رواية احفاد الجارحي الخاتمة 14والاخيربقلم اية محمد رفعت

 



رواية احفاد الجارحي الخاتمة 14والاخيربقلم اية محمد رفعت

كانت تعاني طيلة الفترة الماضية من صراعاتٍ وأحلامًا جعلتها لا ترغب بالنوم، تحاول جاهدة أن لا يكتشف عدي ما بها، لا تريد أن تقحمه بما يضيق صدرها به، لا ترغب أن تزرع بينهما فجوة تدفعهما لتذكر معاناة ولادتها الأولى.

كانت تنازع ما يواجهها فذكرى هذا المميت تضربها في مقتلٍ، لم تتمكن من نسيان ذاك الوجع الذي هاجمها فور استيقظها بعد ولادتها الأولى بأمل أن تحمل أطفالها بين يدها وتتمعن بملامحهما بلهفة التأكد بأنهما يحملان نفس ملامح معشوقها، ولكن أحلامها هُزمت فور أن وجدت ذاتها بغرفة متهالكة معتمة تزف لها بشرى أيامها القادمة.

مازالت تتذكر وجه مصطفى ابن عمها المنفر، كان أول وجهًا تلمحه عينيها بعد أن استردت وعيها بدلًا من رؤية زوجها الحبيب، وفوق كل ذلك يخبرها بأن زوجها وابنها لم يعدوا أحياء.

1

وكأنه ينتزع منها الحياة ويتركها على أجهزة تجبرها على البقاء، مازال يجبرها على تقبل ذاك السطو الذي يجلدها دون رحمة منه، مازال يرغمها على البقاء رغم امتناعها عن الطعام ولكن الموت كان أقسى منه فرفض استقبالها إليه.

مجرد أن يطوفها شعورًا بأنها قد تخوض تلك التعاسة مجددًا كانت تشعر بضيقٍ يجعلها عاجزة عن التنفس، وتترك دمعاتها تؤانسها.

ولكن عليها الاعتراف لذاتها بأنها مثالية، فقد أبدعت بالتمثيل على زوجها، كلما وجدها تحتفظ بأثار البكاء كانت تخبره بأن تغير هروموناتها ما جعلتها بتلك الحالة، واليوم هو موعد ولادتها المحدد طبقًا لتعليمات الطبيبة، وعليها ادعاء القوة أمام العائلة وأمامه هو شخصيًا.

ارتجف جسدها الماسد على الفراش الطبي، بانتظار دخول طبيب التخدير، وتبقى بهدوئها المصطنع وهي تتذكر حمله لها، وكلماته الرقيقة والحنونة، انتفضت رحمة بجلستها حينما وصل طبيب التخدير للداخل، فأسرعت للخروج من الغرفة بذعرٍ جعل الممرضات والطبيبة تلحق بها وهي تتساءل:

_مدام رحمة رايحة فين؟

انهارت حصونها وبكت وهي تصرخ بهم كالمجنونة:

_إبعدوا عني، أنا عايزة جوزي... أنا عايزة عدي!

استنكرت الطبيبة ما يحدث معها، فطوال فترة متابعتها حتى جلوسها الآن وتحضيراتها للولاده كانت هادئة، متزنة للغاية، وحالتها تلك لا توحي خوفها من ألم الولادة ولكنها تكشف شيئًا أثقل مما يهاجمها..

خشيت أن تزداد أمورها سوءًا، فأشارت لها بقفازها الطبي وهي تزيح كمامتها:

_طيب اهدي، أنا هبعت الممرضة تدخلك أستاذ عدي بس اهدي من فضلك دي مش في صالحك إنتِ والجنين.

                              *******

بالخارج وأمام غرفة الجراحة.

تجمهرت عائلة الجارحي من أمام الباب الموصود، الشباب يستندن على الحائط المحاط بباب الجناح المخصص للعمليات، وعلى المقاعد المعدنية جلست الفتيات، أما بالأريكة التي تحوي ثلاث مقاعد ملتصقة كان يجلس عدي ومن جواره عمر، وبالجهة الأخرى كان يجلس ياسين الجارحي، مشددًا بيده على ساق ولده الذي يهزها بعنفٍ وارتباك شعر به أباه جيدًا، فمال إليه يهمس:

_شكلك مش متحمس تقابل ابنك.

استقام بجلسته ساندًا ظهره المحني للخلف، ملتفتًا لوالده وبتوتر لم يخفيه عنه ويجابهه بقوةٍ زائفة كالمعتاد:

_جوايا خوف كبير يا بابا، خوف من اللي حصل قبل كده مش عايزه يتكرر تاني.

واسترسل بغصته المؤلمة:

_طول الفترة اللي فاتت كنت بحاول أخبي قلقي وخوفي عن رحمة عشان متحطش الموضوع بدماغها وتفتكر اللي حصل، بس غصب عني ذكريات اليوم البشع ده رافضة تسبني!


19K

للعشق نشوة، فهو جميل لذيذ في بعض الأحيان مؤذي مؤلم في أحيانا اخرى، فعالمه خفي لا يدركه سوى من عاشه وتذوقه بكل الأحيان عشقي لك أصبح ادمان، لن أستطع البعد عنه ولا الشفاء...

وضع يده خلف رأسه وجذبه لصدره يربت عليه بحنانٍ جعل الشباب يلتفتون إليهما بدهشةٍ، وانحنى ياسين يهمس بأذنيه:

_مش هيحصل حاجة أوعدك إني مستحيل هسمح لحد يأذيك أنت وأحفادي وبنتي تاني.

واسترسل إليه ويده مازالت تربت على ظهره كأنه يضم طفلًا صغيرًا:

_عايزك صالب طولك وتكون زي ما ربيتك قوي وصامد، لما بشوفك إنت بالذات كده يا عدي بتوجع!

رفع عسليته لأبيه راسمًا بسمة صغيرة، وبحبٍ ينبع بداخله قال:

_لو ينفع أسمى ابني ياسين للمرة التانية مش هتردد.

وانحنى يقبل يده مضيفًا:

_أنا مفيش موقف سييء عدى في حياتي من غير ما يكون لحضرتك وجود معايا في مواجهته.

ابتسم وهو يعود لضمه من جديدٍ بهدوءٍ خيمهما.

مال حازم على معتز يهمس بضحكة خبيثة:

_عمك والوحش بقالهم فترة ضاربينها غراميات، تفتكر ده الهدوء اللي ما قبل العاصفة ولا العاصفة رمتهم عكس!

أدنى إليهما جاسم قائلًا:

_الموضوع فعلًا على أد ما هو حلو بس مخيف ويقلق.

أكد لهما معتز:

_عندك حق، عدي بقى عامل هو وياسين الجارحي شبه ملايكة الرحمة وده مش طبيعي، لذا بقترح عليكم المراقبة من بعيد وانتظار أي تقلبات ممكن تحصل.

زوى رائد عينيه مردفًا بسخرية:

_إنت أدرى واحد بالتقلبات دي، ما أنت مقضيها مراجيح في صالة الاجتماعات اليومين دول.

ضحك مازن بشماتةٍ:

_ده رائد واخد باله من البطولات الدولية أهو، يعني الموضوع طلع مسمع زي ما بحاول أكدلك يا أبو نسب.

رد معتز من بين اصطكاك أسنانه:

_غور بدل ما أشيعك على نقالة للقبر.

صرخ ياسين بتعصبٍ:

_ ده وقته بذمتكم!!  اطلعوا كملوا خناقتكم بره بدل ما أروح أنا بنفسي أنادي عمي يحكم بينكم..

1

إلتزم الجميع بالصمت، فمرر نظراته بينهم بتفحصٍ وتساءل:

_أمال فين أحمد؟

رد عليه جاسم وهو يرفع يديه مدعيًا عزفه على جيتار ساخر:

_دخل مع آسيل الحمام أصلها عندها فوبيا الغيثان الصباحي وابن عمك الرومانسي رافض يسيبها.

ضيق ياسين عينيه بغضبٍ من طريقته الخليعة بالحديث، فأنفض صدر جاسم بيده وكأنه يزيح عنه الغبار، متعمدًا الاقتراب ليهمس:

_اتعدل يا جاسم بدل ما أخلي أحمد يكهربك وإنت مش أد الكهربا ولا أيه؟

تنحنح مدعيًا الثبات والرزانة، فتعالت ضحكاته الرجولية وهو يراقبه بنظرة ماكرة وعاد يجلس جوار أبيه الذي انحنى يتساءل:

_في مشكلة بينهم ولا أيه؟

أجاب ياسين يحيى:

_عيب يا والدي أنا كفيل أحل التفاهات دي متشغلش بالك بيهم.

وتطلع تجاه عمر الذي نهض ليجلس جوار نور الباكية، فضمها إليه وشددت هي من ضمه وصوتها يصل للجميع:

_أنا خايفة عليها أوي يا عمر، رحمة مرعوبة وهتموت من الخوف.

خشى عمر أن تتسبب نور بقلقٍ زائد لعدي الذي يقبع بصمتٍ يحاول التحكم بانفعالاته، فجذبها للخارج بعيدًا عن الأنظار تاركًا أحضانه تبث لها الطمأنينة.

انفتح الباب فاندهش الجميع من خروج الممرضة بعد تلك الفترة القصيرة، وقالت وعينيها تمر بين الوجوه:

_أستاذ عدي مدام رحمة منهارة من العياط وطالبه إنها تشوفك، ممكن لو سمحت تتفضل معايا.

على الفور نهض عن الأريكة ولحق بها للداخل، فجلس بغرفة جانبية تخص تغير الملابس الطبية، فانفتح الباب الخاص بالغرفة الجراحية وطلت رحمة من خلفه، راكضة لأحضانه تتشبث به بقوةٍ ترنح لاجلها جسده للخلف وتمزق قلبه وهو يسمعها تردد ببكاءٍ:

_عدي! 


لف ذراعيه حولها بدهشةٍ من رؤية حالتها الغريبة التي هزت وجدنه، فلف ذراعه حول خصرها والاخر يضم رقبتها يدفنها بصدره، شهقاتها جعلت جسدها ينتفض بين يديه، لدرجة جعلت صدره ينتفض بشراشةٍ.

أبعدها عدي عنه ثم انحنى ليحملها، وجلس بها على المقعد، واضعها على ساقه لأول مرة، وكأنها طفلته الصغيرة الباكية.

رفع يديه يزيح بإبهامه دموع عينيها، وبحنان ضم صدغيها وصوته العذب يتساءل:

_مالك يا حبيبتي؟  أول مرة أشوفك كده.

رفعت عينيها الغارقة بالدموع إليه، وتحرر عنها ما دفنته بصدرها لشهورٍ:

_عدي أنا خايفة أوي، أنا طول الفترة اللي فاتت مكنتش بقدر أنام من الرعب، خايفة لما أفوق من البنج ملقكش جنبي لا أنت ولا ابني.

وبشهقات دمرته كليًا قالت:

_خايفة لما أفوق ألقيه هو اللي هنا، خايفة أرجع للأيام اللي عشتها من تاني صدقني هموت لو ده حصل.

وانزوت بين أحضانه من جديدٍ، تشدد على قميصه الأسود بتوترٍ:

_متسبنيش يا عدي..آآآ....آآ أنا خايفة... خدني البيت مش عايزة أفضل هنا.. هياخد مني ابني وهيحبسني تاني يا عدي.

أبعدها عنه مجددًا ويده الخشنة مازالت تشدد على وجهها برفقٍ، فقال:

_رحمة بصيلي.

رصخت إليه وفتحت عينيها تتأمل عسليته الساحرة، فوجدته يحاوطها بنبرته الواثقة:

_ابن عمك مبقاش له وجود، واللي اتكرر في ولادة رحمة وياسين عمره ما هيتكرر تاني.

واسند بجبينه لجبينها وهو يهمس وأنفاسه الدافئة تلفحها:

_اطمني طول ما أنا جنبك مش هسمح لحد يمس شعرة منك.

ورفع شفتيه يطبع قبلة رقيقة على خدها مرددًا:

_لما هتفوقي هتلاقيني جنبك شايل ابننا.

هزت رأسها بابتسامةٍ ساحرة، ووضعت قبلاتها على عينينه، فتمسكت به وهي تهمس برهبةٍ متوسلة:

_عايزة أروح مش جاهزة يا عدي، أنا آآ...

ضمها إليه بعشقٍ امتد ليصل لها ببتلاته المخطتفة، وصوته الرجولي الجذاب يصل لها:

_مراتي مش جبانه يا رحمة، هتجمدي قلبك وهتدخلي وبعد نص ساعة هتخرجي ومعاكِ ابننا.

وأخفى خصلات شعرها المتمردة خلف حجابها الذي صممت بارتدائه بالداخل.

انقبض قلب رحمة حينما وجدت الممرضة تفتح الباب مجددًا وهي تتساءل:

_جاهزة يا مدام رحمة؟

ازدردت ريقها الجاف بصعوبة بالغة، وتمسكت بيد عدي الذي عاونها على الهبوط عن ساقه، ثم انتصب بوقفته ولحق بها حتى وصل لباب الغرفة، فاستكان بوقفته وتركها تكمل طريقها، فما أن وصلت للباب حتى استدارت إليه تردد ببكاء وخوف:

_متسبنيش يا عدي بالله عليك.

احترق بوقفته بألم دمعاتها، فخرجت الطبيبة حينما وجدت رحمة تقف على الباب مترددة بالدخول، فدنى منهمن وقال للطبيبة:

_أنا هدخل معاها يا دكتورة لو سمحتي.

وجدته حلًا مناسب لحالة رحمة المقلقة، فأشارت للممرضة:

_عقمي سيادة المقدم.

انصاعت إليها وظلت رحمة جواره حتى انتهت الممرضة، رفضت الدخول دونه فولج برفقتها للداخل.

عاونها على صعود الدرج الخشبي الصغير لتصل للفراش المرتفع عن الأرض، فأمسك يدها وانحنى تجاه رأسها يغمرها بقبلاته الحنونة على وجهها، ويزيح دمعاتها وتلك البسمة تشرق على وجهها من جديدٍ.

فرددت بصوتها الهامس إليه:

_عمري ما خوفت من أي شيء وإنت جانبي يا عدي، إنت أماني وسندي وكل دنيتي.

ابتسم ومال برأسه مستندًا على الفراش، فتسلل المخدر لجسدها تدريجيًا وقبل أن تنجرف استسلامًا له، رددت بلسانٍ ثقيل وأصابعها تنغمس بين أصابعه بقوةٍ:

_خليك متخرجش..

وعادت لتغلق عينيها ورددت:

_متسبنيش يا عدي.. خليك جنبي!

قرب أصابعه إليه طابعًا قبلة عليه، لا يود أن يكسر ثقتها ببقائه، ولكنه حقًا لن يحتمل رؤية المشرط يلامس جسد من أحبها أكثر من روحه فأصبحت خاضعة لها، تشعر بها وبما يصيبه.

ومن بين الحرب العالقة بين ثقتها وخوفه انتصرت هي، فبقى محلها مغلق العينين، ممزق القلب، خنع بانحناءة جسده ليبقى رأسه جوارها لا يطيق سماع الطبيبة التي تأمر الممرضة بمناولتها بالمقص وغيره من الادوات الحادة مما زاده تألمًا، فتدفق دمعة خائنة من عسليته.

2

فتح عينيه لها ليراقب ملاكه الغافل باستسلام، يلهي ذاته بتأملها من ذاك القرب، مبتسمًا حينما ترفع عينيها وتعود لغفوتها من جديد، لتنتهي معاناته بصوت بكاء الصغير الذي يعلن انتهاء تلك الرحلة المؤلمة.

اقتربت منه الممرضة لتضعه بيده بعدما انتهت من تحميمه وألبسته ثيابه.

حمله عدي بين يده بارتباكٍ، فطبع قبلة على جبينه بحبٍ تلألأ بعينيه، فانتبه لصوت عمر القريب من باب غرفة العمليات الداخلي لجناح الجراحة:

_عدي طمني؟

خرج إليه عدي ليضع فلذة كبده بين يد أخيه، قائلًا بابتسامةٍ مشرقة:

_عمر شرف يا دوك.

تهللت أساريره ففاه بسعادةٍ:

_هتسميه فعلًا عمر؟

زوى حاجبيه مثلما اعتاد:

_كان عندك شك في كده؟

ضم عمر الصغير إليه بفرحةٍ وهرع للعائلة بالخارج بينما ولج عدي للداخل مجددًا، وتسلل إليه صوت عمر الصارخ بحماسٍ:

_عمر باشا الجارحي شرف.

                           *******

ابتدت تستعيد وعيها تدريجيًا، وبالرغم من ذلك كانت تخشى فتح جفنيها، شهقات بكائها كانت مكبوتة للغاية، ويدها تتمسك بغطاء الفراش بارتباكٍ، ومازالت الطبيبة تلطم وجهها برفقٍ لتحاول أن تجعلها تستعيد وعيها.

تماسكت بقوتها ولسانها يردد أمام الممرضات والطبيبة وزوجها المترقب:

_هو وعدني إنه مش هسيبني... عدي أكيد هنا.

ابتسم وهو يدنو منها بعدما تراجعت الممرضات لتفصح له المجال، فأمسك يدها وهو يخبرها بصوته الرخيم:

_جنبك لأخر العمر يا روحي.

فتحت عينيها وابتسامتها لا تفارقها:

_عدي أنا كنت واثقة إنك هتكون جنبي.

ورمشت بوجعٍ وكأنها تجاهد حالة عدم اتزانها بفعل المخدر الذي بدى إليه كحالة ثمالة بعد النبيذ:

_خدني في حضنك، ريحة البرفيوم بتاعك بتهديني.

تنحنح عدي بحرجٍ، فوزع نظراته بين الطبيبة والممرضات الضحكات، وخاصة حينما فتحت عينيها تراقبه وهي تضيف:

_أنا بأحبك أوي يا عدي ومش عايزة أخلف تاني عشان محدش يشاركني حبي فيك.

لطم وجنتها وهو يقول بخشونة تخفي ضحكاته:

_فوقي يا رحمة!

زمجرت بمعالمها وبضيقٍ قالت وهي تغلق عينيها:

_ياسين الجارحي لو شافك بتضربني هيحاربك تاني وأنا مليت من حربكم يا عدي، اسمع كلامي وخدني في حضنك.

تعالت ضحكاته بعدم تصديق لما يحدث لها، فقالت إحدى الممرضات للطبيبة:

_هي شكلها مش هتفوق دلوقتي يا دكتورة، خلينا نلبسها الأول ونجرب تاني.

هزت رأسها باقتناعٍ ومازالت الابتسامة مزروعة على شفتيها، وخاصة حينما قال عدي:

_هاتي اللبس أنا هغيرلها.

وزعت الممرضة نظراتها بين الطبيبة وبينه، وابتسمت وهي تقدم له الملابس، فما أن خرجنا من حوله حتى رفعها عدي لصدره، يضمها بقوةٍ،  فوجدها تطوق عنقه بيدها والابتسامة تحيط وجهها.

ابتسم وهو يهمس بسخرية:

_عجبك كسفتي دي قدام الناس... ماشي يا رحمة مصيرك تفوقيلي.

تأوهت بصوتٍ خافت حينما بدأ باسقاط جلبابها على ساقيها، فرددت بخفوتٍ:

_بطني!

ربت على يدها ملثمًا إياها بقبلته:

_معلشي يا قلبي، مخدتش بالي حقك عليا.

وأكمل مهامه بوضع حجابها عليها ثم حملها وخرج بها للغرفة المخصصة لها، التي انتهت مليكة وداليا والفتيات من تزينها بالبلون الأزرق والورود، وبالخارج يضع بحيى اسم المولود على الباب بفرحةٍ.

                                *******"

استردت رحمة وعيها الكامل لتجد جميع افراد العائلة من حولها، وعلى يمينها عدي ولجوارها ابنها ياسين يحمل أخيه الصغير الذي يصغره باعوامٍ كثيرة، فقال بفرحةٍ:

_أنا حاسس إني هكون أب ليه مش أخ!

تعالت الضحكات الرجولية بين الشباب، فقال أحمد:

_وماله يا حبيبي المهم إنه هيتربى على ايدك.

اعترض عدي:

_هيتربوا الاتنين على ايد ياسين الجارحي.

وكأن كلماته التهمتها مصباحًا سحريًا انتهى بدخول ياسين الغرفة، فانضم إليهم ليحمل الصغير مقبلًا إياه وهو يردد بفرحة:

_ربنا يباركلك فيه يا حبيبي.

مال عمر إلى كتف والده يخبره بفرحةٍ:

_بذمتك يا بابا مش شكلي بالظبط، مخدش حاجة من عدي أساسًا حتى بص دقنه!

ابتسم ياسين ومع ذلك قال بثباتٍ ماكر:

_الولد دقنه مطلعتش لسه يا عمر عشان أشبهولك!

رددت آية وهي تطبع قبلتها على خد الصغير:

_متزعلوش يا ياسين.

ومالت إليه تخبره:

_شكلك يا عمر وإن شاء الله هيطلع زيك في كل شيء.

صاح حمزة بمرحٍ:

_كده جالنا ياسين ويحيى وأحمد وعدي وعمر بتعيدوا أنجال العيلة ولا أيه؟

ومال لحازم يلكزه بغضب:

_مش ناوي تسمي حمزة إنت كمان.

رفع يده باستسلامٍ:

_خلاص يا حاج شطبنا، شوف آسيل وأحمد وإلحق إحجز قبل ما غيرك يعملها.

اعترضت آسيل التي تتمسك بجاكيت أحمد بتعبٍ وهي تجاهد الغيثان للمرة الثالثة:

_لا أنا عايزة بنت يا أحمد، متخلهوش يفول عليا.

لكزه أحمد بغضبٍ وهو يتمسك بها:

_اسكت يا زفت بلاش تعصبها بدل ما تغرقني المرادي ومنلخقش التوليت.

قالت مليكة:

_معرفش هي مصممة ليه تيجي وهي تعبانه.

ردت آسيل وهي تستكين على كتف زوجها:

_أنا فعلًا تعبانه أوي وحاسة إني هقع من طولي.

رمقه آدهم بنظرة محتقنة، منتظرًا أي رد فعل وحينما وجده يتطلع له بصمت في محاولة لاستكشاف سبب غضب حماه، فصاح:

_ما تشيل البنت بتقولك مش قادرة تقف، أيه مستنيني أشيلها أنا مثلًا!

رفعها أحمد بين ذراعيه وهو يجيبه ضاحكًا:

_االعفو يا عمي... اعتبرها وصلت البيت.. بالأذن يا شباب.

مررت داليا يدها على بطنها المنتفخة مدعية تعبها الشديد، فمالت على جاسم بدلال كان باديًا أنه مصطنعًا للغاية:

_وأنا كمان محتاجة أرجع ارتاح... شيل.

ذم شفتيه بتهكمٍ:

_ليه اتشليتي!  ثم انك زي الحصان من الصبح جاية هنا وتعملي النمرة شوفيلك أي سرير والدكاترة مفيش أكتر منهم.

لطمه رعد على رقبته وهو يصيح:

_إنت إزاي تكلم بنتي بالأسلوب ده يا ولد نسيت نفسك ولا أيه؟

وصاح لادهم المتابع لما يحدث:

_ما تلم ابنك يا آدهم أصل أقسم بالله أربيه أنا.

حدجه آدهم بنظرة غاضبة:

_شيل يا حيوان.

انحنى جاسم ليحملها مرددًا بضحكة واسعة:

_عيوني يا حاج إنت وحفيدك اللي قارفني ده جوه عيني.

وغادر من خلفهم تاركًا الضحكات تعلو الوجوه..

2

اتكأ يحيى جوار ياسين الجالس جوار حفيده ياسين الحامل للطفل الصغير، ومال إليه مبتسمًا:

_مبارك ما جالك يا حبيبي.

ابتسم وهو يجيبه بثبات:

_ العيلة بتزيد وهنفقد سيطرتنا على الأحفاد يا يحيى، تفتكر هنقدر نكمل رحلتنا ولا هتكون لينا رحلة تانية.

ربت على يده بحزن يعتليه:

_ربنا يجعل يومي قبل يومك يا صاحبي.

مال إليه ياسين في حركة مفاجئة، طابعًا قبلة على جبينه وبحب قال:

_متدعيش الدعوة دي تاني، كأنك بتتمنالي الموت يا يحيى.. بلاش تنطقها تاني سامع؟

ضحك بصوته كله وقد بدت نواجزه:

_لو ما نهتش جملتك الأخيرة بأمر صريح وحازم متبقاش ياسين الجارحي عمرك ما هتتغير!!!

.......... تمت بحمد الله......

انتهت احداث الرواية نتمنى ان تكون نالت اعجابكم وبأنتظار اراؤكم فى التعليقات وشكر 

لزيارة عالم روايات سكير هوم 

لمتابعة روايات سكيرهوم زوروا قناتنا على التليجرام من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-