رواية اصقلها شيطان الجزء الثانى الفصل التاسع والاخير بقلم سماح سماحه
وقف هارون بجناحه الخاص داخل قصره يتأمل سدرة بأعين هامت بها شوقًا أقتربت يداه تمسك ذراعيها تقربها منه ولحف وجهها بنظراته التي أحتضنت ملامحها وغمرتها بفيض حبه، وأقتربت شفتاه ترسل كهرباء في كامل جسدها جعلت شعيراته كلها تنتصب أثارة ورغبة، فأقترب يهمس لها برفق عند أذنها.
- الفستان شكله عليكِ أحلى مما كنت متخيله.
أتسعت عيناها بدهشة ثم همست له.
- مممم كنت عارفة أنك أنت اللي جايبه لما شوفت أسم الدار ولأستايل بتاعه نفس ذوقك.
أبتسم لها وهو يمسك ذقنها بأبصابعه ينظر لشفاهها يشتهي تذوقهما مجددًا.
- لازم كل فستان يلمسك يكون من أختياري والإ مش هتلبسيه.
سبحت ببندقيتيها داخل أعماق عيناه وهمست له برقة.
- طيب ليه ماما قالت أنها هى اللي أشترته ليا؟.
رفع حاجبيه متعجبًا فهو لم يطلب منها ذلك.
- معرفش قالت ليكِ ليه كدا، بس أكيد عندها أسبابها.
أومأت سدرة قليلًا وقالت لتغيظه.
- مممم....... يمكن قالت كدا لما رفضته في الأول عشان عرفت أنه منك.
ضيق هارون حدقتيه بمكر.
- ممممم رفضتيه عشان مني، تمام وانا بقى هعرف أعاقبك أزاي عشان تبقي ترفضي حاجة مني.
عقصت سدرة حاجبيها بنزق.
- مش كنت زعلانة منك.
زفر هارون بقوة وأمسك بها يلقيها على الفراش ثم أقترب منها يقيد حركتها، فأطلقت سدرة ضحكاتها تصدح بأرجاء الغرفة.
- مفيش زعل ما بينا تاني أبدًا فاهمة.
توقفت سدرة عن الضحك وأومأت له وهى تحاوط عنقه بيديها تقرب وجهه من وجهها وهمست أمامه بخفوت.
- فاهمة.
لم يقاوم هارون كثيرًا وأقترب يمد جسدها بدفئ جسده اللذان أندمجا سويًا وأصبحا جسدًا واحدًا فقد خلقها الله من ضلعه لتكون له سكن ومودة ويكون لها الرحمة والأمان، هدأت المشاعر وأستكانت الأنفس بعد أن تملكها بكامل أرادتها ووجد فيها ما كان يتمناه، فجسدها طاهر لم يطمسه رجل غيره بل كان هو الأول الذي دك حصونة وهدم قلاعه ودخل يعلن أحتلاله الكامل لها، نام على ظهره يلتقط أنفاسه وسدرة بجانبه يحاوطها بذراعه، أغمض عينيه يؤنب نفسه على ظنه السيء بها سابقًا والذي كان سببًا في ضياع أحلى أيام عمرهما في البعد والهجر، قرر مصراحتها والأعتذار منها.
- انا أسف يا سدرة.
رفعت سدرة رأسها تنظر لها متعجبة.
- أسف.......... أسف على أيه؟!........
يُقال ذاتِ يوماً يقع كائن من يكُن في هيام الحُب ها أنا الكائن في حُب معشوقي وقعتُ تخطيت تلك المشقات معكَ وتلك المتاعب معكَ وتلك الآلآم معكَ ها أنا اليوم معكَ اسأل...
زفر هارون بقوة يخرج انفاسه الجاثمة على صدره.
- أسف على ظني السيء فيكِ قبل كدا، بصراحة أكتر بعد اللي حصل وجوازك من عمي مكنتش متوقع أن تكوني لسه بنت وبقيت أبرر أنك تسبيني وتروحي تجوزي عمي هو أنك عايزة تداري فيه بما أنه راجل كبير في السن ومش هيقدر على القرب منك فالبتالي مش هيكتشف عنك حاجة.
أغمضت سدرة عينيها وظلت صامتة حتى أقترب منها هارون وضمها يقبل رأسها بحب ويعتذر منها مجددًا مبديًا ندمه.
- متزعليش يا حبيبتي انا عاهدت نفسي أن ميكنش فيه بينا كذب أو حاجة مخبينها في نفسنا خوفًا من أنها تجرح حد فينا كان لازم أصارحك وأعتذر منك ونصفي نفسنا قدام بعض عشان نبدأ صفحة جديدة مفيهاش حاجة تشوه منظرها.
زفرت سدرة بحزن وأومأت له.
- وانا مش هقولك أني مزعلتش بس انا السبب اللي خلاك تظن فيا كدا فانا هعتبر زعلي دا عقاب ليا على فعل غلط عملته وانا مش مدركة عواقبه كان كل همي وقتها أرضي واحد كنت فاكرة أني بحبه ونسيت أن رضا ربنا أهم من كل حاجة، والحمدلله أنك اتأكدت من أنك أول راجل في حياتي.
وأغمضت عينيها تمنع دموعها من النزول.
- وكمان في حاجة مهمة لازم تعرفها عمو هارون الكبير لما أتجوزني مكنش واخدني زوجة له لأنه عمره ما قرب مني ولا حتى لمسني بالعكس كنت بالنسبة له زي بنته اللي بيخاف عليها وبيحميها، وهو قالي انا بجوازي منك بحميكي وببعدك عن شيطان كل همه أنه يستخدمك لأغراضه الدنيئة وأنتِ كنتِ عميانة عن مساوئه ومش شايفة حد صح غيره، ولما ماجد صمم أني أفرجه الفيديو المتفبرك بتاعك عرف يلعبها صح وقدر يشكك عمك فيك بس لما حصل اللي حصل عمك هو اللي قالي كلمي هارون وهو اللي هيقدر على ماجد وهيرجع منه تعبه وتعبي.
ثم نظرت له بحزن.
- فاكر يا هارون عمك ليلة ما مات قالك أيه.
أومئ لها هارون بإيجاب.
- طبعًا فاكر وفاكر لما وصاني عليكِ وقالي دي بنتي خلي بالك منها، وفاكر كمان وصيته ليه أني أديكي فرصة تانية ومتخلاش عنك لأنك لسه صغيرة وساذجة وأنضحك عليكِ من شيطان عرف يطوعك لخدمته وعملك مسح مخ خلاكي متفرقيش ما بين الصح والغلط.
لمعت عين سدرة بحزن وهى تتذكر تلك الليلة.
- وانا عمري ما هنسى كلامك ليا ليلتها ولا القلم اللي ضربته ليا وأنت بتحذرني وبتقولي مشفش وشك طول منا موجود في البيت ده ومتخرجيش من أوضتك من غير أذني عشان منساش وصية عمي وأقتلك.
رفع هارون وجهه ينظر لها بندم ثم ضمها لصدره يقبلها.
- حقك عليا يا حبيبتي، انا كنت وقتها معمي بنار الأنتقام وحقيقي لولا وصية عمي كنت قتلتك أو سجنتك مع الحرامي اللي أسمه ماجد.
ثم أكمل بنبرة غاضبة.
- كنت مقهور منك قوي وقلبي مكسور منك، يعني أبقى محرم على نفسي الحب عمري كله ويوم ما قلبي يقع فيه تطلع حبيبته خاينة وتسيبه، لو تعرفي وقتها حبيتك قد ايه وتعلقت بيكي قد ايه كنتي عذرتيني، انا وقتها مكنش هيطفي ناري ولا ياخد بتاري منك غير أني أقتلك لكن انا مسكت نفسي بمعجزة.
دفنت سدرة وجهها في صدره وقالت بنبرة أسفة.
- حقك عليا انا كمان يا حبيبي بس حقيقي مكنتش في وعيي وكنت منساقة ورا شيطان زي ما عمك قال، بس والله انا كمان حبيتك يا هارون ومحستش بده غير بعد ما أتجوزت عمو هارون فضلت ندمانة وحزينة وكرهت نفسي وكل حياتي لأني ضيعتك وضيعت حبك مني.
ضمها هارون برفق ومسح على ظهرها.
- خلاص يا حبيبتي انسي المهم أن أحنا مع بعضنا خلاص وأن شاء الله مفيش حاجة تفرقنا عن بعض تاني.
قبلت سدرة صدره وأغمضت عينيها بسعادة.
- أن شاء الله يا نور عيوني.
أكتشفت أصابع سدرة طرف سلسلة في عنق هارون فتعجبت كثيرًا فهذه ليست عادته، نظرت له وسبابتها وأبهامها يعبثان بها.
- من أمتى وأنت بتلبس سلسلة يا حبيبي؟.
أبتسم هارون ووضع يده على قفل السلسلة يفتحه ثم سحبها ووضعها في يدها.
- السلسلة دي كانت السبب في أنقاذ حياتي من الموت.
نظرت سدرة في يدها تتأملها فأتسعت عينها بصدمة ثم نظرت له.
- دي سلسلتي وكانت ضايعة مني لقيتها فين؟.
أغمض هارون عينيه متذكرًا لحظة عثوره عليها وأصابعه تتجه لأثر الجرح الظاهر في صدره.
- لقيتها في أوضتك يوم ما كنت رايح أرجعك من عند زاهر ولبستها عشان أرجعهالك بس مكنتش أعرف أنها هتبقى تميمة حظي وربنا يجعلها سبب في أنقاذ حياتي لما الرصاصة اللي أنضربت عليا جت فيها ومنعت وصولها لقلبي.
نظرت سدرة لأثر الجرح وهزت رأسها بعدم تصديق وأقتربت منه تضمه بقوة.
- بعد الشر عنك يا حبيبي، الف بعد الشر عنك.
ضمها هارون يتنفس عبقها ويعيد لحظاته الأولى معها فيكفيهما ما مرا بهما.
وقفت ميسرة في الدار تلوم نفسها على ما فعلته بتلك الفتاة الطيبة والتي ظنت أنها ستأخذ هارون من أبنتها، فقد أخبرتها زهرة للتو أن هارون لا يمكن أن يحبها أو يتخذها زوجة لأن شاهندة تكون شقيقته في الرضاعة، أقتربت منها ميسرة بخجل تربت على ذراعها برفق.
- متزعليش مني يا شاهي على الي عملته معاكِ انا كنت بهزر يا حبيبتي.
مسدت شاهندة على ذراعها برفق.
- بس حضرتك هزارك تقيل شوية يا طنط.
وضعت ميسرة يدها على فمها بحرج ثم بررت لها سبب ما فعلته.
- ما هو أنتِ السبب يا شاهي، فضلتي لازقة لهارون طول الوقت وعماله تقولي له يا بيبي يا بيبي فانا كنت متغاظة وهطق منك فكرتك عايزة تاخدي هاروني من بنتي.
صاحت شاهندة بدهشة.
- What?.
أشارت لها ميسرة تهدأها.
- من غير وطوطة أهدي منا خلاص عرفت أنك أخته في الرضاعة.
هزت شاهندة رأسها بضيق ورفعت يدها اليمنى والتي يوجد بها خاتم خطوبة في بنصرها.
- وغير دا كمان انا مخطوبة وفرحي قريب.
أبتسمت ميسرة وأقتربت منها تحتضنها بقوة وتقبلها من وجنتيها مهنئة إيها.
- أيه دا بجد ألف ألف مبروك يا حبيبتي.
كادت شاهندة أن تختنق وميسرة تحتضنها بقوة فجسدها النحيل لا يتحمل قوة ميسرة التي تتعامل معها بها.
- أوكيه يا طنط بس بليز براحة شوية انا مش قادرة أتحمل تعاملك الشديد ده معايا.
لوت ميسرة شفتيها بسخرية.
- ما هو أنتِ اللي ضعفانة بزيادة يا حبيبتي بطلي رچيم عشان تملي كدا وجسمك يتسند دا حتى أنتِ داخلة على جواز وهدت حيل.
هزت شاهندة رأسها بضيق.
- والله يا طنط انا ما بعمل رچيم خالص وباكل كل حاجة ومفيش فايدة وبصراحة نفسي مناطق معينة عندي تزيد شوية.
هزت ميسرة رأسها بتفكير ثم تأبطت ذراعها ومشت معاها.
- يعني أنتِ عايزة تتخني شوية.
أومأت لها شاهندة بإيجاب.
- أوف كورس يا طنط نفسي.
غمزت لها ميسرة بطرف عينها.
- يبقى أنت يلزمك حلتين تلاتة مفتقة على حلتين تلاتة سد الحنك.
رفعت شاهندة حاجبيها بتساؤل.
- يعني الحاجات اللي قولتيها دي هى اللى هتخني؟.
هزت ميسرة رأسها بتأكيد.
- طبعًا يا حبيبتي خدي مني كلامي ثقة ومدوريش ورايا.
أبتسمت شاهندة بفرحة.
- أوكيه، قوليلي بقى الحاجات دي بتتباع فين عشان اشتريها؟.
شهقت ميسرة بعتاب.
- ههاااا، ودي تيجي بردو دا انا هعملهملك بنفسي.
أبتسمت لها شاهندة بأمتنان.
- ثانكس طنط مش عارفة أشكرك أزاي.
هزت ميسرة رأسها بنفي.
- لأ يا حبيبتي انا مش عايزة شكر دا أقل حاجة أعملها لك على بواختي معاكي.
جلست زهرة تضحك على ميسرة وما تفعله بشاهندة تلك البريئة الساذجة، ثم نظرت لحمدي تسأله.
- ها يا حمدي حددت فرحك مع الحاجة نبيلة.
أومئ لها حمدي بابتسامة.
- أه يا ماما أن شاء الله حددناه بعد شهر على ما تكون جت من اسكندرية هى وبناتها وأستقرت هنا في الشقة اللي هارون أدهالها وكمان تكون أستكملت السوبر ماركت بتاعها هو لسه ناقص له حاجات بسيطة وتفتتحه بأذن الله.
هزت زهرة رأسها برضا.
- ربنا يبارك له هارون أنه أقنعها تقبل مساعدته ليها وكمان تسيب بلدها وتيجي هنا عشان ترتاح من بهدلة وشقى شغلها.
أبتسم حمدي لها.
- هارون طول عمره راجل ومعروف بجدعنته وصمم على مساعدة طنط نبيلة ورفض أني أحط قرش من معايا وبيعتبر أن اللي عمله ليها حاجة بسيطة قصاد مساعدتها ووقفتها جنب سدرة وهى متعرفهاش، والحمد لله أن كل حاجة عدت على خير، وسدرة وهارون أتصلحوا ورجعوا لبعض وانا خلاص هتجوز سهيلة.
استقرت الحياة بسدرة مع حبيبها بعد سنوات عجاف لم ترى فيهم سوا الحزن والبكاء والهجر والخذلان، وقد منّ الله عليها وأستجاب لدعائها الدائم في جوف الليل وحملت في رحمها نطفة من صلب زوجها، لم تكن أمنية سدرة وحدها بل كانت أكبر أماني هارون أن يكون له طفلة تشبه أمها وها هى الأمنية قد تحققت وستصل "سارة" قريبا لتنير حياة والديها وتملأها سعادة وسرور، وأختارت لها سدرة أسم والدتها الراحلة تيمنًا به، تزوج حمدي وسهيلة واستقرا في حياتهما برفقة والدته التي كانت تقضي معظم وقتها في دار سدرة لرعاية الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة برفقة ميسرة وحسان فقد وجدوا جميعهم سلواهم وراحتهم حيث يوجد هؤلاء الأبرياء الذين حرموا من نعمة الأهل فكانوا لهم عوضًا عنهم، أنتهت قصتنا عن فتاة كادت تضيع عندما سلمت نفسها لشيطان الغوى يضلها ويبعدها عن دينها وخلقها التي تربت عليه، ولولا أن أرسل الله لها ذلك الراهب الذي كان بمثابة ناقوس دق في ساعة الخطر حتى ينبهها ويرجعها عن طريق أخره هلاك فكان لها ملاكًا حارسًا أرشدها وأعادها إلى الطريق الصحيح، أتمنى أن تنال روايتي بجزئيها أعجابكم وأن تكونوا أستفدتم منها ولو قليلًا، دمتم بخير ودام جمعنا سويًا.
انتهت احداث الرواية نتمنى ان تكون نالت اعجابكم وبأنتظار اراؤكم فى التعليقات وشكر
لزيارة عالم روايات سكير هوم
لمتابعة روايات سكيرهوم زوروا قناتنا على التليجرام من هنا