رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (بعنوان أنشودة الأقدار) الفصل السابع 7 بقلم نورهان ال عشري



رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (بعنوان أنشودة الأقدار) الفصل السابع 7 بقلم نورهان ال عشري





بسم الله الرحمن الرحيم 

الأنشودة السابعة 💗🎼

لم يكُن الأمر عادلًا أبدًا حين يتعلق أي شيء بك . تتبدل فيزيائية الأمور و تنحاز المُعطيات و الدوافع و المُبررات وفق إرادتك و إن خالفت كل حدود المنطق ، يختل ميزان النظريات العلمية فلا يعُد لكُل فعل رد فعل بل لفعلك أنتِ ما يُناسبه و يليق بك . حتى و إن خرق ذلك مقاليد الكون والطبيعة ف رُوَاء أنفاسك يُكمم كل هتافات و احتجاجات العقل الذي أسلم رايته هو الآخر أمام إغواء حضورك ..
فبات كل شئ يتهاون معك رُغمًا عني و عن إرادتي فلم يعُد بُد من الانهزام و ما أشهاه بين حنايا صدرك..

نورهان العشري ✍️ 

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

 تلاحقت الأنفاس بصدره وهو يرى تلك الصور التي تروي حقارة ذئب لم يتوانى عن نهش أعراض الغيد و هتك سترهن و المُشين أن هذا الذئب ينتمي إلى عائلتهم و يحمل نفس دمائهم ..
زفر طارق بحرقة وهو يُغلِق الحاسوب بينما عروقه تتدافع بها الدماء حتى أوشكت على خرق جلده الخشن فما يحدُث ليس بالهين عليهم وهم رجال فما بالك بتلك الذبيحة التي تم عقد قرانها اليوم على يد قاتلها ؟! 
نصب عودة متوجهًا إلى الأسفل فتقابل مع مروان الذي كانت حالته لا تُبشر بالخير هو الآخر فتخاطرت العقول بصمت لثوان قطعه مروان الذي قال بقسوة 
_ بدل شكلك كدا يبقى وصلك اللي وصلي..

طارق بحنق
_ و أكيد وصل للكل . متعرفش سالم فين ؟ 

_ مفروض ينزل في خلال عشر دقايق عشان هيمر على الحاجة أمينة قبل السفر .

زفر حانقًا قبل أن يزأر بنفاذ صبر 
_ و الحل ؟ دا بيقولهالنا صريحة اللي بتبنوه من ناحيه ههده انا من الناحية التانيه . 

لم يكد مروان يتحدث حتى سمع صوت سالم الخشن وهو يقول
_ مين دا اللي بيهد اللي بنبنيه يا طارق ؟ 

التفت الأخوان إلى سالم و من خلفه سليم فقال طارق بمراوغة حين التقمت عينيه ظهور كُلًا من جنة و فرح أعلى الدرج و من خلفهم ظهرت شيرين 
_ متشغلش بالك شوية مشاكل في الفرع في ألمانيا. هتسافروا امتى ؟ 

فطن سالم إلى محاولة طارق إخفاء الأمر فألقى نظرة خاطفة على ساعته قبل أن يقول باختصار
_ دلوقتي. 

تخطاهم جميعًا إلى غرفة المكتب في أمر صامت حتى يتبعه الجميع و قد كان هذا ما حدث و ما هي إلا ثوان حتى هب سليم من مقعده وهو يصيح كأسد جريح 
_ الله يلعنك يا كلب .. وصلت أنه يصورهم بالطريقة دي ؟ 

اندفع طارق هو الآخر مُضيفًا
_ انا معرفش البني آدم دا جنسه أيه ؟ معندوش ذرة إحساس واحدة !

تشدق مروان ساخرًا
_ على الرغم من أن كل خلفته بنات إلا أنه قذر و ميهموش لو حد فيهم اتأذى ! 

أوقف سالم سيل صيحاتهم حين قال بجفاء
_ لا يهمه ! و يهمه أوي كمان . احنا بس اللي كنا بنلاعبه غلط ! 

سليم بتهكم غاضب
_ يعني كنا نأذيه في بناته يا سالم ! دول لحمنا و دمنا..

أضاف طارق بنبرة محرورة
_ لا طبعًا دا دول بناتنا احنا وهو مالوش فيهم حاجه .

ضاق ذرعًا من صياحهم فقال بنبرة صارمة 
_ ناجي ميهموش با شيرين ولا سما . ولا يفرقوله بتكلم عن حد تاني خالص ..

انكمشت ملامح الجميع بحيرة قطعها صوته الباتر حين قال
_ إيلينا رودريجز . بنته من مراته الإيطالية ! 

خيمت الدهشة على ملامح الجميع فكان أول من قطعها صوت سليم المُستفهم 
_ بتقول ايه يا سالم ناجي عنده بنت واحنا معرفش !

تولى مروان الإجابة بدلاً عنه 
_ بنت عندها خمستاشر سنة عرف أمها في بار و دخل في علاقة معاها و على الرغم أنه مكنش عايز يخلف و شدد عليها دا إلا أنها خلفت و جابت البنت دي و الغريبة أنه حبها و اتعلق بيها لدرجة أنه مخبيها عن كل العيون و حتى منسبهاش لنفسه دا نسبها لأهل أمها عشان محدش يعرف انها بنته . 

مزق طارق ثوب الذهول و قال بسخط
_ طبعًا لازم يعمل كدا اسمه لوحده وصمة عار في تاريخها ..

استفهم سليم قائلًا 
_ عرفتوا كل دا امتى؟

اجابه سالم بفظاظة
_ النهاردة الصبح . من خلال مراقبتنا له لاحظنا ظهوره واختفائه الغير مُبرر و بدأنا نمسك الخيوط واحدة واحدة لحد ما اتأكدنا ..

لم يصل لمرحلة الثقة الكاملة فأضاف سليم باستفهام 
_ وايه عرفك انه خايف عليها اوي كدا ؟ دا كان هيموت بنته بإيده. ما يمكن هيستغلها زي ما عمل مع شيرين !

تولى مروان الإجابة قائلًا 
_ تفتكر واحد يسافر من كل بلد و يدخل كذا بيت و يلبس لبس زبال عشان بس يروح يشوف بنته يبقى مابيحبهاش . و بعدين بالرغم من أنه كان بيستغل شيرين إلا أنه عمره ما فكر يحميها ولا حتى يخاف عليها ..

اسودت عيني طارق و ازدادت قتامتها حين قال بقسوة
_ دي حقيقة . دا كان بيرميها في النار بإيديه ..

لاحظ سالم تبدل معالم طارق و حديثه الذي يقطُر غضبًا فقال بلهجة جافة
_ اللي على وشك دا مش عايز اشوفه . الغضب مش هينفعنا أبدًا في المرحلة دي . بالعكس هيضرنا .

طارق بحنق
_ متلومش عليا يا سالم 
_ مبلومش يا طارق بنبهك . احنا دلوقتي في حرب باردة معاه عايزة أعصاب من حديد و عقل شغال و واعي يعرف يتصرف صح . فهمتني !

همس باختصار
_ فهمت .

أضاف سالم بجفاء
_ لو سيبنا نفسنا للغضب هنتشتت و هنغلط و الغلطة بحساب . مفهوم ؟

اجابه الجميع بالموافقة على حديثه فنصب عوده يغلق أزرار بذلته وهو يقول باختصار 
_ مش هوصيك يا طارق انت و مروان و متقلقوش مش هتأخر هناك . 
مروان بحنق
_ بصراحة يا سالم كنت عايز نروح معاك افرض حد من الحوش دول قال كلمه كدا ولا كدا لازم يشوفونا كلنا مع بعض و يعرفوا أن محدش يقدر ييجي علينا و أن ظهور حازم ميهزناش ابدا

سالم بخشونة 
_ الزيارة دي إثبات حالة مش استعراض عضلات . هما فاهمين كويس اوي أن مفيش حاجه تهزنا. و ان محدش له حق عندنا . 

أنهى سالم النقاش و توجه للخارج فوجد فرح عند مدخل القصر الداخلي فجذبتها ذراعيه تطوق خصرها وعينيه تأسرانها بنظرة خاصة يليها همسه الخشن
_ خلي بالك من نفسك . 

همست بعذوبة 
_ وحشتني من قبل ما تسافر 

زينت شفتيه ابتسامة خطرة كنبرته حين قال
_ الإغراء دا جاي في اكتر توقيت غلط ..

همست بتحسر مفتعل
_ اغراء ايه بقى هو أنت بيأثر فيك حاجة !

نقشت أنامله لحنًا مُغريًا على خصرها الممشوق بينما همست شفتيه بنبرة موقدة 
_ مبيأثرش فيا غيرك و مستعد اسيب كل حاجه و أثبتلك دلوقتي بس متجبيش ورا .

غافلتها ضحكة صاخبة لها وقع السحر على قلبه الذي فاقت دقاته حدود المعقول تأثرًا بقُربها فأضاف بنبرة شبه آمرة
_ تعالي معايا ! 

همست بذهول 
_ آجي معاك فين ؟ 

أجابها بلهجة لا تقبل الجدال
_ هاخدك معايا البلد .

_ سالم بتقول ايه ؟

بتر استفهامها بتعويذة سحرية ألجمت جميع حواسها
_ بقولك مش هقدر ابعد عنك لحظة واحدة . و هتسافري معايا يا فرح . 

تأجج قلبها من فرط تأثرها و انحبست الأنفاس بصدرها لسويعات لم تسعفها الكلمات لإجابته فتابع هجومه الساحق حين قال بخشونة
_ سكوتك دا خطر مش عايز اتهور يا بنت الناس في هيبة هتضيع بسببك ..

لا تعلم ماذا دهاها ولكنها همست بخفوت 
_ سالم شيلني ..

أطاعها على الفور ليحملها برفق يُنافي قوة تمسكه بها وقد تبدلت نظراته إلى أخرى مُرتعبة 
_ تعبانه ولا ايه ؟ 

 تفاجئ حين احتضنته واضعه رأسها فوق صدره و يديها تطوقه بقوة لم يعهدها مُسبقًا و كعادتها تُفاجئه بل و تُدهشه بكُل ما فيها حين همست بجانب صدغه الأيمن
_ ماهو انا لو نفذت اللي قلبي قالي عليه مكنتش هقدر ابص في عيونهم بعد كدا . يبقى اترمي في حضنك انا و قلبي اللي مبقاش عارف يعشقك اكتر من كدا ايه ! 

لم يُزيد على حديثها بكلمات واهيه لا تفلح في سرد نيران هوجاء تعصف بجنبات صدره فقام بالتوجه إلى السيارة ليضعها بجانبه و احكم ربط حزام الأمان على خصرها الذي تلمسته أنامله بشغف تجلى في نبرته حين قال بجانب أذنيها 
_ النهاردة لينا قاعدة طويلة انا و هو عايز اعرف كل اللي مستخبي جواه ..

يعدها بالجنة و هي التي تهفو إلى نسمات هواء قد تحمل أنفاسه العطرة ولكن كحالها دائمًا متمردة تتمنع فتضفي لهيبًا براق على كل شئ يُحيط بهم 
_ سالم اعقل احنا رايحين عند اهلي و البلد مينفعش …

كان مُستمتعًا لأقصى درجة بكل أفعالها و خاصةً ذلك التمرد الذي يجعلها كنيران حارقة تُذيبه و تثير به أقصى درجات الاشتهاء لذا قال بغطرسة تتناسب مع تمردها

_ مفيش حاجه متنفعش مع سالم الوزان .

همسات بغنج يغلفه التهكم 
_ اه من سالم الوزان و غروره اللي مالوش حد ..

شملتها عينيه بنظرات متوعدة أشعلت حمية العشق بقلبها وفجأة صدح صوت جهوري أخرجها من لجة بحرها الهائج 
_ ايه دا يا كبير انت واخد الست دي و رايح على فين ؟

اربتسم الجمود على ملامحه وهو يُناظر مروان من نافذة السيارة و قبل أن يجيبه تدخلت فرح التي قالت باستهجان
_ ست مين دي يا أبو لسانين أنت ماليش اسم ولا ايه ؟ 

مروان بتهكم
_ و مالك فخورة كدا ليه اسمك ماهيتاب يعني ؟ اسمك فرح ..

بكل ما تمتلك من غرور أجابته 
_ اسمي فرح الوزان … سمعت ولا مسمعتش .

كانت تنطق حروف اسمها وهي تُشدد على انتمائها له بطريقة أرضت غروره و عززت من نيرانه التي لم تكن هادئة مُسبقًا فالتفت يُناظرها فوجدها تحدج مروان بنظرة مُتشفية قابلها الأخيرة بصياح 
_ ايوا بقى استغلال نفوذ و كدا . بتتلزقي في الكبير . ايه رأيك في الكلام دا يا بوص ؟ 

كان صياحه يُفسد الأجواء حولهم لذا قال بفظاظة
_ اوعى من قدام العربية ..

مروان بصدمة
_ ايه اوعى دي ؟ انت بتنصرها عليا يا كبير ؟ 

صاحت فرح بسخط
_ ينصر مين يا ابني هو في مقارنة اصلًا بينا ؟ 

مروان بغرور 
_ انا صديقه وكاتم أسراره 

فرح بتشفي 
_ دا كان زمان .. يا مُره ..

لم يستطيع قمع ضحكاته على ذلك اللقب و تبدل ملامح مروان الذي ما أن رأى ضحكته حتى صاح باعتراض
_ بتضحك يا كبير . عجبتك اوي ؟ 

سالم بخشونة
_ انا مش فاضي للعب العيال دا . 

مروان بسخرية 
_ طبعًا معطلاك عن مصالحك انا عارف الحريم مبيجيش من وراهم غير وجع القلب ..

سالم بتهكم
_ طب بمناسبة الحريم لو اللي حصل النهاردة تتكرر تاني هتزعل مني . 

مروان بتساؤل
_ تقصد ايه مش فاهم ؟

سالم بجفاء
_ متقربش من سما تاني يا مروان . و بطل شغل الجنان بتاعك دا 

امتقع وجه مروان وقال بصدمة
_ مين ابن الجزمة اللي فتن عليا ؟ و بعدين ماهي مراتي يا كبير ..

سالم بجفاء
_ مراتك لما تتجوزوا و اسمعها منها أنها موافقة تكمل معاك . و قبلها موافقة عمتك . 

مروان بتحسر
_ عمتي ! يبقى الجوازة باظت . طب دي كارهه الرجالة و الجواز و الدنيا تغرزني جنبها ليه ؟ 

_ عشان انت راجل و قدها . اعمل اللي قولتلك عليه 

التقمت عينيه شيئًا في الخلف فألقى على مروان نظرة ذات مغزى فهمها الأخير على الفور فتراجع إلى الخلف ليُفسح لهم المجال للمرور ..

 *************

_ جهزتي حاجات محمود ؟ 

كان هذا استفهام سليم وهو يناظر جميلته وهي تتأنق و ترتدي ذلك العقد الماسي الذي أهداه لها يوم زفافهم و كان مصيره الإلقاء بإهمال في أحد الأدراج ولكنها اليوم ترتديه و كأنها تخبره و كل من يراها انها زوجته و تفخر بذلك الشئ و خاصةً وهم بصدد التوجه إلى عائلتها فكان هذا إعلان صامت بأنها هانئة تحيا حياة رغيدة في كنفه و قد اسعدته فعلتها للغاية 
_ جهزتها و كل حاجه تمام التمام .

مال عليها يلثم خدها برقة قبل أن يجيب بغزل أخجلها
_ مفيش حاجه هنا تمام التمام غيرك .

تراجعت للخلف خجلة من افعاله وحديثه
_ سليم عيب احنا مش في أوضتنا حد يشوفنا

 اوقفتها يديه عن التراجع عنه و اعتقل خصرها يحثها على السير قائلًا بوقاحة

_ طب ايه رأيك بقى اني هاجي قدامهم كلهم و ابوسك و خلي حد يفتح بقه .

تعلم أنه يشاكسها ولكنه خجلت رغمًا عنها فهبت باعتراض
_ بطل قلة أدب والله اخاصمك 

انتقال يديه تحاط أناملها حتى انسابت بين تجاويف انامله وهو يتابع شن هجومه على ثباتها 
_ أنا موافق خاصميني و قدامنا ساعتين في الطيارة اصالحك فيهم على أقل من مهلي .

جنة بمزاج 
_ على أساس أن سالم هيسكتلك 

قهقه بشدة قبل أن يقول بعبث
_ اقطع دراعي أن ما كان هو كمان عمال يصالح في فرح ..

كان حديثه مُخجل بالنسبة إليها فاكتفت بلكزة في كتفه وهي تتوجه لتأخذ طفلها من همت التي قالت بحنو 
_ عايزة اقولك سبيه معايا عشان ميتعبش من السفر بس أكيد اهلك نفسهم يشوفوه ..

جنة برقة 
_ كفاية يا عمتو دا اكيد تعبك الفترة اللي سبته معاكِ فيها. 

همت بلهفة 
_ والله يا بنتي أبدًا دا زي النسمة ربنا يباركلك فيه .

كان الأمر مُريح إليه كثيرًا فقد عادت عمته رقيقة القلب التي تربى بين ذراعيها فاقترب يضع قبلة حنونه فوق مقدمة جبهتها وهو يقول بحب

_ ربنا ما يحرمنا منك يا عمتي ..

كلماته رفعتها إلى أعالي السماء فقد كانت تحاول بكل ما تملك أن تُكفر عن سيئاتها ولا تعلم كيف انقادت خلف شياطينها في لحظة غباء فاغرورقت عينيها بالدموع التي ارفقتها بابتسامة مُمتنة وهي تودعهم للخارج 
_ واخد علبة الكانز بتاعتك و ماشي كده من غير ما تسلم . صحيح مين لقى أحبابه نسي أصحابه . عيلة واطية ..

لم يغضب تلك المرة من مُزاح مروان ولكنه بادله سخريته قائلًا 
_ سالم شكله نفضلك و جاي تروق علينا معلش يا مارو هي الكيميا كدا غدارة .

ارتسم الامتعاض على ملامح مروان الذي قال بسماجة
_ اضحك يعني ولا ايه ؟ مين قالك تهزر ؟ حد اتهطل في دماغه وقالك أن دمك خفيف . مش كفاية متحملين قرعتك هنتحمل تُقل دمك كمان !

اغتاظت سليم واوشك على لكمه فأوقفته يد جنة التي امتدت تحيط بكفه و هي تقول بثقة
_ انا قولتله أن دمه خفيف و زي العسل . و قرعته دي محلياه و مخلياه قمر ..

و امتدت يديها برقه تلامس ملامح وجهه و خصلاته التي بدأت بالنمو فصاح مروان باستهجان
_ قمر ! دا قمر من انهي اتجاه . و بعدين دلوقتي بقى حبيب القلب و قلبتي على مارو .

 تبدلت لهجته إلى العتب حين قال 
_ خلاص نسيت يا غالي سهر الليالي و الوعود ..

صراخ سليم غاضبًا
_ ليالي ايه و وعود ايه يا بغل انت ! 
  سرعان ما جن جنونه حين تفاجئ بها وهي تقول بعتب
_ مش انت اللي بدأت و قولت عليا علبة كانز ! 

تجاهله مروان وهو يقول بصوت خفيض قاصدًا اغاظته 
_ يا بنتي دانا بشيل عنك العين وانت حلو و قمر كدا…

قاطعه كلماته شهقة قويه خرجت من جوفه حين وجد ذلك العقد الماسي فصرخ مُهللًا
_ ايه دا ؟؟؟ عقد ألماس .. يا نهارك ازرق بتضيع ثروة العيلة على النسوان والله لهقول للكبير ..

انهى كلماته و هرول من أمام سليم الذي كان على وشك سفك دمائه في تلك اللحظة و لكنه تسمر بمكانه من تبدُل حالة ذلك المجنون و أيضًا تلك الضحكات الرائعة التي اندلعت من جوفها على ما حدث فالتفت يقول بهسيس 
_ أنتِ بتضحكي على ايه ؟ 

تحدثت من بين قهقهاتها 
_ مروان دا مسخرة اقسم بالله . اول ما حس أنك هتخلص عليه عرف يضحك عليك و خلع .

تبدلت نظراته فبدت مُخيفة وهو يتقدم نحوها فتراجعت بخوف تجلى في نبرتها حين قالت 
_ ايه يا سليم في ايه ؟ 

هسهس بخشونة 
_ بقى أنتِ و الحيوان دا بتشقطوني لبعض ؟ و عمالين تتعاتبوا قدامي ؟ و كمان عماله تضحكي على عمايله فيا ؟

احتمت بمحمود في أحضانها وهي تقول برقة علها تؤثر به 
_ انا بهزر والله . و بعدين دا مارو يعني ..

_ مارو ! ايه مارو دا ان شاء الله يا ست هانم ؟ دا واضح انك فايتك كتير عشان تتعلميه ..

كانت يتحدث بغضب يتنافى مع ذلك الوميض بعينيه والذي جعلها تقول برقة أذابته
_ علمني طيب .

جاءت رقتها بنتائجها المرجوة حين اعتقل خصرها بينه و بين الحائط خلفها وهو يقول بهمس
_ قربي طيب عشان اعلمك .

همست بدلال
_ علمني من بعيد 

_ لا طبعًا لازم اقرب عشان اكون دقيق . و تتعلمي من اول مرة .

كان قد اقترب حتى لفحت أنفاسها الدافئة وجهه فجاء همسها مُثيرًا حين قالت
_ ولو طلعت تلميذه خايبه !

هسهس بنعومة اذابتها
_ هعيد مرة و اتنين و تلاته و عشرة . هو احنا ورانا حاجه ..

فجأة صدح صوت من أعلى الدرج جمدهم بمكانهم
_ الله يخربيتك انت بتعمل ايه ؟ بتتغرغر بالبت عيني عينك كدا . طب احترم الطفل البرئ اللي بينكوا هتخدشوا حيائه يخربيتكوا..

هذه المرة جن جنونه بالكامل فاندفع في طريقه إلى الأعلى و هو يقول بصوت أرعد الجميع بمكانهم
_ وديني لهطلع عين أهلك النهاردة 

صرخت جنه التي نجحت في جذب يديه  
_ رايح فين يا مجنون قدامنا سفر . 

احتمى مروان بغرفته قبل أن يقول 
_ بقولك ايه ابقى قول للكبير أن الفار دخل المصيدة .

استفهمت جنة
_ فار ايه و مصيدة ايه ؟

صاح مروان قبل أن يغلق باب غرفته
_ مش مهم تفهمي قولي لظلبطه يبقى يقوله حبسنا الطيور بيتك بيتك و هو هيفهم .

توقف للحظات لا يدري ماذا يفعل قبل أن تمتد يد جنة تحتضن وجهه خشية أن يصاب بأزمة قلبية إثر أفعال ذلك المجنون 
_ سليم يا حبيبي . يلا ورانا سفر . دا معتوه سيبك منه ..

أخيرًا انصاع سليم خلفها بعد أن يأس من أفعال ذلك المعتوه كما وصفته ..

**********

_ ادخلها لوحدك وانا هستناك بره .

هكذا همست وهي تقف معه على أعتاب غرفة العناية المُركزة بالمشفى التي ترقد بها أمينة فاومأ برأسه ليبتسم بامتنان على تفهمها لما يحدُث ثم خطى إلى داخل الغرفة وهو يحصي خطواته كي لا يقلق راحتها ولكنها ما أن شعرت بوجوده حتى فتحت عينيها تناظره بحزن يشوبه العتب فاقترب يُلثم كفها بعذوبة انسابت من بين شفتيه على هيئة كلمات 
_ ست الكل . عامله ايه ؟ 

_ بقيت كويسه لما شفتك .

همسها الخافت يؤلمه ولكنه تجاهل ذلك قائلًا
_ هتبقي كويسه أحسن و أحسن لما تنوري بيتك و تستعدي للوزان الصغير اللي جاي في الطريق .

همست بألم 
_ تفتكر هعيش لليوم دا يا سالم ؟

_ هتعيشي بإذن الله و هتفرحي بيه و تجوزيه كمان .
أنتِ جدعة يا حاجه أمينة مش شويه تعب دول اللي يأثروا فيكِ 

كلماته حركت رماد الحزن بعيونها التي اغرورقت بالعبارات فهمست بحزن
_ قلبي مبقاش متحمل يا سالم . خيبة الأمل وحشة يا ابني ربنا ما يكتبها لا عليكوا ولا على حد .

نحى مشاعره جانباً قبل أن يقول بتعقل 
_ لسه الوقت مفاتش عشان نصحح غلط امبارح يا حاجه . و خيبة الأمل دي ربنا قادر يبدلها . و لا تقنطوا من رحمة الله أنتِ ست مؤمنه . بلاش شيطانك يتمكن منك 

_ خايفه يا ابني . و مش عارفه هتتحل ازاي ؟

سالم بنبرة قوية مُطمأنه
_ اتحلت . متقلقيش . 
أمينة بكمد
_ ما احنا حلينا اللي قبلها و بعدين ؟ حصل ايه ؟ البذرة فاسدة يا سالم .

هطلت عبراتها بغزارة فهدهدتها يديه كطفل صغير قبل أن يقوم بوضع قبلة دافئة فوق جبهتها وهو يقول بنبرة لا تقبل الجدال 
_ هتتعدل يا حاجه . وعد من سالم الوزان هربيه من اول وجديد و هخليه راجل غصب عن عينه . لو كانت دي آخر حاجه هعملها قبل ما أموت .

تدفقت جرعات الأمان التي بثتها كلماته الى قلبها فأسكنت وجعه قليلًا فقالت بامتنان 
_ بعد الشر عنك من اي شر يا ضنايا . ربنا يعينك . 

كان هناك إستفهام يلوح بآفاق عينيها فأجابه على الفور
_ انا رايح دلوقتي الصعيد عند حلا . و هطمنها عليكِ و هطمنك عليها و احتمال كبير اجيبها هي وجوزها هنا يزوروكِ اهم حاجه لما ارجع الاقيكِ منورة بيتك . 

لون الفرح تجاعيد وجهها الذي أشرق بفعل كلماته العذبة فامتدت يديها الضعيفة تعانق وجهه لتقربه منها و تزين جبهته بعطر رضاها عنه ذلك البار الذي كان ولايزال أكثر ما تفخر به في حياتها .

***********

بعد عدة ساعات كان الجميع في مقعده في الطائرة التي ستُقلهم إلى محافظة المنيا و قد كانت عينيه لا تُبارح تلك التي تستلقي بسكينه تجاوره في المقعد و في القلب أيضًا يشعر بالذنب الذي يعبث بطيات قلبه كونه جلبها معهم في هذه السفرة التي قد تُرهقها وهي في شهور حملها الوسطى ولكنه لم يفعل ذلك إلا بعد أن اطمأن من طبيبتها أن الأمور طبيعية و على الرغم من ذلك هناك نغز لا يتوقف بداخله خوفًا عليها فقلبه بات مُمزقًا بين اشتهائه لوجودها بجانبه و بين خوفه عليها أي لعنة قد ألقتها عليه تلك المرأة لتجعله يتخبط بتلك الطريقة ؟
_ ارتاح يا حبيبي انا كويسة .

ازدانت شفتيه بابتسامة خافته قبل أن يُضيف هامسًا بجانب أذنها
_ و هو بعد حبيبي دي في راحة !

همست تشاكسه
_ انت بتتلكك بقى 

_ هتصدقي لو قولتلك اه .

حلاوة غزله بها لها وقعًا مُميزًا يجعل ابتسامة خاصة ترتسم على شفتيها فتزيد من عذابه وولعه بها و خاصةً حين اتبعتها قائلة
_ لا و كمان بقيت تعترف بسهولة . دا ايه الهنا اللي انا فيه دا ؟
مازحها قائلًا 
_ قومي بالسلامة بس عشان نشوف موضوع الاعترافات دا و اقدر اقررك بطريقتي .

_ قلبي مش مرتاحلك 

التفت ناظرًا أمامه وهو يقول بوعيد 
_ حقه !

بعد وقت ليس بقليل كان الجميع يترجل من السيارة أمام منزل عائلة عمران و كان الجميع في انتظارهم و على رأسهم عبد الحميد الذي تحدث بوقار وهو يصافح سالم
_ خطوة عزيزة يا سالم بيه . نورتونا بزيارتكوا الغاليه

سالم بنفس نبرته
_ نيرة بأهلها يا حاج عبد الحميد . و بعدين اشتقنا لأهلنا قولنا نيجي نزورهم 

_ طبعا طبعا يا راچل احنا اهل و حبايب بس مكنش فيه لزوم تكلف نفسك كل الحاچات دي .

كان يُشير إلى تلك الزيارة الهائلة التي جلبها معه وفقًا لعادات اهلهم و أيضًا ليُزيد من قدر شقيقته أمامهم لذا قال بلهجة ودودة
_ مفيش تعب ولا حاجه يا حاج ميجيش من بعد خيرك . 

كان داخله مُمتنًا لتلك الزيارة كثيرًا و لطريقة سالم في حل الأمور لذا ابتسم ببشاشة ثم توجه لمصافحة سليم قائلًا بقوة
_ الغالي چوز الغاليه والله اتوحشناك يا سليم .

تفاجئ الجميع من بادرة سليم الذي اقترب يعانقه وهو يقول بود حقيقي 
_ وانتوا وحشتونا يا حاج عبد الحميد و جنة أصرت نيجي عشان نزوركم..

أومأ عبد الحميد بحبور و توالت السلامات لتنتهي عند مفترق الوحوش الذان كانا يتبادلان السلامات بنظرات متوعدة ختمها عمار حين قال بصوت خفيض بجانب إذن سالم 
_ عايزك في المكان اللي اتجابلنا فيه جبل سابج ..

ابتسم سالم ساخرًا قبل أن يُجيبه
_ ما بلاش المكان دا في ذكريات مش ولا بد .

تعاظم الحنق بداخله و تبلور في عينيه ولكن يد سالم التي ربتت على كتفه فاجأته و كذلك حديثه حين قال 
_ عمومًا انا عارف انت عايزني في ايه و متقلقش . 

رغمًا عنه تبدلت معالم وجهه إلى الترقب و اللهفة التي سرعان ما أخفاها جيدًا قبل أن يقول بلهجة خشنة يشوبها الغرور
_ مش جلجان . اني باخد اللي رايده ولو من خشم السبع ..

ابتسم سالم على جملته و قد ارتاح لإصراره كثيرًا فتجاهل ثقته المزعومة قائلًا
_ تعجبني . بس متنساش أنه مش سبع واحد . دول كتير . خليك ذكي عشان تكسب ..

في الداخل ما أن رأت حلا قدوم كلًا من فرح و جنة حتى اندفعت لا إراديًا لمعانقة الأخيرة وسط شهقات لم تفلح في قمعها فأخذت جنة تربت على كتفها في محاولة لتهدئتها و استغرق الأمر عدة دقائق لتهدأ حلا التي ما أن رفعت رأسها حتى همست بخزي
_ أنا اسفه يا جنة.

تلك المرة ارتفعت يد فرح لتربت على كتفيها قائلة 
_ خلاص يا حلا . مالوش لازمة الكلام دا .

_ انا عايزة اقول كلام كتير يا فرح بس مش عارفة اقول ايه ولا ابتدي منين بس انا بجد أسفة . ياريت في أيدي حاجه غير كدا اقولها .

امتدت يد جنة تكفكف عبراتها قبل أن تقول بحنو
_ متقوليش حاجه يا حلا اللي حصل دا مش ذنب حد و بعدين دا قدري و ربنا راضاني بمحمود و سليم ..

عند ذكر الطفل اقتربت تهاني التي كانت تحمله لتضعه بين احضان حلا وهي تقول بقوة مفتعلة 
_ خدي حطتيه في حضنك و شمي ريحته الحلوة ياكش تچبيلي واد عسل أكده زيه ..

ابتسمت حلا و قامت باحتوائه بين أحضانها وهي توزع قبلاتها على معالم وجهه الجميل وتوزع نظراتها المُمتنة للشقيقتين بينما كان الرجال في الداخل يتحدثون في أمور شتى إلى أن بادر سليم بالسؤال 
_ حلا عامله ايه ؟ عايز أشوفها .

تقدم ياسين الذي كان صامتًا منذ قدومهم ولكنه قطع صمته مُقررًا الحديث 
_ حلا موجودة هناديلها تيجي تسلم عليكوا بس قبلها لازم نتكلم ..

تدخل سالم بنبرة حازمة
_ مفيش كلام عشان نقوله يا ياسين . حلا بنتنا مراتك و جنة بنتكوا مرات سليم . و الموضوع منتهي لحد كدا . 

ياسين بجفاء
_ و رجوع حازم ..

بتر سالم جملته بحسم
_ دا وضع يخصنا احنا . ميأثرش عليكوا في حاجه . 

تدخل عمار مستفهمًا
_ مش جلة ذوق ولا حاچة بس نفسروا بأيه زيارتكم دي في الوجت ده بالذات ؟ 

سالم بجفاء
_ احنا جايين نشوف بنتنا و انتوا تشوفوا بناتكوا اللي هما في الحفظ و الصون عندنا زي ما بنتنا عندكوا في الحفظ و الصون كدا ولا ايه يا حاج عبد الحميد ؟ 

فطن عبد الحميد لمحاولات سالم في جعل الأمور في مكانها الصحيح فايده قائلًا 
_ عداك العيب يا ولدي . و دلوق شيعوا للبنات ياجوا نطمنوا عليهم . 

ما أن ذهبت الفتيات لتخبرهم بالتوجه إلى مجلس الرجال حتى هرولت حلا لرؤية أشقائها و ما أن التقمت عينيها سليم حتى اندفعت إلى أحضانه تعانقه بقوة بادلها إياها وهو يضمها إلى صدره بحرارة جعلت العبرات تتدفق من مُقلتيها بغزارة و قد ضاق صدره حين شاهد زوجته تبكي بين أحضان شقيقها بتلك الطريقة ولكنه التزم الصمت و اكتفى بالمشاهدة وهي تنتقل الى أحضان سالم الذي احتواها هو الآخر بشوق بالغ و قام بوضع قبلة قوية فوق جبهتها كان كوسام يوحي بمدى غلائها على قلبه. 
_ ربنا ما يحرمني منكوا أبدًا .
هما همسات حلا فقابلها استفهام سالم 
_ أنتِ كويسة ؟ 

تفننت في سكب الطمأنينه في أوردته حين قالت بصدق 
_ أوي ..

لمعة عينيها كانت كافيه لتُريحه فابتسم بهدوء بينما توجهت جنة إلى جدها لتحتضنه بشوق كبير دون تحفظ على عكس فرح التي احتضنته بود ولكن يشوبه الرسمية و قامت بمصافحة الجميع إلى أن وصلت إلى عمار الذي قال بنبرة خفيضة
_ نورتي يا ضكتورة ..

ابتسمت بود وهي تقول 
_ خلاص بقى يا عمار .. 

عمار بود 
_ في نظري هتفضلي فرح بت عمي العيلة الزغيرة اللي حلمها تبجى دكتورة .

شعرت بيد قوية كصاحبها تخترق حديثهم بضمة خشنة آلمت خصرها و نبرة أخافتها أكثر 
_ الدكتورة دي تبقى بنتك . لما تتجوز دا أن حصل و تخلف . ابقى طلع بنتك دكتورة .

برقت عيني عمار ولكنه تجاهل غضبه بشق الأنفس قبل أن يُضيف بجفاء
_ وماله و اهي تحجج حلم عمتها . 

تدخلت تهاني قائلة بحبور
_ الوكل چاهز يا حاچ ..

تقدم الجميع لتناول وجبة الغداء وسط أحاديث هادئة ولكنها لم تخلو من نظرات متوعدة لفرح من جانب ذلك الذي يحاول الهرب بضراوة من بين براثن غيرته الجنونية بها و التي جعلته يُصر على المُغادرة بعد الغداء لرؤية صفوت بعد أن جمعه بعبد الحميد حديث قصير و لكنه كان مُجزيًا
_ حاج عبد الحميد انا عارف اللي بيدور في دماغك و عشان كدا انا هتكلم معاك دوغري 

عبد الحميد بوقار
_ تعچبني يا وزان . جول أنا سامعك 

تحمحم بخشونة قبل أن يقول 
_ اللي حصل و رجوع حازم دا مش هيأثر ولو للحظة على جنة . و أظن أننا حلينا موضوع الجواز العُرفي و جنة دلوقتي مرات سليم وسليم راجل و يقدر يحميها و أظن بردو انت شفت هو بيحبها قد ايه . 

عبد الحميد بخشونة
_ كلامك زين واني بنفسي شاهد عليه بس دول خوات يعني وارد يتچمعوا مع بعضيهم بتنا ايه وضعها ؟

_ بنتكوا مرات سليم و دا سيف على رقبة اي حد يفكر يبصلها مع ان دا مش هيحصل. 

هكذا تحدث سالم بقوة فأجابه عبد الحميد بلهجة هادئة فقد شعر بالشفقة عار ما يحدث معهم 
_ واني مصدجك وعارف اني ناسبت مين و ان بناتي في يد أمينة . و اوعاك تجلج على بتكوا دي في عنينا و ده اني اضمنهولك برجبتي لكن بجى هي لازمن تعرِف أن الأمور مهتمشيش على كيف حد

قاطعه سالم بجفاء 
_ كلامك مالوش لزوم يا حاج عبد الحميد حازم مسافر و مش هيرجع دلوقتي و مفيش مجال أن حلا تشوفه . 

_ ده في الوجت الحالي انما بعد أكده مسيره يرچع 

للمرة الثانية يقاطعه بها حين قال بنفاذ صبر
_ محدش عارف بكرة في ايه ؟ مش هنتناقش في سنين لسه جايه يا عالم مين يعيش ومين يموت.

_ على جولتك يا ابني . المهم زي ما جولتلك بتكوا في عنينا متجلجش عليها واصل

انتابته الراحة إثر حديث عبد الحميد فقال بهدوء
_ عارف يا حاج عبد الحميد و اتأكد اني واثق من دا من قبل ما آجي هنا ..

انتهى النقاش بينهم فتوجه سالم إلى حلا وهو يقول بحنو
_ هنبات الليلة عند صفوت وبكرة نتغدى سوى و هكلم ياسين عشان ناخدك معانا تشوفي ماما .

تدخل ياسين إثر سماعه كلمات سالم فقال بجفاء
_ حلا مش هتقدر تسافر في أي مكان قبل أربعين بابا يا سالم بيه . دي الأصول .

أظلمت عيني سالم و حين أوشك علي الحديث تدخلت حلا تهدئ من حدة الموقف قائلة
_ معلش يا أبية ماما تهاني لوحدها و لسه مفاقتش من صدمة الموت وأنا أول ما اطمن عليها ياسين هيجبني و ييجي على طول . 

التفتت تناظره برجاء خفي وهي تقول 
_ صح يا ياسين ؟ 

راق له انصياعها له و احترامها لحديثه أمام شقيقها فقال بلهجة ودودة
_ طبعًا . هنيجي كلنا نطمن على الحاجه . دا واجب ..

هدأت الأمور قليلًا و بعد جلسة لم تكن طويلة توجه الجميع إلى السيارات و لكن قبل المغادرة اقترب سالم من عمار قائلًا 
_ هستناك بكرة الساعه ستة عند صفوت متتأخرش .

عمار بنفاذ صبر 
_ و ليه مش النهاردة ؟ 

سالم بملل 
_ عشان مش هيدخلك من بوابة الفيلا اصلًا ..

لون الامتعاض ملامحه ولكنه لم يقدر على الاعتراض حتى لا يخسر حليف كسالم قد تودي عداوته به إلى الهلاك ..

***********

_ وبعدين هتفضلي مقطعانا كدا كتير يا بنتي ؟

كان هذا صوت سهام المُشجب و المُشبع بانكسار عظيم فمن ناحيه خسرت زوجها و من ناحية آخرى تتجاهلها طفلتها التي لم ترتشف من عذب قُربها الا الفُتات
_ اني مش مجاطعاكوا ولا حاچة اني بس زهجانه ..

_ طبيعي هتزهقي وأنتِ طول الوقت قاعدة لوحدك . اطلعي اقعدي معايا أنتِ وحشاني اوي ..

هكذا تحدثت سهام بحزن ارتج له قلب نجمة التي اقتربت ويبدو على وجهها إمارات التردد فتابعت سهام بشجن
_ أنا بطلت آخد الحبوب المُهدئة وهتعالج . هتعالج عشان أنتِ جنبي . انا خسرت صفوت و مش هقدر اخسرك انتِ كمان . 

لم تستطيع منع استفهامها من الصعود على السطح
_ ليه تخسريه ؟ 

سهام بألم 
_ خلاص مبقاش في قلبه اي حاجه تشفع لي . صفوت اتعذب معايا كتير اوي و كانت آخر حاجه يوم ما طلبت منه الطلاق لما ناجي هددني بيكِ . مبقاش ليا عين اطلب منه يسامحني ..

غافلتها الكلمات حين قالت بلهفه
_ اني ممكن اطلب منه . مش هيرودني صوح ولا اي ؟

التمع وميض الأمل بعينيها وهبت الكلمات تتدافع من بين شفتيها 
_ بجد يا نجمة ؟ أنتِ هتعملي كدا عشاني ؟ 

لم تعُد قادرة على الاستمرار في تلك الدولمة أكثر فلتخطو بأقدامها إلى بر الأمان لذا قالت بعزم 
_ ايوا . هعمل أكده عشانك وعشاني و عشانه . اني تعبت بجى مبجاش فيا حيل للمناهدة و العذاب ده 

لم يعد هناك مجال للحديث فقد اجتذبتها ذراعي سهام لتحتضنها بشغف وشوق بالغ دام لوقت طويل و قد كان كل هذا يحدُث أمام أعين تشتهي أن يُضمها ذلك العناق و لو ثوان عله يُرمم تلك الندوب التي تفتك بروحه ..

قطع تلك اللحظات قدوم الخدم لتخبره بأن الجميع في الأسفل بانتظاره فحاول ارتداء ثوب القوة وهو يقوم بطرق باب الغرفة قائلًا بخشونة
_ سالم الوزان تحت و معاه سليم و فرح و جنة . يالا عشان تستقبلوا الناس .

كانت أكثر من يعرفه لذا فقد أخبرتها عينيه أنه قد استمع لحديثهم فقالت بهدوء
_ امرك ثواني و هننزل وراك .

اربكته كلمتها الأولى فقد ذكرته بها عندما كانت تُحاول إرضاءه في السابق ولكنه لم يدع الأمر يؤثر عليه إذ تراجع للخلف دون قول كلمة واحدة 
_ باين عليه بيحبك .

هكذا تحدثت نجمة فأجابتها سهام بحبور 
_ وانا والله بحبه . 

التمع الخبث بنظراتها وهي تضيف
_ و باين كمان أن في عاشق ولهان و ابوكي هيطلع عينه

غمرها الخجل فهبت قائلة 
_ ايه الحديت الماسخ ده ؟ عاشق ايه و بتاع اي؟

سهام بمكر
_ ايوا عاشق و اسمه عمار وابوكي طرده من البيت يجي خمس مرات الاسبوع اللي فات

نجمة بإنكار 
_ عمار ايه واني مالي و ماله الجحش ده ؟ اني ماليش صالح بيه ده مُفتري و يستحج ما يچراله ..

صاحت سهام بحماس
_ لا بقى دا أنتِ باينك شايله منه اوي . دا احنا لازم نقعد نحكي كتير بس بعد ما الضيوف يمشوا عشان نتكلم على رواقه..

**************

_هتفضلي تتهربي مني لحد امتى ؟ 

انتفضت في مكانها إثر سماعها صوت طارق الآتي من الخلف لتتحول برودة الجو إلى لهب ساخن جعل دقاتها تتقاذف بقوة حتى أوشكت على الفتك بضلوعها مُعلنه رايات التمرد عليها لأجله
_ انا مبهربش . انت اللي مُصر تعيش جو الأكشن .

صاح هادرًا 
_ متكذبيش عليا . و بطلي تحوري . عشان لو فضلتي كدا هتشوفي جو الأكشن بحق و حقيقي .

لم يعُد في مقدورها المراوغة فقالت بوهن
_ طارق ارجوك متضغطش عليا . مش كل حاجة هقدر احكيها أو اتكلم فيها . سيبني اخد وقتي..

كان لضعفها وقعًا لم يتخيله على قلبه فاقترب منها يحاول بثها أمان يعلم بأنها تفتقده 
_ أنا عايز احميكِ . مش عايزك تخافي أبدًا 

لم تستطيع منع هواجسها و ألمها الذان تبلورا في استفهام مؤلم 
_ وياترى المرة دي بأمر من مين ؟ 

زفر غضبه و وجعه في آن واحد وقال بنبرة جافة 
_ انا محدش بيأمرني . و اللي حصل قبل كدا مش زي ما أنتِ فاهمه .

جاءت فرصتها للتملص من استجوابه فانصاعت خلف جراحها وقالت بهتاف
_ وانا مش عايزة افهم . ولا هقدر انسى و انت كمان مش هقدر تنسى اي حاجه حصلت قبل كدا يبقى كل واحد يلزم حدوده مع التاني . دا رجاء . ابعد عني يا طارق . 

قالت جملتها و هرولت إلى الأعلى تحاول قمع شهقاتها التي أن تركت لها العنان لصمت جميع الآذان ..

***********

أخذت تدق بهاتفها بغضب تحاول الاتصال بشيرين مرارًا و تكرارًا ولكنها لا تُجيب و قد شعرت بالقلق و لا تُريد أن تُثير أي بلبلة في الوسط و إلا لكانت هاتفت سما لتخبرها اين هي ولكنها اكتفت بالصمت فقامت بوضع الهاتف على المنضدة تزامناً مع شهقة قويه شقت جوفها حين جذبتها يديه التي احتجزت خصرها بقوة اجفلتها ولكن تبدد كل شيء حين سمعت همسه الخشن 
_ غلطاتك كترت اليومين دول . اعمل فيكِ ايه دلوقت ؟ 

أجابته بدلال و يدها تقبض على خاصته المُلتفة حولها 
_ غلطات ايه ؟ انت بتتلكك على فكرة .

همهم باستمتاع وهو يستنشق رائحتها قبل أن يتحدث بهسيس قاتل
_ الصراحة اه بتلكك بس دا ميمنعش انك عايزة قرصة ودن 

تدللت هامسة
_ دا ليه بقى ؟ 

_ بتعاندي .و العند وحش يا فرح و خصوصًا معايا .

فهمت ما يرمي إليه فقالت بهدوء
_ مبعاندش يا قلب فرح انت اللي بتعمل من الحبة قبة 

لم يعجبه حديثها فقست أنامله على خصرها وهو يقول بفظاظة
_ اعتبريه كدا . نتلم بقى عشان القبة دي متقعش على دماغك . 

أوشكت على أجابته ولكنه بتر حديثها بكلماته المتوعدة  
_ نيجي للمهم . و اللي مش هعديه أبدًا 

استفهمت قائلة 
_ اللي هو ايه ؟

تحدث هامسًا خلف أذنها و أنفاسه المحرورة تُذيب عظامها 
_ عمالة تحلوي و أنا بصراحة مبقدرش اقاوم . 

التفتت بين ذراعيه حتى تستمتع بدفء قربه أكثر قبل أن تقول بدلال 
_ ومين قالك تقاوم ؟ 

أجابها و أنفاسه تتلاحم مع خاصتها

_ اخاف عليكِ . 

أراحت رأسها فوق منبع ارتوائها الذي يضخ عشقها ضخًا وهي تقول بنبرة هامسة 
_ طول مانا هنا في حضنك انا في أمان و مش عايزة حاجه في الدنيا. مفيش حاجه تأذيني غير اني اكون بعيدة عنك .

عزفت أنامله سيمفونية رائعة فوق سائر جسدها وقد قضت بكلماتها على آخر ذرة مقاومة لديه فهمس بخشونة
_ طب اعرفي بقى انك أنتِ اللي قولتي و متلومينيش عاللي هعمله .

انهى كلماته و بلمح البصر وجدت نفسها محمولة بين ذراعيه التي أغرقتها في بحور عشق رائعة تتقاذفها الأمواج العاتية بين جنبات صدره الدافئ الذي لم يعُد به مُتسع لشعوره نحوها و لم يبقى هُناك مجال للسيطرة على جيوش شوقه التي لا تهدأ أبدًا فأخذ يبثها شغفه بها تارة و يقتنص ولعها به تارة أخرى و لم تكد تهدأ زوبعة مشاعرهم حتى تتجدد مرة أخرى إلى أن جاء صوت صراخ قوي قادم من الخارج فتبدد عالمهم الوردي و هرول سالم لإرتداء ملابسه لمعرفة ماذا يحدث فإذا به يتجمد عند أعلى درجات السلم حين شاهد …


الفصل الثامن من هنا


 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-