رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الثلاثون30 بقلم سهام صادق


 

 رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الثلاثون بقلم سهام صادق 


جلس العم "سعيد" و "عايدة" بالمطبخ يرتشفون الشاي وعلى وجوههم ارتسم الوجوم... دخلت "نيرة" عليهم وهي تستعجب من السكون الذي خيم على الأرجاء بعدما كان المرح في نفس الوقت أمس يملئ المكان. 

نظرت لهم لتقول بفتور. 

_ عم "سعيد" ، بعد ساعتين هنمشي إن شاء الله... 

اماء العم "سعيد" برأسه وتساءَل في الحال. 

_ هو "عزيز" بيه رجع من مزرعة "نيهان" بيه؟؟.

هزت "نيرة" رأسها بحزن؛ فعمها يعاقبها بسبب ما فعلته أمس ونأى بنفسه منذ الصباح بعيدًا عنهم. 

_ لا يا عم "سعيد"، الكلام ده قالهولي "سيف" بعد ما عمي اتصل بيه.

شعرت "عايدة" بحزنها، لتسبل "نيرة" جفنيها وتتنهد قائلة: 
_ أنا مش عارفة أصالحه إزاي.

_ مجرد وقت وهيهدى يا بنتي ده أنتِ الغالية بنت الغالي الله يرحمه. 
قالها العم "سعيد" الذي أحزنه حزنها، لتنفرج شفتيها بابتسامة صغيرة.

ليردف العجوز قائلًا : 
_ تعالي اشربي الشاي معانا ولا خلاص عشان شربتي شاي "لولو" مبقاش يعجبك شاي "عايدة".

ثم نظر إلى "عايدة" التي امتقعت ملامحها ورفعت كوب الشاي خاصتها لترتشف منه. 
_ شوفي قلبت بوزها إزاي عشان بقول الحقيقة يا ست البنات.

وضعت "عايدة" كوب الشاي بعنف على الطاولة لتقول بحنق. 
_ يا راجل ده أنت من شوية لسا بتقولي قومي اعملي لينا كوبايتين شاي حلوين من ايدك يا "عايدة"، ده أنا مبتعدلش دماغي غير كوباية الشاي بتاعتك.

_ أنا قولت كده؟ 
هتف بها العم "سعيد" وهو يحك أسفل ذقنه وسُرعان ما كانت تطلق "نيرة" ضحكات عالية على مناكفتهم. 
جلست معهم ترتشف الشاي ونظرت حولها تتساءَل. 
_ هما فين البنات صحيح، "ليلى" من امبارح مختفية... حتى النهاردة الصبح مفطرتش معانا. 
خرجت تنهيدة "عايدة" بحيرة عقب سؤالها. 
_ والله يا ست "نيرة" ما عارفه مالها، من امبارح وهي فيها حاجة غريبة... والنهاردة "نارفين" هانم طلبت منها تروح معاها على المزرعة التانية عشان تاخد رأيها في حاجة رجعت لينا وشها أحمر وكأنها كانت بتعيط. 
هز "سعيد" رأسه بحيرة هو أيضًا وقال: 

_ كنا فاكرين جو المزرعة هيبسطها. 
نظرت لهم "نيرة" وارتشفت ما تبقى من كوب الشاي قبل أن تنهض من أمامهم. 
_ هروح أشوفها وافهم منها.. إحنا بنات زي بعض.

تحركت "نيرة" من أمامهم لكن توقفت وعادت تنظر لهم وعلى محياها ارتسم العبث. 
_ ليكون فيه قصة حب في حياتها، لاء أنا لازم اروح افهم منها. 
ضحكت "عايدة" ونظرت إليها وهي تغادر المطبخ بخُطوات سريعة. 
_ الله يحزك يا ست "نيرة" ضحكتيني والواحد مهموم.

نهضت "عايدة" من مكانها لتغسل الأكواب وترتب المطبخ قبل رحيلهم لتجد "سعيد" ينظر إليها بترقب. 
_ تفتكري يا "عايدة" ممكن يكون فيه حد في حياة "ليلى". 
ابتسامة واسعة ارتسمت على ملامح "عايدة" والتي تتمنى من كل قلبها أن تفرح بها وتراها عروس. 
_ "ليلى" عاقلة ولو فيه حد في حياتها هنعرف أكيد منها، والله يوم المُنى يا "سعيد" لما نسلمها لعريسها، أنت مش نفسك تفرح بيها. 
تبدلت ملامح "سعيد" على الفور وابتهجت ملامحه وأخذ يُحرك لها رأسه بسعادة. 
اتجهت "نيرة" إلى الغرفة التي تجلس بها "ليلى" وطرقت الباب بخفة ثم دلفت. 
اندهشت من رؤية ملامح وجهها الحزينة وأجفان عيناها الحمراء. 
أخفضت "ليلى" رأسها لتهرب من نظراتها. 
_ لا الموضوع شكله كبير.

شعرت "ليلى" بالتوتر ولم تملك قدرة على رفع عيناها، فهي تشعر بإن أمرها صار مفضوح للجميع. 
اقتربت "نيرة" منها وتساءَلت: 
_ أنتوا زعلانين من بعض ولا انفصلتوا. 
اتسعت حدقتيّ "ليلى" ورفعت عيناها وتساءَلت بنبرة مهزوزة. 
_ تقصدي إيه.

ابتسمت "نيرة" وجذبت يدها لتجلسها على الفراش وجلست جوارها. 
_ اقصد إيه ؟ معقول يا "لولو" تخبي عني... يلا قولي مين هو بقى.. أنا بحب حكايات الحب أوي احكيلي.

رمشت "ليلى" بأهدابها عدة مرات وهي لا تستوعب ما تقوله "نيرة" التي واصلت كلامها بفضول. 
_ ما هي حالتك دي متدلش غير عن صدمة حب، خصام... فراق... بصي أنا عندي خبرة حلوة.. ما أنا حكتلك عن قصة حبي أنا و "معتز" وكل اللي مرينا بيه.

بصعوبة خرج صوت "ليلى" بعدما ازدردت لُعابها. 
_ مفيش حاجة من اللي أنتِ بتقوليها ، أنا بس تعبانه شوية. 
قاطعت "نيرة" كلامها ومسكت يديها لتحثها على الحديث دون خجل.

_ كده برضو يا "لولو"، يا بنتي في الأمور دي لازم تتكلمي مع حد، هو بيشتغل طيب معاكي في المصنع... 
ارتبكت "ليلى" من حصار "نيرة" لها بالحديث، فهي مَازالت لا تستوعب ما حدث لها منذ ساعات. 
شعرت "نيرة" باليأس منها وزفرت أنفاسها بقوة. 
_ أنتِ و عمي مبتريحوش حد في الكلام، هو امبارح رفض العروسة مع إن فيها كل المميزات اللي تبهر أي راجل يا "ليلى". 
كان حديث "نيرة" عن العروس يُمزق روحها فلم تجد إلا الهرب بعينيها بعيدًا والضغط على جرح يدها لعلّ بذلك تستطيع صرف عقلها عما يخصه.

ارتفع رنين هاتف "نيرة" في نفس اللحظة التي دلفت فيها "نارفين" الغرفة ونظرت لها بنظرة نادمة بعدما استوعبت سبب خروج "ليلى" من بوابة مزرعتهم باكية دون أن تُجيب على ندائها.. 
التفت "نيرة" نحو "نارفين" ثم نهضت وهي تُجيب على الهاتف قائلة: 

_ أيوة يا ماما، أنتِ مشيتي فجأة ليه.

مرت "نيرة" بجوار "نارفين" التي مَازالت واقفة مكانها لتهمس لها "نيرة" قبل أن تغادر الغرفة. 
_ تحدثي معها "نارفين". 
ثم عادت تنظر نحو "ليلى". 
_ رجعالك تاني يا "لولو". 
في هذه اللحظة، تأججت نيران الغيرة وظهرت في عينين "سمية" عندما استمعت لهتاف ابنتها باسم تلك الفتاة. 
توقفت "سمية" بجانب الطريق تقبض بقوة على عجلة القيادة. 
_ ماما أنتِ معايا؟؟ 
.... 
انقضى الوقت وقد جاء وقت مغادرتهم المزرعة، شعر "نيهان" بالضيق من نفسه بسبب فعلته حتى أن "نارفين" لم تستطيع توضيح الصورة لها وإزالة سوء الفهم. 
طيلة طريق العودة كان "عزيز" شارد في أفكاره وقد تولى "سيف" أمر القيادة... أما "نيرة" ظنت صمته بسبب غضبه منها. 
تنهيدة حملت شعور بالراحة أطلقها العم "سعيد" فور دلوفه إلى المسكن. 
_ كأننا غيبنا شهور. 
قالها ثم اتجه نحو الأريكة ليجلس عليها؛ فجاوره "عزيز" قائلًا: 
_ أه والله يا "سعيد"، الواحد لما بيبعد عن البيت بيحس إنه عامل زي السمك.

حديثهم كان يطرق حصون "ليلى" التي انسحبت من بينهم وسبقت "شهد" نحو الغرفة. 
.... 
كانت السعادة تشع من عينين السيدة "حورية" وهي ترى "صالح" ينضم لتناول وجبة العشاء معهم وقد صارت الأمور بينهم تعود إلى طبيعتها كالسابق. 
نظرة امتنان ألقت بها السيدة "حورية" نحو "زينب"، فلولا وجودها بحياتهم ما كان "صالح" صار قريبًا منهم هكذا. 
ساد الصمت أثناء تناول الطعام وكل منهم كان مشغول بأفكاره إلى أن قطع الجد ذلك الصمت. 
_ "زينب" قررت تشتغل في مدرسة "يزيد". 
ألقى "شاكر" بحديثه الذي جعل والديّ "صالح" يتوقفوا عن مضغ الطعام ونظروا نحو "صالح" بترقب. 
_ بيتهيألي ده أفضل لـ  "يزيد" ولا إيه يا "زينب"؟؟. 

كانت "زينب" منشغلة بوضع الطعام في طبق الصغير لتنظر نحو الجد ثم ألقت بنظرة خاطفة نحو "صالح" الذي قبض على يده بقوة. 
_ ما دام حضرتك شايف إن ده صح يا جدو أنا كمان شايفه كده. 
ابتسم الجد عندما استمع إلى كلامها ونظر نحو "صالح" الذي مَازال على صمته. 
ضاقت حدقتيّ "صالح" واشتعل الغضب فيهما ثم ألقى بنظرة سريعة نحو "زينب" التي أخذت تسأل صغيره إذا كان قد شبع أم يُريد المزيد من الطعام. 
_ مقولتش رأيك يعني يا "صالح". 
تساءَل الجد بعدما عاد لتناول طعامه، أما السيدة
"حورية" والسيد "صفوان" استمروا بالنظر له منتظرين ثورته. 
_ موضوع الشغل ده هتناقش فيه مع "زينب" لوحدنا. 
حملقت به "زينب" وقد اندهشت من حديثه الهادئ لكن تلك النظرة التي رأتها في عينيه جعلتها تعلم ما ينتظرها عندما يكونوا بمفردهم. 
حالة من الإنتشاء تملكتها وهي ترى أول إنتقام لها، هو تحدى بها جده واتخذوها لُعبة في أيديهم وهي كالحمقاء اندفعت كالفراشة نحو عالمه. 
لن تثأر لكرامتها إلاّ منه وها هي اليوم عرفت بداية الطريق. 
_ خلينا ناكل يا ولاد وبعدين نتكلم.

تمتمت بها السيدة "حورية" حتى تُنهي ذلك النقاش الذي سينتهي حتمًا بكارثة إذا واصلوا الكلام به. 
انتهوا من تناول وجبة العشاء، لينهض "صالح" قائلًا: 
_ جهزوا نفسكم عشان نمشي. 
هزت "حورية" رأسها بيأس من أفعال حماها ونظرت نحو زوجها الذي نظر لها بقلة حيلة، فوالده لن يتغير. 
أخرج "صالح" غضبه بالقيادة إلى أن صرخت به قائلة: 
_ هدي السرعة شوية، أنا و "يزيد" خايفين... 
قالتها وهي تلتف للوراء نحو الصغير الذي ضم دميته القديمة إلى حضنه. 
انتبه على مقدار السرعة التي تتحرك بها السيارة وأطلق زفيرًا قويًا وهو يبطئ من السرعة. 
تمالك نفسه بصعوبة عند دلوفهم إلى الشقة وقد أخذت يد الصغير واتجهت به لغرفته. 
أخذ يدور حول نفسه والغضب يتأجج داخله كلما تذكر أمر عملها الذي اتخذت قراره مع جده وكأن معرفته بالأمر مجرد للعلم دون إكتراث برأيه.. 
غادرت غرفة الصغير واتجهت لغرفتها دون الإلتفاف ناحيته لتزداد قتامة عيناه. 
_ "زينب". 
توقفت مكانها وببطئ استدارت جهته.. 
أطلق تنهيدة طويلة ثم تقدم منها. 
_ المفروض نتكلم ولا أنتِ شايفه اللي حصل في الڤيلا هناك أمر عادي. 
تثاءبت بنُعاس لتضع يدها على فمها. 
_ ممكن نأجل الكلام لبكره. 
تركته واتجهت نحو غرفتها دون النظر له لتحتد عيناه وتحرك ورائها. 
_ لا معلش هنتكلم دلوقتي. 
ابتعدت عنه واتجهت نحو خزانه ملابسها تعبث بها. 
ذلك البرود اللعين الذي صارت عليه فجأة جعله يجتذب ذراعها بقوة ويتحرك بها نحو الأريكة التي تحتل ركن من أركان الغرفة. 
خرجت شهقتها عندما ألقى بقطع الثياب التي التقطتها من خزانة ملابسها أرضًا ثم أجلسها عنوة على الأريكة قائلًا: 
_ قرار الشغل مش موافق عليه ومفيش مناقشة في الموضوع. 
بتحدي رفعت عيناها نحوه بعدما ألقى عليها حديثه دفعة واحدة. 
_ بس أنا موافقه وعايزه اشتغل.

رمقها بنظرة طويلة وكاد أن يتحدث لكنه وقف مبهوتًا بعدما صعقته بكلامها. 
_ أنت مش موافق على الشغل، عشان القرار قرار جدك لكن أنا موافقة على قراره وهوافق على أي قرار يقوله... عارف ليه عشان عارفة أنت بتكره إنه يفرض رأيه عليك ويتحكم بحياتك لكن أنا هخليه يتحكم بحياتنا. 
توحشت نظراته وقبل أن يتقدم منها خطوه كانت تنهض وتقترب منه. 
_ أنت اللي عملت في حياتنا كده، يبقى ادفع تمن اللي عملته. 
غادرت الغرفة تحت أنظاره التي كانت جاحظة من الصدمة. 
أخذت أنفاسه تعلو وتهبط وهو ينظر لنقطة ما شاخص البصر. 
انعقد لسانه عن الكلام من شدة صدمته، لقد صارحته بهدفها الأساسي من وراء عملها، أخبرته بأنها ستتمرد عليه وتُعانده وستجعل لجده الكلمة الأولى في حياتهم. 
لا يعرف كيف تمالك نفسه وغادر الغرفة بهذا الثبات لكن توقف عندما رأي حركتها بالمطبخ وقد وقفت تعد لها شطيرة من حلوى المربي. 
تلاقت عيناها معه بنظرة سريعة ثم استدارت بجسدها واتجهت نحو البراد لتُخرج أي شئ يجعلها تتحاشا النظر إليه. 
تنهيدة طويلة خرجت معها حرقة قلبها بعدما استمعت إلى صوت باب غرفته يُغلق بعنف. 
لقد بدأت لُعبتها معه وكل شئ أتى لها دون تخطيط وكأن الحياة تعطيها الفرصة أخيرًا لتتمرد. 
.... 
لم يستطيع "عزيز" النوم هذه الليلة، فكل ما حدث يطرق رأسه بقسوة، غادر غرفته بعدما علم أن النوم جفاه وهبط الدرج متجهًا نحو غرفة مكتبه. 
وكما غادره النوم غادرته الراحة هذه الليلة، فعيناه ظلت عالقة بمكان القطة يتمنى لو غادرت مسكنها وذهبت لإطعامها كعادتها. 
أجفله صوت ابنة شقيقه بعدما فتحت باب الغرفة وتساءَلت: 
_ شوفت نور أوضة المكتب قولت اكيد أنت هنا. 
سحب "عزيز" سِتار الشرفة وتمالك حاله ثم استدار نحوها. 
_ أنتِ لسا منمتيش.

حركت له رأسها بحزن واقتربت منه. 
_ مش عارفة أنام وأنت زعلان مني.

أغمض عيناه لوهلة ثم أخذ نفسًا عميقًا وفتح لها ذراعيه. 
أسرعت إليه بعدما دعاها إلى حضنه. 
_ أنا عارفه إني غلطانه وحطيتك في موقف محرج، أنا آسفه بجد. 
ابتسم "عزيز" وهو يمسح على شعرها ثم وضع قبلة على رأسها. 
_ مش زعلان منك يا حببتي، معلش أنا مضغوط شوية الفترة دي.

ابتعدت عنه تسأله بقلق. 
_ في مشاكل عندك في الشغل؟؟

نظر لها ثم احتوى وجهها بحب بين راحتي كفيه يومئ لها برأسه. 
_ مشاكل الشغل كتير، متشغليش بالك أنتِ... كلها فترة وهتسافري فمش عايزك تزعلي من حاجه واتبسطي بأجازتك.

عادت تلك اللمعة التي غادرت عيناها منذ الأمس تتوهج مرة أخرى. 
وضعت رأسها على صدره تستمد منه حنانه الذي عوضها به عن فقد أباها. 
_أنا بكون مبسوطة وأنا شيفاك مرتاح ومبسوط، أنا بحبك اووي يا عمو. 
ترقرقت الدموع في عينيه وشد من ضمه لها لترفع عيناها له قائلة:

_ أنا لما قعدت مع نفسي قولت إزاي عايزه واحده تيجي تاخدك مني ويكون ليها الحضن وكل الدلع اللي ليا أنا لوحدي.

ثم أردفت بعدما ابتعدت عن حضنه. 
_ لا خلاص مش هقولك تتجوز تاني. 
انشقت شفتيّ "عزيز" بابتسامة متوتره، لتنظر له ثم عادت تستكين داخل أحضانه. 
_ إيه رأيك نخرج الصبح نفطر سوا لوحدنا من غير "سيف" و "كارولين". 
.... 
خرجت من غرفتها بعدما ارتدت ملابسها وقد قررت الذهاب اليوم إلى عملها حتى تستطيع مهاتفة الخالة
"صفية" ابن خالة والدتها  التي ستظل دائمًا تراها والدتها حتى لو لم تنجبها من رحمها. 
توقفت عند المطبخ عندما استمعت إلى صوت العم "سعيد" يُخبر زوجة عمها بأن لا داعي لتذهب إلى الڤيلا حتى تجهز طعام الإفطار. 
_ "عزيز" بيه و "نيرة" هانم خرجوا يفطروا بره، والباشمهندس راح شغله والأجنبية لسا نايمة.

ضحكت "عايدة" على طريقة شقيقها التي تتحول عندما يذكر "كارولين". 
_ حيث كده اروح اصحى "ليلى" و "شهد" عشان نفطر كلنا سوا من غير ما السفرة تكون ناقصة حد فينا. 
_ هي "ليلى" مش رايحة الشغل.

تساءَل العم "سعيد" وكادت أن تُخبره بأنها أخبرتها أمس بعدم ذهابها إلى العمل لحاجتها للراحة لكن دلوف "ليلى" جعل "عايدة" تنظر لها بدهشة. 
_ أنتِ رايحة الشغل يا "ليلى". 
استطاعت "ليلى" رسم ابتسامة خفيفة على شفتيها ونظرت لهم. 
_ حاسه نفسي كويسه قولت اروح الشغل. 
_ يا بنتِ شكلك تعبان.

قالها العم "سعيد" ونظر نحو يدها التي أزالت عنها اللاصق الطبي. 
_ أنا كويسه يا عم "سعيد"، ده كان شوية تعب وراح لحاله لما ارتحت ونمت كويس. 
نظرت لها "عايدة" ثم تحركت نحو البراد لتخرج حبات البيض منه قائلة: 
_ خلاص يا حببتي ما دام شايفه نفسك كويسه روحي شغلك،أنا هحضر الفطار بسرعه. 
_ لا متعملوش حسابي أنا هخرج دلوقتي. 
حدجتها "عايدة" بحيرة بعدما أغلقت البراد ليهتف العم "سعيد" متسائلًا: 

_ لسا في وقت يا بنتِ، ليه تروحي شغلك على لحم بطنك. 
بحثت عن كذبة سريعة داخل عقلها حتى يقتنعوا بها. 
_ اصل هقابل "سلوى" زميلتي ونروح مشوار قبل الشغل، يعني مشوار خاص بيها. 
حركت "عايدة" رأسها بتفهم ثم أسرعت نحو الخبز قائلة: 
_ استنى طيب هعملك حاجه سريعة تاخديها معاكي أنتِ متعشتيش امبارح.

أصرت "عايدة" عليها بأن تنتظرها حتى تعد لها بعض الشطائر السريعة، تلك الرعاية التي يُحاوطوها بها جعلتها تُريد البكاء بعد إتخاذها قرار الرحيل دون رجعة. 
.... 
بدون شهية تناول "عزيز" إفطاره مع ابنة شقيقه في أحد المطاعم المطلة على النيل. 
_ بقالنا كتير مجيناش هنا. 
قالتها "نيرة" وقد داعب الهواء خديها ليرفع "عزيز" كوب الشاي نحو شفتيه ويرتشف منه القليل. 
ظلت "نيرة" تتحدث في أمور عدة من بينها ذكرياتهم ولأول مرة يكون "عزيز" معها بذهن شارد، فهناك أخرى كانت تحتل كامل عقله، يتساءَل هل ذهبت اليوم إلى المصنع؟ 
ارتفع رنين هاتف "نيرة" لتنظر إلى رقم والدتها. 
_ دي ماما، هقوم أرد عليها.

نهضت "نيرة" ليزفر "عزيز" أنفاسه بقوة، عليه التحدث معها لتوضيح الأمر لها وأن ما حدث لم يُخطط له. 
التقط هاتفه وأرسل رسالة إلى "نيهان" يُخبره إذا أتت المصنع اليوم يُهاتفه. 
_ كلام إيه اللي عمي كان هيقوله لينا. 
تساءَلت "نيرة" بعدما سألتها "سمية" إذا كان أخبرهم "عزيز" بشئ هذا الصباح. 
_ يعني متكلمش معاكم في حاجه.

_ لا يا ماما أنا وعمي بنفطر سوا بره البيت، حبيبي مهونتش عليه وصالحني.

ابتسمت "سمية" لكن صورة تلك الفتاة مع "عزيز" بالغرفة عادت تطرق رأسها. 
_ طيب وموضوع الجواز. 
اتسعت ابتسامة "نيرة" ونظرت نحو عمها الذي أشار للنادل حتى يتقدم منه ويقوم بدفع الحساب. 
_ لا أنا خلاص قررت مش هفتح معاه الموضوع ده تاني، أنتِ عارفه هو رافض فكرة الجواز من زمان. 
أطلقت "سمية" زفيرًا طويلًا يحمل بعض الإرتياح؛ فبالتأكيد ما رأته وسمعته لم يكن إلا نزوة خاضها "عزيز" مع تلك الفتاة... هي شابة وجميلة وتعيش في منزل رَجُل غني مَازال في شبابه، هي لا تشك بـ "عزيز"... فهي تعلم طباعه لكن تلك الفتاة هي بالطبع من أغوته. 
التمعت عينيّ "سمية" بحقد وهي تتخيل إلى أي مدى وصلت علاقتهم... لكن الفراش كان مُرتب. 
تفاصيل كانت تدق رأس "سمية" وقد أصابها الصداع بسبب ما عانته ليلة أمس لتضيق حدقتيّ "نيرة" وهي تسمع "بيسان" تُحادث والدتها. 
_ ماما هو عمو "هارون" في المستشفى؟؟. 
لتخرج زفرة "سمية" بقوة قائلة: 
_ أنا مسافره لندن مع عمك "هارون" لأن لازم يعمل عملية في القلب.. 
ثم تبدلت نبرة صوتها لتصبح أكثر لين. 
_ "نيرو" حببتي بلاش تسافري قبل ما ارجع تمام، اجلي سفرك يا حببتي وأي حاجه تحصل عندك بلغيني على طول. 
أنهت "سمية" المكالمة في الحال لتنظر "نيرة" إلى هاتفها بدهشة من حديث والدتها. 
اقترب "عزيز" منها ونظر إليها. 
_ فيه حاجة حصلت؟. 
_ عمو "هارون" تعبان ومسافر لندن. 
تنهد "عزيز" وأعطاها حقيبتها وتحرك قائلًا: 
_ لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم، ربنا يشفيه... لما تكلمي "سمية" تاني وصليلها سلامي ليه. 
.... 
شعرت بأن الأرض تميد تحتها وقد ارتفع صوت السيدة "صفية" تردد اسمها لتتأكد من أنها مَازالت معها على الهاتف. 
_ "ليلى"،"ليلى" أنتِ سمعاني. 
استندت "ليلى" على جذع الشجرة التي كانت ورائها وابتلعت لعابها وتساءَلت. 
_ يعني هما عاوزين ورثهم من شقة ماما و بابا. 
تنهدت السيدة "صفية" وأغلقت جفنيها لوهلة. 
_ أنا خايفة عليكي يا بنتي ترجعي حاليًا الإسماعيلية، لأن "لطفي" وابنه مصممين على اخذ ورثهم منك... وبيطلبوا بحقهم... أنا قولتلهم "عائشة" و"حامد" كتبوا الشقة ليكي وأي حاجة تخصهم باسمك لكن أنتِ عارفه شر أخوات "حامد" الله يرحمه.

تمتمت بالرحمة عليهم وقد غامت عيناها بالحزن لإفتقادها لهم. 
_ ده لولا الجيران الله يكرمهم كانوا هيكسروا باب الشقة ويدخلوا يقعدوا فيها.. أنا كنت هبلغك بكل اللي حصل بس انشغلت في تعب "جميلة" بنتي. 
_ أنا كنت عايزه ارجع الإسماعيلية ، طيب قوليلي اعمل إيه يا ابلة "صفية". 
_ تيجي تاخدي كل ورقك وحاجتك من الشقة وفي أسرع وقت تبيعيها... هما أصلاً زمانهم رفعوا قضية عليكي لكن أنتِ يا بنتِ في السليم كل حاجة متسجله قانوني باسمك. 
أخفضت "ليلى" رأسها وقد شعرت باليتم في هذه اللحظة. 
_ "ليلى" هو عمك يا حببتي زعلك في حاجه عشان كده عايزه ترجعي تاني الإسماعيلية. 
أجابتها على الفور حتى تعطي عائلة عمها حقهم في كل ما يفعلوه معها. 
_ ابدًا، عمي حنين أوي وطنط "عايدة" وعم "سعيد" و "شهد" كلهم بيحبوني، بس أنا... 
_ بس إيه يا "ليلى". 
تساءَلت السيدة "صفية" بعدما شعرت بالقلق عليها. 
_ أنا وحشتني ذكرياتي في الاسماعيليه، جيراني وصحابي. 
ابتسمت "صفية" بعدما وصلها شجن الحنين وتفهمته. 
_ يا بنتِ الوحدة وحشة وأنتِ بنت مينفعش تيجي تعيشي في شقة لوحدك، ده غير دلوقتي بقى في شر محاوطك وطمعانين في الشقة اللي معاكي.. 
ذهبت "ليلى" إلى عملها بالمصنع متأخرة ساعة على غير عادتها وقد اندهشت "سلوى" و "بسام" من تأخرها. 
_ أتأخرتى كده ليه يا ليلى".

تساءَل "بسام" وقد اقتربت منها "سلوى". 
_ مالك فيكِ إيه، و وشك مخطوف كده ليه يا بنتي.

_ مفيش حاجه يا "سلوى"، دوخت بس في الطريق وكان هيغمى عليا. 
حدجها "بسام" بلهفة وقلق. 
_ طيب أنتِ كويسة دلوقتي، اروح اخدلك أذن من استاذ "عادل". 
رمقته "سلوى" وهي تمط شفتيها. 
_ يا حنين، ولما تخرج معاك من المصنع يقولوا عليها إيه.

أشاح "بسام" عيناه عنها، فسألتها "سلوى" بإهتمام حقيقي. 
_ "ليلى" لو تعبانه تعالي أروحك. 
حركت رأسها برفض وأخرجت أحد الأقراص من حقيبتها لتتناولها. 
_ أنا كويسة لو حسيت بحاجة هستأذن وأمشي 
... 
وقع "عزيز" على بعض الفواتير التي تحتاج إمضائه وقد غادر السيد "جابر" المكتب وأغلق الباب ورائه. 
نظرت له "أميمة" ثم تساءَلت. 
_ اعمله قهوته.

رمقها السيد "جابر" وهو يضع الفواتير في مغلفها ثم غادر الغرفة.

_ هو مطلبهاش بس اعمليها ودخليها ليه. 
قامت "أميمة" بعمل القهوة له ثم سكبتها في الفنجان وأسرعت بهندمت ملابسها المحتشمة، كادت أن تلتقط فنجان القهوة لكن تذكرت ما أخبرتها به شقيقتها. 
أخرجت طلاء الشفاه الوردي من حقيبتها لتزيد من وضعه على شفتيها. 
تنهدت وهي تنظر إلى مظهرها بالمرآة... فهي بسببه عادت لتهتم بنفسها على أمل أن ينظر إليها. 
طرقت باب غرفة المكتب بخفة ثم دلفت وبصوت خافت تمتمت. 
_ عملتلك القهوة يا "عزيز" بيه. 
رفع "عزيز" عيناه عن هاتفه ثم نهض من مقعد ونظر إلى الصينية التي تحملها بنظرة سريعة قبل أن يتحرك ويُغادر. 
_ شكرًا يا "أميمة"، أنا ماشي وبلغي استاذ "جابر" تصميمات الأثاث اللي طلبتها منه تكون على مكتبي بكره. 
توقفت "أميمة" مكانها مشدوها من مغادرته بتلك السرعة حتى أنه لم ينظر إليها.
..... 
داعبت شفتيّ "نيهان" ابتسامة وهو يرى "عزيز" أمامه. 
_ مَازالت إستراحة العاملين لم تبدأ بعد. 
رمقه "عزيز" بنظرة ماقتة دون أن يتحدث وجلس على المقعد المقابل له. 
_ الحب جعلك تفقد عقلك يا رَجُل. 
_ "نـيـهـان". 
تلاعب "نيهان" بحاجبيه حتى يثير حنقه. 
_ "نيهان" سيترك لك الملعب بعد بضعة أيام وسيغادر مصر، اتمنى المرة القادمة أتى لأحضر حفل زفافك. 
احتقنت ملامح "عزيز" ونظر له بنظرة قاتمة يلومه على ما حدث بالمزرعة.

_ لولا عملتك كنت زماني مصارحها بمشاعري، مش قاعد دلوقتي بفكر اعتذرلها الأول إزاي. 
قهقه "نيهان" عاليًا ثم تحرك من وراء طاولة المكتب ليجلس أمامه قائلًا بعبث.

_ لولا فعلتي يا "عزيز"... ما كنت تحركت... أنت تفكر بعقلك كثيرًا أما قلبك صاحب القرار الأخير. 
صوب "عزيز" عيناه نحو ساعة يده ليميل "نيهان" للأمام قليلًا وغمز له بإحدى عينيه. 
_ عندما تذوقت حلاوة القرب... أدركت بأن الفتاة سرقت قلبك.

وجه "عزيز" أنظاره نحوه لتخرج زفرة طويلة منه، فهو لا يستطيع إنكار هذا.. هو ذاق حلاوة قربها... أسكرته برائحتها عندما ضمها بين ذراعيه... شفتاه عرفت طريق جلدها.. ولولا أنه فاق على حاله لكان تذوق شهد شفتيها. 
عندما رأي "نيهان" صمته لم يرغب بزيادة الأمر عليه، فالعشق صار بعينيه. 
أتى وقت إستراحة العاملين وقد تحرك "عزيز" و "نيهان" ليكونوا لأول مرة بينهم وقد انتقلت أنظار الجميع عليهم غير مصدقين وجودهم.

بحث "عزيز" بعينيه عنها، ليجدها تسير بجانب إحدى زميلاتها و ورائهم كان يسير "بسام". 
احتدت نظرات "عزيز" ولولا جذب "نيهان" لذراعه لكان ظل واقفًا مكانه.

جلست "ليلى" على الطاولة التي اعتادت الجلوس عليها وعندما جلست "سلوى" نهضت على الفور وقد خرجت شقتها بذهول. 
_ "عزيز" بيه و "نيهان" بيه هنا.

التف "بسام" كما التفت هي وسُرعان ما أشاحت عيناها عنه عندما تقابلت نظراتهم. 
تحركت "سلوى" وقالت وهي تبحث بعينيها عن طاولة قريبة منهم. 
_ أنا هروح اقعد على أي ترابيزة قريبة منهم... بدل قاعدتنا هنا...مجاورة صحاب الشغل مطلوبة برضو.

ابتعدت "سلوى" عنهم وقد ابتسم "بسام" على أفعالها وقال:

_ مجنونه.

نظر إلى "ليلى" التي استندت بذقنها على قبضة يدها وزفرت أنفاسها بثقل ليتساءَل: 
_ شكل فيه حاجة مضايقاكي يا "ليلى" مش مجرد تعب.

كادت أن تخبره أن لا شئ بها لينهض قائلًا:

_ هروح اجيب وجبة الغدا بتاعتنا وكوبايتين الشاي وهاجي اخليكي تعترفي.

ابتسمت على ما قاله ليلتقط "عزيز" بنظراته التي يختلسها نحوها تلك الابتسامة.

اشتعلت النيران داخل عينيه وكاد أن ينهض ويتجه إليها إلا أن "نيهان" قبض على يده ونظر له. 
_ انتبه يا "عزيز"، أنت هنا صاحب العمل وهي مجرد موظفة لديك، أين عقلك؟ 
_ ضاع يا "نيهان"، "ليلى" استحالة تكون لراجل غيري.

تلك النبرة التملكية التي سمعها "نيهان" منه جعلته يشفق على حاله صديقه ويربت على يده.

_ لابد أن تصارحها بمشاعرك اليوم قبل أن تتقدم بطلب الزواج من عمها. 
تنهد "عزيز" بقوة وسُرعان ما كان يزجره "نيهان" بنظرة منه لكي يعود إلى رشده عندما تقدم رؤساء الأقسام من طاولتهم. 
.... 
لم ينتبه "صالح" اليوم على أي شئ يقوم فريقه بمناقشته أمامه، فعقله كان مع ما حدث بينهم ليلة أمس. 
زفرة حارة خرجت من شفتيه ليلاحظ "كريم" مساعده الأمر متسائلًا: 
_ ننهي الإجتماع يا كابتن؟!

نهض "صالح" من مقعده وأشار لهم بالمغادرة. 
_ نكمل كلامنا مرة تانية يا شباب. 
غادر الجميع ليبقى هو وحده وقد زاد الضجيج برأسه... يتذكر نظرتها اللامبالية له بالصباح. 

استند بكلا ذراعيه على سطح مكتبه وفي داخله يتساءَل متى أصبحت تشغل حيز كبير من عقله. 
_ أه يا "زينب" شكلك هتكوني دائي و لعنتي. 
...
وقف "عزيز" بسيّارته بجانب الطريق الخالي من المارة منتظرًا سَيرها منه. 

عندما لمح قدومها من مرآة سيّارته خفق قلبه وعادت الغيرة التي أحدثتها اليوم -بقُربها من ذلك الشاب- تسري بأوردته. 

خرج من سيّارته بعدما أطلق أنفاسه المحبوسة من صدره. 

كانت شاردة أثناء سيرها ولم تنتبه على وقوفه. 

_ "لـيـلـى"

اخترق هتافه باسمها أذنيها لتتوقف عن السَير. 

رفعت عيناها قليلًا لتجده أمامها يقف جوار سيّارته. 

_ "ليلى" ، إحنا لازم نتكلم... لازم أوضح ليكي اللي حصل. 

الضياع الذي كانت تشعر به جعلها في حالة من عدم الوعي... نظرت له وتحركت من أمامه. 

ليغمض عيناه ويتنهد وهو يَظُن أنها ترفض أن تسمعه لكنها كانت غارقة في أفكارها والسخونة تغزو سائر جسدها. 

_ "ليلى" أنتِ البنت الوحيدة اللي قلبي دق ليها، اللي عملته في المزرعة لاني كنت فاكرك حلم جميل ... مش معقول متكونيش حاسة بمشاعري ليكي. 

وقفت مكانها وقد زاد دوار رأسها... ؛فرفعت يدها تتحسس جبينها الذي اِشتدت حرارته. 

أخيرًا تحرر الكلام من شفتيه ومَازالت عيناه مصوبة نحوها بعدما ابتعدت عنه بضعة خُطوات. 

_ أنا عايز اتجوزك عشان بـــــ

ضاعت بقية أحرف الكلمة الأخيرة وهو يراها تسقط أرضًا. 

تعليقات



×