رواية نقطه ومن أول السطر الفصل الثالث 3 بقلم إسراء عاشور
مع شروق الشمس استعد الفوج للتحرك من ارض الإسكندرية ،مع توديع حار من قلوب المسافرين بدأ السائق الرحلة ، و عيناه لا تفارقها تراقب حتى ظلها ....
اخيراً وصل الحميع إلى ارض " دهب " الذهبية ، وضع الجميع امتعتهم في المكان المخصص لها و اعطت للجميع مفاتيح الغرف و انفض التجمع خلال دقائق ليذهبو للراحة و التجمع عند غروب الشمس
ضيقت عيناها و هي تراقب تلك الاوروبية المتعلقة بذراعه بمرح و هي تقفز سعيدة باجازته معه ، لقد اخذت قراراً لا رجعة فيه ، ستتبع حدسها هذه المرة و ستعرف من هو في جميع الاحوال ، و ان كان هو صدقاً لن تجعل الاطباء تجد لحماً من الاساس لتقوم بخياطته ، في جميع الاحوال لقد خسرت من ايام عمرها الكثير و هي تبحث عنه في كل مكان و تسأل نفسها كل يوم ' ماذا فعلتِ ليهرب منك ! ' و هي على استعداد لتخسر المزيد شرط ان تكون قد عرفت ما حل به
شعر بها تراقبه و هي تعرف انه عرف و ذلك سيجعله يُخطيء مرة على الاقل و هي ستكون جاهزة لهذا الخطأ ، اما الان فعليها الراحة فالمراقبة تحتاح الكثير من التركيز .
_____________
وقفت في منتصف المنطقة الشعبية و هي تفتح عبائتها السوداء من خامة الشيفون عن اخرها ثم لفتهم بمهارة حول ذراعاها و هي تصرخ باعلى صوتها :
- انت فاكر انك لما تجيلي البيت و اخويا مش موجود و امي تقعد معاك و تتكلم ، اننا كده خايفين منك عشان اتنين ستات لوحدنا !! ، لا يا حبيبي ده احنا عنينا قوية و الي صوته يعلى في بيتنا نعلي عليه صوتنا في الحارة كلها و لا بيهمنا .
اشتعلت شرارات الغضب بعيناه و بدأ يصرخ بصوت اعلى منها و رد :
- اول مرة اشوف واحدة بجحة و كدابة ، لا و مصدقة الكدبة ، يلا يا حلوة روحي هاتي الدهب بتاعي بدل ما اخلي الناس دي كلها تلبس عليكي الاسود دلوقتي .
ضحكت بعلو صوتها امام الجمع الغفير و هي تنفض العباءة عن ذراعاها لتظهر المصوغات الذهبية التي اشتراها لها و هي تلبسهم بمنتهي المتعة امام عيناه المشتعلة و ردت بنبرة هادئة :
- و ماله يا حبيبي ، لما تجيب الفلوس الي خدتها مني ، ساعتها تاخد شبكتك من عيني دي قبل عيني ، غير كده الهدية ما ييتردش ، مش الشبكة دي هدية العريس ، و ااه انا الي فركشت الجوازة من طولة لسانك و ردودك الي تسد نفس الواحدة انها تتجوز واحد زيك .
لمحت شفتاه تتحرك في ابتسامة ساخرة و هو يقول :
- لو تقدري تثبتي اني خدت منك حاجه اثبتي ، بس لو معكيش
اثبات ه..
قاطعت كلماته التهديدية و هتفت :
- لأ يا حبيبي معايا الاثبات ، و بدل النسخة اربعة .
نظرت بدهشة لنظراته المستفهمة و اكملت :
- هو انا ما قولتلكش ! ، مش انا ما بسمعش كلامك و بقول لأهلي على كل حاجه ! ، و اولهم اخويا ، الي معاه اسكرينات بالشات و انت بتطلب مني فلوس ! ، كنت فاكر انك لما تخلي عبده بتاع الكمبيوتر انه يهكر تليفوني و يمسح الشات من عليه انك كده مسحت الي بيثبت كلامي ، بالعكس انا احب اوي احرس و لا اخون ، و احب افكرك بكلمة انت قولتهالي في مرة ، احنا مش هننفع مع بعض عشان انا شبه الرجالة ، و عاجبني كده و انا كراجل دلوقتي بقولك لو قربت ناحيتي تاني بالحلو او بالوحش مش هيحصل خير ، و عشان خاطر اهلك الناس المحترمة دي و بنتك الحلوة دي انا مش هخلي حد من اخواتي يجيي ناحيتك ، نقطة و من اول السطر
نظرت لثوان مرت كالدهر عليه و هو يراقب نظرات الجمع الغفير و قد انقلب السحر على الساحر ، ظن انه سيلوي ذراعها بان يطعل كل اهل المنطقة يظنون انها سرقة حقه في الهدية الذهبية التي اعطاها لها ، الآن بات الجميع يعلم انه رجل خائن و بعد ان امنت له و ساعدته قام بالشجار معها امام اهل الحي جميعاً ليثبت لهم انها لصة .... و للفرحة التي في عيناها .
------------
نظرت للورقة البيضاء التي تحتوي كلمات قد تؤضي غرور اي انثي ..... إلا هي ، انه جوابه الذي يعترف به انه اخطأ و تصحبه باقة من الورد نوعها المفضل ، ابتسمت بسخرية و هي تتذكر كمية المناسبات الرومانسية التي مرت و هي تنتظر ان يهديها باقة كتلك و لم يفعل ، أيحتاج الإنسان فعلا ان يشعر بالتهديد تجاه من يحب !! ، تهديد انه سيرحل في اي لحظة ، ان تلك اللحظات ربما تكون الاخيرة في حياته !!
قطع شرودها رنين هاتفه و هي تعرف تلك النغمة ، مر الكثير من الوقت على الاقل عليها لتاخذ قرارها بان تجيب عليه و لكن صدقاً لا تريد ان تفعل ، استجمعت شجاعتها و ضغطت الرز دون اي فرصة في التراجع لتسمعه يبادر :
- انا اسف ، بجد اسف ، وعد مني اخر مرة ، انتي و البنات بجد وحشتوني ، البيت وحش من غيركو ، والله اتصلحت و قطعت علاقتي بالبنت دي و همشي عدل
طالت لحظات الصمت حتى قاربت على الخمس دقائق هو ينادي باسمها و هي تبكي في صمت ، لا تعرف بماذا تجيب
- لينا انا عارف انك لسه مش عارفة تعدي الي حصل ده خدي وقتك عادي ، انا هسيبك براحتك تقومي من الي حصل ده ، بس عايز وعد انك راجعة و انا هستني ، ان شاء الله العمر كله ، المهم انك هترجعي ، انتي عارفه انها اول مرة امد ايدي عليكي ، بس اخر مرة والله ، والله ما اعرف عملت كده ازاي ، طيب اقولك خدي الضمانات الي انتي عايزاها ، هكتبلك الشقة باسمك و لو حصل حاجة زي كده تاني انا الي همشي ، بس انتي ما تسيبينيش ، ارجوكي ما تسيبونيش .
اغلقت الهاتف و انهارت من البكاء ، الخيار صعب و لا تستطيع الغفران ، هي فعلت كل ما بوسعها لتجعله يبتعد عن تلك العاهرة ، تشاجرت و ثارت غضبت و حاولت ان تبعدها عنه و لكن الاخرى كانت حقيرة ، و لا زالت على اي حال ، و لكن لا تستطيع ان تكون مثلها ، و في نفس الوقت لا تستطيع ان تقبل كل ما حدث على كرامتها .
لملمت شتات نفسها و ذهبت تصلي ركعتين لله علّ الله يريح قلبها و يخبرها بما تفعل ، بعد ان فرغت من الصلاة ذهبت تعد مشروب يهدىء من اعصابها ، ما لبث ان صدح صوت المذياع الصغير الموجود في المطبخ
" لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها "
و الآن فقط قررت انها لن تفعل شيئاً قد يسبب و لو لدقائق في عدم راحتها ، و لكن ستأخذ وقتها في التعافي و التروي ....