رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل السابع عشر 17بقلم مريم غريب


 

رواية عزلاء امام سطوة ماله الفصل السابع عشر بقلم مريم غريب



_ منومة مغناطيسيا ! _

لحسن حظها أنها كانت تضع الحچاب علي رأسها تحسبا لجميع الإحتمالات ... لكنها وجدت نفسها تصفع الباب بعنف في وجهه ثم تستند إليه بظهرها و هي تلهث بشدة

-إيه إللي جابه هنا الحيوان ده ؟ .. تمتمت "سمر" لنفسها و جسدها ينتفض بقوة ، و أكملت بحيرة :

-عايز إيه ؟ .. طيب أفتحله و لا لأ ؟!

أخذت نفسا عميق و زفرته ببطء ، ثم تشجعت و إستعدت لمواجهته و هي تقول ببأس و قوة :

-ماتخافيش يا سمر . إنتي في بيتك و وسط جيرانك مش هيقدر يعمل حاجة . شوفيه جاي ليه و خليكي شجاعة إوعي تباني ضعيفة قدامه !

ثم إلتفتت ... و مدت يدها إلي مقبض الباب لتفتحه ثانيةً ..

كان "عثمان" لا يزال واقفا بمكانه ، لم يتحرك قيد أنملة ، حتي إبتسامته اللعوبة لم تفارق ثغره الدقيق

حدجها بنظرات مبهمة و هو يقول بنعومة :

-إيه يا سمر ! ينفع كده تقفلي الباب في وشي ؟ ده أنا ضيفك بردو !

سمر بحدة :

-أفندم يا عثمان بيه ؟ خير إيه سبب زيارة حضرتك إللي علي غفلة دي ؟!

عثمان و هو يبتسم بجاذبية :

-طيب مش تقوليلي إتفضل الأول ؟ و لا إنتوا هنا متعودين تكلموا ضيوفكوا علي الباب ؟!

تنهدت "سمر" بنفاذ صبر ، و لكنها لم تجد حلا أخر

تنحت جانبا مفسحة له الطريق ، ليتقدم هو بخطواته المختالة المغرورة ..

إجتاز المدخل القصير و هو يعاين الشقة بنظراته الفاترة

كانت بسيطة جدا و مرتبة و نظيفة ، إنما من وجهة نظره هو كانت حقيرة جدا و أشبه بجحر الفئران

لكن بخلاف كل هذه الأمور أي بيت عادي مثل هذا يساوي لا شئ بالمقارنة بقصر آل "بحيري" الذي نشأ و ترعرع فيه حتي بلغ الثلاثين من عمره ..

-بيتك حلو أوي يا سمر .. قالها "عثمان" بمجاملة زائفة ، لترد "سمر" التي وقفت بجانب باب الشقة المفتوح :

-شكرا . ده من ذوقك.

إلتفت "عثمان" نحوها و هو يقول بدهشة :

-إنتي واقفة كده ليه ؟ ما تقفلي الباب ده و تعالي عشان نتكلم !

سمر بصلابة :

-أنا كده كويسة . و حضرتك تقدر تقول كل إللي إنت عايزه عادي . أنا سمعاك.

تنهد "عثمان" و هو يرمقها بنصف إبتسامة ، ثم تقدم صوبها و أمسك بمسند الباب قائلا بهدوء :

-سمر .. متخافيش أنا مش هاكلك . أنا جاي أتكلم معاكي و بس.

سمر و هي تنظر إليه بجرأة واهية :

-أنا مش خايفة !

عثمان بإبتسامة :

-طيب إثبتي .. تعالي نقعد لو سمحتي . أنا مش هطول عليكي . هقولك إللي عندي و همشي علطول .. ثم قال و هو يحاول سحب الباب من يدها :

-بعد أذنك !

نظرت له بتردد للحظات ... ثم تنهدت و أنزلت يدها

ليغلق الباب بروية ، ثم يدير وجهه إليها متسائلا :

-هنقعد فين ؟

-إتفضل .. قالتها بخفوت و هي تشير إلي الصالة الصغيرة ذات الأثاث الرث

جلسا قبالة بعضهما و لكنهما كانا متباعدين

إذ كانت تفصل بينهما طاولة متوسطة تحدها آريكة وقع علي جانبيها مقعدها و مقعده ..

-إتفضل . أنا سمعاك ! .. تمتمت "سمر" بإقتضاب متجنبة النظر إليه حتي لا يُـتلف غشاء الثقة الليـّن الذي صنعته لتحتمي من نظراته الثاقبة

-أولا أنا آسف إني جيت منغير ميعاد .. قالها "عثمان" بلباقة لا تليق به أبدا ، و تابع :

-بس لما أخوكي كلمني و قالي إنك تعبانة صممت أجي أطمن عليكي بنفسي.

سمر بسخرية :

-كتر خير حضرتك !

تذرع "عثمان" بالصبر جراء معاملتها الجافة ، و قال بخبث مهذب :

-و لو إني مش عارف إنتي تعبتي فجأة ليه ؟ حوارنا الأخير ماكنش جامد أوي عشان تتعبي بعده علطول كده !

و هنا نظرت إليه "سمر" و قالت بغضب :

-عثمان بيه . يا ريت من فضلك تقول إللي جيت عشانه و تتفضل تمشي بسرعة . أنا مش هقدر أستقبلك كتير و أخويا مش موجود.

إبتسم "عثمان" و هو يومئ بتفهم ..

-طيب يا سمر .. ندخل في الموضوع علطول .. و حملق فيها بتركيز ، ثم قال :

-أنا جيت لحد عندك المرة دي عشان أجدد عرضي.

و قاطعها بسرعة و حزم حين حاولت الرد :

-مش عايزك تردي منغير ما تفكري . فكري كويس قبل ما تقولي أه أو لأ .. ثم أردف بجدية :

-قرارك مش متعلق بيكي لوحدك . إخواتك شركا معاكي .. يعني لو وافقتي هتحلي مشاكلك و مشاكلهم . مش هتلاقي نفسك محتاجة لحاجة . أنا هتكفل بيكي و بيهم.

هزت "سمر" رأسها و هي تنظر إليه غير مصدقة ، ثم قالت بإنفعال و قد خرجت عن شعورها :

-إنت مجنون صح ؟ أي شرع أو أي قانون بيقول كده ؟ قانونك إنت ؟ إزاي متخيل إني ممكن أقبل بحاجة زي دي ؟ إللي يسمعك بتقول كده يفتكر إن نواياك شريفة و إنك مش عايزني في الحرام . جايز إنت متعود علي الحاجات دي و الشرف مش بيفرق معاك بس أحب أعرفك إن شرفي غالي أوي عليا و أنا مش ممكن أفرط فيه عشان واحد إنتهازي و إستغلالي زيك !

-أنا إنتهازي و إستغلالي ؟! .. قالها "عثمان" بتساؤل رافعا أحد حاجبيه بغضب ، لترد "سمر" بتأكيد :

-طبعا . أومال تسمي تصرفاتك بإيه ؟ إنت شفت وضعي الصعب و أد إيه أنا كنت محتاجة للفلوس عشان أختي مش عشاني . عشان أعالجها و ماسبهاش تموت . بس إنت إستغليت النقط دي كويس و قلت تضغط عليا في الوقت المناسب .. ثم أكملت بإشمئزاز مرير :

-كنت فكراك إنسان كويس و كنت بشكر فيك و بدعيلك . حسستني إن الدنيا لسا بخير .. لكن طلعت عكس ما توقعت . ورتني أبشع صورة ليك و هي صورتك الحقيقية . خلتني أصدق كلام الناس . إن مافيش حد بيساعد حد دلوقتي لوجه الله !

حدجها "عثمان" ببرود و لم يؤثر كلامها فيه قيد شعرة

بل تنهد بسأم ، ثم قال :

-بصي يا سمر . سيبك من كل إللي قولتيه دلوقتي ده و ركزي معايا أحسنلك . أنا مابتآثرش بالكلام ده علي فكرة.

سمر بعصبية :

-و أنا ماطلبتش منك تتآثر.

-طيب إهدي شوية و إسمعيني . خليني أحطهالك علي شكل صفقة . طبعا مافيش شك إنها صفقة كبيرة و إنتي عارفة كده كويس .. و عارفة كمان إنك أكتر طرف هيستفاد منها . بصرف النظر عن إني ممكن أرتبط بمليون واحدة زيك . بس أنا عايزك إنتي حتي لو إنتي مش حاسة بأي إنجذاب ناحيتي . شوفي الوضع زي ما أنا شايفه .. علي طريقة البزنس مثلا .. إنتي محتاجة فلوس أيا كان السبب بقي . و المبلغ إللي إنتي محتاجاه مش قليل . و أنا محتاج العلاقة دي في حياتي . أنا لسا خارج من علاقة فاشلة و عايز حد يساعدني أتخطا خيبة الأمل دي . مالاقتش غيرك قدامي .. إنتي أنسب واحدة يا سمر.

-أنسب واحدة منغير جواز ؟ .. تساءلت بتهكم ، و أردفت بغضب :

-إنت بتحاول تقنعني بإيه ؟ المسألة واضحة جدا .. إنت عايزني عشيقة . عايز تتمتع في الحرام و هي فترة و هترميني في الزبالة زيي زي أي واحدة رخيصة من إللي بيقفوا في الشوارع أخر الليل . أنصحك تروح تدور علي واحدة من دول . علي الأقل دول فنانين في مجالاتهم و هيعرفوا يتعاملوا معاك كويس و ينسوك خيبة أملك . أنا مش هنفع للمهمة دي يا عثمان بيه !

أغمض عيناه بشدة معبرا عن ضيقه ، لكنه عاود النظر إليها مجددا و قال بصبر : 













-أنا عايزك إنتي يا سمر . إنتي مش حد غيرك .. و صدقيني لو وافقتي حياتك هتتغير و للأحسن . أي حاجة كنتي بتحلمي بيها أنا هحققهالك . و أختك . مصاريف علاجها و كل إحتياجاتها عليا . حتي لو في يوم سيبنا بعض زي ما بتقولي أنا هضمنلكوا مستقبل كويس و مش هتضطري تشتغلي تاني أبدا . هتعيشي مرتاحة طول عمرك .. أنا بوعدك !

جلست "سمر" صامتة و هي تنصت بإنتباه مرعب و مركز إلي كلماته ، و لم تلاحظه و يقف من مكانه فجأة ..

إذ كانت كالمنومة مغناطيسيا ، ليس بفعل صوته ، بل بفعل الرؤى التي أثارتها كلماته التي وصفت حياتها كما ستكون عليه لو قبلت عرضه ، و علي غير هدي راح شيطانها يعيد لها حديثه المغر بإلحاح شديد ..

-قولتي إيه يا سمر ؟ .. تساءل "عثمان" بعذوبة ، لتعود "سمر" إلي أرض الواقع في هذه اللحظة و تتطلع إليه بوجوم

بينما شدها "عثمان" لتقف علي قدميها و هو يتابع :

-عمرك ما هتندمي . صدقيني !

لم تقاوم ... كان فعل صوته عليها كالسحر ، و إنشغل ذهنها بهذا المستقبل الرائع المريح

ليطغي اليأس عليها و تفكر .. لو تكلمت فستقول نعم أقبل عرضك ، و لكن ثمة شئ داخلها يرفض هذا الضعف و يمنعها بقوة

وضع "عثمان" ذراعه حولها بلطف و جذبها نحوه ، بينما لم تحاول أن تقاوم حتي الآن و تركزت عيناها شبه المنومتين علي عينيه ..

عندما طوقها بذراعيه كان كما لو أنه يحميها و يوفر لها ملجأ و ينتشلها من حافة فقر قاتل و يرسلها إلي عالم الأشياء المرغوبة المحببة

و علي مدي دقيقة ، وقف الثري الخبيث و العذراء الضعيفة وجها لوجه و تلاقت عيونهما و تلامس جسديهما ..

ليحكم "عثمان" قبضته عليها و يشدها نحوه بقوة أكبر

فأفسد التعويذة و الرؤي التي أبقتها عاجزة عن مقاومته ، رؤى الفقر المدقع و الفرار منه تلاشت فجأة و صدمها ما كان يحدث لها ..

فأخذت تتلوي لتتحرر منه ، لكنه كالمرة السابقة لم يحاول إجبارها

أفلتها بسهولة ، لتسقط علي مقعدها شاحبة و مرتجفة

نظرت إليه بعينين مزجتا بين الخوف و المقت ، بينما وقف ينظر إليها و علي شفتيه إبتسامة نصر هادئة ..

-مستحيل .. تمتمت "سمر" بأنفاس مخطوفة

-مش هابعيلك نفسي أبدا . حتي لو المقابل كنوز الدنيا كلها !

تجاهل "عثمان" أقوالها و قال و هو ينظر بساعة يده :

-أنا إتأخرت أوي علي الشغل . الساعة بقت 9 و إنتي عارفة إني ببقي هناك من 8 أو قبل 8 كمان .. ثم نظر لها و أضاف بإثارة :

-هستناكي بكره . ماتتأخريش.

صرخت بوجهه :

-مش هاجي.

أومأ و هو يقول بثقة شديدة :

-هتيجي يا سمر . بكره هتجيلي برجليكي و إنتي موافقة علي إتفاقنا و بدون أي ضغط مني .. ثم أكمل بإبتسامة خبيثة :

-أصل أنا مش بحب الغصب خاالص . بالعكس . ده أنا حنين أوي .. و رقيق أووي !

نظرت له بعدائية و حقد شديدين ، بينما رماها بإبتسامة أخيرة ، ثم إلتفت و غادر أخيرا

لكنه ترك عبير عطره الرجولي الخشن يعبق الجو من حولها ..

ظل ينفذ بقوة داخل أنفها و رئتيها حتي كاد يخنقها ، فقفزت من موضعها و ركضت نحو الشباك و فتحته لتستنشق الهواء النظيف ..

و لتراه يستقل سيارته ، ثم ينطلق بها شيئا فشئ حتي أختفي عن ناظريها تماما ...

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1