رواية ظنها دمية بين أصابعه(جميع فصول الرواية كاملة)بقلم سهام صادق


 رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الاول بقلم سهام صادق


وعلى فراش المشفى تظهر الحقائق والأسرار المخبأه.

لم يكن السر به حياة أو موت ولكنه كان حق من حقوقها لتعرف أن لها عم كان يبحث عنها. 

هي ليست بلا جزور، ليست لقيطه بلا أهل. 

نعم عمها تخلى عنها وأودعها في دار أيتام لأنه لم يستطع رعايتها وتحمل نفقاتها، لكنه بعد سنوات من إداعها بدار الأيتام ذهب ليعيدها لأحضانه بعدما صار له أخيرًا مسكن وعملا وأصبح رَجُلًا صالحًا.

ازدردت السيدة "عائشة" لُعابها بعدما بدأت أنفاسها تتثاقل. 

- سامحيني يا "ليلى"... مكنتش عايزه احرمك من أهلك... كان غصب عني..

- أرجوكِ يا ماما كفاية كلام...

التقطت "ليلى" كفها الذي برزت عروقه وأغمقت من شدة المرض. 

- "صفية" بنت خالتي تعرف كل حاجه عن عمك ... أنا موصياها لو جرالي حاجه تقولك على عنوانه. 

- أنا ماليش أهل غيرك يا ماما...أنتِ وعدتيني إنك مش هتسبيني... ليه عايزه دلوقتي تسبيني. 

انسابت دمعه ساخنة على خَد السيدة "عائشة" ثم مدت يدها لتمسح دموع صغيرتها التي تخشي عليها من قسوة الحياة. 

- اوعديني إنك تدوري على عمك يا "ليلى".

- أنا مش عايزة حد، أنا عايزاكي أنتِ. 

ابتسامة حنونة ارتسمت على شفتيّ السيدة "عائشة" يرافقها نظرة  دافئة وهكذا كان اللقاء الأخير لتخرج بعدها صرخات "ليلى" بعدما أكد لها الطبيب أن والدتها فارقت الحياة. 
... 

وقف بطوله الفارع وجسده العريض ينظر لهيئته بالمرآة ليتأكد بأنه في أبهى حُلة.

"عزيز رياض الزهار"

صاحب أكبر معارض للأثاث ومصنع خاص لتصنيعها بالإضافة إلى أعماله بتركيا.. والآن مشاريعه تتوسع مع شَريكة التركي لتصنيع الملابس الجاهزة.

تجارته بصناعة الأثاث بدأ بها والده ثم أخيه الأكبر "سالم" رحمهم الله.

التقط "عزيز" قنينة العطر ثم نثر منها لتفوح رائحتها الطيبة بالغرفة.

غادر الغرفة بعدما ألقى نظرة أخيرة على هيئته. 

ابتسامة واسعة وطيبة استقبله بها -خادمة العجوز الوفي- العم "سعيد"؛ ذلك الرَجُل الذي عمل لديهم منذ أن منَّ الله على والده وشقيقه "سالم" بالمال الوفير وانتقلوا من الحي الشعبي -الذي ڪانوا يقطنون به- إلى أرقى أحياء القاهرة. 

كل هذا قبل عشرين عاماً. 

- صباح الخير والسعادة يا بيه ، جهزتلك الفطار وعمتلك الشاي باللبن اللي بتحب تشربه.. ولا عشان ست البنات "نيرة" هانم اتجوزت وبطلت تعمله ليك مش هتشربه من ايد عمك "سعيد". 

لم ينتظر العم "سعيد" رد "عزيز" عليه بل أسرع بمواصلة كلامه قبل أن يعترض "عزيز" على تناول فطاره وحجته الدائمة أنه تأخر على العمل. 

- إياك تقولي إنك مستعجل وهتفطر أي حاجه في المصنع. 

ابتسم "عزيز" ثم اقترب منه يربت على كتفه. 

- وحشني الشاي بلبن بتاعك ياراجل يا عجوز. 

ابتهجت ملامح العم "سعيد" ثم أسرع بخطواته نحو غرفة الطعام وهو يتحدث بسعادة.

- أنا عارف إنك بتحب تشربه سخن... عشان كده ظبطت الساعة بتاعتي على ميعاد نزولك. 

جلس "عزيز" على مِقعده ينظر لطاولة الطعام التي وضع عليها العم "سعيد" كل ما لذا وطاب ولكن من أين ستأتي له الشهيه وقد رحل الأحباب وصارت طاولة الطعام فارغة.

على رأس الطاوله كان يجلس والده السيد "رياض" رحمه الله الذي توفاه الله منذ عامين ، الرجل العصامي الذي علم أولاده معنى الكفاح والجد...

وفوق هذين المقعدين كان يجلس توأمي شقيقه "سالم"، "نيره" و "سيف". 

"سيف" الذي اختار استكمال دراسته بالخارج و "نيره" 
-زهرة هذا البيت- التي تزوجت منذ شهرين. 

أما عَضُدَه  وسنده "سالم" قد رحل قبل أربعة عشر عامًا وترك له فلذات أكباده ليرعاهم ويكون لهم الأب والعم والصديق.

- إمتى البشمهندش "سيف" يخلص دراسته ويرجع مصر... الكام يوم اللي بيقعدهم من السنه للسنه بتخلي للبيت بهجة وروح. 

قالها العم "سعيد" بحنين لذلك المشاغب الذي اشتاق إليه ولمزاحه.

- وحشك هزاره ومقالبه يا راجل يا طيب. 

أماء العم "سعيد" برأسه وهو ينظر لـ "عزيز" الذي توقف عن إرتشاف الشاي بحليب.

- ملحقناش نشبع منه في الكام يوم اللي قعدهم وقت فرح "نيرة" هانم. 

ثم أردف العم "سعيد" بحنو وشوق لهؤلاء الصغار الذين كبروا أمام عينيه. 

“ الله يرحمك يا "سالم" بيه لو كان عايش كان هيكون مبسوط وفرحان بيهم أوي. 

تنهد "عزيز" ثم مسح يديه من فتات الخبز ونهض من فوق مِقعد طاولة الطعام.

- تسلم ايدك يا راجل يا طيب. 

حينما توقف "عزيز" عن تناول طعام فطوره ونهوضه للمغادرة أدرك العم "سعيد" فداحة خطأه، فـ مازالت ذكرى وفاة "سالم" محفوره في وجدان "عزيز" وفي جدران هذا البيت. 

"سالم" لم يكن مجرد أخ كبير لـ "عزيز" بل كان أب و شقيق و صديق.

طأطأ العم "سعيد" رأسه دون أن يعرف بماذا يتكلم.

تحرك "عزيز" أمامه فأتبعه العم "سعيد" على الفور. 

تساءَل "عزيز" بعدما التف بجسده نحو العم "سعيد" قبل أن يتجه نحو سيارته. 

- الست "عايدة" أخبارها إيه، لسا تعبانه. 

- زي الحصان يا بيه هي بس بتحب تدلع علينا شويه. 

قالها "سعيد" مازحاً، فـ "عايدة" شقيقة العم "سعيد". 

- لو محتاجه أي حاجه قولي يا عم "سعيد". 

في تلك اللحظة كان يهرول "عزيز" السائق نحوهم وهو يستكمل ربط رابطة عنقه. 

تقدم منهم "عزيز" ونظر إلى سيده معتذراً عن تأخيره. 

- اعذرني يا "عزيز" بيه اتأخرت عليك لكن اقول إيه على "شهد" مش عارفه تسلق حتى البيض. 

ابتسم "عزيز" عندما ذكر سائقه اسم ابنته "شهد" التي تبلغ سبعة عشر عاماً..

- لو كنت قولت إن "شهد" عرفت تسلق البيض مكنتش صدقتك يا "عزيز". 

قالها "عزيز" الذي يعتبر "شهد" جزءًا من عائلته بل ويعدها كأبنة له، فلو تزوج في عمر صغير لأنجب فتاه بعمرها...

فـ "عزيز" على مشارف إتمام عامه التاسع والثلاثون . 

ضحك "عزيز" السائق والعم "سعيد" الذي قال:

- محدش مدلع البنت ديه غيرك يا "عزيز" بيه. 
.... 

مسحت دموعها التي انسابت بسخاء وهي تسمع من السيدة "صفية" -ابنة خالة والدتها- قصة حب والديها. 

لم تبكي يومًا ولم تحزن لأنها مجرد فتاة متبناه بلا أهل ولم تجرحها كلمات البعض عندما كانوا يقارنون اسمها بشهادة الميلاد مع اسم ذلك الرجل الطيب الذي رباها وأعتنى بها.

شعور اليتم شعرت به مرتين... مرة عندما مات والدها الذي رعاها وتكفل بها أما المرة الثانية فهي تعيشها اليوم. 

- كانوا بيحبوكي أوي وكأنك بنتهم من دمهم يا "ليلى".

كلمات كان يخبرها بها الكثير من أقارب والدتها كلما كانت تجمعهم مناسبة عائلية وكأنهم يستعجبون من هذا الحب وكأن الأمومة والأبوة خلقت لتكون من الدماء والعصب لا غير. 

زفرت السيدة "صفية" أنفاسها بثقل وحزن استوطن ملامحها عندما عادت الذكريات تسير أمامها وكأنها شريط سينمائي. 

فلاش باك...

قبل واحد وعشرون عامًا. 

- "حامد" وافق أننا نتبنى طفل يا "صفية"، متعرفيش قد إيه أنا فرحانه. 

قالتها "عائشة" بسعادة وهي تدلف لداخل شقة "صفية" ابنة خالتها التي تعمل كموظفة في دار أيتام. 

تساءَلت "صفية" مندهشة من موافقة "حامد" أخيراً، فما تعلمه أن أهله يرفضون أن يتبنى طفلاً ليس من صلبه. 

- وأهله وافقوا يا "عائشة". 

طأطأت "عائشة" رأسها أرضاً ثم نظرت إليها بحزن.

- مع الوقت هيقتنعوا يا "صفية". 

لم تجد شئ "صفية" تقوله لأبنة خالتها، فهي تعلم مدى حب "عائشة" للأطفال وقد ذهبت إلى الأطباء لقرابة العشر سنوات حتى يأست. 

- و "حامد" فرحان يا "عائشة". 

ابتهجت ملامح "عائشة" عندما تذكرت ما أخبرها به عند موافقته على أمر تبني طفل. 

- أنا أعمل أي حاجه عشان أشوفك فرحانه، كفايه بكا يا "عائشة" عايز أشوف ضحكتك من تاني. 

لم تصرح بتلك العبارة لـ "صفية" التي فور أن رأت لمعت أعيُن "عائشة" علمت أنها هائمة في حب زوجها المخلص الذي أحبها بصدق. 

مر وقت إلى أن اهتدت "صفية" لأمر طفله عندما تراها وسط أطفال الدار يصيبها الألم والشفقة؛ لأنها شهدت على لحظة توسل عمها إليهم بأن يضعوها بالدار، فهو  لا يملك قوت يومه حتى يستطيع رعاية طفله صغيرة. 

«بــنــت» !! 

قالتها "عائشة" ثم نظرت إلى زوجها... فهي تريد صبي لأن في معتقداتها -التي تربت عليها- أن الولد هو من يحمل والديه في كبرهم. 

نظرت لها "صفية" ثم قالت:

- أنتِ ناسية إن أنا بشتغل في دار أيتام خاصة برعاية البنات. 

قالتها "صفية" ثم أغلقت الملف الذي يوجد به صورة الطفله وتاريخ دخولها الملجأ وكافة المعلومات الخاصة بها.

- ورينا صورتها يا "صفية". 

قالها "حامد" وهو مبتسم وعندما رأى صورة الطفلة اتسعت ابتسامته شيئًا فشئ. 

- شوفي صورتها يا "عائشة"، البنت آية من الجمال. 

أسرعت "عائشة" بإلتقاط الصورة منه ثم سقطت دموعها وخفق قلبها. 

- يا حببتي يا بنتي. 

- اسمها إيه يا "صفية" ؟؟. 

تساءَل "حامد" وقد مدت له "صفية" الملف الخاص بـ "ليلى" قائلة:

"لـيـلـى" 

باك... 

عادت "صفية" من ذكرياتها ثم نظرت نحو "ليلى"، التي صارت فتاة شابة وليست تلك الطفلة التي تنزوي نحو الجدار وتهتف باسم عمها الذي نسيت اسمه بمرور الوقت. 

تنهيدة طويلة خرجت من السيدة "صفية" ثم طأطأت رأسها أرضاً. 

- "عائشة" و "حامد" اتبنوكي وأنتِ عمرك تلت سنين وكام شهر...من حسن حظك إنك مقعدتيش في الملجأ غير شهور وبعدها بقى ليكِ أب و أم. 

ثم استطردت السيدة "صفية" بصوت أجش. 

- أول ما شافوكي وسط الأطفال خطفتي قلوبهم. 

استمرت "صفية" في سرد بعض التفاصيل التي كانت تعلمها "ليلى" إلى أن توقفت السيدة "صفية" عن الكلام بعدما تدفقت إليها ذكريات لم ولن تنساها يوماً وقد خالفت فيها ضميرها. 

فلاش باك... 

- بتقولي إيه يا "صفيه"، عمها رجع يسأل عليها وعايز يعرف عنوان الناس اللي اتبنوها. 

قالتها "عائشة" بنبرة تحمل الذعر والفزع ثم سقطت سماعة الهاتف الأرضي على حجرها. 

- "عائشة" أنتِ سمعاني، "عائشة" روحتي فين... ألو.. ألو.. 

استطاعت "عائشة" أخيراً تمالك حالها ثم رفعت الهاتف ووضعته على أذنها برجفة. 

- ديه بنتي أنا يا "صفية"، محدش هيحرمني منها. 

شعرت "صفية" بالشفقة على أبنة خالتها التي أخذت تهذي بحديث تعلمه "صفية" تماماً. 

- ده أنا سيبت القاهره كلها وجيت بيها الإسماعيلية عشان ميظهرش ليها في يوم ويقولي عايزها، جاي دلوقتي يدور عليها. 

هذا ما خاف منه زوجها منذ أربعة أعوام عندما أخبرتهم "صفية" أثناء تبنيهم لـ "ليلى" أن لها عم هو من وضعها بالملجأ لأنه لا يستطيع تحمل رعايتها. 

انتفض جسد "عائشة" من الذعر ثم أسرعت بإنهاء المكالمة مع "صفية" عندما استمعت لصوت الباب يُفتح، فقد عاد "حامد" وصغيرتهم من المدرسة. 

استقبلهم "عائشة" بابتسامة متوترة لاحظها زوجها ولكنه لم يُعلق. 

- حمدلله على السلامه، حبيبت ماما وحشتيني. 

أسرعت "ليلى" لحضنها ،فضمتها "عائشة" بقوة لتتذمر الصغيرة قائلة:

- ماما أنتِ وجعتيني. 

- حببتي أنا أسفه. 

قالتها "عائشة" ثم قبلتها بلهفة مما جعل "حامد" يتفرس بالنظر إليها وقد بدأ يشعر أن هناك شئ قد حدث. 

- شكلك راجعة من بدري من المدرسة. 

تساءَل "حامد"، فهو و "عائشة" يعملان معلمان ولكن كلًا منهم بمدرسة مختلفة.

- مكنش عندي حصص، فقولت أرجع احضر ليكم الغدا.

قالتها "عائشة" بنبرة مرتبكة كانت جليَّة بصوتها. 

- ماما أنا جعانة أوي.

تمتمت بها "ليلى" مما جعل "عائشة" تُسرع في تلبية حاجة صغيرتها. 

كلما كانت تلتقي أعيُن "حامد" بعينيّ "عائشة" كانت تتهرب منه لذلك تأكد أن الأمر الذي تخفيه عنه ليس بالهين؛ لذلك قرر إنتظار أخذ صغيرتهم قليلوتها. 

أخيراً غفت صغيرتهم بعدما تناولت الطعام وسردت لهم تفاصيل يومها.

دخل "حامد" الغرفة ينظر نحو "عائشة" التي جلست ساهمة على الفراش تطوي الملابس. 

اقترب منها ثم التقط منها ثوب "ليلى" الذي كانت تنظر إليها شاردة.

- مالك يا "عائشة"، في حاجه مخبياها عني؟؟. 

رفعت "عائشه" عيناها إليه ثم اشاحتها، فهي لا تستطيع الكذب عليه أو إخفاء شئ عنه لكنها ليست بحالة لتحكي له عما أخبرتها به "صفية".

- مافيش حاجة يا "حامد". 

"عــا ئــشــة". 

عند نطقه لأسمها بتلك الطريقة انهارت قوتها وارتمت فوق صدره باكية. 

فزع قلبه عليها عندما سمع صوت بكائها وسُرعان ما كان يبعدها عن أحضانه يسألها بلهفه.

- مالك يا حببتي، مين السبب في بكائك... حد من زميلاتك في المدرسة زعلتك... "عائشة" بالله عليكِ متوجعيش قلبي. 

عادت لترتمي بحضنه تخبره بما اخبرتها به "صفية".

- عم "ليلى" ظهر يا "حامد"، راح الملجأ وطلب منهم عنوان اللي اتبنوها... بنتي هياخدها مني... متخليش حد ياخد بنتي مني يا" حامد"... أنا ممكن أموت. 

ألجمت الصدمة جميع حواس "حامد" وقد أخذ ينظر لزوجته بنظرة خاوية. 

ولم يكن الحل الذي توصل إليه "حامد" و "عائشة" إلا أن تخبر "صفية" عم "ليلى" أن من تبنوا ابنة شقيقه سافروا لخارج البلاد ولا تعرف عنهم شىء.

ورغم اعتراض "صفية" في البداية واقتراحها عليهم أن يتحدثوا مع عمها ويطلبوا منه أن يستمروا في تربية "ليلى" لأنهم أصبحوا بالفعل والديها وتعلقت بهم لكن "حامد" و "عائشة" رفضوا إقتراحها.

فهم يخافون لو رفض عم "ليلى" هذا الاقتراح وأصر على أخذها منهم...هم لن يتحملوا ابتعادها عنهم فقد صارت قطعة من قلبهم لا يستطيعون العيش دونها.. 

عام وراء عام صار يمر و "ليلى" الصغيرة صاحبة السبع سنوات كبرت ولم ييأس العم من الذهاب لدار الأيتام لمعرفة أي شئ عن ابنة أخيه. 

وفي اخر مرة التقت بها "صفية" -قبل عشر سنوات- مع هذا العم قبل أن يتم نقلها لدار أيتام أخرها... أعطاها ورقة بها عنوانه متوسلاً إليها أن تجمعه بابنة شقيقه.

باك...

فاقت "صفية" من سيل أفكارها التي أرهقت فؤادها طيلة هذه السنوات كلما تذكرت كذبتها و مخالفتها لضميرها. 

“ ريحي "عائشة" و" حامد" في قبرهم وريحيني يا بنتي وروحي لعمك... لو فتحلك بابه ادخلي فحضنه و سامحيه لأنه فضل سنين يروح الملجأ يسأل عن الناس اللي اتبنوكي أو يعرف أي طريق يوصله ليكِ. 

سقطت دموع "ليلى" عندما تعلقت عيناها بصورة والدتها الغالية ثم انتقلت عيناها نحو صوره والدها. 

هم وحدهم عائلتها لكنها ستنفذ وصيتهم وتذهب للبحث عن عمها حتى يشعروا بالراحة في قبرهم.

أخرجت "صفية" تلك الورقة المطوية التي مر على إحتفاظها بها عشر سنوات ثم نظرت إلي "ليلى" التي أخدت تجفف دموعها. 

- فضلت محافظة عليها سنين طويله، اتمنى يكون لسا موجود في العنوان دا . 
... 

قضت "ليلى" ليلتها أمام النافذة وقد كانت السماء هذه الليلة تُمطر بغزارة. 

تعلقت عيناها بحقيبتها التي لم تغلقها بعد، فقد قررت السفر بالغد إلى حيث يسكن عمها الذي لا تعرف عنه شىء
سوى اسمه.

فتحت الورقة التي صارت مجعده وقد بهت حبر القلم بها ثم نظرت إلى الاسم تُردده....

"عـز يـز "
تعليقات



×