقف الجميع عن تناول طعامهم .. قال "نور الدين " موجهاً حديثه لزوجته وأخته : - انتوا ليه مصريين تخسروه ؟ نظرت اليه أخته بحده قائله : - يعني انت عاجبك اللي ابنك عايز يعمله ده قال بحده مماثله : - وهو عايز يعمل ايه .. يتجوز على سنة الله ورسوله .. ايه المشكلة فى كده ظهرت علامات الغضب على وجه "كريمه" وقالت : - عايز يتجوز واحده مطلقه - وايه المشكله يعني ؟ .. طالما شايف انها مناسبه ليه .. وطالما ان جوازتها الأولى كان الغلط من جوزها مش منها .. وكمان جوازها كان شهر واحد زى ما قالنا قالت "كريمه" بإستغراب: - يعني انت موافق ؟ .. موافق ان ابنك الوحيد يتجوز واحده كانت متجوزه قبل كده قال بحزم : - أيوة موافقه .. لان دى حاجه تخصه هو لوحده ملناش اننا نتدخل فيها .. وابنك راجل مش عيل صغير .. بيدير مجموعة شركات كبيرة فى مصر .. مش هيقدر يدير حياته ؟ قالت "كوثر" فى غضب مكتوم : - انتوا حريين وافقوا زى ما انتوا عايزين .. أما أنا فمش ممكن أبارك الجوازه دى .. عنده مليون بنت مش لاقى الا دى ويختارها .. ليه من قلت البنات فى البلد .. واحدة زيها تيجي ايه جمب بنتى "ايناس" عشان يسيبها ويبص لبره .. "ايناس" مش عجباه .. والست اللى سبق لها الجواز هى اللى عجباه نظر اليها "نور الدين" قائلاً ببرود : - هو حر .. يختار البنت اللى على مزاجه .. اذا كانت البنت دلوقتى مبتتغصبش على الجواز .. هنيجى نغصب الولد قالت "ثريا" بتعالى : - ويتغصب ليه .. هى "ايناس" دى فى زيها .. بنت عيله وأدب وأخلاق وجمال ومال وحسب ونسب .. يعني لقطة أى شاب يتمناها قالت "كريمة" مبتسمه تحاول تلطيف الجو : - طبعا دى "ايناس" دى ست البنات قالت لها "ثريا" بتهكم : - قولى لابنك .. بدل ما يبص بره العيله .. احنا أولى بلحمنا قالت ذلك ثم انصرفت غاضبه الى غرفتها دخل "أيمن" الأنتريه وقدم الى "عمر" صنيه موضوع عليها شاى وطبق من الكيك .. ونظر الى صحبه قائلاً : - دوق بأه الكيك ده .. حاجه كده عمرك ما دوقت زيها فى حياتك تناول "عمر" رشفه من فنجانه وظل صامتاً .. نظر اليه "أيمن" قائلاً : - أنا كنت متوقع كده نظر اليه "عمر" قائلاً : - انت هتقولى زى "كرم" .. هو كمان كان متوقع كده .. اشمعنى أنا الوحيد اللى متوقعتش كده أخذ "أيمن" فنجانه ورجع الى الوراء قائلاً : - للأسف احنا فى مجتمعنا شويه أفكار متخلفة عايزه بنزين وعود كبريت ويتولع فيها .. دايماً يُنظر للمرأة المطلقة بدنيويه كأنها مش زى باقى النساء .. حتى لو سبب الطلاق مش منها .. برده لازم يتبصلها البصه دى .. وكل أم بتبقى هتجنن لو ابنها قال ان عايز يتجوز واحده اتجوزت قبل كده على الرغم ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج الا واحدة بس بكر وهى أمنا عائشة رضى الله عنها وباقى أمهات المؤمنين كانوا متزوجات قبل كده وأولهم أمنا خديجه رضى الله عنها اللى النبي صلى الله عليه وسلم قال (انى رُزقت حبها) تمتم "عمر" : - عليه الصلاة والسلام تنهد عميقاً ثم قال : - أنا كمان مكنتش أتخيل فى يوم من الأيام انى ممكن أتجوز واحده اتجوزت قبل كده .. بس بجد حبيتها يا "أيمن" .. كل حاجه فيها عجبانى .. هى دى الزوجة اللى أتمناها فعلاً .. فاكر لما قولتلى انك مش بتدور على زوجة وبس .. انت بتدور على أم لولادك كمان أومأ "أيمن" برأسه .. فأكمل "عمر" قائلاً : - أهو انا شايف "ياسمين" مش بس زوجه .. شايفها أم لولادى .. وصاحبه .. وحبيبه .. وأخت .. وصديقه .. وكل حاجه فى دنيتي .. بجد بحبها أوى .. ومش هرتاح الا لما تكون ليا ابتسم "أيمن" قائلاً: - ان شاء الله هتكون ليك .. بس انت اصبر شوية .. وبلاش صدام بينك وبين أهلك .. لحد ما يتقبلوا الأمر ان شاء الله ..بس قول يارب تمتم "عمر" قائلاً : - يارب .. يارب تكون من نصيبي ******************* كان يقف يعطى تعليماته لأحد العمال عندما وجدها فجأة تقف أمامه .. صرف العامل ثم توجه ناحيتها قائلاً : - "نهلة" .. ايه اللى جابك هنا قالت "نهلة" ببرود : - عايزة أتكلم معاك قال لها بتأفف : - مش فاضى .. عندى شغل قالت بحده : - دلوقتى يا "مصطفى" ثم استطردت قائله وفى عينيها نظره محذره : - حالاً ذهبا الى حيث مكتبه وطلب من زميله مغادرة المكتب للحظات .. أغلق الباب ونظر اليها قائلاً ببرود : - خير فى ايه ؟ نظرت اليه قائله : - أنا حامل اتسعت عينا "مصطفى" دهشه وهتف قائلاً : - نعم ياختى قالت بحزم : - بقولك أنا حامل صمت قليلاً يحاول استيعاب الأمر ثم نظر اليها قائلاً بحده : - وأنا ايه يضمنلى انك حامل منى أنا .. انتى أصلا واحدة تييييييييييييت .. روحى شوفى مين أبوه أنا مش ممكن أعترف بيه صاحت "نهلة" بحده : - آه يا تييييييييييييت .. انت عارف ان محدش لمسنى غيرك قال بسخرية : - لا مش عارف .. وأنا ايه يثبتلى كلامك ده قالت بصرامة : - بسيطة يا بشمهندس .. تحليل صغير للـ DNA يتعمل وفى خلال شهر واحد بتطلع النتيجه بُهت "مصطفى" .. فأكملت "نهله" قائله : - ولو رفعت بالتحليل ده قضية هقدر بكل سهولة انى أثبت انه ابنك وأكتبه بإسمك كمان جلس "مصطفى" فلم تعد قدماه تحملانه .. أخذ يتخيل كلام من حوله عندما تُلطخ سمعته بهذا الشكل .. قال بوهن : - والمطلوب دلوقتى قالت "نهلة" بقسوة : - المطلوب اننا نتجوز قفز من مقعده صائحاً : - نعم يا روح أمك قالت "نهلة" بلهجة تهديد : - اعملها بمزاجك أحسن من الفضيحة فى المحاكم .. ده غير الفصيحة اللى هعملهالك هنا فى شغلك وعند بيتك .. مش هخلى حد الا ويتف فى وشك صرخ قائلاً : - وهتفضحى نفسك انتى كمان قالت بمراره : - أنا كده كده خلاص اتفضحت يعني عليا وعلى أعدائي صمت يحاول استيعاب الموقف .. ثم نظر اليها قائلاً : - وأهلك هتقوليلهم ايه على الجوازه السريعة دى قالت بسخريه : - أهلى ؟ .. انت عارف ان اخواتى كلهم متجوزين وكل واحد فى حاله محدش بيسأل عنى ولا أصلا أفرق معاهم فى حاجه مليش الا أمى ودى ما هتصدق تخلص منى والبيت يفضى عليها هو وجوزها قال بسخريه : - مرتبه كل حاجه يعني نظرت اليه قائله بلهجة تهديد : - آخر الاسبوع تكون كتبت عليا يا "مصطفى" .. وإلا وديني وما أعبد لهتشوف منى اللى يشيبك قبل أوانك .. وانتى عارف "نهلة" لما بتقول حاجه مبتقولهاش على الفاضى .. بتنفذ على طول خرجت وتركته يتخبط بين الحيرة والحسرة والندم والغضب ********************** جلست "ياسمين" فى غرفتها واجمه .. تفكر فيما سمعته من "ولاء" ومن قبلها "شيماء" .. كان عقلها مشتت للغايه .. لكن الشئ الوحيد الأكيد .. هى أنها تريد زوجاً بصفات معينه .. ولن تتنازل فى هذه الصفات أبداً .. فى صباح اليوم التالى ذهبت الى عملها كالمعتاد .. استقبلتها "ولاء" بالإبتسام .. فبادلتها "ياسمين" الإبتسام ..بدأت فى أداء عملها بتركيز وفى صمت .. وفجأة وجدت سيدة تقف أمامها .. كان يبدو من ملابسها أنها سيده راقيه .. لكن لم يعجب "ياسمين" نظرة التعالى التى تتطلع بها اليها .. اقتربت منها المرأة قائله : - انتى مدام "ياسمين" ؟ قالت "ياسمين" بصوت خافت وهى تشعر بالحيره لمعرفة تلك السيدة بإسمها : - أيوة أنا "ياسمين" نظرت المرأة اليها من رأسها الى أخمص قدميها وكأنها تتفحص جاريه فى سوق الجوارى احمرت وجنتا "ياسمين" من الغضب .. وعادت الى اكمال عملها متجاهله تلك المرأة التى ترمقها بنظرات وقحه .. اقتربت منها المرأة أكثر قائله : - أنا عمت "عمر الألفى " نظرت اليها "ياسمين" بدهشه وقد صدمت عندما علمت بشخصيتها .. أكملت مدام "ثريا" بنبره متعاليه : - جيت أشوف البنت اللى "عمر" عايز يدخلها عيلتنا احمرت وجنتا "ياسمين" مرة أخرى لكن هذه المرة خجلاً .. وابتسمت لمدام "ثريا" قائله : - أهلا وسهلاً بحضرتك .. نورتى المزرعة قالت مدام "ثريا" بنفس النبرة المتعاليه : - اللى عرفناه من "عمر" .. ان انتى ووالدك وأختك بتشتغلوا هنا فى المزرعة أومأت "ياسمين" برأسها قائله : - أيوة فعلا - طيب أنا هتكلم معاكى من الآخر .. لان طبعى انى واضحه وصريحه ومبحبش اللف ولا الدوران شعرت "ياسمين" بالقلق .. قالت : - اتفضلى قالت مدام "ثريا" بهدوء وحزم : - طبعا انتى عارفه مين هو "عمر" .. وهو ابن مين .. وعنده ايه .. وان بنات كتير أوى يتمنوه .. ومش أى بنات .. بنات لهم حسب ونسب ..يعني بنات متتعيبش .. ومن نفس مستواه المادى والإجتماعى .. انتى بأه شايفه انك هتكونى زوجه مناسبه لواحد زى "عمر" .. يعني شايفه نفسك زوجك يتشرف بيها وهو بيقدمها للناس .. ولا يتكسف منها ومن عيلتها انفجرت الدماء فى أوردة "ياسمين" فصار وجهها مثل الجمرة المشتعله .. كانت تشعر ببركان ثار بداخلها لوقع تلك الكلمات عليها .. لكنها راعت أنها تتحدث الى سيدة فى عمر والدتها رحمها الله .. فقالت بصوت حاولت أن تجعله هادئاً بقدر الإمكان : - أنا مش شايفه حاجه تعيبنى أو تعيب عيلتى .. والانسان اللى هتجوزه لو محسش انى أشرفه .. يبقى ميلزمنيش أصلاً ابتسمت مدام "ثريا" بسخريه .. ثم قالت : - طبعا انتى عارفه ان "عمر" كان خاطب قبل كده أومأت "ياسمين" برأسها فى صمت .. فأكملت قائله : - هى وأهلها كانوا طمعانين فى "عمر" .. وفضلت البنت تلف عليه وتعمل المستحيل عشان الجوازه دى تتم لحد ما كشفها على حقيقتها .. وفسخ الخطوبه أخرجتها مدام "ثريا" من حيرتها عندما أخبرتها بسبب فسخ الخطوبة .. لأن هذا الأمر ظلت تفكر فيه كثيراً .. أكملت مدام "ثريا" قائله بشئ من الكبر : - عشان كده لازم المرة دى لما ييجى يختار .. يختار صح .. وكلنا لازم نشاركه الاختيار ده .. لان البنت اللى هيتجوزها هتشيل اسم عيلتنا اللى طول عمرها فى السما نظرت اليها "ياسمين" بشفقه .. نعم بشفقه فلقد تذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذره من كبر" .. أكملت مدام "ثريا" قائله : - اللى عايزه أقوله .. انى شايفه انك اخر واحده ممكن تكونى مناسبه لعيلة "الألفى" .. انتى واحدة كويسة وأكيد هتلاقى انسان كويس زيك له نفس ظروفك ومن نفس مستواكى شعرت "ياسمين" بالعبرات تحاول أن تجد الطريق لعينيها .. لكنها أوقفتها بحزم .. لن تسمع لتلك المرأة المتغطرسة أن ترى تأثير كلماتها المسمومة عليها .. قالت "ياسمين" بصوت مرتجف : - أنا لسه مدتش قرار فى الموضوع ده قالت "ثريا" بسخرية : - هو فى واحده عاقله تقول لـ "عمر" لأ شعرت "ياسمين" بمزيد من الحنق .. فأكملت ثريا : - أنا بس حبيت أنصحك .. الفرق بينك وبين "عمر" هيدمر حياتكوا بعد كده .. هو ممكن يكون بيحبك دلوقتى .. بس بعد الجواز الحب بيضيع والحاجات التانية هى اللى بتظهر .. ساعتها هيندم على اختياره .. وعلى تسرعه .. وهيعرف انكوا مش مناسبين لبعض .. أنا بقولك الكلام ده لان أكيد انتى مش عايزه تكونى مطلقة للمرة التانية شعرت "ياسمين" وكأنها تلقت صفعة قوية على وجهها .. الآن لم تعد تستطيع كبح جماح عبراتها التى أخذت تتجمع فى عينيها مهدده بالسقوط فى أى لحظه .. علمت مدام "ثريا" أنها لمست وتراً حساسا .. فأكملت بقسوة : - هو ده اللى هيحصل بعد ما يفوق من النزوة اللى هو فيها .. ويقارن بينك وبين البنات اللى حوليه .. زي بنتى "ايناس" مثلا .. هى جايه المزرعة بعد شوية لما تشوفيها هتعرفى نوعية البنات اللى فعلاً مناسبه لـ "عمر" صمتت قليلا ثم قالت بإبتسامه مصطنعه : - انتى شكلك بنت طيبة وتستاهلى كل خير .. بس عشان مترجعيش تندمى لازم تفكرى كويس .. وشكلك كمان عاقلة وعشان كده أنا واثقه انك مش هتجيبى سيره ل "عمر" عن كلامى معاكى .. انا اتكلمت عشان مصلحتكوا انتوا الاتنين .. ولو احتجتى حاجه فى أى وقت عرفيني أنهت كلامها ثم استدارت وانصرفت .. شعرت "ياسمين" بالألم يغزو قلبها .. وبنفسها يضيق .. وسمحت لدموعها أخيراً بالسقوط .. لم تتعرض لمثل هذه الإهانه من قبل .. شعرت وكأنها كانت تقف أمام تلك المرأة عاريه كيوم ولدتها أمها .. شعرت بأن هذه المرأة توجه الى قلبها وروحها طعنات حاده غير مباليه بتأثير تلك الطعنات عليها .. شعرت بأنها تختنق .. أخذت نفساً عميقاً تحاول به ايصال الهواء الى رئتيها .. لكن هيهات .. مازالت تشعر أن الدنيا تضيق وتضيق حتى أطبقت على أنفاسها .. أخرجها صوت "ولاء" من شرودها : - "ياسمين" مالك نظرت اليها "ياسمين" والكلمات محبوسه فى حلقها قالت لها "ولاء" بلهفه : - ايه مالك .. تعالى اعدى جوه طيب .. هى عمت "عمر" قالتلك ايه ضايقك كده تركتها "ياسمين" ومشت فى طريقها وصلت الى حيث يعمل والدها فنادته .. أقبل والدها .. فقالت له بحزم : - قول للبشمهندس "عمر" انى رفضته بهت "عبد الحميد" وقال : - ليه يا بنتى كده ده راجل كويس ميتعيبش قالت "ياسمين" بصوت متهدج : - أرجوك يا بابا متضغطش عليا ثم تساقطت عبرة من عينيها وهى تنظر اليها قائله : - ولا هتغصبنى عليه زى "مصطفى" ؟ بدا التأثر على وجه "عبد الحميد" وقال : - لما الولاد بيغلطوا الأب بيسامح .. لكن لما الأب بيغلط ولاده بيكونوا فاكرين غلطته ومبينسوهاش أبداً نظرت الى والدها بتأثر قائله : - أنا آسفه يا بابا مكنش قصدى أزعلك .. أنا بس مضايقه شوية ومش عارفه أنا بقول ايه .. حقك عليا - خلاص يا بنتى محصلش حاجه .. ومادمتى مش عايزاه خلاص .. دى حياتك مش هغصبك على جواز تانى أبداً ابتسمت له قائله : - ربنا يخليك ليا يا بابا .. وبعد اذنك أنا هروح ل "سماح" أعد معاها شوية - ماشى يا بنتى بس متتأخريش .. وخلىب الك من نفسك ذهبت لدكتور "حسن" واستأذنته فى الانصراف لأنها تشعر بتوعك .. فقال لها : - لا سلامتك ألف سلامه .. احنا اصلاً النهاردة يعتبر مفيش شغل كتير .. مفيش مشكلة روحى ارتاحى شكرته قائله : - شكراً يا دكتور غادرت واتصلت بـ "سماح" قائله : - "سماح" انتى فاضيه النهاردة - آه فاضية خير هتيجى ؟ - لو مكنش يضايقك .. حسه انى مخنوقه ومحتاجه اتكلم مع حد - طيب يا حبيبتى منتظراكى ومتقلقيش "أيمن" هيتأخر النهاردة مش جاى الا بالليل - خلاص أنا خارجه أركب حالا أثناء سيرها فى اتجاه البوابه .. ومن بعيد .. رأت سيارة تدلف الى داخل المزرعة .. توقفت "ياسمين" .. رات فتاة تنزل من السيارة .. فتاة جميلة ذات شعر طويل ترتدى ملابس أنيقة ضيقه عارية الساقين .. تفحصتها "ياسمين" وهى تسأل نفسها تُرى هل هى تلك الفتاة المدعوة "ايناس" والتى حدثتها مدام "ثريا" عنها .. كادت أن تهم بالإنصراف لكنها وجدت "عمر" يخرج من البيت ويذهب فى اتجاه تلك الفتاة .. و .... كانت المفاجأة التى عصفت بكل كيان "ياسمين" .. ألقت الفتاة نفسها بين ذراعيه وقبلته على وجنتيه بدون أدنى خجل أو حياء .. شعرت "ياسمين" بسكين حاد يُغرس فى قلبها .. نظرت الى "عمر" لتتبين رد فعله .. لكنها وجدت ملامحه عاديه .. وكأن هذا هو الطبيعى والمعتاد .. وكأن مس امرأة لا تحل له أمراً عاديا بالنسبه له .. وكأن تلك الأمور أصبحت عادية لمجرد أنها ابنة عمته .. كانت الفتاة تنظر اليه مبتسمه ضاحكه تتحدث وتتحدث .. وهو واقف يستمع ويتحدث .. تجمعت الدموع فى عينيها فرأت بصعوبة الفتاة وهى تدلف الى الداخل .. أما "عمر" فتوجه الى سيارته وانطلق بها خارج المزرعة. ******************* جلست "سماح" بجوار "ياسمين" تنظر اليها فى صمت .. نحدثت "ياسمين" قائله : - عارفه .. من كتر ما أنا حسه بألم جوايا .. حسه انى متخدره وعامله زى المشلوله اللى مش قادره تتحرك .. أنا كنت فاكره انى خلاص هفرح زى باقى البنات .. وهرجع ابتسم وأضحك من قلبي تانى .. لما بابا قالى انه اتقدملى .. فرحت أوى .. مكنتش مصدقه .. كنت فرحانه أوى .. كنت حسه ان قلبي طاير .. كنت بفكر بسطحيه أوى .. انا زى "ولاء" فكرت فى القشرة بس .. قاطعتها "سماح" قائله : - "عمر" مش وحش يا "ياسمين" نظرت اليها "ياسمين" قائله بمراره : - احنا مننفعش بعض يا "سماح" .. مش عارفه ازاى انا كنت عاميه كده .. هو واحد اتربى بطريقه غير اللى أنا اتربيت بيها .. واحد مبادئه وافكاره وحياته كلها مختلفه تماماً عنى .. مفيش أى تكافؤ بينا يا "سماح" .. عمته كانت معاها حق .. بعد ما الحب ده يضيع مش هيلاقى حاجه تخليه يتمسك بيا .. هيعرف ساعتها اننا مكناش مناسبين لبعض .. "سماح" أنا طول عمرى عايزه واحد يتقى ربنا فيا .. واحد أنا وهو نعين بعض .. ونقرب من ربنا سوا .. ونبنى بيتنا سوا ونربى ولادنا تربيه صح .. ونكون قدوة حسنه ليهم .. ازاى اختارلهم أب .. بيستحل حرمات ربنا بالشكل ده قاطعها "سماح" مرة أخرى قائله : - بصى اللى أنا أعرفه انه هو وبنت عمته وأخوها متربيين مع بعض وزى الاخوات .. يعنى هما واخدين على بعض اوى يعنى ... قاطعتها "ياسمين" بحده : - انتى مقتنعه باللى انتى بتقوليه ده .. اللى يغلط غلطه صغيره يغلط غلطة كبيرة يا "سماح" .. مابالك وهو اصلا مش شايف انه بيغلط .. صمتت قليلا ثم هتفت باكيه بصوت متقطع : - "مصطفى" لما خانى كان عارف انه بيخونى .. أما ده الخيانه عنده عادى .. هيخونى وهو أصلا مش حاسس ان دى خيانه .. واحد عايش فى عالم غير اللى أنا عايشة فيه وغير اللى انا متربيه عليه .. بكرة لما نتجوز يقولى اقلعى الحجاب زى بنت عمتى وزى خطيبتى القديمة .. بكرة يلبسنى زيهم .. وسلمي على الرجاله زيهم .. وأبقى خسرت ديني ودنيتى .. بتقولى انه مش وحش .. طيب لو هو مش وحش اختار واحدة بالشكل اللى وصفتهولك ليه عشان تكون خطيبته ؟ .. ها .. وبعدها يختارنى انا .... قلت "سماح" : - بس هو دلوقتى اختارك انتى يا "ياسمين" قالت بمراره : - هو مفرقش اى حاجه عن "مصطفى" .. "مصطفى" اختارنى لانه عايز واحده يحطها فى البيت زى أى كرسي فى البيت ويبقى واثق فيها وفى اخلاقها .. وهو بره يعمل اللى على مزاجه .. و"عمر" زيه اختارنى لنفس السبب .. قالت والدموع تتساقط من عنينيها : - لما "مصطفى" خانى يا "سماح" الألم كنت حساه فى كرامتى .. لكن لو "عمر" خانى ..... تعالى صوتها فى البكاء قائله قائله : - الألم هيكون فى قلبي .. وأنا مش هقدر أتحمل ده هدئتها "سماح" قائله : - وانتى ايه اللي يخليكى تفكرى انه هيخونك يا "ياسمين" قالت "ياسمين" بحزم من بين دموعها : - لان حياته غلط وعيشته غلط .. وتصرفاته غلط .. هو واحد مبيخفش من ربنا وبيعمل الغلط عيني عينك كده أدام الناس .. اللى يعمل حاجه صغيره ببجاحه كده يعمل الكبيرة يا "سماح" صمتت قليلا ثم قالت : - وبعدين مش دى المشكلة الوحيده .. المشكلة انى اكتشفت انى فعلا انه مينفعنيش .. ده واحد هينزلنى معاه لتحت .. وأنا عايزه واحد ياخد بايدي ونطلع سوا .. عايزه واحده له نفس مبادئي نربي ولادنا على مبادئ واحدة وقيم واحدة وافكار واحدة .. مش أنا ابنى وأبوهم يهد .. ثم قالت بوهن : - مش عايزه أطلق تانى يا "سماح" كفايانى جرح واحد .. مش هقدر أتحمل جرح تانى .. مش هقدر أخاطر تانى .. أنا معنديش أى ثقه في "عمر" .. زى ما كان معنديش أى ثقه فى "مصطفى" نظرت لها "سماح" بحزن قائله : - طيب فكرى تانى .. واستخيرى تانى نظرت اليها "ياسمين" قائله بحزم : - أنا استخرت .. وفكرت كويس .. الراجل الى هختاره زوج ليا هختاره بقلبي وعقلى .. مش بقلبي بس .. ولا بعقلي بس .. لازم الاتنين يوافقوا عليه .. لازم يتشرف بيا وسط عليته ووسط الناس .. أنا مش واحدة من الشارع زى ما عمته حاولت تفهمنى .. أنا بنت ناس .. صحيح ناس فقرا .. بس محترمين ونعرف ربنا .. هى فاكرة انى مش هقدر ارفض "عمر" وقالتهالى وش كده ان مفيش بنت تقول ل "عمر" لأ .. بس أنا هقول لأ .. أنا وعمر مستحيل نكون لبعض .. ده آخر واحد ممكن أوافق انى أتجوزه ************************ توجه "عبد الحميد" الى مكتب "عمر" طرق الباب فسمه صوت "عمر" بالداخل : - اتفضل دخل "عبد الحميد" فهب "عمر" واقفاً واستقبله بابتسامه قائلاً : - اتفضل يا عم "عبد الحميد" .. اتفضلى اعد قال "عبد الحميد" فى وجوم : - تسلم يا بشمهندس بس أنا جاى أقولك كلمتين وهمشى عشان ورايا شغل وقفت "عمر" أمامه مبتسماً ونظر اليه قائلاً : - خير .. اتفضل تنهد "عبد الحميد تنهيدة حسرة وبدا متردداً وقال دون أن ينظر اليه : - بنتى رفضتك يا بشمهندس وقع الخبر كالصاعقة على رأس "عمر" .. اختفت ابتسامته شيئاً فشيئاً حتى تلاشت تماما .. صمت وهو يحاول استيعاب ما سمع .. فنظر اليه "عبد الحميد" قائلاً : - أنا مش ممكن أغصبها مرة تانية .. جوازتها الأولى كانت غصب عنها .. وحلفت بعدها انى عمرى ما هعمل كده فى بنت من بناتى صدم "عمر" للمرة الثانية فى أقل من دقيقة .. عندما علم أن زواج "ياسمين" كان رغماً عنها نظر اليه "عبد الحميد" بأسف قائلاً : - أنا آسف يا بشمهندس ثم استدار وانصرف .. جلس "عمر" على أقرب مقعد وهو مازال تحت تأثير صدمة رفضها اياه. ************************* حضر المأذون والشهود فى بيت "نهلة" .. لم يحضر أى من اخوتها .. فقط أمها وزوجها .. بدأ المأذون فى مراسم الزواج .. وهنا قال "مصطفى" للمرة الثانية : - قبلتُ زواجها. الفصل الثامن والعشرون من رواية مزرعة الدموع دخل "عمر" الى بيته واجماً حزيناً .. سمع صوت المزاح والضحكات تتعالى من غرفة المعيشة .. توجه اليهم ليرى والدته ووالده و عمته و "ايناس" مجتمعون معاً .. هتفت "ايناس" بمجرد أن رأته : - "عمر" تعالى .. السهرة نقصاك دخل "عمر" الغرفة ووقف أمامهم .. قالت عمته مبتسمه : - حقيقي يا "ايناس" انتى عامله جو تانى للمزرعة .. الأيام اللى فاتت مكناش بنلاقى حاجه تسلينا هنا .. أنا من زمان مضحكتش الضحك ده قالت "كريمة" مبتسمه : - "ايناس" طول عمرها دمها خفيف .. وبتعمل روح حلوة لأى مكان بتروحه ضحكت "ايناس" وتنحنحت فى حرج مصطنع قائله : - أحرجتونى بكلامكوا يا جماعة التفتت الى "عمر" قائله فى مرح : - وحضرة سمو الأمير رأيه ايه فيا .. رأيه برده زيهم انى مرحة ودمى وخفيف وعملالكوا جو حلو من ساعة ما جيت ؟ كان "عمر" مازال واجماً .. نظر الى كل العيون الى تطلعت اليه مبتسمه .. وقال بلهجة باردة خلت من أى انفعال : - البنت اللى انتى كنتوا رافضين انها تدخل عيلتكوا .. هى اللى رفضت تدخلها قال ذلك ثم غادر المكان وتوجه الى غرفته فى الطابق العلوى وأغلق الباب فى هدوء .. صمتوا وكأن على رؤسهم الطير .. كانت تعبيراتهم متباينه .. فـمدام "ثريا" ظهر على وجهها علامات الارتياح والإنتصار .. أما "ايناس" فلم تستطع أن تخفى ابتسامه الفرحه الممذوجه بالخبث التى تكونت على شفتيها .. أما "نور الدين" فبدا شارداً وكأنه يفكر تفكيراً عميقاً .. أما "كريمة" فكانت مشاعرها متباينه .. صدمة .. عدم تصديق .. ارتياح.. حزن .. حيرة ..مزيج عجيب تراه على وجهها .. نهضت من مكانها وهمت بأن تغادر الغرفة فأوقفها "نور الدين" قائلاً : - سبيه دلوقتى يا "كريمة" نظرت اليه قائله فى استنكار : - لازم أطمن عليه ثم خرجت وتوجهت الى غرفة "عمر" .. أما "ايناس" و والدتها فقد تبادلتا نظرة ذات معنى طرقت "كريمة" الباب فلم تسمع صوتاً .. ففتحته ودخلت وأغلقته خلفها .. كان "عمر" يجلس فى الظلام على مقعد فى مواجهة شباك الغرفة وضوء القمر يتسلل الى غرفته ليلقى بأشعته الفضيه على وجهه .. حاولت اضاءه الغرفة لكنه التفت اليها قائلاً : - لو سمحتى يا ماما سبيه مقفول أغلقته كما طلب .. وتوجهت اليه .. جلست على المقعد المجاور له وعينيها تتطلعان الى وجهه تراقب انفعالاته .. سألته بصوت حانى : - انت كويس يا "عمر" ؟ تنهد "عمر" وأغلق عينيه للحظة .. ثم نظر اليها قائلاً : - ماما بجد أنا مش قادر أتكلم قالت "كريمة" فى لهفة : - عايزه أطمن عليك بس قال بشئ من الحده : - اطمنى .. بس لو سمحتى أنا فعلاً مش قادر أتكلم مع حد .. لو سمحتى سبيني مع نفسي شوية ربتت أمه على رجله ثم نهضت وألقت عليه نظرة أسى قبل أن تخرج وتغلق الباب خلفها كانت هناك مشاعر شتى تعتمل داخل صدر "عمر" .. كان يسأل نفسه سؤال واحد .. لماذا رفضته ؟ .. كان يبحث داخله فى حيره وألم عن اجابه لهذا السؤال .. ظل يبحث ويبحث الى أن تمكن التعب منه .. تعب ذهنى ونفسي .. شعر برغبه عارمه فى أن يذهب اليها الآن ويمسكها من ذراعيها ويهزها بقوة لتخبره بسبب رفضها اياه .. ود لو يقول لها أجننتى يا امرأة لا أستطيع العيش دونك .. أنت أصبحتى كل شئ فى عالمى .. فلماذا تطرديني من جنتك بلا رحمة أو شفقه .. أتظنين أن هذا سهلاً أتظنين أن حرمانى منكِ أمراً هيناً .. كلا .. انه كالموت بالنسبه لى .. كحرمانى من الهواء الذى استنشقه .. لماذا تفعلين هذا بي ؟ قضى ليلته ساهراً على هذا المعقد .. لم تذق عينيه غمضاً .. حتى أشرق الصباح .. كانت "كريمة" تعد الفطور على السفرة مع الخادمة .. عندما رأت "عمر" ينزل مسرعاً ويتوجه الى الباب ..حاولت اللحاق به .. لكنه خرج مسرعاً وأغلق الباب توجه "عمر" الى مخزن العلف .. وجده مازال مغلقاً .. وقف أمامه واضعاً يديه فى جيب بنطاله كان يبدو عليه التوتر والتململ من الانتظار .. بعد قرابه الربع ساعه .. رأى "عبد الحميد" مقبلاً من بعيد .. فتوجه اليه ..نظر اليه "عبد الحميد" بدهشه .. وانتظر أن يتحدث .. نظر اليه "عمر" قائلاً : - بنتك رفضتنى ليه يا عم "عبد الحميد" تنهد "عبد الحميد" فى حسره ..ثم ربت على كتف "عمر" قائلاً : - أنا عارف ان أفضالك علينا كتير يا بشمهندس .. وان لولاك كان زمانا الله أعلم بحالنا دلوقتى .. وخيرك مغرقنا و .... قاطعه "عمر" قائلاً : - مش ده سؤالى يا عم "عبد الحميد" ... سؤالى بنتك رفضتنى ليه ؟ جذبه "عبد الحميد" من كتفه وسارا معاً قليلاً قال له "عبد الحميد" : - أنا زى ما قولتلك امبارح جوازتها الأولى أنا غصبتها عليها .. مكنتش مرتحاله .. ومكنتش عايزه تتجوز بسرعه .. بس أنا من خوفى عليها .. انى أموت وأسيبها فى الدنيا دى لوحدها هى وأختها .. والناس معدتش بترحم .. قولت أهى تكون فى عصمة راجل تتحمى فيه ويكون سندها .. لكنه طلع كلب ولا يسوى .. ثم قال بحزم : - عشان كده حلفت انى عمرى ما هغصب واحده فيهم على راجل هى مش عايزاه صمت "عمر" وهو يستمع الى "عبد الحميد" .. شعر بالأسى على "ياسمين" التى اضطرت الى العيش شهر كامل مع رجل لا تريده .. شعر بالحنق والضيق والغضب لأجلها .. وشعر بالغيره تطعنه فى قلبه طعنات قاتله .. التفت الى "عبد الحميد" قائلاً بحنق : - ياريتك ما غصبتها عليه تنهد "عبد الحميد" بحسره قائلاً : - اللى حصل بأه يا بشمهندس .. والحمد لله ان ربنا خلصها منه .. مع انها خلاص اتحسبت عليها جوازه توقف "عمر" عن السير ونظر اليه قائلاً : - برده ماقولتليش هى ليه رفضانى ؟ - ما قالتليش سبب الرفض .. قالتلى بس انها مش عايزاك .. وأنا محاولتش أضغط عليها شعر "عمر" بالألم عندما سمع (مش عايزاك) .. أطرق برأسه فى صمت .. ربت "عبد الحميد" على ذراعه قائله : - بص يا بشمهندس .. هى لسه يا دوب مطلقه .. ومصدقت انها خلصت من اللى ميتسماش .. أكيد البنت لسه مش على بعضها .. ولسه خايفه من طليقها ليأذيها .. وأكيد هى مش عارفه هى عايزه ايه ..اصبر عليها .. أنا عارف انها مش هتلاقى أحسن منك .. بس الموضوع محتاج صبر شوية أومأ "عمر" برأسه .. ثم تركه وانصرف .. وعينا "عبد الحميد" تتابعه بحسره . *********************** استيقظت "ياسمين" متكاسله .. أخذت تنظر الى ساعتها لتعلم انها تأخرت على عملها .. لكنه لا تشعر بأى رغبة للذهاب الى العمل .. أو حتى لمغادرة فراشها .. كانت تخشى أن تراه فتضعف مقاومتها .. ظلت تُفكر تُرى ماذا كان رد فعله عندم علم برفضها اياه .. طبعاً صُدم ابتسمت لنفسها بسخريه .. هو بالتأكيد غاضب ثائر الآن .. ليس لأنه خسرها .. بل لكرامته التى أُهدرت .. للصفعة التى أعطتها اياه .. وبالتأكيد عائلته سعيده الآن .. أنه ابتعد عن الفتاة التى يرونها غير لائقه لتصبح واحده منهم .. شعرت بالغضب يجتاح كيانها .. ويملأ نفسها .. ظلت تستغفر ربها .. لتحاول تهدئه نفسها .. ثم نهضت وتوضأت وصلت الضحى .. وارتدت ملابسها وخرجت للذهاب الى عملها وقفت "نهلة" فى مطبخ بيتها الجديد .. بيت "ياسمين" سابقاً .. وأخذت تعد طعام الفطور وهى تدندن فى سعاده .. استيقظ "مصطفى" ودخل المطبخ فرآها وعلامات الفرح على وجهها .. شعر بالغيظ وقال لها : - مكنتش أعرف انك بتقومى من النوم مزاجك رايق كده التفتت اليه قائله بسخريه : - وهتعرف منين .. انت كان كبيرك تشوفنى بالليل وتخلع تركها وذهب الى الحمام .. أعدت السفرة وجلست فى انتظاره .. خرج وجلس يتناول طعامه فى صمت .. التفتت اليه قائله : - كان رجل طيب قال لها بدهشة : - هو مين ده قالت له بحده : - اللى انت عامله حداد يوم صبحيتنا ألقى الطعام من يده والتفت اليها وصاح بسخريه : - صبحيتنا .. سمعيني تانى كده .. ليه انتى فاكره نفسك بنت بنوت ولا ايه .. ده احنا دفنينه سوا قالت بنفس السخريه : - ما هو عشان دفنينه سوا .. لازم تبقى العلاقة بينا أحسن من كده قال بحده : - عايزانى أعاملك ازاى ان شاء الله قالت "نهله " : - تعاملنى زى ما كنت بتعاملنى زمان ..فرق ايه زمان عن دلوقتى .. هى مجرد الورقة اللى كتبناها امبارح عند المأذون .. تخيل انها متكتبتش واحنا مع بعض زى ما احنا قال بمراره : - أتخيل ازاى انها متكتبش دى أنا حاسس ان الورقة دى سلسله ربطانى من رقبتى نظرت اليه بحزن قائله : - للدرجة دى يا "مصطفى" .. شايف ان جوازك منى سلسلة حوالين رقبتك قال بقسوة : - أيوة سلسلة خنقانى ولو أطول أخلص منها كنت خلصت نهض وأخذ الجاكيت ارتداه وفتح باب البيت وخرج وأغلقه بقوة .. وترك "نهلة" خلفه ودموع الحزن تتجمع فى عينيها وقالت لنفسها ( ليك حق تعمل فيا أكتر من كده .. أنا اللى أهنت نفسى من البداية ) *********************** اتصل "كرم" بـ "ريهام" على الخط الداخلى وطلب منها احضار أحد الملفات الى مكتبه .. طرقت "ريهام" الباب فأسرع برفع سماعة الخط الخارجى .. دخلت "ريهام" فأشار اليها بيده أن تنتظر .. أمسكت الملف بكلتا يديها وانتظرت حتى ينهى مكالمته .. تحدث "كرم" وهو يرجع بظهره الى الوراء ويضع ساقاً فوق ساق : - طبعا هو احنا عندنا أعز منك .. انتى عارفه معزتك عندنا كويس .. وعندى أنا تحديداً ألقى نظره على "ريهام" الواقفة أمامه .. والتى لا تظهر أى انفعالات على وجهها .. لكن كانت بداخله تشعر بالضيق والحنق وودت لو أخذت منه سماعة الهاتف وحطمتها فوق رأيه .. أكمل "كرم" فى صوت هائم : - مش هتيجي تنورينى فى المكتب .. يا سلام تعالى انتى بس وانتى تشوفى أنا هستقبلك ازاى .. بس ياريت القمر يحن وميتأخرش علينا .. عشان احنا مش حمل بعاده كانت "ريهام" قد وصلت الى ذروة غضبها .. همت بالإنصراف لكنها لمحت على الأرض نهاية سلك الهاتف الذى يتحدث فيه "كرم" .. كانت عاملة التنظيف تتعثر فى الأسلاك .. كلما نظفت . فكانت تفصلها من مكانها .. وكانت "ريهام" تعيدها مرة أخرى قبل وصول "كرم" .. لكنها اليوم نسيت تركيب سلك الخط الخارجى .. التفتت لتنظر اليه مرة أخرى وعلامات خبيثه ترتسم على وجهها .. أنهى "كرم" مكالمته ووضع السماعة مكانها وهو يختلس النظر الى "ريهام" التى قالت : - اظاهر ان حضرتك كنت بتتكلم مع شخصية مهمة جدا ابتسم "كرم" بخبث وتمطع قائلاً : - فعلاً شخصية مهمة جدا .. تقدرى تقولى واحده مش عادية نظرت اليه "ريهام" وعيونها تلمع فى مرح وخبث وقالت : - اظاهر فعلاً انها واحده مش عاديه أبداً لدرجة انك سبحان الله تقدر تتكلم معاها من غير ما يكون فى حرارة فى التليفون نظر اليها "كرم" وقد بُهت ..فأشارت برأسها الى سلك الهاتف الملقى على الأرض .. نظر "كرم" اليه وهو يتمنى أن تنشق الأرض وتبلعه فوراً .. تقدمت "ريهام" ووضعت الملف على المكتب .. وخرجت وهى ترسم ابتسامه خبيثه على شفتيها .. أما "كرم" فقد كان يشعر بحرج شديد من هذا المأذق السخيف الذى وضع نفسه فيه ********************** - يعني هى قالتك هى رفضته ليه ؟ ألقى "أيمن" هذا السؤال على "سماح" وهما جالسان معاً يتناولان طعام الإفطار .. قالت "سماح" فى ضيق : - بصراحة صحبك مينفعهاش قال "أيمن" بإستغراب : - ليه بأه ؟ - هما الاتنين مختلفين عن بعض فى كل حاجه .. الأخلاق الطباع التربية اسلوب حياتهم .. كل حاجه مختلفين فيها .. هما الاتنين مينفعوش بعض يا "أيمن" .. "ياسمين" طول عمرها عاقله وبتفكر بعقلها .. وبصراحة أنا معاها فى قرارها ده - بس ده مكنش رأيك لما عرفتى ان "عمر" اتقدملها قالت "سماح" بسرعة : - لانى مكنتش شايفه الموضوع من وجهة نظر "ياسمين" بس بعد ما سمعتها امبارح فهمت وجهة نظرها .. وفعلاً معاها حق تخاف منه وترفضه ... متنساش يا "أيمن" انها مطلقه .. يعني أكيد مش عايزة تخوض تجربة فاشله للمرة التانية قال "أيمن" بحده : - ومين قالك انها هتكون تجربة فاشله .. انتى متعرفيش "عمر" بيحبها ازاى .. "عمر" صاحبي يا "سماح" عشرة سنين طويلة مش سنة ولا اتنين .. أنا عمرى ما شوفته متعلق بحد كدة .. حتى البنت اللى كان خطبها قبل كده .. مكنتش شايفه متعلق بيها كده - أهو البنت اللى كان خطيبها دى أحد أسباب رفض "ياسمين" لـ "عمر" قال "أيمن" بدهشة : - ازاى يعنى .. هى رفضاه عشان كان خاطب ؟ - لأ طبعاً يا "أيمن" مش عشان خاطب .. عشان الانسانه اللى خطيبها دى .. هى سمعت كلام كتير عنها هنا فى المزرعة .. يعني اللى يخطب واحدة بالمنظر ده .. هيكون ايه يعني غير واحد تافه قال "أيمن" بحزم : - كانت غلطة .. ورجع عنها فى الوقت المناسب .. هنعلقله حبل المشنقة يعني قالت "سماح" تحاول افهامه : - يا "أيمن" أنا ما قولتش ان ده السبب الوحيد .. قولت ده أحد الأسباب .. وفى أسباب قوية جداً .. بس مش هقدر أقولك عليها .. لأن "ياسمين" مأمنانى ان الكلام مايوصلكش .. بس فعلاً هى معاها حق ترفض قال "أمين" فى حيره : - والله انتوا الاتنين أغرب من بعض .. انتى مش شرحالى الموضوع على بعضه عشان كده انا مش عارف أفهم أسباب رفضها .. بس الحاجه الوحيدة اللى أنا عارفها .. ان "عمر" بيحبها بجد .. و دى أول مرة أشوفه بيحب واحده كده تأملته "سماح" قائله : - انت واثق انه بيحبها بجد أكد لها "أيمن" قائلاً : - أيوة واثق قالت فى حيره : - معرفش بأه .. ربنا ييسرلها الخير وخلاص *************************** كانت تقف وتولى ظهرها الى الباب .. تقرأ الملف الذى بين يديها وتضيف عليه ملاحظاتها .. التفتت لتجده أمامها .. يقف أمام الباب وينظر اليها فى صمت .. تسارعت خفقات قلبها .. شعرت بالإضطراب .. ودت الهرب .. لكنه واقف يسد المنفذ الوحيد للهرب .. هربت من عينيه .. وساد الصمت .. قال "عمر" بهدوء : - ممكن أعرف انتى ليه رفضتيني ازداد ارتباكها .. صمتت .. لا تدرى ما تقول .. أعاد سؤاله مره أخرى : - ليه رفضتيني ؟ أيقنت أن لا مفر منه .. نظرت اليه قائله : - أعتقد ان من حقى انى أقبل أو أرفض .. وأنا رفضت تلاقت نظراتهما فى صمت للحظة .. نظرة عتاب منه .. ونظرة صد منها .. قال لها بهدوء : - طبعاً من حقك تقبلى أو ترفضى .. لكن أنا بسأل عن أسباب الرفض قالت ببرود : - أفضل أحتفظ بيها لنفسي قال بصرامة : - لأ مش من حقك احتدت عليه قائله : - يعني ايه مش من حقي قال "عمر" بنفس الصرامة : - مش من حقك تحتفظى بأسباب الرفض لنفسك .. لازم أعرفها تماسكت قائله : - وأنا معنديش كلام أقولهولك .. رفضت وخلاص ظهرت علامات الغضب على وجه "عمر" واقترب منها قائلاً : - انتى ليه بتعملى كده قالت بغضب هى الأخرى : - ايه يا بشمهندس .. مضايق انى رفضتك .. ايه كنت فاكر ان مفيش بنت تقدر ترفضك صمتت قليلاً ثم نظرت فى عينيه قائله بقسوة : - لأ .. أنا رفضك .. تحب تسمعها تانى .. أنا رفضتك .. أنا مش زى البنات اللى انت تعرفهم واللي يتمنوا اشاره منك .. أنا مش زيهم .. أنا أبعد من أحلامك قالت ذلك ثم انصرفت مسرعه .. لتترك "عمر" فريسه للشعور بالغضب وقفت "ياسمين" فى المساء مع أختها فى شرفة غرفتهما .. قالت "ياسمين" بهدوء : - احنا لازم نمشى من هنا .. معدش ينفع نستنى فى المزرعة قالت "ريهام" بلوعه : - ليه ؟ .. نمشى ليه ؟ نظرت اليها "ياسمين" قائله : - نمشى بكرامتنا قبل ما "عمر" يطردنا - تفتكرى "عمر" ممكن يطردنا شردت "ياسمين" قليلاً ثم قالت : - حتى لو مطردناش .. فده هيكون عشان خاطر "أيمن" بس .. لكن هو أكيد عايزنا نمشى من هنا بعد ما رفضته نظرت اليها "ريهام" وقالت : - انتى مش ممكن تغيري رأيك يا "ياسمين" هزت "ياسمين" رأسها نفياً وقالت بضعف : - لأ .. مش هغير رأيي قالت "ريهام" : - بس انتى .... ثم قطعت كلامها .. نظرت اليها "ياسمين" قائله : - حتى لو كنت كده .. ده مش كفايه بالنسبة لى .. عشان أوافق عليه ثم نظرت الى أختها بألم قائله : - "ريهام" عشان خاطرى مش حبه أتكلم فى الموضوع ده ربتت "ريهام" على ظهرها فى حنو قائله : - خلاص أفلى على الموضوع ثم هتفت فى مرح فجأة : - استنى هكيلك حاجة تضحكك نظرت اليها "ياسمين" برجاء قائله : - ياريت .. أنا فعلاً نفسي أضحك قالت "ريهام" فى مرح : - "كرم" النهارده عمل حتت موقف خلى شكله زباااااااااله ضحكت "ريهام" .. فسألتها "ياسمين" مبتسمه : - ليه عمل ايه ؟ أكملت "ريهام" ضاحكة : - ندالى عشان أجيبله ملف وأول ما دخلت عمل نفسه بيتكلم مع موزه فى التليفون وهاتك يا تسبيل وهيام وكلام يحرق الدم ..وبعد ما قفل نبهته ان الفيشة بتاعة التليفون مفصوله .. حسيته كان هيموووووت ضحكت "ياسمين" مع "ريهام" التى لم تتمالك نفسها هى الأخرى .. سألتها "ياسمين" وسط ضحكاتها : - طيب هو ليه عمل كده قالت "ريهام" بمرح : - أنا عارفه .. حب يترسم أو يجس نبضى سألتها "ياسمين" بإهتمام : - يجس نبضك ازاى يعني قالت "ريهام" بخبث : - يعني يشوف رد فعلى ايه لما أمسعه بيكلم بنت بالشكل ده أدامى .. بس ايه أختك أسد ولا بينت أى حاجه على وشى .. واديتله الكلمتين وكسفته من نفسه وخرجت قالت "ياسمين" بخبث : - هو فى ايه بالظبط يا "ريهام" ابتسمت "ريهام" قائله : - يعني تقدرى تقولى كده فى شرارات خفيه .. بس احنا الاتنين عاملين فيها من بنها قالت لها "ياسمين" بقلق : - متلعبيش بالنار يا "ريهام" .. "كرم" صاحب "عمر" يعني ممكن يكون زيه قالت "ريهام" بإستغراب : - هو انتي ليه شايفه "عمر" وحش أوى كده .. أى راجل فى سنه ممكن يكون له أخطاء وماضى ..المهم انه يتوب ويبقى كويس قالت "ياسمين" بحزم : - وأنا مش عايزة أبداً راجل بالشكل ده .. أنا عايزه واحد أكون أنا الأولى فى حياته زى ما هو الأول فى حياتى احتدت "ريهام" قائله : - انت ليه بتتعاملى مع "عمر" أكنه "مصطفى" .. أكنه غلط نفس غلطة "مصطفى" .. صمتت "ياسمين" فأكملت "ريهام" : - انتى خايفه .. تجربتك مع "مصطفى" خلتك خايفه من أى راجل وحسه انه هيخونك فى أول فرصه قالت "ياسمين" بأسى : - معاكى حق .. وللأسف حياة "عمر" الغلط واللى ضد مبادئي مخوفانى أكتر .. ومخليانى مش قادرة أثق فيه قالت لها "ريهام" بجديه : - أنا واثقه ان "عمر" هيتغير علشانك يا "ياسمين" - تفتكرى - لو بيحبك هيتغير رددت "ياسمين" فى مراره : - ده لو بيحبنى فعلاً .. مش مجرد حاجه جديدة حابب يجربها ..بنت ممرتش عليه قبل كده جذبت انتباهه مش أكتر رأت "ريهام" علامات الحزن على وجه أختها فقالت فى مرح - انتى عاملة زى اللى اتلسع من الشربه ومن كتر خوفه يتلسع تانى عمال ينفخ فى الزبادى .. و"عمر" مش زبادى .. ده قشطة مخلوطه بحلاوة وعليهم صوص مربي .. متخيله الطعم ابتسمت "ياسمين".. وأخذت تتأمل النجمات التى تلمع فوق رأسها فى شرود ****************** بعد عدة أيام من زواجهما .. كانا يجلسان معاً لمشاهدة التلفاز .. عندما التفت "مصطفى" اليها ونظر اليها ببرود قائلاً : - انتى هتولدى امتى ؟ ظلت تنظر الى التلفاز دون أن تجيبه أو تلتفت اليه .. قال بحده : - انتى .. مش بكلمك .. انتى فى الشهر الكام .. وهتولدى امتى ؟ لم تجيبه .. فأخذ الريموت بعصبيه وأغلق التلفاز .. التفتت اليه فى برود وفجرت قنبله فى وجهه : - أنا مش حامل أصلاً صمت للحظات وهو لا يعى ما قالت .. وعندما بدأ فى استيعاب الخدعة التى أوقعته فيها هب واقفاً ونظر اليها قائلاً بغذب هادر : - نعم يا روح أمك .. يعني ايه مش حامل .. أمال أنا اتهببت واتجوزتك ليه وقفت لتواجهه وقالت بحزم : - اتجوزتنى عشان تصلح غلطتك اللى مرضتش تصلحها بمزاجك .. أديكى صلحتها ورجلك فوق رقبتك أمسكها من شعرها بقسوة وصفعها بقوة على وجهها قائلاً : - هموتك .. والله لموتك فى ايدي النهاردة يا تيييييييييييت نظرت اليه وهتفت وهى تتألم قائله : - موتنى عشان تدخل السجن طول عمرك .. أو يعدموك وتحصلنى يا "مصطفى" توقف عن شد شعرها وهو ينظر اليها بغضب .. فأكملت قائله بقسوة : - ادامك 3 حلول مفيش غيرهم .. اما انك تقتلنى زى ما بتقول وساعتها يا السجن يالاعدام .. والحل التانى انك تطلقنى وساعتها هتبقى سمعتك فى الأرض .. لانى تانى واحدة تتجوزها وتطلق فى شهر العسل .. ده غير ان الأولى فضحتك بما فيه الكفاية لما رفعت عليك قضية خلع يعني اكيد الناس هتقول ان المشكلة فيك انت .. واللى هيأكد ده ان التانية تطلق بعد كام يوم جواز .. أما بأه الحل التالت هو اننا نفضل مع بعض .. احنا الاتنين غلطتنا واحنا الاتنين بندفع تمن الغلطة دى .. يعني احنا الاتنين مضطرين نفضل مع بعض عشان نحافظ على سمعتنا وسط الناس .. يعني محدش أحسن من حد يا "مصطفى" تركها "مصطفى" وقد أدرك صحة ما تقول .. هو مضطر للبقاء معها .. مضطر لدفع ثمن أخطائه .. مضطر أن يبقى مقيداً بذلك القيد الذى يطبق على أنفاسه .. مضطر لأن يبقى زوجاً لآخر فتاة كان يتمنى الزواج بها ********************** تقدمت "ياسمين" الى مكتبه .. وقفت أمامه للحظات .. كانت هذه آخر مرة ستراه فيها .. سترحل وتترك المزرعة هى وأهلها .. كان من الممكن أن تترك مهمة اخباره بذلك الى والدها .. لكنها أرادت أن تخبره بنفسها .. لم تدرى لماذا تفعل ذلك .. هل لكى تشعر بإنتصارها أمامه ان استطاعت الخروج من المزرعة برغبتها ودون اراقة ماء وجهها .. أم لكى تراه لآخر مرة وقفت للحظات ثم استجمعت شجاعتها وطرقت الباب .. كان بمفرده .. جالس يتأمل الورق الذى أمامه دون أن يرى منه حرفاً .. عندما رآها شعر بمزيج من الحب والألم يغزو قلبه .. فها هى حبيبته القريبة البعيدة .. لا يستطيع الاقتراب منها ولا الابتعاد عنها .. وقفت أمامه ثم قالت : - أنا جايه أبلغ حضرتك اننا يومين وان شاء الله هنسيب المزرعة أرجع ظهره وأسنده على الكرسى .. صمت لبرهه .. ثم نظر اليها ببرود قائلاً : - كلامى فى الموضوع ده مش معاكى انتى .. مع والدك نظرت اليه بدهشة فأكمل قائلاً : - الموضوع ده القرار فيه لوالدك مش ليكي قالت بحزم : - ده قرار مشترك لينا احنا التلاته .. وأنا جايه أبلغ حضرتك بيه قالت بنفس البرود : - وأنا كلامك ده ملوش أى معنى عندى إلا اذا سمعته من والدك ضهرت علامات الغضب على وجهها لماذا يتجاهلها وكأن رأيها لا يعنيه .. قالت بحده : - بقول لحضرتك ده رأينا احنا التلاته ولو كلمت والدى هيقولك نفس الكلام صمت قليلا ثم قال بهدةء : - طيب هتكلم معاه .. اتفضلى على شغلك ثم أمسك قلمه وشرع فى النظر الى الأوراق التى أمامه .. شعرت بالحنق والضيق وغادرت مكتبه فى عصبيه .. نظر "عمر" الى الباب الذى أغلقته خلفها ثم ترك القلم من يده وتنهد فى حزن .. قام من فوره وذهب الى عم "عبد الحميد" فى المخزن وسأله عما قالته "ياسمين" .. فقال "عبد الحميد" : - أظن يا بشمهندس معدش ينفع نستنى هنا بعد كده سأله "عمر" قائلاً : - ليه يا عم "عبد الحميد" حد هنا ضايقكوا .. أنا صدر منى حاجه ضايقتكوا قال "عبد الحمد" بسرعة : - لأ طبعا يا بشمهندس .. أنا مشفتش فى ذوقك ولا فى أدبك واخلاقك - أمال عايزين تمشوا من المزرعة ليه ؟ قال "بعد الحميد" بحرج : - يعني بعد اللى حصل .. أظن انت اللى هتكون حابب اننا نمشى نظر اليه "عمر" قائلاً : - أظن احنا اتفقنا آخر مرة ان الموضوع محتاج صبر مش كده .. يعني الىل عايز أقوله أنا مفقدتش الأمل .. عارف ان الوقت مش مناسب بالنسبلها .. وهى ممكن يكون تفكيرها مضطرب .. وعشان كده رفضت .. وحتى لو موافقتش وأصرت على الرفض .. ده مش معناه انكوا تسيبوا المزرعة وتمشوا قال له "عبد الحميد" : - بس يا بشمهندس ..... قاطعه "عمر" قائلا : عم "عبد الحميد" انت السنين اللى اشتغلتها فى الشغل الحكومى خليتك منظم زى الساعة بالظبط .. ومحدش قبلك مسك المخزن بإيد من حديد زيك كده .. يعني فعلا أنا محتاجك هنا .. وانت عارف ان الشغلانه دى مينفعش أحط فيها الا واحد أثق فيه .. من بعد ما عينت كذا واحد واكتشفت انهم كانوا بيسرقوا من العلف ويبيعوه برخص التراب .. يعنى مفيش حد غيرك أثق فيه وأسلمه مفاتيح المخزن ده .. يا ترى بأه بعد كل اللى قولتهولك ده لسه برده عايز تسيب المزرعة وتمشى ابتسم "عبد الحميد" فى سرور وقد فرح لثقة "عمر" به وبعمله وقال : - ده احنا نخدمك بعنينا يا بشمهندس ابتسم "عمر" وربت على كتفه قائلاً : - تسلم يا عم "عبد الحميد" ثم تركه وانصرف *************************** خرجت "ريهام" من المكتب بعد انتهاء عملها فى طريقها الى غرفتها .. عندما أوقفها "هانى" واعترض طريقها .. نظرت اليه فى حده قائله : - أفندم ؟ ابتسم لها قائلاً : - ازيك يا آنسه "ريهام" تركته وأكملت طريقها فإعترض طريقها مرة أخرى .. فهتفت قائله : - لو محترمتش نفسك أنا هشتكيك للبشمهندس "كرم" اتسعت ابتسامته قائلاً : - مش تعرفى الأول أنا عايزك فى ايه قالت بحده : - مش عايزة أعرف وهمت بالسير مرة أخرى .. لكنه وقف أمامها قائلاً والابتسامه تعلو شفتاه : - أنا عايز أتقدملك بهتت ووقفت تنظر اليه فى دهشة قائله : - نعم أعاد ما قال : أنا عايز أتقدملك احمرت وجنتاها .. ونظرت اليه قائله : - وانتى تعرفنى منين عشان تتقدملى نظر اليها قائلاً : - صحيح معرفكيش انتى لانك مش مديانى فرصة اعرفك .. بس اعرف اختك الدكتورة "ياسمين" وواضح انك انسانه محترمة زيها .. وعشانك كده عايز أتقدملك ونتعرف على بعض أكتر شعرت بالإضطراب فقالت له : - بعد اذنك ثم غادرت بسرعة حتى لا يعترض طريقها مرة أخرى كانت "ياسمين" عائدة الى مكتبها عندما رآها "هانى" واستوقفها قائلاً : - دكتورة "ياسمين" لو سمحتى التفتت اليه قائله : - أفندم شعر بالارتباك قليلا ثم قال : - عايز أتكلم مع حضرتك فى موضوع قالت بنفاذ صبر : - اتفضل بس بسرعة عندى شغل تنحنح قليلا ثم ابتسم قائلاً : - أنا عايز أتقدم لأختك نظرت اليه بدهشة قائله : - "ريهام" ؟ اتسعت ابتسامته قائلاً : - أيوة سألته بإستغراب : - وانت تعرفها منين ؟ - شوفتها كذا مرة وهى جيالك وكمان بشوفها كتير هنا فى المزرعة .. وبصراحة عجبانى رآهما "عمر" واقفان معاً يتحدثات فى هدوء والابتسامه تعلو شفتى "هانى" .. فاشتعل قلبه بنيران الغيره واقترب منهما ووقف أمامهما فى صمت .. ظل الثلاثة ينظرون الى بعضهم البعض دون أن يتحدث أحدهم بكلمه .. قطع "هانى" هذا الصمت وتنحنح قائلاً: - طيب يا دكتورة هبقى أتكلم معاكى فى موضوعنا فى وقت تانى قال ذلك ثم غادر المكان .. نظر اليها "عمر" بحده قائلاً : - موضوع ايه اللى عايز يكلمك فيه قالت ببرود : - موضوع ميخصش حضرتك ثم همت بالإنصراف فاعترض طريقها بيده .. نظرت اليه بحده .. فقال بحزم : - "ياسمين" .. اياكى أشوفك واقفه بتتكملى معاه تانى تحولت نظرات "ياسمين" الى الدهشة وقالت : - يعني ايه ؟ قال بحزم : - يعني اللى سمعتيه .. متقفيش تتكلمى معاه تانى لأى سبب .. ومن بكرة هقول لدكتور "حسن" يشوف حد غيرك يشرحله الحالات شعرت بالحنق والضيق فقالت : - ليه بأه ممكن أعرف السبب صمت قليلاً ثم قال ببرود : - أحب أحتفظ بالأسباب لنفسي قال نفس جملتها التى قالتها عندما سألها عن سبب رفضها اياه .. سالته قائله : - انت مالك ومالى ؟ نظر اليها بنظرات شعرت بأنها تخترق أعماق روحها .. قال فجأة بصوت رخيم : - انتى بتاعتى ارتجف قلبها .. قالت وقد اعترتها الحيرة : - ايه تعمقت نظراته فى عينيها أكثر لتشل أى قدرة لها على المقاومة .. وقال بصوت خافت : - زى ما سمعتى .. انتى بتاعتى ثم أردف قائلاً بصوت هامس وعيناه تعانقان عينيها : - مهما قولتى مش هسيبك .. لأنك بتاعتى خلاص .. ملكى أنا وبس .. لا هسمحلك تبعدى عنى .. ولا هسمح لأى حد انه يقربلك قال ذلك وتركها خلفه وصدى كلماته يتردد فى أذنها .. تحاول استيعابها فى حيره .. وعلى الرغم من قدرتها على السيطرة على تعبيرات وجهها .. إلا أن قوتها لم تكفى لتسيطر على قلبها الذى أخذ يقفز فرحاً لكلماته . الفصل التاسع والعشرون من هنا |
رواية مزرعة الدموع الفصل السابع والعشرون 27 والفصل الثامن والعشرون 28 بقلم مني سلامة
تعليقات