رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الثالث و العشرون23 بقلم سهام صادق


 

رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الثالث و العشرون بقلم سهام صادق

سارت على رمال البحر شاردة تضم سترتها الخفيفة حول جسدها وقد ارتفع صوت تلاطم الأمواج قُربها. 

أغمضت عيناها بعدما داعبت نسمات الهواء خديها بشدة وغادرت بضعة خصلات شاردة من حجابها فتناثرت على جفنيها. 

خانتها دموعها عندما فتحت عيناها ووقعت على مشهد زوجين يقضون عطلة زواجهم. 

عيناها التي استوطنها الألم منذ تلك الليلة تعلقت بسعادة نحو هذين الزوجين ... تنهيدة طويلة خرجت منها ثم أكملت سيرها وحيده. 

ارتفع رنين هاتفها وقد أخرجها من شرودها... نظرت لأسم "سما" ابنة عمها بحزن؛ فبالتأكيد "سما" عند جدها وأرادوا أن يُحادثوها كي يطمئنوا عليها. 

_ أخيرًا الشبكة لقطت، ده أنا كنت قربت أيأس إني اكلمك انا وجدو.

هتفت "سما" بمِزاح ثم نظرت نحو جدها الذي طالعها بلهفة. 

_ هاتي اكلمها. 

استمعت إلى صوت جدها؛ فأغمضت عيناها بوجع وقاومت دموعها التي خانتها فور أن استمعت لـ صوته الحنون. 

_ جدو. 

تمتمت بها "زينب" عندما استمعت إلى صوت جدها الذي عاتبها. 

_ لحق حفيد "شاكر" ينسيكي جدك يا بنت "أسامة". 

_ يا جدو ديه كلمتك أول امبارح، أنت بتلحق تنسى. 

زجرها "نائل" بنظرة قوية؛ فكممت "سما" شفتيها بعدما رأت نظراته. 

عادت اللهفة ترتسم على ملامح "نائل" وتساءَل بقلب قلق. 

_ حفيد "شاكر" بيعاملك كويس، طمنيني عليكي يا "زوزو"... أنا مش عارف إزاي قدرت اجوزك. 

_ يعني كنت عايز تخليها جانبك يا حضرت اللوا عشان تعنس. 

قالتها سما" وسُرعان ما كانت تنتفض من جواره تكتم صوت ضحكاتها. 

أنهى "نائل" مكالمته مع حفيدته ونظر نحو "سما" ليعطيها الهاتف لتحادثها وقد اطمئن فؤاده عليها بعدما أخبرته مرارًا بحسن معاملة "صالح" لها وأنها تعيش معه أسعد أيامها.

ابتعدت "سما" بالهاتف عن جدها وهمست بخفوت.

_ "زوزو" ،قوليلي الجواز حلو... اتهور يعني.

لم تستطيع "زينب" الرد عليها ، فما الذي ستخبر به ابنة عمها.... هل تخبرها أنها تنام كل ليلة باكية تحتضن وسادتها وتسأل حالها ما الجُرم الذي فعلته ليجعلها تنظر إلى نفسها بنظرة نقص مزقت روحها. 

_ "زينب" أنتِ سمعاني ولا الشبكة قطعت. 

بصوت خافت جاهدت في إخراجه. 

_ حلو اوي يا "سما". 

ابتسمت" سما" بسعادة لسعادتها ؛ فابنة عمها حظت برَجُل لا مثيل له...تحسدها كل العائلة عليه. 

عادت إلى الفندق بقلب محطم خاصة بعد مكالمة جدها و "سما". 

عند دلوفها إلى الجناح الذي يقيمان بِه وجدته يجلس بالصاله يشاهد التلفاز. 

مرت من أمامه دون حديث؛ فتجهمت ملامحه من عدم إهتمامها لوجوده. 

_ كنتي فين؟!

تساءَل وهو ينهض من على الأريكة ثم اقترب منها منتظرًا ردها. 

تجاهلته وأكملت تحركها نحو الغرفة التي لم يتشاركوا فراشها. 

زفر أنفاسه بقوة من أفعالها ودلف ورائها الغرفة. 

_ أنا مش بسألك كنتِ فين يا "زينب". 

_ كنت على البحر بتمشى. 

قالتها بوجه خالي من الحياة التي اطفئها، فتنهد وقال. 

_ وتفتكري الكلمتين دول محتاجين أفضل أسألك كذا مرة عشان تردي.

_ أنا عايزة انام. 

نظر إليها وإلى الفراش وتساءَل. 

_ أنا شايفك بتنامي كتير، أنتِ تعبانة. 

متناقض في أفعاله...أرادت الصراخ بوجهه حتى يرحمها لكنها اتخذت الصمت كعادتها واندست أسفل الغطاء الخفيف لتهرب بالنوم. 

نظر لها "صالح" بنظرة طويلة وانسحب من الغرفة ليتهاوى بجسده على الأريكة ويدفن رأسه بين كفيه وشعور الندم يخترق فؤاده. 

فتحت عيناها بعد مغادرته للغرفة وانسابت دموعها على خديها؛ لقد دمر حُلمها الجميل الذي عاشت داخله منذ خُطبتهم وما عليها إلاّ التظاهر بالسعادة في حياتها حتى لا تكون سبب في حزن جدها. 
...... 

ابتهجت ملامح الحاج "عبدالرحمن" وهو يرى "عزيز" يدلف محل العطارة خاصته. 

نهض الحاج "عبدالرحمن" على الفور من مقعده ونظر إلى أحد العاملين لديه قائلًا. 

_ هات كرسي بسرعه. 

السعادة كانت تتجلى بوضوح على ملامح الحاج "عبدالرحمن" الذي هتف بترحيب وهو لا يصدق قدومه اليوم إليه. 

_ وأنا أقول شبرا نورت ليه، نورت شبرا كلها يا ابن الغاليين.

ابتسم "عزيز" وهو يربت على كتف الحاج "عبدالرحمن". 

_ المكان منور بأصحابه يا حاج "عبدالرحمن".

_ هات الكرسي بسرعه يا "سيد". 

أراد "عزيز" الإعتراض، فلا بأس بالوقوف... فهو أتى لأمر دعوته لحفل زفاف "سيف" وقد قرر أن يأتي بنفسه ليعزمه إكرامًا لمكانة هذا الرَجُل لديه ومحبة شقيقه رحمه الله له. 

جلس "عزيز" وقد أسرع أحد الصبية العاملين في محل العطارة بجلب الشاي له. 

تغرغرت عينيّ الحاج "عبدالرحمن" بالدموع عندما أخبره بحفل زواج "سيف" وأول كلمة كان ينطقها الحاج "عبدالرحمن". 

_ الله يرحمك يا "سالم" ، أنا مش محتاج عزومة يا بني.

ابتسم "عزيز"، فهو يعلم هذا الأمر. 

_ طبعًا يا حاج "عبدالرحمن".... 

أخذهم الكلام لمواضيع عدة حيث الماضي وذكرياته ورغم رحيل أصحابها إلاّ أن ذكراهم مَازالت محفورة. 

أطلق الحاج "عبدالرحمن" تنهيدة طويلة وابتسم. 

_ مش آن الآوان أنت كمان تتجوز... 

ولأول مرة لا يقول "عزيز" كلمة لا التي كان يقطع بها أي حديث يخص هذا الأمر. 

_ إن شاء الله يا حاج. 

عاد الحاج "عبدالرحمن" منزله وأثناء تبديله لعباءته نظر إلى زوجته وهي تعطيه عباءة نظيفه. 

_ معزومين يوم الخميس على فرح الباشمهندس
"سيف" ابن "سالم" يا "هويدا". 

اطرب الخبر قلب "هويدا" ومدّت يديها لتساعده في ارتداء عباءته.

_ ولاد "سالم" كبروا واتجوزوا... فرحت قلبي بالخبر ده يا حاج... مين بقى العروسه؟! 

امتعضت ملامح الحاج "عبدالرحمن" وهو يسمع سؤال زوجته. 

_ هو أنا لازم اسأل على التفاصيل ديه، إحنا أخرنا نقول الف مبروك وبس يا أم "عمار". 

استاءت ملامحها وتنهدت بمقت من توبيخه الدائم لها وسُرعان ما كانت تتساءَل بأمل. 

_ كده دلوقتي هيفكر يتجوز. 

جلس الحاج "عبدالرحمن" على الفراش ونظر لها؛ فانتظرت بلهفة أن تسمع رده. 

_ معترضش المرادي لما قولتله يفكر في أمر جوازه. 

تهللت أسارير "هويدا" التي لم ترى إلاّ "أميمة" شقيقتها هي العروس التي سيفكر فيها بالتأكيد لكن لم تصرح بالأمر أمام زوجها. 

_ يارب قريب نسمع خبر جوازه. 

..... 

كل شئ أصبح يسير بالمنزل على قدمٍ وساقٍ؛ فعُرس "سيف" بعد يومين... وسوف تصبح العروس رسميًا سيدة هذا المنزل. 

ابتسامة واسعة ارتسمت على شفتيّ "نيرة" وهي ترى "ليلى" تتقدم نحوها وتحمل في يدها كيس به شئ خاص وقد طلبت منها أن تأتي  لها بِه عندما علمت من "عايدة" أنها ستذهب لشراء غرضًا ما من الصيدلية. 

التقطت "نيرة" منها الكيس البلاستيكي وابتسمت وكادت أن تمدَّ لها يدها بالمال لكن "ليلى" تراجعت للوراء ترفض فعلتها. 

_ اوعي تعمليها.

_ بس ده حقك يا "ليلي"، أنتِ اشترتيلي حاجة ولازم تاخدي تمنها. 

نظرت لها "ليلى" وقبضت بقوة على الكيس الأخر الذي تحمله. 

_ لو طلبت منك طلب وتقدري تجيبهولي هتاخدي مني فلوس.

هزت "نيرة" برأسها وردت. 

_ لا طبعًا، شكرًا يا "ليلى". 

كادت أن تتحرك "ليلى" وتتجه نحو الحديقة الخلفية حيث مسكن عمها وعائلته لكن توقفت مكانها عندما استمعت إلى صوته وهو يتحدث بالهاتف وقد اقترب من مكان وقوفهم. 

_ فينك يا "نيهان" ... دقيقتين وهتكون هنا... تمام. 

قالها "عزيز" وهو يحرك عيناه بين ابنة شقيقه و "ليلى" وقد راقه هذا التقارب الذي حدث بينهم. 

احتضن ابنة شقيقه وقبل رأسها؛ فأشاحت عيناها بعيدًا عنهم. 

_ ازيك يا "ليلى". 

تمتم بها "عزيز" وقد خرج صوتها في خفوت وخجل وسُرعان ما كان يتساءَل عن وقوفهم سويًا بالحديقة. 

_ كنتوا بتعملوا إيه وليه مدخلتوش جوه. 

توترت "ليلى" من نظراته إليها وأرادت أن تتحرك من أمامهم لكن عيناها اتسعت على وسعهما عندما قالت "نيرة". 

_  اصل ليلى" كانت جيبالي حاجة من الصيدليه، فخرجت اخدها منها. 

نظر "عزيز" نحو "ليلى" التي ارتبكت وقد فضحها خجلها... 

خفق قلبه وهو يرى تورد وجنتيها ثم هروبها من أمامه. 

_ عن إذنكم. 

تعلقت عيناه -التي لم تعد تشبع من رؤياها-  بها وابتسم عندما استمع إلى رأي ابنة شقيقه عنها. 

_ جميله وطيبه أوي. 
.... 

وقفت "سمية" على أعتاب حجرة ابنة زوجها تتفرس عيناها الذابلة من البكاء... 

اقترب "سمية" منها وقد أشاحت الأخرى عيناها لتمسح دموعها. 

_ مكنتش فاكرة إني بحبه أوي يا طنط. 

قالتها "بيسان" لزوجة أبيها التي كلما تذكرت زواج ابنها من تلك الأجنبية تمتقع ملامحها. 

_ صدقيني هيكون ليكي يا "بيسان"، هعمل المستحيل عشان اخليه يكون ليكي. 

نظرت لها "بيسان" وقد أصابها اليأس. 

_ خلاص مبقاش ينفع... 

احتقنت ملامح "سمية" ونظرت إليها ثم التقطت يديها وضمتهم بين كفيها. 

_ أنا وعدتك إن "سيف" هيكون ليكي في يوم ومادام وعدتك يبقى تأكدي إنه هيحصل.

أغمضت "بيسان" عينيها، ترفض سماع ما وعدتها به من قبل وبالنهاية تزوج من أخرى. 

_ نامي يا "بيسان"، عايزاكي بكره تكوني احلى واحده.

أغلقت "سمية" باب الغرفة ورائها بعدما اطمئنت أنها استقلت على فراشها وغفت. 

تحركت "سمية" نحو الأسفل لتجلس في ركنها المفضل. 

أغلقت نور الإضاءة ومدت ساقيها على المقعد الآخر وقد سقطت أطراف مئزرها الحريري. 

أرجعت رأسها للوراء وأغمضت عيناها سارحة بالرَجُل الوحيد الذي أحبته ولم ترى منه إلاّ النفور والرفض. 

_ آه يا "عزيز"، خلتني اعيش عمري كله وأنا بتمناك... بس مش هعمل كده في "بيسان".
... 

ابتسم "صالح" بحنان لـ صغيره الذي أخذ يُخبره بحماس عن فسحة جدوده له وسعادته ... لقد تقرب الصغير من جدوده بعدما أعطى لهم "صالح" مساحة للتقرب من حفيدهم بسبب ما حدث في حياته مؤخرًا. 

التقطت السيدة "حورية" الهاتف من الصغير وقد أعطاه لها بسلاسة والتهى في ألعابه. 

_ يومين وراجع... انا عارف إني تعبتك.

قالها "صالح" وهو يظن أن إعتناء والدته بـ حفيدها عبئ عليها. 

_ بالعكس انا مش تعبانه...أنا وابوك مبسوطين أوي وكمان جدك... أنت اللي كنت باعدنا عن الولد وباعد نفسك عننا. 

تنهد "صالح" بقوة؛ فهو لا ينكر أنه جعلهم جميعهم يدفعون ثمن موت "سارة". 

_ "زينب" عامله إيه، مبسوطين. 

تلك التنهيدة التي خرجت من شفتيه بعد سؤالها اخترقت فؤادها كأم. 

_ بلاش تظلم البنت يا "صالح"، "زينب" حبتك يا بني.

أغمض عيناه عندما أخبرته والدته بما صار يعلمه ويراه في عينيها الذابلتين، حظها السئ جعلها تغرم برَجُل مثله، بارد المشاعر. 

_ جوازك تم؟؟ 

قالتها السيدة "حورية" بتساؤل رغم أنها تعلم الجواب. 

_ قولي لـ "شاكر" بيه ياريت تكون مبسوط دلوقتي ... 

_ جدك معملش حاجة يا "صالح". 

هتفت بها السيدة "حورية" بعدما أغلقت باب حجرتها عليها. 

_ لو كنت المرادي اصريت وقولت لاء... مكنش عمل حاجه وأنا وأبوك قولنالك هنكون ضد جدك المرادي وهنقف جمبك مع أي قرار تاخده رغم إننا شايفين
"زينب" بنت هايلة.

_ بنت هايلة ولا مناسبة لمعايير جدي... حفيدة صديقه من ابنه اللي عاش منبوذ من اخواته وطلق امه عشان مراته الأولى مرضتش تقبل بوجود ست غيرها في حياته... "زينب" كانت اختيار درسه كويس أوي "شاكر" بيه. 

_  وأنت كنت زيه "صالح". 

صمت بعدما صدمته بالحقيقة التي يعلمها. 

_ اختارتها عشان مناسبه لابنك وهتقبل أي حاجة تقدمها ليها حتى لو كانت قليله... البنت طيبه ومتستحقش عنادك مع جدك. 

_ جوازنا متمش.. هي لسا بنت.

هزت السيدة "حورية" رأسها بصمت ونظرت إلى هاتفها بيأس بعدما انتهت المكالمه، فما توقعته حدث.

مد يديه نحو سياج الشرفة يقبض عليها بقوة ثم زفر أنفاسه. 

استدار بجسده بعد وقت...ليقف مصعوقًا وهو يراها أمامه تضغط على شفتيها حتى تكتم صوت بكائها وقد استمعت إلى حديثه مع والدته؛ فهو أخذ حريته بالحديث بعدما ظنها نائمة. 

تصلبت ملامحه وازدرد لُعابه وهو يقبض على يديه بقوة. 
.... 

وقفت "ليلى" حائرة أمام المرآة وهي تنظر إلى هيئتها بذلك الثوب الذي اشتراه لها عمها ليلة أمس. 

مسحت بيدها على الثوب الذي يأتي ثمنه راتب عمها ثم أطلقت زفيرًا عميقًا عندما عرفت حين عودتهم أمس بالأشياء التي ابتاعوها أن كل تلك الأشياء من كرم السيد "عزيز" عليهم... فقد أعطى المال إلى عمها حتى يشتروا ملابس للعُرس. 

_ جهزتي يا "ليلى". 

تساءَلت بها شهد التي دلفت إلى الغرفة بوجة متذمر وتحمل في يدها تلك القلادة التي أعطتها لها "نيرة" كهدية. 

_ مش عارفه أقفل قفل السلسلة. 

التقطت منها "ليلى" القلادة وبسهوله أغلقتها لها؛ فزفرت "شهد" أنفاسها بقوة. 

_ أومال مكنتش راضيه تتقفل معايا ليه وكأنها بتعاندني.

ابتسمت "ليلى" واتجهت نحو حذائها كي ترتديه. 

_ اتعاملي مع الحاجة بلين وهتلاقيها سهله.

نفخت "شهد" خديها وغادرت الغرفة؛ فابتسمت "ليلى" على أفعال الصغيرة. 

لم تمر ثواني وكانت "عايدة" تدلف بحجابها الذي تضعه بأهمال على رأسها. 

_ تعالي ساعديني في لف الطرحة يا "ليلى"، عمك واقف بره.... 

توقف بقية الحديث على طرفي شفتي "عايدة" وقد التمعت عيناها بإنبهار. 

_ بسم الله ماشاء الله، طالعه زي القمر. 

لم تمتدحها "عايدة" وحدها بل سمعت كلمات المدح من عمها والعم "سعيد" الذي صمم أن تتأبط ذراعه ويدلف بها حفل الزفاف. 

_ كده هتوقف حالها يا راجل يا عجوز. 

قالها عمها بمزاح وقد تعلقت كلاً من "عايدة" و "شهد" في ذراعيه. 
... 

استدار "عزيز" بجسده حتى يرحب بأحد ضيوفه المدعوين لـ حفل زفاف ابن شقيقه بعدما لفت انتباهه
"نيهان" صديقه. 

رحب بالضيف وعائلته بحفاوة وقد تقدم معهم نحو إحدى الطاولات. 

حدقت به "سمية" بنظرة ضيقة بعدما انتبهت على الفتاة التي قام ذلك الضيف بتعريف "عزيز" بها وقد ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي "عزيز". 

أصابتها الغيرة عندما تحركت عيناها نحو الفتاة الشابة الجميلة؛ فتركت ضيوفها واتجهت نحوه. 

_ اهلاً ،اهلاً "محمد" بيه. 

قالتها "سمية" عندما اقتربت منهم، فنظر "عزيز" لها وكأنه وجد خلاصه في وجودها. 

رحبت "سمية" بعائلة السيد "محمد"؛ فابتسم "عزيز" لهم وتحرك مبتعدًا عنهم بعدما قال بلباقة. 

_ اعذرني يا "محمد" بيه هضطر استأذنك عشان أرحب بالضيوف. 

تحرك "عزيز" بضعة خطوات وسُرعان ما كان يقف مكانه وقد تعلقت عيناه هذه المرة بها. 

انحبست أنفاسه وهو يراها تتحرك بخجل إلى داخل قاعة الزفاف مع عائلة عمها وتتأبط ذراع العم "سعيد". 

خفق قلبه وضجت بعينيه اللهفة وسرح بتفاصيلها وخرجت أخيرًا أنفاسه التي سرقتها بحضورها. 

تعجبت "سمية" من وقوفه هكذا وقد أصابتها الدهشة وكادت أن تتحرك نحوه إلاّ أن اقتراب "نيرة" منها جعلها تصرف أنظارها عنه وتنشغل بضيوفها. 

ابتسم وهو يراها تبتسم للعجوز "سعيد" وتضم يدها على شفتيها المطلية بأحمر شفاه وردي. 

كل شئ بها أهلكه وقد ضاعت حكمته واتزانه ... فلو انكشف سِتار قلبه وعقله كلما وقعت عيناه عليها لأنفضح أمره. 

اقترب منه "نيهان" الذي ارتفع حاحبه بمكر بعدما التقط نظرات صديقه نحو "ليلى" التي يدعوها بفتاة القِطة.

_ اخطفها قبل أن يخطفها غيرك يا رَجُل.

تجمدت ملامح "عزيز" بعدما اخترق حديث "نيهان" أذنيه؛ فاستدار بجسده نحوه. 

_ لا تنكر، امرك صار مفضوح "عزيز"... 

هرب "عزيز" بعينيه عنه وتنهد؛ فكيف فجأة سيأخذ قرار الزواج الذي عزف عنه منذ سنوات طويلة. 

_ الفتاه جميلة وصغيرة "عزيز"، وربما بعد وقت قصير تجد من يطرق باب عمها ليتقدم لخطبتها. 

تعليقات



×