رواية الثمن هو حياتها الفصل المئه والسادس والخمسين 156 بقلم مجهول
العشيقة
وصلت خلود إلى غرفة الملابس وأوشكت على الدخول عندما سمعت ضجة
قادمة
من الداخل.
ابتلعت كلمات التهنئة التي كادت تفلت من شفتيها.
ترتدي رانيا فستانا ناصع البياض، ولكن كانت الفرحة المعهودة لأي عروس غائبة
عن وجهها.
رمقت والدها بنظرة يشوبها الاستياء وقالت: "كيف تجرؤ على اصطحاب تلك
المرأة معك في يوم زفافي؟ هل أتفعل هذا لإزعاجي عمدًا؟"
فرد داود عليها ببرود غير مفهوم: يا لها من وقاحة يا رانيا، كيف تتحدثين
هكذا عن حبيبتي؟"
لمعت عينا رانيا بدموع أبت أن تنهمر وانفجرت غاضبة في والدها: "ألم تفكر
في مشاعر أمي وكم الخجل الذي ستشعر به عندما تراك مع حبيبة في نفس
عمري؟"
استطاعت رانيا تقبل انفصال والديها بعد الطلاق، ولكن أن يصطحب والدها
امرأة أخرى في يوم زفافها كان تجاوزا لكل الحدود.
وما زاد الطين بلة أن حبيبة والدها كانت تعمل في مجال الترفيه، وكانت رانيا
قلقة حيال ما قد يظن أصدقاؤها إذا اكتشفوا تلك العلاقة الفاضحة.
نطق داود كلماته بعناية مدركا عدم قدرته على التفسير: "لم أرغب في إحضارها
معي، لكنها أصرت على ذلك، فما باليد حيلة".
قالت رانيا بحزم وكانت جالسة أمام طاولة المكياج: "إما أن ترحل هذه المرأة
وإما ترحلا منا، فلا أرغب في رؤيتها في مراسم حفل زفافي".
أراد داود أن يقول شيئا آخر، ولكن كبح لسانه النظرة العنيدة على وجه ابنته،
فتنهد وغادر...... واصطدم بنظرات خلود فور خروجه من الباب
فأدرك كم ارتفع صوت محادثاتهما لدرجة أن خلود سمعت كل شيء، فتنهد مرة
أخرى وابتعد.
دخلت خلود غرفة الملابس، حيث جلست رانيا أمام طاولة المكياج محملة
بسحابة من الكآبة.
سمعت صوت خطوات خلود فسرعان ما جمعت شتات نفسها، وعانقت وجهها
الابتسامة: "خلود، أنت هنا".
فوجئت خلود بسرعة تغير مزاجها، فمنذ لحظة كان يعلو صوتها غضبًا ولكنها
الآن تحييها بابتسامة ودية.
كما هو متوقع من ممثلة من الدرجة الأولى فهي تبرع التعامل مع أي موقف
بلباقة فهي حقا ولدت لتكون نجمة في مجال الترفيه.
"زينة ساحة حفل زفافك رائعة أنا واثقة أن الجميع يتشوقون لرؤية كم
ستكونين عروشا جميلة".
اقتربت خلودا من رانيا وأبدت إعجابها بحذر ببشرتها المشرقة.
تبادلنا أطراف الحديث بينما ساعدت خلود رانيا على تغيير فستان الزفاف
وتطبيق مكياج يبرز ملامحها الساحرة، ثم ساعدتها على ارتداء طرحة الزفاف.
جسدت رانيا الجمال الطبيعي، فأعطاها جبينها الواسع هالة . من الأناقة الملكية.
بينما أضاف خط فكها الرقيق لمسة من النعومة الأنثوية إلى ملامحها، وعندما
وضعت لمسة أحمر الشفاه على شفتيها الرقيقتين أضفت على بشرتها رونقا
خاضا.
من
وفور الانتهاء من مكياجها جاء مضيف الحفل لإبلاغها: "رانيا، سنبدأ قريبا.
يرجى الخروج والاستعداد".
"حسنا".
نهضت رانيا، وفي تلك الأثناء كانت عروس رائعة
وبينما قاد مضيف الحفل رانيا للخروج، قالت خلود: اسبقيني أنت، سأنظف
طاولة المكياج".
ولم تخرج إلا عندما رتبت طاولة المكياج.
وأثناء مرورها بشرفة على جانب الردهة، سمعت محادثة.
قال داود محاولا إقناعها: "من الأفضل أن تغادري أولا، وسألتقي بك في الفندق
بمجرد انتهاء حفل الزفاف".
ردت امرأة شابة بصوت هادئ ومؤثر: "لماذا أنت قلق هكذا وأنا لا أشعر بالقلق؟
أود أنا أيضا أن أهنئ ابنتك بحفل زفافها.
"هي لا تحبك، وسيكون وجودك مزعجا لها وسوف يسبب مشاكل لا داعي لها".
"ولكنني متأكدة أن لدينا العديد من الاهتمامات المشتركة لأننا في نفس العمر
فلماذا واثق من أننا لن نتفاهم؟"
لم تكن خلود فضولية، ولكن صوت المرأة الهادئ أجبرها على التوقف والإنصات.
وعندما التفت رأت امرأة شابة ترتدي ثوبا باذخا ومكياجا كثيفا.
يبدو
علاء
أنها هنا للفت الانتباه بدلا من حضور الحفل
... سرعان ما أدركت خلود أنها
يبدو أنها كانت تشير إلى زفاف رانيا عندما تحدثت عن حضور زفاف صديقتها!
ولكن المفاجأة الكبرى هي أنها على علاقة بوالد رانيا ! لا يسعني تصديق أن فتاة
بريئة الملامح مثلها هي . عشيقة رجل يكبرها بعدة عقود.
قال داود: "هذا يكفي، أرجوك اذهبي الآن ثم استدار سريعا للمغادرة خوفًا من
أن يلين قلبه أمام إلحاحها.
أسرعت خلودا واختبأت في زاوية غير ملفتة للنظر لتجنب الاصطدام به..
فسيكون أمرًا محرجًا للغاية إذا حدث ذلك.
ولم تخرج من مخبئها إلا بعد أن تلاشي صوت خطواته.
بدأت مراسم الزفاف وجلست خلود بين الضيوف ثم رفعت عينها نحو المنصة
وأخرجت هاتفها لتسجيل فيديو لمحيطها ثم وجهت الكاميرا نحو نفسها.
أرسلت الفيديو إلى نائل بمجرد فور انتهائها.
استغل مصور الزفاف الوقت قبل بدء الجزء التالي لدعوة الضيوف لالتقاط
صورة مع العروسين.
جلست خلود جانبًا وشاهدت العديد من المشاهير ذوي الجاذبية يتوجهون
لالتقاط صورة مع الزوجين. كانت محظوظة لأنها لم تقم بأي شيء للاستمتاع
بهذا المشهد الذي يسر الناظر إليه سوى الجلوس هناك.
ولم تتمكن خلود من كبح جماح غريزتها المهنية وبدأت في تحليل إطلالات
الضيوف المشاهير.
التفت المصور نحوها بعد وقت قصير وسأل ما إذا كان أغفل أحدًا.
وما أن نهضت خلود شعرت بيد دافئة تمسك معصمها: "التنضمي لي".
رفعت رأسها لترى ملامح فادي الوسيمة ترتسم عليها ابتسامة ساحرة.
جذبها إلى الأمام، ووقفا أمام المصور لالتقاط صورة لهما وبينهما رانيا وتامر.
قال المصور وهو يلتقط الصورة لهم: "قولوا بطيخ".
في تلك اللحظة، اقتربت امرأة نحيلة تبتسم ابتسامة مشرقة. لقد كانت علا..
"رانيا! لماذا لا تلتقط الصور مغا؟"
تعاملت علا بلطف مع رانيا ، لدرجة أن الذين لا يعرفون علاقتهما سيظنون لا
محالة أنهما صديقتان مقربتان
احتقن وجه رانيا عندما خفضت صوتها و همست من سمح لك بالحضور؟
اغربي عن وجهي".
نظرت رانيا شزرًا إلى داود، والذي كان جالسًا على الطاولة الرئيسية.
أخبرته أن يأمر هذه المرأة أن ترحل ! لماذا لا تزال هنا؟
قالت علا: "أنت العروس، لذا لا ينبغي أن تغضبي. لا تقلقي سأغادر بعد أن
تلتقط صورة" ولكنها لم تبد أي نية لمغادرة الحفل كما طلب منها، بل وكانت
تحث المصور على التقاط الصورة.
لم يكن مدعوا إلى حفل الزفاف سوى الشخصيات الأكثر نفوذا والمشاهير، لذلك
ستكتسب علا المزيد من النفوذ إذا نشرت لها صورة على الإنترنت كإحدى
الضيوف.
أخذ تامر رانيا بعيدا عندما رأى أنها على وشك أن تفقد أعصابها.
فبعد كل شيء سيكون الأمر محرجا إذا اختلقوا شجارًا مام هذا العدد الكبير
من الضيوف المرموقين.
لم تستسلم علا وكانت على وشك أن تتبعهم، ولكن منعتها خلود: "هذه هي ليلة
العمر لرانيا، لذلك أرجوك لا تفسدي الأمر، من فضلك ارحلي".
ولكن علا لم تستسلم عن فكرة ملاحقة رانيا فقالت لخلود: " يبدو أنك على
علاقة ودية مع رانيا فلماذا لا تكوني الوسيطة بيننا وتساعدينا في التعرف على
بعضنا البعض بشكل أفضل".