رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثاني الفصل الثانى 2بقلم مريم غريب


 رواية عزلاء امام سطوة ماله الجزء الثاني الفصل الثانى بقلم مريم غريب 


_ المشاعر لا تجدي ! _


إرتبكت "سمر" بشدة حين ضبطها بهذا الشكل، و تمنت لو تنشق الأرض و تبتلعها خاصةً و أنها جمدت تمامًا بمكانها في مواجهته و لم تحرك ساكنًا


إلى أن لاحظت تلك الكدمة فوق خده الأيسر


تحررت من حالة الشلل تلك مفغرة فاها بصدمة و هي تمد يدها لا إراديًا صوب وجهه صائحة :


-إيه إللي في وشك د آ ..


-إيدك ! .. قاطعها "عثمان" بهدوء صارم و هو يمسك بيدها قبل أن تمس أناملها وجهه


تسمرت "سمر" محملقة فيه بذهول يغلفه الحرج، كان هذا تمامًا أشبه و كأن دلوًا من الثلج أريق فوق رأسها دفعة واحدة


لم تدري ماذا تفعل أو كيف تتصرف ردًا على ما فعله، إلا أنه لم يمهلها حتى وقتًا للتفكير و ترك يدها و هو يعتدل جالسًا بعيد عن متناولها ...


-إنتي نسيتي تعدلي حجابك و لا إيه يا بيبي ؟ .. قالها "عثمان" مستفهمًا و هو يرمقها بنظرة فاحصة


عقدت "سمر" حاجبيها و لوهلة لم تفهم سؤاله، فأعاد ناظريه إلى وجهها مكررًا بلهجة أكثر إستهجانًا :


-شعرك كله طالع قدامي يا مدام. إيه مش حاسة !!!


أجفلت "سمر" و هي ترفع يديها تلقائيًا لتعدل وشاح رأسها قائلة بشيء من التوتر :


-ماخدتش بالي و الله. أنا من الصبح برا و أكيد ظهر من كتر الحركة


عثمان بإستنكار : نعم ! قولتي إيه ؟ إنتي كمان خرجتي منغير ما تقوليلي ؟!!!


سمر بسخرية : على أساس يعني أنك ماتعرفش ؟ المخبر إللي حضرتك ممشيه ورايا ماتصلش يبلغك بتحركاتي !!


صمت "عثمان" و هو ينظر لها بغموض، ربما لم يتخيل بأنها قوية الملاحظة لهذه الدرجة، لتكمل بتهكم مرير مقررة حقيقة وضعها معه :


-إنت لسا ماعندكش ثقة فيا.. لسا مش مديلي الأمان و أنا بعيدة عنك


-بلاش كلام فارغ ! .. غمغم "عثمان" و هو يرفس الغطاء ليقوم واقفًا في مواجهتها بالجهة الأخرى


حيث لم يفصل بينهما سوى السرير فقط ...


كاد منظره الأشعث المثير و هو نصف عاري هكذا أن يذيب عظامها و يجعلها تنهار تمامًا أمامه، لكنها تمالكت نفسها بآخر لحظة و إنفجرت به منفعلة :


-كلام فارغ ! أومال تسمي تصرفاتك معايا إيــه ؟ و الجواسيس إللي بتبعتهم ورايا في كل مكان من يوم ما سيبت البيت ده و إنت فاكرني مش واخدة بالي. بتعمل كل ده ليه لو مش عشان مش واثق فيا !!!


ركز أنظاره عليها و قال بهدوء و هو يحك طرف ذقنه :


-ليه ماتقوليش إني بقلق عليكي مثلًا ؟ إنتي علطول كده بتسيئي الظن فيا !


سمر بحنق : إنت إللي مش بتفوت فرصة تثبتلي فيها كل مرة إني مجرد ست على هامش حياتك. يدوب أم لأبنك و بس زي ما قلت قبل كده. لكن مشاعري أنا. إيه إللي بحس بيه.. كل ده مش مهم عندك. و لسا بتعاقبني لحد دلوقتي !


إتسمت لهجته بجدية تامة و هو يقول مشيرًا بسبابته نحوها :


-إنتي إللي إختارتي يا سمر. أنا عمري ما فرضت حاجة عليكي. دايمًا بيكون إختيارك.. تنكري ؟


و رمقها بنظرة متحدية بإنتظار أن تتجرأ و تنفي كلمة واحدة مما قال ...


لكنها لم تفعل.. ببساطة لأنه محق، هو الفعل لم يجبرها يومًا على قرار يتعلق بمصيرها معه، منذ البداية تم كل شيء برضاها.. و هي الآن تحصد ما زرعت، ممَ تشكو إذن !


-بس أنا زهقت و تعبت ! .. تمتمت "سمر" بصوت مكتوم و هي تحبس الدموع بمآقيها بجهد بليغ


أطرق "عثمان" رأسه و هو يتنهد بعمق ...


تحرك ليدور حول السرير ماشيًا نحوها.. توقف أمامها مباشرةً و مد يده ليرتب لها خصيلات شعرها الأمامية و يخفيها بنفسه بإحكام أسفل وشاح رأسها


ثم تظر بعينيها و قال ببرود شديد :


-للأسف يا بيبي.. إنتي مضطرة تتحملي لوحدك نتيجة إختيارك. مافيش في إيدي حاجة أعملهالك و لا ناسية ؟


كانت إشارة واضحة لذلك اليمين الأسود الذي أطلقه عليها ...


و هنا خذلتها دموعها و هي تنظر إليه، ففرت واحدة تلو الأخرى بسرعة رهيبة.. لم تتحمل أن يراها بهذا الضعف، و أن تستمر خطته لقهرها بالنجاح كلما يراها تنهزم شيئًا فشيء


إبتعدت خطوة للوراء و هي تكفكف تلك الدموع بكفها، ثم ما لبثت أن لاذت بالفرار متجهة إلى الخارج بخطوات أقرب إلى الركض


بينما يظل هو واقفًا يراقب إثرها بتعبير خفي، لا يشي بما يعتمل بصدره و لا حتى بالذي ينوي فعله تاليًا، فهو لم يكن يريد الآن إلا أن يؤكد لها فداحة الخطأ الذي إقترفته حين فضلت أخيها عليه.. و يبدو أنه نجح، كما يرى !


أطلق"عثمان" زفرة مطولة و إستدار موليًا صوب دورة المياه ...


_______________


-يعني دي تالت مرة ؟؟؟ .. صاح "رفعت" متسائلًا و هو يضرب على مائدة الطعام بقبضته الغاضبة


إنتفض الصغير "يحيى" فزعًا، كذلك "ملك" التي كانت تتناول طبق غدائها في صمت و هدوء حتى إندلعت ثورة "رفعت" على حين غرة هكذا ...


هدأت "فريال" الصغير قبل أن يبكي و هي تزجر "رفعت" بحدة :


-إهدا شوية يا رفعت. في أطفال هنا !


و بادرت "هالة" واضعة حدًا لعصبية أبيها ...


-يا بابي أنا و مراد كنا بنتخانق كتير ! .. قالتها "هالة" مفسرة له


-مش حضرتك كنت بتصالحنا بنفسك ؟ أنا إللي ماكنتش برضى أقولك على الحاجات التانية دي عشان ماتقلقش


رفعت متابعًا إستجوابه :


-أيوة يعني أفهم طلقك كام مرة طول الفترة دي ؟ و كان بيعملها من نفسه كده ؟ كان مستبيع يعني !!


أمسكت "هالة" شفتها بأسنانها و هي تقول بتردد :


-مراد طلقني مرتين قبل كده. و تالت مرة إللي كانت من يومين.. و أنا إللي كنت بطلب منه الطلاق في وسط عصبيتي و هو كمان كان بيبقى متعصب أوي. فكان بيطلقني غصب عنه و بعدين بنرجع تاني !


ساد الصمت في هذه اللحظة، و لم ترى "هالة" أمامها إلا تعبير البلاهة مرتسمًا على وجهي أبيها و زوجة عمها ...


ليصيح "رفعت" فجأة بإنفعال شديد :


-و بتحكيلي بالبرود ده ؟؟؟ يا بجاحتك. منك لله يابنتي. في السن ده و مطلقة رسمي ؟؟؟ منك لله !!!!


تململت "فريال" بضيق و هي تمسك بـ"يحيى" حائرة كيف تتصرف معه وسط كل هذه الضوضاء المزعجة و المخيفة التي يسببها كلًا من "رفعت" و إبنته


إنفرجت أساريرها عندما لمحت "سمر" و هي تهبط الدرج مسرعة، فقامت من فورها و إتجهت إليها تتبعها "ملك" ...


-إيه يا سمر إتأخرتي ليه و فين عثمان ؟!


لاحظت "فريال" خطبًا ما بزوجة إبنها و إزداد قلقها حين رأتها تخفي آثار البكاء عن عينيها، بينما ترد "سمر" بلهجة غير واثقة و هي تتقرب لتودع طفلها :


-أنا صحيته و أكيد نازل حالًا. بس آسفة يا طنط مش هقدر أستنى. لازم أمشي دلوقتي


فريال بريبة : في إيه يا سمر ؟ حصل حاجة بينك و بين عثمان ؟ إتخانقتوا و لا إيه ؟!!


هزت رأسها نافية و هي تقول :


-لأ أبدًا ماتخانقناش و لا حاجة. أنا بس إتأخرت أوي على فادي و قلقانة عليه. لازم أمشي ! .. و دنت من الصغير لتضع قبلة حنونة على خده الناعم


ثم مدت يدها نحو "ملك" قائلة :


-يلا يا لوكا !


أمسكت "فريال" برسغها قبل أن تتجاوزها و قالت محاولة القبض على نظراتها المتهربة :


-هاكلمك يا سمر. لازم نحكي شوية مع بعض


أومأت لها "سمر" و منحتها إبتسامة صغيرة، فتركتها الأخيرة لتذهب ...


إنتظرت حتى توارت عن عينيها تمامًا هي و أختها


ألقت نظرة على "رفعت" و "هالة" لتجدهما لا يزالا مستمران بذلك النقاش المتوتر.. فأحكمت ذراعيها حول "يحيى" و توجهت به إلى الأعلى مباشرةً، حيث غرفة أبيه ...


____________


كان "عثمان" يقف بقاعة المرحاض، و أمام المرآة العريضة إستمر بتشذيب لحيته الكستنائية المميزة


ليسمع في هذه اللحظة قرعًا على الباب من خلفه، فيبطل المكينة الكهربائية لبرهة و هو يهتف :


-إدخـــل !


شاهد أمه تلج باللحظة التالية، إبتسم لها بالمرآة و هو يقول بلطف :


-بونچور على أجمل و أحلى هانم في إسكندرية كلها. صباح الفل يا ماما. خليكي عندك ماتدخليش هنا دقيقة و أكون معاكي


لكنها تجاهلت مشورته و دخلت بوجهها العابس قائلة :


-ممكن أعرف إيه إللي بينك و بين مراتك مخبيه عليا ؟ مش هاسيبك المرة دي يا عثمان غير لما تقولي على كل حاجة


رمقها "عثمان" بنظرة جانبية و قال متهكمًا :


-هي إشتكتلك و لا إيه ؟


فريال بصرامة : رد عليا عدل يا باشا من فضلك. إنت فاكرني مش واخدة بالي من شكل علاقتكوا ؟ لأ يا حبيبي أنا زمان ملاحظة كل حاجة بس قلت أسيبكوا تصفوا خلافاتكوا بينكوا و بين بعض. لكن واضح إنه ماحصلش و مش هايحصل.. بس أنا مش هاسمح بأيّ تهريج تاني سامعني ؟؟؟


عثمان بضيق : في إيه بس يا ماما ؟ حضرتك عاوزة مني إيه دلوقتي يعني ؟!


-عاوزاك تحكيلي إيه إللي حصل بالظبط خلاكوا تبعدوا عن بعض كده


و هنا إلتفت "عثمان" إليها، ثم قال بلهجة مقتضبة :


-عاوزة تعرفي بجد ؟ حاضر هاقولك ! ... و حكى لها كل شيء


-يا خبر ! بقالكوا أكتر من سنة على الحال ده ؟!!!


هكذا عبرت "فريال" عن صدمتها بعد حديث إبنها، ليستطرد "عثمان" و قد أزاده البوح غضبًا فوق غضبه :


-مش في دماغي بقى أنا إتعلمت أسيطر على نفسي كويس. بس خليها هي كده. و رحمة أبويا لأفاجئها في مرة و هاتلاقيني متجوز عليها و تبقى تخلي أخوها ينفعها بقى


فريال بغضب : إيه إللي إنت بتقوله ده ؟ إزاي بتفكر كده أصلًا ؟ إيه يا عثمان إللي جرالك هو ده إللي إتفقنا عليه ؟ إنت بالطريقة دي بتحافظ على إبنك يعني ؟؟!!


و أشارت إلى الصغير بين ذراعيها ...


عبس "عثمان" بشدة و حانت منه إلفاتة نحو إبنه، تآفف بنفاذ صبر، ثم قال بغيظ شديد :


-أخوها قاصدني أنا يا ماما. بيتحداني. بيلوي دراعي بيها. لكن لأ.. مش أنا إللي تهزني عمايل واحد زيه خليهاله يشبع بيها


فريال بعدم رضا :


-ده كلام يا عثمان !!


كظم "عثمان" غضبه من أجل طفله و قال عبر أسنانه :


-هي إللي عايزة كده. هي إللي فضلته عليا زي ما بتعمل كل مرة. دي حتى فضلته على إبنها !!!


و علا صوته بالعبارة الأخيرة ...


صمتت "فريال" و قد إلتمست له عذر بين كل هذا، لكنها لم تشأ أن تبدي له تآييدها الكامل لتصرفاته، فجادلته بحزم :


-بردو يا حبيبي ماتنساش ده أخوها و دلوقتي إنسان عاجز و محتاجلها. ماتحسبهاش كده.. قدر يا عثمان و خليك متفاهم شوية


ضغط "عثمان" على فكيه بقوة و لم يرد عليها، حفظًا على مشاعر الطفل الذي بين يديها، لا ذنب له في كل هذا و يتوجب عليه بصفته والده أن يحمي براءته مهما كان الثمن ...


إستدار "عثمان" موليًا ظهره لأمه، فتنهدت قائلة برجاء :


-يا حبيبي إحنا مش ناقصين مشاكل. إمتى هانعيش زي الناس الطبعيين ؟ مش كفاية مشاكل هالة و عمك إللي هايجراله حاجة بسببها ده !


عثمان بجمود : مشكلة هالة و مراد أنا هحلها يا فريال هانم ماتقلقيش


فريال بتساؤل : هتحلها إزاي ؟ صاحبك طلقها بالتلاتة !!


-عارف ما كان قدامي. بس التلاتة دول يتحسبوا طلقة واحدة. يعني ممكن يرجعوا عادي


ضحكت "فريال" بسخرية و قالت :


-ده إللي إنت تعرفه. إنما إللي عرفته أنا من شوية من بنت عمك إنه طلقها مرتين قبل كده و كانوا بيرجعوا. يعني أخر مرة دي كانت التالتة


نظر لها "عثمان" عبر المرآة بصدمة، فهزت رأسها بأسف مؤكدة :


-هالة كده مطلقة رسمي !


_______________


وقفت "سمر" أمام باب شقتها تبحث داخل حقيبتها عن سلسلة المفاتيح... لكن بلا جدوى


كانت "ملك" تراقبها بوجوم و قد إستشعرت بفطرتها السليمة بأن أختها تعاني حزنًا جمًا رغم محاولاتها المستميتة لإظهار العكس ...


تزفر "سمر" فجأة و هي تقول بصوت مهزوز متأثرًا بالجرح الذي سببه لها زوجها و لم يمضي عليه الكثير :


-شكلنا نسينا المفتاح جوا يا لوكا.. يا ربي نعمل إيه دلوقتي مش عايزين نضايق فادي !


و إذا بالباب يفتح في هذه اللحظة تمامًا، و تظهر السيدة "زينب" بوجهها البشوش هاتفة :


-حمدلله على السلامة يا حبايبي. كنت واقفة بنشر الغسيل و شوفتكوا و إنتوا راجعين إتأخرتوا قلت أما أجي أشوف فينكوا !


زفرت "سمر" بإرتياح و هي تقول :


-ماما زينب ! إنتي لسا هنا ؟ مانزلتيش من ساعة ما مشيت ؟!!


زينب و هي ترمقها بنظرة مستغربة :


-لأ يا حبيبتي قلت أستنى الغسالة تخلص و بالمرة أفطر أخوكي. بس غلبني بقى لحد ما كل لقمتين و هو دلوقتي نايم في أوضته


حمدت "سمر" الله على هذا و إزداد شعورها بالإرتياح، فهي ليست بمزاج جيد للتعامل مع إسلوب أخيها الجديد الحساس و كآبته المتزايدة ..


إنحنت لتحمل أكياس التسوق لتنقلها إلى الداخل، فأخذت "زينب" تساعدها و هي تسألها :


-يحيى عامل إيه ؟ يارب يكون حلو و بخير


ترد "سمر" بهدوء :


-كويس الحمدلله.. إطمنت عليه بعد التطعيم ده. كنت قلقانة أوي عشان ماكنتش جمبه !


زينب بلطف : الحمدلله .. ثم قالت بنبرة ذات مغزى :


-و أبو يحيى يا سمر.. إيه أخباره ؟


إنتصبت "سمر" بوقفتها و هي تلتفت لها في الحال ...


نظرت "زينب" لها و قالت و كأنها تعرف ما ستقوله "سمر" قبل أن تقوله :


-شوفتيه صح ؟ عمل معاكي إيه المرة دي ؟!


إرتعشت شفتها لوهلة، و قفزت الدموع إلى عينيها.. لتفقد تماسكها أخيرًا الآن و ترتمي ببن أحضان السيدة الحنون باكية بشدة ...


أطلقت "زينب" نهدة حارة و هي تربت على "سمر" و تهدئها و متمتمة :


-لا حول و لا قوة إلا بالله. بس يابنتي.. خلاص إهدي. ربنا معاكي يا عبيطة. إطمني كل حاجة هاتتصلح !


تترك "ملك" كيس الحلوى من يدها ليسقط أرضًا، تمشي نحو أختها و تحيط خصرها بذراعيها القصيرين و هي تشاركها البكاء أيضًا دون أن تعي سببه !!!!!!!!! ..................... !!!!!!!!!!!!!!!!!!!

الفصل الثالث من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1